{saudioplayer}/documents/audio/books-saed/tawhid/tawhid-04.mp3{/saudioplayer}
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ :
هو ضمير الغائب يشير إلى الاسم الأعظم الأعظم الأعظم أو الكنه والحقيقة , فالمراد هنا قل لهم إذا كانوا يريدون معرفة حقيقته وكنهه سبحانه وتعالى فهو يعرف بمعرفة الذات الأحدية ، فالذات هي حجاب الكنه والحقيقة ولا يعرف ما بعد الحجاب إلا باختراق الحجاب ، ولا يخترق الحجاب إلا بالمعرفة ، فإذا عرفتم فناء الأسماء الإلهية في الذات أو الله وأحدية الذات ونظرتم فيها ومن خلالها باعتبارها حجاب الكنه والحقيقة عرفتم أن تمام معرفة الحقيقة هي العجز عن المعرفة .
و ﴿ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تشير إلى معنيين :
الأول : هو فناء الأسماء الإلهية في الذات وأحدية الذات في التوحيد الأحدي .
والثاني : هو فناء الألوهية في الحقيقة في المرتبة الأخيرة ، لأن الألوهية فيها الكثرة الاعتبارية لأنها تعني الكمال ، وبالتالي التأله إليه لسد النقص والحصول على الكمال وللكمال جهات كثيرة .
وفي المعنى الأول مرتبتان :
ففي المرتبة الأولى : الله أحد أي إنه قادر والقدرة ذاته ، وراحم والرحمة ذاته ، وفي هذه المرتبة الأسماء الإلهية فانية في الذات ولكنها تلاحظ تفصيلاً أي الله القادر العليم الحكيم .
وفي المرتبة الثانية : الله أحد أي إنه كامل يؤله إليه لسد النقص وتحصيل الكمال ، والأسماء الإلهية فانية فيه دون ملاحظتها تفصيلاً بل إجمالاً باعتبارها جهات الكمال ، أي النظر إلى الله سبحانه وتعالى الكامل دون النظر أو الالتفات إلى الأسماء الكمالية ، ولا يخفى أن في هذا الإجمال تبقى الكثرة كالنار تحت الرماد ، فالمقصود هو سد النقص وتحصيل الكمال سواء كان هذا القصد تفصيلياً أم إجمالياً .
أما المعنى الثاني : الذي تشير له ﴿ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ فهو فناء الألوهية والكمال في الكنه والحقيقـة ، فلا ينظر إلا للمعبود سبحانه وتعالى باعتباره معبوداً ، فلا يبقى للألوهية في هذه المرتبة من التوحيد وجود ، بل لا يبقى إلا النظر إلى الحقيقة والكنه أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم (هو) وهذه هي أعلى مراتب التوحيد ، وغاية الإنسان وكماله الحقيقي هو عبادة الحقيقة والكنه ، ولذلك وصف الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في أعلى مراتب الارتقاء بالعبد ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ ([1]).
[1]- النجم : 10.