﴿قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً﴾: قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا...ذِكْراً
موسى منذ البداية حدّد هدفه وعلة إتباعه للعبد الصالح وهي العلم والمعرفة ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً﴾، فلما تحرك العبد الصالح ومعه موسى (عليه السلام) عمل أعمالاً المفروض أن يتعلم موسى (عليه السلام) من هذه الأعمال، ولكن نجد أن هذه الأعمال وهي: الأول: نجارة، والثاني: قتل ، والثالث: بناء جدار، أعمالاً بدائية وبسيطة فماذا أراد العبد الصالح أن يقول لموسى(عليه السلام) أو ماذا أراد تعليمه ؟ هل يعقل أن العبد الصالح أراد تعليم موسى هذه الأعمال، أو انه أراد القول لموسى إنه يوجد أمور غيبية لا تعلمها أنت يا موسى؟ وهل تقبلون هذا بحق موسى بن عمران وهو نبي من أولي العزم من الرسل؟ فهل يجهل موسى أن عالم الغيب هو الله سبحانه، وانه تعالى يطلع الرسل على بعض الغيب؟
ثم إنّ موسى يطلب العلم ويقول للعبد الصالح اتبعك لأتعلم منك والعبد الصالح يكلمه في الصبر ومع هذا يقبل موسى ويعد أنه سيكون صابراً، ولكن سبحان الله ومشيئته قاهرة لم يستطع موسى أن يصدق قوله، بل وكأنه مقهور على تصديق قول العبد الصالح: ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ فموسى كان يقول سأصبر والعبد الصالح قال له لن تصبر، فتحقق قول العبد الصالح وكان من حققه موسى بالذات الذي تعهد بالصبر، والامتحان بالصبر أمر مهم في تعليم موسى (عليه السلام)([1]) تحمل من هم دونه والصبر عليهم بسبب اعتراضاتهم المستمرة، فهو الآن وفي هذا الموقف كان المعترض الذي لم يصبر وقد لمس بنفسه كم صبر عليه العبد الصالح، وكم كان هو نفسه يحتاج لهذا الصبر من العبد الصالح ليصل إلى الحقيقة.
[1]- بل ويوشع (عليه السلام) الذي سيفتح الأرض المقدسة .