الأول: هو العبد الصالح، ذكره موسى بقوله: ﴿لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾، أي إن القرآن سماه مجمع البحرين ، وسيأتي تفصيل عن هذا الشخص.
الثاني: هو موسى(عليه السلام) ، نبي من أولي العزم من الرسل وهو الشخصية الرئيسية والبارزة وغني عن التعريف والرحلة مختومة باسمه (عليه السلام).
الثالث: هو يوشع بن نون (عليه السلام) الذي سمي فتى ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ ولهذه التسمية خصوصية، فالفتى يراد بها الشجاع قوي البنية فكما سمى القرآن يوشعاً بالفتى صاح جبرائيل (عليه السلام): (لا فتى إلا علي)، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) معروف كيف فتح الحصون وقتل أبطال الكفار، وهذا الفتى يوشع أيضاً لا يخفى أنه من دخل الأرض المقدسة بعد موت موسى (عليه السلام) وقاد بني إسرائيل بعد موسى (عليه السلام). فيوشع بن نون هو وصي موسى(عليه السلام) الذي قاد بني إسرائيل بعد موت موسى (عليه السلام) وقاتل الكفار وفتح مدن الكفر ونشر دين الله في الأرض المقدسة.
عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كان وصي موسى بن عمران (عليه السلام) يوشع بن نون، وهو فتاه الذي ذكره الله في كتابه)([1]).
ودور يوشع (عليه السلام) انتهى عند التقاء موسى (عليه السلام) بالعبد الصالح وبقي كمرافق متفرج يتعلم مما يرى، ولم يكن له موقف مستقل بل كانت مواقفه مطابقة تابعة لمواقف موسى (عليه السلام)، ولذا ذكر الله في القرآن الاثنين موسى (عليه السلام) والعبد الصالح دون يوشع(عليه السلام) ؛ لأنه لم يكن له دور في هذه الرحلة: ﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا ..... فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً ..... فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ .....﴾.
أما سبب مجيء يوشع (عليه السلام) مع موسى (عليه السلام) فلأنه وصيه وخليفته بعد موته، فكان من الحكمة حضوره؛ ليتعلم مع موسى (عليه السلام) من العبد الصالح، بل إنّ عدم حضوره هذا اللقاء وبدون سبب راجح منافٍ للحكمة؛ لأنه تضييع فرصة سانحة ليتعلم بها يوشع (عليه السلام).
وأكيد أنّ تعليم الوصي وتهيئته ليأخذ دوره الرسالي أمر ضروري وراجح خصوصاً إذا كان هذا الوصي مثل يوشع (عليه السلام) الذي سيحمل مهمة كبرى في حركة الدين الإلهي على هذه الأرض وهي فتح الأرض المقدسة، وهي بقدر أهميتها الوقتية فهي ذات أهمية أعظم في حركة الدين الإلهي الإبراهيمي الحنيف بصورة عامة.
فمن المعلوم لدى كثير من الناس أنّ الحركة الإلهية الإبراهيمـية بدأت من الشرق من أور- مدينة الناصرية الآن - في العراق ثم انتهت إلى الغرب إلى أرض مصر وشمال إفريقيا، ويوشع (عليه السلام) كان قائد الخطوة الأولى الفاتحة للأرض المقدسة في حركة عودة الإبراهيمية الحنيفية إلى الشرق، وهذا يسلط الضوء على أهمية تربية يوشع (عليه السلام) هذا القائد الإلهي المختار لهذه المهمة الكبرى، ولذا يكون اصطحاب موسى(عليه السلام) ليوشع (عليه السلام) ضرورة لابد منها؛ ليتعلم (عليه السلام) لأنه فاتح الأرض المقدسة، وصاحب الخطوة الأولى في طريق العودة، ويحتاج لكل تعليم متاح له (عليه السلام).
[1]- البرهان: ج16 مج5 ص53.