الغصن الأول
حاكمية الله تعالى
عقيدة لطالما حنت اليها القلوب ، وانعقدت عليها الضمائر ، وضحى وجاهد من اجلها (124000) نبي ومرسل ، عقيدة اسهدت نوم الفراعنة وهزت عروش الظالمين وارعبت قلوب الطواغيت ، فوقفوا أمامها عاجزين وعن مقاومتها مبهوتين فلجاوا الى سلاح العاجزين وقتلوا وشردوا الأنبياء والمرسلين واستضعفوا وقهروا المؤمنين على مر العصور ، عقيدة جاء ليكملها محمد (ص) الرسول فقتل من اجلها علي (ع) فحل الفحول وكسر ضلع الزهراء البتول(ع) .
هذه العقيدة السماوية التي تفتت قلب الامام الحسن (ع) من اجل تطبيقها ، هذه العقيدة التي برز من اجلها الامام الحسين (ع) الى ساحة الوغى مضحيا باصحابه واهل بيته وعياله، وقدم من اجلها حتى الطفل الرضيع وسبين من اجلها الفاطميات ويّعز علي ان اقول سبين مكشوفات الوجوه يقودهن اعدائهن من بلد الى بلد .
هذه العقيدة التي ظلم من اجلها الائمة المعصومين من ذرية الحسين (ع) . فمنهم من قضى عمره في مطامير السجون، ومنهم من حجز في بيته وضيق عليه في عيشه، ولقوا الله شهداء مسمومين. هذه العقيدة السماوية التي ضحى من اجلها الشهداء السعداء من العلماء الاتقياء الى يومنا هذا، عقيدة (لا حكم الا لله) عقيدة (ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون) عقيدة (كلا للطواغيت في كل زمان ومكان).
واما الآن … وما ادراك ما حدث الآن … لقد جائنا الغرب الكافر بعقيدة جديدة ملوحاً لنا بدولاره إن قبلناها ، وبسيفه إن رفضناها … كما قال سيد الاحرار والشهداء الامام الحسين (ع) عن يزيد (لع) : (الا ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين : بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبـى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت …) .
فاما ان تقبل اطروحة وفكر الغرب الكافر حاكمية الناس (الديمقراطية) بدلا عن (حاكمية الله) ، وأما أن تصبح في سجل الارهابيين الذين لابد ان يقضى عليهم، لأنهم يفرقون الأمة ويهددون الأمن والاستقرار !!! . والطامة الكبرى والداهية العظمى والعجب كل العجب ان نرى من يسمون انفسهم علماء دين يقبلون هذه الاطروحة وبدون أي رفض او مقاومة او حتى باللسان او باضعف الايمان وهو السكوت واظهار عدم الرضى بها .
بل راينا العكس من ذلك انهم قبلوها بكل رحابة صدر وابتدعوا لها مشروعية ومنهم من قال انها افضل من الصلاة والصيام !!!. ولا يخفى على المؤمنين ان المشروعية لا تكون الا من القران والسنة المطهرة لانهما مصدر الشرع وما عداهما ضلال مبتدع... اذن ايها الاحبة ايها الاخوة أسالكم بالله ما هو الفرق بيننا كمسلمين وبين الغرب ككافرين ؟… لقد أصبحنا نحن وهم سواء في الفكر والمبادئ فهم ينادون بالديمقراطية ونحن أيضا ننادي بالديمقراطية (أي حاكمية الناس). سبحان الله كأنه لاتوجد لدينا عقيدة مخالفة للفكر الغربي … (الديمقراطي)… و كأن الديمقراطية مستندة الى القرآن والسنة تنـزل بها جبرائيل على نبينا منحمد (ص) !!!. رسالة (124) ألف نبي ومرسل كلها جائت لتطبيق حاكمية الله تعالى على الارض ورفض حاكمية الناس … بربكم إذا كان تطبيق الديمقراطية واجب شرعي وأفضل من الصلاة والصيام!!!. كما قالوا – إذاً هؤلاء الأنبياء والرسل والآئمة محاربتهم إلى (حاكمية الناس). كانت باطلة . (وحاشاهم) !!!. لا ادري ما هذه المفارقات العجيبة والتناقضات الغربية ؟ !!!، ولا أدري بأي منطق نحن نتكلم وبأي ميزان نقيس ؟ !!!.
ولا ادري بأي وادٍ صرنا ، وباي صحراء تهنا . لقد أعيدت فينا سنة بني اسرائيل : حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة … كما اخبر عنها أصدق البشر محمد (ص) فتهنا كما تاهوا … عندما عصوا أمرالله تعالى ، وخالفوا موسى (ع) وقالوا له : (اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون). أعيدت فينا سنه بني إسرائيل عندما اتبعوا علمائهم وحاربوا انبيائهم موسى وعيسى عليهم السلام. فحكى عنهم الله تعالى في القران بانهم عبدوهم، قال تعالى : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) فعن ألائمة (ع) انهم لا صاموا لهم ولا صلوا لهم …ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا لهم حلال فأطاعوهم فتلك عبادتهم.
أقول هذا الكلام وأنا متأكد : إن البعض سوف يتهمني بالتهجم على العلماء !!. وهي أيضاً سنة جارية ، فقد أتهم أصحاب الرسول محمد (ص)المخلصون باْلتهجم على الصحابة عندما عرفوا الحق ونصروه وكانوا على عدد أصابع اليد !!!.
وربما يتهمونني بالعمالة ايضا !. وهي أيضاً سنة متبعة جرت في الانبياء والمرسلين (ع)، ففرعون الظالم الطاغوت يخاطب قومه في موسى قائلاً كما حكى عنه الله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر:26 ، نعم أيها الاحبة هذه هي مهزلة التاريخ. فرعون هو المصلح وموسى (ع) هو المفسد (وحاشاه) !!!. وسبحان الله من يدعوا لمواجهة امريكا وحلفائها ويرفض حاكمية الناس ويدعوا الى حاكمية الله تعالى، يتهم بالفساد ومن يقبل اطروحة امريكا ((حاكميه الناس)) ويهادن أمريكا يعتبر هو المصلح وما بعده مصلح !!!
ولنقول : الذي تطارده امريكا، والذي تضربه بالسوط وتملأ به السجون وتعلقه بالمشانق، فهذا عميل لها وهي راضية عنه !!!. والذي تحميه أمريكا ولاتمسه بسوء، ولايهدد مصالحها ويمشي مطمئنا غير خائف، فهكذا شخص يعتبر عدو لأمريكاويستحق التمجيد.
فلا تتعجبوا من هكذا كلام … هذه هي نظرتنا المقلوبة للأمور … أصبحنا نرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً، واصبحنا كأهل الشام لانفرق بين الناقة والجمل، ونصدق بان معاوية خليفة رسول الله (ص) وعلي بن أبى طالب عدو للإسلام، ولا يصلي ولا يصوم ويجب قتاله !! (وحاشاه). هكذا هم أهل الشام عندما تاهوا عن الصراط المستقيم، واصبحوا في طغيانهم يعمهون. وبعد هذا كله اريد ان اطرح اسئلة مهمة جدا تراود الكثير من المؤمنين، ولم يجدوا لها جوابا، وقد أسدل عليها الستار من قبل الذين يتزعمون قيادة الناس، لانهم لو افصحوا عنها وبينوها للناس لم يجدوا من يتبعهم من الناس الا من باع دينه بدنياه، واصبح كالأنعام بل أضل سبيلا …