الثمرة الثالثة
مناقشة آراء الشيخ اليعقوبي
علمنا الرسول محمد (ص) والأئمة الأطهار(ع) أن لا نكون مقلدين عميان وان لا نتبع أي أحد في جميع أقواله وأفعاله إلا إذا كان معصوماً وأما غير المعصوم فهو معّرض لوسوسة الشيطان وحديث النفس الأمارة بالسوء وإتباع الأهواء والرغبات الدنيوية المخالفة للشرع ولم يسلم من هذه الآفات الا اهل البيت (ع) ومن بلغ مرتبتهم قال تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب/33
فإذا كان كذلك فيجب على الجميع التدبر والتدقيق في كل قول أو فعل يصدر عن غير المعصومين فإذا كان موافقاً لقول المعصوم فلا بأس بالأخذ به وأما إذا كان مخالفاً لكلام المعصوم فيجب أن يضرب به عرض الجدار كائناً من كان ذلك القائل حتى لو كان اعلم العلماء لان الحكمة تقول (انظر إلى ما قيل ولا تنظر إلى من قال) حتى لا تكون من الذين ذمهم الله تعالى لتقليدهم علمائهم تقليداً أعمى قال تعالى : (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) التوبة/31 ، وقال تعالى : (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) الأحزاب/67. قال تعالى :(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ) البقرة/166،وقال تعالى:(يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً) الفرقان/28- 29.
وعن الرسول محمد (ص) :(أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث خلال 000 أن يتبعوا زلة العالم) . (زلة العالم كانكسار السفينة تغرق وتغرق أهلها) و (زلة العالم تفسد عوالم) .
وعن أبي عبد الله (ع) قال : (إذا رأيتم العالم محباً للدنيا فاتهموه على دينكم فان كل محب لشئ يحوط ما أحب. وقال صلى الله عليه والله أوحى الله إلى داود عليه السلام : لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي فان أولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن انزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم)[76] .
وعن الإمام علي (ع) : (إن في جهنم رحى تطحن، أفلا تسألوا ما طحنها ؟ فقيل له : وما طحنها يا أمير المؤمنين ؟ قال : العلماء الفجرة، والقراء الفسقة، والجبابرة الظلمة والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة … ) [77]
وايضاً عن الامام علي(ع) : (شر الناس ندما عند الموت العلماء غير العاملين)[78] .
وعن ابي عبد الله قال :(إياك والرياسة فما طلبها احد الا هلك، فقلت : قد هلكنا إذاً ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه فقال : ليس حيث تذهب انما ذلك ان تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل قال وتدعو الناس الى قوله)[79].
نعم هذه هي مصيبة المجتمع اليوم لقد نصّبت كل مجموعة لها رجلاً دون الحجة المعصوم واخذوا يصدقونه في كل ما قال ويدعون الناس إلى قوله ويعتبرون قوله صحيحاً لا يقبل النقاش وكأنه قرآن !!! ونتيجة ذلك أمسى المجتمع الإسلامي كتل وأحزاب وتيارات يلعن بعضها بعضاً وكل مجموعة ترى الحق معها دون غيرها (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) الروم/32 .
ومن الذين صدر منهم كلام مخالف للقرآن والسنة المطهرة هو الشيخ اليعقوبي، واني لأعجب من سكوت الأمة وخصوصاً الذين يدّعون العلم والدين على هكذا كلام مخالف للشريعة المحمدية الغراء واذا دل هذا السكوت على شئ فانه يدل على خلو الساحة من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران/ 173 ، ولكن يزول العجب ويتلاشى الاستغراب عندما نتدبر كلام أمير المؤمنين (ع) في وصف ذلك الزمان حيث قال : (وانه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شئ أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل ولا اكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند اهل ذلك الزمان سلعة ابور من الكتاب اذا تلي حق تلاوته، ولا انفق منه اذا حرف عن مواضعه ولا في البلاد شئ انكر من المعروف، ولا اعرف من المنكر، فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته، فالكتاب يومئذ وأهله طريدان متعقبان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لايؤويهما مؤوٍ، فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم لان الضلالة لاتوافق الهدى، وان اجتمعا، فاجتمع القوم على الفرقة، وافترقوا على الجماعة، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، فلم يبق عندهم إلا اسمه ولا يعرفون إلا خطه وزبره. ومن قبل مثلوا بالصالحين كل مثله، وسموا صدقهم على الله فرية وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة) .
ومن أجل هذا كله توكلت على الله تعالى في القيام بواجبي امام الله تعالى ورسوله الكريم وأهل بيته المعصومين وامتثالاً للحجة بن الحسن روحي لمقدمه الفداء وإستجابة لطلب سيدي السيد أحمد الحسن وصي ورسول الامام المهدي (ع) في الرد على بعض اراء الشيخ اليعقوبي المخالفة للشريعة والله من وراء القصد، وأسأل الله تعالى ان يوفق كل من يقرأ كلامي هذا لمعرفة الحق من الباطل وذلك بعد أن يزيل التعصب عن قلبة والعمى عن عينه (و من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) .