البــرهان

في

تفسير القرآن

الجزء الخامس عشر

 

تأليف وتصنيف وتبويب

العلامة المتبحر

سيد هاشم البحراني

رحمه الله

 



قوله تعالى:

(عالِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ 46)

مر الحديث فيها في سورة الأنعام [1] ، والم السجدة[2].

قوله تعالى:

(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 53)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «قد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، والله ما أراد بهذا غيركم».[3]

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «لا يعذر [4] أحد يوم القيامة بأن يقول: يا رب ، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة ، وفي ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصة (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)».[5]

3 - علي بن إبراهيم ، قال: نزلت في شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة.[6]

4 - علي بن إبراهيم: حدثنا جعفر بن محمد ، قال: حدثنا عبد الكريم ، عن محمد بن علي ، عن محمد ابن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يعذر الله يوم القيامة أحدا يقول: يا رب ، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة على الناس كافة ، وفي شيعة ولد فاطمة (عليها السلام) أنزل الله هذه الآية خاصة (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) الآية».[7]

5 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن فضال ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «لا يعذر الله أحدا يوم القيامة بأن يقول: يا رب ، لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة ، وفي [8] ولد فاطمة (عليهم السلام) أنزل الله هذه الآية خاصة: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)».[9]

6 - ابن بابويه: في حديث ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير فقال له الإمام: «يا أبا بصير ، لقد ذكركم الله عز وجل في كتابه ، إذ يقول: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) والله ما أراد بذلك غيركم. يا أبا محمد ، فهل سررتك؟» قال: نعم.[10]

7 - محمد بن علي ، عن عمرو بن عثمان ، عن عمران بن سليمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) ، فقال: «إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب».

قال: فقلت: ليس هكذا نقرأ ، فقال: «يا أبا محمد ، فإذا غفر الله الذنوب جميعا فلمن يعذب؟ والله ما عنى من عباده غيرنا وغير شيعتنا ، وما نزلت إلا هكذا: إن الله يغفر لكم جميعا الذنوب».[11]

قوله تعالى:

(وَأَنِيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ- إلى قوله تعالى- وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ 54- 56)

 

1 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (وَ أَنِيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ) ، أي توبوا (وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ‏ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) من القرآن وولاية أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) ، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) الآية ، قال: في الإمام ، لقول الصادق (عليه السلام): «نحن جنب الله».[12]

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ، عن علي بن سويد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) ، في قول الله عز وجل: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكذلك ما كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم».[13]

3 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حسان الجمال ، قال: حدثني هاشم بن أبي عمار الجنبي ، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «أنا عين الله [و أنا يد الله‏] ، وأنا جنب الله وأنا باب الله».[14]

4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في خطبته: «أنا الهادي ، وأنا المهدي [15] ، وأنا أبو اليتامى والمساكين ، وزوج الأرامل ، وأنا ملجأ كل ضعيف ، ومأمن كل خائف ، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة ، وأنا حبل الله المتين ، وأنا عروة الله الوثقى ، وكلمة التقوى ، وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده ، وأنا جنب الله الذي يقول: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة ، وأنا باب حطة ، من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه ، لأني وصي نبيه في أرضه وحجته على خلقه ، لا ينكر هذا إلا راد على الله ورسوله».[16]

و رواه المفيد ، في (الاختصاص) ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أنا الهادي وأنا المهتدي» وذكر الحديث[17].

5 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي الكوفي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن علي بن الحسين‏ عمن حدثه ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أنا علم الله ، وأنا قلب الله الواعي ، ولسانه الناطق ، وعين الله ، وأنا جنب الله ، وأنا يد الله».[18]

6 - محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاثة وثلاثين [19] وثلاث مائة وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب ، قال:حدثني أبي ، قال: حدثني علي بن هاشم ، والحسن [20] بن السكن ، قال: حدثني عبد الرزاق بن همام ، قال: أخبرني أبي ، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال: وفد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهل اليمن ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «جاءكم أهل اليمن يبسون [21] بسيسا». فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «قوم رقيقة قلوبهم ، راسخ إيمانهم ، منهم المنصور ، يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي ، حمائل سيوفهم المسك».

فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال: «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به ، فقال عز وجل: (وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا) [22]».

فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: «هو قول الله: (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) [23]، فالحبل من الله كتابه ، والحبل من الناس وصيي».

فقالوا: يا رسول الله ، من وصيك؟ فقال: «هو الذي أنزل الله فيه: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)».

فقالوا: يا رسول الله ، وما جنب الله هذا؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: (وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى‏ يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) [24]هو وصيي ، والسبيل إلي من بعدي».

فقالوا: يا رسول الله ، بالذي بعثك بالحق أرناه ، فقد اشتقنا إليه ، فقال: «هو الذي جعله الله آية للمتوسمين ، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أني نبيكم ، فتخللوا الصفوف ، وتصفحوا الوجوه ، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو ، لأن الله عز وجل يقول في كتابه: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) [25] إليه وإلى ذريته».

قال: فقام أبو عامر الأشعري ، في الأشعريين ، وأبو غرة الخولاني في الخولانيين ، وظبيان وعثمان بن قيس [26] وعرنة الدوسي في الدوسيين ، ولا حق بن علاقة ، فتخللوا الصفوف ، وتصفحوا الوجوه ، وأخذوا بيد الأصلع البطين ، وقالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا ، يا رسول الله. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «أنتم نخبة [27] الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه ، فبم عرفتم أنه هو؟». فرفعوا أصواتهم يبكون ، وقالوا: يا رسول الله ، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم [قلوبنا] ، ولما رأيناه وجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا ، وانجاشت أكبادنا ، وهملت أعيننا ، وتبلجت [28]صدورنا حتى كأنه لنا أب ، ونحن له بنون.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «(وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) [29]أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى ، وأنتم عن النار مبعدون».

قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل وصفين ، فقتلوا بصفين (رحمهم الله) ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يبشرهم بالجنة ، وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب (عليه السلام).[30]

7 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن حمران بن أعين ، عن أبان بن تغلب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، في قول الله عز وجل: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ). قال: «خلقنا والله من نور جنب الله خلقنا الله جزء من جنب الله ، وذلك قوله عز وجل: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) يعني في ولاية علي (عليه السلام)».[31]

8 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن العباس ، عن حسن بن محمد ، عن حسين بن علي بن بهيس [32] ، عن موسى بن أبي الغدير ، عن عطاء الهمداني ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، قال: «قال علي (عليه السلام): أنا جنب الله ، وأنا حسرة للناس يوم القيامة».[33]

9 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حمزة بن بزيع ، عن علي السائي ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وكذلك من‏ كان بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع حتى ينتهي إلى الأخير منهم ، والله أعلم بما هو كائن بعده».[34]

10 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن هوذة ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن سدير الصيرفي ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وقد سأله رجل عن قول الله عز وجل: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن والله خلقنا من نور جنب الله تعالى ، وذلك قول الكافر إذا استقرت به الدار: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) يعني ولاية محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)».[35]

11 - الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن علي بن محمد العلوي ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن خيثمة ، قال: سمعت الباقر (عليه السلام) يقول: «نحن جنب الله ، ونحن صفوة الله ، ونحن خيرة الله ، ونحن مستودع مواريث الأنبياء ، ونحن أمناء الله عز وجل ، ونحن حجج الله ، ونحن حبل الله ، ونحن رحمة الله على خلقه ، ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم ، ونحن أئمة الهدى ، ونحن مصابيح الدجى ، ونحن منار الهدى ، ونحن العلم المرفوع [36]لأهل الدنيا ، ونحن السابقون ، ونحن الآخرون ، من تمسك بنا لحق ، ومن تخلف عنا غرق.

و نحن قادة الغر المحجلين ، ونحن حرم الله ، ونحن الطريق والصراط المستقيم إلى الله عز وجل ، ونحن من نعم الله على خلقه ، ونحن المنهاج ، ونحن معدن النبوة [37] ، ونحن موضع الرسالة ، ونحن أصول الدين ، وإلينا تختلف الملائكة ، ونحن السراج لمن استضاء بنا ، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا ، ونحن الهداة إلى الجنة ، ونحن عرى الإسلام ، ونحن الجسور ، ونحن القناطر ، من مضى علينا سبق ، ومن تخلف عنا محق ، ونحن السنام الأعظم ، ونحن الذين بنا تنزل الرحمة ، وبنا تسقون الغيث ، ونحن الذين بنا يصرف الله عز وجل عنكم العذاب ، فمن أبصرنا وعرفنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا ، فهو منا وإلينا».[38]

12 - ابن شهر آشوب: عن السجاد والباقر والصادق وزيد بن علي (عليهم السلام) في هذه الآية ، قالوا: «جنب الله علي (عليه السلام) ، وهو حجة الله على الخلق يوم القيامة».[39]

13 - وعن الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، قال: «في ولاية علي (عليه السلام)».[40]

14 - أبو ذر ، في خبر عن النبي (صلى الله عليه وآله): «يا أبا ذر ، يؤتي بجاحد علي يوم القيامة أعمى أبكم،يتكبكب في ظلمات القيامة ، ينادي (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، وفي عنقه طوق من النار».[41]

15 - الطبرسي في (الاحتجاج): في حديث طويل ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال: «قد زاد جل ذكره في التبيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه (عليهم السلام): (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، تعريفا للخليقة قربهم ، ألا ترى أنك تقول: فلان إلى جنب فلان ، إذا أردت أن تصف قربه منه؟

و إنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه ، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء حججه ، وتلبيسهم ذلك على الأمة ، ليعينوهم على باطلهم ، فأثبت فيه الرموز ، وأعمى قلوبهم وأبصارهم ، لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه».[42]

16 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن القاسم بن بريد ، عن مالك الجهني ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنا شجرة من جنب الله ، فمن وصلنا وصله الله» قال: ثم تلا هذه الآية: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).[43]

17 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حمزة بن بزيع ، عن علي السائي ، قال: سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ) ، قال: «جنب الله أمير المؤمنين ، وكذلك من كان من بعده من الأوصياء بالمكان الرفيع ، إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم ، والله أعلم بما هو كائن بعده».[44]

18 - الطبرسي: روى العياشي ، بالإسناد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: «نحن جنب الله».[45]

قوله تعالى:

(لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ- إلى قوله تعالى- وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ 57 59)

1 - ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)،قال: «الولاية لعلي (عليه السلام) ، فرد الله عليهم: (بَلى‏ قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ)».[46]

1 - علي بن إبراهيم: ثم قال: (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) الآية ، فرد الله تعالى عليهم ، فقال: (بَلى‏ قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها) يعني بالآيات الأئمة (عليهم السلام) (وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) [يعني‏] بالله.[47]

قوله تعالى:

(وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ 60)

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت: قول الله عز وجل: (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ، قال: «من قال إني إمام وليس بإمام».

قال: قلت: وإن كان علويا؟ قال: «و إن كان علويا» ، قلت: وإن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «و إن كان».[48]

3 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال: حدثنا حميد ابن زياد ، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل المنقري ، قال: أخبرني شيخ بمصر يقال له: الحسين بن أحمد المقري ، عن يونس بن ظبيان ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) ، قال: «من زعم أنه إمام وليس بإمام».[49]

4 - وعنه ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال من كتابه ، قال: حدثنا العباس بن عامر بن رباح الثقفي ، عن أبي المغرا ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ، أنه قال له: قول الله عز وجل: (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ)؟ قال: «من زعم أنه إمام وليس بإمام» ، قلت: وإن كان علويا فاطميا؟ فقال: «و إن كان علويا فاطميا».[50]

4 - وعنه ، قال: أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي ، قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي المعروف بالرزاز الكوفي ، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ). قال: «من قال إني إمام وليس بإمام».

قلت: وإن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا» ، قلت: وإن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «و إن كان من ولد علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[51]

5 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ)،قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغرا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من ادعى أنه إمام وليس بإمام».

قلت: «و إن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».[52]

6 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر ، شكا إلى الله شدة حره ، وسأله أن يتنفس ، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم».[53]

7 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثني سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت: قول الله عز وجل: (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ، قال: «من زعم أنه إمام وليس بإمام».

قلت: وإن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».[54]

8 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن الحسين بن المختار ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ)؟ قال: «من زعم أنه إمام وليس بإمام».

قلت: وإن كان علويا فاطميا؟ قال: «و إن كان علويا فاطميا».[55]

9 - العياشي: بإسناده ، عن خيثمة بن عبد الرحمن ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «من حدث عنا بحديث فنحن سائلوه عنه يوما ، فإن صدق علينا فإنما يصدق على الله وعلى رسوله ، وإن كذب علينا فإنما يكذب على الله وعلى رسوله ، لأنا إذا حدثنا لا نقول: قال فلان وفلان ، وإنما نقول: قال الله وقال رسوله». ثم‏ تلا هذه الآية: (وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ثم أشار خيثمة إلى أذنيه فقال: صمتا إن لم أكن سمعته.[56]

قوله تعالى:

(اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَكِيلٌ 62)

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله عليه) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ياسر الخادم ، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟ فقال: «إن الله تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) أمر دينه ، فقال: (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[57] ، فأما الخلق والرزق فلا».

ثم قال (عليه السلام): «إن الله تعالى يقول: (اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ) ، ويقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [58]».[59]

قوله تعالى:

(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ 63)

 2 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ) [يعني‏] مفاتيح السماوات والأرض.[60]

 

قوله تعالى:

(قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ 64)

3 - ابن شهر آشوب: الطبري والواحدي بإسنادهما ، عن السدي ، وروى ابن بابويه في كتاب (النبوة)،عن زين العابدين (عليه السلام): «أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب ورسول الله (صلى الله عليه وآله) عنده ، فقالوا: نسألك عن ابن أخيك النصف منه. قال: وما النصف منه؟ قالوا: يكف عنا ونكف عنه ، فلا يكلمنا ولا نكلمه ، ولا يقاتلنا ولا نقاتله ، ألا إن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب ، وزرعت الشحناء ، وأنبتت البغضاء ، فقال: يا بن أخي ، أ سمعت؟

قال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي وقبلوا نصيحتي ، إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى الحنيفية ملة إبراهيم ، فمن أجابني فله عند الله الرضوان ، والخلود في الجنان ، ومن عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا ، وهو خير الحاكمين. فقالوا: قل له أن يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء. فنزل: (قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ)».[61]

قوله تعالى:

(وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِين 65 بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ  66)

1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحكم بن بهلول ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ، قال: «يعني إن أشركت في الولاية غيره (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) يعني بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك».[62]

2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، قال: «تفسيرها لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي (عليه السلام) من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين».[63]

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن القاسم ، عن عبيد بن مسلم ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن الحسن بن إسماعيل الأفطس ، عن أبي موسى المشرقاني ، قال: كنت عنده وحضره قوم من الكوفيين ، فسألوه عن قول الله عز وجل: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ، فقال: ليس حيث تذهبون ، إن الله عز وجل حيث أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يقيم عليا (عليه السلام) للناس علما ، اندس إليه معاذ بن جبل ، فقال:أشرك في ولايته- أي الأول والثاني- حتى يسكن الناس إلى قولك ويصدقوك ، فلما أنزل الله عز وجل: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [64] شكا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جبرئيل ، فقال: «إن الناس يكذبوني ولا يقبلون مني» ، فأنزل الله عز وجل: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).[65]

4 - ابن شهر آشوب: عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام): «(وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) الآية ، وذلك لما أمر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) أن يقيم عليا (عليه السلام) ، وأن لا يشرك مع علي (عليه السلام) شريكا».[66]

5 - ابن بابويه ، قال: حدثني تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) ، قال: حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي ابن موسى (عليه السلام) ، فقال له [المأمون‏]: يا ابن رسول الله ، أليس من قولك: أن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».

قال له المأمون فيما سأله: يا أبا الحسن أخبرني عن قول الله تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)[67]. قال:

قال له الرضا (عليه السلام): «هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة ، خاطب الله تعالى بذلك نبيه (صلى الله عليه وآله) وأراد به أمته ، وكذلك قوله عز وجل: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقوله تعالى: (وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا) [68]» قال: صدقت يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله).[69]

6 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله ابن بكير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة».[70]

و قد تقدم في ذلك في مقدمة الكتاب [71]

قوله تعالى:

(وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ 67)

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن‏ ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله لا يوصف ، وكيف يوصف وقد قال في كتابه: (وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ، فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك».[72]

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني ، قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني ، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).

فقال: «ذلك تعيير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه ، ألا ترى أنه قال: (وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ومعناه إذ قالوا: إن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه؟ كما قال الله عز وجل: (وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى‏ بَشَرٍ مِنْ شَيْ‏ءٍ) [73]، ثم نزه عز وجل نفسه عن القبضة واليمين فقال: (سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ)».[74]

3 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رحمه الله) ، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال: حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ).

فقال: «يعني ملكه لا يملكه معه أحد ، والقبض من الله تعالى في موضع آخر: المنع ، والبسط منه: الإعطاء والتوسيع [كما قال عز وجل‏] ، (وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[75] يعني يعطي ويمنع [76]، والقبض منه عز وجل في وجه آخر: الأخذ ، والأخذ في وجه القبول ، كما قال: (وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) [77] أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها».

قلت: فقوله عز وجل: (وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)؟ قال: «اليمين: اليد ، واليد: القدرة والقوة ، يقول عز وجل: (وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي بقدرته وقوته سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ)».[78]

4 - علي بن إبراهيم ، قال: نزلت في الخوارج (وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ‏) أي بقدرته[79].[80]

5 - الديلمي: بحذف الإسناد ، مرفوعا إلى سلمان الفارسي ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في حديث له معه جاثليق ومعه مائة رجل من النصارى ، فكان فيما سأله (عليه السلام) أن قال له الجاثليق: فأخبرني عن قوله جل ثناؤه: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ[81] وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فإذا طويت السماوات ، وقبضت الأرض ، فأين تكون الجنة والنار فيهما؟

قال: فدعا بدواة وقرطاس ، ثم كتب فيه: الجنة والنار ، ثم درج القرطاس ودفعه إلى النصراني ، وقال [له‏]:

 «أليس قد طويت هذا القرطاس؟». قال: نعم ، قال: «فافتحه» قال: ففتحه ، فقال: «هل ترى آية النار وآية الجنة ، أمحاهما طي القرطاس؟». قال: لا ، قال: «فهكذا في قدرة الله إذا طويت السماوات وقبضت الأرض لم تبطل الجنة والنار ، كما لم يبطل طي هذا الكتاب آية الجنة وآية النار».[82]

6 - كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): عن أبي هريرة وسلمان الفارسي ، في حديث طويل ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب سؤال جاثليق ، قال له الجاثليق: فأخبرني عن الجنة والنار أين هما؟

قال (عليه السلام): «الجنة تحت العرش في الآخرة ، والنار تحت الأرض السابعة السفلى».

فقال الجاثليق: صدقت ، فإذا طوى الله السماوات والأرض ، أين تكون الجنة والنار؟ فقال (عليه السلام): «ائتوني بدواة وبياض». فكتب آية من الجنة وآية من النار ، ثم طوى الكتاب وناوله النصراني ، فأخذه بيده ، قال له: «ترى شيئا؟» قال: لا ، قال: «فانشره». فقال: «ترى تحت آية الجنة آية النار ، وآية النار تحت آية الجنة؟». قال: نعم. قال: «كذلك الجنة والنار في قدرة الرب عز وجل» قال: صدقت.[83]

قوله تعالى:

(وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى‏ فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ 68)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ، قال: سئل عن النفختين ، كم بينهما؟  قال: «ما شاء الله».

فقيل له: فأخبرني يا ابن رسول الله ، كيف ينفخ فيه؟ فقال: «أما النفخة الأولى ، فإن الله يأمر إسرافيل فيهبط إلى الأرض ومعه الصور ، وللصور رأس واحد وطرفان ، وبين طرف كل رأس منهما ما بين السماء والأرض ، فإذا رأت الملائكة إسرافيل وقد هبط إلى الدنيا ومعه الصور ، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض ، وفي موت أهل السماء ، قال: فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ويستقبل الكعبة ، فإذا رأوه أهل الأرض ، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض ، قال: فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الأرض ، فلا يبقى في الأرض ذو روح إلا صعق ومات ، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماء ، فلا يبقى ذو روح في السماوات إلا صعق ومات إلا إسرافيل».

قال: «فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مت فيموت إسرافيل ، فيمكثون في ذلك ما شاء الله ، ثم يأمر الله السماوات فتمور ، ويأمر الجبال فتسير ، وهو قوله تعالى: (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) [84]  يعني تنبسط (و تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) [85]  يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب ، بارزة ليس عليها جبال ولا نبات ، كما دحاها أول مرة ، ويعيد عرشه على الماء كما كان أول مرة ، مستقلا بعظمته وقدرته- قال-: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله بصوت من قبله جهوري يسمع أقطار السماوات والأرضين: لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد ، فعند ذلك يجيب الجبار عز وجل مجيبا لنفسه: لله الواحد القهار وأنا قهرت الخلائق كلهم وأمتهم ، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي ، لا شريك لي ولا وزير ، وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتهم بمشيتي ، وأنا أحييهم بقدرتي ، قال:

فينفخ الجبار نفخة في الصور ، فيخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات ، فلا يبقى أحد في السماوات إلا حيي وقام كما كان ، ويعود حملة العرش ، وتعرض[86] الجنة والنار ، وتحشر الخلائق للحساب». قال: فرأيت علي ابن الحسين (عليهما السلام) يبكي عند ذلك بكاء شديدا.[87]

2 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا ، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم وقد [88] أتى جبرئيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأخذ بيده وأخرجه إلى البقيع ، فانتهى به إلى قبر فصوت بصاحبه ، فقال: قم [89] بإذن الله فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية ، يمسح التراب عن وجهه ، وهو يقول: الحمد لله والله أكبر ، فقال جبرئيل: عد بإذن الله ، ثم انتهى به إلى قبر آخر ، فقال: قم بإذن الله: فخرج منه رجل مسود الوجه ، وهو يقول: وا حسرتاه وا ثبوراه ، ثم قال له جبرئيل: عد ، إلى ما كنت فيه [بإذن الله‏] ، فقال: يا محمد ، هكذا يحشرون يوم القيامة ، فالمؤمنون يقولون: هذا القول ، وهؤلاء يقولون ما ترى».[90]

3 - (بستان الواعظين): قال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «يكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم ، فإذا غضب الله على أهل الأرض ، أمر الله سبحانه وتعالى إسرافيل أن ينفخ نفخة الصعق ، فينفخ على غفلة من الناس ، فمن الناس من هو في وطنه ، ومنهم من هو في سوقه ، ومنهم من هو في حرثه ، ومنهم من هو في سفره ، ومنهم من يأكل فلا يرفع اللقمة إلى فيه حتى يخمد ويصعق ، ومنهم من يحدث صاحبه فلا يتم الكلمة حتى يموت ، فتموت الخلائق كلهم عن آخرهم ، وإسرافيل لا يقطع صيحته حتى تغور عيون الأرض وأنهارها وبناؤها وأشجارها وجبالها وبحارها ، ويدخل الكل بعضهم في بعض في بطن الأرض ، والناس خمود وصرعى ، فمنهم من هو صريع على وجهه ، ومنهم من هو صريع على ظهره ، ومنهم من هو صريع على جنبه ، ومنهم من هو صريع على خده ، ومنهم من تكون اللقمة في فيه فيموت ، فما أدرك به أن يبتلعها ، وتنقطع السلاسل التي فيها قناديل النجوم ، فتسوى بالأرض من شدة الزلزلة ، وتموت ملائكة السماوات السبع والحجب والسرادقات والصافون والمسبحون وحملة العرش والكرسي ، وأهل سرادقات المجد والكروبيون ، ويبقى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت (عليهم السلام).

فيقول الجبار جل جلاله: يا ملك الموت من بقي؟ وهو أعلم ، فيقول ملك الموت: سيدي ومولاي ، بقي إسرافيل ، وبقي جبرئيل ، وبقي ميكائيل ، وبقي عبدك الضعيف ملك الموت وهو خاضع خاشع ذليل ، قد ذهبت نفسه لعظم ما عاين من الأهوال ، فيقول الجبار تبارك وتعالى: انطلق إلى جبرئيل فاقبض روحه فينطلق ملك الموت إلى جبرئيل (عليه السلام) ، فيجده ساجدا وراكعا ، فيقول له: ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين ، قد مات بنو آدم وأهل الدنيا والأرض والطيور والسباع والهوام وسكان السماوات وحملة العرش والكرسي والسرادقات وسكان سدرة المنتهى ، وقد أمرني المولى بقبض روحك. فعند ذلك يبكي جبرئيل (عليه السلام) ، ويقول متضرعا إلى الله تعالى: يا الله ، هون علي سكرات الموت ، فيضمه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه ، فيخر جبرئيل (عليه السلام) منها ميتا صريعا.

فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت؟ وهو أعلم ، فيقول: يا سيدي ومولاي أنت أعلم بمن بقي ، بقي ميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت. فيقول الجبار جل جلاله: انطلق إلى ميكائيل فاقبض روحه فينطلق ملك الموت إلى ميكائيل ، كما أمره الله تعالى ، فيجده ينظر إلى الماء يكيله على السحاب ، فيقول له: ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك ، ما بقي لبني آدم رزق ولا للأنعام ولا للوحوش ولا للهوام ، قد مات أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الحجب والسرادقات وحملة العرش والكرسي وسرادقات المجد والكروبيون والصافون والمسبحون ، وقد أمرني ربي بقبض روحك. فعند ذلك يبكي ميكائيل ويتضرع إلى الله تعالى ويسأله أن‏ يهون عليه سكرات الموت ، فيحتضنه ملك الموت ، ويضمه ضمة يقبض فيها روحه ، فيخر صريعا ميتا لا روح فيه.

فيقول الجبار عز وجل: من بقي يا ملك الموت؟ وهو أعلم ، فيقول: مولاي وسيدي ، أنت أعلم بمن بقي ، بقي إسرافيل وعبدك الضعيف ملك الموت ، فيقول الجبار تبارك وتعالى: انطلق إلى إسرافيل فاقبض روحه ، فينطلق ملك الموت إلى إسرافيل ، كما أمره الجبار ، فيقول له: ما أغفلك يا مسكين عما يراد بك ، قد مات الخلائق كلهم ، وقد أمرني ربي ومولاي أن أقبض روحك. فيقول إسرافيل: سبحان من قهر العباد بالموت ، سبحان من تفرد بالبقاء ، ثم يقول: مولاي هون علي سكرات الموت ، مولاي هون علي سكرات الموت ، مولاي هون علي مرارة الموت ، فيضمه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه ، فيخر ميتا صريعا.

فيقول الجبار جل جلاله: من بقي يا ملك الموت؟ وهو أعلم ، فيقول: أنت أعلم يا سيدي ومولاي بمن بقي ، بقي عبدك الضعيف ملك الموت. فيقول الجبار: وعزتي وجلالي لأذيقنك مثل ما أذقت عبادي ، انطلق بين الجنة والنار ومت ، فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة ، فلو لا أن الله تبارك وتعالى أمات الخلائق لماتوا عن آخرهم من شدة صيحة ملك الموت ، فيموت ، فتبقى السماوات خالية من أملاكها ، ساكنة أفلاكها ، وتبقى الأرض خالية من إنسها وجنها وطيرها وهوامها وسباعها وأنعامها ، ويبقي الملك لله الواحد القهار الذي خلق الليل والنهار ، فلا يرى أنيس ، ولا يحس حسيس [91] ، قد سكنت الحركات ، وخمدت الأصوات ، وخلت من سكانها الأرض والسماوات.

ثم يقول الله تبارك وتعالى للدنيا: يا دنيا ، أين أنهارك ، وأين أشجارك ، وأين سكانك ، وأين عمارك ، وأين الملوك ، وأين أبناء الملوك ، أين الجبابرة وأبناء الجبابرة ، أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي وعبدوا غيري ، لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد. فيقول الله تعالى: لله الواحد القهار.

فتبقى الأرضون والسماوات ليس فيهن من ينطق ولا من يتنفس ، ما شاء الله من ذلك- وقد قيل: تبقى أربعين يوما- وهو مقدار ما بين النفختين ، ثم بعد ذلك ينزل الله تعالى من السماء السابعة بحرا ، يقال له بحر الحيوان ، ماؤه يشبه مني الرجال ، ينزله ربنا أربعين عاما ، فيشق ذلك الماء الأرض شقا ، فيدخل تحت الأرض إلى العظام البالية ، فتنبت بذلك الماء كما ينبت الزرع بالمطر ، قال الله تعالى: (وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إلى قوله تعالى: كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى)[92] الآية ، أي: كما أخرج النبات بالمطر كذلك يخرج بماء الحيوان ، فتجتمع العظام والعروق واللحوم والشعور فيرجع كل عضو إلى مكانه الذي كان فيه في الدنيا ، فترجع كل شعرة إلى هيئتها التي كانت في دار الدنيا ، فتلتئم الأجساد بقدرة الله جل جلاله ، وتبقى بلا أرواح.

ثم يقول الجبار جل جلاله: ليبعث إسرافيل فيقوم إسرافيل حيا بقدرة الله تعالى ، فيقول الجبار لإسرافيل:

التقم الصور ، والصور قرن من نور فيه أنقاب على عدد أرواح العباد ، فتجتمع الأرواح كلها فتجعل في الصور ، ويأمر الجبار إسرافيل أن يقوم على صخرة بيت المقدس ، وينادي في الصور ، وهو في فمه قد التقمه ، والصخرة أقرب ما في الأرض إلى السماء ، وهو قوله تعالى: (وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) [93] ، ويقول إسرافيل في أول ندائه: أيتها العظام البالية ، واللحوم المنقطعة ، والشعور المتبددة ، والشعور الملتزقة ، ليقمن إلى العرض على الملك الديان ليجازيكم بأعمالكم فإذا نادى إسرافيل في الصور ، خرجت الأرواح من أنقاب الصور ، فتنتشر بين السماء والأرض كأنها النحل يخرج من كل نقب ، ولا يخرج من ذلك النقب غيره ، فأرواح المؤمنين تخرج من أنقابها نائرة بنور الإيمان وبنور أعمالها الصالحة ، وأرواح الكفار تخرج مظلمة بظلمة الكفر ، وإسرافيل يديم الصوت ، والأرواح قد انتشرت ما بين السماء والأرض ، ثم تدخل الأرواح إلى الأجساد ، وتدخل كل روح إلى جسدها الذي فارقته في دار الدنيا ، فتدب الأرواح في الأجساد كما يدب السم في الملسوع حتى ترجع إلى أجسادها كما كانت في دار الدنيا ، ثم تنشق الأرض من قبل رؤوسهم ، فإذا هم قيام ينظرون إلى أهوال القيامة وطوامها ، وإسرافيل (عليه السلام) ينادي بهذا النداء ، لا يقطع الصوت ويمده مدا ، والخلائق يتبعون صوته ، والنيران تسوق الخلائق إلى أرض المحشر.

فإذا خرجوا من قبورهم ، خرج مع كل إنسان عمله الذي كان عمله في دار الدنيا ، لأن عمل كل إنسان يصحبه في قبره ، فإذا كان العبد مطيعا لربه وعمل عملا صالحا ، كان أنيسه في الدنيا ، وكان أنيسه إذا خرج من قبره يوم حشره ، يؤنسه من الأهوال ومن هموم القيامة ، فإذا خرج من قبره يقول له عمله: يا حبيبي ، ما عليك من هذا شي‏ء ، ليس يراد به من أطاع الله ، فإنما يراد به إلا من عصى الله وخالف مولاه ، ثم كذب آياته واتبع هواه ، وأنت كنت عبدا مطيعا لمولاك متبعا لنبيك تاركا لهواك ، فما عليك اليوم من هم وخوف حتى تدخل الجنة. وإذا كان العبد خاطئا وعاصيا لذي الجلال ، ومات على غير توبة وانتقال ، فإذا خرج المغرور المسكين من قبره ومعه عمله السوء الذي عمله في دار الدنيا ، وكان قد صحبه في قبره ، فإذا نظر إليه العبد المغتر يراه أسود فظيعا ، فلا يمر على هول ولا نار ولا بشي‏ء من هموم يوم القيامة إلا قال له عمله السوء: يا عدو الله ، هذا كله لك ، وأنت المراد به».[94]

4 - محمد بن يعقوب: بإسناده ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، قال: اجتمعت [أنا] والشيخ أبو عمرو (رحمه الله) ، عند أحمد بن إسحاق ، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف ، فقلت له: يا أبا عمرو ، إني [أريد أن‏] أسألك عن شي‏ء وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه ، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما ، فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة ، فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، فأولئك أشرار من خلق الله عز وجل ، وهم الذين تقوم عليهم القيامة.[95]

قوله تعالى:

(وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي‏ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ 69)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله ، قال: حدثنا جعفر بن محمد ، قال: حدثني القاسم بن الربيع ، قال: حدثنا صباح المدائني ، قال: حدثنا المفضل بن عمر ، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: (وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) ، قال: «رب الأرض يعني إمام الأرض».

قلت: فإذا خرج يكون ماذا؟ قال: «إذن يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام».[96]

2 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن ثوير بن أبي فاختة ، قال سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يحدث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: «حدثني أبي أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدث الناس ، ويقول: إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك وتعالى الناس من حفرهم غرلا بهما [97] جردا مردا في صعيد واحد يسوقهم النور وتجمعهم الظلمة حتى يقفوا على عقبة المحشر ، فيركب بعضهم بعضا ، ويزدحمون دونها ، فيمنعون من المضي ، فتشتد أنفاسهم ، ويكثر عرقهم ، وتضيق بهم أمورهم ، ويشتد ضجيجهم ، وترتفع أصواتهم ، قال: وهو أول هول من أهوال يوم القيامة ، قال: فيشرف الجبار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة ، فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم: يا معشر الخلائق ، أنصتوا واسمعوا منادي الجبار. قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم ، قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك ، وتخشع قلوبهم [98]، وتضطرب فرائصهم ، وتفزع قلوبهم ، ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت ، مهطعين إلى الداعي ، قال: فعند ذلك يقول الكافر: هذا يوم عسر ، فيشرف الجبار عز ذكره الحكم العدل عليهم فيقول: أنا الله لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور ، اليوم أحكم بينكم بعدلي وقسطي ، لا يظلم اليوم عندي أحد ، اليوم آخذ للضعيف من القوي بحقه ، ولصاحب المظلمة بالمظلمة ، بالقصاص من الحسنات والسيئات ، وأثيب على الهبات ، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ، ولا من لأحد عنده مظلمة ، إلا مظلمة يهبها صاحبها ، وأثيبه عليها ، وآخذ له بها عند الحساب ، فتلازموا أيها الخلائق ، واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا ، وأنا شاهدكم عليها [99] ، وكفى بي شهيدا. قال: فيتعارفون ويتلازمون ، فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه بها.

قال: فيمكثون ما شاء الله ، فيشتد حالهم ، ويكثر عرقهم ، ويشتد غمهم ، وترتفع أصواتهم بضجيج شديد ، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لأهلها ، قال: ويطلع الله عز وجل على جهدهم ، فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى ، يسمع آخرهم كما يسمع أولهم ، يا معشر الخلائق ، أنصتوا الداعي الله تبارك وتعالى واستمعوا ، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: أنا الوهاب ، إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا ، وإن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم قال:

فيفرحون بذلك لشدة جهدهم ، وضيق مسلكهم وتزاحمهم ، قال: فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلصوا مما هم فيه ، ويبقى بعضهم ، فيقول: يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها قال: فينادي مناد من تلقاء العرش: أين رضوان خازن الجنان ، جنان الفردوس ، قال: فيأمره عز وجل أن يطلع من الفردوس قصرا من فضة بما فيه من الأبنية والخدم ، قال: فيطلعه عليهم في حفافة القصر [100] الوصائف والخدم ، قال: فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى: يا معشر الخلائق ، ارفعوا رؤوسكم ، فانظروا إلى هذا القصر ، قال: فيرفعون رؤوسهم ، فكلهم يتمناه ، قال: فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى: يا معشر الخلائق ، هذا لكل من عفا عن مؤمن ، قال: فيعفون كلهم إلا القليل ، قال: فيقول الله عز وجل: لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم ، ولا يجوز إلى ناري اليوم ظالم ولا من لأحد من المسلمين عنده مظلمة حتى آخذها منه عند الحساب ، أيها الخلائق استعدوا للحساب.

قال: ثم يخلي سبيلهم ، فينطلقون إلى العقبة ، يكرد [101] بعضهم بعضا حتى ينتهون إلى العرصة ، والجبار تبارك وتعالى على العرش ، قد نشرت الدواوين ، ونصبت الموازين ، واحضر النبيون والشهداء ، وهم الأئمة يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عز وجل ، ودعاهم إلى سبيل الله».

قال: فقال له رجل من قريش: يا ابن رسول الله ، إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة ، أي شي‏ء يأخذ من الكافر ، وهو من أهل النار؟ قال: فقال له علي بن الحسين (عليه السلام): «يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر ، ويعذب الكافر بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة».

قال: فقال له القرشي: فإذا كانت المظلمة لمسلم عند مسلم ، كيف تؤخذ مظلمته من مسلم؟ قال: «يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم ، فتزاد [102] على حسنات المظلوم».

قال: فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات؟ قال: «إن لم يكن للظالم حسنات ، فإن للمظلوم سيئات، يؤخذ من سيئات المظلوم ، فتزاد [103] على سيئات الظالم».[104]

1 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي‏ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ) قال: الشهداء: الأئمة (عليهم السلام) ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الحج: (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا- أنتم يا معشر الأئمة- شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)[105].[106]

قوله تعالى:

(وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا- إلى قوله تعالى- فَادْخُلُوها خالِدِينَ 73)

1 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) أي جماعة (حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) أي طابت مواليدكم ، لأنه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد (فَادْخُلُوها خالِدِينَ).[107]

2 - قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن فلانا وفلانا وفلانا غصبونا حقنا ، واشتروا به الإماء وتزوجوا به النساء ، ألا وإنا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل لتطيب مواليدهم».[108]

قوله تعالى:

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ- إلى قوله تعالى- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 74- 75)

 1 - وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ): «يعني أرض الجنة».[109]

2 - وقال علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، قال: حدثنا إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن (عليه السلام قال: «لما حضر علي بن الحسين (عليهما السلام) الوفاة اغمي عليه ثلاث مرات ، فقال في المرة الأخيرة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) ثم مات (عليه السلام)».[110]

3 - قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز وجل: (وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) أي محيطين حول العرش (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) كناية عن أهل الجنة والنار ، وهذا مما لفظه ماض أنه قد كان» ، ومعناه مستقبل أنه يكون [111] ، (وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).[112]

4 - المفيد في (الإختصاص): في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، في سؤال عبد الله بن سلام ، قال (صلى الله عليه وآله): «و أما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش ، وذلك قوله تعالى: (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ)».[113]

5 - ابن شهر آشوب: من أحاديث علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن قتادة في تفسير قوله تعالى: (وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) الآية ، قال أنس: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لما كانت ليلة المعراج نظرت تحت العرش أمامي ، فإذا أنا بعلي بن أبي طالب قائم أمامي تحت العرش ، يسبح الله ويقدسه ، قلت: يا جبرئيل سبقني علي بن أبي طالب؟ قال: لا ، لكني أخبرك يا محمد ، أن الله عز وجل يكثر من الثناء والصلاة على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوق عرشه ، فاشتاق العرش إلى رؤية علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فخلق الله تعالى هذا الملك على صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) تحت عرشه ، لينظر إليه العرش ، فيسكن شوقه ، وجعل تسبيح هذا الملك وتقديسه وتحميده [114] ثوابا لشيعة أهل بيتك ، يا محمد» ، الخبر.[115]

و هذا من طريق المخالفين ، والروايات في خلق الله سبحانه ملكا على صورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) متكثرة من طريق الخاصة والعامة ، ليس هذا موضع ذكرها.

 

المستدرك (سورة الزمر)

قوله تعالى:

(أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ 19)

 1- محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرزاق بن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- وساق الحديث إلى أن قال-: «و ليست تشهد الجوارح على مؤمن ، إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب ، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه».[116]

قول تعالى:

(وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ 61)

1- (تحف العقول): عن الحسن بن علي (عليه السلام)- في حديث- قال: «و أوصاكم بالتقوى ، وجعل التقوى منتهى رضاه ، والتقوى باب كل توبة ، ورأس كل حكمة ، وشرف كل عمل ، بالتقوى فاز من فاز من المتقين ، قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) [117] ، وقال تعالى: (وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ)».[118]

سورة المؤمن‏

فضلها

عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ، قال في الحواميم فضلا كثيرا ، يطول الشرح فيها[119].

1 - ابن بابويه: باسناده ، عن أبي الصباح ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «من قرأ حم المؤمن في كل ليلة ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وألزمه كلمة التقوى ، وجعل الآخرة له خيرا من الدنيا».[120]

2 - ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة لم يقطع الله رجاءه يوم القيامة ، ويعطى ما يعطى الخائفون الذين خافوا الله في الدنيا ومن كتبها وعلقها في حائط بستان اخضر ونما ، وإن كتبت في خانات ، أو دكان ، كثر الخير فيه وكثر البيع والشراء».[121]

3 - وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها وعلقها في بستان أخضر ونما ، وإن تركها في دكان كثر معه البيع والشراء».[122]

4 - وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلا وجعلها في حائط أو بستان كثرت بركته وأخضر وأزهر وصار حسنا في وقته ، وإن تركت في حائط دكان كثر فى البيع والشراء وإن كتبت لإنسان فيه الادرة [123] ، زال عنه ذلك وبرى‏ء».[124]

و قيل: «الأدرة طرف من السوداء ، والله أعلم.

وإن كتبت وعلقت على من به دمامل زال عنه ذلك وكذلك للمفروق [125] يزول عنه الفرق وإذا عجن بمائها دقيق ، ثم يبس حتى يصير بمنزلة الكعك ، ثم يدق دقا ناعما ، ويجعل في إناء ضيق مغطى ، فمن احتاج إليه لوجع في فؤاده أو لمغمى عليه ، أو لمغشي عليه ، أو وجع الكبد أو الطحال ، يستف منه ، برى‏ء بإذن الله تعالى».

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم 1 تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ  2)

1 - ابن بابويه ، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني ، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق ، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري ، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء ، قال: حدثنا جويرية ، عن سفيان بن سعيد الثوري ، عن الصادق (عليه السلام) ، قال له: أخبرني يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن حم وحم عسق [126]؟ قال: «أما حم فمعناه الحميد المجيد ، وأما حم عسق فمعناه الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي».[127]

قوله تعالى:

(غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ- إلى قوله تعالى- فَكَيْفَ كانَ عِقابِ 3- 5)

1 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ) ذلك خاصة لشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ، وقوله: (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ) هم الأئمة (عليهم السلام) (إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ) وهم أصحاب الأنبياء الذين تحزبوا (وَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) يعني يقتلوه (وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ)‏ أي خاصموا (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) أي يبطلوه ويدفعوه(فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ).[128]

قوله تعالى:

(وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً- إلى قوله تعالى- الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ 6- 12)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي رفعه ، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن الله عز وجل ، أين هو؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «هو هاهنا وهاهنا ، وفوق وتحت ، ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله تعالى: (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى‏ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) [129]فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى (وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى)[130]، وذلك قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)[131] فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه ، وليس يخرج من هذه الأربعة شي‏ء خلق [الله‏] في ملكوته ، وهو الملكوت الذي أراه [الله‏] أصفياءه ، وأراه خليله (عليه السلام) ، [فقال‏]: (وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)[132]، وكيف يحمل حملة العرش الله ، وبحياته حييت قلوبهم ، وبنوره اهتدوا إلى معرفته!».[133]

2 - وعنه: عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، فاستأذنته فأذن له فدخل ، فسأله عن الحلال والحرام ، ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «كل محمول مفعول مضاف إلى غيره محتاج ، والمحمول اسم نقص في اللفظ ، والحامل الفاعل ، وهو في اللفظ مدحة ، وكذلك قول القائل فوق وتحت ، وأعلى وأسفل ، وقد قال الله: (وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فَادْعُوهُ بِها) [134]، ولم يقل في كتبه إنه المحمول ، بل قال إنه الحامل في البر والبحر والممسك للسماوات والأرض أن تزولا ، والمحمول ما سوى الله ، ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمه قط قال في دعائه: يا محمول».

قال أبو قرة: [فإنه قال:] (وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [135]، وقال: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ)؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «العرش ليس هو الله ، والعرش اسم علم وقدرة ، والعرش فيه كل شي‏ء ، ثم أضاف الحمل إلى غيره ، خلق من خلقه ، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه ، وهم حملة علمه ، وخلقا يسبحون حول عرشه ، وهم يعملون بعلمه ، وملائكة يكتبون أعمال عباده ، واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته ، والله على العرش استوى ، كما قال ، والعرش ومن يحمله ومن حول العرش ، والله الحامل لهم ، الحافظ لهم ، الممسك القائم على كل نفس ، وفوق كل شي‏ء ، وعلى كل شي‏ء ، ولا يقال محمول ولا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشي‏ء فيفسد اللفظ والمعنى».

قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت: أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه ، أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم ، فيخرون سجدا ، فإذا ذهب الغضب خف ورجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): «أخبرني عن الله تبارك وتعالى ، منذ لعن إبليس إلى يومك هذا ، هو غضبان عليه ، فمتى رضي وهو في صفتك لم يزل غضبانا عليه ، وعلى أوليائه ، وعلى أتباعه؟ كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال ، وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين! سبحانه وتعالى لم يزل مع الزائلين ، ولم يتغير مع المتغيرين ، ولم يتبدل مع المتبدلين ، ومن دونه في يده وتدبيره ، وكلهم إليه محتاج ، وهو غني عمن سواه».[136]

3 - وعنه: عن محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن الصلت ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي بصير ، قال:  قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد ، إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق [من الشجر] في أوان سقوطه ، وذلك قوله عز وجل: (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) والله ما أراد غيركم».[137]

4 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث أبي بصير- قال: «يا أبا محمد ، إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق في أوان سقوطه ، وذلك قول الله عز وجل: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق».[138]

و رواه ابن بابويه بإسناده عن سليمان الديلمي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، وذكر حديث أبي بصير[139].

5 - ابن بابويه ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بالكوفة سنة أربع وخمسين وثلاث مائة ، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي الهمداني ، قال: حدثنا أبو الفضل [140] العباس بن عبد الله البخاري ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد ، عن عبد الله ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا علي ، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا».[141]

6 - محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن الحسين العلوي ، عن محمد بن حاتم ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله عز وجل: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ) ، قال: «يعني محمدا وعليا والحسن والحسين ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى (صلوات الله عليهم أجمعين) ، يعني أن هؤلاء الذين حول العرش».[142]

7 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بإسناده يرفعه ، إلى الأصبغ بن نباتة ، قال: إن عليا (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنزل عليه فضلي من السماء ، وهي هذه الآية (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) ، وما في الأرض يومئذ مؤمن غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا». وهو قوله (عليه السلام): «لقد استغفرت لي الملائكة قبل جميع الناس من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) سبع سنين وثمانية أشهر».[143]

8 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد ، بإسناده يرفعه إلى أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قال علي (عليه السلام): لقد مكثت الملائكة سبع سنين وأشهرا لا يستغفرون إلا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولي ، وفينا نزلت هذه الآية [و التي بعدها] (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، فقال قوم من المنافقين: من أبو علي وذريته الذين أنزلت فيه هذه الآية؟ فقال علي (عليه السلام): «سبحان الله ، أما من آبائنا إبراهيم وإسماعيل؟ أليس هؤلاء آباؤنا؟».[144]

9 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن حسين الأشقر ، عن علي بن هاشم ، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لقد صلت الملائكة علي وعلى علي سنين [145] ، لأنا كنا نصلي وليس أحد معنا غيرنا».[146]

10 - وعنه: عن الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي بصير ، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا محمد ، إن لله ملائكة تسقط الذنوب عن ظهر شيعتنا ، كما تسقط الريح الورق من الشجر أوان سقوطه ، وذلك قوله عز وجل: (وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) ، واستغفارهم والله لكم دون هذا الخلق. يا أبا محمد ، فهل سررتك»؟ قال: فقلت: نعم.[147]

11 - وفي حديث آخر: بالإسناد المذكور: «و ذلك قوله عز وجل: (وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) إلى قوله عز وجل: (عَذابَ الْجَحِيمِ) ، فسبيل الله علي (عليه السلام) ، والذين آمنوا أنتم ، ما أراد غيركم».[148]

12 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حماد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنه سئل: هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ فقال: «و الذي نفسي بيده لعدد الملائكة في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض ، وما في السماء موضع قدم إلا وفيها ملك يسبحه ويقدسه ، ولا في الأرض شجرة ولا مدرة إلا وفيها ملك موكل بها يأتي الله كل يوم بعملها والله أعلم بها ، وما منهم أحد إلا ويتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت ، ويستغفر لمحبينا ويلعن أعداءنا ، ويسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا».[149]

13 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين ومحمد بن عبد الجبار ، جميعا ، عن محمد بن سنان ، عن المنخل بن جميل الرقي ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: «(وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) يعني بني أمية ، قوله تعالى:

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من بعده ، يحملون علم الله وَ مَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني شيعة آل محمد رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا من ولاية فلان وفلان وبني أمية وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ أي ولاية علي ولي الله وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يعني من تولى عليا (عليه السلام) ، فذلك صلاحهم‏ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ يعني يوم القيامة وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لمن نجاه [الله‏] من ولاية فلان وفلان ، ثم قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) يعني إلى ولاية علي (عليه السلام) فَتَكْفُرُونَ».[150]

14 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، رفعه ، قال: «إن الله عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال ، لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها:

قوله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [151] ، فمن أحبه الله لم يعذبه ، وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ، وقوله عز وجل: (وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [152]».[153]

15 - ابن شهر آشوب: عن ابن فياض في (شرح الأخبار) ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: «لقد صلت الملائكة علي وعلى علي بن أبي طالب سبع سنين ، وذلك أنه لم يؤمن بي ذكر قبله ، وذلك قوله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ، وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) [154]».[155]

16 - هارون بن الجهم وجابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا): «من ولاية جماعة وبني امية» (اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ): «آمنوا بولاية علي (عليه السلام) ، وعلي هو السبيل».[156]

17 - شرف الدين النجفي ، قال: روي عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قول الله عز وجل: (وَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) يعني بني أمية ، هم الذين كفروا ، وهم أصحاب النار».

ثم قال: «(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني الرسول والأوصياء (عليهم السلام) من بعده ، يحملون علم‏ الله عز وجل». ثم قال: (وَ مَنْ حَوْلَهُ) يعني الملائكة (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) وهم شيعة آل محمد (عليهم السلام) ، ويقولون: (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) من ولاية هؤلاء وبني أمية (وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) (وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ) والسيئات هم بنو أمية وغيرهم وشيعتهم».

ثم قال: «(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ)». ثم قال: «(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ) بولاية علي (عليه السلام) (وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ) يعني بعلي (عليه السلام) (تُؤْمِنُوا) أي إذا ذكر إمام غيره تؤمنوا [به‏] (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ)».[157]

18 - قال: وروى بعض أصحابنا ، عن جابر بن يزيد ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ) ، قال: «يعني الملائكة (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ...وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) يعني شيعة محمد (صلى الله عليه وآله) وآل محمد (عليهم السلام) (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) من ولاية الطواغيت الثلاثة ومن بني أمية (وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) يعني ولاية علي (عليه السلام) ، وهو السبيل.

و قوله تعالى: (وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ يعني الثلاثة وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) ، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني بني أمية يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) يعني ولاية علي (عليه السلام) ، وهي الإيمان فَتَكْفُرُونَ)».[158]

19 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ- إلى قوله- مِنْ سَبِيلٍ‏) قال: قال الصادق (عليه السلام): «ذلك في الرجعة».[159]

20 - رجعة المعاصر: عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن سلام ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى‏ خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) ، قال: «هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت ، فتجري في القيامة ، فبعدا للقوم الظالمين».[160]

21 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) والكفر هاهنا الجحود ، قال: إذا وحد الله كفرتم ، وإن جعل لله شريكا تؤمنوا.[161]

22 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور،عن جعفر بن بشير ، عن الحكم بن زهير ، عن محمد بن حمدان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) ، يقول: «إذا ذكر الله وحده [162] بولاية من أمر الله بولايته كفرتم ، وإن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا بأن له ولاية».[163]

23 - شرف الدين النجفي ، قال: روى البرقي ، عن عثمان بن أذينة ، عن زيد بن الحسن ، قال سألت: أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ، [فقال‏] «فأجابهم الله تعالى: (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ وأهل الولاية كَفَرْتُمْ بأنه كانت لهم ولاية وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ من ليست له ولاية تُؤْمِنُوا بأن لهم ولاية فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ)».[164]

و قد تقدم عن قريب في السورة السابقة حديث في ذلك [165].

24 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن منصور ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ وأهل الولاية كَفَرْتُمْ)».[166]

قوله تعالى:

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ 13)

1 - علي بن إبراهيم: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ) يعني الأئمة الذين أخبر الله ورسوله بهم.[167]

قوله تعالى:

(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ- إلى قوله تعالى- لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ 15)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: روح القدس ، وهو خاص لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام).[168]

1 - سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ، ومحمد بن الحسين ، وموسى بن عمر بن يزيد الصيقل ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) فقال: «جبرئيل».[169]

و الحديث بتمامه تقدم في أول سورة النحل [170] ، وسيأتي إن شاء الله في ذلك زيادة في قوله تعالى: (وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) من سورة الشورى روايات كثيرة[171].

2 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان ابن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض ، ويوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) [172] ، ويوم التغابن يوم يغبن أهل الجنة أهل النار ، ويوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح».[173]

قوله تعالى:

(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ 16- 17)

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن بكران النقاش (رحمه الله) بالكوفة ، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)- في حديث تفسير حروف المعجم- قال: «فالميم ملك الله [يوم الدين‏] يوم لا مالك غيره ، ويقول الله عز وجل: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، ثم تنطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه ، فيقولون: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ، فيقول جل جلاله: الْيَوْمَ تُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)».[174]

4 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن عبيد بن زرارة ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الخلق ، ومثل ما أماتهم ، وأضعاف‏ ذلك ، ثم أمات أهل السماء الدنيا ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل السماء الثانية ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل السماء الثالثة ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والسماء الثالثة وأضعاف ذلك ، وفي كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك ، ثم أمات ميكائيل ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات جبرئيل ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات إسرافيل ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك وأضعاف ذلك ، ثم يقول الله عز وجل: لمن الملك اليوم؟ فيرد الله على نفسه: لله الواحد القهار ، وأين الجبارون؟ وأين الذين ادعوا معي إلها آخر؟ أين المتكبرون ونحوهم [175]؟ ثم يبعث الخلق».

قال عبيد بن زرارة: فقلت: إن هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال: «أ رأيت ما كان ، هل علمت به؟» فقلت: لا ، فقال: «فكذلك هذا».[176]

3 - الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن عبيد بن زرارة ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا أمات الله أهل الأرض ، أمات أهل السماء الدنيا ، ثم أمات أهل السماء الثانية ، ثم أمات أهل السماء الثالثة ، ثم أمات أهل السماء الرابعة ، ثم أمات أهل السماء الخامسة ، ثم أمات أهل السماء السادسة ، ثم أمات أهل السماء السابعة ، ثم أمات ميكائيل- قال: أو جبرئيل- ثم أمات جبرئيل ، ثم أمات إسرافيل ، ثم أمات ملك الموت ، ثم ينفخ في الصور».

و قال: «ثم يقول الله تبارك وتعالى: لمن الملك اليوم؟ فيرد على نفسه فيقول: لله الخالق البارئ المصور تعالى الله الواحد القهار ، ثم يقول: أين الجبارون؟ أين الذين كانوا يدعون مع الله [177]إلها آخر؟ أين المتكبرون ، ونحو هذا ، ثم يبعث الخلق؟».[178]

قوله تعالى:

(وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ- إلى قوله تعالى- وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ 18- 19)

1 - قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) يعني يوم القيامة (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) قال: مغمومين مكروبين ، ثم قال: (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ) يعني ما ينظر إلى ما يحل له أن يقبل شفاعته ، ثم كنى عز وجل عن نفسه فقال: (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ).[179]

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن عبد الرحمن بن سلمة الجريري ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ، عن قوله عز وجل: (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) ، فقال: «ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشي‏ء وكأنه لا ينظر إليه ، فذلك خائنة الأعين».[180]

قوله تعالى:

(أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ 21)

 1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا إلى قوله: مِنْ واقٍ) أي من دافع.[181]

قوله تعالى:

(وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى‏ وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ 26)

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن إسماعيل بن منصور أبي زياد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول فرعون: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى)‏ من كان يمنعه؟ قال: «منعته رشدته ، ولا يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء إلا أولاد الزنا».[182]

4 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، في (كامل الزيارات): عن محمد بن جعفر القرشي الرزاز ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن بعض رجاله ، عن أبي‏عبد الله (عليه السلام) ، في قول فرعون: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى)‏ فقيل: من كان يمنعه؟ قال: «كان لرشدة [183] ، لأن الأنبياء والحجج لا يقتلهم إلا أولاد البغايا [184]».[185]

ثم ، قال: وحدثني أبي (رحمه الله) ، وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف ، عن محمد بن الحسين بهذا الحديث.

3 - العياشي: عن يونس بن ظبيان ، قال: قال: «إن موسى وهارون ، حين دخلا على فرعون ، لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح ، كانوا ولد نكاح كلهم ، ولو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما. فقالوا: (أَرْجِهْ وَ أَخاهُ)[186] و أمروه بالتأني والنظر» ثم وضع يده على صدره ، قال: «و كذلك نحن لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة».[187]

قوله تعالى:

(وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ 28)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «كان خازن فرعون مؤمنا بموسى ، قد كتم إيمانه ستمائة سنة ، وهو الذي قال الله تعالى: (وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ)».[188]

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، عن الرضا (عليه السلام)- في حديث قال فيه-: «فقول الله عز وجل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: (وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) ، وكان ابن خال فرعون ، فنسبه إلى فرعون بنسبه ، ولم يضفه إليه بدينه».[189]

3 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن سليمان ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى ، وهو يقول: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «فهلك إذن مؤمن آل فرعون ، ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا (عليه السلام) ، فليذهب الحسن يمينا وشمالا ، فو الله ما يوجد العلم إلا هاهنا».[190]

محمد بن الحسن الصفار ، قال: حدثني السندي بن محمد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن سليمان قال:

سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ، مثله[191].

4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن سلمة الأهوازي ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال: حدثنا أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الأنصاري ، قال: حدثنا الحسين [192] بن عبد الله ، عن خالد بن عبد الله [193] الأنصاري ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، يرفعه ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي يقول: (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ) [194]، وحزقيل مؤمن آل فرعون ، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم».[195]

5 - علي بن إبراهيم: قال: كتم إيمانه ست مائة سنة ، وكان مجذوما مكنعا [196] ، وهو الذي قد وقعت أصابعه ، وكان يشير إلى قومه بيده المقطوعة [197] ، ويقول: (يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ)[198].[199]

6 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن يونس بن عمار ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن هذا الذي ظهر بوجهي ، يزعم الناس أن الله لم يبتل به عبدا له فيه حاجة ، قال: فقال لي: «لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الأصابع ، فكان يقول هكذا- ويمد يديه- ويقول: (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) [200]». ثم قال لي: «إذا كان الثلث الأخير من الليل ، في أوله فتوضأ وقم إلى صلاتك التي تصليها ، فإذا كنت في السجدة [الأخيرة] من الركعتين الأوليين ، فقل وأنت ساجد: (يا علي يا عظيم ، يا رحمن يا رحيم ، يا سامع الدعوات ، يا معطي الخيرات صل على محمد وآل محمد ، وأعطني من خير الدنيا والآخرة ما أنت أهله ، واصرف عني من شر الدنيا والآخرة ما أنت أهله ، وأذهب عني هذا الوجع- وتسميه- فإنه قد غاظني وأحزنني) وألح في الدعاء». قال: فما وصلت إلى الكوفة حتى أذهب الله به عني كله.[201]

قوله تعالى:

(وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ 32)

1 - العياشي: عن الزهري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، يقول: «(يَوْمَ التَّنادِ) يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء».[202]

و قد تقدم حديث فيه بذلك في قوله تعالى: (يَوْمَ التَّلاقِ)[203].

قوله تعالى:

(وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا 34)

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبي ، عن أبي سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي ، عن محمد بن آدم النسائي ، عن أبيه آدم بن أبي إياس ، عن المبارك بن فضالة ، عن سعيد بن جبير ، عن سيد العابدين علي بن الحسين ، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي ، عن أبيه سيد الوصيين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لما حضرت يوسف (عليه السلام) الوفاة جمع شيعته وأهل بيته ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم أخبرهم بشدة تنالهم ، يقتل فيها الرجال ، وتشق بطون الحبالى ، وتذبح الأطفال ، حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب ، وهو رجل أسمر طويل ، ووصفه لهم بنعته ، فتمسكوا بذلك ، ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل ، وهم ينتظرون قيام القائم‏ أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته ، ورأوا علامات ظهوره ، اشتدت البلوى عليهم ، وحمل عليهم بالخشب والحجارة ، وطلبوا الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر ، وراسلهم ، وقالوا: كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك فخرج بهم إلى بعض الصحارى ، وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الأمر ، وكانت ليلة قمراء ، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسى (عليه السلام) ، وكان في ذلك الوقت حدث السن ، وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة ، فعدل عن موكبه ، وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز ، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت ، فقام إليه وانكب على قدميه فقبلهما. ثم قال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك ، فلما رآه الشيعة فعل ذلك [204] علموا أنه صاحبهم ، فانكبوا عليه [205] ، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجل الله فرجكم.

ثم غاب بعد ذلك ، وخرج إلى مدينة مدين ، فأقام عند شعيب ما أقام ، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى ، وكانت نيفا وخمسين سنة ، واشتدت البلوى عليهم ، واستتر الفقيه ، فبعثوا إليه: أنه لا صبر لنا على استتارك عنا ، فخرج إلى بعض الصحارى واستدعاهم ، وطيب نفوسهم ، وأعلمهم أن الله عز وجل أوحى إليه أنه مفرج عنهم بعد أربعين سنة فقالوا بأجمعهم: الحمد لله فأوحى الله عز وجل إليه: قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم: الحمد لله فقالوا: كل نعمة فمن الله فأوحى الله إليه: قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة فقالوا: لا يأتي بالخير إلا الله ، فأوحى الله إليه: قل لهم: قد جعلتها عشرا فقالوا: لا يصرف السوء إلا الله فأوحى الله إليه: قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت في فرجكم فبينما هم كذلك ، إذ طلع موسى (عليه السلام) راكبا حمارا ، فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يتبصرون به ، وجاء موسى (عليه السلام) حتى وقف عليهم ، فسلم عليهم ، فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى. قال:

ابن من؟ قال: ابن عمران. قال: ابن من؟ قال: ابن فاهث [206] بن لاوي بن يعقوب. قال: بماذا جئت؟ قال: بالرسالة من عند الله عز وجل. فقام إليه فقبل يده ، ثم جلس بينهم ، فطيب نفوسهم ، وأمرهم أمره ، ثم فرقهم ، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة».[207]

2 - وعنه ، قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما) ، عن سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري ، ومحمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس ، جميعا ، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب ، وهم ثمانون رجلا فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ، ويسومونكم سوء العذاب ، وإنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه موسى بن عمران (عليه السلام) غلام طويل ، جعد ، آدم ، فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران ، ويسمي عمران ابنه موسى- فذكر أبان بن عثمان ، عن أبي الحسين [208] ، عن أبي بصير ، عن أبي‏ جعفر (عليه السلام) ، أنه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل ، كلهم يدعي أنه موسى بن عمران- فبلغ فرعون أنهم يرجفون به ، ويطلبون هذا الغلام ، [و قال له كهنته وسحرته: إن هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام،] الذي يولد العالم في بني إسرائيل ، فوضع القوابل على النساء ، وقال: لا يولد العام غلام إلا ذبح ، ووضع على أم موسى (عليه السلام) قابلة».[209]

و ذكر الحديث بطوله وقد تقدم في أول سورة القصص[210].

3 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الحر حر على جميع أحواله ، إن تأتيه [211] نائبة صبر لها ، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره ، وإن أسر وقهر واستبدل باليسر عسرا ، كما كان يوسف الصديق (صلوات الله عليه) ، لم يضر بحريته أن استعبد وقهر وأسر ، ولم تضره ظلمة الجب ووحشته وما ناله ، أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد أن كان مالكا ، فأرسله ورحم به أمة ، وكذلك الصبر يعقب خيرا ، فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا».[212]

قوله تعالى:

(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ 35)

 1 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) يعني بغير حجة يخاصمون (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ).[213]

قوله تعالى:

(وَ قالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ 36)

 تقدم تفسير ذلك في سورة القصص[214].

قوله تعالى:

(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ 40)

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قيل له: إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت ، فقال: «لعن الله أبا الخطاب ، والله ما قلت له هكذا ، ولكني قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك ، إن الله عز وجل يقول: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) ، ويقول تبارك وتعالى: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) [215]».[216]

2 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن في النار لنارا يتعوذ منها أهل النار ، ما خلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد ، ولكل شيطان مريد ، ولكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ، ولكل ناصب العداوة لآل [217] بيت محمد (صلى الله عليه وآله)».

و قال: «إن أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار ، عليه نعلان من نار وشراكان من نار ، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن في النار أحدا أشد عذابا منه ، وما في النار أهون عذابا منه».[218]

قوله تعالى:

(فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ 45)

3 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن أيوب ابن الحر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) ، فقال: «أما لقد سلطوا [219] عليه وقتلوه ، ولكن أ تدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه».[220]

2 - علي بن إبراهيم: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و الله لقد قطعوه إربا إربا ، ولكن وقاه أن يفتنوه في دينه».[221]

3 - أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) ، أنه قال: «قال بعض المخالفين بحضرت الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة: ما تقول في العشرة من الصحابة؟ قال: أقول فيهم الخير الجميل الذي يحط الله به سيئاتي ويرفع به درجاتي. قال السائل: الحمد لله على ما أنقذني من بغضك ، كنت أظنك رافضيا تبغض الصحابة! فقال: من أبغض ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله ، قال: لعلك تتأول ما تقول في من أبغض العشرة من الصحابة؟ فقال:

من أبغض العشرة من الصحابة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فوثب فقبل رأسه ، وقال: اجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم ، قال: أنت في حل وأنت أخي. ثم انصرف السائل ، وقال له الصادق (عليه السلام): جودت ، لله درك ، لقد عجبت الملائكة في السماوات من حسن توريتك ، وتلفظك بما خلصك الله ، ولم تثلم دينك ، وزاد الله في مخالفينا غما إلى غم ، وحجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في أنفسهم[222].

فقال بعض أصحاب الصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله ، ما عقلنا من كلام هذا إلا موافقة صاحبنا لهذا المتعنت الناصب ، فقال الصادق (عليه السلام): لئن كنتم لم تفهموا ما عنى فقد فهمناه نحن ، وقد شكره الله له ، إن الموالي لأوليائنا ، المعادي لأعدائنا إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه وفقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه ، ويعصمه الله بالتقية ، إن صاحبكم هذا قال: من عاب واحدا منهم ، فعليه لعنة الله ، أي من عاب واحدا منهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وقال في الثانية: من عابهم أو شتمهم فعليه لعنة الله ، وقد صدق ، لأن من عابهم فقد عاب عليا (عليه السلام) لأنه أحدهم ، فإذا لم يعب عليا (عليه السلام) ولم يذمه ، فلم يعبهم ، وإنما عاب بعضهم.

و لقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية. كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله ونبوة موسى ، وتفضيل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جميع رسل الله وخلقه ، وتفضيل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) والخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين وإلى البراءة من ربوبية فرعون ، فوشى به الواشون إلى فرعون ، وقالوا: إن حزقيل يدعو إلى مخالفتك ويعين أعدائك على مضادتك ، فقال لهم فرعون: إنه ابن عمي ، وخليفتي على ملكي [223] ، وولي عهدي ، إن فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره لنعمتي ، وإن كنتم كاذبين فقد استحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مساءته.

فجاء بحزقيل وجاء بهم فكاشفوه ، وقالوا: أنت تجحد ربوبية فرعون الملك وتكفر نعماءه ، فقال حزقيل:

أيها الملك ، هل جربت علي كذبا قط؟ قال: لا ، قال: فسلهم من ربهم؟ قالوا: فرعون. قال: ومن خالقكم؟ قالوا:فرعون هذا. قال: ومن رازقكم ، الكافل لمعايشكم ، والدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا. قال حزقيل: أيها الملك فأشهدك ومن حضرك أن ربهم هو ربي ، وخالقهم هو خالقي ، ورازقهم هو رازقي ، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي ، لا رب لي ولا خالق ولا رازق غير ربهم وخالقهم ورازقهم ، وأشهدك ومن حضرك أن كل رب وخالق ورازق سوى ربهم وخالقهم ورازقهم فأنا بري‏ء منه ومن ربوبيته ، وكافر بإلهيته.

يقول حزقيل هذا وهو يعني أن ربهم هو الله ربي ، ولم يقل: إن الذي قالوا هم إنه ربهم هو ربي ، وخفي هذا المعنى على فرعون ومن حضره وتوهموا أنه يقول: فرعون ربي وخالقي ورازقي ، وقال لهم: يا رجال السوء ، ويا طلاب الفساد في ملكي ، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمي وعضدي ، أنتم المستحقون لعذابي ، لإرادتكم فساد أمري ، وإهلاك ابن عمي ، والفت في عضدي. ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد ، وفي صدره وتد ، وأمر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم ، فذلك ما قال الله تعالى: (فَوَقاهُ اللَّهُ يعني حزقيل سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) وهم الذين وشوا بحزقيل إليه ، لما أوتد فيهم الأوتاد ، ومشط من أبدانهم لحومهم بالأمشاط».[224]

قوله تعالى:

(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ 46)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حكي أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)- في حديث الإسراء-: «ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه ، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الذين [يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي‏] يتخبطه الشيطان من المس ، فإذا هم بسبيل [225] آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا ، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟».[226]

2 - علي بن إبراهيم: قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في قول الله عز وجل: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا)؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما يقول الناس فيها؟» ، فقال: يقولون إنها في نار الخلد وهم [لا] يعذبون فيما بين ذلك ، فقال (عليه السلام): «فهم من السعداء». فقيل له: جعلت فداك ، فكيف هذا؟ فقال:

 «إنما هذا في الدنيا ، وأما في نار الخلد فهو قوله تعالى: (وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)».[227]

3 - الطبرسي: عن نافع ، عن ابن عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة [فمن الجنة] ، وإن كان من أهل النار [فمن النار ، يقال: هذا مقعدك‏] حتى يبعثك الله يوم القيامة». أورده البخاري ومسلم في (الصحيحين).[228]

و قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة ، لأن نار القيامة لا تكون غدوا وعشيا». ثم قال: «إن كانوا إنما يعذبون في النار غدوا وعشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء. لا ، ولكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة ، ألم تسمع قوله عز وجل: (وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)؟».

4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك من الآل؟ قال: «ذرية محمد (صلى الله عليه وآله)». قلت: فمن الأهل؟ قال: «الأئمة (عليهم السلام)». فقلت: قوله عز وجل: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)؟ قال: «و الله ما عنى إلا ابنته».[229]

 

قوله تعالى:

(وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ- إلى قوله تعالى- وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ 47- 50)

 1 - علي بن إبراهيم: ثم ذكر قول أهل النار ، فقال: (وَ إِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) إلى قوله تعالى: (مِنَ النَّارِ) فردوا عليهم ، فقالوا: (إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) ، وقوله تعالى: (وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي في بطلان.[230]

2 - ابن طاوس في (الدروع الواقية) ، قال: ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب (زهد النبي) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وقد نزل عليه جبرئيل ، وهو متغير اللون- وذكر حديثا طويلا ، قال: وفي الحديث-: أن أهل النار إذا دخلوها ورأوا أنكالها وأهوالها ، وعلموا عذابها وعقابها ، ورأوها كما قال زين العابدين (عليه السلام): «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها ، ولا تقدر على التخفيف عمن خشع لها ، واستسلم إليها ، تلقي سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال ، وشديد الوبال». يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم ، ونعيم مقيم ، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم ، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز:(وَ نادى‏ أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)[231]. قال: فيحبس عنهم الجواب إلى أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار والتهوين: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) [232]، قال: فيرون الخزنة عندهم وهم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الأسباب ، كما قال الله جل جلاله:

(وَ قالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) ، قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال (قالُوا فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) ، قال: فإذا يئسوا من خزنة جهنم ، رجعوا إلى مالك مقدم الخزان ، وأملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان ، كما قال الله جل جلاله: (وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) [233] قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ، وهم في العذاب ، ثم يجيبهم ، كما قال الله تعالى في كتابه المكنون: (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [234] قال: فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شي‏ء عندهم في دنياهم ، وكان قد آثر كل واحد منهم عليه هواه مدة الحياة ، وكان قد قرر عندهم [235] بالعقل والنقل أنه واضح [236] لهم على يد الهداة سبل النجاة ، وعرفهم بلسان الحال أنهم الملقون بأنفسهم إلى دار النكال والأهوال ، وأن باب القبول يغلق عن الكفار بالممات أبد الآبدين ، وكان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلفين بلسان الحال الواضح المبين: هب إنكم ما صدقتموني في هذا المقال ، أما تجوزون أن أكون مع الصادقين؟ فكيف أعرضتم عني وشهدتم بتكذيبي وتكذيب من صدقني من المرسلين والمؤمنين؟ فهلا تحرزتم من هذا الضرر المحذر الهائل؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين ، وتكرار الرسائل. ثم كرر جل جلاله مواقفهم وهم في النار ببيان المقال ، فقال: (أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى‏ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ)[237]. قال: فيبقون أربعين سنة في ذل الهوان لا يجابون ، وفي عذاب النيران لا يكلمون ، ثم يجيبهم الله جل جلاله: (اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ) [238] ، قال: فعند ذلك ييأسون من كل فرج وراحة ، وتغلق أبواب جهنم عليهم ، وتدوم لديهم مآتم الهلاك والشهيق والزفير والصراخ والنياحة.[239]

قوله تعالى:

(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ- إلى قوله تعالى- سُوءُ الدَّارِ 51- 52)

 1 - علي بن إبراهيم: هو في الرجعة إذا رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام).[240]

2 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت: قول الله تبارك وتعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) ، قال: «ذلك والله في الرجعة ، أما علمت أن أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا وقتلوا ، وأئمة من بعدهم قوتلوا [241] ولم ينصروا ، وذلك في الرجعة».[242]

3 - سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: قول الله عز وجل: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ)؟ قال: «ذلك والله في الرجعة ، أما علمت أن أنبياء الله تبارك وتعالى كثيرا [243] لم ينصروا في الدنيا وقتلوا ، وأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا ، فذلك في الرجعة».[244]

4 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات) ، قال: حدثني أبي (رحمه الله) ، عن سعد ابن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: تلا هذه الآية: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) ، قال: «الحسين بن علي (عليهما السلام) [منهم‏] ، قتل ولم ينصر بعد» ، ثم قال: «و الله لقد قتل قتلة الحسين (عليه السلام) ولم يطلب بدمه بعد».[245]

5 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) يعني الأئمة (عليهم السلام).[246]

6 - رجعة السيد المعاصر: عن جعفر بن محمد بن مالك ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إسماعيل ، عن علي بن خالد العاقولي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن سليمان بن خالد ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) [247]، قال: «الراجفة: الحسين بن‏ علي (عليهما السلام) ، والرادفة: علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وأول من ينشق عنه القبر وينفض عن رأسه التراب الحسين ابن علي (عليهما السلام) في خمسة وسبعين ألفا ، وهو قوله تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)».[248]

قوله تعالى:

(وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ 60)

1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: إن الله عز وجل يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)؟ قال: «هو الدعاء ، وأفضل العبادة الدعاء».

قلت: (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [249]؟ قال: «الأواه: الدعاء».[250]

2 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «ادع ، ولا تقل: قد فرغ من الأمر ، فإن الدعاء هو العبادة ، إن الله عز وجل يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) وقال تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)».[251]

3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه ، عن رجل ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الدعاء هو العبادة التي قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) الآية ، ادع الله عز وجل ، ولا تقل: إن الأمر قد فرغ منه».[252]

قال زرارة: إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدعاء وتجتهد فيه ، أو كما قال.

4 - الشيخ في (التهذيب): بإسناده ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن معاوية بن عمار ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة ، فتلا هذا القرآن ، فكانت تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ، ثم انصرفا في ساعة واحدة ، أيهما أفضل؟ قال: «كل فيه فضل،كل حسن».

قلت: إني قد علمت أن كلا حسن ، وأن كلا فيه فضل ، فقال: «الدعاء أفضل أما سمعت قول الله عز وجل: (وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) ، هي والله العبادة ، هي والله أفضل ، هي والله أفضل ، أ ليست هي العبادة؟ هي والله العبادة ، هي والله العبادة ، أ ليست هي أشدهن؟ هي والله أشدهن ، هي والله أشدهن».[253]

5 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن المغيرة ، أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن فضل الدعاء بعد الفريضة على الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة».

قال: ثم قال: «ادعه ولا تقل: قد فرغ من الأمر ، فإن الدعاء هو العبادة ، إن الله عز وجل يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)  ، وقال: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)» ، وقال: «أردت أن تدعو الله فمجده واحمده وسبحه وهلله ، وأثن عليه ، وصل على النبي (صلى الله عليه وآله) ، ثم سل تعط».[254]

6 - المفيد في (الاختصاص): عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، قال: قلت للصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله ، ما بال المؤمن إذا دعا ربما [255] استجيب له ، وربما لم يستجب له ، وقد قال الله عز وجل: (وَ قالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ

فقال (عليه السلام): «إن العبد إذا دعا الله تبارك وتعالى بنية صادقة وقلب مخلص ، استجيب له بعد وفائه بعهد الله عز وجل ، وإذا دعا الله بغير نية وإخلاص لم يستجب له ، أ ليس الله تعالى يقول: (أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) [256]؟ فمن وفى وفي له».[257]

7 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما فلا أجدهما ، قال: «و ما هما؟» قلت: قول الله عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، فندعوه ولا نرى إجابة! قال: «أفترى الله عز وجل أخلف وعده؟» قلت:

لا. قال: «فبما ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «و لكني أخبرك ، من أطاع الله عز وجل فيما أمره من دعائه من جهة الدعاء أجابه». قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: «تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ، ثم تشكره ، ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) ، ثم تذكر ذنوبك فتعترف بها ، ثم تستعيذ منها ، فهذا جهة الدعاء».ثم قال: «و ما الآية الاخرى؟» قلت: قول الله عز وجل: (وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [258]، وإني أنفق ولا أرى خلفا! قال: «أفترى الله عز وجل أخلف وعده؟» فقلت: لا. قال: «فمم ذلك؟» قلت: لا أدري. قال: «لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله ، لم ينفق درهما إلا أخلف عليه».[259]

8 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ابن عيينة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الله تبارك وتعالى ليمن على عبده المؤمن يوم القيامة ، فيأمره أن يدنو منه- يعني من رحمته- فيدنو حتى يضع كفه عليه ، ثم يعرفه ما أنعم به عليه ، يقول: ألم تكن تدعوني يوم كذا وكذا ، فأجبت دعوتك؟ ألم تسألني يوم كذا وكذا ، وأعطيتك مسألتك؟ ألم تستغث بي يوم كذا وكذا ، فأغثتك؟ ألم تسألني كشف ضر كذا وكذا ، فكشفت عنك ضرك ، ورحمت صوتك؟ ألم تسألني مالا ، فملكتك؟ ألم تستخدمني ، فأخدمتك؟

ألم تسألني أن أزوجك فلانة وهي منيعة عند أهلها ، فزوجتكها؟

قال: فيقول العبد: بلى يا رب ، أعطيتني كل ما سألتك ، وكنت يا رب أسألك الجنة ، فيقول الله له: فإني منعم لك بما سألتنيه الجنة لك مباحا ، أرضيت؟ فيقول المؤمن: نعم يا رب أرضيتني وقد رضيت. فيقول الله: عبدي كنت أرضى أعمالك ، وأنا أرضي لك أحسن الجزاء ، فإن أفضل جزاء عندي أن أسكنك الجنة. وهو قوله تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)».[260]

9 - محمد بن العباس: قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن النعمان ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز وجل لم يكلنا إلى أنفسنا ، ولو وكلنا إلى أنفسنا لكنا كبعض الناس ، ولكن نحن الذين قال الله عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)».[261]

قوله تعالى:

(هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 65)

1 - علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، رفعه ، قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فسأله عن مسائل ، ثم عاد ليسأل عن مثلها ، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام):

 «مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون [262] ، ولما عملتم بما علمتم ، فإن العالم إذا لم يعمل به ، لم يزدد بعلمه من الله إلا بعدا».

ثم قال: «عليك بالقرآن ، فإن الله خلق الجنة بيده ، لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها [263] المسك ، وترابها الزعفران ، وحصاها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق ومن دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه ، ما خلا النبيين والصديقين».

و قال له الرجل: فما الزهد؟ قال: «الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الرضا ، ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) [264]».

فقال الرجل: لا إله إلا الله. وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «و أنا أقول لا إله إلا الله ، فإذا قال: أحدكم لا إله إلا الله ، فليقل: الحمد لله رب العالمين. فإن الله يقول: (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)».[265]

2 - الشيخ في (مجالسه) ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري إملاء من أصل كتابه ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الصمد بن مزاحم الهروي سنة إحدى وستين ومائتين ، قال: حدثنا خالي أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي ، قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء ، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله ، فلما صار إلى المرتعة تعلقوا بلجام بغلته ، وقالوا: يا ابن رسول الله ، حدثنا بحق آبائك الطاهرين ، حدثنا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين. فأخرج رأسه من الهودج ، وعليه مطرف خز ، فقال: «حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين سيد شباب أهل الجنة ، عن أبيه أمير المؤمنين ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين ، عن الله تقدست أسماؤه ، وجل وجهه ، قال: إني أنا الله ، لا إله إلا أنا وحدي ، عبادي فاعبدوني ، وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله مخلصا بها ، أنه قد دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن عذابي».

قالوا: يا ابن رسول الله ، وما إخلاص الشهادة لله؟ قال: «طاعة الله ورسوله ، وولاية أهل بيته (عليهم السلام)».[266]

3 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن أحمد ابن محمد ، جميعا ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي الحسن السواق ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «يا أبان ، إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا ، وجبت له الجنة».

قال: قلت له: إنه يأتيني من كل صنف ، أ فأروي لهم هذا الحديث؟ قال: «نعم. يا أبان ، إذا كان يوم القيامة ، وجمع الله الأولين والآخرين ، فتسلب لا إله إلا الله منهم ، إلا من كان على هذا الأمر».[267]

 

قوله تعالى:

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 67)

 1 - علي بن إبراهيم: فإنه محكم.[268]

قوله تعالى:

(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا- إلى قوله تعالى- كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ 70- 74)

2 - علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا)- إلى قوله تعالى- (كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ) فقد سماهم الله كافرين [269] مشركين بأن كذبوا بالكتاب ، وقد أرسل الله رسله بالكتاب ، وبتأويل الكتاب ، فمن كذب بالكتاب ، أو كذب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب ، فهو مشرك[270].[271]

3 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام): إن الناس‏ يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة ، فكيف هو ، وهو يقبل من المغرب ، وتصب فيه العيون والأودية؟

قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «و أنا أسمع أن لله جنة خلقها في المغرب ، وماء فراتكم يخرج منها ، وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء ، وتسقط على ثمارها ، وتأكل منها ، وتتنعم فيها ، وتتلاقى وتتعارف ، فإذا طلع الفجر هاجت من الحنة ، فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض ، تطهير ذاهبة وجائية ، وتعهد حفرها إذا طلعت الشمس ، وتتلاقى في الهواء وتتعارف».

قال: «و إن لله نارا في المشرق ، وخلقها ليسكنها أرواح الكفار ، ويأكلون من زقومها ، ويشربون من حميمها ليلهم ، فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن ، يقال له: برهوت ، أشد حرا من نيران الدنيا ، كانوا فيها يتلاقون ويتعارفون ، فإذا كان المساء عادوا إلى النار ، فهم كذلك إلى يوم القيامة».

قال: قلت: أصلحك الله ، فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) من المسلمين المذنبين ، الذين يموتون وليس لهم إمام ، ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرتهم لا يخرجون منها ، فمن كان له عمل صالح ، ولم تظهر منهم عداوة ، فإنه يخد له خدا إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب ، فيدخل عليه منها الروح إلى حفرته إلى يوم القيامة ، فيلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته ، فإما إلى الجنة ، وإما إلى النار ، فهؤلاء موقوفون لأمر الله».

قال: «و كذلك يفعل الله بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم ، فأما النصاب من أهل القبلة ، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله في المشرق ، فيدخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ، ثم مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون ، ثم قيل لهم: أين ما كنتم تشركون [272] من دون الله؟ أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».[273]

3 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك ، ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) [من المسلمين‏] المذنبين ، الذين يموتون وليس لهم إمام ، ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال: «أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها ، فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة ، فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله بالمغرب ، فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته ، فإما إلى الجنة ، وإما إلى النار ، وهؤلاء الموقوفون لأمر الله».

قال: «و كذلك يفعل الله بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين [الذين لم يبلغوا الحلم‏] ، وأما النصاب من أهل القبلة ، فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله بالمشرق ، فيدخل عليهم اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ، ثم بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم في النار يسجرون ، ثم قيل لهم: أين ما كنتم تشركون من دون الله؟ أي أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما؟».[274]

قوله تعالى:

(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ- إلى قوله تعالى- فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ 75- 77)

 1 - علي بن إبراهيم: ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه وآله): (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ).[275]

2 - ثم‏ قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الفرح والمرح والخيلاء ، كل ذلك في الشرك والعمل في الأرض بالمعصية».[276]

قوله تعالى:

(يُرِيكُمْ آياتِهِ‏- إلى قوله تعالى- وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ 81- 82)

 3 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (يُرِيكُمْ آياتِهِ) يعني أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) في الرجعة ، قوله تعالى: (وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ) يقول: أعمالا في الأرض.[277]

4 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «كان ما بين آدم ونوح من الأنبياء مستخفين ، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن ، فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء (صلوات الله عليهم) ، وهو قول الله عز وجل: (وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) [278]».[279]

قوله تعالى:

(فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ 84‏ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا 85)

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الهمداني ، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله عز وجل فرعون ، وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ قال: «لأنه آمن عند رؤية البأس والإيمان عند رؤية البأس غير مقبول ، ذلك حكم الله تعالى في السلف والخلف ، قال الله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا)».[280]

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن جعفر بن رزق الله- أو رجل ، عن جعفر بن رزق الله- قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني ، فجر بامرأة مسلمة ، فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم ، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم إيمانه شركه وفعله ، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم: يفعل به كذا وكذا ، فأمر [المتوكل‏] بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث (صلوات الله عليه) ، سؤاله عن ذلك ، فلما قرأ الكتاب كتب: «يضرب حتى يموت». فأنكر يحيى بن أكثم ، وأنكر فقهاء العسكر ذلك ، وقالوا: يا أمير المؤمنين ، سل عن هذه ، فإنه شي‏ء لم ينطق به كتاب ، ولم تجي‏ء به سنة ، فكتب إليه: إن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا ، وقالوا: لم تجي‏ء به سنة ، ولم ينطق به كتاب فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب: «(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَلَمَّا رَأَوْا [281] بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ)» قال: فأمر به المتوكل فضرب حتى مات.[282]

سورة فصلت‏

سورة فصلت‏

فضلها

1 - ابن بابويه: بإسناده ، عن أبي المغرا ، عن ذريح المحاربي ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من قرأ حم السجدة كانت له نورا يوم القيامة مد بصره وسرورا ، وعاش في الدنيا محمودا مغبوطا».[283]

2 - ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعطاه الله بعدد حروفها عشر حسنات ومن كتبها في إناء وغسله ، وعجن به عجينا ثم سحقه ، وأسفه كل من به وجع الفؤاد ، زال عنه وبرى‏ء بإذن الله تعالى».[284]

3 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها في إناء وغسلها بماء ، وعجن بها عجينا ويبسه ، ثم يسحقه ، وأسفه كل من به وجع الفؤاد زال عنه وبرى‏ء».[285]

4 - وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها في إناء ومحاها بماء المطر ، وسحق بذلك الماء كحلا ، وتكحل به من في عينه بياض أو رمد ، زال عنه ذلك الوجع ، ولم يرمد بها أبدا ، وإن تعذر الكحل فليغسل عينيه بذلك الماء ، يزول عنه الرمد بإذن الله تعالى».[286]

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم1 تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 2)

مر تفسيرها في سورة حم المؤمن[287].

 

قوله تعالى:

(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ- إلى قوله تعالى- وَ اسْتَغْفِرُوهُ 3- 6)

 1 - علي بن إبراهيم: أي بين حلالها وحرامها وأحكامها وسننها بَشِيراً (وَ نَذِيراً) أي يبشر المؤمنين ، وينذر الظالمين (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) يعني عن القرآن (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) ، قال: في غشاوة ، (مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) أي تدعونا إلى ما لا نفهمه ولا نعقله فقال الله: قُلْ لهم يا محمد (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) أي أجيبوه (وَ اسْتَغْفِرُوهُ).[288]

2 - الشيخ الفاضل عمر بن إبراهيم الأوسي: قال: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لما نزلت سورة الشعراء في آخرها آية الإنذار (وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [289] أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال: يا علي،اطبخ ولو كراع شاة ، ولو صاعا من طعام وقعبا من لبن ، واعمد إلى قريش. قال: فدعوتهم واجتمعوا أربعين بطلا بزيادة ، وكان فيهم أبو طالب وحمزة والعباس ، فحضرت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله) معمولا ، فوضعته بين أيديهم ، فضحكوا استهزاء ، فأدخل إصبعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأربعة جوانب الجفنة ، فقال: كلوا وقولوا: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال أبو جهل: يا محمد ، ما نأكل ، وأحدنا يأكل الشاة مع أربعة أصوع من الطعام! فقال: كل وأرني أكلك. فأكلوا حتى تملؤوا ، وأيم الله ما يرى أثر أكل أحدهم ، ولا نقص الزاد ، فصاح بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلوا. فقالوا: ومن يقدر على أكثر من هذا؟ فقال: ارفعه يا علي. فرفعته ، فدنا منهم محمد (صلى الله عليه وآله) ، وقال: يا قوم اعملوا أن الله ربي وربكم. فصاح أبو لهب ، وقال: قوموا إن محمدا سحركم.

فقاموا ومضوا فاستعقبهم علي بن أبي طالب ، وأراد أن يبطش بهم ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يا علي ، ادن مني. فتركهم ودنا منه ، فقال له: أمرنا بالإنذار لا بذات الفقار ، لأن له وقتا ، ولكن اعمل لنا من الطعام مثل ما عملت ، وادع لي من دعيت ، فلما أتى غد ، فعلت ما بالأمس فعلت.

فلما اجتمعوا وأكلوا كما أكلوا. قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به من أمر الدنيا والآخرة. قيل: فقال أبو جهل: قد شغلنا أمر محمد ، فلو قابلتموه برجل مثله يعرف السحر والكهانة ، لكنا استرحنا. فقطع كلامه عتبة بن ربيعة ، وقال: والله إني لبصير بما ذكرته. فقال: لم لا تباحثه؟ قال: حاشا أن كان به ما ذكرت ، فقال له: يا محمد ، أنت خير أم هاشم؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم علي بن أبي طالب ، دامغ الجبابرة ، قاصم أصلاب أكبرهم؟ فلم تضل آبائنا وتشتم آلهتنا ، فإن كنت تريد الرئاسة عقدنا لك أولويتها ، وكن رئيسا لنا ما بقيت وإن كان بك الباه زوجناك عشرة نسوة من أكبرنا. وإن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك أنت وعقبك من بعدك ، فما تقول؟

فقال (صلى الله عليه وآله): (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم ، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) إلى آخر الآية ، فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، فأمسك عتبة على فيه ، ورجع فناشده بالله اسكت ، فسكت ، وقام ومضى ، فقام من كان حاضرا خلفه فلم يلحقوه ، فدخل ولم يخرج أبدا ، فغدوه قريش ، فقال أبو جهل: قوموا بنا إليه. فدخلوا وجلسوا. فقال أبو جهل: يا عتبة ، محمد سحرك. فقام قائما على قدميه ، وقال: يا لكع الرجال ، والله لو لم تكن ببيتي لقتلتك شر قتلة ، يا ويلك. قلت: محمد ساحر كاهن شاعر ، سرنا إليه ، سمعناه تكلم بكلام من رب السماء ، فحلفته وأمسك ، وقد سميتموه الصادق الأمين ، هل رأيتم منه كذبة؟ ولكني لو تركته يتمم ما قرأ لحل بكم العذاب والذهاب».[290]

3 - محمد بن العباس في (تفسيره) ، قال: حدثنا علي بن محمد بن مخلد الدهان ، عن الحسن بن علي بن أحمد العلوي ، قال: بلغني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لداود الرقي: «أيكم ينال السماء؟ فو الله إن أرواحنا وأرواح النبيين لتنال العرش كل ليلة جمعة. يا داود ، قرأ أبي محمد بن علي (عليه السلام) حم السجدة حتى بلغ‏ (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) ، ثم قال: نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن الإمام بعده علي (عليه السلام) ، ثم قرأ (عليه السلام): (حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ حتى بلغ فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ عن ولاية علي فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ)».[291]

قوله تعالى:

(وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ- إلى قوله تعالى- بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ 6 - 7)

 1 - علي بن إبراهيم ، قوله تعالى: (وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) وهم الذين أقروا بالإسلام وأشركوا بالأعمال ، وهو قوله تعالى: (وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ) [292] يعني بالأعمال إذا أمروا بأمر عملوا خلاف ما قال الله ، فسماهم الله مشركين ، ثم قال تعالى: (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) يعني من لم يدفع الزكاة فهو كافر.[293]

2 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب ، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبان أ ترى أن الله عز وجل طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول: (وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ)».

قلت له: كيف ذلك جعلت فداك ، فسره لي؟ فقال: «و ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول ، وهم بالأئمة الآخرين كافرون ، يا أبان ، إنما دعا الله العباد إلى الإيمان به ، فإذا آمنوا بالله ورسوله افترض عليهم الفرائض».[294]

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثني الحسين بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبان بن تغلب ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) وقد تلا هذه الآية: «يا أبان ، هل ترى الله سبحانه طلب من المشركين زكاة أموالهم ، وهم يعبدون معه إلها غيره؟».

قال: قلت: فمن هم؟ قال: «ويل للمشركين الذين أشركوا بالإمام الأول ، ولم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول ، وهم به كافرون».[295]

4 - قال: وروى أحمد بن محمد بن سيار ، بإسناده إلى أبان بن تغلب ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):

  «ويل للمشركين الذين أشركوا مع الإمام الأول غيره ، ولم يردوا إلى الآخر ما قال فيه الأول ، وهم به كافرون».[296]

قال شرف الدين النجفي عقيب هذا الحديث: فمعنى الزكاة هاهنا: زكاة الأنفس ، وهي طهارتها من الشرك المشار إليه ، وقد وصف الله سبحانه المشركين بالنجاسة ، يقول: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [297]، ومن أشرك بالإمام فقد أشرك بالنبي (صلى الله عليه وآله) ومن أشرك بالنبي (صلى الله عليه وآله) فقد أشرك بالله.

و قوله تعالى: (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) أي أعمال الزكاة وهي ولاية أهل البيت (عليهم السلام) ، لأن بها تزكى الأعمال يوم القيامة.

قوله تعالى:

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ 8- 14)

 1 - علي بن إبراهيم: ثم ذكر الله عز وجل المؤمنين فقال: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي بلا من من الله عليهم بما يأجرهم به ، ثم خاطب الله نبيه فقال: قل- لهم يا محمد- (أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ومعنى يومين أي وقتين: ابتداء الخلق وانقضاؤه (وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) أي لا يزول ولا يفنى [298] (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) يعني في أربعة أوقات ، وهي التي يخرج الله فيها أقوات العالم ، من الناس والبهائم والطير وحشرات والأرض وما في البر والبحر من الخلق والثمار والنبات والشجر وما يكون فيه معاش الحيوان كله ، وهو الربيع والصيف والخريف والشتاء.

ففي الشتاء يرسل الله الرياح والأمطار والأنداء والطلول من السماء فيسقي [299] الأرض والشجر ، وهو وقت بارد ، ثم يجي‏ء بعده الربيع وهو وقت الخريف ومعتدل حار وبارد ، فيخرج الشجر ثماره ، والأرض نباتها ، فيكون أخضر ضعيفا ثم يجي‏ء من بعده وقت الصيف [و هو حار] ، فينضج الثمار ، ويصلب الحبوب التي هي أقوات العباد وجميع الحيوان ، ثم يجي‏ء من بعده وقت الخريف فيطيبه ويبرده ، ولو كان الوقت كله شيئا واحدا ، لم يخرج النبات من الأرض ، لأن الوقت لو كان كله ربيعا لم تنضج الثمار ولم تبلغ الحبوب ، ولو كان الوقت كله صيفا لاحترق كل شي‏ء في الأرض ، ولم يكن للحيوان معاش ولا قوت ، ولو كان الوقت كله خريفا ، ولم يتقدمه شي‏ء من هذه‏ الأوقات ، لم يكن شي‏ء يتقوت به العالم ، فجعل الله هذه الأقوات في هذه الأربعة أوقات: في الشتاء والربيع والصيف والخريف ، وقام به العالم واستوى وبقي ، وسمى [الله‏] هذه الأوقات أياما سواء للسائلين. يعني المحتاجين ، لأن كل محتاج سائل ، وفي العالم من خلق الله من لا يسأل ولا يقدر عليه من الحيوان كثير ، فهم سائلون ، وإن لم يسألوا.

و قوله: (ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ) أي دبر وخلق وقد سئل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) عمن كلم الله لا من الجن ولا من الإنس ، فقال: «السماوات والأرض ، في قوله تعالى: (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)». (فَقَضاهُنَّ أي خلقهن سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) يعني في وقتين ابتداء وانقضاء (وَ أَوْحى‏ فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) فهذا وحي تقدير وتدبير (وَ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ يعني بالنجوم وَ حِفْظاً) يعني من الشياطين أن تخرق السماء.[300]

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشر قبل الخير ، وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء ، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة ، وذلك قول الله عز وجل: (خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [301]».[302]

3 - علي بن إبراهيم ، قوله تعالى: (فَإِنْ أَعْرَضُوا) يا محمد (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ) وهم قريش ، وهو معطوف على قوله تعالى: (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) [303]، وقوله تعالى: (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) يعني نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى والنبيين ومن خلفهم أنت قالُوا (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً لم يبعث بشرا مثلنا فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).[304]

قوله تعالى:

(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ 16)

 4 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً): «و الصرصر: الريح الباردة (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) أي أيام مياشيم».[305]

قوله تعالى:

(لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا 16)

1 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثني علي بن الحسن التيملي ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن مختار ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله عز وجل: (عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ما هو؟ فقال: «و أي خزي أخزى- يا أبا بصير- من أن يكون الرجل في بيته ، وحجلته على خوانه [306] وسط عياله ، إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا ، فيقول الناس: ما هذا؟ فيقال: مسخ فلان الساعة».

فقلت: قبل [قيام‏] القائم أو بعده؟ قال: «لا ، بل قبله».[307]

قوله تعالى:

(وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏- إلى قوله تعالى- فَهُمْ يُوزَعُونَ 17- 19)

2 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ابن ميمون ، عن حمزة بن محمد الطيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) [308]، قال: «حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه ، وقال تعالى: (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها) [309]، قال: بين لها ما تأتي وما تترك ، وقال تعالى: (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً) [310]، قال: عرفناه إما آخذا وإما تاركا ، وقال تعالى: (وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى) ، قال:عرفناهم ، فاستحبوا العمى على الهدى ، وهم يعرفون». وفي رواية: «بينا لهم».[311]

و رواه ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد ابن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن حمزة بن الطيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، مثله[312].

2 - أبو الحسن الثالث ، علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ، قال: «إن الهداية منه: التعريف ، كقوله تعالى: (وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏)».[313]

3 - شرف الدين النجفي ، قال: روى علي بن محمد ، عن أبي جميلة ، عن الحلبي. ورواه علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل أبي العباس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قوله تعالى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) [314]، قال: «ثمود رهط من الشيعة ، فإن الله سبحانه يقول: (وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ) وهو السيف إذا قام القائم (عليه السلام)».[315]

4 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ ، ولم يقل: استحب الله ، كما زعمت المجبرة أن الأعمال [316] أحدثها الله لنا (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) يعني ما فعلوه. وقوله: (وَ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي يجيئون من كل ناحية.[317]

قوله تعالى:

(حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا- إلى قوله تعالى- فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ 20- 23)

1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث ، قال فيه-: «ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية ، فقال: (وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ) يعني [بالجلود]: الفروج والأفخاذ».[318]

 

2 - علي بن إبراهيم: إنها نزلت في قوم تعرض عليهم أعمالهم فينكرونها ، فيقولون: ما عملنا منها شيئا ، فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم.

قال: قال الصادق (عليه السلام): «فيقولون لله: يا رب ، هؤلاء ملائكتك يشهدون لك ، ثم يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئا ، وهو قول الله تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) [319]، وهم الذين غصبوا أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم ، وينطق جوارحهم ، فيشهد السمع بما سمع مما حرم الله ، ويشهد البصر بما نظر إلى ما حرم الله ، وتشهد اليدان بما أخذتا ، وتشهد الرجلان بما سعتا فيما حرم الله ، ويشهد الفرج بما ارتكب مما حرم الله ، ثم أنطق الله ألسنتهم فيقولون: (لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) أي من الله (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ) والجلود: الفروج (وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ)».[320]

3 - الطبرسي ، قال الصادق (عليه السلام): «ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار ، ويرجوه رجاء كأنه من أهل الجنة ، إن الله تعالى يقول: (ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ) الآية». ثم قال: «إن الله عند ظن عبده به ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر».[321]

4 - علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حديث يرويه الناس في من يؤمر به آخر الناس إلى النار ، فقال: «أما إنه ليس كما يقولون ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت ، فيقول الجبار: ردوه. فيردونه ، فيقول له: لم التفت إلي؟ فيقول: يا رب ، لم يكن ظني بك هذا. فيقول: وما كان ظنك بي؟ فيقول: يا رب ، كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي ، وتسكنني جنتك. قال: فيقول الجبار: يا ملائكتي ، لا وعزتي وجلالي وآلائي وعلوي وارتفاع مكاني ، ما ظن بي عبدي هذا ساعة من خير قط ، ولو ظن بي ساعة من خير ما روعته بالنار ، أجيزوا له كذبه ، وأدخلوه الجنة.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس من عبد يظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به ، وذلك قوله تعالى: (وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ)».[322]

5 - حسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): حديث يرويه الناس- وذكر الحديث إلا أن في آخر الحديث-: «ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس من عبد ظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به ، ولا ظن به سوء إلا كان عند ظنه به ، وذلك قوله‏ تعالى: (وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ)».[323]

6 - الشيخ في (أماليه) ، قال: حدثنا محمد بن محمد ، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل ، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب ، قال: حدثنا أبو العيناء ، قال: حدثني محمد ابن مسعر ، قال: كنت عند سفيان بن عيينة ، فجاءه رجل ، فقال له: روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «إن العبد إذا أذنب ذنبا ، ثم علم أن الله عز وجل يطلع عليه غفر له».[324]

فقال ابن عيينة: هذا في كتاب الله عز وجل ، قال الله تعالى: (وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) [فإذا كان الظن هو المردي ، كان ضده هو المنجي‏].

قوله تعالى:

(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ- إلى قوله تعالى- جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ 24- 28)

1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) أي يخسروا ويحشروا [325] (وَ إِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) أي لا يجابوا إلى ذلك ، قوله تعالى: (وَ قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) يعني الشياطين من الجن والإنس الأردياء (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أي ما كانوا يفعلون (وَ ما خَلْفَهُمْ) أي ما يقال لهم إنه يكون خلفكم كله باطل وكذب (وَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) والعذاب. وقوله تعالى: (وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) أي تصيرونه سخرية ولغوا.[326]

2 - محمد بن العباس: قال: حدثنا علي بن أسباط ، عن علي بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنه قال: «قال الله عز وجل: (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بتركهم ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) (عَذاباً شَدِيداً) في الدنيا(وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) في الآخرة (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) والآيات: الأئمة (عليهم السلام)».[327]

قوله تعالى:

(وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ- إلى قوله تعالى- نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ 29- 32)

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن أحمد القمي ، عن عمه عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن حسين الجمال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى:

(رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) ، قال: «هما ، وكان فلان شيطانا».[328]

2 - وعنه: بهذا الإسناد ، عن يونس ، عن سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) ، قال: «يا سورة هما ، والله هما- ثلاثا- والله يا سورة ، إنا لخزان علم الله في السماء ، وإنا لخزان علم الله في الأرض».[329]

3 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات) ، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد البصري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث طويل يصف فيه حال قنفذ وصاحبه يوم القيامة-: «فيؤتيان هو وصاحبه ، فيضربان بسياط من نار ، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا ، فيضربان بها ، ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله مع الرابع ، ويذهب [330] الثلاثة في جب ، فيطبق عليهم ، لا يراهم أحد ولا يرون أحدا ، فيقول الذين كانوا في ولايتهم: (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) ، قال الله عز وجل: (وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [331]».[332]

4 - الطبرسي ، في قوله تعالى: رَبَّنا (أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) يعنون إبليس الأبالسة ، وقابيل بن آدم أول من أبدع المعصية ، روي ذلك عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).[333]

5 - علي بن إبراهيم ، قال: قال العالم: «من الجن إبليس الذي دل[334] على قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دار الندوة ، وأضل الناس بالمعاصي ، وجاء بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى فلان وبايعه ، ومن الإنس فلان (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)».

ثم ذكر أمير المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) ، قال: على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قوله تعالى: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) ، قال: عند الموت: (أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، قال: كنا نحرسكم من الشياطين (وَ فِي الْآخِرَةِ) أي عند الموت (وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) يعني في الجنة (نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ).[335]

6 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ما يموت موال لنا ، مبغض لأعدائنا ، إلا ويحضره رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) ، فيسرونه [336] ويبشرونه ، وإن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوءه ، والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لحارث الهمداني:

         يا حار همدان من يمت يرني             من مؤمن أو منافق قبلا»[337]

7 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسين بن عثمان ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «استقاموا على الأئمة واحدا بعد واحد (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)».[338]

8 - محمد بن الحسن الصفار: عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن الحسن بن علي ، قال: حدثنا عبد الله بن سهل الأشعري ، عن أبيه ، عن أبي اليسع ، قال: دخل حمران بن أعين على أبي جعفر (عليه السلام) ، فقال له: جعلت فداك ، يبلغنا أن الملائكة تنزل عليكم؟ قال: «إي والله ، لتنزل علينا ، فتطأ بسطنا [339] ، أما تقرأ كتاب الله تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)».[340]

9 - سعد بن عبد الله القمي: عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا) ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) وتجري فيمن استقام من شيعتنا ، وسلم لأمرنا ، وكتم حديثنا عن عدونا ، تستقبله الملائكة بالبشرى من الله بالجنة ، وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الذين استقاموا ، وسلموا لأمرنا ، وكتموا حديثنا ، ولم يذيعوه عند عدونا ، ولم يشكوا فيه كما شككتم ، واستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة».[341]

10 - محمد بن العباس ، قال: حدثني محمد بن الحسين بن حميد ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ) يقول: «استكملوا طاعة الله وطاعة رسوله وولاية آل محمد (عليهم السلام): (ثُمَّ اسْتَقامُوا [عليها] تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ يوم القيامة أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فأولئك الذين إذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون تتلقاهم الملائكة ويقولون لهم: لا تخافوا ولا تحزنوا نحن كنا معكم في الحياة الدنيا ، لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة ، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون».[342]

11 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) الآية ، قال: «استقاموا على الأئمة (عليهم السلام) واحدا بعد واحد».[343]

12 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) ، قال: «هو والله ما أنتم عليه وهو قوله تعالى: (وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) [344]».

قلت: متى تتنزل عليهم الملائكة بأن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة؟ فقال: «عند الموت ويوم القيامة».[345]

13 - الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة ، لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه ، وظهور ملك الموت له ، وذلك أن‏ ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته ، وعظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله وعياله ، وما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله ، وقد بقيت [في‏] نفسه حزازتها ، وانقطعت آماله [346] فلم ينلها.

فيقول له ملك الموت: ما لك تجرع غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي وانقطاعي دون آمالي ، فيقول له ملك الموت: وهل يجزع عاقل من فقد درهم زائف ، وقد اعتاض عنه بألف ألف ضعف الدنيا؟ [فيقول: لا.] فيقول له ملك الموت: فانظر فوقك. فينظر ، فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني ، فيقول له ملك الموت: هذه منازلك ونعمك وأموالك وعيالك ومن كان من ذريتك صالحا فهو هناك معك ، أ فترضى به بدلا مما هاهنا؟ فيقول: بلى والله.

ثم يقول ملك الموت: انظر. [فينظر] فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما في أعلى عليين ، فيقول له: أو تراهم هؤلاء ساداتك وأئمتك ، هم هنا جلاسك وأناسك ، أ فما ترضى بهم بدلا مما تفارق هاهنا؟ فيقول: بلى وربي. فذلك ما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا) فما أمامكم من الأهوال فقد كفيتموه ، ولا تحزنوا على ما تخلفونه من الذراري والعيال والأموال ، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم (وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) هذه منازلكم وهؤلاء أناسكم وجلاسكم (و نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)‏».[347]

14 - الطبرسي: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): « [يعني‏] عند الموت».[348]

15 - قال: وروى محمد بن الفضيل ، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستقامة؟ فقال: «هي والله ما أنتم عليه».[349]

قوله تعالى:

(وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ 33)

1 - العياشي: عن جابر ، قال: قلت لمحمد بن علي (عليه السلام) ، قول الله في كتابه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا)[350]؟ قال: «هما ، والثالث والرابع وعبد الرحمن وطلحة ، وكانوا سبعة عشر رجلا».

قال: «لما وجه النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وعمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة ، [قالوا: بعث هذا الصبي ، ولو بعث غيره- يا حذيفة- إلى أهل مكة.] وفي مكة صناديدها؟ وكانوا يسمون عليا (عليه السلام) الصبي ، لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي ، لقول الله: (وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وهو صبي وَ قالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)».[351]

و في الحديث زيادة تقدمت في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) في سورة النساء[352].

2 - ابن شهر آشوب: عن ابن عباس ، عن النبي (صلى الله عليه وآله): «أن عليا باب الهدى بعدي ، والداعي إلى ربي ، وهو صالح المؤمنين (وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً) الآية».[353]

و قد تقدم حديث في معنى الآية ، في قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا) من آخر سورة آل عمران[354].

قوله تعالى:

(وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ- إلى قوله تعالى- ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ 34- 35)

1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ) ، قال: «الحسنة: التقية ، والسيئة: الإذاعة».

و قوله عز وجل: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [355]، قال: «التي هي أحسن ، التقية (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)».[356]

أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبيعبد الله (عليه السلام) ، مثله[357].

2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي ، قال: حدثنا محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أمرت بالتقية ، فسار بها عشرا حتى أمر أن يصدع بما امر ، وأمر بها علي ، فسار بها حتى أمر أن يصدع بها ، ثم أمر الأئمة بعضهم بعضا فساروا بها ، فإذا قام قائمنا سقطت التقية وجرد السيف ، ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلا بالسيف».[358]

3 - وعنه ، قال: حدثنا الصالح الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن فضيل ، عن العبد الصالح (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ) ، فقال: «نحن الحسنة ، وبنو امية السيئة».[359]

4 - وعنه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: حدثنا أبي ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) ، قال: «صافح عدوك وإن كره ، فإنه مما أمر الله عز وجل به عباده ، يقول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيئة فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ما تكافئ عدوك بشي‏ء أشد من أن تطيع الله فيه ، وحسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله عز وجل في الدنيا».[360]

5 - شرف الدين النجفي: قال علي بن إبراهيم (رحمه الله) في (تفسيره): قال أبو جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ): «إن الحسنة: التقية ، والسيئة: الإذاعة».[361]

6 - وقال علي بن إبراهيم: ثم أدب الله نبيه (صلى الله عليه وآله) فقال تعالى: (وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، فقال: ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك ، حتى يكون الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ، ثم قال تعالى: (وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).[362]

7 - المفيد في (الاختصاص): عن حريز ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تعالى: (وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ) ، قال: «الحسنة: التقية ، والسيئة: الإذاعة (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)».[363]

قوله تعالى:

(وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ 36- 44)

 1 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) أي إن عرض بقلبك نزغ من الشيطان فاستعذ بالله ، والمخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والمعنى للناس. ثم احتج على الدهرية ، فقال:

(وَ مِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) أي ساكنة هامدة (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى‏ إِنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا يعني ينكرون لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) ثم استفهم عز وجل على المجاز ، فقال تعالى: (أَ فَمَنْ يُلْقى‏ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ، وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ يعني بالقرآن لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ).[364]

2 - الطبرسي: عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) ، في قوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) الآية: «معناه أنه ليس في إخباره عما مضى باطل ، ولا في إخباره عما يكون في المستقبل باطل ، بل أخباره كلها موافقة لمخبراتها».[365]

3 - علي بن إبراهيم: ثم قال تعالى: (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ يا محمد وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) ، قال: عذاب أليم ، ثم قال تعالى: (وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ) ، قال: لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا: لو لا انزل لنا بالعربية ، فقال الله تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ) أي بيان [366] (وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) أي صمم (وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ).[367]

4 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ): «يعني القرآن لا (يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ)». قال: «لا يأتيه الباطل من قبل التوراة ، ولا من قبل الإنجيل والزبور ، وأما (مِنْ خَلْفِهِ) لا يأتيه من بعده كتاب يبطله».[368]

قوله تعالى: (لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ) ، قال: «لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا: كيف نتعلمه، ولساننا عربي ، وأتيتنا بقرآن أعجمي؟ فأحب [الله‏] أن ينزله بلسانهم ، وقد قال الله عز وجل: (وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) [369]».

قوله تعالى:

(وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ- إلى قوله تعالى- وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ 45- 51)

1 - ابن بابويه: بإسناده ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال: سألته عن الله تعالى: هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال: «بل يخيرهم ويمهلهم حتى يتوبوا». قلت: فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟ فقال: «و كيف يفعل ذلك؟ وهو يقول: (وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)».

ثم قال (عليه السلام): «حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام) ، أنه قال: من زعم أن الله تعالى يجبر عباده على المعاصي ، و[370] يكلفهم ما لا يطيقون ، فلا تأكلوا ذبيحته ، ولا تقبلوا شهادته ، ولا تصلوا وراءه ، ولا تعطوه من الزكاة شيئا».[371]

2 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ) فيقول: (أَيْنَ شُرَكائِي): يعني ما كانوا يعبدون من دون الله (قالُوا آذَنَّاكَ) أي أعلمناك (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَ ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أي علموا أنه لا محيص لهم ولا ملجأ ولا مفر.

وقوله تعالى: (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) [أي‏] لا يمل ولا يعيى أن يدعو لنفسه بالخير (وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) أي يائس من روح الله وفرجه ، ثم قال تعالى: (وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى‏ بِجانِبِهِ) أي يتجبر[372] ويتعظم ويستحقر من هو دونه (وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) يعني الفقر والمرض والشدة (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) أي يكثر الدعاء.[373]

3 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن‏ عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) ، قال: «اختلفوا كما اختلفت هذه الامة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم لما يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم ويضرب أعناقهم».[374]

قوله تعالى:

(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ- إلى قوله تعالى- بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ 53- 54)

1 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد البصري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبد الله بن بكر الأرجاني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: «يقول الله تعالى:

(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ) فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟».[375]

2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، عن القاسم بن إسماعيل الأنباري ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن إبراهيم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [قال: «في الآفاق: انتقاص الأطراف عليهم ، وفي أنفسهم: بالمسخ حتى يتبين لهم أنه الحق‏] أي أنه القائم (عليه السلام)».[376]

3 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا أحمد بن يوسف ابن يعقوب ، من كتابه ، قال: حدثنا إسماعيل بن مهران ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، ووهيب ، عن أبي بصير ، قال: سئل أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عن تفسير قوله عز وجل: (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، فقال (عليه السلام): «يريهم في أنفسهم المسخ ، ويريهم في الآفاق انتقاص [377] الآفاق عليهم ، فيرون قدرة الله في أنفسهم وفي الآفاق ، وقوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) يعني بذلك خروج القائم ، وهو الحق من الله عز وجل ، يراه هذا الخلق لا بد منه».[378]

4 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون،عن الطيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، قال: «خسف ومسخ ، وقذف» ، قال: قلت: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ) قال: «دع ذا ، ذاك قيام القائم (عليه السلام)».[379]

 

5 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) فمعنى في الآفاق: الكسوف والزلزال وما يعرض في السماء من الآيات ، وأما في أنفسهم: فمرة بالجوع ، ومرة بالعطش ، ومرة يشبع ، ومرة يروى ، ومرة يمرض ، ومرة يصح ، ومرة يستغني ، ومرة يفتقر ، ومرة يرضى ، ومرة يسخط [380] ، ومرة يغضب ، ومرة يخاف ، ومرة يأمن ، فهذا من عظيم دلالة الله على التوحيد ، قال الشاعر:

         وفي كل شي‏ء له آية             تدل على أنه واحد

 ثم أرهب عباده بلطيف عظمته فقال تعالى: (أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ)- يا محمد- (أَنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ) ، ثم قال تعالى: (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ كناية عن الله بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ).[381]

المستدرك (سورة فصلت)

قوله تعالى:

(فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً 15)

 1- ابن بابويه: بإسناده عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) ، قال: «لما بعث الله عز وجل هودا ، أسلم له العقب من ولد سام ، وأما الآخرون فقالوا: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) فأهلكوا بالريح العقيم ، وأوصاهم هود وبشرهم بصالح (عليه السلام)».[382]

 2- نهج البلاغة: من خطبة له (عليه السلام) قال: «و اتعظوا فيها بالذين قالوا: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا ، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا ، وجعل لهم من الصفيح أجنان ، ومن التراب أكفان ، ومن الرفات جيران».[383]

سورة الشورى‏

سورة الشورى‏

فضلها

1 - ابن بابويه: بإسناده عن سيف بن عميرة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من قرأ (حم عسق) بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالثلج ، أو كالشمس ، حتى يقف بين يدي الله عز وجل ، فيقول: عبدي أدمت قراءة (حم عسق) ولم تدر ما ثوابها؟ أما لو دريت ما هي وما ثوابها؟ لما مللت قراءتها ، ولكن سأجزيك جزاءك ، أدخلوه الجنة وله فيها قصر من ياقوتة حمراء ، أبوابها وشرفها ودرجها منها ، ويرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، وله حوراء من الحور العين ، وألف جارية وألف غلام من الولدان المخلدين ، الذين وصفهم الله عز وجل».[384]

2 - ومن (خواص القرآن): روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «من قرأ هذه السورة صلت عليه الملائكة ، وترحموا عليه بعد موته ومن كتبها بماء المطر ، وسحق بذلك الماء كحلا ، واكتحل به من بعينه بياض قلعه ، وزال عنه كل ما كان عارضا في عينه من الآلام بإذن الله تعالى».[385]

3 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها بعجين مكي وماء المطر ، وسحق به كحلا ، ويكحل منه ، فإن كان في عينه بياض زال عنه ، وكل ألم في العين يزول».[386]

4 - وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها وعلقها عليه أمن من الناس ، ومن شربها فى سفر أمن».[387]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم عسق- إلى قوله تعالى- الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 1-( 3

حم عسق تقدم تفسيرها في سورة المؤمن[388].

1 - علي بن إبراهيم: هو حرف من اسم الله الأعظم المقطوع ، يؤلفه الرسول و الإمام[389] ، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب ، ثم قال: ( كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).[390]

2 - علي بن إبراهيم: حدثنا أحمد بن علي ، وأحمد بن إدريس ، قالا: حدثنا محمد بن أحمد العلوي ، عن العمركي ، عن محمد بن جمهور ، قال: حدثنا سليمان بن سماعة ، عن عبد الله بن القاسم ، عن يحيى بن ميسرة الخثعمي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «حم عسق عدد سني القائم ، وق[391]: جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر ، وخضرة السماء من ذلك الجبل ، وعلم كل شي‏ء في عسق».[392]

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن يوسف بن كليب المسعودي ، عن عمرو بن عبد الغفار الفقيمي ، عن محمد بن الحكم بن المختار ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال: حم اسم من أسماء الله عز وجل ، وعسق علم علي (عليه السلام) بفسق كل جماعة ونفاق كل فرقة.[393]

4 - تأويل آخر: بحذف الإسناد ، يرفعه إلى محمد بن جمهور ، عن السكوني ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «حم حتم ، و(عين) عذاب ، و(سين) سنون كسني يوسف (عليه السلام) ، و(قاف) قذف (وخسف‏) ومسخ يكون في آخر الزمان بالسفياني وأصحابه ، وناس من كلب ثلاثون ألف[394] يخرجون معه ، وذلك حين يخرج القائم (عليه السلام) بمكة ، وهو مهدي هذه الامة».[395]

قوله تعالى:

(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ- إلى قوله تعالى- وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ 5)

 1- علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، قال: للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة ، ولفظ الآية عام ومعناه خاص.[396]

2 - وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ): «أي يتصدعن». [397]

قوله تعالى:

( لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَمَنْ حَوْلَها 7)

3 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن أبي عبد الله البرقي ، عن جعفر بن محمد الصوفي ، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا (عليه السلام) ، فقلت له: يا ابن رسول الله ، لم سمي النبي الأمي- وذكر الحديث إلى أن قال فيه-: «وإنما سمي الامي لأنه من أهل مكة ، ومكة من أمهات القرى ، وذلك قول الله تعالى في كتابه: (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَمَنْ حَوْلَها)».[398]

وقد مضت الروايات في سورة الأنعام[399] ، وستأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الجمعة[400]».

2 - علي بن إبراهيم ، قال: أم القرى مكة ، سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض ، لقوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً)[401]. [402]

قوله تعالى:

(وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ- إلى قوله تعالى- ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ 7- 8)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني الحسين بن عبد الله السكيني ، عن أبي سعيد البجلي ، عن عبد الملك بن هارون ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «لما بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر معاوية وأنه في مائة ألف ، قال: من أي القوم؟ قالوا: من أهل الشام. قال (عليه السلام): لا تقولوا من أهل الشام ، ولكن قولوا من أهل الشؤم ، هم من أبناء مضر لعنوا على لسان داود ، فجعل الله منهم القردة والخنازير.

ثم كتب (عليه السلام) إلى معاوية: لا تقتل الناس بيني وبينك ، ولكن هلم إلى المبارزة ، فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت ، وتستريح الناس منك ومن ضلالتك ، و إن قتلتني فأنا إلى الجنة ، ويغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك وخديعتك وبدعتك ، وأنا الذي ذكر الله اسمي في التوراة والإنجيل بموازرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأنا أول من بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الشجرة ، في قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )[403].

فلما قرأ معاوية كتابه وعنده جلساؤه ، قالوا: والله لقد أنصفك. فقال معاوية: و الله ما أنصفني ، والله لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي ، والله ما أنا من رجاله ، ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: والله يا علي ، لو بارزك أهل المشرق والمغرب لتقتلهم أجمعين. فقال له رجل من القوم: فما يحملك يا معاوية ، على قتال من تعلم وتخبر فيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تخبر وما أنت ونحن في قتاله إلا على ضلالة. فقال معاوية: إنما هذا بلاغ من الله ورسالاته ، والله ما أستطيع أنا وأصحابي رد ذلك ، حتى يكون ما هو كائن.

قال: وبلغ ذلك ملك الروم ، وأخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك ، فسأل: من أين خرجا؟ فقيل له: رجل بالكوفة ورجل بالشام. قال: فلمن الملك الآن؟ قال: فأمر وزراءه ، وقال: تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي؟ فأتي برجلين من تجار الشام ، ورجلين من تجار مكة ، فسألهم عن صفتهما ، فوصفوهما له ، ثم قال لخزان بيوت خزائنه: أخرجوا إلي الأصنام. فأخرجوها ، فنظر إليها ، فقال: الشامي ضال ، والكوفي هاد ، ثم كتب إلى معاوية: أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك وكتب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام): أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك ، فأسمع منهما ، ثم أنظر في الإنجيل كتابنا ، ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر وخشي على ملكه ، فبعث معاوية بيزيد ابنه ، وبعث أمير المؤمنين الحسن ابنه (عليهما السلام).

فلما دخل يزيد على الملك ، أخذ بيده وقبلها ، ثم قبل رأسه ، ثم دخل الحسن بن علي (عليهما السلام) ، فقال: الحمد لله الذي لم يجعلني يهوديا ، ولا نصرانيا ، ولا مجوسيا ، ولا عابدا للشمس ولا للقمر  ولا لصنم ولا لبقر ، وجعلني حنيفا مسلما ، ولم يجعلني من المشركين ، تبارك الله رب العرش العظيم ، ثم جلس ، لا يرفع بصره ، فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين أخرجهما ، ثم فرق بينهما ، ثم بعث إلى يزيد فأحضره ، ثم أخرج من خزائنه ثلاث مائة وثلاثة عشرة صندوقا ، فيها تماثيل الأنبياء (عليهم السلام) ، وقد زينت بزينة كل نبي مرسل ، فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه ، ثم عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا ، ولا يجيب عنها بشي‏ء ، ثم سأله عن أرزاق الخلائق ، وعن أرواح المؤمنين ، أين تجتمع؟ وعن أرواح الكفار ، أين تكون إذا ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئا.

ثم دعا الملك الحسن بن علي (عليهما السلام) ، فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية لكي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم ، ويعلم أبوك ما لا يعلم أبوه ، فقد وصف لي أبوك وأبوه ، ونظرت في الإنجيل ، فرأيت فيه محمدا رسول الله ، والوزير عليا ، ونظرت في الأوصياء ، فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله.

فقال له الحسن (عليه السلام): سلني عما بدا لك مما تجده في الإنجيل ، وعما في التوراة ، وعما في القرآن ، أخبرك به ، إن شاء الله تعالى. فدعا الملك بالأصنام ، فأول صنم عرض عليه في صفة[404] القمر ، فقال الحسن (عليه السلام): هذه صفة آدم أبي البشر. ثم عرض عليه آخر في صفة الشمس. فقال الحسن (عليه السلام): هذه صفة حواء أم البشر. ثم عرض عليه آخر في صفة حسنة. فقال: هذه صفة شيث بن آدم (عليه السلام) ، وكان أول من بعث ، وبلغ (عمره‏) في الدنيا ألف سنة وأربعين عاما. ثم عرض عليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة ، وكان عمره ألفا وأربع مائة سنة ، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. ثم عرض عليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة إبراهيم (عليه السلام) ، عريض الصدر ، طويل الجبهة. ثم عرض عليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة إسرائيل وهو يعقوب. ثم عرض عليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة إسماعيل. ثم أخرج إليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق. ثم أخرج إليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة موسى بن عمران ، و كان عمره مائتين وأربعين سنة ، وكان بينه وبين إبراهيم خمس مائة عام ، ثم أخرج إليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة داود صاحب المحراب[405] ، ثم أخرج إليه صنم آخر ، فقال: هذه صفة شعيب. ثم زكريا ، ثم يحيى ، ثم عيسى بن مريم روح الله وكلمته ، وكان عمره في الدنيا ثلاثة وثلاثين سنة ، ثم رفعه الله إلى السماء ، ويهبط إلى الأرض بدمشق ، وهو الذي يقتل الدجال.

ثم عرضت عليه صنما صنما ، فيخبر باسم نبي نبي ، ثم عرض عليه الأوصياء والوزراء ، فكان يخبر باسم وصي وصي ، ووزير وزير. ثم عرض عليه أصنام بصفة الملوك. فقال الحسن (عليه السلام): هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة ، ولا في الإنجيل ، ولا في الزبور ، ولا في القرآن[406] ، فلعلها من صفة الملوك. فقال الملك: أشهد عليكم ، يا أهل بيت محمد ، أنكم قد أعطيتم علم الأولين والآخرين ، وعلم التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، وصحف إبراهيم ، وألواح موسى.

ثم عرض عليه صنم يلوح ، فلما رآه الحسن بكى بكاء شديدا ، فقال له الملك: ما يبكيك؟ فقال: هذه صفة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كثيف اللحية ، عريض الصدر ، طويل العنق ، عريض الجبهة ، أقنى الأنف ، أفلج[407] الأسنان ، حسن الوجه قطط الشعر ، طيب الريح ، حسن الكلام ، فصيح اللسان ، كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، بلغ عمره ثلاثا وستين سنة ، ولم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وكان يتختم بيمينه ، وخلف سيف ذي الفقار ، وقضيبه ، وجبة صوف ، وكساء صوف ، وكان يتسرول به ، لم يقطعه ولم يخطه حتى لحق بالله ، فقال الملك: إنا نجد في الإنجيل أن يكون له ما يتصدق به على سبطيه ، فهل كان ذلك؟ فقال الحسن (عليه السلام): قد كان ذلك. فقال الملك: فبقي لكم ذلك؟ فقال: لا ، فقال الملك: أول فتنة هذه الامة غلبها أباكما ، وهما الأول و الثاني ، على ملك نبيكم ، و اختيار هذه الامة على ذرية نبيهم ، منكم القائم بالحق ، والآمر بالمعروف ، و الناهي عن المنكر.

قال: ثم سأل الملك الحسن بن علي (عليهما السلام) عن سبعة أشياء خلقها ، لم تركض في رحم. فقال الحسن (عليه السلام): أول هذه آدم ، ثم حواء ، ثم كبش إبراهيم ، ثم ناقة صالح ، ثم إبليس الملعون ، ثم الحية ، ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن.

قال: وسأله عن أرزاق الخلائق ، فقال الحسن (عليه السلام): أرزاق الخلائق في السماء الرابعة ، منها ينزل بقدر ويبسط بقدر.

ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا؟ قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة ، وهو عرش الله الأدنى ، منها يبسط الله الأرض ، و إليه يطويها ، ومنها المحشر ، ومنها استوى ربنا إلى السماء أي استولى على السماء والملائكة.

ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع؟ قال: تجتمع في وادي حضرموت ، وراء مدينة اليمن ، ثم يبعث الله‏ نارا من المشرق ونارا من المغرب ، ويتبعهما بريحين شديدتين ، فيبعث الناس عند صخرة بيت المقدس ، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ، ويزلف المتقين وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة ، وفيها الفلق والسجين ، فتفرق الخلائق عند الصخرة ، فمن وجبت له الجنة دخلها ، و من وجبت له النار دخلها ، وذلك قوله تعالى: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ). فلما أخبر الحسن (عليه السلام) بصفة ما عرض عليه من الأصنام و تفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية ، فقال: أشعرت أن ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أووصي مؤازر ، قد أكرمه الله بمؤازرة نبيه أوعترة نبي مصطفى ، وغيره فقد طبع الله على قلبه ، وآثر دنياه على آخرته ، وهواه على دينه وهو من الظالمين؟ قال: فسكت يزيد وخمد.

قال: فأحسن الملك جائزة الحسن وأكرمه وقال له: ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك ، فإن حلاوة الملك قد حالت بيني وبين ذلك ، فأظنه شقاء مرديا وعذابا أليما.

قال: فرجع يزيد إلى معاوية ، وكتب إليه الملك كتابا: أن من آتاه الله العلم بعد نبيكم ، وحكم بالتوراة وما فيها ، والإنجيل وما فيه ، والزبور وما فيه ، و القرآن[408] وما فيه ، فالحق والخلافة له. وكتب إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن الحق والخلافة لك ، وبيت النبوة فيك وفي ولدك ، فقاتل من قاتلك ، فإن من قاتلك يعذبه الله بيدك ثم يخلده نار جهنم ، فإن من قاتلك نجده عندنا في الإنجيل أن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وعليه لعنة أهل السماوات والأرضين».[409]

2 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) ، قال: لو شاء الله يجعلهم كلهم معصومين مثل الملائكة بلا طباع ، لقدر عليه ، (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ)  لآل محمد (صلى الله عليه وآله) حقهم (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِير).[410]

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن العباس ، عن حسن بن محمد ، عن عباد بن يعقوب ، عن عمرو بن جبير ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، في قوله تعالى: (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) ، قال: «الرحمة: ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) (وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)». [411]

قوله تعالى:

(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى‏ وَهُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ- إلى قوله تعالى- أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ 9- 18)

 

1 - ابن شهر آشوب: من كتاب العلوي البصري: أن جماعة من اليمن أتوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: نحن بقايا الملك المقدم[412] من آل نوح ، وكان لنبينا وصي اسمه سام ، وأخبر في كتابه ، أن لكل نبي معجزة ، وله وصي يقوم مقامه ، فمن وصيك؟ فأشار بيده نحو علي (عليه السلام) ، فقالوا: يا محمد ، إن سألناه أن يرينا سام بن نوح ، فيفعل؟ فقال (صلى الله عليه وآله): «نعم ، بإذن الله» وقال: «يا علي ، قم معهم إلى داخل المسجد فصل ركعتين ، واضرب برجلك الأرض عند المحراب».

فذهب علي ،  بأيديهم صحف ، إلى أن بلغ[413] محراب رسول الله (صلى الله عليه وآله) داخل المسجد ، فصلى ركعتين ، ثم قام فضرب برجله على الأرض فانشقت الأرض وظهر لحد وتابوت ، فقام من التابوت شيخ يتلألأ وجهه مثل القمر ليلة البدر ، وينفض التراب من رأسه ، وله لحية إلى سرته ، وصلى على علي (عليه السلام) ، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، سيد المرسلين ، وأنك علي وصي محمد ، سيد الوصيين ، أنا سام بن نوح.

فنشروا أولئك صحفهم ، فوجدوه كما وصفوه في الصحف ، ثم قالوا: نريد أن يقرأ من صحفه سورة. فأخذ في قراءته حتى تمم السورة ، ثم سلم على علي ، و نام كما كان ، فانضمت الأرض ، وقالوا بأسرهم: إن الدين عند الله الإسلام. و آمنوا ، فأنزل الله تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى)‏ إلى قوله:

(أُنِيبُ).[414]

2 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) يعني وما اختلفتم فيه من المذاهب ، واخترتم لأنفسكم من الأديان ، فحكم ذلك كله إلى الله يوم القيامة.

وقوله: (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني النساء وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) يعني ذكورا وإناثا[415] (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) يعني النسل الذي يكون من الذكور والإناث. ثم رد على من وصل الله فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).[416]

3 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن عبد الله بن جندب ، أنه كتب إليه الرضا (عليه السلام): «أما بعد ، فإن محمدا (صلى الله عليه وآله) كان أمين الله في خلقه ، فلما قبض (صلى الله عليه وآله) كنا أهل البيت ورثته ، فنحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب، ومولد الإسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق ، و إن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ، ويدخلون مدخلنا ، ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم.

نحن النجباء و النجاة ، ونحن أفراط الأنبياء ، والأوصياء[417] ، ونحن المخصوصون في كتاب الله عز وجل ، ونحن أولى الناس بكتاب الله ، ونحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ونحن الذين شرع لنا دينه ، فقال في كتابه: (شَرَعَ لَكُمْ) يا آل محمد (مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) قد وصانا بما وصى به نوحا (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ وَ عِيسى)‏ فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم ، نحن ورثة أولي العزم من الرسل (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) يا آل محمد (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) وكونوا على جماعة (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) من أشرك بولاية علي (ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ولاية علي ، إن الله يا محمد (يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».[418]

4 - محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، قال: كتب أبو الحسن الرضا (عليه السلام) رسالة(وأقرأنيها) ، قال‏: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن محمدا (صلى الله عليه وآله) كان أمين الله في أرضه ، فلما قبض محمد (صلى الله عليه وآله) كنا أهل البيت ورثته ، فنحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب ، ومولد الإسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا.

نحن النجباء ، وأفراطنا أفراط الأنبياء ، ونحن أبناء الأوصياء ، و نحن المخصوصون في كتاب الله ،(ونحن أولى الناس بالله‏) ، ونحن أولى الناس بكتاب الله ، ونحن أولى الناس بدين الله ، ونحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه: (شَرَعَ لَكُمْ) يا آل محمد (مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) وقد وصانا بما وصى به نوحا (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وإسماعيل وَمُوسى‏ وَِيسى‏ وإسحاق ويعقوب) ، فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ، ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ورثة أولي العزم من الرسل (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) يا آل محمد (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) وكونوا على جماعة (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) (من أشرك‏) بولاية علي (عليه السلام) (ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ولاية علي ، إن الله يا محمد (يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».[419]

5 - (وعنه: عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد العزيز بن المهتدي،) عن عبد الله بن جندب ، عن الرضا (عليه السلام) (في حديث‏) قال: «نحن النجباء ، ونحن أفراط الأنبياء ، ونحن أولاد[420] الأوصياء ، ونحن المخصوصون في كتاب الله ، ونحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه و آله) ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه ، فقال في كتابه: في المصدر: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ وَعِيسى)‏ قد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ، ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ورثة أولي العزم من الرسل والأنبياء (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) كما قال: (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) من أشرك بولاية علي (ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ولاية علي ، (إن اللَّهُ) يا محمد (يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».[421]

6 - سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن النضر بن شعيب ، عن عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الله عز وجل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): ولقد وصيناك بما وصينا به آدم و نوحا وإبراهيم والنبيين من قبلك (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من تولية[422] علي بن أبي طالب (عليه السلام)». قال (عليه السلام): «إن الله عز وجل أخذ ميثاق كل نبي ، وكل مؤمن ليؤمنن بمحمد و علي ، وبكل نبي ، وبالولاية ، ثم قال لمحمد (صلى الله عليه وآله): (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)[423] ، يعني آدم ونوحا وكل نبي بعده».[424]

7 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا القاسم بن محمد ابن الحسن بن حازم ، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري ، قال: حدثنا عبد الله بن جبلة ، عن عمران بن قطن ، عن زيد الشحام ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): هل كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعرف الأئمة (عليهم السلام)؟ قال: «قد كان نوح (عليه السلام) يعرفهم ، الشاهد على ذلك قول الله عز وجل في كتابه: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ وَعِيسى)‏». قال: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) يا معشر الشيعة (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً)».[425]

8 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني ، عن إدريس بن زياد الحناط ، عن أحمد ابن عبد الرحمان الخراساني ، عن يزيد[426]بن إبراهيم ، عن أبي حبيب النباجي ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه محمد ، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) ، قال في تفسير هذه الآية: «نحن الذين شرع الله لنا دينه في كتابه ، وذلك قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ) يا آل محمد (مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ وَعِيسى‏ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) يا آل محمد (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من‏ ولاية علي (عليه السلام) (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) أي من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)»[427].

9 - و عنه ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن عبد الله بن جعفر ، عن عبد الله القصباني ، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران ، قال: كتب أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إلى عبد الله بن جندب رسالة ، وأقرأنيها: «قال علي بن الحسين (عليهما السلام): (نحن أولى الناس بالله عز وجل‏) ، ونحن أولى الناس بكتاب الله ، ونحن أولى الناس بدين الله ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه ، فقال في كتابه: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) يا آل محمد (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) فقد وصانا بما وصى به نوحا (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وَمُوسى‏ وَعِيسى)‏ فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا ، فنحن ورثة الأنبياء ، ونحن ورثة أولي العزم من الرسل (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) يا آل محمد (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) وكونوا على جماعة (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ولاية علي (عليه السلام) ، (إن اللَّهُ) يا محمد (يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام)».[428]

10 - علي بن إبراهيم ، قال: قوله تعالى: ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ وَعِيسى‏ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) أي تعلموا الدين ، يعني التوحيد ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، و السنن والأحكام التي في الكتب ، والإقرار بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (أي لا تختلفوا فيه‏) (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ذكر هذه الشرائع.

ثم قال: (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ‏) أي يختار (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ‏) وهم الأئمة الذين اجتباهم الله واختارهم ، قال: (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ‏) قال: لم يتفرقوا بجهل ، ولكنهم تفرقوا لما جاءهم العلم وعرفوه ، وحسد بعضهم بعضا ، وبغى بعضهم على بعض ، لما رأوا من تفضيل[429] أمير المؤمنين (عليه السلام) بأمر الله ، فتفرقوا في المذاهب ، وأخذوا بالآراء و الأهواء.

ثم قال عز وجل: (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) ، قال: لو لا أن الله قدر ذلك أن يكون في التقدير الأول لقضي بينهم إذا اختلفوا ، وأهلكهم ولم ينظرهم ، ولكن أخرهم إلى أجل مسمى مقدر.

(وَاِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) عنى[430] الذين نقضوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم قال: ( فَلِذلِكَ فَادْعُ) يعني هذه الأمور ، والذي تقدم ذكره ، وموالاة أمير المؤمنين (عليه السلام) (وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ).[431]

11 - علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن علي بن مهزيار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي‏ عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تعالى: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) ، قال: «الإمام (وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) كناية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ثم قال: (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ولاية علي (عليه السلام) (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) كناية عن علي (عليه السلام) (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) ، ثم قال: (فَلِذلِكَ فَادْعُ) يعني إلى ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ فيه وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ) إلى قوله: (وَإِلَيْهِ الْمَصِير) ».[432]

12 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن سنان ، عن الرضا (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: «(كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ) بولاية علي (ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) يا محمد من ولاية علي ، هكذا في الكتاب محفوظ»[433]».[434]

13 - نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم: ثم قال عز وجل: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ) أي يحتجون على الله بعد ما شاء (الله‏) أن يبعث إليهم الرسل (والكتب‏) ، فبعث الله إليهم الرسل والكتب فغيروا وبدلوا ، ثم يحتجون يوم القيامة على الله (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ أي باطلة عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ).

ثم قال عز وجل: (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ)[435] ، قال: الميزان: أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والدليل على ذلك قوله في سورة الرحمن: (وَ السَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) يعني الإمام.

وقوله تعالى: (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) بِها كناية عن القيامة فإنهم كانوا يقولون لرسول الله (صلى الله عليه وآله): أقم لنا الساعة وائتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين ، قال الله: (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ) أي يخاصمون. [436]

قوله تعالى:

(اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ- إلى قوله تعالى- مِنْ نَصِيبٍ 19- 20)

1 - ابن بابويه: عن علي بن محمد ، مسندا عن الرضا (عليه السلام):- في معنى بعض أسماء الله تعالى- قال (عليه السلام): «وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة[437] وصغر ، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أن‏ يدرك ، كقولك للرجل: لطف عني هذا الأمر ، ولطف فلان في مذهبه ، وقوله يخبرك: أنه غمض فبهر العقل ، وفات الطلب ، وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم ، وكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد يوصف[438] واللطافة منا الصغر والقلة ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى».[439]

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن الحسين بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».

قلت: (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) ، فقال: «معرفة أمير المؤمنين و الأئمة (عليهم السلام)». (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)  قال: «نزيده منها» ، قال: «يستوفي نصيبه من دولتهم» (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ). قال: «ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب».[440]

2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الآخرة ، وقد يجمعهما (الله‏) لأقوام».[441]

قوله تعالى:

(وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ- إلى قوله تعالى- الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ 21- 23)

3 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: أما قوله عز وجل: (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال: «لو لا ما تقدم فيهم من أمر الله عز وجل ما أبقى القائم (عليه السلام) منهم واحدا».[442]

4 - علي بن إبراهيم ، قال: الكلمة: الإمام ، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[443] (يعني الإمامة) ، ثم قال: (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ) يعني الذين ظلموا هذه الكلمة (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ثم قال: (تَرَى الظَّالِمِينَ) لآل محمد حقهم ، (مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا) ، قال: خائفون مما ارتكبوا (وعملوا) (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) (أي ما يخافونه‏).

ثم ذكر الله الذين آمنوا بالكتب[444] واتبعوها ، فقال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا) (بهذه الكلمة) (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (مما أمروا به‏).[445]

قوله تعالى:

(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى‏ قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ- إلى قوله تعالى- وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ 23- 26)

1 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلي بن محمد ، عن الوشاء ، عن المثنى ، عن زرارة ، عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».[446]

2 - و عنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن إسماعيل ابن عبد الخالق ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول ، وأنا أسمع: «أتيت البصرة؟» فقال: نعم.

قال: «كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر ، ودخولهم فيه؟» فقال: والله إنهم لقليل ، وقد فعلوا ، وإن ذلك لقليل.

فقال: «عليك بالأحداث ، فإنهم أسرع إلى كل خير».

ثم قال: «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏)؟» قلت: جعلت فداك ، إنهم يقولون: (إنها) لأقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: «كذبوا ، إنما نزلت فينا خاصة ، في أهل البيت ، في علي وفاطمة و الحسن والحسين ، أصحاب الكساء (عليهم السلام)».[447]

ورواه عبد الله بن جعفر الحميري ، في (قرب الإسناد) ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن إسماعيل بن عبد الخالق ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) للأحول: «أتيت البصرة؟». وذكر مثله إلا لفظ خاصة[448].

3 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن حكيم ، عن أبي مسروق ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت: إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عز وجل: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[449] ، فيقولون: نزلت في أمراء السرايا. فنحتج عليهم بقوله عز وجل: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ )[450] إلى آخر الآية ، فيقولون: نزلت في المؤمنين. ونحتج عليهم بقول الله عز وجل: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، فيقولون: نزلت في قربى المسلمين. قال: فلم أدع شيئا مما حضرني ذكره من هذا و شبهه إلا ذكرته ، فقال لي: «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة».

قلت: وكيف أصنع؟ قال: «أصلح نفسك- ثلاثا ، وأظنه قال:- وصم واغتسل وابرز أنت وهو إلى الجبان ، فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ، ثم أنصفه ، وأبدأ بنفسك ، وقل: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، إن كان أبو مسروق جحد حقا و ادعى باطلا ، فأنزل عليه حسبانا من السماء و[451] عذابا أليما. ثم رد الدعوة عليه ، فقل: وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا ، فأنزل عليه حسبانا من السماء و[452] عذابا أليما». (ثم‏) قال لي: «فإنك لا تلبث أن ترى ذلك (فيه‏)». فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه.[453]

4 - وعنه: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن علي بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ، قال: «من تولى الأوصياء من آل محمد ، واتبع آثارهم ، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام) ، وهو قول الله عز وجل: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها)[454] يدخله الجنة ، وهو قول الله عز وجل: (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ)[455] يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم ، تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة.

وقال لأعداء الله ، أولياء الشيطان ، أهل التكذيب والإنكار: (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)[456] يقول: متكلفا أن أسألكم ما لستم بأهله. فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا؟ (فقالوا: ما أنزل الله هذا ، وما هو إلا شي‏ء يتقوله ، يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا،) ولئن قتل محمد أو مات ، لننزعنها من أهل بيته  ، ثم‏ لا نعيدها فيهم أبدا.

وأراد الله عز ذكره أن يعلم نبيه (صلى الله عليه وآله) الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به ، فقال عز وجل في كتابه: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى‏ قَلْبِكَ) يقول: لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم ، وقد قال الله عز و جل: (وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يقول: الحق لأهل بيتك الولاية (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُور)  ، يقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك ، و الظلم بعدك ، وهو قول الله عز وجل: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)[457] ».[458]

والحديث طويل ، سيأتي تمامه في قول الله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى‏) إن شاء الله تعالى[459].

5 - وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: (وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ، قال: «الاقتراف: التسليم لنا ، والصدق علينا ، وألا يكذب علينا».[460]

6 - سعد بن عبد الله: عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ، فقال: «الاقتراف للحسنة: هو التسليم لنا و الصدق علينا ، (وألا يكذب علينا)».[461]

وعنه: عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله[462]».

7 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب ، وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، قال: حضرالرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من أهل العراق[463]- وذكر الحديث وذكر (عليه السلام) آيات الاصطفاء وهي اثنتا عشرة- قال (عليه السلام): «والسادسة: قوله عز وجل: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ ، وهذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه وآله) إلى‏ يوم القيامة ، وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك أن الله عز وجل حكى ذكر نوح في كتابه: (وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ)[464] ، وحكى عز وجل عن هود أنه قال: (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ)[465] ، وقال عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله):

(قُلْ يا محمد لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ، ولم يفرض الله تعالى مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا ، وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل ، فيكون بعض أهل بيته عدوا له ، فلم يسلم قلب الرجل له ، فأحب الله عز وجل أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شي‏ء ، ففرض (الله‏) عليهم مودة ذوي القربى ، فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته ، لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه ، ومن تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيته ، فعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى ، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟

فأنزل الله تعالى هذه الآية على نبيه (صلى الله عليه وآله) (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال: أيها الناس ، إن الله عز وجل قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد ، فقال: يا أيها الناس ، إنه ليس بذهب ولا فضة (ولا مأكول‏) ولا مشروب ، فقالوا: هات إذن ، فتلا عليهم هذه الآية ، فقالوا: أما هذا فنعم. فما وفى بها أكثرهم.

وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا ، لأن الله يوفي أجر الأنبياء ، ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل[466] مودة قرابته على أمته ، وأمره أن يجعل أجره فيهم ، ليودوه في قرابته ، لمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عز وجل لهم ، فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل ، فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة ، فأخذ[467] بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء ، وعاند أهل الشقاق والنفاق ، وألحدوا في ذلك ، فصرفوه عن حده الذي قد حده الله تعالى ، فقالوا: القرابة هم العرب كلها ، وأهل دعوته ، فعلى أي الحالتين كان ، فقد علمنا أن المودة هي للقرابة ، فأقربهم من النبي (صلى الله عليه وآله) أولاهم بالمودة ، وكلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.

وما أنصفوا نبي الله (صلى الله عليه وآله) في حيطته ورأفته ، وما من الله به على أمته ، مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه ، أن[468] يودوه في قرابته وذريته وأهل بيته ، وأن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس ، حفظا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم ، وحبا لهم ، وكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه ، والأخبار ثابته أنهم أهل المودة والذين فرض الله تعالى مودتهم ، ووعد الجزاء عليها فما وفى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة ، لقول الله عز وجل في هذه الآية: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏)[469] مفسرا ومبينا».

ثم قال أبو الحسن (عليه السلام): «حدثني أبي ، عن جدي ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا رسول الله ، إن لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود ، وهذه أموالنا مع دمائنا ، فاحكم فيها مأجورا ، أعط منها ما شئت (وأمسك ما شئت‏) من غير حرج ، فأنزل الله عز وجل عليه الروح الأمين ، فقال: يا محمد (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ يعني (أن‏)‏ تودوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا.

فقال المنافقون: ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته (من بعده‏) ، إن هو إلا شي‏ء افتراه في مجلسه. فكان ذلك من قولهم عظيما ، فأنزل الله عز وجل: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى‏ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[470] ، فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إي والله[471] ، قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه. فتلا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) (الآية) ، فبكوا واشتد بكاؤهم ، فأنزل الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)».[472]

8 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري ، قال: حدثنا محمد بن زكريا ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد ، قال: حدثنا أبو نعيم ، قال: حدثني حاجب عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ، قال لرجل: «أما قرأت كتاب الله عز وجل؟» قال:

نعم ، قال: «قرأت هذه الآية‏(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏)‏»؟ قال: بلى. قال: «فنحن أولئك».[473]

9 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن أبي محمد إسماعيل بن‏ محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، قال: حدثني عمي علي بن جعفر ، عن الحسين بن زيد ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) قال: خطب الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) حين قتل علي (عليه السلام) ، ثم قال: «وإنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم حيث يقول: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت».[474]

10 - وعنه ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن محمد بن عبد الله الخثعمي ، عن الهيثم بن عدي ، عن سعيد بن صفوان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) ، في قوله عز وجل: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، قال: «وإن القرابة التي أمرا لله بصلتها ، وعظم من حقها ، وجعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذي أوجب الله حقنا على كل مسلم».[475]

11 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي الخزاز ، عن مثنى الحناط ، عن عبد الله بن عجلان ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، قال: «هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة ولا تحل لهم».[476]

12 - عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده ، عن هارون بن مسلم ، قال: حدثني مسعدة بن صدقة ، قال: حدثني جعفر بن محمد ، عن آبائه (عليهم السلام): «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: أيها الناس ، إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا ، فهل أنتم مؤدوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم ، فانصرف. فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ، ثم قام فيهم ، وقال (مثل‏) ذلك في اليوم الثالث ، فلم يتكلم أحد ، فقال: أيها الناس ، إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب. قالوا: فألقه إذن. قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل علي (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) قالوا: أما هذه فنعم».

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «فو الله ما وفى بها إلا سبعة نفر: سلمان ، و أبو ذر ، وعمار ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، ومولى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يقال له الثبيت[477] ، وزيد بن أرقم».[478]

ورواه المفيد في (الاختصاص) قال: حدثني جعفر بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن أبي الحسن الليثي ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه (عليهم السلام) ، وذكر الحديث[479].

13 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن‏ مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قول الله: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏): «يعني في أهل بيته» قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ، فقالوا: إنا قد آوينا ونصرنا ، فخذ طائفة من أموالنا ، استعن بها على ما نابك. فأنزل الله: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا) يعني على النبوة( إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ أي في أهل بيته».

ثم قال: «ألا ترى أن الرجل يكون له صديق ، وفي (نفس) ذلك (الرجل‏) شي‏ء على أهل بيته فلم يسلم صدره ، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) شي‏ء على أمته ، ففرض عليهم المودة (في القربى‏) ، فإن أخذوا أخذوا مفروضا ، وإن تركوا تركوا مفروضا».

قال: «فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول: عرضنا عليه أموالنا ، فقال: قاتلوا عن أهل بيتي (من بعدي) وقالت طائفة: ما قال هذا رسول الله. وجحدوه ، و قالوا كما حكى الله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً). فقال الله:

(فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى‏ قَلْبِكَ) قال: لو افتريت (وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ) يعني يبطله (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يعني بالأئمة والقائم من آل محمد (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ثم قال: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) إلى قوله (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) يعني الذين قالوا: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ثم قال: (وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) ، وقال أيضا: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، قال: أجر النبوة أن لا تؤذوهم ولا تقطعوهم[480] ولا تبغضوهم ، وتصلوهم ، ولا تنقضوا العهد فيهم ، لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)[481]»».

قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالوا: إنا قد نصرنا وفعلنا فخذ من أموالنا ما شئت ، فأنزل الله: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ يعني في أهل بيته ، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك: من حبس أجيرا أجره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، وهو محبة آل محمد».

ثم قال: «(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) وهي (إقرار) الإمامة لهم ، و الإحسان إليهم ، برهم وصلتهم (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) أي نكافئ على ذلك بالإحسان».[482]

14 - الشيخ في (أماليه): بإسناده ، عن الحسن (عليه السلام) ، في خطبة له ، قال: «فيما أنزل الله على محمد (صلى الله عليه وآله): (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) واقتراف الحسنة مودتنا».[483]

15 - الطبرسي: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره ، قال: حدثني عثمان بن عمير ، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس ، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قدم المدينة واستحكم الإسلام ، قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنقول له: إن تعرك أمور ، فهذه أموالنا تحكم فيها من غير حرج و لا محظور (عليك‏). فأتوه في ذلك ، فنزلت: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، فقرأها عليهم ، وقال:

 «تودون قرابتي من بعدي». فخرجوا من عنده مسلمين لقوله ، فقال المنافقون: إن هذا لشي‏ء افتراه في مجلسه ، وأراد أن يذللنا لقرابته من بعده. فنزلت (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً) فأرسل إليهم فتلا عليهم ، فبكوا واشتد عليهم ، فأنزل الله: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) الآية ، فأرسل في أثرهم فبشرهم ، وقال: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا) وهم الذين سلموا لقوله.[484]

16 - ثم قال الطبرسي: وذكر أبو حمزة الثمالي ، عن السدي ، أنه قال: اقتراف الحسنة: المودة لآل محمد (عليهم السلام).[485]

17 - قال: وصح عن الحسن بن علي (عليهما السلام) ، أنه خطب الناس فقال في خطبته: «إنا من (أهل البيت‏) الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم ، فقال: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت».[486]

18  -و روى إسماعيل بن عبد الخالق ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنه قال: «إنها نزلت فينا أهل البيت ، أصحاب الكساء».[487]

19 - وقال أيضا في معنى الآية: إن معناه أن تودوا قرابتي وعترتي ، وتحفظوني فيهم. عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ، وسعيد بن جبير ، وعمرو بن شعيب (وجماعة) ، وهو المروي ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).[488]

20 - ثم‏ قال: وأخبرنا السيد أبو جعفر مهدي بن نزار الحسيني ، قال: أخبرنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني ، قال: حدثنا القاضي أبو بكر الحيري ، قال: أخبرنا أبو العباس الضبعي ، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السري ، قال: أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال: أخبرنا حسين الأشقر ، قال: أخبرنا قيس عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) الآية ، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: «علي وفاطمة وولدها»[489].[490]

 

21 - ثم‏ قال: وأخبرنا السيد أبو جعفر ، قال: أخبرنا الحاكم أبو القاسم بالإسناد المذكور في كتاب (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) مرفوعا إلى أبي أمامة الباهلي ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى ، وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة ، فأنا أصلها ، وعلي فرعها ، (و فاطمة لقاحها) ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى ، ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا و المروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي ، ثم لم يدرك محبتنا ، أكبه الله على منخريه في النار. ثم تلا (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏».[491]

22 - قال: وروى زاذان ، عن علي (عليه السلام) ، قال: «فينا في آل حم[492] آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن»[493] ثم قرأ هذه الآية.

23 - ومن طريق المخالفين: ما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه أحمد بن حنبل في مسنده ، قال: وفيما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، يذكر أن حرب بن الحسن الطحان حدثه قال: حدثنا حسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس (رضي الله عنه) ، قال: لما نزلت: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ ، قالوا: يا رسول الله ، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: «علي وفاطمة و ابناهما (عليهم السلام)».[494]

24 - ومن (صحيح البخاري): في الجزء السادس في تفسير قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ قال: حدثنا محمد بن بشار ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ابن ميسرة ، (قال): سمعت طاوسا ، عن ابن عباس (رضي الله عنه) ، أنه سئل عن قوله تعالى: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، فقال: سعيد بن جبير: قربى آل محمد (صلوات الله عليهم) ، الحديث.[495]

25 - الثعالبي قال: أنبأني عقيل بن محمد ، قال: أخبرنا المعافى بن المبتلى ، حدثنا محمد بن جرير ، حدثني محمد بن عمارة ، حدثني إسماعيل بن أبان ، حدثنا الصباح بن يحيى المزني ، عن السدي ، عن أبي الديلم ، قال: لما جي‏ء بعلي بن الحسين (صلوات الله عليهما) أسيرا قائما على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام ، فقال: الحمد لله الذي قتلكم ، واستأصل شأفتكم ، وقطع قرن الفتنة. فقال له علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): «أقرأت القرآن؟» قال: نعم. قال: «قرأت آل حم». قال: قرأت القرآن ، ولم أقرأ آل حم. قال: «قرأت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏؟». قال: لأنتم هم؟ قال: «نعم».[496]

26 - مسلم في (صحيحه): في الجزء الخامس ، في تفسير قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏) ، قال: وسئل ابن عباس ، عن هذه الآية ، فقال: قربى آل محمد (صلى الله عليه وآله). [497]

ورواه في (الجمع بين الصحاح الستة) في الجزء الثاني من أجزاء أربعة ، في تفسير سورة حم من عدة طرق.

27 - و روى الثعلبي في تفسير هذه الآية تعيين آل محمد ، من عدة طرق ، فمنها: عن أم سلمة ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال لفاطمة (عليها السلام): «ائتيني بزوجك وابنيك». فأتت بهم ، فألقى عليهم كساء ، ثم رفع يده عليهم ، فقال: «اللهم هؤلاء آل محمد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد ، فإنك حميد مجيد». قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل بينهم ، فاجتذبه وقال: «إنك لعلى خير».[498]

28 - موفق بن أحمد: عن مقاتل والكعبي ، لما نزلت هذه الآية: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)‏ ، قالوا[499]: هل رأيتم أعجب من هذا ، يسفه أحلامنا ، ويشتم آلهتنا ، ويروم قتلنا ، ويطمع أن نحبه (أونحب قرباه‏)؟ فنزل: (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ)[500] ، أي ليس لي في ذلك أجر ، لأن منفعة المودة تعود إليكم ، وهو ثواب الله تعالى ورضاه.[501]

29 - علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني ، في (مقاتل الطالبيين) ، قال: قال الحسن (عليه السلام) في خطبة له بعد موت أبيه: «أيها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد ، أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله عز وجل بإذنه ، وأنا ابن السراج المنير ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين افترض مودتهم في كتابه إذ يقول: (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فالحسنة)[502] مودتنا أهل البيت».[503]

30 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ابن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) ، قال: «هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب ، فيقول له الملك: آمين ويقول الله العزيز الجبار: ولك مثل ما سألت ، وقد أعطيت ما سألت لحبك إياه».[504]

قوله تعالى:

(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ- إلى قوله تعالى- إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ 27)

  1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ‏)

قال: قال الصادق (عليه السلام): «لو فعل لفعلوا ، ولكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض و استعبدهم بذلك ، ولوجعلهم كلهم أغنياء لبغوا في الأرض (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) مما يعلم أنه يصلحهم في دينهم ودنياهم (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)».[505]

2 - ابن بابويه: عن علي بن محمد ، مسندا ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال: «وأما الخبير فهو الذي لا يعزب عنه شي‏ء ، ولا يفوته شي‏ء ، ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء. فعند التجربة والاعتبار علمان ، ولو لا هما ما علم لأن كل من كان كذلك كان جاهلا ، والله لم يزل خبيرا بما يخلق ، و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم ، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى ، والبصير لا بخرت كما أننا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لا يحتمل شخصا منظورا إليه ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى».[506]

قوله تعالى:

(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ 28)

3 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن العرزمي ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الأعور ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال: سئل عن السحاب ، أين يكون؟ قال: «يكون على شجر كثيف على ساحل البحر يأوي إليه ، فإذا أراد الله أن يرسله أرسل ريحا فأثاره ، ووكل به ملائكة يضربونه بالمخاريق ، وهو البرق ، فيرتفع».[507]

قوله تعالى:

(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 30)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، (قال): «أما إنه ليس من عرق يضرب ، ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب ، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ، قال: وما يعفو الله أكثر مما يؤآخذ به».[508]

2 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ، قال: فقال هو: (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ). قال: قلت: ليس هذا أردت ، أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) وأشباهه وأهل بيته (عليهم السلام) من ذلك؟

فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».[509]

3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، و علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ، أ رأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) من بعده ، أهو بما كسبت أيديهم ، وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب ، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها»[510].

ورواه ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ، وذكر مثله[511]».[512]

4 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، رفعه ، قال: لما حمل علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى يزيد بن معاوية ، فأوقف بين يديه ، قال يزيد (لعنه الله): (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ). فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «ليست هذه الآية فينا ، إن فينا قول الله عز وجل: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[513]».[514]

5 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في قول الله عز و جل: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِير) : «ليس من التواء عرق ، ولا نكبة حجر ، ولا عثرة قدم ، ولا خدش عود إلا بذنب ، ولما يعفو الله عز وجل أكثر ، ومن عجل الله عقوبة ذنبه في الدنيا ، فإن الله عز و جل أجل وأعظم من أن يعود في عقوبته في الآخرة».[515]

6 - عبد الله بن جعفر الحميري: بإسناده ، عن محمد بن الوليد ، عن عبد الله بن بكير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل‏: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) ، قال: فقال هو: (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ). قال: قلت له: ما أصاب عليا (عليه السلام) وأشباهه من أهل بيته ، من ذلك؟ قال: فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله عز وجل كل يوم سبعين مرة من غير ذنب».[516]

7 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، (قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ، قال:

أرأيت ما أصاب عليا (عليه السلام) وأهل بيته ، هو بما كسبت أيديهم ، و هم أهل طهارة معصومون؟ قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب ، إن الله يخص أولياءه ، بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب».[517]

8-  و قال الصادق (عليه السلام): «لما أدخل علي بن الحسين (عليهما السلام) على يزيد نظر إليه ، ثم قال له: يا علي (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ). فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): كلا ، ما هذه فينا ، إنما نزلت فينا: (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)[518] فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدنيا ، ولا نفرح بما أوتينا».[519]

9 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي حمزة ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: إني أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن يعيه» ثم أقبل علينا ، فقال: «ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدنيا وعفا عنه[520] إلا كان الله أجل[521] وأمجد و أجود (من‏) أن يعود في عقوبته يوم القيامة ، وما ستر الله على عبد مؤمن في هذه الدنيا و عفا عنه إلا كان الله أجود و أمجد و أكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة». ثم قال: «وقد يبتلي الله المؤمن بالبلية في بدنه أوماله[522] أوأهله». ثم تلا هذه الآية (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) وحثا بيده ثلاث مرات. [523]

قوله تعالى:

(وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ 37)

1 - قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «من كظم غيظا ، وهو يقدر على إمضائه ، حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة». قال: «ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب ، حرم الله جسده على النار».[524]

2 - محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن غالب ابن عثمان ، عن عبد الله بن منذر ، عن الوصافي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه ، حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة».[525]

قوله تعالى:

(وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ- إلى قوله تعالى- فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ 38- 40)

 3 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) ، قال: في إقامة الإمام (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى‏ بَيْنَهُمْ) أي يقبلون ما أمروا به ويشاورون الإمام فيما يحتاجون إليه من أمر دينهم كما قال الله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى‏ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ)[526].

وأما قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) يعني إذا بغي عليهم هم ينتصرون ، وهي رخصة[527] صاحبها فيها بالخيار ، إن شاء فعل ، وإن شاء ترك ، ثم جزى ذلك ، فقال تعالى: (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) أي لا يتعدى ولا يجازي بأكثر مما فعل (به‏)[528] ، ثم قال تعالى: (فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ). [529]

قوله تعالى:

(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ- إلى قوله تعالى- فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ 41- 46)

1 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال الأحمسي ، عن الحسن بن وهب ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) ، قال: «ذلك القائم (عليه السلام) ، إذا قام انتصر من بني امية ومن المكذبين والنصاب».[530]

2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن فضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنه قرأ: «(وَتَرَى الظَّالِمِينَ) آل محمد حقهم (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) وعلي هو العذاب (يَقُولُونَ هَلْ إِلى‏ مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) يعني أنه سبب العذاب ، لأنه قسيم الجنة و النار».[531]

3 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن البرقي ، عن محمد بن أسلم ، عن أيوب البزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل:(خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) يعني إلى‏ القائم (عليه السلام)».[532]

4 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَتَرَى الظَّالِمِينَ) لآل محمد حقهم (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى‏ مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) أي إلى الدنيا.[533]

5 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: أخبرنا جعفر بن أحمد ، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) يعني القائم (عليه السلام) وأصحابه (فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) والقائم إذا قام انتصر من بني امية ومن المكذبين والنصاب هو وأصحابه ، وهو قول الله تبارك وتعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيم)».

ثم قال أيضا: «قوله تعالى: (وَتَرَى الظَّالِمِينَ) لآل محمد حقهم (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) وعلي (عليه السلام) هو العذاب في هذا الوجه (يَقُولُونَ هَلْ إِلى‏ مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) فنوالي عليا (عليه السلام) (وتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ) لعلي (يَنْظُرُونَ) إلى علي (مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني آل محمد و شيعتهم (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ) لآل محمد حقهم (فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) ، قال: والله يعني النصاب الذين نصبوا العداوة لأمير المؤمنين وذريته (عليهم السلام) والمكذبين (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ)». [534]

قوله تعالى:

(يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْيُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً 49- 50)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً): «يعني ليس معهن ذكر (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) يعني ليس معهم أنثى (أَوْيُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) أي يهب لمن يشاء ذكرانا وإناثا[535] جميعا ، يجمع له البنين والبنات ، أي يهبهم جميعا لواحد».[536]

2 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن المحمودي ، ومحمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن إسماعيل الرازي ، عن محمد بن سعيد ، أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد ، عن مسائل وفيها: أخبرنا عن قول الله عز وجل: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ، فهل يزوج الله عباده الذكران ، وقد عاقب قوما فعلوا ذلك؟ فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري (عليه السلام) ، وكان من جواب أبي الحسن (عليه السلام): «أما قوله تعالى: (أَوْيُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ، فإن الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور العين ، وإناث المطيعات من النساء[537] من ذكران المطيعين ، ومعاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلبا للرخصة لارتكاب (المآثم وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً)[538] أي إن لم يتب».[539]

3 - قلت: الحديث‏ ذكره الشيخ المفيد في كتاب (الإختصاص): يرويه محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي ، عن‏ موسى بن محمد بن علي بن موسى ، سأله ببغداد في دار القطن ، قال: قال موسى لأخيه أبي الحسن العسكري (عليه السلام): كتب إلي يحيى بن أكثم ، يسألني عن عشر مسائل (أوتسعة ، فدخلت على أخي ، فقلت له: جعلت فداك إن ابن أكثم كتب إلي يسألني ، عن مسائل‏ افتيه فيها). فضحك ، ثم قال: «فهل أفتيته»؟ قلت: لا. قال: «ولم؟» قلت: لم أعرفها. قال: «وما هي؟» قلت: كتب إلي: أخبرني عن قول الله عز وجل: (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[540] ، أ نبي الله عز وجل كان محتاجا إلى علم آصف؟

وأخبرني عن قول الله عز وجل: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً)[541] ، أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟

و أخبرني عن قول الله عز وجل: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ)[542] ، من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أليس قد شك فيما أنزل (إليه‏)؟ وإن كان المخاطب به غيره ، فعلى غيره إذن أنزل القرآن.

وأخبرني عن قول الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ)[543] ، ما هذه الأبحر وأين هي؟

وأخبرني عن قول الله تعالى: (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)[544] ، فاشتهت نفس آدم البر فأكل وأطعم ، فكيف عوقبا فيها (على ما تشتهي الأنفس‏)؟

وأخبرني عن قول الله تعالى: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ، فهل زوج الله عباده الذكران ، وقد عاقب الله قوما فعلوا ذلك؟

وأخبرني عن شهادة المرأة جازت وحدها ، وقد قال الله عز وجل: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)[545]»؟

وأخبرني عن الخنثى وقول علي فيها: تورث الخنثى من المبال[546] ، من ينظر إذا بال؟ وشهادة الجار لنفسه لا تقبل ، مع أنه عسى أن يكون رجلا وقد نظر إليه النساء ، وهذا ما لا يحل فكيف هذا؟

وأخبرني عن رجل أتى قطيع غنم ، فرأى الراعي ينزو على شاة منها ، فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها، فانسابت بين الغنم ، لا يعرف الراعي أيها كانت ، ولا يعرف صاحبها أيها يذبح؟

وأخبرني عن قول علي لابن جرموز: بشر قاتل ابن صفية بالنار. فلم لم يقتله و هو إمام ، ومن ترك حدا من حدود الله فقد كفر إلا من علة؟

وأخبرني عن صلاة الفجر ، لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار ، و إنما يجهر في صلاة الليل؟

وأخبرني عنه لم قتل أهل صفين وأمر بذلك مقبلين مدبرين ، وأجهز[547] على جريحهم ، ويوم الجمل غير حكمه ، لم يقتل من جريحهم ، ولا من دخل دار ، ولم يجهز[548] على جريحهم ، ولم يأمر بذلك ، ومن ألقى سيفه آمنه ، لم فعل ذلك؟ فإن كان الأول صوابا ، كان الثاني خطأ.

فقال (عليه السلام): «اكتب». قلت: وما أكتب؟ قال: «أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم ، وأنت فألهمك الله الرشد ، ألقاني كتابك بما امتحنتنا به من تعنتك ، لتجد إلى الطعن سبيلا إن قصرنا فيها ، والله يكافئك على نيتك ، فقد شرحنا مسائلك ، فأصغ إليها سمعك ، وذلل لها فهمك ، واشغل بها قلبك ، فقد ألزمتك الحجة و السلام.

سألت عن قول الله عز وجل في كتابه: (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) ، فهو آصف بن برخيا ، ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف ، ولكن أحب أن يعرف أمته من الجن والإنس أنه الحجة من بعده ، وذلك من علم سليمان ، أودعه آصف بأمر الله ، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ودلالته ، كما فهم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق.

وأما سجود يعقوب وولده ، فإن السجود لم يكن ليوسف ، كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم ، وإنما كان منهم طاعة لله وتحية لآدم ، فسجد يعقوب و ولده شكرا لله باجتماع شملهم ، أ لم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ)[549] إلى آخر الآية.

وأما قوله تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) ، فإن المخاطب في ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولم يكن في شك مما أنزل إليه ، ولكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيا من ملائكته؟ أم كيف لم يفرق بينه وبين خلقه بالاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق؟ فأوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) تفحص بمحضر من الجهلة ، هل بعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل ويشرب ، ويمشي في الأسواق ، ولك بهم أسوة ، وإنما قال: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) ، ولم يكن ، ولكن للنصفة ، كما قال تعالى: (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ)[550] ، ولو قال: نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونا يجوزان للمباهلة.

وقد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النبي (صلى الله عليه وآله) أنه صادق فيما يقول‏ ولكن أحب أن ينصفهم من نفسه.

وأما قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ) ، فهو كذلك ، لو أن أشجار الدنيا أقلام ، و البحر مداد ، يمده سبعة أبحر حتى فجرت الأرض عيونا ، فغرق أصحاب الطوفان[551] ، لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله عز وجل ، وهي عين الكبريت ، وعين اليمن ، وعين برهوت ، وعين الطبرية ، وحمة ما سبذان وتدعى المنيات ، وحمة إفريقية وتدعى بسلان ، وعين باحروان[552]. ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى.

وأما الجنة ففيها من المأكل والمشرب والملاهي والملابس ما تشتهي الأنفس و تلذ الأعين ، وأباح الله ذلك كله لآدم ، والشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد ، عهد إليهما أن لا ينظرا إلى من فضل الله عليهما و على كل خلائقه بعين الحسد ، فنسي ونظر بعين الحسد ، ولم يجد له عزما.

وأما قوله تعالى: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ، فإن الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور ، ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست على نفسك ، تطلب الرخص لارتكاب المآثم (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً)[553] إن لم يتب.

وأما قول علي (عليه السلام): بشر قاتل ابن صفية بالنار ، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) له: بشره بالنار ، وكان ممن خرج يوم النهروان ، ولم يقتله أمير المؤمنين (عليه السلام) بالبصرة ، لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان.

وأما قولك: علي (عليه السلام) قتل أهل صفين مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم ، ويوم الجمل لم يتبع موليا ، ولم يجهز على جريح ، ومن ألقى سيفه آمنه ، ومن دخل داره آمنه ، فإن أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم‏ فئة يرجعون إليها ، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا محتالين ولا متجسسين ولا منابزين ، وقد رضوا بالكف عنهم ، فكان الحكم رفع السيف عنهم و الكف عنهم إذا لم يطلبوا عليه أعوانا. وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة ، وإمام لهم منتصب يجمع لهم السلاح من الدروع والرماح والسيوف ، ويستعد لهم العطاء ، ويهي‏ء لهم الأنزال[554]، ويتفقد جريحهم ، ويجبر كسيرهم ، ويداوي جريحهم ، ويحمل رجلتهم ، ويكسو حاسرهم ، ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم و قتالهم ، لا يساوى بين الفريقين (في الحكم‏) ، ولو لا علي (عليه السلام) وحكمه لأهل صفين والجمل لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد ، لكنه شرح ذلك لهم ، فمن رغب عنه يعرض على السيف أويتوب عن ذلك.

وأما شهادة المرأة التي جازت وحدها ، فهي القابلة ، جائز شهادتها مع الرضا ، وإن لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم مع المرأة مقام الرجل للضرورة ، لأن الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامهما ، فإن كانت وحدها قبل مع‏ يمينها.

وأما قول علي (عليه السلام) في الخنثى: إنه يورث من المبال فهو كما قال ، و ينظر إليه قوم عدول ، فيأخذ كل واحد منهم مرآة ، فيقوم الخنثى خلفهم عريانا ، وينظرون في المرآة ، فيرون الشبح ، فيحكمون عليه.

وأما الرجل الذي قد نظر إلى الراعي قد نزا على شاة ، فإن عرفها ذبحها و أحرقها ، و إن لم يكن يعرفها قسمها بنصفين وساهم بينهما ، فإن وقع السهم على أحد النصفين فقد نجا الآخر ، ثم يفرق الذي وقع فيه السهم بنصفين ويقرع بينهما بسهم ، فإن وقع على أحد النصفين نجا النصف الآخر ، فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنتان فيقرع بينهما ، فأيهما وقع السهم لها تذبح وتحرق ، وقد نجت سائرها.

وأما صلاة الفجر والجهر بالقراءة ، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يغلس بها ، فقراءتها من الليل. وقد أنبأتك بجميع ما سألتنا ، فاعلم ذلك تولى الله حفظك ، والحمد لله رب العالمين».[555]

قوله تعالى:

(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْمِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْيُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ 51)

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال: حدثنا أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبد الله ابن حبيب ، قال: حدثني أحمد بن يعقوب بن مطر ، قال: حدثني محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري ، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: حدثنا طلحة بن زيد[556] ، عن عبيد الله بن عبيد ، عن أبي معمر السعداني: أن رجلا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام)- وذكر حديث الشاك إلى أن قال- فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) له: «وأما قوله تعالى: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ، ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ، وليس بكائن إلا من وراء حجاب ، أويرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء كذلك‏ قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا ، قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء ، فيبلغ رسل السماء رسل الأرض ، وقد كان الكلام بين رسل الأرض و بينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء.

وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل ، هل رأيت ربك؟ فقال (عليه السلام): إن ربي لا يرى. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أين تأخذ الوحي؟ فقال: آخذه من إسرافيل. فقال: ومن‏ أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين. فقال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا. فهذا وحي ، وهو كلام‏ الله عز وجل ، وكلام الله ليس بنحو واحد ، منه ما كلم الله به الرسل ، ومنه ما قذفه في قلوبهم ، ومنه رؤيا يريها الرسل ، ومنه وحي  وتنزيل يتلى ويقرأ ، فهو كلام الله ، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله ، فإن معنى كلام الله ليس بنحو واحد ، فإن منه ما يبلغ رسل السماء رسل الأرض». فقال: فرجت عني فرج الله عنك[557]».[558]

2 - سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن سنان ، وغيره ، عن عبد الله بن سنان ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد أسرى بي ربي عزوجل ، وأوحى إلي من وراء حجاب ما أوحى ، وكلمني بما كلمني[559] ، وكان مما كلمني به أن قال:( يا محمد ، إني‏ أنا الله لا إله إلا أناعالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، إني أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ، إني أنا الله لا إله إلا أنا) الخالق البارئ المصور ، لي الأسماء الحسنى ، يسبح لي ما في السماوات وما في الأرض ، وأنا العزيز الحكيم.

يا محمد ، إني أنا الله لا إله إلا أنا الأول فلا شي‏ء قبلي ، وأنا الآخر فلا شي‏ء ، بعدي ، وأنا الظاهر فلا شي‏ء فوقي ، وأنا الباطن فلا شي‏ء دوني ، وأنا الله لا إله إلا أنا بكل شي‏ء عليم.

يا محمد ، علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة. يا محمد ، علي آخر من أقبض روحه من الأئمة ، وهو الدابة التي تكلم الناس[560]. يا محمد ، علي أظهره على جميع ما أوحيه إليك ، ليس لك أن تكتم منه شيئا. يا محمد ، أبطنه الذي أسررته إليك ، فليس فيما بيني وبينك سر دونه. يا محمد ، علي ما خلقت من حرام وحلال عليم به».[561]

3 - المفيد: في حديث مسائل عبد الله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال له: يا محمد ، فأخبرني ، كلمك الله قبلا؟ قال: «ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب». قال: صدقت يا محمد.[562]

4 - علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: وحي مشافهة منه ، ووحي إلهام ، وهو الذي يقع في القلب أومن وراء حجاب ، كما كلم الله نبيه (صلى الله عليه و آله) وكما كلم الله موسى (عليه السلام) من النار ، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ، قال: وحي مشافهة يعني إلى الناس. [563]

قوله تعالى:

(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ52- 53)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) ، قال: «خلق من خلق الله عز وجل ، أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخبره ويسدده ، وهو مع الأئمة من بعده».[564]

ورواه سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات) ، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد البرقي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) ، وساق الحديث بعينه[565].

2 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن أسباط ، عن أسباط بن سالم ، قال: سأله رجل من أهل هيت وأنا حاضر ، عن قول الله عز وجل: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) ، فقال:«منذ أنزل الله عز وجل ذلك الروح على محمد (صلى الله عليه وآله) ما صعد إلى‏ السماء ، وإنه لفينا».[566]

3 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العلم ، هو شي‏ء[567] يتعلمه العالم من أفواه الرجال ، أم في الكتاب عندكم تقرءونه فتعلمون منه؟ قال: «الأمر أعظم من ذلك وأوجب ، أما سمعت قول الله عز وجل: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ)».

ثم قال: «أي شي‏ء يقول أصحابك في هذه الآية؟ أ يقرون أنه كان في حال ما يدري ما الكتاب ولا الإيمان»؟

 «بلى ، قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان حتى بعث الله عز وجل الروح التي ذكر في الكتاب ، فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم ، وهي الروح التي يعطيها الله عز وجل من شاء ، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم».[568]

ورواه سعد بن عبد الله في (بصائر الدرجات): عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي ، عن ابن أسباط ، عن محمد بن الفضيل الصيرفي ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن العلم ، وساق الحديث بعينه بتغيير يسير[569].

4  -و عنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال تعالى في نبيه (صلى الله عليه وآله): (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، يقول: تدعو».[570]

5 - سعد بن عبد الله: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) ، قال: «لقد أنزل الله عز وجل ذلك الروح على نبيه (صلى الله عليه وآله) ، وما صعد إلى السماء منذ أنزل ، وإنه لفينا».[571]

6 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير ، وأبي الصباح الكناني ، قالا: قلنا لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلنا الله فداك ، قوله تعالى: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، قال: «يا أبا محمد ، الروح خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخبره ويسدده ، وهو مع الأئمة (عليهم السلام) يخبرهم ويسددهم».[572]

7 - و عنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال ، عن الحسن بن وهب العبسي ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) ، قال: «ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[573]

8 - محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن عامر ، عن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسين[574] بن عثمان ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قوله تعالى: (إنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيم) إنك لتأمر بولاية علي (عليه السلام) وتدعو إليها ، وهو الصراط المستقيم».[575]

9 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا جعفر بن أحمد ، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم ، قال: حدثنا محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله لنبيه (صلى الله عليه وآله):

(ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً): «يعني عليا (عليه السلام) ، وعلي هو النور ، فقال: (نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) يعني عليا (عليه السلام) ، هدى به من هدى من خلقه.

وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني إنك لتأمر بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وتدعو إليها ، وعلي هو الصراط المستقيم (صِراطِ اللَّهِ) يعني عليا (عليه السلام) (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) يعني عليا (عليه السلام) أن جعله خازنه على ما في السماوات وما في الأرض[576] ، وأئتمنه عليه أَلا (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)».[577]

10 - ثم قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ): أي تدعو إلى الإمامة المستوية. ثم قال: (صِراطِ اللَّهِ) أي حجته[578] (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).[579]

11 - ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني محمد بن همام ، قال: حدثنا سعد بن محمد ، عن عباد بن يعقوب ، عن عبد الله بن الهيثم ، عن الصلت بن الحر ، قال: كنت جالسا مع زيد بن علي (عليه السلام) ، فقرأ: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال: هدى الناس ورب الكعبة إلى علي (عليه السلام) ، ضل عنه من ضل ، واهتدى من اهتدى.[580]

12 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن النضر ، عن القاسم بن سليمان ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «وقع مصحف في البحر فوجدوه قد ذهب ما فيه إلا هذه الآية (أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور) ».[581]

 

المستدرك (سورة الشورى)

قوله تعالى:

(وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى‏ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ 36)

 1- أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، في (المحاسن): عن الحسن بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يعلم ما له عند الله ، فليعلم ما لله عنده».[582]

سورة الزخرف‏

فضلها

1 - ابن بابويه: بإسناده ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «من أدمن قراءة حم الزخرف ، آمنه الله في قبره من هوام الأرض ، وضغطة القبر ، حتى يقف بين يدي الله عز وجل ، ثم جاءت حتى تدخله الجنة (بأمر الله تبارك وتعالى‏)».[583]

2 - ومن (خواص القرآن): روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان ممن يقال له يوم القيامة: يا عباد الله ، لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون. ومن كتبها وشربها لم يحتج إلى دواء يصيبه لمرض ، وإذا رش بمائها مصروع أفاق من صرعته ، واحترق شيطانه ، بإذن الله تعالى».[584]

 

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ 1- 4)

 تقدم معنى حم في أول سورة المؤمن[585].

1 - علي بن إبراهيم: حم حروف من اسم الله[586] الأعظم (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) يعني القرآن الواضح (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

قال قوله تعالى: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) مكتوب في الفاتحة[587] ، في قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)[588] ، قال أبو عبد الله (عليه السلام): «هو أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)».[589]

2 - علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن حماد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)[590] ، قال: «هو أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ومعرفته ، والدليل على أنه أمير المؤمنين قوله تعالى: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)».[591]

3 - محمد بن العباس: عن أحمد بن إدريس ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن موسى بن القاسم ، عن محمد بن علي بن جعفر ، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) وهو يقول: «قال أبو عبد الله[592] (عليه السلام) ، وقد تلا هذه الآية: (وَاِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) ، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[593]

4 - وروي عنه أنه (عليه السلام) سئل: أين ذكر علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أم الكتاب؟ فقال: «في قوله سبحانه وتعالى: (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)[594] وهو علي (عليه السلام)».[595]

5 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي ، عن محمد بن حماد الشاشي ، عن الحسين بن أسد الطفاوي ، عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن عباس الصائغ ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: خرجنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى انتهينا إلى صعصعة بن صوحان (رحمه الله) ، فإذا هو على فراشه ، فلما رأى عليا (عليه السلام) خف له ، فقال له (صلوات الله عليه): «لا تتخذن زيارتنا فخرا على قومك». قال: لا يا أمير المؤمنين ، ولكن ذخرا و أجرا ، فقال له: «والله ما كنت علمتك إلا خفيف المؤنة ، كثير المعونة». فقال صعصعة: وأنت والله- يا أمير المؤمنين- ما علمتك إلا أنك بالله لعليم ، وأن الله في عينك لعظيم ، وأنك في كتاب الله لعلي حكيم ، وأنك بالمؤمنين لرؤوف رحيم.[596]

6 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن واصل بن سليمان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما صرع زيد بن صوحان يوم الجمل ، جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى جلس عند رأسه ، فقال: رحمك الله يا زيد ، قد كنت خفيف المؤنة ، عظيم المعونة. فرفع زيد رأسه إليه ، فقال: وأنت جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين ، فو الله ما علمتك إلا بالله عليما ، وفي أم الكتاب عليا حكيما ، وأن الله في صدرك عظيم».[597]

7 - الشيخ في (التهذيب): عن الحسين بن الحسن الحسيني ، قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني ، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي ، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي ، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) وذكر فضل يوم الغدير والدعاء فيه ، إلى أن قال في الدعاء: «فاشهد يا إلهي أنه الإمام الهادي المرشد الرشيد ، علي أمير المؤمنين ، الذي ذكرته في كتابك ، فقلت: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)».[598]

8 - الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده ، عن رجاله إلى حماد السندي[599] ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، وقد سأله سائل عن قول الله عز وجل: (وَاِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) ، قال: «هو أمير المؤمنين (عليه السلام)».[600]

9 - البرسي: بالإسناد ، يرفعه إلى الثقات الذين كتبوا الأخبار: أنهم أوضحوا ما وجدوا ، وبان لهم من أسماء أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فله ثلاث مائة اسم في القرآن ، منها: ما رووه بالإسناد الصحيح عن ابن مسعود ، قوله تعالى: (وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) ، وقوله تعالى: (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)[601] ، وقوله تعالى: (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)[602] ، وقوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)‏[603] ، وقوله تعالى: (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)[604] ، فالمنذر: رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) الهادي.

وقوله تعالى: (أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ)[605] فالبينة محمد (صلى الله عليه وآله) ، والشاهد علي (عليه السلام) ، وقوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى‏ وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى)‏[606] ، وقوله تعالى: ( ا ِنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[607] ، وقوله تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)[608] ، جنب الله علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وقوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)[609] ، معناه علي (عليه السلام) ، وقوله تعالى: (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)[610] ، وقوله تعالى: (لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)[611] ، معناه عن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام).[612]

10 - ابن شهر آشوب: قال أبو جعفر الهاروني ، في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ): وأم الكتاب الفاتحة ، يعني أن فيها ذكره. [613]

قوله تعالى:

(أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً- إلى قوله تعالى- وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ 5- 12)

 1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) استفهام ، أي ندعكم مهملين لا نحتج عليكم برسول أو بإمام أو بحجج ، وقوله تعالى: (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَما يَأْتِيهِمْ) إلى قوله تعالى: (أَشَدَّ مِنْهُمْ يعني من قريش بَطْشاً وَمَضى‏ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) ، وقوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) أي مستقرا (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا) أي طرقا (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي كي تهتدون.

ثم احتج على الدهرية ، فقال: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ).

وقوله تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) هو معطوف على قوله تعالى: (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ‏ءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ)[614]. [615]

قوله تعالى:

(لِتَسْتَوُوا عَلى‏ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ 13- 14)

2 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: «نعم».

قلت: ما هو؟ قال: «يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل و مال ، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه ، ومنه قوله عز وجل: (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) ، ومنه قوله تعالى: (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)[616] ، وقوله تعالى: (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً)[617]»[618]

2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن فضال ، عن المفضل بن صالح ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: أمسكت لأمير المؤمنين (عليه السلام) بالركاب ، وهو يريد أن يركب ، فرفع رأسه ثم تبسم ، فقلت له: يا أمير المؤمنين ، رأيتك رفعت رأسك ، ثم تبسمت؟

قال: «نعم يا أصبغ ، أمسكت أنا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما أمسكت أنت لي الركاب ، فرفع رأسه وتبسم ، فسألته عن تبسمه كما سألتني ، و سأخبرك كما أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله). أمسكت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بغلته الشهباء ، فرفع رأسه إلى السماء وتبسم ، فقلت: يا رسول الله ، رفعت رأسك (إلى السماء) وتبسمت ، لما ذا؟

فقال: يا علي ، إنه ليس أحد يركب فيقرأ آية الكرسي ، ثم يقول: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، وأتوب إليه ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، إلا قال السيد الكريم: يا ملائكتي ، عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري ، اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه».[619]

3 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن علي بن أسباط ، قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد علي ، فجئت إلى المدينة ، فدخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، فقلت: جعلت فداك ، إني قد حملت متاعا إلى مكة ، وكسد علي ، وأردت مصر ، فأركب برا أو بحرا؟ فقال: «مصر الحتوف ، ويقيض إليها أقصر الناس أعمارا ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تغسلوا رؤوسكم بطينها ، ولا تشربوا في فخارها ، فإنه يورث الذلة ، ويذهب بالغيرة».

ثم قال: «لا ، عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فتصلي ركعتين ، وتستخير الله مائة مرة ومرة ، فإذا عزمت على شي‏ء ، وركبت البر ، واستويت على راحلتك ، فقل: (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ، فإنه ما ركب أحد ظهرا قط فقال هذا وسقط ، إلا لم يصبه كسر ولا وبال[620] ولا وهن. وإن ركبت بحرا ، فقل (حين تركب‏): (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها)[621] ، فإذا ضربت بك الأمواج فاتكئ على يسارك ، وأشر إلى الموج بيدك ، وقل: اسكن بسكينة الله ، وقر بقرار الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

قال علي بن أسباط: قد ركبت البحر ، وكان إذا هاج الموج قلت كما أمرني أبو الحسن (عليه السلام) ، فيتنفس الموج ، ولا يصيبنا منه شي‏ء. فقلت: جعلت فداك ، ما السكينة؟ قال: «ريح من الجنة ، لها وجه كوجه الإنسان ، طيبة ، و كانت مع الأنبياء ، وتكون مع المؤمنين».[622]

4 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط و محمد بن أحمد ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن علي بن أسباط قال: قلت لأبي الحسن (الرضا) (عليه السلام): جعلت فداك ما ترى ، آخذ برا أو بحرا؟ فإن طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال: «اخرج برا ، ولا عليك أن تأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وتصلي ركعتين في غير وقت فريضة ، ثم لتستخير الله مائة مرة ومرة ، ثم تنظر ، فإن عزم الله لك على البحر ، فقل الذي قال الله عز وجل: (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ )[623] ، فإذا اضطرب بك البحر فاتكئ على جانبك الأيمن ، وقل: بسم الله ، اسكن بسكينة الله ، وقر بقرار[624] الله ، وأهدأ بإذن الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

قلنا: ما السكينة أصلحك الله؟ قال: «ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان ، ورائحة طيبة ، وهي التي نزلت على إبراهيم ، فأقبلت تدور حول أركان البيت ، وهو يضع الأساطين».

قيل له: هي من التي قال الله عز وجل: (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَآلُ هارُونَ)[625].؟

قال: «تلك السكينة في التابوت ، وكانت في طست يغسل فيها قلوب الأنبياء ، و كان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء».

ثم أقبل علينا ، فقال: «ما تابوتكم»؟ قلنا: السلاح. قال: «صدقتم ، هو تابوتكم ، و إن خرجت برأ فقل الذي قال الله عز وجل: (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ، فإنه ليس من عبد يقولها عند ركوبه فيقع من بعير أودابة فيصيبه شي‏ء بإذن الله».

ثم قال: «فإذا خرجت من منزلك فقل: بسم الله آمنت بالله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإن الملائكة تضرب وجوه الشياطين ، ويقولون: قد سمى الله ، وآمن بالله ، وتوكل على الله ، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله».[626]

5 - الطبرسي: روى العياشي بإسناده ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ذكر النعمة أن تقول: الحمد لله الذي هدانا للإسلام ، وعلمنا القرآن ، ومن علينا بمحمد (صلى الله عليه وآله) ، وتقول بعده: (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا) هذا إلى آخر الآية».[627]

 

قوله تعالى:

(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً- إلى قوله تعالى- إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ 15- 20)

1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) ، قال: قالت قريش: إن الملائكة هم بنات الله ، ثم قال على حد الاستفهام: (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا) يعني إذا ولدت لهم البنات (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) وهو معطوف على قوله تعالى: (وَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ)[628].

وقوله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) أي ينشؤ في الذهب (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) ، قال: إن موسى (عليه السلام) أعطاه الله من القوة أن أرى فرعون صورته على فرش من ذهب رطب ، عليه ثياب من ذهب رطب ، فقال فرعون: (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي ينشؤ في الذهب وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) ، قال: لا يبين الكلام ، ولا يتبين من الناس ، ولو كان نبيا لكان خلاف الناس.

وقوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) معطوف على ما قالت قريش: إن الملائكة بنات الله في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً) ، فرد الله عليهم ، فقال تعالى: (أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) قوله تعالى: (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي يحتجون بلا علم.[629]

2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، عن عبد الله بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعمر و عليا (عليه السلام) أن يمضوا إلى الكهف والرقيم ، فيسبغ أبو بكر الوضوء و يصف قدميه ويصلي ركعتين ، وينادي ثلاثا ، فإن أجابوه وإلا فليقل مثل ذلك عمر ، فإن أجابوه وإلا فليقل مثل ذلك علي (عليه السلام) فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلم يجيبوا أبا بكر ولا عمر ، فقام علي (عليه السلام) وفعل ذلك فأجابوه ، وقالوا: لبيك لبيك.

ثلاثا ، فقال لهم: ما لكم لم تجيبوا الأول والثاني ، وأجبتم الثالث؟ فقالوا: إنا أمرنا أن لا نجيب إلا نبيا أو وصي نبي. ثم انصرفوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فسألهم ما فعلوا؟ فأخبروه. فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحيفة حمراء ، وقال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم وسمعتم ، فأنزل الله عز وجل: (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) يوم القيامة».[630]

3 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن خلف ، عن‏ حماد بن عيسى ، عن أبي بصير ، قال: ذكر أبو جعفر (عليه السلام) الكتاب الذي تعاقدوا عليه في الكعبة ، وأشهدوا فيه ، وختموا عليه بخواتيمهم ، فقال: «يا (أبا) محمد ، إن الله أخبر نبيه بما يصنعونه قبل أن يكتبوه ، وأنزل الله فيه كتابا».

قلت: وأنزل فيه كتابا؟ قال: «نعم ، ألم تسمع قول الله تعالى: (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ)».[631]

1 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الجعفري ، قال: حدثنا يعقوب بن جعفر ، قال: كنت مع أبي الحسن (عليه السلام) بمكة ، فقال له رجل: إنك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع؟ فقال (عليه السلام): «علينا نزل قبل الناس ، ولنا فسر قبل أن يفسر في الناس ، فنحن نعرف حلاله وحرامه ، وناسخه ومنسوخه ، ومتفرقه[632] وحضريه ، وفي أي ليلة نزلت من آية ، وفيمن نزلت[633] ، فنحن حكماء الله في أرضه ، وشهداؤه على خلقه ، وهو قوله تبارك وتعالى:

(سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) ، فالشهادة لنا ، والمسألة للمشهود عليه ، فهذا (علم ما) قد أنهيته (إليك وأديته إليك ما لزمني ، فإن قبلت فاشكر ، وإن تركت فإن الله على كل شي‏ء شهيد)». [634]

قوله تعالى:

(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ- إلى قوله تعالى- فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ 22- 27)

 2 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ) أي على مذهب (وَإِنَّا عَلى‏ آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) فقال الله عز وجل: قل يا محمد: (أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى‏ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) ثم قال عز وجل: (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي أي خلقتني فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) أي يبين لي ويثبتني. [635]

قوله تعالى:

(وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 28)

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله‏ الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، قال: «هي الإمامة ، جعلها الله عز وجل في عقب الحسين (عليه السلام) ، باقية إلى يوم القيامة».[636]

2 - وعنه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن علي ابن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، فقال: «في عقب الحسين (عليه السلام) ، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضي إلى الحسين ينتقل من ولد إلى ولد ، لا يرجع إلى أخ ولا عم ، ولم يتم بعلم أحد منهم إلا وله ولد». وإن عبد الله[637] خرج من الدنيا ولا ولد له ، ولم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا.[638]

3 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن موسى بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات ، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) ، قال المفضل ، فقلت: يا ابن رسول الله ، فأخبرني عن قول الله عز وجل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، قال: «يعني بذلك الإمامة ، جعلها في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة».[639]

4 - وعنه ، رفعه إلى هشام بن سالم ، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): الحسن أفضل أم الحسين؟ فقال: «الحسن أفضل من الحسين».

قلت: وكيف صارت (الإمامة) من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟ فقال: «إن الله تبارك وتعالى أحب أن يجعل سنة موسى وهارون جارية في الحسن و الحسين (عليهما السلام) ، ألا ترى أنهما كانا شريكين في النبوة ، كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة ، وأن الله عز وجل جعل النبوة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى ، وإن كان موسى أفضل من هارون».

قلت: فهل يكون إمامان في وقت واحد؟ قال: «لا ، إلا أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه ، والآخر ناطقا إماما لصاحبه ، فأما أن يكونا إمامين ناطقين (في وقت واحد) فلا».

قلت: فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ قال: «لا ، إنما هي جارية في عقب الحسين (عليه السلام) ، كما قال الله عز وجل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ثم هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة».[640]

 

5 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن محمد الجعفي ، عن محمد[641] بن القاسم الأكفاني ، عن علي بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، قال: خرج علينا علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ونحن في المسجد فاحتوشناه ، فقال: «سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن القرآن ، فإن في القرآن علم الأولين والآخرين ، لم يدع لقائل مقالا ، ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، وليسوا بواحد ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) كان واحدا منهم ، علمه الله سبحانه إياه ، وعلمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم لا يزال في عقبه إلى يوم القيامة ، ثم قرأ: (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ)[642] ، فأنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ، والعلم في عقبنا إلى أن تقوم الساعة» ثم قرأ: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ثم قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عقب إبراهيم (عليه السلام) ، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم ، وعقب محمد (صلى الله عليه وآله)».[643]

6 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار ، قال: حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز و جل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، قال: «إنها في (عقب‏) الحسين (عليه السلام) ، فلم يزل هذا الأمر منذ أفضي إلى الحسين (عليه السلام) ينتقل من والد إلى ولد ، ولا يرجع إلى أخ ولا إلى عم ، ولا يعلم أحد منهم ممن خرج من الدنيا إلا وله ولد». وإن عبد الله بن جعفر خرج من الدنيا ولا ولد له ، ولم يمكث بين ظهراني أصحابه إلا شهرا.[644]

7 - ابن بابويه في كتاب (النبوة): بإسناده الى المفضل بن عمر ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يا ابن رسول الله ، أخبرني عن قول الله عز وجل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ). قال: «يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة».

فقلت: يا ابن رسول الله ، أخبرني كيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن (عليهما السلام) ، وهما ولدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وسبطاه ، وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: «يا مفضل ، إن موسى وهارون نبيان مرسلان أخوان ، فجعل الله النبوة في صلب هارون ، ولم يكن لأحد أن يقول: (لم فعل ذلك؟ وكذلك الإمامة ، وهي خلافة الله عز وجل ، وليس لأحد أن يقول: لم جعلها في صلب الحسين ولم يجعلها في صلب الحسن ، لأن الله عز وجل الحكيم[645] في أفعاله ، لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون»[646].

8 - ابن بابويه: عن محمد بن عبد الله الشيباني (رحمه الله) ، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن العلوي ، قال: حدثني أبو نصر أحمد بن عبد المنعم الصيداوي ، قال: حدثني عمرو بن شمر الجعفي ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ، قال: قلت له: يا ابن رسول الله ، إن قوما يقولون: إن الله تبارك وتعالى جعل الأئمة في عقب[647] الحسن دون الحسين. قال: «كذبوا والله ، أولم يسمعوا أن الله تعالى ذكره يقول: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) فهل جعلها إلا في عقب الحسين؟».

فقال: «يا جابر إن الأئمة هم الذين نص عليهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالإمامة ، وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق[648] العرش بالنور ، اثني عشر اسما ، منهم علي ، وسبطاه ، وعلي ، ومحمد ، وجعفر ، وموسى ، وعلي ، ومحمد ، وعلي ، والحسن ، والحجة القائم ، فهذه الأئمة من أهل بيت الصفوة والطهارة ، والله ما يدعيه أحد غيرنا إلا حشره الله تبارك وتعالى مع إبليس وجنوه- ثم تنفس (عليه السلام) ، وقال-: لا رعى الله حق هذه الامة ، فإنها لم ترع حق نبيها ، أما والله لو تركوا الحق على أهله لما اختلف في الله اثنان».

ثم أنشأ (عليه السلام) يقول:

إن اليهود لحبهم لنبيهم                                   أمنوا بوائق حادث الأزمان‏

وذوو الصليب بحب عيسى أصبحوا                   يمشون زهوا[649] في قرى نجران‏

والمؤمنون بحب آل محمد                              يرمون في الآفاق بالنيران‏

 قلت: يا سيدي أليس هذا الأمر لكم؟ قال: «نعم». قلت: فلم قعدتم عن حقكم و دعواكم ، وقد قال الله تبارك وتعالى: (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ)  [650]  ،  فما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) قعد عن حقه؟ قال:

فقال: «حيث لم يجد ناصرا ، ألم تسمع الله يقول في قصة لوط (عليه السلام): (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ)[651] ؟ ويقول حكاية عن نوح (عليه السلام): (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)[652] ، ويقول في قصة موسى (عليه السلام): (إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)[653] ، فإذا كان النبي هكذا ، فالوصي أعذر. يا جابر ، مثل الإمام مثل الكعبة تؤتى ولا تأتي».[654]

9 - وعنه ، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله الجوهري ، قال: حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم ، قال: حدثنا الطيالسي أبو الوليد ، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله عز وجل: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، قال: «جعل الأئمة[655] في عقب الحسين ، يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ، ومنهم مهدي هذه الامة» ، ثم قال: «لو أن رجلا ظعن بين الركن والمقام ، ثم لقي الله مبغضا لأهل بيتي ، دخل النار».[656]

10 - وعنه ، بهذا الإسناد ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله عز وجل ، من اتبعه كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، ثم أهل بيتي ، أذكركم في أهل بيتي». ثلاث مرات ، فقلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته ، نساؤه؟ قال: لا ، أهل بيته أصله وعصبه ، وهم الأئمة الاثنا عشر ، الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ).[657]

11 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب ، قال: حدثنا القاسم بن العلاء ، قال: حدثني إسماعيل بن علي القزويني ، قال: حدثني علي بن إسماعيل ، عن عاصم بن حميد الحناط ، عن محمد بن قيس ، عن ثابت الثمالي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، أنه قال: «فينا نزلت هذه الآية: (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ)[658] ، وفينا نزلت هذه الآية: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، و الإمامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة. وإن للغائب منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى ، أما الاولى فستة أيام ، أوستة أشهر ، أوست سنين ، وأما الاخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به ، فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه ، وصحت معرفته ، ولم يجد في نفسه حرجا مما قضيت ، وسلم لنا أهل البيت».[659]

12 - علي بن إبراهيم ، في معنى الآية: ثم ذكر الله الأئمة (عليهم السلام) ، فقال: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ، يعني فإنهم يرجعون ، أي الأئمة (عليهم السلام) إلى الدنيا. [660]

قوله تعالى:

(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ- إلى قوله‏ تعالى- وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ 31- 32)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه عروة بن مسعود الثقفي ، وكان عاقلا لبيبا ، وهو الذي أنزل الله تعالى فيه: (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)».[661]

2 - علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز وجل قول قريش: (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ)  يعني هلا نزل القرآن (عَلىرَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) ؟ وهو عروة بن مسعود ، والقريتين: مكة والطائف ، وكان جزاهم بما يحتمل الديات ، وكان عم المغيرة بن شعبة ، فرد الله عليهم ، فقال: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ)  ، يعني النبوة والقرآن حين قالوا: لم لم ينزل على عروة بن مسعود ، ثم قال تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ يعني في المال والبنين لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).

وهذا من أعظم دلالة الله على التوحيد ، لأنه خالف بين ملكهم كهيئاتهم و تشابههم ودلالاتهم وإراداتهم وأهوائهم ، ليستعين بعضهم على بعض ، لأن أحدهم لا يقوم بنفسه لنفسه ، والملوك والخلفاء لا يستغنون عن الناس ، وبهذا قامت الدنيا والخلق المأمورون المنهيون المكلفون ، ولو احتاج كل إنسان أن يكون بناء لنفسه وخياطا لنفسه وحجاما لنفسه وجميع الصناعات التي يحتاج إليها ، لما قام العالم طرفة عين ، لأنه لو طلب كل إنسان العلم ، ما دامت الدنيا ، ولكنه عز وجل خالف بين هيئاتهم ، وذلك من أعظم الدلالة على التوحيد.[662]

3 - الامام الحسن بن علي (عليهما السلام) ، قال: «قلت لأبي علي بن محمد (عليهما السلام): فهل كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يناظرهم إذا عانتوه ويحاجهم؟ قال: بلى ، مرارا كثيرة ، منها ما حكى الله من قولهم: (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ) إلى قوله: (مَسْحُوراً)  [663] ، (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)  ، (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)  إلى قوله: (كِتاباً نَقْرَؤُهُ)[664] ، ثم قيل له في آخر ذلك: لو كنت نبيا كموسى لنزلت علينا الصاعقة في مساءلتنا إياك ، لأن مساءلتنا أشد من مساءلة قوم موسى لموسى. وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قاعدا ذات يوم بمكة ، بفناء الكعبة ، إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش ، منهم: الوليد بن المغيرة المخزومي ، وأبو البختري بن هشام ، وأبو جهل بن هشام ، والعاص بن وائل السهمي ، وعبد الله بن أبي أمية ، وجمع ممن يليهم كثير ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في نفر من أصحابه ، يقرأ عليهم كتاب الله ، ويذكرهم عن الله أمره ونهيه ، فقال المشركون بعضهم لبعض: لقد استفحل أمر محمد ، وعظم خطبه ، تعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته[665] والاحتجاج عليه ، وإبطال ما جاء به ، ليهون خطبه على أصحابه ، ويصغر قدره عندهم ، فلعله أن ينزع عما هو فيه من غيه و باطله و تمرده وطغيانه ، فإن انتهى وإلا عاملناه بالسيف الباتر.

قال أبو جهل: فمن ذا الذي يلي كلامه و محاورته؟ فقال[666] عبد الله بن أبي امية المخزومي: أنا لذلك ، أ فما ترضاني قرنا حسيبا ، ومجادلا كفيا؟ قال أبو جهل: بلى. فأتوه بأجمعهم ، فابتدأ عبد الله بن أبي أمية ، فقال: يا محمد- وذكر ما طلبه من محمد (صلى الله عليه وآله) وما أجابه به- فقال: وأما قولك: (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)  ، الوليد بن المغيرة بمكة ، أو عروة بن مسعود بالطائف ، فإن الله تعالى ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت ، ولا خطر له عنده كما كان له عندك ، بل لو كانت الدنيا عنده تعدل جناح بعوضة لما سقى كافرا به ، مخالفا له ، شربة ماء ، وليس قسمة رحمة الله إليك ، بل الله القاسم للرحمة[667] ، والفاعل لما يشاء في عبيده وإمائه ، وليس هو عز وجل ممن يخاف أحدا كما تخافه لماله أو لحاله فتعرفه بالنبوة لذلك ، ولا ممن يطمع في أحد في ماله وحاله كما تطمع فتخصه بالنبوة لذلك ، ولا ممن يحب أحدا محبة الهوى كما تحب فتقدم من لا يستحق التقديم ، وإنما معاملته بالعدل ، فلا يؤثر بأفضل مراتب الدين وخلاله[668] ، إلا الأفضل في طاعته ، والآخذ في خدمته ، وكذلك لا يؤخر في مراتب الدين وخلاله[669] ، إلا أشدهم تباطؤا عن طاعته ، وإذا كان هذا صفته لم ينظر إلى مال ولا إلى حال ، بل هذا المال و الحال من فضله ، وليس لأحد من عباده عليه ضربة لازب.

فلا يقال له: إذا تفضلت بالمال على عبد ، فلا بد أن تتفضل عليه بالنبوة أيضا ، لأنه ليس لأحد إكراهه على خلاف مراده ، ولا إلزامه تفضلا ، لأنه تفضل قبله بنعمة ، ألا ترى- يا عبد الله- كيف أغنى واحدا و قبح صورته؟

وكيف حسن صورة واحد وأفقره؟ وكيف شرف واحدا وأفقره؟ و كيف أغنى واحدا ووضعه؟ ثم ليس لهذا الغني أن يقول: هلا أضيف إلى يساري جمال فلان؟ ولا للجميل أن يقول: هلا أضيف إلى جمالي مال فلان؟ ولا للشريف أن يقول: هلا أضيف إلى شرفي مال فلان؟ ولا للوضيع أن يقول: هلا أضيف إلى ضعتي شرف فلان؟ ولكن الحكم لله يقسم كيف يشاء ، ويفعل ما يشاء ، وهو حكيم في أفعاله ، محمود في أعماله ، وذلك قوله تعالى: (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ).

قال الله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يا محمد نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فأحوجنا بعضا إلى بعض ، أحوجنا هذا إلى مال ذاك ، وأحوجنا ذاك إلى سلعة هذا وإلى خدمته ، فترى أجل الملوك وأغنى الأغنياء ، محتاجا إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب ، إما سلعة معه ليست معه ، وإما خدمة يصلح لها لا يتهيأ لذلك الملك إلا أن يستعين[670] به ، وإما باب من العلم والحكم هو فقير أن يستفيدها من هذا الفقير ، وهذا الفقير يحتاج إلى مال ذلك الملك الغني ، وذلك الملك يحتاج إلى علم ذلك الفقير أورأيه أومعرفته ، ثم ليس للملك أن يقول: هلا أجمع إلى ملكي ومالي علمه ورأيه؟ ولا لذلك الفقير أن يقول: هلا أجمع إلى رأيي وعلمي وما أتصرف فيه من فنون الحكم مال هذا الغني؟ ثم قال تعالى: (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) ، ثم قال: يا محمد (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا».[671]

قوله تعالى:

(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ- إلى قوله تعالى- فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ 33- 36)

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب الأسدي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) ، قال: «عنى بذلك أمة محمد أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ولو فعل ذلك بأمة محمد (صلى الله عليه وآله) لحزن المؤمنون وغمهم ذلك ، ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم».[672]

2 - الحسين بن سعيد ، في كتاب (الزهد): عن النضر ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن إسحاق بن غالب ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في هذه الآية: (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ، قال: «لو فعل ، لكفر الناس جميعا»[673].

3 - علي بن إبراهيم ، قال: قوله تعالى: (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) أي على مذهب واحد (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ، قال: المعارج التي يظهرون بها (وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَزُخْرُفاً) البيت المزخرف بالذهب. قال: فقال الصادق (عليه السلام): «لو فعل الله ذلك لما آمن أحد ، و لكنه جعل في المؤمنين أغنياء ، وفي الكافرين فقراء ، وجعل في الكافرين أغنياء ، وفي المؤمنين فقراء ، ثم امتحنهم بالأمر والنهي والصبر والرضا». قال: قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) أي يعمى (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ). [674]

قوله تعالى:

(حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ 38-39)

1 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، في (كامل الزيارات) ، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد البصري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) قيل له: إن الله مختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك؟ قال: اسلم لأمرك يا رب ، ولا قوة لي على الصبر إلا بك ، فما هن؟ قيل له: أولهن: الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة. قال: قبلت يا رب ورضيت وسلمت ، ومنك التوفيق للصبر[675].

وأما الثانية: فالتكذيب والخوف الشديد ، وبذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك ، والصبر على ما يصيبك منهم من الأذى من أهل النفاق ، والألم في الحرب والجراح. قال: يا رب قبلت ورضيت وسلمت ، ومنك التوفيق للصبر.

وأما الثالثة: فما يلقى أهل بيتك من بعدك من القتل ، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم ، وآخر ذلك القتل ، فقال: يا رب سلمت وقبلت ، ومنك التوفيق للصبر.

وأما ابنتك فتظلم وتحرم ، ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها ، وتضرب وهي حامل ، ويدخل حريمها ومنزلها بغير إذن ، ثم يمسها هوان وذل. ثم لا تجد مانعا ، وتطرح ما في بطنها من الضرب ، وتموت من ذلك الضرب. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ، قبلت يا رب وسلمت ، ومنك التوفيق للصبر.

ويكون لها من أخيك ابنان ، يقتل أحدهما غدرا ، ويسلب ويطعن ويسم ، تفعل به ذلك أمتك ، قال: قبلت يا رب ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ومنك التوفيق للصبر. وأما ابنها الآخر فتدعوه أمتك للجهاد ، ثم يقتلونه صبرا ويقتلون‏ ولده ومن معه من أهل بيته ، ثم يسلبون حرمه ، فيستعين بي ، وقد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له ولمن معه ، ويكون قتله حجة على من بين قطريها ، فيبكيه أهل السماوات وأهل الأرضين جزعا عليه ، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته.

ثم أخرج من صلبه ذكرا به أنصرك[676] ، وإن شبحه عندي تحت العرش ، يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط ، يسير معه الرعب ، يقتل حتى يشك فيه. فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقيل له: ارفع رأسك. فنظرت إلى رجل من أحسن الناس صورة ، وأطيبهم ريحا ، والنور يسطع من بين عينيه ومن فوقه و من تحته ، فدعوته فأقبل إلي ، وعليه ثياب النور ، وسيماء كل خير ، حتى قبل بين عيني ، ونظرت إلى الملائكة قد حفوا به ، لا يحصيهم إلا الله عز وجل ، فقلت: يا رب ، لمن يغضب هذا ، ولمن أعددت[677] هؤلاء الملائكة ، وقد وعدتني النصر فيهم ، فأنا أنتظره منك ، فهؤلاء أهلي وأهل بيتي ، وقد أخبرتني بما يلقون من بعدي ، ولو شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم ، و قد سلمت وقبلت ورضيت ، ومنك التوفيق والرضا والعون على الصبر؟

فقيل لي: أما أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوى نزلا بصبره ، أفلج حجته على الخلائق يوم البعث ، واوليه حوضك ، يسقي منه أولياءكم ، ويمنع منه أعداءكم ، وأجعل جهنم عليه بردا وسلاما ، يدخلها فيخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة لكم ، وأجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنة.

وأما ابنك المقتول المخذول المسموم ، وابنك المغدور المقتول صبرا ، فإنهما ممن أزين بهما عرشي ، ولهما من الكرامة سوى ذلك ، مما لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء[678] ، ولكل من أتى قبره من الخلق[679] ، لأن زواره زوارك ، وزوارك زواري ، وعلي كرامة زائري ، وأنا أعطيه ما سأل ، وأجزيه جزاء يغبطه به من نظر إلى عطيتي إياه ، وما أعددت له من كرامتي.

وأما ابنتك ، فإني أوقفها عند عرشي ، فيقال لها: إن الله قد حكمك في خلقه ، فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت ، فإني أجيز حكومتك فيهم. فتشهد العرض[680] ، فإذا أوقف من ظلمها أمرت به إلى النار ، فيقول الظالم: (يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)[681] ، ويتمنى الكرة ، ويعض الظالم على يديه ، ويقول:

(يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى‏ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا)[682] ، و قال: (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) ، فيقول الظالم: (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)[683] ، فيقال لهما: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ)[684]».

وأول من يحكم فيه محسن بن علي (عليه السلام) وفي قاتله ، ثم في قنفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار ، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا ، فيضربان بها. ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله تعالى مع الرابع ، ويدخل الثلاثة في جب ، فيطبق عليهم ، لا يراهم أحد ولا يرون أحدا ، فعندها يقول الذين كانوا في ولايتهم: (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)[685] ، فيقول الله عز وجل: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) فعند ذلك ينادون بالويل والثبور ، ويأتيان الحوض فيسألان عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومعهم حفظة ، فيقولان: اعف عنا واسقنا وخلصنا. فيقال لهم: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)[686] ، يعني بإمرة المؤمنين ، ارجعوا ظماء مظمئين (إلى النار) ، فما شرابكم إلا الحميم والغسلين ، وما تنفعكم شفاعة الشافعين».[687]

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن علي بن عكاية التميمي ، عن الحسين بن النضر الفهري ، عن أبي عمرو الأوزاعي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في خطبة الوسيلة ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيها: «ولئن تقمصها دوني الأشقيان ، ونازعاني فيما ليس لهما بحق ، وركباها ضلالة ، وأعتقدها جهالة ، فلبئس ما عليه وردا ، ولبئس ما لأنفسهما مهدا ، يتلاعنان في دورهما ، ويتبرأ كل منهما من صاحبه ، يقول لقرينه: (يا  لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) ، فيجيبه الأشقى على رثوثة: (يا وَيْلَتى‏ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا) ، فإنا الذكر الذي عنه ضل ، والسبيل الذي عنه مال ، والإيمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إياه هجر ، والذين الذي به كذب ، و الصراط الذي عنه نكب».[688]

وتقدم بزيادة ، في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى‏ يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) من سورة الفرقان[689].

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن‏ خالد البرقي ، عن محمد بن أسلم ، عن أيوب البزاز ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمد حقهم ، إنكم في العذاب مشتركون».[690]

4 - كتاب (صفة الجنة والنار): عن سعيد بن جناح ، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي ، عن جابر ابن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه حال الكافرين يوم القيامة- قال: «ثم يدفع- يعني الكافر- في صدره دفعة ، فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة ، فإذا واقعها دقت عليه وعلى شيطانه ، وجاذبه الشيطان بالسلسلة ، كلما رفع رأسه ونظر إلى قبح وجهه ، كلح في وجهه ، قال: فيقول: (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) ، ويحك كما أغويتني احمل عني من عذاب الله من شي‏ء. فيقول: يا شقي ، كيف أحمل عنك من عذاب الله من شي‏ء ، وأنا وأنت في العذاب مشتركون».[691]

قوله تعالى:

(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ 41)

5 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «فإما نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة ، فإنا رادوك إليها ومنتقمون منهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».[692]

6 - محمد بن العباس: عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن يحيى بن حسن بن فرات ، عن مصبح ابن الهلقام العجلي ، عن أبي مريم ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة بن اليمان ، قال: قوله تعالى: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) يعني بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).[693]

7 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي ، عن عيسى بن مهران ، عن يحيى بن حسن ابن فرات ، بإسناده إلى أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي ، عن عمه ، أنه قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) (قال: ) «لما نزلت: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) أي بعلي ، كذلك حدثني جبرئيل (عليه السلام)».[694]

8 - وعنه ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن المغيرة بن محمد ، عن عبد الغفار بن محمد ، عن منصور بن أبي الأسود ، عن زياد بن المنذر ، عن عدي بن ثابت ، قال: سمعت ابن عباس يقول: ما حسدت قريش‏ عليا (عليه السلام) بشي‏ء مما سبق له أشد مما وجدت يوما ونحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: «كيف أنتم- يا معشر قريش- لو كفرتم من بعدي ، فرأيتموني في كتيبة أضرب وجوهكم بالسيف؟» ، فهبط جبرئيل (عليه السلام) ، فقال: قل: إن شاء الله ، أوعلي فقال: «إن شاء الله ، أوعلي».[695]

5 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن[696]عبد الرحمن بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) ، قال: «قال الله: انتقم بعلي (عليه السلام) يوم البصرة ، وهو الذي وعد الله رسوله».[697]

6 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال ، عن محمد بن الربيع ، قال: قرأت على يوسف الأزرق حتى انتهيت في الزخرف إلى قوله تعالى: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) ، قال: يا محمد ، أمسك فأمسكت ، فقال يوسف: قرأت على الأعمش ، فلما انتهيت إلى هذه الآية قال: يا يوسف ، أ تدري فيمن نزلت؟ قلت: الله أعلم. قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ بعلي مُنْتَقِمُونَ) محيت والله من القرآن ، واختلست والله من القرآن.[698]

7 - الشيخ في (أماليه): بإسناده ، عن محمد بن علي (عليهما السلام) ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجة الوداع بمنى ، فقال: «لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم». ثم التفت إلى خلفه (فقال‏): «أوعلي أوعلي أوعلي» ثلاثا ، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزه ، وأنزل الله عز وجل: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بعلي أَوْنُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ)[699] ، ثم نزلت: (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَإِنَّا عَلى‏ أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ)[700] ، ثم نزلت: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ من أمر علي بن أبي طالب إِنَّكَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)[701] وإن عليا لعلم للساعة لك و لقومك ولسوف تسألون عن محبة علي بن أبي طالب (عليه السلام).[702]

8 - الطبرسي: روى جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع بمني. حتى قال: «لألفينكم[703] ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم». ثم التفت إلى خلفه ، فقال: «أو علي. أو علي أوعلي» ثلاث مرات ، فرأينا أن جبرئيل (عليه السلام) غمزة ، فأنزل الله إثر ذلك: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بعلي بن أبي طالب (عليه السلام).[704]

وستأتي رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ، في الآية الآتية ، إن شاء الله تعالى[705].

9 - ومن طريق المخالفين: من (فضائل السمعاني) يرفعه إلى ابن عباس ، قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) ، قال: «بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)». [706]

ومن (مناقب ابن المغازلي) يرفعه إلى جابر ، مثله[707].

قوله تعالى:

(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ- إلى قوله تعالى- وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ 43- 44)

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن خالد ابن ماد ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)» (قال): «إنك على ولاية علي ، وعلي هو الصراط المستقيم».[708]

محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن خالد بن حماد و محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، مثله[709].

2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا جعفر بن أحمد ، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم ، عن محمد ابن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «نزلت هاتان الآيتان هكذا ، قول الله: (حَتَّى إِذا جاءَنا) يعني فلانا و فلانا ، يقول أحدهما لصاحبه حين يراه: (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)[710]. فقال الله لنبيه: قل لفلان وفلان وأتباعهما: (لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) آل‏ محمد حقهم (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ)[711].

ثم قال الله لنبيه (صلى الله عليه وآله): (أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ)[712] يعني من فلان و فلان و أتباعهما ، ثم أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) في علي (عليه السلام) (إِنَّكَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، يعني إنك على ولاية علي ، وعلي هو الصراط المستقيم». [713]

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال ، عن الحسن بن وهب ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) قال: «في علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[714]

4 - ورواه علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن هلال ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ): [715] ، فقال: «في علي بن أبي طالب (عليه السلام)»[716]».

5 - ومن طريق المخالفين: ابن المغازلي في (المناقب) ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال: إني لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع بمنى ، حتى قال: «لألفينكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في الكتيبة التي تضاربكم» ، ثم التفت إلى خلفه فقال: «أوعلي أوعلي أوعلي» ثلاثا ، فرأينا أن جبرئيل غمزه ، فأنزل الله عز وجل على إثر ذلك: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ)  بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) (أَوْنُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ)[717] بعلي[718] ، ثم نزلت: (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[719] ، ثم نزلت: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وإن عليا لعلم للساعة (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام).[720]

6 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا يحيى بن زكريا ، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت له: قوله تعالى: (وَاِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ؟ فقال: «الذكر: القرآن ، و نحن قومه ، ونحن مسئولون».[721]

7 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز و جل: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[722]. قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الذكر أنا ، والأئمة أهل الذكر».

وقوله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، قال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن قومه ، ونحن المسؤولون».[723]

8 - وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمان بن كثير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[724] ، قال: «الذكر: محمد (صلى الله عليه وآله) ، ونحن أهله المسؤولون».

قال: قلت: قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلون)؟ قال: «إيانا عنى ، ونحن أهل الذكر ،  ونحن المسؤولون».[725]

9 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ): «فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذكر ، وأهل بيته (عليهم السلام) المسؤولون ، وهم أهل الذكر».[726]

10 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك و تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، قال: «الذكر: القرآن ، ونحن قومه ، ونحن المسؤولون».[727]

ورواه محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، مثله[728].

11 - و عنه: عن محمد بن الحسن و غيره ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن يحيى ، ومحمد بن الحسين جميعا ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، و عبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد ابن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال جل ذكره: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[729] ، قال: الكتاب: الذكر ، وأهله آل محمد (عليهم السلام) ، وأمر الله عز وجل بسؤالهم ، ولم يأمر بسؤال الجهال ، وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا ، فقال تبارك و تعالى: ( أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)[730] ، و قال عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ)».[731]

12 - محمد بن الحسن الصفار: عن العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن عمر بن يزيد ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) قال: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذكر ، وأهل بيته أهل الذكر ، وهم المسؤولون».[732]

13 - وعنه: عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، قال: «إنما عنانا بها ، نحن أهل الذكر ، ونحن المسؤولون».[733]

14 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن القاسم ، عن حسين بن الحكم ، عن حسين بن نصر ، عن أبيه ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن علي (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) فنحن قومه ، ونحن المسؤولون».[734]

15 - وعنه ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن عبد الرحمان بن سلام ، عن أحمد بن عبد الله ، عن أبيه ، عن زرارة ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، قال: «إيانا عنى ، ونحن أهل الذكر ، ونحن المسؤولون».[735]

16 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذكر ، وأهل بيته (صلوات الله عليهم) أهل الذكر ، وهم المسؤولون ، أمر الله الناس يسألونهم ، فهم ولاة الناس وأولاهم ، فليس يحل لأحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الذي افترضه الله لهم».[736]

 

17 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يوسف ، عن صفوان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت له: قوله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، من هم؟ قال: «نحن هم».[737]

18 - وروي عن محمد بن خالد البرقي ، عن الحسين بن سيف ، عن أبيه ، عن ابني القاسم[738] ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، قال: «قوله: (وَلِقَوْمِكَ) يعني عليا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عن ولايته».[739]

قوله تعالى:

(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ 45)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي ، وأبي منصور ، عن أبي الربيع ، قال: حججنا مع أبي جعفر (عليه السلام) ، في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفر (عليه السلام) في ركن البيت ، وقد اجتمع عليه الناس ، فقال: يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي قد تداك عليه الناس؟ فقال: هذا نبي أهل الكوفة ، هذا محمد بن علي. فقال: اشهد لآتينه ، فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أوابن نبي أووصي نبي. قال: فاذهب فاسأله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ، ثم أشرف على أبي جعفر (عليه السلام) ، فقال: يا محمد بن علي ، إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أوابن نبي. قال: فرفع أبو جعفر (عليه السلام) رأسه ، فقال: «سل عما بدا لك» فقال: أخبرني كم بين عيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) من سنة؟ فقال: «أخبرك بقولي أوبقولك؟» قال: أخبرني عن القولين جميعا. قال: «أما في قولي فخمس مائة سنة ، وأما في قولك فست مائة سنة».

قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ، من الذي سأل محمد (صلى الله عليه وآله) ، وكان بينه وبين عيسى خمس مائة سنة؟

 (قال) فتلا أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا)[740] ، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمدا (صلى الله عليه وآله) حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل (عليه السلام) فأذن شفعا ، وأقام شفعا ، وقال في أذانه: حي على خير العمل ثم تقدم محمد (صلى الله عليه وآله) فصلى بالقوم ، فلما انصرف ، قال (لهم‏): على ما تشهدون؟ وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا». قال نافع: صدقت ، يا أبا جعفر.[741]

2 - ورواه علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي الربيع قال: حججت مع أبي جعفر (عليه السلام) ، في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب- وذكر الحديث إلا أن في آخر رواية علي بن إبراهيم-: «ثم تقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالقوم ، فأنزل الله عليه: (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): على ماذا تشهدون؟ وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا». قال نافع: صدقت يا ابن رسول الله يا أبا جعفر ، أنتم والله أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلفاؤه في التوراة ، وأسماؤكم في الإنجيل والزبور وفي الفرقان[742] ، وأنتم أحق بالأمر من غيركم.[743]

3 - محمد بن العباس: عن جعفر بن محمد الحسني ، عن علي بن إبراهيم القطان ، عن عباد بن يعقوب ، عن محمد بن الفضل ، عن محمد بن سوقة ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله) ، في حديث الإسراء: «فإذا ملك قد أتاني ، فقال: يا محمد ، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا:

على ماذا بعثتم؟ فقلت لهم: معاشر الرسل والنبيين على ماذا بعثكم الله قبلي؟ قالوا: على ولايتك يا محمد ، وولاية علي بن أبي طالب».[744]

4 - الطبرسي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا): «فهذا من براهين نبينا (صلى الله عليه وآله) التي آتاه الله إياها ، وأوجب به الحجة على سائر خلقه ، لأنه لما ختم به الأنبياء ، و جعله الله رسولا إلى جميع الأمم ، وسائر الملل ، خصه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء ، فعلم منهم ما أرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه ، وأقروا أجمعين بفضله ، وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده ، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين والمؤمنات ، الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ، ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم و عصاهم من أممهم ، وسائر من مضى ومن غبر ، أوتقدم أو تأخر».[745]

5 - الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، بإسناده إلى محمد بن مروان ، قال: حدثنا محمد بن السائب ، بإسناده عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لما عرج بي إلى السماء ، انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة ، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر ، فقال لي جبرئيل: يا محمد ، هذا البيت المعمور ، خلقه الله قبل خلق السماوات والأرضين بخمسين ألف عام ، فصل فيه. فقمت للصلاة ، وجمع الله النبيين والمرسلين ، فصفهم جبرئيل صفا ، فصليت بهم.

فلما سلمت أتاني آت من عند ربي ، فقال: يا محمد ، ربك يقرئك السلام ، و يقول لك: سل الرسل: على ماذا أرسلتم من قبلي؟ فقلت: معاشر الأنبياء والرسل ، على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ قالوا: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب ، و ذلك قوله تعالى: (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)».[746]

6 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن سيف ، عن العباس ابن عامر ، عن أحمد بن رزق الغمشاني ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث الله نبيا قط إلا بها».[747]

7 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، ولن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ووصية علي (عليه السلام)».[748]

8 - الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد ، قال: أخبرني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما قبض الله نبيا حتى أمره الله أن يوصي إلى أفضل عشيرته ، من عصبته ، وأمرني أن أوصي ، فقلت:

إلى من يا رب؟ فقال: أوص- يا محمد- إلى ابن عملك علي بن أبي طالب ، فإني قد أثبته في الكتب السالفة ، وكتبت فيها أنه وصيك ، وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي ، أخذت مواثيقهم لي بالربوبية ، ولك- يا محمد- بالنبوة ، ولعلي بن أبي طالب بالولاية».[749]

9 - ومن طريق المخالفين: أبو نعيم المحدث ، في (حلية الأولياء) في تفسير قوله تعالى: (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) ، قال: إن النبي (صلى الله عليه و آله) ليلة أسري به ، جمع الله بينه وبين الأنبياء ، قال: سلهم- يا محمد- على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة: أن لا إله إلا الله ، والإقرار بنبوتك ، والولاية لعلي بن أبي طالب.[750]

1 - شرف الدين النجفي ، قال: ومما ورد في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل من النبيين (صلوات الله عليهم) ، روي مسندا مرفوعا ، عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) أنه قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا جابر ، أي الإخوة أفضل؟» قال: قلت: البنون من الأب والام. فقال: «إنا معاشر الأنبياء إخوة ، وأنا أفضلهم ، وأحب الإخوة إلي علي بن أبي طالب ، فهو عندي أفضل من الأنبياء ، فمن زعم أن الأنبياء أفضل منه ، فقد جعلني أقلهم ، ومن جعلني أقلهم فقد كفر ، لأني لم أتخذ عليا أخا إلا لما علمت من فضله»[751]».[752]

2 - ثم قال: وبيان ذلك أن معنى الاخوة بينهما: المماثلة في الفضل إلا النبوة ، لما

روى المفضل بن عمر[753] المهلبي ، عن رجاله مسندا ، عن محمد بن ثابت ، قال: حدثني أبو الحسن موسى (عليه السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «أنا رسول الله المبلغ عنه ، وأنت وجه الله المؤتم به ، فلا نظير لي إلا أنت ، ولا مثل لك إلا أنا».[754]

قوله تعالى:

(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها 48)

3 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، في (كامل الزيارات) ، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد ، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم ، عن عبد الله بن بكر الأرجاني ، قال: صحبت أبا عبد الله (عليه السلام) في طريق مكة من المدينة ، فنزلنا منزلا يقال له: عسفان ، ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق وحش ، فقلت له: يا ابن رسول ، ما أوحش هذا الجبل ما رأيت في الطريق مثل هذا. فقال لي: «يا ابن بكر ، أ تدري أي جبل هذا؟» قلت: لا. قال: «هذا جبل يقال له الكمد ، وهو على واد من أودية جهنم ، وفيه قتلة أبي الحسين (عليه السلام) ، استودعهم الله فيه ، تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم وما يخرج من جب الخزي[755]، وما يخرج من الفلق ، وما يخرج من أثام ، وما يخرج من طينة خبال ، وما يخرج من جهنم ، وما يخرج من لظى ، وما يخرج من الحطمة ، وما يخرج من سقر ، وما يخرج من الجحيم[756] ، وما يخرج من الهاوية ، وما يخرج من السعير[757] ، وما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان وإني لأنظر إلى قتلة أبي ، وأقول لهما: إنما هؤلاء فعلوا ما أسستما ، لم ترحمونا إذ وليتم ، وقتلتمونا وحرمتمونا ، ووثبتم على حقنا[758]، واستبددتم بالأمر دوننا ، فلا رحم الله من يرحمكما ، ذوقا وبال ما قدمتما ، وما الله بظلام للعبيد. وأشدهما تضرعا واستكانة الثاني ، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي ، وربما طويت الجبل الذي هما فيه وهو جبل الكمد».

قال: قلت له: جعلت فداك ، فإذا طويت الجبل ، فما تسمع؟ قال: «أسمع أصواتهما يناديان: عرج علينا نكلمك ، فإنا نتوب واسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما وقل لهما: اخسؤوا فيها ولا تكلمون».

قال: قلت له: جعلت فداك ، ومن معهم؟ قال: «كل فرعون عتا على الله وحكى الله عنه فعاله ، وكل من علم العباد الكفر».

قلت: من هم؟ قال: «نحو بولس الذي علم اليهود أن يد الله مغلولة ، ونحو نسطور الذي علم النصارى أن عيسى المسيح ابن الله ، وقال: إنه ثالث ثلاثة[759] ونحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الأعلى ونمرود[760] الذي قال: قهرت أهل الأرض ، وقتلت من في السماء وقاتل أمير المؤمنين وقاتل فاطمة ومحسن ، وقاتل الحسن والحسين (عليهم السلام) ، وأما معاوية وعمرو بن العاص فهما يطمعان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة ، وأعان علينا بلسانه ويده وماله».

وقلت له: جعلت فداك ، فأنت تسمع هذا كله ولا تفزع؟ قال: «يا ابن بكر ، إن قلوبنا غير قلوب الناس ، (إنا مطيعون مصفون مصطفون ، نرى ما لا يرى الناس ، ونسمع ما لا يسمع الناس‏) ، وإن الملائكة تنزل علينا في رحالنا ، و تتقلب على فرشنا ، وتشهد طعامنا ، وتحضر موتنا[761] ، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون ، وتصلي معنا ، وتدعو لنا ، وتلقي علينا أجنحتها ، وتتقلب على أجنحتها صبياننا ، وتمنع الدواب أن تصل إلينا ، وتأتينا مما في الأرضين من كل نبات في زمانه ، وتسقينا من ماء كل أرض ، نجد ذلك في آنيتنا ، وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلا وهي تنبهنا لها ، وما من ليلة تأتي علينا إلا وأخبار كل أرض عندنا ، وما يحدث فيها ، وأخبار الجن وأخبار (أهل‏) الهواء من الملائكة ، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره مقامه إلا أتتنا بخبره وكيف سيرته في الذين قبله ، وما من أرض من ستة أرضين إلى أرض[762] السابعة إلا ونحن نؤتى بخبرها».

فقلت له: جعلت فداك أين ينتهي هذا الجبل؟ قال: «إلى الأرض السادسة[763] ، و فيها جهنم على واد من أوديتها ، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء وقطر المطر ، وعدد ما في البحار ، وعدد الثرى ، وقد وكل كل ملك منهم بشي‏ء ، وهو مقيم عليه لا يفارقه».

قلت: جعلت فداك ، إليكم جميعا يلقون الأخبار؟ قال: «لا ، إنما يلقى ذلك إلى صاحب الأمر ، وإنا لنحمل ما لا يقدر العباد على حمله ، ولا على الحكومة فيه[764] ، فمن لم يقبل حكومتنا أجبرته الملائكة على قولنا ، وأمرت الذين يحفظون ناحيته أن يقسروه على قولنا ، فإن كان من الجن أهل الخلاف والكفر أوثقته وعذبته حتى يصير إلى ما حكمنا به».

قلت له: جعلت فداك ، فهل يرى الإمام ما بين المشرق والمغرب؟ قال: «يا ابن بكر ، فكيف يكون حجة على ما بين قطريها ، وهو لا يراهم ولا يحكم فيهم و كيف يكون حجة على قوم غيب لا يقدر عليهم ولا يقدرون عليه وكيف يكون مؤديا عن الله وشاهدا على الخلق و هو لا يراهم؟ وكيف يكون حجة عليهم و هو محجوب عنهم ، وقد حيل بينهم و بينه أن يقوم بأمر الله فيهم والله يقول: (وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)[765] يعني به من على الأرض ، والحجة من بعد النبي (صلى الله عليه وآله) يقوم مقام النبي (صلى الله عليه وآله) ، وهو الدليل على ما تشاجرت فيه الامة ، والآخذ بحقوق الناس ، والقائم[766] بأمر الله ، والمنصف لبعضهم من بعض ، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله تعالى ، وهو يقول: (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ)[767] ، فأي آية في الآفاق غيرنا أراها الله أهل الآفاق؟ وقال تعالى: (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) فأي آية أكبر منا».[768]


 



 [1] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (73) من سورة الأنعام.

 [2] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة السجدة.

 [3] الكافي 8: 35/ 6.

 [4] في المصدر: لا يقدر. [.....]

 [5] معاني الأخبار: 107/ 4.

 [6] تفسير القمّي 2: 250.

 [7] تفسير القمّي 2: 250.

 [8] في المصدر زيادة: شيعة.

 [9] تأويل الآيات 2: 518/ 21.

 

 [10] تأويل الآيات 2: 518/ 22 ، فضائل الشيعة: 62/ 18.

 [11] تأويل الآيات 2: 519/ 23.

 [12] تفسير القمّي 2: 250.

 [13] الكافي 1: 113/ 9.

 [14] الكافي 1: 113/ 8.

 [15] في المصدر ، و «ج»: و أنا المهتدي.

 [16] التوحيد: 164/ 2.

 [17] الإختصاص: 248.

 [18] التوحيد: 164/ 1.

 [19] في «ط ، ي»: و ثمانين.

 [20] في المصدر: الحسين ، و كذلك في تاريخ بغداد 8: 50. [.....]

 [21] البسّ: السير الرقيق. «لسان العرب- بسس- 6: 28».

 [22] آل عمران 3: 103.

 [23] آل عمران 3: 112.

 [24] الفرقان 25: 27.

 [25] إبراهيم: 14: 37.

 [26] في المصدر زيادة: في بني قيس.

 [27] في المصدر: نجبة.

 [28] في المصدر: و انثلجت.

 [29] آل عمران 3: 7.

 [30] غيبة النعماني: 39/ 1.

 [31] تأويل الآيات 2: 519/ 24.

 [32] في «ج»: مهس.

 

 [33] تأويل الآيات 2: 520/ 25.

 [34] تأويل الآيات 2: 520/ 26.

 [35] تأويل الآيات 2: 520/ 27. [.....]

 [36] في «ط ، ي»: المعروف.

 [37] (و نحن من نعم ... معدن النبوة) ليس في المصدر.

 [38] أمالي الطوسي 2: 267.

 [39] المناقب 3: 273.

 [40] المناقب 3: 273.

 [41] المناقب 3: 273.

 [42] الإحتجاج: 252.

 [43] بصائر الدرجات: 82/ 5.

 [44] بصائر الدرجات: 82/ 6.

 [45] مجمع البيان 8: 787.

 [46] المناقب 3: 98.

 [47] تفسير القمّي 2: 251.

 [48] الكافي 1: 304/ 1.

 [49] غيبة النعماني: 111/ 1. [.....]

 [50] غيبة النعماني: 112/ 5.

 [51] غيبة النعماني: 114/ 8.

 

 [52] تفسير القمّي 2: 251.

 [53] تفسير القمّي 2: 251.

 [54] ثواب الأعمال: 214.

 [55] الكافي 1: 304/ 3.

 [56] مجمع البيان 8: 787.

 [57] الحشر 59: 7.

 [58] الروم 30: 40.

 [59] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 202/ 3.

 [60] تفسير القمّي 2: 251.

 [61] المناقب 1: 59.

 [62] الكافي 2: 254/ 76.

 [63] تفسير القمّي 2: 251. [.....]

 [64] المائدة 5: 67.

 [65] تأويل الآيات 2: 522/ 32.

 [66] المناقب 1: 252.

 [67] التوبة 9 43.

 [68] الإسراء 17: 74.

 [69] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 202/ 1.

 [70] الكافي 2: 461/ 14.

 [71] تقدّم في باب (9).

 [72] الكافي 1: 80/ 11.

 [73] الأنعام 6: 91.

 [74] التوحيد: 160/ 1.

  [75] البقرة 2: 245. [.....]

 [76] في المصدر: يعطي و يوسع و يمنع و يضيق.

 [77] التوبة 9: 104.

 [78] التوحيد: 161/ 2.

 [79] في المصدر: بقوته.

 [80] تفسير القمي 2: 251.

 [81] إبراهيم 14: 48.

 [82] إرشاد القلوب: 310.

 [83] .... ، معالم الزلفى: 315.

 [84] الطور 52: 9 و 10.

 [85] إبراهيم 14: 48.

 [86] في المصدر: تحضر.

 [87] تفسير القمّي 2: 252.

 [88] في المصدر: و قال.

 [89] في نسخة من «ط ، ج ، ي»: كن.

 [90] تفسير القمّي 2: 253.

 

 [91] الحسيس: الصوت الخفي. «أقرب الموارد- حسس- 1: 191».

 [92] الأعراف 7: 57.

 [93] سورة ق 50: 41.

 [94] بستان الواعظين [.....]

 [95] الكافي 1: 265/ 1.

 [96] تفسير القمّي 2: 253.

 [97] الغرل: جمع الأغرل ، و هو الأقلف ، و الغرلة: القلفة ، و البهم: جمع بهيم ، و هو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواه ، يعني ليس فيهم شي‏ء من العاهات و الأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى و العور و العرج و غير ذلك ، و إنّما هي أجساد مصحّحة لخلود الأبد في الجنّة أو النار. و قال بعضهم في تمام الحديث: «قيل: و ما البهم؟ قال: ليس معهم شي‏ء» ، يعني من أعراض الدنيا ، و هذا [لا] يخالف الأول من حيث المعنى.

 «النهاية 1: 167 ، 3: 362».

 [98] في المصدر: أبصارهم.

 [99] في المصدر: شاهد لكم عليهم.

 [100] أي جوانبه و أطرافه.

 [101] كردهم: ساقهم و طردهم. «لسان العرب- كرد- 3: 379».

 [102] في «ج ، ي»: فيزداد.

 [103] في «ط» نسخة بدل: فيزداد.

 [104] الكافي 8: 104/ 79.

 [105] الحج 22: 78.

 [106] تفسير القمّي 2: 253.

 [107] تفسير القمّي 2: 254. [.....]

 [108] تفسير القمّي 2: 254.

 [109] تفسير القمّي 2: 254.

 [110] تفسير القمّي 2: 254.

 [111] (أنّه قد كان) ليس في المصدر.

 [112] تفسير القمّي 2: 254.

 [113] الإختصاص: 47.

 [114] في «ج ، ي»: تمجيده.

 [115] المناقب 2: 233.

 

 [116] الكافي 2: 27/ 1.

 [117]النبأ 78: 31. [.....]

 [118] تحف العقول: 232.

 [119]مراد المؤلف أنّه (عليه السّلام) ورد عنه أحاديث كثيرة في فضل الحواميم ، و ليس مراده إخراج نصّ قول الإمام (عليه السّلام) ، انظر: ثواب الأعمال:114 ، نور الثقلين 4: 510/ 6.

 [120] ثواب الأعمال: 113.

 [121] ....

 [122] ....

 [123] الأدرة ، بالضّم: نفخة في الخصية. «النهاية 1: 31».

 [124] ....

 [125] الفرق: الخوف. «لسان العرب- فرق- 10: 304».

 [126] الشورى 42: 1 و 2.

 [127] معاني الأخبار: 22/ 1.

 [128] تفسير القمّي 2: 254.

 [129] المجادلة 58: 7.

 [130] طه 20: 7. [.....]

 [131] البقرة 2: 255.

 [132] الأنعام 6: 75.

 [133] الكافي 1: 100/ 1.

 [134] الأعراف 7: 180.

 [135] الحاقة 69: 17.

 [136] الكافي 1: 101/ 2.

 [137] الكافي 8: 304/ 470.

 [138] الكافي 8: 34/ 6.

 [139] فضائل الشيعة: 61/ 18.

 [140] في «ط ، ي»: أبو الفضيل.

 [141] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 262/ 22.

 [142] تأويل الآيات 2: 716/ 7.

 [143] تأويل الآيات 2: 526/ 1.

 [144] تأويل الآيات 2: 527/ 2.

 [145] في المصدر: سنتين.

 [146] تأويل الآيات 2: 527/ 3.

 [147] تأويل الآيات 2: 528/ 4. [.....]

 [148] تأويل الآيات 2: 528/ 5.

 [149] تفسير القمي 2: 255.

 [150] تفسير القمي 2: 255.

 [151] البقرة 2: 222.

 [152] الفرقان 25: 68- 70.

 [153] الكافي 2: 315/ 5.

 [154] الشورى 42: 5.

 [155] المناقب 2: 16.

 [156] المناقب 3: 72.

 [157] تأويل الآيات 2: 528/ 7.

 [158] تأويل الآيات 2: 531/ 13.

 [159] تفسير القمّي 2: 256.

 [160] الرجعة: 43 «مخطوط». [.....]

 [161] تفسير القمّي 2: 256.

 [162] في المصدر: و وحّد.

 [163] تفسير القمّي 2: 256.

 [164] تأويل الآيات 2: 530/ 12.

 [165] تقدّم في الحديث (2) في تفسير الآية (45) من سورة الزمر.

 [166] الكافي 1: 349/ 46.

 [167] تفسير القمّي 2 256.

 [168] تفسير القمّي 2 256.

 [169] مختصر بصائر الدرجات: 3.

 [170] تقدّم في الحديث (5) في تفسير الآيتين (1- 2) من سورة النحل.

 [171] يأتي في تفسير الآيتين (52 ، 53) من سورة الشورى. [.....]

 [172] الأعراف 7: 50.

 [173] معاني الأخبار: 156/ 1.

 [174] التوحيد: 234/ 1.

 [175] في المصدر: و نحوتهم.

 [176] تفسير القمّي 2: 256.

 

 [177] في المصدر: معي.

 [178] الزهد: 90/ 242.

 [179] تفسير القمي 2: 257.

 [180] معاني الأخبار: 147/ 1.

 [181] تفسير القمّي 2: 257.

 [182] علل الشرائع: 57/ 1.

 [183] أي صحيح النسب ، أو من نكاح صحيح.

 [184] في المصدر: أولاد زنا و البغايا. [.....]

 [185] كامل الزيارات: 78/ 7.

 [186] الأعراف 7: 111.

 [187] تفسير العيّاشي 2: 24/ 62.

 [188] تفسير القمّي 2: 137.

 [189] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 240/ 1.

 

 [190] الكافي 1: 40/ 15.

 [191] بصائر الدرجات: 29/ 1.

 [192] في المصدر: الحسن.

 [193] في المصدر: خالد بن عيسى.

 [194] يس 36: 20 و 21.

 [195] أمالي الصدوق: 385/ 18.

 [196] كنع الشي‏ء: يبس و تشنّج. «المعجم الوسيط- كنع- 2: 800» ، و في المصدر: مقفعا. قفع الرد أو الداء أصابعه: أيبسها و قبّضها. «المعجم الوسيط- قفع- 2: 751».

 [197] في المصدر: المقفوعة.

 [198] المؤمن 40: 38.

 [199] تفسير القمّي 2: 257.

 [200] يس 36: 20.

 [201] الكافي 2: 200/ 30.

 [202] تفسير العيّاشي 2: 19/ 50.

 [203] تقدّم في الحديث (3) في تفسير الآية (15) من هذه السورة.

 [204] في المصدر: فلما رأى الشيعة ذلك.

 [205] في المصدر: فأكبوا على الأرض شكرا للّه عزّ و جلّ.

 [206] في المصدر: قاهث.

 [207] كمال الدين و تمام النعمة: 145/ 12. [.....]

 [208] في «ط ، ي»: عن أبي الحصين ، و الظاهر أن الصواب و أبي الحسين. انظر معجم رجال الحديث 21: 45.

 [209] كمال الدين و تمام النعمة: 147/ 13.

 [210] تقدّم في الحديث (1) في تفسير الآية (4) من سورة القصص.

 [211] في المصدر: نابته.

 [212] الكافي 2: 73/ 6.

 [213] تفسير القمّي 2: 257.

 [214] تقدّم في تفسير الآية (38).

 [215] النحل 16: 97.

 [216] معاني الأخبار: 388/ 26.

 [217] في «ي ، ط»: لأهل.

 [218] تفسير القمّي 2: 257. [.....]

 [219] في «ي» سطوا ، و في المصدر: بسطوا.

 [220] الكافي 2: 171/ 1

 [221] تفسير القمّي 2: 258.

 [222] في المصدر: تقيتهم.

 [223] في «ط ، ي»: مملكتي.

 [224] التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 355/ 247.

 [225] في المصدر: مثل.

 [226] تفسير القمّي 2: 7.

 

 [227] تفسير القمّي 2: 258.

 [228] مجمع البيان 8: 818.

 [229] معاني الآخبار: 94/ 2.

 [230] تفسير القمي 2: 258. [.....]

 [231] الأعراف 7: 50.

 [232] الأعراف 7: 50.

 [233] الزخرف 43: 77.

 [234] الزخرف 43: 77.

 [235] في المصدر: قد قررهم ، و في البحار: قد قدر عندهم.

 [236] في المصدر: أوضح.

 [237] المؤمنون 23: 105- 107.

 [238] المؤمنون 23: 108.

 [239] الدروع الواقية: 58 «مخطوط» ، البحار 8: 304/ 63.

 

 [240] تفسير القمّي 2: 258.

 [241] في «ط» و المصدر: قتلوا. [.....]

  [242] تفسير القمّي 2: 258.

 

 [243] في المصدر: كثيرة.

 [244] مختصر بصائر الدرجات: 45.

 [245] كامل الزيارات: 63/ 2.

 [246] تفسير القمّي 2: 259.

 [247] النازعات 79: 6 و 7.

 [248] الرجعة: 60 «مخطوط».

 [249] التوبة 9: 114.

 [250] الكافي 2: 338/ 1.

 [251] الكافي 2: 339/ 5.

 [252] الكافي 2: 339/ 7.

 [253] التهذيب 2: 104/ 394.

 [254] الكافي 3: 341/ 4.

 

 [255] في «ط ، ي»: دعاء.

 [256] البقرة 2: 40.

 [257] الاختصاص: 242.

 [258] سبأ 34: 39.

 [259] الكافي 2: 352/ 8.

 [260] تفسير القمّي 2: 259.

 [261] تأويل الآيات 2: 532/ 16. [.....]

 [262] في «ط» و المصدر: تعلمون.

 

 [263] في «ي»: بلاطها.

 [264] الحديد 57: 23.

 [265] تفسير القمّي 2: 259.

 [266] الأمالي 2: 201.

 [267] الكافي 2: 378/ 1.

 [268] تفسير القمّي 321 «مخطوط».

 [269] في المصدر: سمّى اللّه الكافرين.

 [270] زاد في المصدر: كافر.

 [271] تفسير القمّي 2: 260.

 [272] في المصدر: تدعون. [.....]

 [273] الكافي 3: 246/ 1.

 

 [274] تفسير القمّي 2: 260.

 [275] تفسير القمّي 2: 261.

 [276] تفسير القمّي 2: 261.

 

 [277] تفسير القمّي 2: 261.

 [278] النساء 4: 164.

 [279] الكافي 8: 115/ 92.

 [280] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 77/ 7.

 [281] في النسخ و المصدر: أحسوا.

 [282] الكافي 7: 238/ 2.

 [283] ثواب الأعمال: 113.

 [284] ....

 [285] ....

 [286] خواص القرآن: 49 «مخطوط».

 [287] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (1 ، 2) من سورة المؤمن.

 [288] تفسير القمّي 2: 261.

 [289] الشعراء 26: 214.

 [290] .... [.....]

 [291] تأويل الآيات 2: 533/ 1.

 [292] يوسف 12: 106.

 [293] تفسير القمّي 2: 261.

 [294] تفسير القمّي 2: 262.

 [295] تأويل الآيات 2: 2: 533/ 2.

 

 [296] تأويل الآيات 2: 2: 534/ 3.

 [297] التوبة 9: 28.

 [298] في المصدر: يبقى.

 [299] في المصدر: فيلقح.

 [300] تفسير القمّي 2: 262.

 [301] السجدة 32: 4.

 [302] الكافي 8: 145/ 117.

 [303] فصلت 41: 4.

 [304] تفسير القمّي 2: 263. [.....]

 [305] تفسير القمّي 2: 263.

 [306] في المصدر: و حجاله و على إخوانه.

 [307] غيبة النعماني: 269/ 41.

 [308] التوبة 9: 115.

 [309] الشمس 91: 8.

 [310] الإنسان 76: 3.

 [311] الكافي 1: 124/ 3.

 [312] التوحيد: 411/ 4. [.....]

 [313] الاحتجاج: 453 ، تحف العقول: 475.

 [314] الشمس 91: 11.

 [315] تأويل الآيات 2: 804/ 1.

 [316] في المصدر: الأفعال.

 [317] تفسير القمّي 2: 264.

 [318] الكافي 2: 30/ 1.

 [319] المجادلة 58: 18.

 [320] تفسير القمّي 2: 264.

 [321] مجمع البيان 9: 14.

 [322] تفسير القمّي 2: 264.

 [323] الزهد: 97/ 262.

 [324] الأمالي 1: 52.

 [325] في المصدر: يخشؤا.

 [326] تفسير القمّي 2: 265.

 [327] تأويل الآيات 2: 534/ 4.

 [328] الكافي 8: 334/ 523.

 

 [329] الكافي 8: 334/ 524.

 [330] في المصدر: فيدخل.

 [331] الزخرف 43: 39.

 [332] كامل الزيارات: 332/ 11. [.....]

 [333] مجمع البيان 9: 17.

 [334] في المصدر: دبّر.

 [335] تفسير القمّي 2: 265.

 

 [336] في «ط ، ي»: فيرونه.

 [337] تفسير القمّي 2: 265.

 [338] الكافي 1: 172/ 2.

 [339] في المصدر: فقال: إنّ الملائكة و اللّه لتنزل علينا تطأ فرشنا.

 [340] بصائر الدرجات: 111/ 3.

 [341] مختصر بصائر الدرجات: 96.

 [342] تأويل الآيات 2: 536/ 8.

 [343] تأويل الآيات 2: 537/ 9.

 [344] الجن 72: 16.

 [345] تأويل الآيات 2: 537/ 10. [.....]

 [346] في المصدر: حسراتها و اقتطع دون أمانيه.

 [347] التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 239/ 117.

 [348] مجمع البيان 9: 17.

 [349] مجمع البيان 9: 17.

 [350] النساء 4: 137.

 [351] تفسير العياشي 1: 279/ 286.

 [352] تقدّمت في الحديث (2) من تفسير الآية (137) من سورة النساء.

 [353] المناقب 3: 77.

 [354] تقدّم في الحديث (10) في تفسير الآية (200) من سورة آل عمران.

 [355] المؤمنون 23: 96 ، و الآية في سورة فصلت بدون ذكر (السيئة) و لعلّه أراد بها هنا بيان المعنى.

 [356] الكافي 2: 173/ 6.

 [357] المحاسن: 257/ 297.

 [358] تأويل الآيات 2: 539/ 13.

 [359] تأويل الآيات 2: 540/ 14 .. [.....]

 [360] ... ، 633/ 10 ، و لم يرد في تأويل الآيات.

 [361] تأويل الآيات 2: 540/ 15.

 [362] تفسير القمّي 2: 266.

 [363] الاختصاص: 25.

 

 [364] تفسير القمّي 2: 266.

 [365] مجمع البيان 9: 23.

 [366] في المصدر: تبيان.

 [367] تفسير القمّي: 223 «حجرية».

 [368] تفسير القمّي 2: 266

 [369] إبراهيم 14: 4. [.....]

 [370] في المصدر: أو.

 [371] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 124/ 16.

 

 [372] في المصدر: يبتختر.

 [373] تفسير القمّي 2: 266.

 [374] الكافي 8: 287/ 432.

 [375] كامل الزيارات: 329/ 2.

 [376] تأويل الآيات 2: 541/ 17.

 [377] في النسخ: انتقاض.

 [378] الغيبة: 269/ 40.

 [379] الكافي 8: 166/ 181.

 [380] (و مرة يسخط) ليس في المصدر.

 [381] تفسير القمّي 2: 267.

 [382] كمال الدين و تمام النعمة: 136/ 5.

 [383] نهج البلاغة: 166 الخطبة 111.

 [384] ثواب الأعمال: 113.

 [385] ....

 [386] .... [.....]

 [387] ....

[388] - تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (1 ، 2) من سورة المؤمن.

[389] - في المصدر: أو الإمام.

[390] - تفسير القمّي 2: 267.

[391] - سورة ق 50: 1.

[392] - تفسير القمّي 2: 267.

[393] - تأويل الآيات 2: 541/ 1.

[394] - في المصدر زيادة: ألف.

[395] - تأويل الآيات 2: 542/ 3.

[396] - تفسير القمّي 2: 268.

[397] - تفسير القمّي 2: 268.

[398] - بصائر الدرجات: 245/ 1.

[399] - تقدّمت الروايات في تفسير الآيتين (91 ، 92) من سورة الأنعام.

[400] - تأتي الروايات في تفسير الآية (2) من سورة الجمعة.

[401] - آل عمران 3: 96.

[402] - تفسير القمّي 2: 268.

[403] - الفتح 48: 18.

[404] - في المصدر: صورة.

[405] - في «ط ، ي»: الحرب.

[406] - في المصدر: الفرقان.

[407] - في «ط ، ي»: أبلج.

[408] - في المصدر: الفرقان.

[409] - تفسير القمّي 2: 268. [.....]

[410] - تفسير القمّي 2: 272.

[411] - تأويل الآيات 2: 542/ 4.

[412] - في المصدر: نحن من الملل المتقدمة.

[413] - في المصدر: دخل.

[414] - المناقب 2: 339.

[415] - في المصدر: ذكرا وأنثى.

[416] - تفسير القمّي 2: 273.

[417] - في المصدر: و نحن أبناء الأوصياء.

[418] - الكافي 1: 174/ 1. [.....]

[419] - بصائر الدرجات: 138/ 1.

[420] - في المصدر: أبناء

[421] - في المصدر: 139/ 3.

[422] - في النسخ: قول.

[423] - الأنعام 6: 90.

[424] - مختصر بصائر الدرجات: 63.

[425] - الغيبة: 113/ 6.

[426] - في المصدر: بريد.

[427] - تأويل الآيات 2: 2: 543/ 5.

[428] - تأويل الآيات 2: 543/ 6. [.....]

[429] - في المصدر: تفاضل.

[430] - في المصدر: كناية عن.

[431] - تفسير القمّي 2: 273.

[432] - تفسير القمّي 2: 273.

[433] - في المصدر: مخطوطة.

[434] - الكافي 1: 346/ 32.

[435] - الرحمن 55: 7.

[436] - تفسير القمّي 12: 274.

[437] - القضافة: قلّة اللحم ، و القضيف: الدقيق العظم ، اللحم. «لسان العرب- قضف- 9: 284».

[438] - الكافي 1: 361/ 92.

[439] - التوحيد: 189/ 2.

[440] - الكافي 1: 361/ 92.

[441] - تفسير القمي 2: 274.

[442] - الكافي 8: 287/ 432.

[443] - الزخرف 43: 28.

[444] - في المصدر: الكلمة.

[445] - تفسير القمي 2: 274. [.....]

[446] - الكافي 1: 342/ 7.

[447] - الكافي 8: 93/ 66.

[448] - قرب الإسناد: 60.

[449] - النساء 4: 59.

[450] - المائدة 5: 55.

[451] - في المصدر: أو.

[452] - في المصدر: أو.

[453] - الكافي 2: 372/ 1.

[454] - النمل 27: 89.

[455] - سبأ 34: 47.

[456] - سورة ص 38: 86.

[457] - الأنبياء 21: 3.

[458] - الكافي 8: 379/ 574.

[459] - تأتي قطعة منه في الحديث (2) من تفسير الآية (1) من سورة النجم.

[460] - الكافي 1: 321/ 4. [.....]

[461] - مختصر بصائر الدرجات: 72.

[462] - مختصر بصائر الدرجات: 72.

[463] - في المصدر: من علماء أهل العراق و خراسان.

[464] - هود 11: 29.

[465] - هود 11: 51.

[466] - في المصدر زيادة: طاعته و.

[467] - في المصدر: فتمسك.

[468] - في المصدر زيادة: لا. [.....]

[469] - الشورى 42: 22 ، 23.

[470] - الأحقاف 46: 8.

[471] - في المصدر زيادة: يا رسول اللّه ، لقد.

[472] - أمالي الصدوق:.843 /619

[473] - أمالي الصدوق: 141/ 3.

[474] - تأويل الآيات 2: 2: 545/ 8.

[475] - تأويل الآيات 2: 545/ 9.

[476] - المحاسن: 145/ 48.

[477] - في المصدر: الثبت ، و في الاختصاص: شبيب.

[478] - قرب الإسناد: 38.

[479] - الاختصاص: 63.

[480] - في المصدر: و لا تغصبوهم.

[481] - الرعد 13: 21.

[482] - تفسير القمّي 2: 275.

[483] - الأمالي 2: 276.

[484] - مجمع البيان 9: 44.

[485] - مجمع البيان 9: 44. [.....]

[486] - مجمع البيان 9: 44 ، مستدرك الحاكم 3: 172 ، الصواعق المحرقة: 170.

[487] - مجمع البيان 9: 44.

[488] - مجمع البيان 9: 43.

[489] - في المجمع: وولدهما.

[490] - مجمع البيان 9: 43 ، الصواعق المحرقة: 170.

[491] - مجمع البيان 9: 43 ، شواهد التنزيل 2: 140/ 137 ، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 148/ 182 و 183 ، كفاية الطالب:

317.

[492] - في «ط»: فينا نزل.

[493] - مجمع البيان 9: 43 ..

[494] - فضائل الصحابة لابن حنبل 2: 669/ 1141 ، العمدة 47: 34.

[495] - صحيح البخاري 6: 231/ 314.

[496] -... ، تفسير الطبري 25: 16 ، العمدة: 51/ 46.

[497] -.. ، العمدة: 49/ 40 ، الطرائف: 112/ 169.

[498] -.. ، الطرائف: 113/ 170.

[499] - في المصدر: فقال ناس من المنافقين.

[500] - سبأ 34: 47.

[501] - مناقب الخوارزمي: 194. [.....]

[502] - في المصدر: فاقتراف الحسنة.

[503] - مقاتل الطالبيين: 33 ، مستدرك الحاكم 3: 172 ، ذخائر العقبى: 138.

[504] - الكافي 2: 368/ 3.

[505] - تفسير القمّي 2: 276.

[506] - عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 148/ 50.

[507] - تفسير القمّي 2: 276.

[508] - الكافي 2: 207/ 3.

[509] - الكافي 2: 325/ 1.

[510] - في المصدر زيادة: من غير ذنب.

[511] - معاني الأخبار: 383/ 15. [.....]

[512] - الكافي 2: 326/ 2.

[513] - الحديد 57: 22.

[514] - الكافي 2: 326/ 3.

[515] - الكافي 2: 323/ 6.

[516] - قرب الإسناد: 79.

[517] - تفسير القمّي 2: 277.

[518] - الحديد 57: 22 ، 23.

[519] - تفسير القمّي 2: 277.

[520] -(و عفا عنه) ليس في المصدر.

[521] - في المصدر: أحلم.

[522] - في المصدر زيادة: أو ولده.

[523] - تفسير القمّي 2: 276.

[524] - تفسير القمي 2: 277.

[525] - الكافي 2: 90/ 7.

[526] - النساء 4: 83. [.....]

[527] - في المصدر: الرخصة التي.

[528] - في المصدر: لا تعتدي و لا تجازي بأكثر ممّا فعل بك.

[529] - تفسير القمي 2: 277.

[530] - تأويل الآيات 2: 549/ 18.

[531] - تأويل الآيات 2: 550/ 19.

[532] - تأويل الآيات 2: 550/ 20.

[533] - تفسير القمّي 1: 277.

[534] - تفسير القمّي 2: 278.

[535] -(أي يهب لمن يشاء ذكرانا و إناثا) ليس في المصدر.

[536] - تفسير القمّي 2: 278.

[537] - في المصدر: الإنس.

[538] - الفرقان 25: 68 ، 69.

[539] - تفسير القمّي 2: 278.

[540] - النمل 27: 40. [.....]

[541] - يوسف 12: 100.

[542] - يونس 10: 94.

[543] - لقمان 31: 27.

[544] - الزخرف 43: 71.

[545] - الطلاق 65 2.

[546] - المبال: مخرج البول. «المعجم الوسيط 1: 77».

[547] - في المصدر: أجاز.

[548] - في المصدر: يجز.

[549] - يوسف 12: 101.

[550] - آل عمران 3: 61.

[551] - في البحار 50: 166: كما انفجرت في الطوفان.

[552] - في المصدر زيادة: و بحر بحر.

[553] - الفرقان 25: 68 و 69.

[554] - أي الأرزاق. [.....]

[555] - الإختصاص: 91.

[556] - في المصدر: يزيد.

[557] - في المصدر زيادة: و حللت عني عقدة ، فعظم اللّه أجرك يا أمير المؤمنين.                                 

[558] - التوحيد: 264/ 5.

[559] - في المصدر: بما كلم به.

 

[560] - في المصدر: تكلمهم.

[561] - مختصر بصائر الدرجات: 36.

[562] - الاختصاص: 43.

[563] - تفسير القمّي 2: 279.

[564] - لكافي 1: 214/ 1.

[565] - مختصر بصائر الدرجات: 2.

[566] - الكافي 1: 215/ 2.

[567] - في المصدر: أهو علم.

[568] - الكافي 1: 215/ 5.

[569] - مختصر بصائر الدرجات: 3.

[570] - الكافي 5: 13/ 1. [.....]

[571] - مختصر بصائر الدرجات: 2.

[572] - تأويل الآيات 2: 55/ 21.

[573] - تأويل الآيات 2: 551/ 22.

[574] - في النسخ: الحسن.

[575] - بصائر الدرجات: 98/ 5.

[576] - في المصدر زيادة: من شي‏ء.

[577] - تفسير القمّي 2: 279.

[578] - في المصدر: أي حجة اللّه.

[579] - تفسير القمّي 2: 280.

[580] - تفسير القمّي 2: 280.

[581] - الكافي 2: 462/ 18.

[582] - المحاسن: 252/ 273.

[583] - ثواب الأعمال: 113. [.....]

[584] - خواص القرآن: ...

[585] - تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيتين (1 ، 2) من سورة المؤمن.

[586] - في المصدر: حرف من الاسم.

[587] - في المصدر: الحمد.

[588] - الفاتحة 1: 6.

[589] - تفسير القمّي 2: 280.

[590] - الفاتحة 1: 6.

[591] - تفسير القمّي 1: 28.

[592] - في «ج» و المصدر: قال أبي. [.....]

[593] - تأويل الآيات 2: 552/ 2.

[594] - الفاتحة 1: 6.

[595] - تأويل الآيات 2: 552/ 3.

[596] - تأويل الآيات 2: 552/ 4.

[597] - تأويل الآيات 2: 553/ 5.

[598] - التهذيب 3: 145/ 317.

[599] - لعله حماد السمندري ، انظر معجم رجال الحديث 6: 243.

[600] - تأويل الآيات 2: 552/ 1.

[601] - مريم 19: 50.

[602] - الشعراء 26: 84.

[603] - القيامة 75: 17.

[604] - الرعد 13: 7.

[605] - هود 11: 17.

[606] - الليل 92: 12 و 13.

[607] - الأحزاب 33: 56.

[608] - الزمر 39: 56.

[609] - يس 36: 12.

[610] - يس 36: 3 و 4. [.....]

[611] - التكاثر 102: 8.

[612] -.... ، الفضائل لابن شاذان: 174.

[613] - المناقب 3: 73.

[614] - النحل 16: 5.

[615] - تفسير القمّي 2: 280.

[616] - المؤمنون 23: 29.

[617] - الإسراء 17: 80.

[618] - افي 2: 78/ 12.

[619] - تفسير القمّي 2: 281.

[620] - في المصدر: ولا وثى.

[621] - هود 11: 41.

[622] - تفسير القمّي 2: 282.

[623] - هود 11: 41. [.....]

[624] - في المصدر: بوقار.

[625] - البقرة 2: 248.

[626] - الكافي 3: 471/ 5.

[627] - مجمع البيان 9: 63.

[628] - النحل 16: 57.

[629] - تفسير القمّي 2: 281.

[630] - تأويل الآيات 2: 553/ 7.

[631] - تأويل الآيات 2: 555/ 9.

[632] - في المصدر: وسفريه.

[633] - في المصدر: نزلت كم من آية ، وفيم نزلت ، وفيما نزلت.

[634] - بصائر الدرجات: 218/ 4.

[635] - تفسير القمّي 2: 283.

[636] - معاني الأخبار: 131/ 1.

[637] - هو عبد اللّه الأفطح ، ابن الامام جعفر الصادق (عليه السّلام) ، و قد قالت الفطحيّة بإمامته.

[638] - علل الشرائع: 207/ 6.

[639] - الخصال: 305/ 84.

[640] - كمال الدين و تمام النعمة: 416/ 9. [.....]

[641] - في المصدر: أحمد.

[642] - البقرة 2: 248.

[643] - تأويل الآيات 2: 555/ 10.

[644] - تأويل الآيات 2: 2: 556/ 11.

[645] - في «ج ، ي»: الحكم.

[646] - تأويل الآيات 2: 556/ 12 ، الخصال: 305/ 84 ، معاني الأخبار: 126/

[647] - في «ط»: ولد.

[648] - في «ط ، ي» سرادق.

[649] - في «ج»: رهوا.

[650] - الحج 22: 78.

[651] - هود 11: 80.

[652] - القمر 54: 10. [.....]

[653] - المائدة 5: 25.

[654] - كفاية الأثر: 246.

[655] - في المصدر: الإمامة.

[656] - كفاية الأثر: 86.

[657] - كفاية الأثر: 87.

[658] - الأحزاب 33: 6.

[659] - كمال الدين و تمام النعمة: 323/ 8.

[660] - تفسير القمّي 2: 283.

[661] - تفسير القمّي 2: 310.

[662] - تفسير القمّي 2: 283.

[663] - الفرقان 25: 7 و8.

[664] - الإسراء 17: 90- 93.

[665] - في المصدر زيادة: و توبيخه.

[666] - في المصدر: و مجادلته. قال. [.....]

[667] - في المصدر: اللّه هو القاسم للرحمات.

[668] - في «ج» و المصدر: جلاله.

[669] - في «ج» و المصدر: جلاله.

[670] - في المصدر: الملك أن يستغني إلّا به.

[671] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 500/ 314.

[672] - علل الشرائع: 589/ 33.

[673] - الزهد: 47/ 127.

[674] - تفسير القمّي 2: 284.

[675] - في المصدر: والصبر ، وكذا ما بعدها.

[676] - في نسخة من المصدر: ذكرا انتصر له به.

[677] - في «ج ، ي»: مددت.

[678] - في «ط» و المصدر زيادة: فعليّ فتوكّل.

[679] - في المصدر زيادة: من الكرامة.

[680] - في المصدر: العرصة.

[681] - الزمر 39: 56. [.....]

[682] - الفرقان 25: 27 ، 28.

[683] - في المصدر زيادة: أو الحكم لغيرك ، و الآية في سورة الزمر 39: 46.

[684] - هود 11: 18 ، 19.

[685] - فصلت 41: 29.

[686] - الملك 67: 27.

[687] - كالم الزيارات: 332/ 11.

[688] - الكافي 8: 27/ 4.

[689] - تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآيات (27- 29) من سورة الفرقان.

[690] - تأويل الآيات 2: 557/ 13.

[691] - الاختصاص: 362.

[692] - تفسير القمّي 2: 284.

[693] - تأويل الآيات 2: 558/ 16.

[694] - تأويل الآيات 2: 559/ 17.

[695] - تأويل الآيات 2: 559/ 18.

[696] - في المصدر: عن.

[697] - تأويل الآيات 2: 559/ 19. [.....]

[698] - تأويل الآيات 2: 560/ 20.

[699] - الزخرف 43: 42.

[700] - المؤمنون 23: 93- 96.

[701] - الزخرف 43: 43.

[702] - الأمالي 1: 373.

[703] - في المصدر: لا ألفينّكم.

[704] - مجمع البيان 9: 75.

[705] - تأتي في حديث (5) من تفسير الآيتين (43 ، 44) من هذه السورة.

[706] -... ، كشف الغمة 1: 323.

[707] - المناقب: 320/ 366.

[708] - الكافي 1: 345/ 24.

[709] - بصائر الدرجات: 91/ 7. [.....]

[710] - الزخرف 43: 38.

[711] - الزخرف 43: 39.

[712] - الزخرف 43: 40 ، 41.

[713] - تفسير القمّي 2: 286.

[714] - تأويل الآيات 2: 560/ 21.

[715] - تأويل الآيات: 544 «طبع جماعة المدرسين».

[716] - هذا هو الحديث المتقدّم بعينه إلّا أن (الحسن بن وهب) سقط من السند.

[717] - الزخرف 43: 41 ، 42.

[718] -(بعليّ) ليست بالمصدر.

[719] - المؤمنون 23: 93 ، 94.

[720] - المناقب: 274/ 321.

[721] - تفسير القمّي 2: 286.

[722] - النحل 16: 43.

[723] - الكافي 1: 163/ 1.

[724] - النحل 16: 43.

[725] - الكافي 1: 164/ 2.

[726] - الكافي 1: 164/ 4. [.....]

[727] - الكافي 1: 164/ 5.

[728] - بصائر الدرجات: 57/ 1.

[729] - النحل 16: 43.

[730] - النحل 16: 44.

[731] - الكافي 1: 234/ 3.

[732] - بصائر الدرجات: 57/ 5.

[733] - بصائر الدرجات: 58/ 8.

[734] - تأويل الآيات 2: 561/ 23.

[735] - تأويل الآيات 2: 561/ 24.

[736] - تأويل الآيات 2: 561/ 25.

[737] - تأويل الآيات 2: 561/ 26.

[738] - في المصدر زيادة: عن عبد اللّه.

[739] - تأويل الآيات 2: 562/ 27. [.....]

[740] - الإسراء 17: 1.

[741] - الكافي 9: 120/ 93.

[742] - في المصدر: القرآن.

[743] - تفسير القمّي 2: 285.

[744] - تأويل الآيات 2: 562/ 29.

[745] - الاحتجاج: 248.

[746] - تأويل الآيات 2: 563/ 30.

[747] - الكافي 1: 362/ 3.

[748] - الكافي 1: 363/ 6.

[749] - الأمالي 1: 102.

[750] -... ، تأويل الآيات 2: 563/ 31.

[751] - في المصدر زيادة: وأمرني ربي بذلك.

[752] - تأويل الآيات 2: 566/ 37.

[753] - في المصدر: المفضّل بن محمّد.

[754] - تأويل الآيات 2: 567/ 38. [.....]

[755] - في المصدر: الجوى.

[756] - في المصدر: الحميم.

[757] - في نسخة من «ط ، ج ، ي»: حميم.

[758] - في المصدر: قتلنا.

[759] - في نسخة من «ط ، ج ، ي»: و قال: هم ثلاثة ، و في المصدر: قال لهم: هم ثلاثة.

[760] - في «ط ، ج ، ي»: و ثمود.

[761] - في المصدر: موتانا.

[762] -(أرض) ليس في المصدر.

[763] - في المصدر: السابعة.

[764] - في المصدر: العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه. [.....]

[765] - سبأ 34: 28.

[766] - في المصدر: والقيام.

[767] - فصلت 41: 53.

[768] - كامل الزيارات: 326/ 2.