البــرهان
في
تفسير القرآن
الجزء الثاني عشر
تأليف وتصنيف وتبويب
العلامة المتبحر
سيد هاشم البحراني
رحمه الله
قوله تعالى:
(وَزَكَرِيَّا
إِذْ نادى رَبَّهُ- إلى قوله تعالى- وَيَدْعُونَنا رَغَباً
وَرَهَباً 89- 90 )
1- وفي رواية علي بن إبراهيم في قوله تعالى:
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ
الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) قال:
كانت لا تحيض فحاضت.[1]
2-
ابن
بابويه في (أماليه) قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن
أبي شحمة ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن هاشم[2] القناني البغدادي[3] ، قال: حدثنا
أحمد بن صالح ، قال: حدثنا حسان بن عبد الله الواسطي ، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة
، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمر ، قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): «من زهد يحيى بن زكريا (عليهما السلام) أنه أتى بيت المقدس
، فنظر إلى المجتهدين من الأحبار والرهبان عليهم مدارع الشعر ، وبرانس[4] الصوف
، وإذا هم قد خرقوا تراقيهم ، وسلكوا فيها السلاسل ، وشدوها إلى سواري المسجد ، فلما
نظر إلى ذلك أتى أمه ، فقال: يا أماه ، انسجي لي مدرعة من شعر ، وبرنسا من صوف ، حتى آتي
بيت المقدس فأعبد الله مع الأحبار والرهبان. فقالت له أمه:
حتى يأتي نبي الله واستأمره[5] في
ذلك.
فلما
دخل زكريا (عليه السلام) أخبرته بمقالة يحيى ، فقال له زكريا: يا بني ، ما يدعوك إلى
هذا ، وإنما أنت صبي صغير؟ فقال له: يا أبت ، أما رأيت من هو أصغر سنا مني وقد أدركه[6] الموت؟
قال: بلى ، ثم قال لأمه: انسجي له مدرعة من شعر ، وبرنسا من صوف. ففعلت ، فتدرع المدرعة
على بدنه ، ووضع البرنس على رأسه ، ثم أتى بيت المقدس ، فأقبل يعبد الله عز وجل مع
الأحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه.
فنظر
ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه ، فبكى ، فأوحى الله عز وجل إليه ، يا يحيى ، أتبكي
مما قد نحل من جسمك! وعزتي وجلالي لو اطلعت إلى النار اطلاعة لتدرعت مدرعة الحديد فضلا
عن المنسوج[7]. فبكى
حتى أكلت الدموع لحم خديه ، وبدت للناظرين أضراسه ، فبلغ ذلك أمه ، فدخلت عليه ، وأقبل
زكريا (عليه السلام) ، واجتمع الأحبار والرهبان فأخبروه بذهاب لحم خديه ، فقال: ما
شعرت بذلك.
فقال
زكريا (عليه السلام): يا بني ، ما يدعوك إلى هذا؟ إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر بك
عيني. قال: أنت أمرتني بذلك ، يا أبت. قال: ومتى ذلك ، يا بني. قال: ألست القائل: إن
بين الجنة والنار لعقبة لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله؟ قال: بلى؟ فجد واجتهد
، وشأنك غير شأني.
فقام
يحيى فنفض مدرعته ، فأخذته أمه ، فقالت: أتأذن لي- يا بني- أن أتخذ لك قطعتي لبود تواريان
أضراسك ، وتنشفان دموعك؟ قال لها: شأنك ، فاتخذت له قطعتي لبود تواريان أضراسه ، وتنشفان
دموعه ، فبكى حتى ابتلتا من دموع عينيه. فحسر عن ذراعيه ، ثم أخذهما فعصرهما ، فتحدرت
الدموع من بين أصابعه ، فنظر زكريا إلى ابنه ، وإلى دموع عينيه ، فرفع رأسه إلى السماء
، فقال: اللهم إن هذا ابني ، وهذه دموع عينيه ، وأنت أرحم الراحمين.
وكان
زكريا (عليه السلام) إذا أراد أن يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا وشمالا ، فإن رأى يحيى
(عليه السلام) لم يذكر جنة ولا نارا ، فجلس ذات يوم يعظ بني إسرائيل ، وأقبل يحيى
وقد لف رأسه بعباءة ، فجلس في غمار الناس ، والتفت زكريا يمينا وشمالا فلم ير يحيى
(عليه السلام) ، فأنشأ يقول: حدثني حبيبي جبرئيل عن الله تبارك وتعالى: أن في جهنم
جبلا يقال له السكران ، وفي أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان ، لغضب الرحمن تبارك
وتعالى ، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام ، في ذلك الجب توابيت من نار ، في تلك التوابيت
صناديق من نار ، وثياب من نار ، وسلاسل من نار ، وأغلال من نار.
فرفع
يحيى (عليه السلام) رأسه ، فقال: واغفلتاه عن (السكران). ثم أقبل هائما على وجهه ،
فقام زكريا (عليه السلام) من مجلسه ، فدخل على أم يحيى ، فقال لها: يا أم يحيى ، قومي
فاطلبي يحيى ، فإني قد تخوفت أن لا نراه إلا وقد ذاق الموت. فقامت ، فخرجت في طلبه حتى مرت بفتيان من بني إسرائيل ، فقالوا لها: يا ام
يحيى ، أين تريدين؟ قالت: أريد أن أطلب ولدي يحيى ، ذكرت النار بين يديه ، فهام على
وجهه. فمضت ام يحيى والفتية معها ، حتى مرت براعي غنم ، فقالت له:
يا راعي ، هل رأيت شابا من صفته كذا وكذا؟ فقال لها: لعلك تطلبين يحيى بن زكريا؟ قالت:
نعم ، ذاك ولدي ، ذكرت النار بين يديه ، فهام على وجهه ، فقال: إني تركته الساعة على
عقبة ثنية كذا وكذا ، ناقعا قدميه في الماء ، رافعا نظره إلى السماء ، يقول: وعزتك-
يا مولاي- لا ذقت بارد الشراب حتى أنظر إلى منزلتي منك. فأقبلت أمه ، فلما رأته ام يحيى دنت منه ، فأخذت
برأسه ، فوضعته بين يديها ، وهي تناشده بالله ينطلق معها إلى المنزل ، فانطلق معها حتى أتى المنزل
، فقالت له أمه: هل لك أن تخلع مدرعة الشعر ، وتلبس مدرعة الصوف ، فإنه ألين؟ ففعل
، وطبخ له عدس ، فأكل واستوفى ، فنام ، فذهب به النوم فلم يقم لصلاته ، فنودي في منامه:
يا يحيى بن زكريا أردت دارا خيرا من داري ، وجوارا خيرا من جواري؟ فاستيقظ فقام ، فقال:
يا رب ، أقلني عثرتي ، إلهي فو عزتك لا أستظل [بظل] سوى بيت المقدس. وقال لأمه: ناوليني
مدرعة الشعر ، فقد علمت أنكما ستورداني المهالك. فتقدمت أمه فدفعت إليه المدرعة ،
وتعلقت به ، فقال لها زكريا (عليه السلام): يا أم يحيى ، دعيه ، فإن ولدي قد كشف له
عن قناع قلبه ، ولن ينتفع بالعيش. فقام يحيى (عليه السلام) ، فلبس مدرعته ، ووضع البرنس
على رأسه ، ثم أتى بيت المقدس ، فجعل يعبد الله عز وجل مع الأحبار حتى كان من أمره
ما كان».[8]
3- سليم بن قيس الهلالي في (كتابه): في حديث لأمير المؤمنين (عليه
السلام) مع معاوية ، قال له: «يا معاوية ، إنا أهل بيت[9] اختار
الله لنا الآخرة على الدنيا ، ولم يرض لنا الدنيا ثوابا ، وقد سمعت رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أنت ووزيرك وصويحبك ، يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا
كتاب الله دخلا ، وعباد الله خولا ، ومال الله دولا ، يا معاوية ، إن نبي الله زكريا
قد نشر بالمناشير ، ويحيى بن زكريا قتله قومه وهو يدعوهم إلى الله عز وجل ، وذلك لهوان
الدنيا على الله. إن أولياء الشيطان قد حاربوا أولياء الرحمن ، وقد قال الله عز وجل
في كتابه: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ
بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ
بِعَذابٍ أَلِيمٍ)[10].
يا معاوية
، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخبرني أن أمته ستخضب لحيتي من دم رأسي ،
وأني مستشهد ، وستلي الامة من بعدي[11] ،
وأنك ستقتل ابني حسنا عدوانا بالسم ، وابنك سيقتل ابني حسينا ، يلي ذلك منه ابن زانية».[12]
4-
ابن
بابويه: بإسناده عن عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه اليماني ، قال:
انطلق إبليس يستقرئ مجالس بني إسرائيل أجمع ما يكونون ، ويقول في مريم ، ويقذفها بزكريا
(عليه السلام) ، حتى التحم الشر ، وشاعت الفاحشة على زكريا (عليه السلام).
فلما رأى زكريا (عليه
السلام) ذاك هرب ، واتبعه سفهاؤهم وشرارهم ، وسلك في واد كثير النبت ، حتى إذا توسطه
انفرج له جذع شجرة ، فدخل فيه (عليه السلام) ، وانطبقت عليه الشجرة ، وأقبل إبليس يطلبه
معهم حتى انتهى إلى الشجرة التي دخل فيها زكريا (عليه السلام) ، فقاس لهم إبليس الشجرة
من أسفلها إلى أعلاها ، حتى إذا وضع يده على موضع القلب من زكريا ، أمرهم فنشروا بمناشيرهم
، وقطعوا الشجرة ، وقطعوه في وسطها ، ثم تفرقوا عنه وتركوه ، وغاب عنهم إبليس حين فرغ
مما أراد ، فكان آخر العهد منهم به ، ولم يصب زكريا (عليه السلام) من ألم المنشار شيء
، ثم بعث الله عز وجل الملائكة ، فغسلوا زكريا وصلوا عليه ثلاثة أيام من قبل أن يدفن
وكذلك الأنبياء (عليهم السلام) لا يتغيرون ، ولا يأكلهم التراب ، ويصلى عليهم ثلاثة
أيام ، ثم يدفنون.[13]
5-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في حديث
بخت نصر ، وقتله بني إسرائيل ، قال: «فلما وافى- يعني بخت نصر- بيت المقدس نظر إلى
جبل من تراب وسط المدينة ، وإذا دم يغلي وسطه ، كلما ألقي عليه التراب خرج وهو يغلي
، فقال بخت نصر: ما هذا؟ فقالوا: هذا دم نبي كان لله قتله ملوك بني إسرائيل ، ودمه
يغلي ، وكلما ألقينا عليه التراب خرج وهو يغلي. فقال بخت نصر: لأقتلن بني إسرائيل أبدا
حتى يسكن هذا الدم.
وكان
ذلك الدم دم يحيى بن زكريا (عليه السلام) ، وكان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني
إسرائيل ، وكان يمر بيحيى بن زكريا (عليه السلام) ، فقال له يحيى (عليه السلام): اتق
الله- أيها الملك- لا يحل لك هذا. فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر:
أيها الملك ، اقتل هذا ، فأمر أن يؤتى برأسه ، فأتي برأس يحيى (عليه السلام) في طست
، وكان الرأس يكلمه ، ويقول له: يا هذا ، اتق الله ، لا يحل لك هذا ، ثم علا الدم في
الطست حتى فاض إلى الأرض ، فخرج يغلي ولا يسكن. وكان بين قتل يحيى وخروج بخت نصر ،
مائة سنة ، ولم يزل بخت نصر يقتلهم ، وكان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال ، والنساء
، والصبيان ، وكل حيوان ، والدم يغلي ولا يسكن ، حتى أفناهم ، فقال: أبقي أحد في هذه
البلاد؟ فقالوا: عجوز في موضع كذا وكذا ، فبعث إليها ، فضرب عنقها على الدم ، فسكن
، وكانت آخر من بقي».[14]
والحديث طويل ، ذكرناه
بطوله في قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ
وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) ، من سورة البقرة.[15]
6-
ابن
شهر آشوب: عن الحسن بن علي (عليهما السلام)- في خبر وفاة
أبيه-: «ولقد صعد بروحه- يعني بروح أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)- في الليلة
التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا (عليه السلام)».[16]
7-
علي بن إبراهيم ، قال: قوله تعالى: (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) قال: راغبين راهبين.[17]
8-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي ، بإسناده عن علي بن داود ، قال: حدثني رجل من ولد ربيعة بن عبد مناف:
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما بارز علي (عليه السلام) عمرا رفع يديه ، ثم
قال: «اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم
بدر ، وأخذت مني حمزة يوم احد ، وهذا علي فلا تذرني فردا وأنت خير الوارثين».[18]
قوله تعالى:
(وَالَّتِي
أَحْصَنَتْ فَرْجَها- إلى قوله تعالى- فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ
91- 94)
1- علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَالَّتِي
أَحْصَنَتْ فَرْجَها) قال: مريم ، لم ينظر إليها بشر ، قال: قوله تعالى:
(فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) قال:
ريح مخلوقة[19] ، قال: يعني من أمرنا. قال: قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ
لِسَعْيِهِ) أي لا يبطل سعيه.[20]
قوله تعالى:
(وَحَرامٌ
عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ 95)
1- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي
، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي بصير ، عن
محمد بن مسلم عن أبي عبد الله وأبي جعفر ( عليهما السلام ) قالا: « كل قرية أهلك
الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة » فهذه
الآية من أعظم الدلالة في الرجعة لان أحدا من أهل الاسلام لا ينكر ان الناس كلهم
يرجعون إلى القيامة من هلك ومن لم يهلك قوله ( ولا يرجعون ) أيضا عنى في الرجعة
فاما إلى القيامة فيرجعون حتى يدخلوا النار [21].
-2
بعض
المعاصرين في كتاب له في الرجعة: بالإسناد ، في قوله تعالى: (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ).
قال الصادق (عليه السلام): «كل قرية أهلك الله أهلها بالعذاب
لا يرجعون في[22] الرجعة ، وأما في القيامة فيرجعون
، ومن محض الإيمان محضا ، وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضا يرجعون».[23]
قوله تعالى:
(حَتَّى إِذا
فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ 96 )
1-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن الحسين بن علي بن
أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير- في حديث خبر ذي القرنين
، وقد تقدم في سورة الكهف
[24]- قال فيه:
«إذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدم ذلك السد ، وخرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا
، وأكلوا الناس ، وهو قوله تعالى:
(حَتَّى إِذا
فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)».
-2
علي بن إبراهيم ، قال: إذا كان في آخر الزمان خرج يأجوج ومأجوج إلى الدنيا
، ويأكلون الناس. [25]
وقد تقدم حديث يأجوج
ومأجوج في سورة الكهف.[26]
قوله تعالى:
(إِنَّكُمْ
وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ- إلى قوله تعالى-
هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ 98-
103 )
-1
علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (إِنَّكُمْ
وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) إلى
قوله تعالى:
(وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ). قال:
في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «لما نزلت هذه الآية وجد[27] منها
أهل مكة وجدا شديدا ، فدخل عليهم عبد الله بن الزبعرى[28] ،
وكفار قريش يخوضون في هذه الآية ، فقال ابن الزبعرى: أمحمد تكلم بهذه الآية؟ قالوا:
«نعم». قال: لئن اعترف بهذه لأخصمنه. فجمع بينهما فقال: يا محمد ، أ رأيت الآية التي
قرأت آنفا ، أ فينا وفي آلهتنا خاصة ، أم في امم من الأمم الماضية وآلهتهم؟
قال
(صلى الله عليه وآله): بل فيكم وفي آلهتكم ، وفي الأمم الماضية وفي آلهتهم. إلا من
استثنى الله. فقال ابن الزبعرى: لأخصمنك- والله- ألست تثني على عيسى خيرا ، وقد عرفت
أن النصارى يعبدون عيسى وامه ، وأن طائفة من الناس يعبدون الملائكة ، أفليس هؤلاء مع
الآلهة في النار؟
فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا. فضجت قريش وضحكوا ، وقالوا: خصمك ابن الزبعرى.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قلتم الباطل ، أما قلت إلا من استثنى الله وهو
قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ)».
قال:
«قوله تعالى: (حَصَبُ جَهَنَّمَ) يقول: يقذفون فيها قذفا».
قال: «قوله تعالى: (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) يعني
الملائكة وعيسى بن مريم (عليهما السلام)».[29]
2-
وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) ناسخة
لقوله: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها)[30] .[31]
3-
عبد
الله بن جعفر الحميري ، بإسناده عن مسعدة بن زياد ، قال:
حدثني جعفر ، عن أبيه ، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «إن الله تبارك وتعالى
يأتي يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه ، من شمس أو قمر أو غير ذلك ، ثم يسأل كل إنسان
عما كان يعبد ، فيقول كل من عبد غيره: ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى. فيقول
الله تبارك وتعالى للملائكة: اذهبوا بهم ، وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت
، فأولئك عنها مبعدون».[32]
4-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا أبو جعفر الحسن بن علي بن الوليد الفسوي ، بإسناده عن النعمان ابن بشير ، قال: كنا ذات ليلة عند علي بن أبي طالب
(عليه السلام) سمارا إذ قرأ هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) ،
فقال: «أنا منهم» وأقيمت الصلاة فوثب ودخل المسجد وهو يقول: (لا يَسْمَعُونَ
حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) ثم
كبر للصلاة.[33]
ورواه أيضا صاحب (كشف
الغمة): عن النعمان بن بشير ، وذكر الحديث بعينه[34].
5-
وعنه ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سهل النيسابوري ، حديثا يرفعه بإسناده إلى ربيع
بن بزيع[35] ، قال: كنا
عند عبد الله بن عمر ، فقال له رجل من بني تيم الله ، يقال له حسان بن راضية[36]: يا أبا
عبد الرحمن لقد رأيت رجلين ذكرا عليا وعثمان فنالا منهما.
فقال ابن عمر: إن كانا
لعناهما فلعنهما الله تعالى ، ثم قال: ويلكم- يا أهل العراق- كيف تسبون رجلا هذا منزله
من منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأشار بيده إلى بيت علي (عليه السلام) في
المسجد فقال: فورب هذه الحرمة إنه من الذين سبقت لهم منا الحسنى[37]. يعني بذلك
عليا (عليه السلام).[38]
6-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، بإسناده عن جميل بن دراج ، عن أبان بن تغلب ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يبعث
الله شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب مبيضة مسفرة وجوههم ، مستورة عوراتهم
، آمنة روعاتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من ياقوت
فلا يزالون يدورون خلال الجنة ، عليهم شراك من نور يتلألأ ، توضع لهم الموائد ، فلا
يزالون يطعمون والناس في الحساب ، وهو قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ)».[39]
7-
ابن
بابويه ، قال: حدثني أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا
أحمد بن محمد ابن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن
بن راشد ، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (صلوات
الله عليهم) ، قال: «قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) على منبره: يا علي ، إن
الله عز وجل وهب لك حب المساكين والمستضعفين في الأرض ، فرضيت بهم إخوانا ، ورضوا بك
إماما ، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك ، والويل لمن أبغضك وكذب عليك.
يا علي
، أنت العلم[40] لهذه الامة ، من أحبك فاز
، ومن أبغضك هلك.
يا علي
، أنا مدينة العلم وأنت بابها ، وهل تؤتى المدينة إلا من بابها.
يا علي
، أهل مودتك كل أواب حفيظ ، وكل ذي طمرين[41] ،
لو أقسم على الله لأبر قسمه.
يا علي
، إخوانك كل طاهر زاك مجتهد ، يحب فيك ويبغض فيك ، محقر عند الخلق ، عظيم المنزلة عند
الله عز وجل.
يا علي
، محبوك جيران الله عز وجل في دار الفردوس ، لا يأسفون على ما خلفوا[42].
يا علي
، أنا ولي لمن واليت ، وعدو لمن عاديت.
يا علي
، من حبك] أحبك [فقد أحبني ، ومن أبغضك فقد أبغضني.
يا علي
، إخوانك ذبل الشفاه ، تعرف الرهبانية في وجوههم.
يا علي
، إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن: عن ]عند[ خروج
أنفسهم ، وأنا شاهدهم وأنت ، وعند المساءلة في قبورهم ، وعند العرض الأكبر ، وعند الصراط
إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا.
يا علي
، حربك حربي ، وسلمك سلمي ، وحربي حرب الله ، وسلمي سلم الله ، فمن سالمك فقد سالمني
، ومن سالمتني ]سالمني[ فقد سالم
الله عز وجل.
يا علي
، بشر إخوانك ، فإن الله عز وجل قد رضى عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليا.
يا علي
، أنت أمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين.
يا علي
، شيعتك المنتجبون ، ولولا أنت وشيعتك ما قام لله عز وجل دين ، ولولا من[43] في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها.
يا علي
، لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها ، وشيعتك تعرف بحزب الله عز وجل.
يا علي
، أنت وشيعتك القائمون[44] بالقسط
، وخيرة الله من خلقه.
يا علي
، أنا أول من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ، ثم سائر الخلق.
يا علي
، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع
الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ، وفيكم نزلت
هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
مُبْعَدُونَ) ، وفيكم نزلت: (لا يَحْزُنُهُمُ
الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ) ويسألون
الله لمحبيكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم ، كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول
الغيبة.
يا علي
، شيعتك الذين يخافون الله في السر ، وينصحونه في العلانية.
يا علي
، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات ، لأنهم يلقون الله عز وجل وما عليهم من ذنب.
يا علي
، أعمال شيعتك تعرض علي في كل يوم جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم ، وأستغفر
لسيئاتهم.
يا علي
، ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير ، وكذلك في الإنجيل ، فاسأل
أهل الإنجيل وأهل الكتاب عن اليا يخبروك مع علمك بالتوراة والإنجيل ، وما أعطاك الله
عز وجل من علم الكتاب ، وإن أهل الإنجيل ليتعاظمون اليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته
، وإنما يعرفونهم بما يجدونه في كتبهم.
يا علي
، إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير ، فليفرحوا بذلك
وليزدادوا اجتهادا.
يا علي
إن أرواح شيعتك تصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر
الناس إلى الهلال شوقا إليهم ، ولما يرون من منزلتهم عند الله عز وجل.
يا علي
، قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون [45]عن الأعمال
التي يقارفها عدوهم ، فما من يوم وليلة إلا ورحمة من الله تبارك وتعالى تغشاهم فليجتنبوا
الدنس.
يا علي
، اشتد غضب الله عز وجل على من قلاهم وبرىء منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال إلى
عدوك ، وتركك وشيعتك واختار الضلال ، ونصب الحرب لك ولشيعتك ، وأبغضنا أهل البيت ،
وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.
يا علي
، اقرأهم مني السلام ، من لم أر منهم ولم يرني وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم
، فليلقوا علمي إلى من يبلغ القرون من بعدي ، وليتمسكوا بحبل الله وليعتصموا به ،
وليجتهدوا في العمل ، فإنا لم نخرجهم من هدى إلى ضلالة ، وأخبرهم أن الله عز وجل راض
عنهم ، وأنه يباهي بهم ملائكته ، وينظر إليهم في كل جمعة برحمته[46] ،
ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم.
يا علي
، لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك فأحبوك لحبي إياك ، ودانوا الله عز
وجل بذلك ، وأعطوك صفو المودة في قلوبهم ، واختاروك على الآباء والإخوة والأولاد وسلكوا
طريقك ، وقد حملوا على المكاره فينا ، فأبوا إلا نصرنا وبذلك المهج فينا مع الأذى
وسوء القول ، وما يقاسونه من مضاضة ذلك ، فكن بهم رحيما واقنع بهم ، فإن الله تبارك
وتعالى اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق ، وخلقهم من طينتنا ، واستودعهم سرنا ، وألزم
قلوبهم معرفة حقنا ، وشرح صدورهم ، وجعلهم مستمسكين بحبلنا ، لا يؤثرون علينا من خالفنا
مع ما يزول من الدنيا
عنهم ، أيدهم الله ، وسلك بهم طريق الهدى ، فاعتصموا به والناس في غمة الضلالة ، متحيرون
في الأهواء ، عموا عن الحجة وما جاء من عند الله عز وجل ، فهم يصبحون ويمسون في سخط
الله ، وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة ، لا يستأنسون إلى من خالفهم ، وليست الدنيا
منهم ، وليسوا منها ، أولئك مصابيح الدجى أولئك مصابيح الدجى».[47]
8-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن عمرو بن أبي شيبة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته
يقول ابتداء منه: «إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه ويجمعهم لما لا بد منه ، أمر مناديا
ينادي فيجتمع الإنس والجن في أسرع من طرفة عين ، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل وكانت من
وراء الناس ، وأذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها ، فإذا رآها أهل السماء
الدنيا قالوا: جاء ربنا. قالوا: وهو[48] آت-
يعني أمره- حتى تنزل كل سماء ، تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى ، وهي ضعف التي تليها.
ثم ينزل
أمر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ، ثم يأمر الله
مناديا ينادي: (يا مَعْشَرَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ)[49]».
قال:
وبكى (عليه السلام) حتى إذا سكت ، قال: قلت: جعلني الله فداك يا أبا جعفر ، وأين رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام). وشيعته؟
فقال
أبو جعفر (عليه السلام): «رسول الله وعلي (عليهما السلام) وشيعته على كثبان من المسك
الأذفر[50] ،
على منابر من نور ، يحزن الناس ولا يحزنون ، ويفزع الناس ولا يفزعون». ثم تلا هذه الآية:
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ
آمِنُونَ)[51] فالحسنة-
والله- ولاية علي (عليه السلام). ثم قال: (لا يَحْزُنُهُمُ
الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ).[52]
9-
محمد
بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من
كسا أخاه كسوة شتاء أو صيفا ، كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة ، وأن يهون
عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى
، وهو قول الله عز وجل في كتابه: (وَتَتَلَقَّاهُمُ
الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)».[53]
10-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا حميد بن زياد ، بإسناد يرفعه إلى أبي جميلة ، عن عمرو بن رشيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال- في حديث-:
«إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن عليا وشيعته يوم القيامة على كثبان المسك
الأذفر ، يفزع الناس ولا يفزعون ، ويحزن الناس ، ولا يحزنون ، وهو قول الله عز وجل:
(لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ
الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)».[54]
11-
ابن
بابويه ، قال: حدثني أبي (رحمه الله) ، قال: حدثني سعد بن عبد الله ، يرفعه إلى أبي بصير ، عن أبي عبد الله
، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) ، في حديث طويل مثل ما تقدم من رواية
الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)[55] ببعض
التغيير اليسير ، وفي الحديث-: «يا علي ، أنت وشيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة الله
من خلقه.
يا علي
، أنا أول من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ، ثم سائر الخلق.
يا علي
، أنت وشيعتك على الحوض ، تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم
الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ، فيكم
نزلت هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ
لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ
الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).
يا علي
، أنت وشيعتك تطلبون في الموقف ، وأنتم في الجنان تتنعمون»[56] وساق الحديث بطوله.
وابن بابويه: أورد حديث
الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) السابق في كتاب (الأمالي)[57].
وحديث أبي بصير ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) هذا أورده في كتاب (فضائل الشيعة)[58].
قوله تعالى:
(يَوْمَ نَطْوِي
السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ 104 )
1-
الحسين
بن سعيد في كتاب (الزهد) قال: حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ، عن زرارة ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما
من أحد إلا ومعه ملكان يكتبان ما يلفظه ، ثم يرفعان ذلك إلى ملكين
فوقهما ، فيثبتان ما كان من خير وشر ، ويلقيان ما سوى ذلك».[59]
وسيأتي- إن شاء الله
تعالى- في سورة (ق) من الروايات في ذلك[60].
2-
وعنه: عن النضر بن سويد ، عن الحسين بن موسى ، عن أبي
حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن في الهواء ملكا يقال له: إسماعيل ، على
ثلاث مائة ألف ملك ، كل واحد منهم على مائة ألف ، يحصون أعمال العباد ، فإذا كان رأس
السنة بعث الله إليهم ملكا ، يقال له: السجل ، فانتسخ ذلك منهم ، وهو قول الله تبارك
وتعالى: (يَوْمَ نَطْوِي
السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ).[61]
-3علي بن إبراهيم ، قال: السجل:
اسم الملك الذي يطوي الكتب ، ومعنى نطويها: أي نفنيها ، فتتحول دخانا والأرض نيرانا.[62]
قوله تعالى:
(وَلَقَدْ
كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ 105- 106 )
-1
محمد
بن يعقوب: عن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنه
سأله عن قول الله عز وجل: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ
مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) ما الزبور ، وما الذكر؟
قال: «الذكر عند الله ، والزبور الذي انزل على داود ، وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم
، ونحن هم».[63]
-2
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن الحسين بن
مخارق ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال:
«قوله عز وجل: (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ) هو آل محمد (صلى الله عليه وآله)».[64]
-3
وعنه ، قال: حدثنا محمد بن علي ، قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن سفيان بن إبراهيم الجريري ، عن أبي صادق ، قال سألت أبا جعفر
(عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَلَقَدْ
كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ) قال: «هم نحن».
قال:
قلت: (إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ)؟ قال:
«هم شيعتنا».[65]
4-
وعنه ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل ، عن
عيسى بن داود ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ
يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).
قال:
آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ، ومن تابعهم على منهاجهم ، والأرض أرض الجنة».[66]
5-
وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن[67] أحمد بن
الحسن ، عن أبيه[68]
، عن الحسين بن محمد ابن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل: (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان»[69] .[70]
6-
علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: الكتب كلها ذكر ، و(أَنَّ الْأَرْضَ
يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) قال: القائم (عليه السلام) وأصحابه.[71]
7-
الطبرسي قال أبو جعفر (عليه السلام): «هم أصحاب المهدي (عليه السلام)
في آخر الزمان».[72]
8-
علي بن إبراهيم ، قال: الزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.[73]
قوله تعالى:
(قالَ رَبِّ
احْكُمْ بِالْحَقِّ 112 )
9- علي بن إبراهيم ، قال: معناه لا تدع للكفار
]الكفار[ ، والحق: الانتقام من الظالمين.
ومثله في سورة آل عمران (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ
يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ)[74]. [75]
سورة الحج
سورة الحج فضلها
1-
ابن
بابويه: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
«من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنته[76] حتى
يخرج إلى بيت الله الحرام ، وإن مات في سفره دخل الجنة». قلت: فإن كان مخالفا؟ قال:
يخفف عنه بعض ما هو فيه».[77]
2-
ومن (خواص القرآن): روي
عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد من
حج واعتمر ، فيما مضى وفيما بقي ، ومن كتبها في رق ظبي وجعلها في مركب ، جاءت له الريح
من كل جانب وناحية ، وأصيب ذلك المركب من كل جانب ، واحيط به وبمن فيه ، وكان هلاكهم
وبوارهم ، ولم ينج منهم أحد ، ولا يحل أن يكتب إلا في الظالمين قاطعين السبيل محاربين».[78]
3-
وعن الصادق (عليه السلام) ، قال: «من كتبها في رق غزال وجعلها في صحن
مركب ، جاءت إليه الريح من كل مكان ، واجتثت[79] المركب
، ولم يسلم ، وإذا كتبت ثم محيت ورشت في موضع سلطان جائر ، زال ملكه بإذن الله تعالى».[80]
قوله تعالى:
(بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ
شَيْءٌ عَظِيمٌ- إلى قوله تعالى- وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ
ما نَشاءُ 1- 5 )
1-
الشيخ
في (أماليه) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن النعمان (رحمه الله) ، قال: أخبرني أبو
الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال: أخبرني
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال: حدثنا
علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي
إسحاق الهمداني ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فيما كتب إلى محمد بن أبي بكر حين
ولاه مصر ، وأمره أن يقرأه على أهلها ، وفي الحديث: «يا عباد الله ، إن بعد البعث ما
هو أشد من القبر ، يوم يشيب فيه الصغير ، ويسكر منه [81] الكبير
، ويسقط فيه الجنين ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، يوم عبوس قمطرير ، يوم كان شره مستطيرا.
إن فزع
ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم ، وترعد[82] منه
السبع الشداد ، والجبال الأوتاد[83] ،
والأرض المهاد ، وتنشق السماء فهي يومئذ واهية ، وتتغير فكأنها وردة كالدهان ، وتكون
الجبال كثيبا[84] مهيلا بعد ما كانت صما صلابا
، وينفخ في الصور ، فيفزع من في السماوات ، ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فكيف من عصى بالسمع
والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن ، إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم
، لأنه[85] يصير
إلى غيره ، إلى نار قعرها بعيد ، وحرها شديد ، وشرابها صديد ، وعذابها جديد ، ومقامعها
حديد ، لا يفتر عذابها ، ولا يموت ساكنها ، دار ليس فيها رحمة ، ولا يسمع لأهلها دعوة.
واعلموا-
يا عباد الله- أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز العباد ، جنة عرضها كعرض السماوات
والأرض أعدت للمتقين ، لا يكون معها شر أبدا ، لذاتها لا تمل ، ومجتمعها لا يتفرق
، وسكانها قد جاوروا الرحمن ، وقام بين أيديهم الغلمان بصحاف من الذهب ، فيها الفاكهة
والريحان».[86]
وقد تقدم
لهذا الحديث زيادة في قوله تعالى: (إِنَّ الْحَسَناتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) من سورة هود[87].
2-
وعنه ، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن علي بن محمد العلوي ، قال: حدثنا الحسن
بن علي بن صالح الصوفي الخزاز ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن
الحسيني ، عن علي ، عن أبيه[88] محمد
بن علي بن موسى (عليهم السلام) ، عن أبيه علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر
(عليهم السلام) ، قال: «قيل للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): صف لنا الموت؟ قال:
للمؤمن كأطيب طيب يشمه فينعش[89] لطيبه
، وينقطع التعب والألم عنه وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب وأشد».[90]
3-
وعنه ، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، عن علي بن محمد العلوي ، قال: حدثني محمد
بن موسى الرقي ، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي
، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن أبيه ، عن أبان مولى زيد بن علي[91] ، عن عاصم
بن بهدله ، عن شريح القاضي ، قال: قال أمير المؤمنين
(عليه السلام) لأصحابه يوما وهو يعظهم: «ترصدوا مواعيد الآجال ، وباشروها بمحاسن الأعمال
، ولا تركنوا إلى ذخائر الأموال فتحليكم[92] خدائع
الآمال ، إن الدنيا خداعة صراعة ، مكارة غرارة [93]سحارة
، أنهارها لامعة ، وثمراتها يانعة ، ظاهرها سرور ، وباطنها غرور ، تأكلكم بأضراس المنايا
، وتبيركم بإتلاف الرزايا ، لهم بها أولاد الموت ، آثروا زينتها ، وطلبوا رتبتها ،
جهل الرجل ، ومن ذلك الرجل؟ المولع بلذاتها ، والساكن إلى فرحتها[94] ،
والآمن لغدرتها ، دارت عليكم بصروفها ، ورمتكم بسهام حتوفها ، فهي تنزع أرواحكم نزعا
، وأنتم تجمعون لها جمعا
، للموت تولدون ، وإلى القبور تنقلون ، وعلى التراب تتوسدون[95] ،
وإلى الدود تسلمون ، وإلى الدود تسلمون ، وإلى الحساب تبعثون.
يا ذوي
الحيل والآراء ، والفقه والأنباء ، اذكروا مصارع الآباء ، فكأنكم بالنفوس قد سلبت
، وبالأبدان قد عريت ، وبالمواريث قد قسمت ، فتصير- يا ذا الدلال ، والهيبة والجمال-
إلى منزلة شعثاء ، ومحلة غبراء ، فتنوم على خدك في لحدك ، في منزل قل زواره ، ومل عماله
، حتى يشق عن القبور ، وتبعث إلى النشور ، فإن ختم لك بالسعادة صرت إلى حبور ، وأنت
ملك مطاع ، وآمن لا يراع ، يطوف عليكم ولدان كأنهم الجمان ، بكأس من معين ، بيضاء لذة
للشاربين.
أهل الجنة
فيها يتنعمون ، وأهل النار فيها يعذبون ، هؤلاء في السندس والحرير يتبخترون[96] ،
وهؤلاء في الجحيم والسعير يتقلبون ، هؤلاء تحشى جماجمهم بمسك الجنان وهؤلاء يضربون
بمقامع النيران ، هؤلاء يعانقون الحور في الحجال ، وهؤلاء يطوقون أطواقا في النار بالأغلال
، فله[97] ،
فزع قد أعيى الأطباء ، وبه داء لا يقبل الدواء.
يا من
يسلم إلى الدود ، ويهدى إليه ، اعتبر بما تسمع وترى ، وقل لعينك تجفو لذة الكرى ،
وتفيض من الدموع بعد الدموع تترى ، بيتك القبر بيت الأهوال والبلى ، وغايتك الموت يا
قليل الحياء.
اسمع-
يا ذا الغفلة والتصريف- من ذوي[98] الوعظ
والتعريف ، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال ، والحباء [99]والنكال
، يوم تقلب إليه[100] أعمال
الأنام ، وتحصى فيه جميع الآثام ، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها ، وتضع الحوامل
ما في بطونها ، ويفرق بين كل نفس وحبيبها ، ويحار في تلك الأهوال عقل لبيبها ، إذ تنكرت
الأرض بعد حسن عمارتها ، وتبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها ، أخرجت من معادن الغيب أثقالها
، ونفضت إلى الله أحمالها.
يوم لا
ينفع الجد ، إذا[101] عاينوا
الهول الشديد فاستكانوا ، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا ، فانشقت القبور بعد طول
انطباقها ، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها ، كشف عن الآخرة غطاؤها ، وظهر للخلق
أبناؤها ، فدكت الأرض دكا دكا ، ومدت لأمر يراد بها مدا مدا ، واشتد المثارون إلى الله
شدا شدا ، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ، ورد المجرمون على الأعقاب ردا ردا
، وجد الأمر- ويحك ، يا إنسان!- جدا جدا ، وقربوا للحساب فردا فردا ، وجاء ربك والملك
صفا صفا ، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا ، فجيء بهم عراة الأبدان ، خشعا أبصارهم ، أمامهم
الحساب ، ومن ورائهم جهنم ، يسمعون زفيرها ، ويرون سعيرها ، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا
يجيرهم من الذل ، فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر ، يساقون سوقا.
فالسماوات
مطويات بيمينه كطي السجل للكتب ، والعباد على الصراط وجلت قلوبهم ، يظنون أنهم لا يسلمون
، ولا يؤذن لهم فيتكلمون ، ولا يقبل منهم فيعتذرون ، قد ختم على أفواههم واستنطقت أيديهم
وأرجلهم بما كانوا يعملون.
يا لها
من ساعة ، ما أشجى مواقعها من القلوب ، حين ميز بين الفريقين: فريق في الجنة ، وفريق
في السعير! من مثل هذا فليهرب الهاربون ، إذا كانت الدار الآخرة لها يعمل العاملون».[102]
4-
علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: مخاطبة للناس عامة (يَوْمَ تَرَوْنَها
تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) أي تبقى وتتحير وتتغافل (وَتَضَعُ
كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) قال: كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة.
وقوله
تعالى: (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) قال:
يعنى ذاهلة[103] عقولهم من الخوف والفزع ،
متحيرين (وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ).
قال قوله:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي يخاصم
(وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيد ) قال: المريد: الخبيث.
ثم خاطب
الله عز وجل الدهرية ، واحتج عليهم فقال: (يا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) أي في
شك: (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ
مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) قال
المخلقة: إذا صارت دما ، وغير مخلقة ، قال: السقط.[104]
5-
محمد
بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا
عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان ، عن سلام بن
المستنير ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ).
فقال:
«المخلقة: الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم (عليه السلام) ، أخذ عليهم الميثاق ، ثم
أجراهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء ، وهم الذين يخرجون إلى الدنيا حتى يسألوا عن
الميثاق. وأما قوله: (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) فهم
كل نسمة لم يخلقهم الله في صلب آدم (عليه السلام) حين خلق الذر ، وأخذ عليهم الميثاق
، وهم النطف من العزل والسقط قبل أن تنفخ فيه الروح والحياة والبقاء».[105]
6-
علي
بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «(لِنُبَيِّنَ لَكُم) كذلك كنتم
في الأرحام (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) فلا
يخرج[106] سقطا».[107]
قوله تعالى:
(وَمِنْكُمْ
مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ- إلى قوله تعالى-
ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
5- 9 )
1-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا محمد بن أحمد ، عن العباس ، عن
ابن أبي نجران ، عن محمد بن القاسم ، عن علي بن المغيرة
، عن أبي عبد الله ، عن أبيه (عليهما السلام) ، قال: «إذا بلغ العبد مائة سنة فذلك
أرذل العمر».[108]
2-
وقال علي بن إبراهيم: ثم ضرب الله للبعث والنشور مثلا ، فقال: (وَتَرَى الْأَرْضَ
هامِدَةً) أي يابسة ميتة (فَإِذا أَنْزَلْنا
عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) أي حسن
(ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ
يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ).
وقوله:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً
وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) قال: نزلت في أبي جهل (ثانِيَ عِطْفِهِ) قال:
تولى عن الحق (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) قال:
عن طريق الله والإيمان.[109]
3-
شرف
الدين النجفي: تأويله جاء في باطن تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم) ، عن حماد بن عيسى ، قال: حدثني بعض أصحابنا حديثا يرفعه إلى أمير
المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (وَمِنَ النَّاسِ
مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ثانِيَ
عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) قال:
هو الأول ، ثاني عطفه إلى[110] الثاني
، وذلك لما أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام عليا علما للناس ، وقالا:
والله لا نفي له بهذا أبدا.[111]
قوله تعالى:
(وَمِنَ النَّاسِ
مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ 11- 12)
1-
علي بن إبراهيم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى
حَرْفٍ) قال: على شك.[112]
2-
محمد
بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن بكير ، عن ضريس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ) ، قال: «إن الآية تنزل في الرجل ، ثم تكون في أتباعه». ثم
قلت: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن يعبد الله على حرف؟ فقال: «نعم ، وقد يكون محضا».[113]
3-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن الفضيل وزرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى
حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ
عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ).
قال زرارة: سألت عنها أبا جعفر (عليه السلام) ، فقال: «هؤلاء قوم عبدوا الله ، وخلعوا[114] عبادة
من يعبد من دون الله ، وشكوا في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به ، فتكلموا في
الإسلام ، وشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
، وأقروا بالقرآن ، وهم في ذلك شاكون في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به ، وليسوا
شكاكا في الله عز وجل ، قال الله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ
مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ) يعني على
شك في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به (فَإِنْ
أَصابَهُ خَيْرٌ) يعني عافية في بدنه[115]
وماله وولده (اطْمَأَنَّ بِهِ) ورضي به (وَإِنْ أَصابَتْهُ
فِتْنَةٌ) يعني بلاء في جسده وماله ، تطير وكره
المقام على الإقرار بالنبي (صلى الله عليه وآله) ، فرجع إلى الوقوف والشك ، ونصب العداوة
لله ولرسوله ، والجحود بالنبي (صلى الله عليه وآله) وما جاء به».[116]
4-
وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله
عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى
حَرْفٍ). قال: «هم قوم وحدوا الله ، وخلعوا[117] عبادة
من يعبد من دون الله ، فخرجوا من الشرك ، ولم يعرفوا أن محمدا (صلى الله عليه وآله)
رسول الله ، فهم يعبدون الله على شك في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به ، فأتوا
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقالوا: ننظر ، فإن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا
وأولادنا علمنا أنه صادق ، وأنه رسول الله ، وإن كان غير ذلك نظرنا قال الله عز وجل: (فَإِنْ أَصابَهُ
خَيْرٌ اطْمَأَنَّ) بِهِ يعني عافية في الدنيا (وَإِنْ أَصابَتْهُ
فِتْنَةٌ) يعني بلاء في نفسه وماله (انْقَلَبَ
عَلى وَجْهِهِ) انقلب على شكه إلى الشرك (خَسِرَ الدُّنْيا
وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) - قال- ينقلب مشركا ، يدعو غير الله ويعبد غيره ، فمنهم من يعرف ويدخل
الإيمان قلبه فيؤمن ويصدق ، ويزول عن منزلته من الشك إلى الإيمان ، ومنهم من يثبت على
شكه ، ومنهم من ينقلب إلى الشرك».[118]
وعنه: عن علي بن إبراهيم
، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن زرارة ، مثله.
5-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن حماد ، عن ابن الطيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «نزلت
هذه الآية في قوم وحدوا الله ، وخلعوا[119] عبادة
من دون الله ، وخرجوا من الشرك ، ولم يعرفوا أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله
، فهم يعبدون الله على شك في محمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به ، فأتوا رسول الله
(صلى الله عليه وآله) فقالوا: ننظر إن كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا
أنه صادق ، وأنه لرسول الله ، وإن كان غير ذلك نظرنا فأنزل الله: (فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ
انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ
يَدْعُو مِنْ دُونِ
اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) انقلب
مشركا ، يدعو غير الله ويعبد غيره ، فمنهم من يعرف ويدخل الإيمان قلبه ، فهو مؤمن
ويصدق ، ويزول عن منزلته من الشك إلى الإيمان ، ومنهم من يلبث على شكه ، ومنهم من ينقلب
إلى الشرك».[120]
قوله تعالى:
(مَنْ كانَ
يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ- إلى قوله تعالى-
إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ 15- 18 )
1-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجار ، قال: قال الإمام موسى بن جعفر (عليه
السلام): «حدثني أبي ، عن أبيه- أبي جعفر- (صلوات الله عليهم أجمعين): «أن النبي (صلى
الله عليه وآله) قال ذات يوم: إن ربي وعدني نصرته ، وأن يمدني بملائكته ، وأنه ناصري
بهم وبعلي أخي خاصة من بين أهلي فاشتد ذلك على القوم أن خص عليا بالنصرة ، وأغاظهم
ذلك ، فأنزل الله عز وجل: (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ
يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ
ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ)
- قال- ليضع حبلا
فى عنقه إلى سماء بيته يمده حتى يختنق فيموت فينظر هل يذهبن كيده غيظه»؟[121]
2-
علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: إن الظن في كتاب الله على وجهين.
ظن يقين ، وظن شك ، فهذا ظن شك. قال: من شك أن الله لن يثيبه في الدنيا والآخرة: (فَلْيَمْدُدْ
بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) أي يجعل بينه وبين الله دليلا ،
والدليل على أن السبب هو الدليل ، قول الله في سورة الكهف: (وَآتَيْناهُ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً) أي دليلا ، وقال: (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) أي يميز ،
والدليل على أن القطع هو التمييز قوله: (وَقَطَّعْناهُمُ
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) أي
ميزناهم ، فقوله: (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) أي يميز (فَلْيَنْظُرْ هَلْ
يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) أي حيلته ، والدليل على أن الكيد هو الحيلة قوله: (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) أي احتلنا له حتى حبس
أخاه ، وقوله يحكي قول فرعون: (فَأَجْمِعُوا
كَيْدَكُمْ) أي حيلتكم. قال: فإذا وضع لنفسه
سببا ، وميز ، دله على الحق ، فأما العامة فإنهم رووا في ذلك أنه من لم يصدق بما
قال الله ، فليلق حبلا إلى سقف البيت ، ثم ليختنق.
ثم ذكر
عز وجل عظيم كبريائه وآلائه فقال: (أَلَمْ تَرَ) أي ألم تعلم يا محمد (أَنَّ اللَّهَ
يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ) ولفظ الشجر واحد ومعناه جمع (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ
يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ).[122]
3-
محمد
بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن محمد بن
عيسى ، عن يونس ، عن أبي الصباح الكناني ، عن الأصبغ بن
نباتة ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن للشمس ثلاث مائة وستين برجا ، كل
برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب ، وتنزل كل يوم على برج منها ، فإذا غابت انتهت
إلى حد[123] بطنان العرش ، فلم تزل ساجدة
إلى الغد ، ثم ترد إلى موضع مطلعها ومعها ملكان يهتفان معها ، وإن وجهها لأهل السماء
، وقفاها لأهل الأرض ، ولو كان وجهها لأهل الأرض لأحرقت الأرض ومن عليها من شدة حرها
، ومعنى سجودها ما قال الله سبحانه وتعالى: (أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ)».[124]
4-
المفيد
في (الاختصاص): عن محمد بن أحمد العلوي ، قال: حدثنا أحمد بن زياد ، عن علي بن إبراهيم
، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن
أبي الصباح الكناني ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ
فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ
وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ) الآية.
فقال:
«إن للشمس أربع سجدات كل يوم وليلة: فأول سجدة إذا صارت في طرف الأفق حين يخرج الفلك
من الأرض إذا رأيت البياض المضيء في طول السماء قبل أن يطلع الفجر» قلت: بلى ، جعلت
فداك. قال: «ذاك الفجر الكاذب ، لأن الشمس تخرج ساجدة وهي في طرف الأرض ، فإذا ارتفعت
من سجودها طلع الفجر ، ودخل وقت الصلاة.
وأما
السجدة الثانية ، فإنها إذا صارت في وسط القبة وارتفع النهار ، ركدت الشمس قبل الزوال
، فإذا صارت بحذاء العرش ركدت وسجدت ، فإذا ارتفعت من سجودها زالت عن وسط القبة فيدخل
وقت صلاة الزوال.
وأما
السجدة الثالثة: إنها إذ غابت من الأفق خرت ساجدة ، فإذا ارتفعت من سجودها زال الليل
، كما أنها حين زالت وسط القبة دخل وقت الزوال ، زوال النهار».[125]
قلت: هذه صورة ما وقفت
عليه من هذا الحديث ، والله سبحانه أعلم ، وقد تقدم في حديث أبي ذر ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «سجود الشمس مع
الملائكة الموكلين بها والقمر» في قوله تعالى: (هُوَ
الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) من سورة يونس[126].
قوله تعالى:
(هذانِ خَصْمانِ
اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ- إلى قوله تعالى-
وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ 19- 22 )
1- محمد بن يعقوب: عن
علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى:
(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ
كَفَرُوا) بولاية علي (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ
نارٍ).[127]
2-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا أبو محمد عمار بن الحسين الأسروشني[128] ، قال:
حدثني علي بن محمد ابن عصمة ، قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة ، قال: حدثنا أبو
الحسن بن أبي شجاع البجلي ، عن جعفر بن
عبيد
الله بن محمد[129]
الحنفي ، عن يحيى بن هاشم ، عن محمد بن جابر ، عن صدقة بن سعيد ، عن النضر بن مالك ، قال: قلت للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما
السلام): يا أبا عبد الله ، حدثني عن قول الله عز وجل: (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). قال: «نحن وبنو أمية ، اختصمنا في الله عز وجل ، قلنا: صدق
الله وقالوا: كذب الله فنحن وإياهم الخصمان يوم القيامة».[130]
3-
محمد
بن العباس: عن إبراهيم بن عبد الله بن مسلم ، عن حجاج بن المنهال ، بإسناده عن قيس بن سعد بن عبادة ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)
، أنه قال: «أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن» ، وقال قيس: وفيهم نزلت: (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) وهم الذين تبارزوا يوم بدر ، علي (عليه السلام) وحمزة وعبيدة
، وشيبة وعتبة والوليد.[131]
4-
الشيخ
في (أماليه): قال أخبرنا محمد بن محمد ، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد ، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسماعيل بن هامان[132] ، قال:
حدثنا أبي ، قال: حدثنا مسلم ، قال: حدثنا عروة بن خالد ، قال: حدثنا سليمان التميمي
، عن أبي مجلز ، عن قيس بن سعد بن عبادة ، قال: سمعت علي
بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «أنا أول من يجثو بين يدي الله عز وجل للخصومة يوم
القيامة».[133]
5-
(كشف الغمة): عن مسلم والبخاري- في حديث- في قوله تعالى: (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في علي ، وحمزة ، وعبيدة
بن الحارث الذين بارزوا المشركين يوم بدر: عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة.[134]
6-
علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: نحن وبنو امية ، نحن قلنا: صدق
الله ورسوله وقال بنو امية: كذب الله
ورسوله (فَالَّذِينَ
كَفَرُوا) يعني بني امية (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) إلى قوله: (حَدِيدٍ) قال تغشاه[135] النار
، فتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته ، وتتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه
(وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ
حَدِيدٍ) قال:
الأعمدة التي يضربون بها.[136]
7-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، قال: قلت له: يا بن رسول الله ، خوفني فإن قلبي قد قسا.
فقال:
«يا أبا محمد ، استعد للحياة الطويلة ، فإن جبرئيل (عليه السلام) جاء إلى رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وهو قاطب ، وقد كان قبل ذلك يجيء وهو مبتسم ، فقال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل ، جئتني اليوم قاطبا! فقال: يا محمد ، قد وضعت منافخ
النار ، فقال: وما منافخ النار ، يا جبرئيل؟ فقال: يا محمد ، إن الله عز وجل أمر بالنار
، فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم نفخ عليها ألف
عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات
أهلها من نتنها ، ولو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا
لذابت من حرها ، ولو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل
الأرض من ريحه ووهجه».
قال:
«فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبكى جبرئيل ، فبعث الله إليهما ملكا ، فقال
لهما: إن ربكما يقرئكما السلام ، ويقول: قد أمنتكما أن تذنبا ذنبا أعذبكما[137] عليه».
فقال
أبو عبد الله (عليه السلام): «فما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) جبرئيل مبتسما
بعد ذلك» ثم قال: «إن أهل النار يعظمون النار ، وإن أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم
، وإن أهل جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما ، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع
الحديد ، وأعيدوا فى دركها[138]
، هذه حالهم ، وهو قول الله عز وجل: (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا
مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) ثم
تبدل جلودهم جلودا غير الجلود التي كانت عليهم».
فقال
أبو عبد الله (عليه السلام): «حسبك ، يا أبا محمد؟» قلت: حسبي ، حسبي.[139]
8-
الشيخ
المفيد في (أماليه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) ، عن محمد بن
عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير
، عن عمر بن أذينة[140]
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «مر سلمان (رضي الله عنه) على الحدادين بالكوفة
فرأى شابا قد صعق ، والناس قد اجتمعوا حوله ، فقالوا: يا أبا عبد الله ، هذا الشاب
قد صرع ، فإن قرأت في آذانه[141]- قال- فدنا منه سلمان ، فلما رآه الشاب
أفاق ، وقال: يا أبا عبد الله ، ليس بي ما يقول هؤلاء القوم ، ولكني مررت بهؤلاء الحدادين
، وهم يضربون بالمرزبات[142]
، فذكرت قوله تعالى: (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) فذهب
عقلي خوفا من عقاب الله تعالى ، فاتخذه سلمان أخا ، ودخل قلبه حلاوة محبته في الله
تعالى ، فلم يزل معه حتى مرض الشاب ، فجاءه سلمان فجلس عند رأسه وهو يجود بنفسه ، فقال: يا ملك الموت ، أرفق بأخي فقال
ملك الموت: يا أبا عبد الله ، إني بكل مؤمن رفيق».[143]
9-
ابن
طاوس في (الدروع الواقية): قال: ذكر أبو جعفر أحمد القمي
في كتاب (زهد النبي (صلى الله عليه وآله): أن جبرئيل
(عليه السلام) جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) عند الزوال ، في ساعة لم يأته فيها
، وهو متغير اللون ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يسمع حسه وجرسه[144]
، فلم يسمعه يومئذ ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): «يا جبرئيل ، مالك جئتني
في ساعة لم تجئني فيها ، وأرى لونك متغيرا ، وكنت أسمع حسك وجرسك فلم أسمعه!».
فقال:
إني جئت حين أمر الله بمنافخ النار ، فوضعت على النار.
فقال
النبي (صلى الله عليه وآله): «فأخبرني عن النار- يا أخي جبرئيل- حين خلقها الله تعالى؟».
فقال:
إنه سبحانه أوقد عليها ألف عام فاحمرت ، ثم أوقد عليها ألف عام فابيضت ، ثم أوقد عليها
ألف عام فاسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لا يضيء جمرها ، ولا ينطفئ لهبها ، والذي بعثك
بالحق نبيا ، لو أن مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا عن آخرهم ، ولو أن
رجلا ادخل جهنم ثم اخرج منها ، لهلك أهل الأرض جميعا حين ينظرون إليه لما يرون به ،
ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت
عن آخرها ، ولو أن بعض خزان جهنم التسعة عشر نظر إليه أهل الأرض لماتوا حين نظروا إليه
، ولو أن ثوبا من ثياب أهل جهنم اخرج[145] إلى
الأرض لمات أهل الأرض من نتم ]نتن[ ريحه. فانكب النبي (صلى الله عليه وآله) وأطرق يبكي ، وكذلك
جبرئيل ، فلم يزالا يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء: يا جبرئيل ، ويا محمد ، إن الله
قد آمنكما من أن تعصيا فيعذبكما.[146]
10-
ثم
قال ابن طاوس في الكتاب المذكور أيضا: عن النبي (صلى الله
عليه وآله) أنه قال: «والذي نفس محمد بيده ، لو أن قطرة من الزقوم قطرت على جبال الأرض
لساخت إلى أسفل سبع أرضين ، ولما أطاقته ، فكيف بمن هو طعامه! والذي نفسي بيده ، لو
أن قطرة من الغسلين قطرت على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين ، ولما أطاقته ،
فكيف بمن هو شرابه! والذي نفسي بيده لو أن مقماعا واحدا مما ذكره الله في كتابه وضع
على جبال الأرض لساخت إلى أسفل سبع أرضين ، ولما أطاقته ، فكيف بمن يقمع به يوم القيامة
في النار».[147]
قوله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ
يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ- إلى قوله تعالى- وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ 23)
1-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي
بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك- يا بن رسول الله- شوقني.
فقال:
«يا أبا محمد ، إن من أدنى نسيم[148] الجنة
أن يوجد ريحها على قلوب أهلها يوم الأخذ بالكظم والخناق من مسيرة ألف عام من مسافة
أهل الدنيا ، وإن أدنى أهل الجنة منزلا لو نزل به أهل الثقلين الجن والإنس لوسعهم طعاما
وشرابا ، ولا ينقص مما عنده شيء ، وإن أيسر أهل الجنة منزلا يدخل[149] الجنة
فيرفع له ثلاث حدائق ، فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار
ما شاء الله مما يملأ عينيه قرة ، وقلبه مسرة. فإذا شكر الله وحمده[150] قيل
له: ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ، ففيها ما ليس في الأخرى فيقول: يا رب أعطني هذه
فيقول الله تعالى: إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول: رب ، هذه هذه فإذا دخلها شكر
الله وحمده» قال: «فيقال: افتحوا له بابا إلى الجنة ويقال له: ارفع رأسك فإذا قد فتح
له باب من الخلد ، ويرى أضعاف ما كان هو فيه فيما قبل ، فيقول عند مضاعفة [151]مسراته:
رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت علي بالجنان ، وأنجيتني من النيران».
قال أبو
بصير: فبكيت ، وقلت له: جعلت فداك ، زدني ، قال: «يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في
حافتيه جوار نابتات ، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها ، وأنبت الله مكانها أخرى».
قلت:
جعلت فداك ، زدني. قال: المؤمن يزوج ثمان مائة عذراء ، وأربعة آلاف ثيب ، وزوجتين من
الحور العين».
قلت:
جعلت فداك ، ثمان مائة عذراء! قال: «نعم ، ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك».
قلت:
جعلت فداك ، من أي شيء خلقت الحور العين؟ قال: «من تربة الجنة النورانية ، ويرى مخ
ساقيها من وراء سبعين حلة ، كبدها مرآته ، وكبده مرآتها».
قلت:
جعلت فداك ، أ لهن كلام يكلمن به أهل الجنة؟ قال: «نعم ، كلام يتكلمن به ، لم يسمع
الخلائق بمثله وأعذب منه».
قلت:
ما هو؟ قال: «يقلن بأصوات رخيمة: نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نيبس
، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن خلق لنا ، وطوبى لمن
خلقنا له ، ونحن اللواتي لو أن
قرن إحدانا علق في جو السماء لأغشى[152] نوره
الأبصار». فهاتان الآيتان تفسيرهما[153] رد
على من أنكر خلق الجنة والنار[154]
وسيأتي- إن شاء الله
تعالى- في صفة الجنة والحور العين في قوله تعالى: (هاؤُمُ
اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)[155]
وغيرها من الآيات[156] ، وتقدم
من ذلك في قوله تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ
إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) من سورة مريم[157].
قوله تعالى:
(وَهُدُوا
إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ 24 )
1-
أحمد
بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، عمن ذكره عن أبي علي ، عن ضريس الكناسي ، قال: سألت أبا جعفر[158]
(عليه السلام) عن قول الله: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ
مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيد).
فقال: «هو- والله- هذا الأمر الذي أنتم عليه».[159]
2-
محمد
بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن اورمة ، عن علي ابن حسان
، عن عبد الرحمن بن كثير: عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، في قوله تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ
الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ).
قال: «ذلك جعفر وحمزة وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار ، هدوا إلى أمير
المؤمنين (عليه السلام)».[160]
ابن شهر آشوب ، قال:
قال أبو عبد الله (عليه السلام) ، وذكر الحديث بعينه[161].
3-
علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: التوحيد والإخلاص (وَهُدُوا
إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) قال: إلى الولاية.[162]
قوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ
لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ 25)
1- علي بن إبراهيم ، قال: نزلت في قريش
، حين صدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مكة.[163]
2-
محمد
بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين ابن أبي العلاء ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
«إن معاوية أول من علق على بابه مصراعين بمكة ، فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز
وجل: (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي
حجة ، وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله تعالى: (فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ
كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ)[164] وكان فرعون هذه الامة».[165]
3-
وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن
أبي عبد الله ، عن أبيه (عليهما السلام) ، قال: «لم يكن لدور مكة أبواب ، وكان أهل
البلدان [166]يأتون
بقطرانهم[167] فيدخلون فيضربون بها ، وكان
أول من بوبها معاوية».[168]
4-
الشيخ:
بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن صفوان بن يحيى ، عن حسين
بن أبي العلاء ، قال: ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية: (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) ، فقال: «كانت مكة ليس على شيء منها باب ، وكان أول من علق
على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان ، وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور
ومنازلها».[169]
5-
وعنه: بإسناده عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ليس ينبغي لأهل مكة أن
يجعلوا على دورهم أبوابا ، وذلك أن الحاج ينزلون معهم في ساحة الدار حتى يقضوا حجهم».[170]
6-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد ، وعبد الله ابني
محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان الناب ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، قال سألته عن قول الله عز وجل: (سَواءً الْعاكِفُ
فِيهِ وَالْبادِ). فقال: «لم يكن ينبغي أن توضع[171] على
دور مكة أبواب ، لأن للحاج أن ينزلوا معهم[172] في
ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم ، وإن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية».[173]
7-
الحميري
عبد الله بن جعفر: بإسناده عن جعفر ، عن أبيه ، وعن علي
(عليهم السلام) ، أنه كره إجارة بيوت مكة ، وقرأ: (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ).[174]
8-
وعنه: بإسناده عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليه السلام):
أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى أهل مكة عن إجارة بيوتهم ، وأن يغلقوا عليها
أبوابا ، وقال: (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ). قال: وفعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان [وعلي (عليه السلام)]
حتى كان في زمن معاوية.[175]
9-
علي بن جعفر في (مسائله): عن أخيه
موسى بن جعفر (عليهما السلام) ، قال: «ليس ينبغي لأحد من أهل مكة أن يمنع الحاج شيئا
من الدور ينزلونها».[176]
قوله تعالى:
(وَمَنْ يُرِدْ
فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ 25 )
1-
محمد
بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا
، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، قال: أتى أبو
عبد الله (عليه السلام) في المسجد ، فقيل له: إن سبعا من سباع الطير على الكعبة ، ليس
يمر به شيء من حمام الحرم إلا ضربه. فقال: «انصبوا له واقتلوه ، فإنه قد ألحد».[177]
2-
وعنه: ابن أبي عمير عن ، معاوية بن عمار ، قال: سألت أبا
عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَمَنْ يُرِدْ
فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ).[178] قال:
«كل ظلم إلحاد ، وضرب الخادم في غير ذنب ، من ذلك الإلحاد».
3-
وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل
، عن أبي الصباح الكناني ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه
السلام) عن قول الله عز وجل: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ
بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ).
فقال: كل ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد ، أو شيء من الظلم ، فإني
أراه إلحادا» ولذلك كان يتقي أن يسكن الحرم.[179]
4-
وعنه: باسناده عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد وغيره من أصحابنا
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز ذكره: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ).
فقال:
«من عبد فيه غير الله عز وجل ، أو تولى فيه غير أولياء الله ، فهو ملحد بظلم ، وعلى
الله تبارك وتعالى أن يذيقه من عذاب أليم».[180]
5-
وعنه: عن الحسين بن محمد ، بإسناده إلى عبد الرحمن بن
كثير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ). قال: «نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة ، فتعاهدوا وتعاقدوا على
كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول
(صلى الله عليه وآله) ووليه (عليه السلام) ، فبعدا للقوم الظالمين».[181]
6-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن
عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي
الصباح الكناني ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ). فقال: «كل ظلم يظلم به الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد
، أو شيء من الظلم ، فإني أراه إلحادا». ولذلك كان
ينهى أن يسكن الحرم.[182]
7-
الشيخ:
بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ). فقال: «كل ظلم فيه إلحاد ، حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن
يكون إلحادا». فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة.[183]
8-
علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: قال نزلت فيمن يلحد في أمير المؤمنين
(عليه السلام) ويظلمه.[184]
قوله تعالى:
(وَطَهِّرْ
بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ 26)
1-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، قال: قال الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام):
«قوله تعالى: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) يعني بهم آل محمد (صلوات
الله عليهم)».[185]
وقد تقدمت الروايات
في ذلك في سورة البقرة[186].
قوله تعالى:
(وَأَذِّنْ
فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ
فَجٍّ عَمِيقٍ 27 )
-1 علي بن إبراهيم ، يقول: الإبل المهزولة.
وقرأ: «يأتون من كل فج عميق». قال: ولما فرغ إبراهيم (عليه السلام) من بناء البيت
، أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج ، فقال: يا رب ، وما يبلغ صوتي؟ فقال الله تعالى: عليك الأذان
وعلي البلاغ. وارتفع على المقام وهو يومئذ يلاصق البيت ، فارتفع به المقام حتى كأنه[187] أطول
من الجبال ، فنادى ، وأدخل إصبعيه في أذنيه[188]
، وأقبل بوجهه شرقا وغربا ، يقول: أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا
ربكم فأجابوه من تحت البحور السبعة ، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أطراف
الأرض كلها ، ومن أصلاب الرجال وأرحام النساء بالتلبية:
لبيك اللهم لبيك. أولا ترونهم يأتون يلبون؟ فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن
استجاب لله ، وذلك: قوله: (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ)[189]
يعني نداء إبراهيم (عليه السلام) على المقام بالحج.
قال:
وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة ، زنيا في البيت فمسخا حجرين ، واتخذتهما قريش صنمين
يعبدونهما ، فلم يزالا يعبدان حتى فتحت مكة ، فخرجت منها امرأة عجوز شمطاء ، تخمش وجهها
وتدعو بالويل ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «تلك نائلة ، يئست أن تعبد ببلادكم
هذه».[190]
2-
محمد
بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا
، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقام بالمدينة عشر سنين لم
يحج ، ثم أنزل الله عز وجل عليه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ
بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم ، بأن رسول الله (صلى
الله عليه وآله) يحج في عامه هذا ، فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب
، فاجتمعوا لحج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإنما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون
به ويتبعونه ، أو يصنع شيئا فيصنعونه.
فخرج
رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أربع بقين من ذي القعدة ، فلما انتهى إلى ذي الحليفة[191] زالت
الشمس ، فاغتسل ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة ، فصلى فيه الظهر ، وعزم بالحج
مفردا ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء[192] عند
الميل الأول ، فصف له سماطان ، فلبى بالحج مفردا ، وساق الهدي ستا وستين أو أربعا
وستين ، حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجة[193]
، فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام).
ثم عاد
إلى الحجر فاستلمه ، وقد كان استلمه في أول طوافه ، ثم قال: إن الصفا والمروة من شعائر
الله ، فابدأ بما بدأ الله عز وجل[194]
وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل الله
عز وجل: (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ
الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)[195]. ثم
أتى الصفا فصعد عليه ، واستقبل الركن اليماني ، فحمد الله وأثنى عليه ، ودعا مقدار
ما يقرأ سورة البقرة مترسلا ، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها ، كما توقف على الصفا
، ثم انحدر وعاد إلى الصفا فوقف عليها ، ثم انحدر إلى المروة حتى فرغ من سعيه.
فلما
فرغ من سعيه وهو على المروة ، أقبل على الناس بوجهه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال:
إن هذا جبرئيل-
وأومأ بيده إلى خلفه- يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل ، ولو استقبلت من أمري ما
استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكني سقت الهدي ، ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتى
يبلغ الهدي محله».
قال:
«فقال له رجل من القوم: لنخرجن حجاجا ورؤوسنا وشعورنا تقطر. فقال له رسول الله (صلى
الله عليه وآله): أما إنك لن تؤمن بهذا أبدا.
فقال:
سراقة بن مالك بن جعشم الكناني[196]:
يا رسول الله ، علمنا ديننا كأنا خلقنا اليوم ، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا ، أم
لما يستقبل؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل هو للأبد إلى يوم القيامة.
ثم شبك أصابعه ، وقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».
قال:
«وقدم علي (عليه السلام) من اليمن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو بمكة ، فدخل
على فاطمة (عليها السلام) وقد أحلت ، فوجد ريحا طيبا ، ووجد عليها ثيابا مصبوغة ، فقال:
ماهذا ، يا فاطمة؟ فقالت: أمرنا بهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله). فخرج علي (عليه
السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستفتيا ، فقال: يا رسول الله ، إني رأيت
فاطمة قد أحلت ، وعليها ثياب مصبوغة؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا أمرت
الناس بذلك ، فأنت- يا علي- بما أهللت؟ قال: يا رسول الله ، إهلالا كإهلال النبي (صلى
الله عليه وآله). فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): قر على إحرامك مثلي ، وأنت
شريكي في هديي».
قال:
«ونزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ، ولم ينزل الدور
، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج ، وهو قول
الله عز وجل الذي انزل على نبيه (صلى الله عليه وآله): (فَاتَّبِعُوا
مِلَّةَ أبيكم إِبْراهِيمَ)[197] فخرج
النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه مهلين بالحج حتى أتى منى ، فصلى الظهر والعصر
والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، ثم غدا والناس معه ، وكانت قريش تفيض من المزدلفة
، وهي جمع ، ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وقريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ، فأنزل الله عز وجل: (ثُمَّ أَفِيضُوا
مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ)[198] يعني
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق (عليهم السلام) في إفاضتهم منها ، ومن كان بعدهم ، فلما رأت
قريش أن قبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد مضت ، كأنه دخل في أنفسهم شيء للذي
كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم ، حتى انتهى إلى نمرة ، وهي بطن عرفة[199] بحيال
الأراك ، فضربت قبته ، وضرب الناس أخبيتهم عندها.
فلما
زالت الشمس خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه قريش ، وقد اغتسل وقطع التلبية
حتى وقف بالمسجد
، فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، ثم صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، ثم مضى إلى الموقف
فوقف به فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته ، يقفون إلى جانبها ، فنحاها ، ففعلوا مثل
ذلك ، فقال: أيها الناس ، ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف ، ولكن هذا كله. وأومأ بيديه[200] إلى
الموقف ، فتفرق الناس ، وفعل مثل ذلك بالمزدلفة ، فوقف الناس[201] حتى
وقع[202] قرص
الشمس ، ثم أفاض ، وأمر[203] الناس
بالدعة حتى انتهى إلى المزدلفة ، وهو المشعر الحرام ، فصلى المغرب والعشاء الآخرة بأذان
واحد وإقامتين ، ثم أقام حتى صلى فيها الفجر ، وعجل ضعفاء بني هاشم بليل ، وأمرهم أن
لا يرموا [204] جمرة
العقبة حتى تطلع الشمس ، فلما أضاء له النهار أفاض ، حتى انتهى إلى منى ، فرمى جمرة
العقبة.
وكان
الهدي الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربعة وستين ، أو ستة وستين ، وجاء
علي (عليه السلام) بأربعة وثلاثين ، أو ستة وثلاثين ، فنحر رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ستة وستين ، ونحر علي (عليه السلام) أربعة وثلاثين بدنة ، فأمر رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة[205] من
لحم ، ثم تطرح في برمة[206]
، ثم تطبخ فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) وحسيا من مرقها
، ولم يعطيا الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ، وتصدق به ، وحلق وزار البيت
، ورجع إلى منى ، وأقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق ، ثم رمى الجمار
، ونفر حتى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عائشة: يا رسول الله ، ترجع نساؤك بحجة وعمرة
معا ، وأرجع بحجة؟ فأقام بالأبطح ، وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ،
فأهلت بعمرة ، ثم جاءت وطافت بالبيت وصلت ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) ،
وسعت بين الصفا والمروة ، ثم أتت النبي (صلى الله عليه وآله) فارتحل من يومه ، ولم
يدخل المسجد الحرام ، ولم يطف بالبيت ، ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين ، وخرج من
أسفل مكة من ذي طوى».[207]
3-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن
عمه عبد الله ابن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، قال: سألته: لم جعلت التلبية؟ فقال: «إن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيم (عليه
السلام): (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ
يَأْتُوكَ رِجالًا) فنادى فأجيب من كل فج عميق
يلبون».[208]
قوله تعالى:
(لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ
فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ 28)
1-
محمد
بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن أبي المغرا
، عن سلمة بن محرز ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه
السلام) إذ جاءه رجل ، يقال له: أبو الورد ، فقال لأبي عبد الله (عليه السلام): رحمك
الله ، إنك لو كنت أرحت بدنك من المحمل. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا أبا
الورد ، إني أحب أن أشهد المنافع التي قال الله تبارك وتعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)
إنه لا يشهدها أحد إلا نفعه الله ، أما أنتم فترجعون مغفورا لكم ، وأما غيركم فيحفظون
في أهاليهم وأموالهم».[209]
2-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن
السكوني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) ، قال: «هو الزمن الذي لا يستطيع أن يخرج من زمانته[210] ».[211]
3-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن يحيى ، عن عبد
الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله
(عليه السلام) ، قول الله عز وجل: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ
لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ)[212].
قال:
«الفقير: الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم ، فكل ما فرض الله
عز وجل عليك فإعلانه أفضل من إسراره ، وكل ما كان تطوعا فإسراره أفضل من إعلانه ،
ولو أن رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فيقسمها[213]
، كان ذلك حسنا جميلا».[214]
4-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان
، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، قال: «البائس هو الفقير».[215]
5-
الشيخ
في (التهذيب): بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن النخعي ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال:
«البائس: الفقير».[216]
6-
وعنه: بإسناده عن العباس بن معروف وعلي بن السندي جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول[217] في
قول الله عز وجل: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي
أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) قال: «أيام العشر». وقوله:
(وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)[218] قال: «أيام التشريق».[219]
7-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا الحسين
بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «قال علي (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُوماتٍ) قال: أيام العشر».[220]
8-
وعنه: بهذا الإسناد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُوماتٍ). قال: «هي أيام التشريق».[221]
9-
وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن عبد الله بن الصلت
، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن المفضل بن صالح ، عن زيد
الشحام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)[222] ، قال: «المعلومات والمعدودات واحدة ، وهن [223]أيام
التشريق».[224]
قوله تعالى:
(ثُمَّ لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ 29)
1-
محمد
بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير
جميعا ، عن معاوية بن عمار ، قال: قال أبو عبد الله (عليه
السلام) ، في حديث من تمام الحج والعمرة: «اتق المفاخرة ، وعليك بورع يحجزك عن معاصي
الله ، فإن الله عز وجل يقول: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ
وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)».
قال أبو
عبد الله (عليه السلام): «من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح ، فإذا دخلت مكة
وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب ، فكان ذلك كفارة».[225]
2-
وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل
، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، قال في قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). قال: «هو الحلق ، وما في جلد الإنسان».[226]
3-
وعنه: بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن
الرضا (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (ثُمَّ
لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)
، قال: «التفث: تقليم الأظفار ، وطرح الوسخ ، وطرح الإحرام».[227]
4-
وعنه: عن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله جل ثناؤه:
(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ، قال:
«هو ما يكون من الرجل في إحرامه ، فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب ، كان ذلك كفارة لذلك
الذي كان منه».[228]
5-
وعنه: عن الحسين ، بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا
بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ، قال: «طواف النساء».[229]
6-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن
أبان بن عثمان ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: لم سمي البيت
العتيق؟ قال: «هو بيت حر ، عتيق من الناس ، لم يملكه أحد».[230]
7-
وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن الحسين
بن علي بن مروان ، عن عدة من أصحابنا ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: قلت لأبي جعفر
(عليه السلام) في المسجد الحرام: لأي شيء سماه الله العتيق؟
فقال:
«إنه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلا له رب ، وسكان يسكنونه ، غير هذا البيت
، فإنه لا رب له إلا الله عز وجل ، وهو الحر[231]»
ثم قال: «إن الله عز وجل خلقه قبل الأرض ، ثم خلق الأرض من بعده ،
فدحاها من تحته».[232]
8-
وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن
محمد ، قال: قال أبو الحسن (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ، قال: «طواف الفريضة طواف النساء».[233]
9-
وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن داود بن النعمان
، عن أبي عبيدة ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ،
ورأى الناس بمكة وما يعملون ، قال: فقال: «فعال كفعال الجاهلية ، أما والله ما أمروا
بهذا ، وما أمروا إلا أن يقضوا تفثهم ، وليوفوا نذورهم ، فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم
، ويعرضوا علينا نصرتهم».[234]
10-
الشيخ:
بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن ربعي ، عن محمد
بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، في قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ):
«حفوف[235] الرجل من الطيب».[236]
11-
ابن
بابويه في (الفقيه): بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ) ، قال: «ما يكون من الرجل في حال إحرامه
، فإذا دخل مكة وطاف وتكلم بكلام طيب ، كان ذلك كفارة لذلك الذي كان منه».[237]
12-
وعنه: بإسناده عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ، في قول الله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). قال: «التفث: لقاء الإمام».[238]
13-
وعنه: بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال أتيت أبا عبد
الله (عليه السلام) ، فقلت له: جعلت فداك ، ما معنى قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)؟
قال: «أخذ الشارب ، وقص الأظفار ، وما أشبه ذلك».
قال قلت:
جعلت فداك ، فإن ذريحا المحاربي حدثني عنك بحديث ، أنك قلت: «(لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ) لقاء الإمام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك
المناسك»؟ قال: «صدق ذريح وصدقت ، إن القرآن له ظاهر وباطن ، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح؟».[239]
14-
وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن علي
بن سليمان ، عن زياد القندي ، عن عبد الله بن سنان ، عن
ذريح المحاربي ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله أمرني
في كتابه بأمر ، فأحب أن أعلمه ، قال: وما ذاك[240]؟».
قلت: قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا
نُذُورَهُمْ). قال: (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لقاء
الإمام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك
المناسك».
قال عبد
الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله (عليه السلام) ، فقلت: جعلت فداك ، قول الله عز
وجل (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)؟ قال:
«أخذ الشارب ، وقص الأظفار ، وما أشبه ذلك».
قال:
قلت: جعلت فداك ، فإن ذريحا المحاربي حدثني عنك ، أنك قلت له: «(ثُمَّ لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ) لقاء
الإمام: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك
المناسك»؟ فقال: «صدق ذريح ، وصدقت ، إن للقرآن ظاهرا وباطنا ، ومن يحتمل ما يحتمل
ذريح؟».[241]
15-
وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا الحسين
بن الحسن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). قال: «قص الشارب والأظفار».[242]
16-
وعنه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار
، عن أخيه علي ، عن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن ابن
سنان ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ).
قال: «هو الحلق ، وما في جلد الإنسان».[243]
17-
وعنه ، بإسناده في (الفقيه): عن زرارة ، عن حمران ، عن
أبي جعفر (عليه السلام): «أن التفث حفوف الرجل عن الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب».[244]
18-
وعنه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا الحسين بن الحسن
بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن
زرارة ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)
، قال: «التفث ، حفوف الرجل من الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب».[245]
19-
وعنه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد
بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، قال:
قال أبو الحسن (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) ، قال: «التفث: تقليم الأظفار ، وطرح الوسخ ، وطرح الإحرام
عنه».[246]
20-
وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود
، عن أبيه ، قال: حدثنا
إبراهيم بن علي ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ). قال: «الحفوف والشعث- قال- ومن التفث أن يتكلم[247] بكلام
قبيح ، فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب ، كان ذلك كفارته».[248]
21-
وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله) ، قال: حدثنا جعفر
بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن حمدويه ، قال: حدثنا محمد بن عبد الحميد ، عن أبي
جميلة ، عن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: سألته عن التفث ، قال: «هو حفوف الرأس».[249]
22-
وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله) ، قال: حدثنا جعفر
بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال: حدثنا محمد بن نصير ، قال: حدثنا محمد بن عيسى
، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن التفث؟ فقال: «هو الحلق ، وما في جلد الإنسان».[250]
23-
وعنه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد
، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي
خديجة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت له: لم سمي البيت العتيق؟
قال:
«إن الله عز وجل أنزل الحجر الأسود لآدم (عليه السلام) من الجنة ، وكان البيت درة بيضاء
، فرفعه الله إلى السماء وبقي أسه[251]
، فهو بحيال هذا البيت ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يرجعون إليه أبدا ، فأمر
الله إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) يبنيان البيت على القواعد ، وإنما سمي البيت
العتيق لأنه أعتق من الغرق».[252]
24-
وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد
بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران ، عن الحسن
بن علي ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال:
قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في المسجد الحرام: لأي شيء سماه الله العتيق؟
قال:
«ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلا له رب ، وسكان يسكنونه ، غير هذا البيت ،
فإنه لا يسكنه أحد ، ولا رب له إلا الله ، وهو الحرم[253]».
وقال: «إن الله خلقه قبل الخلق ، ثم خلق الله الأرض من بعده ، فدحاها من تحته».[254]
25-
وعنه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه
، عن حماد ، عن أبان بن عثمان ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر
(عليه السلام) ، قال: قلت له: لم سمي البيت العتيق؟ قال: «لأنه بيت حر عتيق من الناس
، ولم يملكه أحد».[255]
26-
وعنه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن
الحسن الطويل ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ذريح بن يزيد
المحاربي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الله عز وجل أغرق الأرض كلها
يوم نوح إلا البيت ، فيومئذ سمي العتيق ، لأنه أعتق يومئذ من الغرق». فقلت له: أصعد
إلى السماء؟ فقال: «لا ، لم يصل إليه الماء ، ورفع عنه».[256]
27-
وعنه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن
أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) ، قال: «إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق ، وأعتق الحرم
من[257] معه
، كف عنه الماء».[258]
28-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن هوذة ، بإسناده يرفعه إلى عبد الله بن سنان ، عن ذريح المحاربي ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قوله
تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) ، قال: «هو لقاء الإمام (عليه السلام)».[259]
29-
وروى عنه (عليه السلام) ، وقد نظر إلى الناس يطوفون بالبيت
، فقال: «طواف كطواف الجاهلية ، أما والله ما بهذا أمروا ، ولكنهم أمروا أن يطوفوا
بهذه الأحجار ، ثم ينصرفوا إلينا ويعرفونا مودتهم ، ويعرضوا علينا نصرتهم». وتلا هذه
الآية: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) وقال: «التفث: الشعث ، والنذر: لقاء الإمام (عليه السلام)».[260]
قوله تعالى:
(ذلِكَ وَمَنْ
يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ 30 )
1-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجار ، عن الإمام موسى
، عن أبيه جعفر (عليهما السلام) ، في قول الله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ).
قال:
«هي ثلاث حرمات واجبة ، فمن قطع منها حرمة فقد أشرك بالله: الأولى: انتهاك حرمة الله
في بيته الحرام ، والثانية: تعطيل الكتاب والعمل بغيره ، والثالثة: قطيعة ما أوجب الله
من فرض طاعتنا ومودتنا».[261]
قوله تعالى:
(فَاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ
مُشْرِكِينَ بِهِ- إلى قوله تعالى- فِي مَكانٍ سَحِيقٍ
30- 31)
1-
محمد
بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله
ابن جبلة ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير ، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ
الزُّورِ) ، قال: «الغناء».[262]
2-
وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد جميعا
، عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن زيد الشحام ، قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ
الزُّورِ) ، فقال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج
، وقول الزور: الغناء».[263]
3-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ
الزُّورِ). قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج ،
وقول الزور: الغناء».[264]
4-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول
الله عز وجل: (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ
بِهِ). قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله
الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله- قال- فطرهم على معرفته[265] ».[266]
5-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال: حدثنا الحسين بن أشكيب ، قال:
حدثنا محمد بن السري ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبي أحمد محمد بن أبي عمير ، عن علي
بن أبي حمزة ، عن عبد الأعلى ، قال: سألت جعفر بن محمد
(عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فَاجْتَنِبُوا
الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج ، وقول الزور: الغناء».
قلت:
قوله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ)[267] ؟ قال:
«منه الغناء».[268]
6-
وعنه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد
بن عيسى ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن حماد بن عثمان
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «سألته عن قول الزور. قال:
«منه: قول الرجل للذي يغني: أحسنت».[269]
7-
وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر
بن أذينة ، عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)
عن قول الله عز وجل: (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ
بِهِ). قلت: ما الحنيفية؟ قال: «هي الفطرة».[270]
8-
وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين
بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله
عز وجل: (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) وعن الحنيفية. قال: «هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها
، لا تبديل لخلق الله- وقال- فطرهم الله على التوحيد[271] ».[272]
9-
علي
بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «الرجس من الأوثان: الشطرنج ، وقول الزور:
الغناء. وقوله: (حُنَفاءَ) أي طاهرين ، وقوله: (فِي مَكانٍ
سَحِيقٍ) أي بعيد».[273]
10-
الشيخ
في (أماليه) بإسناده ، في قوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ
الزُّورِ). قال: «الرجس: الشطرنج ، وقول الزور: الغناء».[274]
قلت: هذا الحديث مسبوق
بحديث عن الباقر (عليه السلام) في (الأمالي).
قوله تعالى:
(ذلِكَ وَمَنْ
يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ 32)
1- علي بن إبراهيم ، قال: تعظيم البدن
وجودتها.[275]
2-
محمد
بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إنما
يكون الجزاء مضاعفا فيما دون البدنة[276]
، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنه أعظم ما يكون ، قال الله عز وجل: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)».[277]
قوله تعالى:
(لَكُمْ فِيها
مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ 33 )
-1
محمد
بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل
، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
في قول الله عز وجل: (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى). قال: «إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها ،
وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها».[278]
4-
ابن
بابويه ، في (الفقيه): بإسناده عن أبي بصير ، عنه (عليه
السلام) في قول الله عز وجل: (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ
إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى). قال: «إن احتاج إلى ظهرها
ركبها من غير أن يعنف عليها ، وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها».[279]
5-
علي بن إبراهيم ، قال: البدن يركبها المحرم من موضعه[280] الذي
يحرم فيه غير مضر بها ، ولا معنف عليها ، وإن كان لها لبن يشرب من لبنها إلى يوم النحر
، وهو قوله تعالى: (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ).[281]
قوله تعالى:
(وَبَشِّرِ
الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ
عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ 34- 35)
1-
محمد
بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، قال: قال موسى بن جعفر (عليه السلام): «سألت
أبي عن قول الله عز وجل: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) الآية ، قال: نزلت
فينا خاصة».[282]
2-
علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (وَبَشِّرِ
الْمُخْبِتِينَ) قال: العابدين.[283]
قوله تعالى:
(وَالْبُدْنَ
جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ
عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ
وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 36 )
1-
محمد
بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها
صَوافَّ). قال: «ذلك حين تصف للنحر ، تربط يديها
ما بين الخف و[284] الركبة ، ووجوب جنوبها إذا
وقعت على الأرض».[285]
-2
وعنه: عن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
في قول الله عز وجل: (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) قال: «إذا وقعت على الأرض». (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ
وَالْمُعْتَرَّ) قال: «القانع: الذي يرضى بما أعطيته ، ولا يسخط ، ولا يكلح[286]
، ولا يلوي شدقه غضبا ، والمعتر: المار بك لتعطيه[287] ».[288]
3-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان
، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، في قول الله جل ثناؤه: (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها
فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) ، قال: «القانع: الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر: الذي يعتريك
، والسائل: الذي يسألك في يديه ، والبائس: هو الفقير».[289]
4-
وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن مولى لأبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: رأيت أبا الحسن
الأول (عليه السلام) دعا ببدنة فنحرها ، فلما ضرب الجزارون عراقيبها ، فوقعت على الأرض
، وكشفوا شيئا من سنامها ، قال: «اقطعوا وكلوا منها ، فإن الله عز وجل يقول:(فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا)».[290]
5-
الشيخ:
بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن النخعي ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إذا
ذبحت أو نحرت فكل وأطعم ، كما قال الله تعالى: (فَكُلُوا
مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)»
وقال: «القانع: الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر: الذي يعتريك ، والسائل: الذي يسألك
في يديه ، والبائس: الفقير».[291]
6-
وعنه بإسناده: عن موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن
سيف التمار ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن سعد بن عبد الملك قدم حاجا
فلقي أبي ، فقال: إني سقت هديا ، فكيف أصنع؟ فقال له أبي: أطعم أهلك ثلثا ، وأطعم القانع
والمعتر ثلثا ، وأطعم المساكين ثلثا.
فقلت:
المساكين هم السؤال؟ فقال: نعم ، وقال: القانع الذي يقنع بم أرسلت إليه من البضعة فما
فوقها ، والمعتر ينبغي له أكثر من ذلك ، وهو أغنى من القانع الذي يعتريك فلا يسألك».[292]
7-
ابن
بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا
محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان
بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَإِذا
وَجَبَتْ جُنُوبُها) قال: «إذا وقعت على الأرض»
(فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال:
«القانع: الذي يرضى بما أعطيته ، ولا يسخط ، ولا يكلح ، ولا يزبد[293] شدقه
غضبا ، والمعتر: المار بك لتطعمه».[294]
8-
وعنه: بهذا الإسناد عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن سيف التمار ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن سعد
بن عبد الملك قدم حاجا ، فلقي أبي (عليه السلام) ، فقال: إني سقت هديا ، فكيف أصنع؟
فقال: أطعم أهلك ثلثا ، وأطعم القانع ثلثا ، وأطعم المسكين ثلثا.
قلت:
المسكين هو السائل؟ قال: نعم ، والقانع: الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها
، والمعتر: الذي
يعتريك لا يسألك».[295]
9-
علي بن إبراهيم ، قال: القانع: الذي يسأل فتعطيه ، والمعتر: الذي يعتريك
فلا يسأل.[296]
قوله تعالى:
(لَنْ يَنالَ
اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ 37)
1- علي بن إبراهيم ، أي لا يبلغ ما يتقرب
به إلى الله ، وإن نحرها ، إذا لم يتق الله ، وإنما يتقبل الله من المتقين.[297]
قوله تعالى:
(لِتُكَبِّرُوا
اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ 37 )
1-
علي بن إبراهيم ، قال: التكبير أيام التشريق: في الصلاة بمنى في عقيب
خمس عشرة صلاة ، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات.[298]
-2 محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد
الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور
بن حازم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَاذْكُرُوا
اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)[299]. قال:
«هي أيام التشريق- وساق الحديث إلى أن قال (عليه السلام)- والتكبير: الله أكبر ، الله
أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا
، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام».[300]
3-
وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
قول الله عز وجل: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ
مَعْدُوداتٍ)[301]. قال: «التكبير في أيام التشريق: من صلاة الظهر يوم النحر إلى
صلاة الفجر من اليوم الثالث ، وفي الأمصار [302]عشر صلوات
، فإذا نفر بعد الاولى أمسك أهل الأمصار ، ومن أقام بمنى فصلى بها الظهر والعصر فليكبر».[303]
قوله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ
يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا 38)
1- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن علي ، قال: حدثني أبي ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور
بن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، قال: سألت أبا عبد الله
(عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ
يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا). قال: «نحن الذين آمنوا، والله يدافع عنا ما أذاعت عنا شيعتنا». [304]
قوله تعالى:
(أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ
أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ 39 - 40)
2- محمد بن يعقوب: عن
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي جعفر الأحول ، عن
سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول
الله تبارك وتعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ
بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) ، قال: «نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلي ، وجعفر
، و حمزة ، وجرت في الحسين (عليهم السلام) أجمعين».[305]
2- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام)،
قال: «نزلت هذه الآية في آل محمد (عليهم السلام) خاصة (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ
عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا
أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) - ثم تلا إلى قوله تعالى- (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)[306]. [307]
3- وعنه ، قال: حدثنا
الحسين بن عامر ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن حكيم الحناط ، عن
ضريس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول:
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا
وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ،
قال: «الحسن والحسين (عليهما السلام)».[308]
4- وعنه، قال: حدثنا الحسين
بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن مثنى الحناط ، عن عبد الله بن عجلان
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل:
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ
بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ، قال: «هي في القائم (عليه السلام) وأصحابه»[309].
5- وعنه، قال: حدثنا عبد
العزيز بن يحيى ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن المفضل[310] ، عن جعفر
ابن الحسين الكوفي ، عن محمد بن زيد مولى أبي جعفر (عليه
السلام) ، عن أبيه، قال: سألت مولاي أبا جعفر (عليه السلام)، قلت: قوله عز وجل: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ
يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)؟ قال: «نزلت في علي
، وحمزة ، وجعفر (عليهم السلام) ، ثم جرت في الحسين (عليه السلام)»[311].
6- وعنه، قال: حدثنا محمد
بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود النجار، قال:حدثنا مولانا موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول
الله تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ
بِغَيْرِ حَقٍّ).
قال:
«نزلت فينا خاصة ، في أمير المؤمنين وذريته (عليهم السلام) ، وما ارتكب من أمر فاطمة
(عليها السلام)»[312].
7- أبو القاسم جعفر بن
محمد بن قولويه ، قال: حدثني أبي (رحمه الله) ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد ابن محمد
بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن صفوان بن يحيى ، عن حكيم الحناط ، عن ضريس ، عن
أبي خالد الكابلي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال:
سمعته يقول: (أُذِنَ
لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) قال: «علي ، والحسن ،
والحسين (عليهم السلام)»[313].
8- وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «أنها نزلت في المهاجرين،
وجرت في آل محمد (عليهم السلام) الذين اخرجوا من ديارهم، وأخيفوا»[314].
9- علي بن إبراهيم، قال: نزلت في علي (عليه السلام) وجعفر ، وحمزة
(رضي الله عنهما) ثم جرت. وقوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) قال: الحسين (عليه السلام)
، حين طلبه يزيد لعنه الله ليحمله إلى الشام فهرب إلى الكوفة ، وقتل بالطف.[315]
10- ثم قال علي بن إبراهيم:
حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد
الله (عليه السلام)، في قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ
بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ). قال: «إن العامة يقولون:
نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أخرجته قريش من مكة ، وإنما هو القائم
(عليه السلام) إذا خرج يطلب بدم الحسين (عليه السلام)
، وهو قوله: نحن أولياء الدم ، وطلاب الدية. ثم ذكر عبادة الأئمة (عليهم السلام) ،
وسيرتهم، فقال: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)[316]. [317]
وتقدم حديث
في ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ)[318] الآية
، من سورة براءة.[319]
قوله تعالى:
(ولَوْ لا
دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ
وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ 40)
1- الطبرسي، قال: قرأ الصادق (عليه السلام) «وصلوات» بضم الصاد
واللام ، وفسرها بالحصون ، والآطام[320] . [321]
2- محمد بن العباس، قال: حدثنا حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد
بن سماعة ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن حجر بن زائدة ، عن حمران ، عن أبي
جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ
صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً).
فقال: «كان قوم صالحون ، وهم مهاجرون قوم سوء خوفا أن
يفسدوهم ، فيدفع الله أيديهم عن الصالحين ، ولم يأجر أولئك بما يقع[322] بهم ، وفينا مثلهم»[323].
3- وعنه: عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود،
عن أبي الحسن موسى ابن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام)، في قوله عز وجل: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ
صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً)، قال: «هم الأئمة الأعلام ، ولولا صبرهم ، وانتظارهم الأمر
أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا. قال الله عز وجل: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ
عَزِيزٌ)». [324]
قال شرف
الدين النجفي: بيان معنى هذا التأويل الأول: قوله: «كان قوم
صالحون ، وهم مهاجرون قوم سوء خوفا أن يفسدوهم» أي
يفسدوا عليهم دينهم ، فهاجروهم لأجل ذلك ، فالله تعالى يدفع أيدي القوم السوء عن الصالحين.
وقوله:
«وفينا مثلهم» قوم صالحون وهم الأئمة الراشدون ،
وقوم سوء وهم المخالفون ، والله تعالى يدفع أيدي المخالفين عن الأئمة الراشدين ، والحمد
لله رب العالمين[325].
ثم قال:
وأما معنى التأويل الثاني: قوله: «هم الأئمة». بيانه:
أن الله سبحانه يدفع بعض الناس عن بعض، فالمدفوع عنهم: (هم) الأئمة (عليهم السلام)،
و المدفوعون: هم الظالمون.
وقوله:
«ولو لا صبرهم وانتظارهم الأمر أن يأتيهم من الله لقتلوا جميعا» معناه:
ولولا صبرهم على الأذى والتكذيب ، وانتظارهم أمر الله أن يأتيهم بفرج آل محمد ، وقيام
القائم (عليه السلام)، لقاموا كما قام غيرهم (بالسيف) ، ولو قاموا لقتلوا جميعا ،
(ولو قتلوا جميعا) لهدمت صوامع ، وبيع ، وصلوات ، ومساجد.
والصوامع:
عبارة (عن مواضع عبادة) النصارى في الجبال ، والبيع في القرى ، والصلوات: أي مواضعها
، ويشترك فيها المسلمون واليهود ، فاليهود لهم الكنائس ، والمسلمون المساجد ، فيكون
قتلهم جميعا سببا لهدم هذه المواضع ، وهدمها سببا لتعطيل الشرائع الثلاث: شريعة موسى
، وعيسى ، ومحمد (صلى الله عليه وعليهم أجمعين) لأن الشرائع لا تقوم إلا بالكتاب ،
والكتاب يحتاج إلى التأويل ، والتأويل لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ، وهم
الأئمة (صلوات الله عليهم) ، لأنهم يعلمون تأويل كتاب موسى ، وعيسى ، ومحمد (صلى الله
عليه وعليهم أجمعين) ، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «لو ثنيت
لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل
الفرقان بفرقانهم ، حتى تنطق الكتب ، وتقول: صدق».
وقوله:
«هم الأعلام». الأعلام: الأدلة الهادية إلى دار
السلام، فعليهم من الله أفضل التحية والإكرام و لما علم الله سبحانه وتعالى منهم الصبر
ودهم النصر، فقال: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) (أي
ينصر دينه) (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ) في
سلطانه عَزِيزٌ في جبروت شأنه.
قلت: قد
تقدمترواية محمد بن العباس بإسناده إلى عيسى بن داود، عن موسى بن جعفر، عن
أبيه، عن جده (عليهم السلام): «نزلت آية: (أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) إلى قوله تعالى
( وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) في آل محمد (عليهم السلام)
خاصة»[326].
قوله تعالى:
(الَّذِينَ
إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ وَإِنْ
يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ- إلى قوله تعالى-
نَكِيرِ 41- 44)
1- محمد بن العباس، قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه، عن حصين بن مخارق ، عن الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه
(عليهم السلام)، قال: قوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) قال: «نحن هم»[327].
2- وعنه، قال: حدثنا أحمد
بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حصين بن مخارق،
عن عمرو[328] بن ثابت ، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن[329] ، عن امه ، عن أبيها (عليه السلام) ، في قول الله عز و جل:
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ
فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنْكَرِ). قال: «هذه نزلت فينا أهل البيت»[330].
3- وعنه، قال: حدثنا محمد
بن همام، عن محمد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود،
عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، قال: «كنت عند أبي يوما في المسجد
إذ أتاه رجل ، فوقف أمامه ، وقال: يا بن رسول الله ، أعيت علي آية في كتاب الله عز
وجل ، سألت عنها جابر بن يزيد فأرشدني إليك. فقال: وما هي؟ قال: قوله عز وجل: (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُور). فقال أبي: نعم ، فينا نزلت ، وذلك أن فلانا ، وفلانا ، وطائفة
معهما - وسماهم - اجتمعوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقالوا: يا رسول الله ،
إلى من يصير هذا الأمر بعدك ، فو الله لئن صار إلى رجل من أهل بيتك ، إنا لنخافهم على
أنفسنا ولو صار إلى غيرهم فلعل غيرهم أقرب وأرحم بنا منهم. فغضب رسول الله (صلى الله
عليه وآله) من ذلك غضبا شديدا ، ثم قال: أما والله لو آمنتم بالله وبرسوله ما أبغضتموهم
، لأن بغضهم بغضي ، وبغضي هو الكفر بالله ، ثم نعيتم إلي نفسي ، فو الله لئن مكنهم
الله في الأرض ليقيموا الصلاة ، وليؤتوا الزكاة ، وليأمروا بالمعروف ، ولينهوا عن المنكر
، إنما يرغم الله انوف رجال يبغضوني ، ويبغضون أهل بيتي وذريتي فأنزل الله عز وجل:
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ
فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ
نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُور)
فلم يقبل القوم ذلك، فأنزل الله سبحانه: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ
فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ
لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ
فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)».[331]
4- وعنه ، قال: حدثنا
محمد بن الحسين بن حميد ، عن جعفر بن عبد الله ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود
، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل:
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ
فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ).
قال: «هذه الآية لآل محمد المهدي (عليه السلام) وأصحابه
، يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، ويظهر الدين ، ويميت الله عز وجل به وبأصحابه
البدع والباطل كما أمات السفهة الحق ، حتى لا يرى أثر من الظلم ، ويأمرون بالمعروف
، وينهون عن المنكر ، ولله عاقبة الأمور»[332].
5- وعنه ، قال: حدثنا
محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) ، قال:
«نزلت هذه الآية في آل محمد (عليهم السلام) خاصة: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ
عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا
أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) - ثم تلا إلى
قوله تعالى- (وَلِلَّهِ
عاقِبَةُ الْأُمُورِ)[333]
»[334].
6- علي بن إبراهيم، قال:
في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام):
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ
فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) فهذه لآل محمد (عليهم
السلام) إلى آخر الآية ، والمهدي وأصحابه (عليه السلام) يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها
، ويظهر الدين ، ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحق ، حتى
لا يرى أثر للظلم ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر»[335].
قوله تعالى:
(فَكَأَيِّنْ
مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها- إلى قوله تعالى- وَقَصْرٍ مَشِيدٍ 45)
1- علي بن إبراهيم، قال: وأما قوله: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ
خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) العروش: سقف البيت وحولها
وجوانبها.
قال:
وأما قوله: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيد) قال:
هو مثل جرى لآل محمد (عليهم السلام) قوله: (وَبِئْرٍ
مُعَطَّلَةٍ): هي التي لا يستقى منها ، وهو الإمام الذي قد غاب فلا يقتبس
منه العلم إلى وقت ظهوره[336] ، والقصر
المشيد: هو المرتفع ، وهو مثل لأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) ، وفضائلهم[337] المنتشرة
في العالمين ، المشرفة على الدنيا ، وتستطار ثم تشرق على الدنيا[338] ، وهو
قوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)[339] وقال
الشاعر في ذلك:
بئر معطلة و قصر مشرف مثل لآل محمد مستطرف
فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى والبئر علمهم الذي لا ينزف[340]. [341]
2- محمد بن يعقوب: عن
محمد بن الحسن ، وعلي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) ، في
قوله تعالى: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) ، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت ، والقصر المشيد: الإمام
الناطق»[342].
3- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي
، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن سعيد الكوفي ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن
أبيه ، عن إبراهيم بن زياد ، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
(وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) ، قال: «البئر المعطلة:
الإمام الصامت ، والقصر المشيد: الإمام الناطق»[343].
4- وعنه ، قال: حدثني أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس
، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن السندي ، عن محمد بن عمرو ، عن بعض أصحابنا
، عن نصر بن قابوس ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه
السلام) عن قول الله عز وجل: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) ، قال: «البئر المعطلة: الإمام الصامت ، والقصر المشيد: الإمام
الناطق»[344].
5- وعنه، قال: حدثنا المظفر
بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود
، عن أبيه ، إسحاق بن محمد ، قال: أخبرني محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد
الرحمن الأصم ، عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن صالح
بن سهل ، أنه قال: أمير المؤمنين (عليه السلام) هو القصر المشيد ، والبئر المعطلة:
فاطمة وولدها (عليهم السلام)، معطلين من الملك.
وقال
محمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري ، معطلين بشنبولة.
بئر معطلة
وقصر مشرف مثل
لآل محمد مستطرف
فالناطق
القصر المشيد منهم والصامت البئر التي لا تنزف [345]
6- سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو
بن سعيد الزيات ، عن بعض أصحابه ، عن نصر بن قابوس ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
قول الله عز وجل: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وماءٍ مَسْكُوبٍ
وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ)[346] قال: «يا نصر ، إنه
– والله - ليس حيث يذهب الناس ، إنما هو العالم[347] وما يخرج منه».
وسألته
عن قول الله عز وجل: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال:
«البئر المعطلة: الإمام الصامت، والقصر المشيد: الإمام الناطق»[348].
7- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين ، عن الربيع بن محمد ، عن صالح بن سهل ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
«قول الله عز وجل: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ
مَشِيد)
أمير المؤمنين (عليه السلام): القصر المشيد
، والبئر المعطلة: فاطمة (عليها السلام) وولدها ، معطلون من الملك»[349].
8- ابن شهر آشوب: عن جعفر الصادق
(عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) أنه قال: «رسول الله (صلى الله
عليه وآله) القصر المشيد ، والبئر المعطلة علي (عليه السلام)»[350].
9- علي بن جعفر: عن أخيه موسى (عليه السلام) ، قال: «البئر المعطلة:
الإمام الصامت ، والقصر المشيد: الإمام الناطق»[351].
قوله تعالى:
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ
سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ 47)
1- علي بن إبراهيم: وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرهم
أن العذاب قد أتاهم ، فقالوا: فأين العذاب؟ استعجلوه ، فقال الله: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ). [352]
2- الشيخ في (أماليه)
قال: أخبرنا محمد بن محمد بن النعمان ، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن
بن الوليد ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن محمد القاساني[353] ، عن سليمان
بن داود[354]
المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال: قال أبو عبد الله جعفر
بن محمد (عليهما السلام): «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه فلييأس من
الناس كلهم ، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عز وجل ، فإذا علم الله ذلك من قبله
لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فإن في القيامة خمسين
موقفا ، كل موقف (مثل) ألف سنة مما تعدون- ثم تلا هذه الآية- (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)[355]. [356]
ورواه محمد بن يعقوب:
عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان
بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل
ربه شيئا إلا أعطاه» وساق الحديث إلى آخره ، إلا
أن فيه: «مقداره ألف سنة» ثم تلا ، إلى آخره.[357]
وسيأتي- إن شاء الله
تعالى- في قوله تعالى: (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ
أَلْفَ سَنَةٍ) من سورة المعارج[358].
3- محمد بن يعقوب: عن
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عنهم (عليهم
السلام) ، في حديث ما وعظ الله عز وجل به عيسى (عليه السلام) ، وفيه: «يا عيسى ، تب
إلي ، فإني لا يتعاظمني ذنب أن أغفره ، وأنا أرحم الراحمين: اعمل لنفسك في مهلة من
أجلك ، قبل أن لا تعمل لها[359] ، واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون ، فيه أجزي بالحسنة أضعافها
، وإن السيئة توبق صاحبها».[360]
قوله تعالى:
(فَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَ الَّذِينَ
سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ 50- 51)
1- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، عن الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ، في قوله
عز وجل: (فَالَّذِينَ آمَنُوا وََمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ). قال: «أولئك آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ، والذين سعوا
في قطع مودة آل محمد (عليهم السلام) معاجزين أولئك أصحاب الجحيم- قال- هم الأربعة
نفر: التيمي ، والعدوي ، والأمويان».[361]
قوله تعالى:
(وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ- إلى قوله تعالى-
عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ 52- 55)
1- علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) كان في الصلاة ، فقرأ سورة النجم في المسجد الحرام ، وقريش يستمعون لقراءته ،
فلما انتهى إلى هذه الآية: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ
وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى)[362] أجرى إبليس على لسانه: فإنها للغرانيق الأولى ، وإن شفاعتهن
لترجى. ففرحت قريش ، وسجدوا ، وكان في القوم الوليد بن المغيرة المخزومي وهو شيخ كبير
، فأخذ كفا من حصى ، فسجد عليه وهو قاعد ، وقالت قريش: قد أقر محمد بشفاعة اللات والعزى ، قال: فنزل جبرئيل (عليه السلام)، فقال له: قد
قرأت ما لم أنزل به عليك ، وأنزل عليه: (وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ).
وأما الخاصة
فإنهم رووا عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) أصابته خصاصة ، فجاء إلى رجل من الأنصار ، فقال له: هل عندك من طعام؟ فقال:
نعم ، يا رسول الله. وذبح له عناقا[363] ، وشواه
، فلما أدناه منه تمنى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكون معه علي وفاطمة والحسن
، والحسين (عليهم السلام). فجاء
أبو بكر وعمر ، ثم جاء علي (عليه السلام) بعدهما ، فأنزل الله في ذلك: (وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ولا محدث إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ) يعني
فلانا وفلانا (فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) يعني لما جاء علي (عليه السلام) بعدهما (ثُمَّ يُحْكِمُ
اللَّهُ آياتِهِ) يعني بنصرة أمير
المؤمنين (عليه السلام)». ثم قال:
(لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً) يعني
فلانا وفلانا (لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قال:
الشك (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) إلى قوله: (إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ) يعني إلى الإمام المستقيم. ثم قال: (وَلا يَزالُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي في شك من أمير المؤمنين
(عليه السلام) (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ
يَوْمٍ عَقِيمٍ) قال: العقيم: الذي لا مثل له في الأيام.[364]
2- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن علي ، قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن حماد ابن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (وَما
أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) الآية.
قال أبو
جعفر (عليه السلام): «خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أصابه جوع شديد ، فأتى
رجلا من الأنصا ر، فذبح له عناقا ، وقطع له عذق بسر ورطب ، فتمنى رسول الله عليا (عليه
السلام)، وقال: يدخل عليكم رجل من أهل الجنة» قال: «فجاء أبو بكر ، ثم جاء عمر ، ثم
جاء عثمان ، ثم جاء علي (عليه السلام) ، فنزلت هذه الآية: (وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ
آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)».[365]
3- وعنه ، قال: حدثنا
جعفر بن محمد الحسني ، عن إدريس بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن
زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عتيبة ، قال: قال لي علي بن
الحسين (عليهما السلام): «يا حكم ، هل تدري ما كانت الآية التي كان يعرف بها علي (عليه
السلام) ، صاحب قتله ، ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟» قال: قلت:
لا والله. فأخبرني بها ، يا بن رسول الله. قال: «هي قول الله عز وجل: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ولا محدث)». قلت: فكان علي (عليه السلام) محدثا؟ قال: «نعم ، وكل إمام منا أهل البيت محدث»[366].
4- وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن فرقد ،
عن الحارث بن المغيرة النصري ، قال: قال لي الحكم
بن عتيبة: إن مولاي علي بن الحسين (عليه السلام) قال لي: «إنما علم علي (عليه السلام)
كله في آية واحدة». قال: فخرج عمران بن أعين ليسأله ، فوجد عليا (عليه السلام) قد قبض
، فقال لأبي جعفر (عليه السلام): إن الحكم حدثنا عن علي بن الحسين (عليهما السلام)
أنه قال: «إن علم علي (عليه السلام) كله في آية واحدة»؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام):
«وما تدري ما هي؟» قلت: لا. قال: «هي قوله تعالى: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) ولا محدث ، ثم أبان شأن الرسول ، والنبي ، والمحدث (صلوات
الله عليهم أجمعين)»[367].
5- وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن القاسم
بن عروة ، عن
بريد العجلي ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) ، عن الرسول ، والنبي ، والمحدث. فقال:
«الرسول: الذي تأتيه الملائكة ، ويعاينهم ، وتبلغه الرسالة من الله. والنبي: الذي يرى
في المنام ، فما رأى فهو كما رأى ، والمحدث: الذي يسمع صوت الملائكة وحديثهم ، ولا
يرى شيئا ، بل ينقر في أذنيه ، وينكت في قلبه»[368].
6- محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن علي ، قال: حدثني عبيس بن
هشام ، قال: حدثنا كرام ابن عمروالخثعمي ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
أكان علي (عليه السلام) ينكت في قلبه ، أو يوقر[369] في
صدره واذنه؟ قال: «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا». قال: فلما أكثرت عليه ، قال:
«إن عليا (عليه السلام) يوم بني قريظة وبني النضير كان جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل
عن يساره ، يحدثانه»[370].
7- وعنه: عن علي بن إسماعيل
، عن صفوان بن يحيى ، عن الحارث بن المغيرة ، عن حمران ، قال: حدثنا الحكم بن عتيبة ، عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه
قال: «إن علم علي (عليه السلام) في آية من القرآن» قال: وكتمنا الآية.
قال:
فكنا نجتمع فنتدارس القرآن فلا نعرف الآية- قال- فدخلت علي أبي جعفر (عليه السلام)،
فقلت له: إن الحكم بن عتيبة حدثنا عن علي بن الحسين (عليه السلام): «أن علم علي (عليه
السلام) في آية من القرآن» وكتمنا الآية. قال: «اقرأ يا حمران» فقرأت: (وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) فقال
أبو جعفر (عليه السلام): «وما أرسلنا من رسول ولا نبي ولا محدث» قلت: وكان علي (عليه
السلام) محدثا؟ قال: «نعم».
فجئت
إلى أصحابنا ، فقلت: قد أصبت الذي كان الحكم يكتمنا. قال: قلت: قال أبوجعفر (عليه السلام):
«كان يقول: علي (عليه السلام) محدث». فقالوا لي: ما صنعت شيئا، ألا كنت تسأله من يحدثه؟
قال:
فبعد ذلك إني أتيت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت: أليس حدثتني أن عليا (عليه السلام)
كان محدثا؟ قال: «بلى» قلت: من يحدثه؟ قال: «ملك يحدثه». قال:
قلت: أقول إنه نبي ، أو رسول؟ قال: «لا ، ولكن قل: مثله مثل صاحب سليمان ، وصاحب موسى
، ومثله مثل ذي القرنين»[371].
8- وعنه: عن يعقوب بن
يزيد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال: سمعت أبا الحسن
(عليه السلام) يقول: الأئمة علماء صادقون ، مفهمون ، محدثون»[372].
9- وعنه: عن أبي طالب ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، قال: كنت
أنا ، و أبو بصير، ومحمد بن عمران ننزل بمكة ، فقال محمد بن عمران: سمعت أبا عبد الله
(عليه السلام) يقول «نحن اثنا عشر محدثا» فقال له أبو بصير: والله لقد سمعت من أبي عبد الله (عليه السلام)؟ قال: فحلفه مرة أو مرتين
أنه سمعه. فقال أبو بصير: كذا سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول.[373]
10- وعنه: عن عبد الله بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن أحمد
بن محمد الثقفي ، عن أحمد بن يونس الحجال ، عن
أيوب بن حسن ، عن قتادة ، أنه كان يقرأ: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث[374] ».[375]
11- وعنه: عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن الحارث بن المغيرة ، عن حمران ، قال: قلت لأبي
جعفر (عليه السلام): ألست أخبرتني أن عليا (عليه السلام) كان محدثا؟ قال: «بلى» قلت:
من يحدثه؟ قال: «ملك يحدثه».
قلت:
فأقول إنه نبي ، أو رسول؟ قال: «لا ، بل مثله مثل صاحب سليمان ، ومثل صاحب موسى ، ومثل
ذي القرنين ، أما بلغك أن عليا (عليه السلام) سئل عن ذي القرنين ، فقيل: كان نبيا؟
فقال: لا ، بل كان عبدا أحب الله فأحبه ، ونصح لله فنصحه. فهذا مثله»[376].
12- وعنه: عن أحمد بن محمد
، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن الحارث بن المغيرة
، عن حمران ، عن أبي
جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا».
قلت:
فيكون نبيا؟ قال: فحرك يده هكذا ، ثم قال: «أو كصاحب سليمان ، أو كصاحب موسى ، أو كذي
القرنين ، أوما بلغكم أنه (عليه السلام) قال: وفيكم مثله؟»[377].
13- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر
، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:
(وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا)[378] ما الرسول ، وما النبي؟
قال: «النبي: الذي يرى في منامه ، ويسمع الصوت ، ولا يعاين الملك ، والرسول: الذي يسمع
الصوت ، ويرى في المنام ، ويعاين الملك».
قلت:
الإمام ، ما منزلته؟ قال: «يسمع الصوت ، ولا يرى ، ولا يعاين الملك» ثم تلا هذه الآية:
«وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث»[379].
14- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، قال:
كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا (عليه السلام): جعلت فداك ، أخبرني: ما الفرق
بين الرسول ، والنبي ، والإمام؟ فكتب- أو قال-: «الفرق بين الرسول والنبي والإمام ،
أن الرسول: الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ، ويسمع كلامه ، وينزل عليه الوحي ، وربما
رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام) ، والنبي: ربما سمع الكلام ، وربما رأى
الشخص ولم يسمع. والإمام: هو الذي يسمع الكلام ، ولا يرى الشخص»[380].
15- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب
، عن الأحول
، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرسول ، والنبي ، والمحدث؟ فقال: «الرسول:
الذي يأتيه جبرئيل قبلا فيراه ، ويكلمه ، فهذا الرسول ، وأما النبي: فهو الذي يرى في
منامه ، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام) ، ونحو ما كان رأى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) من أسباب النبوة قبل الوحي ، حتى أتاه جبرئيل (عليه السلام) من عند الله بالرسالة
، وكان محمد (صلى الله عليه و آله) حين جمع له النبوة ، ويرى في منامه ، ويأتيه الروح
، ويكلمه، ويحدثه ، من غير أن يكون يراه في اليقظة. وأما المحدث: فهو الذي يحدث ، فيسمع
، ولا يعاين ، ولا يرى في منامه»[381].
16- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن القاسم
بن محمد ، عن
عبيد بن زرارة ، قال: أرسل أبو جعفر (عليه السلام) إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة
، أن أوصياء محمد (عليه وعليهم السلام) محدثون.[382]
17- وعن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح
، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عتيبة ، قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام)
يوما ، فقال: «يا حكم ، هل تدري الآية التي كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعرف
قالته بها ، ويعلم بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس؟».
قال الحكم:
فقلت في نفسي: قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين (عليهما السلام) ، أعلم بذلك تلك
الأمور العظام. قال: فقلت: لا والله، لا أعلم. قال: ثم قلت: الآية ، تخبرني بها ، يا
بن رسول الله؟ قال: «هو- والله- قول الله عز ذكره: (وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) ولا
محدث، وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) محدثا».
فقال
له رجل يقال له: عبد الله بن زيد ، كان أخا علي لامه: سبحان الله ، محدثا؟ كأنه ينكر
ذلك. فأقبل عليه أبو جعفر (عليه السلام)، فقال: «أما والله إن ابن أمك بعد قد كان يعرف
ذلك». قال: فلما قال ذلك سكت الرجل، فقال: «هي التي هلك فيها أبو الخطاب ، فلم يدر
ما تأويل المحدث والنبي»[383].
18- وعنه: عن أحمد بن محمد
، ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن إسماعيل ، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: «الأئمة علماء ، صادقون ، مفهمون ، محدثون»[384].
19- وعنه: عن علي بن إبراهيم
، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن محمد بن مسلم
، قال: ذكر المحدث عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «إنه يسمع الصوت ولا يرى
الشخص».
فقلت
له: جعلت فداك ، كيف يعلم أنه كلام الملك؟ قال: «إنه يعطى السكينة والوقار حتى يعلم
أنه كلام الملك»[385].
20- وعنه: عن محمد بن يحيى
، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ،
عن الحارث بن المغيرة ، عن حمران بن أعين ، قال: قال أبو
جعفر (عليه السلام): «إن عليا (عليه السلام) كان محدثا». فخرجت إلى أصحابي ، فقلت:
جئتكم بعجيبة. فقالوا: وما هي؟ قلت: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «كان علي (عليه
السلام) محدثا» فقالوا: ما صنعت شيئا، ألا سألته من كان يحدثه؟ فرجعت إليه ، فقلت:
إني حدثت أصحابي بما حدثتني ، فقالوا: ما صنعت شيئا، ألا سألته من كان يحدثه؟ فقال
لي: «يحدثه ملك» قلت: تقول: «إنه نبي؟» قال: فحرك يده هكذا: «أو كصاحب سليمان ، أو
كصاحب موسى ، أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم أنه (عليه السلام) قال: وفيكم مثله؟»[386].
21- وعنه: عن أحمد بن محمد،
و محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن حسان، عن ابن فضال، عن علي بن يعقوب
الهاشمي، عن مروان بن مسلم، عن بريد، عن أبي جعفر، وأبي
عبد الله (عليهما السلام)، في قوله عز و جل: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا
محدث».
قلت:
جعلت فداك ، ليس هذه قرائتنا ، فما الرسول ، والنبي ، والمحدث؟ قال: «الرسول: الذي
يظهر له الملك ، ويكلمه. والنبي: هو الذي يرى في منامه ، وربما اجتمعت النبوة والرسالة
لواحد. والمحدث: الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة». قال: قلت: أصلحك الله ، كيف يعلم
أن الذي رأى في النوم حق ، وأنه من الملك؟ قال: «يوفق لذلك[387] حتى
يعرفه ، ولقد ختم الله بكتابكم الكتب ، وختم بنبيكم الأنبياء»[388].
أحاديث
الشيخ المفيد في (الاختصاص)
22- أحمد بن محمد بن عيسى:
عن أبيه ، ومحمد بن خالد البرقي ، والعباس بن معروف ، عن
القاسم بن عروة ، عن بريد بن معاوية العجلي ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)
عن الرسول ، والنبي ، والمحدث. فقال: «الرسول: الذي تأتيه الملائكة ، ويعاينهم ، وتبلغه
عن الله تعالى ، والنبي: الذي يرى في منامه ، فما رأى فهو كما رأى ، والمحدث: الذي
يسمع الكلام- كلام الملائكة- ينقر[389] في اذنه ، وينكت في قلبه»[390].
23- أحمد بن محمد بن عيسى: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن ثعلبة
بن ميمون ، عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه
السلام) عن قول الله عز وجل: (كانَ رَسُولًا نَبِيًّا)[391] ، قلت: ما هو الرسول من النبي؟
فقال: «النبي: هو الذي يرى في منامه ، ويسمع الصوت ، ولا يرى ، ولا يعاين الملك» ثم
تلا هذه الآية: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث»[392].
24- الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، وإبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مهران ،
قال: كتب الحسن ابن العباس المعروفي إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك
، أخبرني ، ما الفرق بين الرسول ، والنبي ، والإمام؟
قال:
فكتب إليه- أو قال له-: الفرق بين الرسول والنبي والإمام ، أن الرسول: هو الذي ينزل
عليه جبرئيل ، فيراه ، يكلمه ويسمع كلامه ،
وينزل عليه الوحي ، وربما أتي في منامه ، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام). والنبي:
ربما سمع الكلام ، وربما رأى الشخص ولم يسمع الكلام. والإمام: هو الذي يسمع الكلام
، ولا يرى الشخص»[393].
25- إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال: حدثني إسماعيل بن بشار[394] ،
عن علي بن جعفر الحضرمي ، عن زرارة بن أعين، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
قوله تعالى: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث». فقال: «الرسول: الذي يأتيه
جبرئيل قبلا فيكلمه ، فيراه كما يرى الرجل صاحبه. وأما النبي: فهو الذي يؤتى في منامه
، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام) ، ونحو ما كان يرى محمد (عليه السلام) ، ومنهم من
يجتمع له الرسالة والنبوة ، وكان محمد (صلى الله عليه وآله) ممن جمعت له الرسالة والنبوة.
وأما المحدث: فهو الذي يسمع كلام الملك ولا يراه ، ولا يأتيه في المنام»[395].
26- وعنه، قال: حدثني إسماعيل
بن بشار ، قال: حدثني علي بن جعفر الحضرمي ، عن سليم بن قيس
الشامي ، أنه سمع عليا (عليه السلام) يقول: «إني وأوصيائي من ولدي أئمة مهتدون[396] ،
كلنا محدثون». قلت: يا أمير المؤمنين ، من هم؟ قال: «الحسن ، والحسين ، ثم ابني علي
بن الحسين- قال: وعلي يومئذ رضيع- ثم ثمانية من بعده ، واحدا بعد واحد ، وهم الذين
أقسم الله بهم، فقال: (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ)[397] أما الوالد فرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما ولد يعني
هؤلاء الأوصياء».
فقلت:
يا أمير المؤمنين ، أيجتمع إمامان؟ فقال: «لا ، إلا وأحدهما صامت ، لا ينطق حتى يمضي
الأول».
قال سليم
الشامي: سألت محمد بن أبي بكر ، فقلت: أكان علي (عليه السلام) محدثا؟ فقال: نعم. قلت:
وهل يحدث الملائكة الأئمة؟ فقال أو ما تقرأ: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا
محدث)؟ قلت: فأمير المؤمنين (عليه السلام) محدث؟ فقال: نعم ، وفاطمة (عليها السلام)
كانت محدثة ، ولم تكن نبية.[398]
27- ابن شهر آشوب: قرأ ابن عباس: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا
نبي ولا محدث»[399].
28- وعن سليم ، قال: سمعت محمد بن أبي بكر قرأ: «وما أرسلنا من قبلك
من رسول ولا نبي ولا محدث». قلت: وهل تحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: نعم ، مريم
، ولم تكن نبية وكانت محدثة وام موسى كانت محدثة ولم تكن نبية وسارة قد عاينت الملائكة
، فبشروها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، ولم تكن نبية وفاطمة (عليها السلام) كانت
محدثة ، ولم تكن نبية.[400]
29- الطبرسي في (الاحتجاج) في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال: «فذكر عز ذكره
لنبيه (صلى الله عليه وآله) ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده ، بقوله: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا
إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي
الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ) يعني
أنه ما من نبي يتمنى مفارقة ما يعاينه من نفاق قومه وعقوقهم ، والانتقال عنهم إلى دار
الإقامة ، إلا ألقى الشيطان المعرض بعداوته- عند فقده- في الكتاب الذي انزل إليه ذمه
، والقدح فيه ، والطعن عليه ، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله ، ولا تصغي
إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين ، ويحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال
والعدوان ، ومتابعة أهل الكفر والطغيان ، الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام ، حتى
قال: (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)[401]. [402]
قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ
كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا- إلى قوله تعالى-
إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ 57- 59)
1- علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) الاحتجاج: قال: ولم
يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) (فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ). ثم ذكر النبي[403] والمهاجرين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا
لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً) -
إلى قوله- (لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ).[404]
2- محمد بن العباس، قال:
حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى بن
داود ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام)
، في قول الله عز وجل: (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) إلى قوله:
(إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ). قال: «نزلت في أمير المؤمنين
(عليه السلام) خاصة»[405].
قوله تعالى:
(ذلِكَ وَمَنْ
عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ
اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ 60)
3- علي بن إبراهيم: فهو رسول الله (صلى الله عليه و آله) ، لما
أخرجته قريش من مكة ، وهرب منهم إلى الغار ، وطلبوه ليقتلوه، فعاقبهم الله يوم بدر
، فقتل عتبة ، وشيبة ، والوليد ، وأبو جهل ، وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم ، فلما قبض
رسول الله (صلى الله عليه وآله) طلب بدمائهم ، فقتل الحسين (عليه السلام) ، وآل محمد (عليهم السلام) بغيا وعدوانا ، وهو قول يزيد
، حين تمثل بهذا الشعر:
ليت أشياخي
ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل[406]
لأهلوا
واستهلوا فرحا ثم قالوا: يا يزيد، لا تشل
لست من
خندف[407] إن لم
أنتقم من بني أحمد ما كان فعل
قد قتلنا القرم[408] من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل
وقال الشاعر في مثل ذلك:
وكذلك
الشيخ أوصاني به فاتبعت الشيخ فيما
قد سأل
وقال أيضا شعرا:
يقول
والرأس مطروح يقلبه يا ليت أشياخنا
الماضين بالحضر
حتى يقيسوا
قياسا لا يقاس به أيام بدر لكان الوزن بالقدر
فقال الله تبارك وتعالى:
(وَمَنْ عاقَبَ)
يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) (بِمِثْلِ ما
عُوقِبَ بِهِ )حين أرادوا أن يقتلوه (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) يعني بالقائم (عليه السلام) من ولده.[409]
1- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى بن
داود ، عن الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) ، قال: «سمعت أبي محمد بن
علي (عليه السلام) كثيرا ما يردد هذه الآية: (وَمَنْ
عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) قلت: يا أبت- جعلت فداك- أحسب هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين
(عليه السلام) خاصة؟قال: «نعم».[410]
قوله تعالى:
(لِكُلِّ
أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ- إلى قوله تعالى-
عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 67- 70)
2- علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) أي مذهبا يذهبون فيه (فَلا
يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيم) ٍإلى قوله تعالى: (عَلَى اللَّهِ
يَسِيرٌ).[411]
3- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى بن
داود ، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ، قال: «لما نزلت
هذه الآية: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ
ناسِكُوهُ) جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
ثم قال: يا معاشر المهاجرين و الأنصار، إن الله تعالى يقول: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) والمنسك هو الإمام لكل امة بعد نبيها ، حتى يدركه نبي ، ألا
وإن لزوم الإمام وطاعته هو الدين ، وهو المنسك ، وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام)
إمامكم بعدي ، فإني أدعوكم إلى هداه فإنه على هدى مستقيم. فقام القوم يتعجبون من ذلك
، ويقولون: والله إذن لننازعن الأمر ، ولا نرضى طاعته أبدا ، وإن كان رسول الله (صلى
الله عليه وآله) المفتون به. فأنزل الله عز وجل: (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ وَإِنْ
جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ
ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)». [412]
قوله تعالى:
(وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ
يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَ فَأُنَبِّئُكُمْ
بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ 72)
1- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ،
في قول الله عز وجل: (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ
الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ
آياتِنا) الآية.
قال: «كان القوم إذا نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام)
آية في كتاب الله ، فيها فرض طاعته ، أو فضيلة فيه ، أو في أهله سخطوا ذلك ، وكرهوا
، حتى هموا به ، وأرادوا به العظيم[413] ، وأرادوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضا ليلة العقبة
، غيظا ، وحنقا ، وغضبا ، وحسدا ، حتى نزلت هذه الآية».[414]
قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا
النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ- إلى قوله تعالى- ضَعُفَ الطَّالِبُ
وَالْمَطْلُوبُ 73)
2- وقال علي بن إبراهيم: ثم احتج الله عز وجل على قريش ، والملحدين
الذين يعبدون غير الله ، فقال: (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) يعني الأصنام (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ
الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) يعني الذباب.[415]
1- محمد بن يعقوب: عن
محمد بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق الغمشاني ، عن
عبد الرحمن بن الأشل بياع الأنماط ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام)، قال: «كانت قريش تلطخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ، وكان يغوث قبال الباب ، وكان
يعوق عن يمين الكعبة ، وكان نسر عن يسارها ، وكانوا إذا دخلوا، خروا سجدا ليغوث ، ولا
ينحنون ، ثم يستديرون بحيالهم إلى يعوق ، ثم يستديرون بحيالهم إلى نسر ، ثم يلبون ،
فيقولون: لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك». قال:
«فبعث الله ذبابا أخضر ، له أربعة أجنحة ، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئا إلا أكله
، فأنزل الله عز وجل: (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا
لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ
اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)». [416]
قوله تعالى:
(اللَّهُ
يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ 75)
2- علي بن إبراهيم: أي يختار ، وهو: جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل
، وملك الموت ، ومن الناس: الأنبياء ، والأوصياء فمن الأنبياء: نوح ، وإبراهيم، وموسى
، وعيسى ، ومحمد (صلى الله عليهم أجمعين) ، ومن هؤلاء الخمسة: رسول الله (صلى الله
عليه و آله) ومن الأوصياء أمير المؤمنين ، والأئمة (عليهم السلام). وفيه تأويل غير
هذا.[417]
3- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في جواب سؤال زنديق ، قال
(عليه السلام): «أما قول الله: (اللَّهُ يَتَوَفَّى
الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)[418] وقوله: (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ
الْمَوْتِ)[419] (وتَوَفَّتْهُ رُسُلُنا)[420] (وتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
طَيِّبِينَ)[421] (والَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ)[422] فهو تبارك وتعالى ، أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل
رسله وملائكته فعله ، لأنهم بأمره يعملون ، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة
بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال الله فيهم: (اللَّهُ
يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) فمن كان من أهل الطاعة تولى قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن
كان من أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة. ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة
والنقمة يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكل ما يأتون به منسوب إليه ، وإذن كان فعلهم
فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ، ويعطي
ويمنع ، و يثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل امنائه فعله ، كما قال: (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ)[423] ».[424]
3- ابن بابويه، قال: حدثنا
أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري ، قال: حدثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن
قيس الشجري[425]
المذكر ، قال: حدثنا أبو عمرو وعمرو[426] بن حفص
، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله[427] بن محمد
بن أسد ببغداد ، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم أبو علي ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد البصيري
، قال: حدثنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن أبي ذر (رحمة الله عليه)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) في حديث طويل: «النبيون مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي». قلت: كم المرسلون منهم؟
قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر، جما غفيرا».[428]
والحديث- إن شاء الله
تعالى- يأتي بتمامه في قوله تعالى: (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ
الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى في سورة الأعلى)[429].
قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا- إلى قوله تعالى- فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ
النَّصِيرُ 77 - 87)
1- وقال
علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله الأئمة (عليهم السلام) فقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَ افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) إلى قوله: (وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ
شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يا معشر الأئمة (وَتَكُونُوا) أنتم (شُهَداءَ عَلَى) المؤمنين و(النَّاسِ).[430]
2- الشيخ، بإسناده: عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ،
عن الحسين، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، قال:
سألته عن الركوع والسجود: هل نزل في القرآن؟ فقال: «نعم ، قول الله عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)». فقلت: فكيف حد الركوع والسجود؟ فقال: «أما ما يجزيك من الركوع
فثلاث تسبيحات ، تقول: سبحان الله ، سبحان الله ثلاثا ، ومن كان يقوى على أن يطول الركوع
والسجود فليطول ما استطاع ، يكون ذلك في تسبيح الله ، وتحميده ، وتمجيده ، والدعاء
، والتضرع ، فإن أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد ، وأما الإمام فإنه إذا أقام
بالناس فلا ينبغي أن يطول بهم ، فإن في الناس الضعيف ، ومن له الحاجة ، فإن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) كان إذا صلى بالناس خفف بهم»[431].
3- محمد بن يعقوب: عن
الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن
عمر بن أذينة ، عن بريد العجلي ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام)، قال: قلت: قول الله عز وجل: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْراهِيمَ). قال: «إيانا عنى خاصة: (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) في الكتب التي مضت (وَفِي
هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الشهيد علينا بما بلغنا عن
الله عز وجل ، ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدق صدقناه يوم القيامة ، ومن كذب كذبناه
يوم القيامة».[432]
4- وعنه: عن علي بن إبراهيم
، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن
بريد العجلي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قلت: قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا
رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ
جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ)؟ قال: «إيانا عنى ،
ونحن المجتبون ، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين من حرج ، فالحرج أشد من الضيق
، (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) إيانا عنى خاصة (هُوَ سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمِينَ) (الله سمانا المسلمين)(مِنْ قَبْلُ) في الكتب التي
مضت (وَفِي هذا القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا
شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) فرسول الله (صلى الله
عليه وآله) الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشهداء على الناس
يوم القيامة ، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ، ومن كذب كذبناه»[433].
5- وعنه: عن علي بن إبراهيم
، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)،
قال: «إن الله تبارك وتعالى طهرنا ، وعصمنا ، وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته في أرضه
، وجعلنا مع القرآن ، وجعل القرآن معنا ، لا نفارقه ولا يفارقنا»[434].
6- محمد بن العباس ، قال:
حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن
عيسى بن داود ، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام)، في قول
الله عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا) الآية: «أمركم بالركوع والسجود ،
وعبادة الله ، وقد افترضها عليكم ، وأما فعل الخير
، فهو طاعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) (وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ
هُوَ اجْتَباكُمْ) يا شيعة آل محمد (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) قال: من ضيق (مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ
شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يا آل محمد ، يا من قد استودعكم
المسلمين ، وافترض طاعتكم عليهم (وَتَكُونُوا أنتم
شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) بما قطعوا من رحمكم ،
وضيعوا من حقكم ، ومزقوا من كتاب الله ، وعدلوا حكم غيركم بكم ، فالزموا الأرض (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ) يا آل محمد ، وأهل بيته (هُوَ
مَوْلاكُمْ) أنتم وشيعتكم (فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِير) ُ».[435]
7- عبد الله بن جعفر الحميري،
عن مسعدة بن زياد ، قال: حدثني جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) ، عن النبي (صلى الله
عليه وآله) ، قال: «مما أعطى الله امتي وفضلهم به على سائر الأمم ، أعطاهم ثلاث خصال
لم يعطها إلا نبي ، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا ، قال له: اجتهد في
دينك ، ولا حرج عليك ، وأن الله تبارك وتعالى أعطى ذلك امتي ، حيث يقول: (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يقول: من ضيق. وكان إذا بعث نبيا قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه
فادعني ، أستجب لك وأنه أعطى امتي ذلك ، حيث يقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[436]». وكان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على قومه ، وأن الله تبارك
وتعالى جعل امتي شهداء على الخلق، حيث يقول: (لِيَكُونَ
الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)»[437].
8- أحمد بن محمد بن خالد
البرقي: عن ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا
رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ
حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
)«في الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والخير ، إذا
تولوا الله ورسوله (صلى الله عليه و آله) واولي الأمر منا أهل البيت قبل الله أعمالهم»[438].
9- سليم بن قيس الهلالي ، في (كتابه): عن أمير المؤمنين (عليه السلام)
، في حديث يناشد فيه جمعا من الصحابة ، قال (عليه السلام): «وأنشدتكم الله ، ألستم
تعلمون أن الله عز وجل أنزل في سورة الحج: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا
شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) فقام سلمان، فقال: يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أنت عليهم
شهيد ، وهم شهداء على الناس ، الذين اجتباهم الله ، وما جعل عليهم في الدين من حرج
، ملة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عنى بذلك ثلاثة عشر إنسانا:
أنا ، وأخي علي ، وأحد عشر من ولد علي؟» فقالوا: نعم- اللهم- سمعنا ذلك من رسول الله
(صلى الله عليه وآله).[439]
10- علي بن إبراهيم: قوله: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) فهذه خاصة لآل محمد
(عليهم السلام).
قال:
وقوله: (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يعني
يكون على آل محمد (وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) أي
آل محمد يكونوا شهداء على الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ، وقال عيسى بن مريم:
(وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي
كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)[440]» يعني
الشهيد (وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[441] وأن الله جعل على هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)
شهداء من أهل بيته وعترته ما كان في الدنيا منهم أحد ، فإذا فنوا هلك أهل الأرض.
قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): «جعل الله النجوم أمانا لأهل السماء ، وجعل أهل بيتي أمانا
لأهل الأرض».[442]
المستدرك
(سورة الحج)
قوله تعالى:
(ذلِكَ بِما
قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ 10)
1- الطبرسي في (الاحتجاج) ، يرفعه إلى الإمام الهادي
(عليه السلام) في حديث: قال (عليه السلام): فأما الجبر:
فهو قول من زعم أن الله عز وجل جبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها ومن قال بهذا
القول فقد ظلم الله وكذبه ، ورد عليه قوله: (وَلا يَظْلِمُ
رَبُّكَ أَحَداً)[443] وقوله جل ذكره: (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَاَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، فمن زعم أنه مجبور على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله وظلمه
في عظمته له ، ومن ظلم ربه فقد كذب كتابه ، ومن كذب كتابه لزمه الكفر بإجماع الأمة. [444]
قوله تعالى
(لَبِئْسَ
الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ 13)
2- في كتاب (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): أحسن الموعظة ما لا يجاوز القول
حد الصدق ، والفعل حد الإخلاص ، فان مثل الواعظ والمتعظ كاليقظان والراقد ، فمن استيقظ
عن رقدته وغفلته ومخالفته ومعاصيه ، صلي أن يوقظ غيره من ذلك الرقاد ، وأما السائر
في مفاوز الاعتداء ، والخائض في مراتع الغي وترك الحياء ، باستحباب السمعة والرياء
، والشهرة والتصنع في الخلق ، المتزيي بزي الصالحين ، المظهر بكلامه عمارة باطنه ،
وهو في الحقيقة خال عنها ، قد غمرتها وحشة حب المحمدة ، وغشيتها ظلمة الطمع ، فما أفتنه
بهواه ، وأضل الناس بمقاله قال الله عز وجل: (لَبِئْسَ
الْمَوْلى وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ).
وأما
من عصمه الله بنور التأييد ، وحسن التوفيق وطهر قلبه من الدنس ، فلا يفارق المعرفة
والتقى ، فيستمع الكلام من الأصل ويترك قائله كيفما كان ، قالت الحكماء: خذ الحكمة
ولو من أفواه المجانين قال عيسى (عليه السلام): جالسوا من تذكركم الله رؤيته ولقاؤه
، فضلا عن الكلام ، ولا تجالسوا من يوافقه ظاهركم ، ويخالفه باطنكم ، فإن ذلك المدعي
بما ليس له إن كنتم صادقين في استفادتكم ، فإذا لقيت من فيه ثلاث خصال فاغتنم رؤيته
ولقاءه ومجالسته ولو ساعة ، فإن ذلك يؤثر في دينك وقلبك وعبادتك بركاته ، ومن كان قوله
لا يجاوز فعله ، وفعله لا يجاوز صدقه ، وصدقه لا ينازع ربه ، فجالسه بالحرمة ، وانتظر
الرحمة والبركة ، واحذر لزوم الحجة عليك ، وراع وقته كيلا تلومه فتخسر ، وانظر إليه
بعين فضل الله عليه ، وتخصيصه له ، وكرامته إياه. [445]
قوله تعالى:
(أَفَلَمْ
يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ 46)
1- الطبرسي في (مجمع
البيان): في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) أي أولم يسر قومك يا محمد في أرض اليمن والشام عن ابن عباس. [446]
قوله تعالى:
(فَإِنَّها
لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ 46)
2- السيوطي في
(الدر المنثور): يرفعه إلى عبد الله بن جراد ، قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): ليس الأعمى من يعمى بصره ، ولكن الأعمى من تعمى بصيرته.[447]
ج4 ، ص: 9
)سورة المؤمنون(
فضلها
1 - ابن بابويه: بإسناده ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من قرأ سورة المؤمنين ، ختم الله له بالسعادة
، وإذا كان مدمنا قراءتها في كل جمعة ، كان منزله في الفردوس الأعلى ، مع النبيين
والمرسلين».[448]
2 - ومن (خواص القرآن):روي عن
النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «من قرأ هذه السورة ، بشرته الملائكة بروح وريحان
، وما تقر به عينه عند الموت».[449]
3 - وقال الصادق (عليه
السلام): «ومن كتبها وعلقها على من يشرب الخمر ، يبغضه ولم يقر به أبدا». وفي رواية أخرى: «ولم يذكره أبدا».[450]
4 - وقال الصادق (عليه
السلام): «من كتبها ليلا في خرقة بيضاء ، وعلقها على من يشرب النبيذ ، لم يشربه
أبدا ، ويبغض الشراب بإذن الله».[451]
قوله تعالى:
)بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ- إلى قوله
تعالى- هُمْ فِيها خالِدُونَ 1- 11(
1 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن
إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، عن الإمام موسى بن جعفر ]عن
أبيه[ (عليهما السلام) ،
في قول الله عز وجل: )قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)- إلى قوله- (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها
خالِدُونَ( قال: «نزلت في رسول
الله ، وفي أمير المؤمنين ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)».[452]
2 - سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان
، عن أبيه ، عن عبدالله بن مسكان ، عن كامل التمار ،
قال: قال لي أبوجعفر (عليه السلام): «يا كامل ، أتدري ما قول الله عز وجل: )قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(؟ قلت:
أفلحوا: فازوا ،
وأدخلوا الجنة. قال: «قد أفلح المسلمون ، إن المسلمين هم النجباء».[453]
وزاد فيه غيره ، قال: وقال
أبوعبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: «ربما يود الذين كفروا لوكانوا
مسلمين»[454]
بفتح السين مثقلة ، هكذا قرأها.
3 - وعنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ،
عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سلمة بن حيان[455]
، عن أبي الصباح الكناني ، قال: كنت عند أبي عبد الله
(عليه السلام) ، قال: «يا أبا الصباح ، قد أفلح المؤمنون» قالها ثلاثا ، وقلتها
ثلاثا ، فقال: «إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة ، هم أصحاب النجائب».[456]
4 - وعنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ،
عن حماد بن عيسى ومنصور بن يونس ، عن بشير الدهان ،
قال: سمعت كاملا التمار يقول: قال أبوجعفر (عليه السلام): «قد أفلح المؤمنون ، أتدري
من هم»؟ قلت: أنت أعلم بهم. قال: «قد أفلح المسلمون ، إن المسلمين هم النجباء».[457]
5 - وعنه ، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، وغيره ، عمن
حدثه ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: كان يقول لي كثيرا: «يا يونس ، سلم تسلم»
، فقلت له:
تفسير هذه الآية: )قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ( ، قال: «تفسيرها: قد أفلح المسلمون ، إن المسلمين هم النجباء يوم
القيامة».[458]
6 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن محمد بن عبد الحميد
الكوفي ، عن حماد بن عيسى ، ومنصور بن يونس بزرج ، عن بشير الدهان ، عن كامل التمار ، قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): «قد أفلح
المؤمنون ، أتدري من هم»؟ قلت: أنت أعلم. قال: «قد أفلح[459] المسلمون ، إن المسلمين
هم النجباء ، والمؤمن غريب ، والمؤمن غريب- ثم قال- طوبى للغرباء».[460]
7 - وعنه: عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن
مسكان ، عن كامل التمار ، قال: قال أبوجعفر (عليه
السلام): «يا كامل ، المؤمن غريب ، المؤمن غريب- ثم قال- أتدري ما قول الله: )قَدْ
أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ(؟» قلت: قد أفلحوا وفازوا ودخلوا الجنة. فقال: «قد أفلح المسلمون ،
إن المسلمين هم النجباء».[461]
وعنه: عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سلمة بن
حيان ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ، مثله ، إلا أنه قال: «يا أبا الصباح ، إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة ، هم أصحاب النجائب»[462].
8 - الشيخ في (مجالسه):
بإسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام)
، قال: «كان العباس بن عبد المطلب ، ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم ،
إلى فريق عبد العزى ، بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم
أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكانت حاملة بأمير المؤمنين (عليه السلام) ، لتسعة
أشهر ، وكان يوم التمام- قال- فوقفت بإزاء البيت الحرام ، وقد أخذها الطلق ، فرمت
بطرفها نحوالسماء ، وقالت: أي رب ، إني مؤمنة بك ، وبما جاء به من عندك الرسول ،
وبكل نبي من أنبيائك ، وبكل كتاب أنزلته ، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل ،
وإنه بنى بيتك العتيق ، فأسألك بحق هذا البيت ، ومن بناه ، وبهذا المولود الذي في
أحشائي ، الذي يكلمني ، ويؤنسني بحديثه ، وأنا موقنة أنه أحد آياتك ودلائلك ، لما
يسرت علي ولادتي.
قال العباس بن عبد المطلب ، ويزيد بن قعنب: لما تكلمت فاطمة بنت
أسد ، ودعت بهذا الدعاء ، رأينا البيت قد انفتح من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت
عن أبصارنا ، ثم عادت الفتحة ، والتزقت بإذن الله تعالى ، فرمنا أن نفتح الباب ،
ليصل إليها بعض نسائنا ، فلم ينفتح الباب ، فعلمنا أن ذلك أمر من الله تعالى ،
وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام ، وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدث
المخدرات في خدورهن».
قال: «فلما كان بعد ثلاثة أيام ، انفتح البيت من الموضع الذي كانت
دخلت فيه ، فخرجت فاطمة ، وعلي (عليه السلام) على يديها ، ثم قالت: معاشر الناس ،
إن الله عز وجل اختارني من خلقه ، وفضلني على المختارات ممن كن قبلي ، وقد اختار
الله آسية بنت مزاحم ، فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا
اضطرارا ، ومريم بنت عمران ، حيث هانت ويسرت عليها ولادة عيسى ، فهزت الجذع اليابس
من النخلة في فلاة من الأرض ، حتى تساقط عليها رطبا جنيا ، وإن الله تعالى اختارني ،
وفضلني عليهما ، وعلى كل من مضى قبلي من نساء العالمين ، لأني ولدت في بيته العتيق
، وبقيت فيه ثلاثة أيام ، آكل من ثمار الجنة وأرزاقها[463] فلما أردت أن أخرج وولدي
على يدي ، هتف بي هاتف ، وقال: يا فاطمة ، سميه عليا ، فأنا العلي الأعلى ، وإني
خلقته من قدرتي ، وعز جلالي[464] ، وقسط عدلي ، واشتققت
اسمه من اسمي ، وأدبته بأدبي ، وهوأول من يؤذن فوق بيتي ، ويكسر الأصنام ، ويرميها
على وجهها ، ويعظمني ، ويمجدني ، ويهللني ، وهوالإمام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من
خلقي محمد رسولي ، ووصيي ، فطوبى لمن أحبه ونصره ، والويل لمن عصاه وخذله وجحد
حقه».
قال: «فلما رآه أبوطالب سر ، وقال علي (عليه السلام): السلام عليك
يا أبت ورحمة الله وبركاته- قال- ثم دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلما
دخل ، اهتز له أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وضحك في وجهه ، وقال: السلام عليك يا
رسول الله ورحمة الله وبركاته- قال- ثم تنحنح بإذن الله تعالى وقال: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) إلى آخر الآيات ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد
أفلحوا بك ، وقرأ تمام الآيات ، إلى قوله: )أُولئِكَ
هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ( فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): أنت والله أميرهم ، تميرهم من علومك فيمتارون ، وأنت
والله دليلهم ، وبك يهتدون.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة: اذهبي إلى عمه حمزة
، فبشريه به ، فقالت: فإذا خرجت أنا ، فمن يرويه؟ قال: أنا أرويه. فقالت فاطمة:
أنت ترويه؟ قال: نعم فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسانه في فيه ، فانفجرت
منه اثنتا عشرة عينا- قال- فسمي ذلك اليوم يوم التروية.
فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد ، رأت نورا قد
ارتفع من علي (عليه السلام) إلى عنان السماء- قال: ثم شدته وقمطته بقماط ، فبتر
القماط ، ثم جعلته قماطين ، فبترهما
، فجعلته ثلاثة ، فبترها ، فجعلته أربعة أقمطة من رق[465] مصر لصلابته ، فبترها ،
فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته ، فبترها كلها ، فجعلته ستة من ديباج ، وواحدا من
الأدم ، فتمطى فيها ، فقطعها كلها بإذن الله ، ثم قال بعد ذلك: يا أمه ، لا تشدي
يدي ، فإني أحتاج الى أن أبصبص[466] لربي بإصبعي- قال- فقال
أبوطالب عند ذلك: إنه سيكون له شأن ونبأ.
فلما كان من غد ، دخل رسول الله (صلى الله
عليه وآله) على فاطمة ، فلما بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه
وآله) ، سلم عليه وضحك في وجهه ، وأشار إليه أن خذني إليك ، واسقني مما سقيتني
بالأمس- قال- فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالت فاطمة: عرفه ورب
الكعبة- قال- فلكلام فاطمة سمي ذلك اليوم يوم عرفة ، يعني أن أمير المؤمنين (عليه
السلام) عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فلما كان اليوم الثالث ، وكان العاشر من
ذي الحجة ، أذن أبوطالب في الناس أذانا جامعا ، وقال: هلموا إلى وليمة ابني علي-
قال- ونحر ثلاث مائة من الإبل ، وألف رأس من البقر والغنم ، واتخذ وليمة عظيمة ،
وقال: معاشر الناس ، ألا من أراد من طعام علي ولدي ، فهلموا ، وطوفوا بالبيت سبعا
، وادخلوا وسلموا على ولدي علي ، فإن الله شرفه ، ولفعل أبي طالب شرف يوم النحر».[467]
وروى هذا الحديث ابن شهر آشوب- مختصرا- عن الحسن بن محبوب ،
عن الصادق (عليه السلام) ، وفي آخر الحديث: «واتخذ وليمة ، وقال: هلموا ، وطوفوا بالبيت سبعا ،
وادخلوا وسلموا على علي ولدي ، ففعل الناس ذلك ، وجرت به السنة»[468].
9 - علي بن إبراهيم ، قال: قال
الصادق (عليه السلام): «لما خلق الله الجنة ، قال لها تكلمي ، فقالت: )قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(».
قال: قوله: )الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ( قال: غضك بصرك في صلاتك ، وإقبالك
عليها. قال:
وقوله: )الَّذِينَ
هُمْ عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ( يعني عن الغناء والملاهي.
)والَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ( قال الصادق (عليه السلام): «من
منع قيراطا من الزكاة ، فليس هوبمؤمن ، ولا مسلم[469]». [470]
10 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن علي ابن أبي حمزة ، عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من منع قيراطا من الزكاة ، فليس
بمؤمن ولا مسلم ، وهوقول الله عز وجل: )رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً
فِيما تَرَكْتُ([471]. وفي رواية اخرى: «ولا تقبل له صلاة».[472]
ورواه ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن أبي بصير ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)[473].
11 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله
(عليه السلام) ، فرأى عليه ثيابا بيضا ، كأنها غرقئ[474] البيض ، فقال له: إن هذا
اللباس ليس من لباسك. فقال له: «اسمع مني وع ما أقول لك ، فإنه خير لك عاجلا وآجلا
، إن أنت مت على السنة والحق ، ولم تمت على بدعة ، أخبرك أن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) كان في زمان مقفر جدب ، فأما إذا أقبلت الدنيا ، فأحق أهلها بها
أبرارها ، لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ،
ومسلموها لا كفارها ، فما أنكرت يا ثوري؟ فوالله إنني لمع ما ترى ، ما أتى علي- مذ
عقلت- صباح ولا مساء ، ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا ، إلا وضعته».[475]
12 - علي بن إبراهيم: )والَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوما مَلَكَتْ
أَيْمانُهُمْ(- يعني الإماء- )فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ( ، والمتعة حدها حد الإماء.[476]
13 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
العباس بن موسى ، عن إسحاق ، عن أبي سارة ، قال: سألت
أبا عبد الله (عليه السلام) عنها- يعنى المتعة- فقال: لي: «حلال ، فلا تتزوج إلا
عفيفة ، إن الله عز وجل يقول: )والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ( فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على دراهمك»[477].
14 - علي بن إبراهيم: )فَمَنِ
ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ( قال: من جاوز ذلك فأولئك هم العادون. وقوله: )والَّذِينَ
هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ( قال: على أوقاتها وحدودها.[478]
15 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد
، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن الفضيل ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عز
وجل: )والَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ
يُحافِظُونَ( ، قال: «هي الفريضة». قلت: )الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ([479]؟ قال: «هي النافلة».[480]
ورواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن
حماد ، عن حريز ، عن الفضيل ، قال: سألت أبا جعفر
(عليه السلام) ، مثله[481].
16 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن عمر الحافظ ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني سيدي علي بن موسى
الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن
أبيه ، علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن علي (عليهم السلام) ، قال: )والسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ([482] في نزلت».
وقال (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )أُولئِكَ
هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ(: «في نزلت».[483]
17 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن عثمان بن عيسى ،
عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ، قال: «ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا ، وفي النار منزلا ،
فإذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد: يا أهل الجنة ، أشرفوا
فيشرفون على أهل النار ، وترفع لهم منازلهم فيها ، ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي لوعصيتم الله لدخلتموها ،-
يعني النار ، قال- فلوأن أحدا مات فرحا ، لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا ، لما
صرف عنهم من العذاب.
ثم ينادي مناد: يا أهل النار ، ارفعوا
رؤوسكم ، فيرفعون رؤوسهم ، فينظرون إلى منازلهم في الجنة ، وما فيها من النعيم ،
فيقال لهم: هذه منازلكم التي لوأطعتم ربكم لدخلتموها- قال- فلوأن أحدا مات حزنا ،
لمات أهل النار حزنا ، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء ، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء ، وذلك
قول الله: )أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ
يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ(.[484]
قوله تعالى:
)ولَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ 12(
1 - علي بن إبراهيم
، قال: السلالة: الصفوة من الطعام والشراب الذي يصير نطفة ، والنطفة أصلها من
السلالة ، والسلالة هي من صفوة الطعام والشراب ، والطعام من أصل الطين ، فهذا معنى
قوله: )مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ(.[485]
قوله تعالى:
)ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي
قَرارٍ مَكِينٍ- إلى قوله تعالى- فَتَبارَكَ
اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ 13- 14(
1- علي بن إبراهيم:
في قوله تعالى: )ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ( ، قال: يعني في الأنثيين وفي
الرحم ، )ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا
الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ( وهذه استحالة من أمر إلى أمر ، فحد النطفة إذا وقعت في الرحم
أربعون يوما ، ثم تصير علقة.[486]
2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، قال: سمعت الرضا
(عليه السلام) يقول: «قال أبوجعفر (عليه السلام): إن النطفة تكون في الرحم أربعين
يوما ، ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم تصير مضغة أربعين يوما ، فإذا كمل أربعة
أشهر ، بعث الله ملكين خلاقين ، فيقولان: يا رب ، ما تخلق ، ذكرا ، أو أنثى؟
فيؤمران ، فيقولان: يا رب ، شقيا ، أوسعيدا؟ فيؤمران ، فيقولان: يا رب ، ما أجله ،
وما رزقه؟ وكل شيء من حاله- وعدد من ذلك أشياء- ويكتبان الميثاق بين عينيه ، فإذا
أكمل الله له الأجل ، بعث الله ملكا ، فزجره زجرة ، فيخرج وقد نسي الميثاق».
فقال الحسن بن الجهم: فقلت له ، أ فيجوز
أن يدعوالله ، فيحول الأنثى ذكرا ، والذكر أنثى؟ فقال: «إن الله يفعل ما يشاء».[487]
3 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعلي بن
إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن الله عز
وجل إذا أراد أن يخلق النطفة التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم ، أوما يبدوله
فيه ، ويجعلها في الرحم ، حرك الرجل للجماع ، وأوحى إلى الرحم: أن افتحي بابك حتى
يلج فيك خلقي ، وقضائي النافذ ، وقدري ، فتفتح الرحم بابها ، فتصل النطفة إلى
الرحم ، فتردد فيه أربعين يوما ، ثم تصير علقة أربعين يوما ، ثم تصير مضغة أربعين
يوما ، ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة.
ثم يبعث الله ملكين خلاقين ، يخلقان في
الأرحام ما يشاء ، فيقتحمان في بطن المرأة ، من فم المرأة ، فيصلان إلى الرحم ،
وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، فينفخان فيها روح
الحياة والبقاء ، ويشقان له السمع والبصر ، وجميع الجوارح ، وجميع ما في
البطن ، بإذن الله تعالى.
ثم يوحي الله إلى الملكين: اكتبا عليه
قضائي ، وقدري ، ونافذ أمري ، واشترطا لي البداء فيما تكتبان. فيقولان: يا رب ، ما
نكتب؟ فيوحي الله إليهما: أن ارفعا رءوسكما إلى رأس امه ، فيرفعان رؤوسهما ، فإذا
اللوح يقرع جبهة امه ، فينظران فيه ، فيجدان في اللوح صورته ، وزينته ، وأجله ،
وميثاقه ، شقيا أوسعيدا ، وجميع شأنه- قال- فيملي أحدهما على صاحبه ، فيكتبان جميع
ما في اللوح ، ويشترطان البداء فيما يكتبان ، ثم يختمان الكتاب ، ويجعلانه بين
عينيه ، ثم يقيمانه قائما في بطن امه- قال- فربما عتا فانقلب ، ولا يكون ذلك إلا
في كل عات أومارد.
وإذا بلغ أوان خروج الولد تاما ، أو غير
تام ، أوحى الله عز وجل إلى الرحم: أن افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي ، وينفذ
فيه أمري ، فقد بلغ أوان خروجه- قال- فيفتح الرحم باب الولد ، فيبعث الله إليه
ملكا ، يقال له زاجر ، فيزجره زجرة ، فيفزع منها الولد ، فينقلب ، فيصير رجلاه فوق
رأسه ، ورأسه في أسفل البطن ، ليسهل الله على المرأة ، وعلى الولد الخروج- قال-
فإذا احتبس ، زجره الملك زجرة اخرى ، فيفزع منها ، فيسقط الولد إلى الأرض باكيا
فزعا من الزجرة».[488]
4 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين
بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال:
سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الخلق ، فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق الخلق
من طين ، أفاض بها كإفاضة القداح[489] ، فأخرج المسلم ، فجعله
سعيدا ، وجعل الكافر شقيا ، فإذا وقعت النطفة ، تلقتها الملائكة ، فصوروها ، ثم
قالوا: يا رب ، أذكرا أم أنثى؟ فيقول الرب جل جلاله أي ذلك شاء ، فيقولان: تبارك
الله أحسن الخالقين ثم توضع في بطنها ، فتردد تسعة أيام في كل عرق ومفصل منها ،
وللرحم ثلاثة أقفال: قفل في أعلاها مما يلي أعلى السرة ، من الجانب الأيمن ،
والقفل الآخر وسطها ، والقفل الآخر أسفل من الرحم ، فيوضع بعد تسعة أيام في القفل
الأعلى ، فيمكث فيه ثلاثة أشهر ، فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس ، والتهوع[490] ، ثم ينزل إلى القفل
الأوسط ، فيمكث فيه ثلاثة أشهر ، وسرة الصبي فيها مجمع العروق ، وعروق المرأة كلها
منها ، يدخل طعامه وشرابه من تلك العروق ، ثم ينزل إلى القفل الأسفل ، فيمكث فيه
ثلاثة أشهر ، فذلك تسعة أشهر ، ثم تطلق المرأة ، فكلما طلقت ، قطع عرق من سرة
الصبي ، فأصابها ذلك الوجع ، ويده على سرته ، حتى يقع إلى الأرض ويده مبسوطة فيكون
رزقه حينئذ من فيه».[491]
5 - وعنه: عن محمد بن يحيى. عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل ، أوغيره[492] ، قال: قلت لأبي جعفر
(عليه السلام) جعلت فداك ، الرجل يدعوللحبلى أن يجعل الله ما في بطنها ذكرا سويا؟
قال: «يدعوما بينه وبين أربعة أشهر ، فإنه أربعين ليلة نطفة ، وأربعين ليلة علقة ،
وأربعين ليلة مضغة ، فذلك تمام أربعة أشهر ، ثم يبعث الله ملكين خلاقين ، فيقولان:
يا رب ، ما تخلق ، ذكرا أوأنثى ، شقيا أوسعيدا؟ فيقال ذلك فيقولان: يا رب ، ما
رزقه ، وما أجله ، وما مدته؟ فيقال ذلك وميثاقه بين عينيه ، ينظر إليه ، ولا يزال
منتصبا في بطن امه ، حتى إذا دنا خروجه ، بعث الله عز وجل إليه ملكا ، فزجره زجرة
، فيخرج وينسى الميثاق».[493]
6 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعلي بن
إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن
زرارة بن أعين ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا وقعت النطفة في
الرحم ، استقرت فيها أربعين يوما ، وتكون علقة أربعين يوما ، وتكون مضغة أربعين
يوما ، ثم يبعث الله ملكين خلاقين ، فيقال لهما:
اخلقا كما يريد الله
، ذكرا أوأنثى ، صوراه ، واكتبا أجله ، ورزقه ، ومنيته ، وشقيا أوسعيدا ، واكتبا
لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه ، فإذا دنا خروجه من بطن امه ، بعث
الله إليه ملكا ، يقال له: زاجر ، فيزجره ، فيفزع فزعا ، فينسى الميثاق ، ويقع إلى
الأرض يبكي من زجرة الملك».[494]
7 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن
الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن
مسمع ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال:
«جعل دية الجنين مائة دينار ، وجعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا ، خمسة أجزاء: فإن
كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار ، وذلك أن الله عز وجل خلق الإنسان من
سلالة ، وهي النطفة ، فهذا جزء ، ثم علقة ، فهوجزءان ، ثم مضغة ، فهوثلاثة أجزاء ،
ثم عظاما ، فهوأربعة أجزاء ، ثم يكسى لحما ، فحينئذ تم جنينا ، فكملت له خمسة
أجزاء ، فديته مائة دينار.
والمائة دينار خمسة أجزاء: فجعل للنطفة
خمس المائة ، عشرين دينارا ، وللعلقة خمسي المائة ، أربعين دينارا ، وللمضغة ثلاثة
أخماس المائة ، ستين دينارا ، وللعظم أربعة أخماس المائة ، ثمانين دينارا ، فإذا
كسي اللحم ، كانت له مائة كاملة ، فإذا أنشئ فيه خلق آخر ، وهوالروح ، فهوحينئذ
نفس فيه ألف دينار ، دية كاملة إن كان ذكرا ، وإن كان أنثى ، فخمسمائة دينار.
وإن قتلت امرأة وهي حبلى ، فتم ، فلم يسقط
ولدها ، ولم يعلم أذكر هوأم أنثى ، ولم يعلم أبعدها مات ، أوقبلها ، فديته نصفان ،
نصف دية الذكر ، ونصف دية الأنثى ، ودية المرأة كاملة بعد ذلك ، وذلك ستة أجزاء من
الجنين».[495]
8 - علي بن إبراهيم: فهي ستة
أجزاء ، وست استحالات ، وفي كل جزء واستحالة دية محدودة ، ففي النطفة عشرون دينارا
، وفي العلقة أربعون دينارا ، وفي المضغة ستون دينارا ، وفي العظم ثمانون دينارا ،
وإذا كسي لحما فمائة دينار ، حتى يستهل ، فإذا استهل ، فالدية كاملة.[496]
9 - ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني بذلك أبي ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال:
قلت: يا ابن رسول الله ، فإن خرج في النطفة قطرة دم؟ قال: «في القطرة عشر دية
النطفة ، ففيها اثنان وعشرون دينارا». فقلت: قطرتان؟ قال: أربعة وعشرون دينارا»
قلت: فثلاث؟ قال: «ستة وعشرون دينارا» قلت: فأربع؟ قال: «ثمانية وعشرون دينارا».
قلت: فخمس؟ قال: «ثلاثون دينارا ، وما زاد على النصف فهوعلى هذا الحساب ، حتى تصير
علقة ، فيكون فيها أربعون دينارا».
قلت: فإن خرجت النطفة مخضخضة بالدم[497]؟ فقال: «قد علقت ، إن كان
دما صافيا ففيها أربعون دينارا ، وإن كان دما أسود ، فذلك من الجوف ، ولا شيء
عليه إلا التعزير ، لأنه ما كان من دم صاف فذلك الولد ، وما كان من دم أسود فهومن
الجوف».
قال: فقال أبوشبل: فإن العلقة صار فيها
شبيه العروق واللحم؟ قال: «اثنان وأربعون دينارا ، العشر». قال: قلت:
فإن عشر الأربعين دينارا ، أربعة دنانير؟ قال: «لا ، إنما هوعشر المضغة ، لأنه
إنما ذهب عشرها ، فكلما ازدادت زيد ، حتى تبلغ الستين».
قلت: فإن رأت في المضغة مثل عقدة عظم
يابس؟ قال: «إن ذلك عظم ، أول ما يبدوففيه أربعة دنانير ، فإن زاد فزد أربعة
دنانير ، حتى تبلغ الثمانين»[498]. قلت: فإن كسي العظم
لحما؟ قال: «كذلك ، إلى مائة».
قلت: «فإن وكزها فسقط الصبي ، لا يدرى حيا
كان أوميتا؟ قال: «هيهات- يا أبا شبل إذا بلغ أربعة أشهر ، فقد صارت فيه الحياة ،
وقد استوجب الدية».[499]
10 - ثم قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي
الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ(: «فهونفخ الروح فيه».[500]
قوله تعالى:
)ولَقَدْ
خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ- إلى قوله تعالى- وشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ
طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ 17- 20(
1 - علي بن إبراهيم
، في قوله تعالى: )ولَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ( قال: السماوات.[501]
2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
العباس بن معروف ، عن النوفلي ، عن اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله ، عن سليمان بن جعفر ، قال: قال أبوعبد الله (عليه السلام) ،
في قول الله عز وجل: )وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ
فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ( ، قال: «يعني ماء العقيق».[502]
3 - علي بن إبراهيم: في قوله
تعالى: )وشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ
تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ( قال: شجرة الزيتون ، وهومثل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ،
وأمير المؤمنين (عليه السلام).[503]
4 - وفي رواية أبي الجارود ، عن
أبي جعفر (عليه السلام) )وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ
فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ(: «فهي الأنهار ، والعيون ، والآبار».[504]
5 - ثم قال أيضا: وقوله: )وشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ( فالطور: الجبل ، وسيناء: الشجرة ،
وأما الشجرة التي تنبت بالدهن ، فهي الزيتون.[505]
6 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني
(رضي الله عنه) ، قال: حدثنا المظفر بن أحمد أبوالفرج القزويني ، قال: حدثنا محمد
بن جعفر الأسدي الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد
النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد
الله بن عباس ، قال: إنما سمي الجبل الذي كان عليه موسى (عليه السلام) طور سيناء ،
لأنه جبل كان عليه شجر الزيتون ، وكل جبل يكون عليه ما ينتفع به من النبات
والأشجار ، يسمى طور سيناء ، وطور سينين ، وما لم يكن عليه ما ينتفع به من النبات
والأشجار ، من الجبال ، سمي طور ، ولا يقال له طور سيناء ، ولا طور سينين.[506]
قوله تعالى:
)عَلَيْها
وعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ22(
1 - قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: )عَلَيْها
وعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ(: يعني السفن.[507]
قوله تعالى:
)ولَقَدْ
أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ 23(
خبر نوح (عليه السلام) تقدمت الأخبار فيه ، في سورة هود
، فليطلب من هناك[508]
، وإن شاء الله تعالى يأتي منه في موضع آخر[509].
قوله تعالى:
)فَجَعَلْناهُمْ
غُثاءً- إلى قوله تعالى-
ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا 41- 44(
1 - وقال علي بن إبراهيم: وفي
رواية أبي الجارود ، عنه (عليه السلام) ، في قوله: )فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً(. «والغثاء: اليابس الهامد من نبات الأرض. وقوله تعالى: )ثُمَّ
أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا( يقول بعضهم في إثر بعض».[510]
قوله تعالى:
)وجَعَلْنَا
ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيَةً وآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ ومَعِينٍ- إلى قوله تعالى- وإِنَّ
هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً 50- 52(
2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق
(رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن
عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن يحيى بن أبي القاسم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ،
في قول الله عز وجل: )وجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وأُمَّهُ آيَةً( قال: «أي حجة».[511]
3 - وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي
السمرقندي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن
الحسين بن أشكيب ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن أحمد بن الحسن ، عن صدقة بن حنان[512]
، عن مهران بن أبي نصر ، عن يعقوب بن شعيب ، عن سعد الإسكاف
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: )وآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ
ومَعِينٍ( قال: الربوة: الكوفة ، والقرار: المسجد ، والمعين:
الفرات».[513]
3 - الشيخ: بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، عن علي بن
الحسين بن موسى ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن
نهيك ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: )وآوَيْناهُما
إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ ومَعِينٍ( قال: «الربوة: نجف الكوفة ، والمعين: الفرات».[514]
4 - ورواه أبوالقاسم جعفر بن قولويه في (كامل الزيارات)
قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي
بن الحكم ، عن سليمان بن نهيك ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )وآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ
ومَعِينٍ( قال: «الربوة: نجف
الكوفة ، والمعين: الفرات».[515]
5 - علي بن إبراهيم ، قال:
الربوة: الحيرة ، وذات قرار ومعين: الكوفة. ثم خاطب الله الرسل ، فقال:) يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحاً- إلى
قوله-: أُمَّةً واحِدَةً( ، قال: على مذهب واحد.[516]
6 - الشيخ في (مجالسه) ، قال: أخبرنا أحمد بن عبدون ، عن
ابن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن العباس ، عن علي بن معمر الخزاز ، عن رجل من جعفي ، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام)
، فقال رجل:
اللهم إني أسألك
رزقا طيبا- قال- فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «هيهات ، هيهات ، هذا قوت
الأنبياء ، ولكن سل ربك رزقا لا يعذبك عليه يوم القيامة ، هيهات ، إن الله يقول: )يا
أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحاً(».[517]
7 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال: سمعته
يقول: نظر أبوجعفر (عليه السلام) إلى رجل ، وهويقول: اللهم إني أسألك من رزقك
الحلال ، فقال أبوجعفر (عليه السلام): «سألت قوت النبيين ، قل: اللهم إني أسألك
رزقا واسعا طيبا من رزقك».[518]
8 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال: قلت: للرضا (عليه
السلام): جعلت فداك ، ادع الله عز وجل أن يرزقني الحلال ، فقال: «أتدري ما
الحلال»؟ فقلت:
جعلت فداك ، أما
الذي عندنا فالكسب الطيب ، فقال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: الحلال
هوقوت المصطفين ، ولكن قل: أسألك من رزقك الواسع».[519]
9 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن أحمد بن
الحسين ، عن أبيه ، عن الحصين بن مخارق ، عن أبي
الورد ، وأبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )وإِنَّ
هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً( قال: «آل محمد (عليهم السلام)».[520]
قوله تعالى:
)كُلُّ
حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ- إلى
قوله تعالى- أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ
وهُمْ لَها سابِقُونَ 53- 61(
1 - علي بن إبراهيم ، في قوله
تعالى: )كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ( قال: كل من اختار لنفسه دينا ،
فهوفرح به.
ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه وآله) ،
فقال: )فَذَرْهُمْ يا محمد فِي غَمْرَتِهِمْ( أي في سكرتهم وشكهم )حَتَّى
حِينٍ( ثم قال عز وجل: )أَيَحْسَبُونَ( يا محمد )أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وبَنِينَ( هوخير نريده بهم )بَلْ
لا يَشْعُرُونَ( أن ذلك شر لهم.
ثم ذكر عز وجل من يريد بهم الخير ، فقال: )إِنَّ
الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ( إلى قوله )يُؤْتُونَ ما آتَوْا( قال: من الطاعة والعبادة )وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ( أي خائفة. )أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ
يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ( وهومعطوف على قوله: )أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ
مالٍ وبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ(.[521]
2 - قال علي بن إبراهيم: وفي
رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )أُولئِكَ
يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ( ، يقول: «هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ، لم يسبقه أحد».[522]
ورواه ابن شهر آشوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر
(عليه السلام)[523].
3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن
إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا الامام موسى
بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ، قال: «نزلت في أمير المؤمنين وولده (عليهم
السلام): )إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ
مُشْفِقُونَ والَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ والَّذِينَ هُمْ
بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي
الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ(».[524]
4 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال
، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، في قول الله تعالى: )الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ( قال: «يعلمون ما
عملوا من عمل ، وهم يعلمون أنهم يثابون عليه».[525]
5 - وعنه: عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال:
«يعملون ، ويعلمون» أنهم سيثابون عليه».[526]
6 - محمد بن يعقوب: عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ،
عن وهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ( قال: «هي شفقتهم[527] ، ورجاؤهم ، يخافون أن
ترد عليهم أعمالهم ، إن لم يطيعوا الله عز وجل ، ويرجون أن يقبل منهم».[528]
7 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد ، عن
القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص
بن غياث ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال: «إن قدرتم أن لا تعرفوا ،
فافعلوا ، وما عليك أن لا يثني الناس عليك ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس ،
إذا كنت محمودا عند الله تبارك وتعالى؟
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول:
لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد فيها كل يوم إحسانا ، ورجل يتدارك
سيئته[529]
بالتوبة ، وأنى له بالتوبة؟ فوالله لوأن سجد حتى ينقطع عنقه ، ما قبل الله عز وجل
منه عملا إلا بولايتنا أهل البيت ، ألا ومن عرف حقنا ، ورجا الثواب بنا ، ورضي
بقوته نصف مد كل يوم ، وما يستر به عورته ، وما أكن به رأسه ، وهم مع ذلك والله
خائفون وجلون ، ودوا أنه حظهم من الدنيا ، وكذلك وصفهم الله عز وجل ، حيث يقول: )الَّذِينَ
يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ( ما الذي أتوا به؟ أتوا والله بالطاعة ، مع المحبة والولاية ، وهم
في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم ، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة
الدين ، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا».
ثم قال: «إن قدرت على أن لا تخرج من بيتك
، فافعل ، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ، ولا تكذب ، ولا تحسد ، ولا ترائي ، ولا
تتصنع ولا تداهن».
ثم قال: «نعم صومعة المسلم بيته ، يكف فيه
بصره ، ولسانه ، ونفسه ، وفرجه ، إن من عرف نعمة الله بقلبه ، استوجب المزيد من
الله عز وجل ، قبل أن يظهر شكرها على لسانه ، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا ،
فهومن المستكبرين».
فقلت له: إنما يرى أن له عليه فضلا
بالعافية ، إذا رآه مرتكبا للمعاصي ، فقال: «هيهات ، هيهات ، فلعله أن يكون قد غفر
الله له ما أتى ، وأنت موقوف محاسب ، أما تلوت قصة سحرة موسى (عليه السلام)».
ثم قال: «كم من مغرور بما قد أنعم الله
عليه ، وكم من مستدرج بستر الله عليه ، وكم من مفتون بثناء الناس عليه- ثم قال-
إني لأرجوالنجاة لمن عرف حقنا من هذه الامة ، إلا لأحد ثلاثة: صاحب سلطان جائر ،
وصاحب هوى ، والفاسق المعلن».
ثم تلا: )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ([530] ثم قال: «يا حفص ، الحب أفضل من الخوف،-
ثم قال- والله ما أحب الله من أحب الدنيا ، ووالى غيرنا ، ومن عرف حقنا وأحبنا ،
فقد أحب الله تبارك وتعالى».
فبكى رجل ، فقال: «أتبكي؟ لو أن أهل
السماوات والأرض كلهم اجتمعوا ، يتضرعون إلى الله عز وجل أن ينجيك من النار ،
ويدخلك الجنة ، لم يشفعوا فيك»[531].
ثم قال: «يا حفص ، كن ذنبا ، ولا تكن
رأسا. يا حفص ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من خاف الله كل لسانه».
ثم قال: «بينا موسى بن عمران (عليه
السلام) يعظ أصحابه ، إذ قام رجل فشق قميصه ، فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى ،
قل له: لا تشق قميصك ، ولكن اشرح لي عن قلبك».
ثم قال: «مر موسى بن عمران (عليه السلام)
برجل من أصحابه وهوساجد ، فانصرف من حاجته ، وهوساجد على حاله ، فقال له موسى
(عليه السلام): لوكانت حاجتك بيدي لقضيتها لك ، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى ،
لوسجد حتى ينقطع عنقه ، ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب».[532]
8 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعلي بن محمد
القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
«إن قدرت أن لا تعرف فافعل ، وما عليك أن لا يثني عليك الناس- وساق الحديث إلى
قوله- ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا».[533]
9 - الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن القاسم ، عن علي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن
قول الله عز وجل: )والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ( ، قال: «من شفقتهم
ورجائهم ، يخافون أن ترد إليهم أعمالهم ، إن لم يطيعوا الله ، والله على كل شيء
قدير ، وهم يرجون أن يتقبل منهم».[534]
10 - ورواه المفيد في (أماليه) ، قال: حدثني أحمد بن محمد ،
عن أبيه ، محمد بن الحسن بن الوليد القمي
، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن القاسم
بن محمد ، عن علي ، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن
محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: )والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ( ، قال: «من شفقتهم
ورجائهم ، يخافون أن ترد إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا ، وهم يرجون أن يتقبل منهم».[535]
11 - الحسين بن سعيد: عن فضالة ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله
تبارك وتعالى: )والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ( ، قال: «يأتى ما
أتى ]الناس[ وهو خاش راج».[536]
12 - وعنه: عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ،
والنضر ، عن عاصم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ،
في قول الله عز وجل: )والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ( ، قال: «يعملون ،
ويعلمون أنهم سيثابون عليه».[537]
قوله تعالى:
)ولا
نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها 62(
13 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن الحسن بن محمد ،
عن علي بن محمد القاساني ، عن علي بن أسباط ، قال
سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الاستطاعة. فقال: «يستطيع العبد بعد أربع
خصال: أن يكون مخلى السرب[538] ، صحيح الجسم ، سليم
الجوارح ، له سبب وارد من الله».
قال: قلت له: جعلت فداك ، فسر لي هذا.
قال: «أن يكون العبد مخلى السرب ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح ، يريد أن يزني فلا
يجد امرأة ، ثم يجدها ، فإما أن يعصم نفسه ، فيمتنع كما امتنع يوسف (عليه السلام)
، أويخلي بينه وبين إرادته ، فيزني ، فيسمى زانيا ، ولم يطع الله بإكراه ، ولم
يعصه بغلبة».[539]
14 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، وعلي بن إبراهيم ، جميعا ، عن
أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، وعبد الله بن يزيد ، جميعا ، عن رجل من أهل البصرة ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه
السلام) عن الاستطاعة ، فقال: «أ تستطيع أن تعمل ما لم يكون؟» قال: لا. قال:
«فتستطيع أن تنهى عما قد كون؟» قال: لا. قال: فقال له أبوعبد الله (عليه السلام):
«فمتى أنت مستطيع؟» قال: لا أدري.
قال: فقال له أبوعبد الله (عليه السلام):
«إن الله خلق خلقا ، فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثم لم يفوض إليهم ، فهم مستطيعون
للفعل ، وقت الفعل[540] ، مع الفعل ، إذا فعلوا
ذلك الفعل ، فإذا لم يفعلوه في ملكه ، لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم
يفعلوه ، لأن الله عز وجل أعز من أن يضاده في ملكه أحد».
قال البصري: فالناس مجبورون؟ قال:
«لوكانوا مجبورين ، كانوا معذورين». قال: ففوض إليهم؟ قال: «لا». قال: فما هم؟
قال: «علم منهم فعلا ، فجعل فيهم آلة
الفعل ، فإذا فعلوا ، كانوا مع الفعل مستطيعين»: قال البصري:
أشهد أنه الحق ،
وأنكم أهل بيت النبوة والرسالة.[541]
3 - وعنه: عن محمد بن أبي عبد الله ، عن سهل بن زياد ، وعلي
بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، جميعا ، عن علي
بن الحكم ، عن صالح النيلي ، قال: سألت أبا عبد الله
(عليه السلام): هل للعباد من الاستطاعة شيء؟ قال: فقال لي: «إذا فعلوا الفعل ،
كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم».
قال: قلت له: وما هي؟ قال: «الآلة ، مثل
الزاني إذا زنى ، كان مستطيعا للزنا حين زنى ، ولوأنه ترك الزنا ولم يزن ، كان
مستطيعا لتركه إذا تركه. قال: ثم قال: «ليس له من الاستطاعة قبل الفعل كثير ولا
قليل ، ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعا».
قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال: «بالحجة
البالغة ، والآلة التي ركبها فيهم ، إن الله لم يجبر أحدا على معصيته ، ولا أراد-
إرادة حتم- الكفر من أحد ، ولكن حين كفر ، كان في إرادة الله أن يكفر ، وهم في
إرادة الله ، وفي علمه ، ألا يصيروا إلى شيء من الخير».
قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: «ليس هكذا
أقول ، ولكني أقول: علم أنهم سيكفرون ، فأراد الكفر لعلمه فيهم ، وليست هي إرادة
حتم ، إنما هي إرادة اختيار».[542]
4 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبيد بن زرارة ، قال: حدثني حمزة بن حمران ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه
السلام) عن الاستطاعة ، فلم يجبني ، فدخلت عليه دخلة اخرى ، فقلت: أصلحك الله ،
إنه قد وقع في قلبي منها شيء ، لا يخرجه إلا شيء أسمعه منك ، قال: «فإنه لا يضرك
ما كان في قلبك».
قلت: أصلحك الله ، إني أقول: إن الله
تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون ، ولم يكلفهم إلا ما يطيقون ، وإنهم
لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيئته ، وقضائه وقدره. قال: فقال: «هذا
دين الله الذي أنا عليه ، وآبائي» أوكما قال.[543]
5 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار
(رضي الله عنه) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن
عيسى ، عن حريز بن
عبد الله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): رفع عن امتي تسعة: الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا[544] عليه ، وما لا يطيقون ،
وما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في
الخلق ، ما لم ينطق بشفة».[545]
6 - وعنه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا سعد
بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير
، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ،
قال: «ما كلف الله العباد كلفة فعل ، ولا نهاهم عن شيء ، حتى جعل لهم الاستطاعة ،
ثم أمرهم ونهاهم ، فلا يكون العبد آخذا ، ولا تاركا ، إلا باستطاعة متقدمة ، قبل
الأمر والنهي ، وقبل الأخذ والترك ، وقبل القبض والبسط».[546]
7 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
(رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد
، قال:
سمعت أبا عبد الله
(عليه السلام) يقول: «لا يكون من العبد قبض ولا بسط ، إلا باستطاعة متقدمة للقبض
والبسط».[547]
8 - وعنه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا سعد
بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي شعيب المحاملي ، وصفوان بن يحيى ، عن
عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، قال:
سمعته يقول ، وعنده
قوم يتناظرون في الأفاعيل والحركات ، فقال: «الاستطاعة قبل الفعل ، لم يأمر الله
عز وجل بقبض ولا بسط إلا والعبد لذلك مستطيع».[548]
9 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
(رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن
عبد الحميد ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال:
«لا يكون العبد فاعلا ، ولا متحركا ، إلا ومعه الاستطاعة من الله عز وجل ، وإنما
وقع التكليف من الله بعد الاستطاعة ، فلا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا».[549]
قوله تعالى:
)ولَدَيْنا
كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ- إلى قوله تعالى- وإِنَّ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ 62- 74(
1 - علي بن إبراهيم: وقوله: )بَلْ
قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا( يعني من القرآن ، )ولَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها
عامِلُونَ( يقول: ما كتب عليهم
في اللوح ما هم عاملون قبل أن يخلقوا ، هم لتلك الأعمال المكتوبة- عاملون.
وقال علي بن إبراهيم ، في قوله: )ولَدَيْنا
كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ(: أي عليكم ، ثم قال: )بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا( أي في شك مما يقولون.
وقوله: )حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ( يعني كبراءهم )بِالْعَذابِ
إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ( أي يضجون ، فرد الله عليهم: )لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا
تُنْصَرُونَ( إلى قوله: )مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ( أي جعلتموه سمرا[550] ، وهجرتموه.
وقوله: )أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ( يعني برسول الله (صلى الله عليه
وآله) ، فرد الله عليهم: )بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وأَكْثَرُهُمْ
لِلْحَقِّ كارِهُونَ(.
وقوله: )ولَواتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ
لَفَسَدَتِ السَّماواتُ والْأَرْضُ ومَنْ فِيهِنَّ( قال: الحق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمير المؤمنين (عليه
السلام) ، والدليل على ذلك ، قوله: )قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ
رَبِّكُمْ([551] يعني بولاية أمير المؤمنين (عليه
السلام).
وقوله: )ويَسْتَنْبِئُونَكَ( أي يا محمد ، أهل مكة في علي )أَحَقٌّ هُو (أي إمام )قُلْ إِي ورَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ([552] أي لإمام ، ومثله كثير والدليل على أن
الحق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، قول الله
عز وجل: ولواتبع رسول الله ، وأمير المؤمنين (عليهما الصلاة والسلام) قريشا ،
لفسدت السماوات والأرض ، ومن فيهن ، ففساد السماء إذا لم تمطر ، وفساد الأرض إذا
لم تنبت ، وفساد الناس من ذلك.
وقوله: )وإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ( قال: إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال: )وإِنَّ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ( قال: عن الإمام لحائدون.[553]
2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن الفضل[554]
الأهوازي ، عن بكر بن محمد بن إبراهيم غلام الخليل ،
قال: حدثنا زيد بن موسى ، عن أبيه موسى ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه محمد ، عن أبيه
علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، في
قول الله عز وجل: )وإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ( ، قال: «عن ولايتنا أهل البيت».[555]
3 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن العباس ، عن جعفر الرماني[556]
، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ
بن نباتة ، عن علي (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل: )وإِنَّ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ(- قال- عن ولايتنا».[557]
4 - ابن شهر آشوب: عن الخصائص ، بإسناده
عن الأصبغ ، عن علي (عليه السلام) ، وفي كتبنا: عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه
السلام) ، في قوله تعالى: )وإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ( قال: «عن ولايتنا».[558]
5 - ومن طريق المخالفين ، في معنى الآية: يعني صراط محمد وآله (عليهم السلام).[559]
قوله تعالى:
)ولَقَدْ
أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما يَتَضَرَّعُونَ
حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ
مُبْلِسُونَ 76- 77(
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن
أبي عمير عن أبي أيوب ، عن محمد ابن مسلم ، قال: سألت
أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما
يَتَضَرَّعُونَ( ، فقال: الاستكانة هي الخضوع ، والتضرع هورفع
اليدين ، والتضرع بهما».[560]
2 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن
محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت
أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما
يَتَضَرَّعُونَ( فقال: «الاستكانة : هي الخضوع ، والتضرع هورفع اليدين ، والتضرع بهما».[561]
3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر
العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ،
قال: حدثنا محمد بن نصير ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ،
عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن
مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )فَمَا
اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما يَتَضَرَّعُونَ( قال: «التضرع: رفع اليدين».[562]
4 - الطبرسي: قال أبوعبد الله
(عليه السلام): «الاستكانة الدعاء ، والتضرع: رفع اليدين في الصلاة».[563]
5 - وقال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي
الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ
خَيْرٌ([564] يقول: أم تسألهم أجرا ، فأجر ربك خير )وهُوخَيْرُ
الرَّازِقِينَ([565] قوله: )ولَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا
اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما يَتَضَرَّعُونَ( فهوالجوع ، والخوف ، والقتل».
وقوله: )حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا
عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ( يقول: «آيسون».[566]
6 - سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن
محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن المنخل بن جميل ، عن
جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )حَتَّى
إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ(: «هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ، إذا رجع في الرجعة».[567]
7 - الطبرسي: قال أبوجعفر
(عليه السلام): «يعني في الرجعة».[568]
قوله تعالى:
)قالُوا
أَ إِذا مِتْنا وكُنَّا تُراباً وعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ- إلى قوله تعالى- سُبْحانَ
اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ 82- 91(
1 - علي بن إبراهيم: ثم حكى
الله عز وجل قول الدهرية: )قالُوا أَ إِذا مِتْنا وكُنَّا تُراباً
وعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ- إلى قوله- أَساطِيرُ
الْأَوَّلِينَ( يعني أحاديث[569] الأولين ، فرد الله عليهم
، فقال: )بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وإِنَّهُمْ
لَكاذِبُونَ( ثم رد الله على الثنوية[570] الذين قالوا بإلهين فقال
الله تعالى: )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وما كانَ
مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ولَعَلا بَعْضُهُمْ
عَلى بَعْضٍ( قال: لوكانا إلهين- كما زعمتم- لكانا يختلفان ، فيخلق هذا ولا يخلق
هذا ، ويريد هذا ولا يريد هذا ، ويطلب كل واحد منهما الغلبة لنفسه[571] ، وإذا أراد أحدهما خلق
إنسان ، وأراد الآخر خلق بهيمة ، فيكون إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، وهذا غير
موجود ، فلما بطل هذا ، ثبت التدبير والصنع لواحد ، ودل أيضا التدبير وثباته وقوام
بعضه ببعض ، على أن الصانع واحد ، وذلك قوله: )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ( إلى قوله: )لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ( ثم قال آنفا: )سُبْحانَ
اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ(.[572]
قوله تعالى:
)عالِمِ
الْغَيْبِ والشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ 92(
1 – ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا
سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، في قوله عز وجل: )عالِمِ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ( فقال: «الغيب: ما لم يكن ،
والشهادة: ما قد كان».[573]
قوله تعالى:
)قُلْ
رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ- إلى قوله تعالى- لَقادِرُونَ 93-
95(
2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن العباس ، عن الحسن
بن محمد ، عن العباس بن أبان العامري ، عن عبد الغفار ، بإسناده ، يرفعه إلى عبد
الله بن عباس ، وعن جابر بن عبد الله ، قال جابر: إني
كنت لأدناهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قالا: سمعنا رسول الله (صلى الله
عليه وآله) ، وهوفي حجة الوداع بمنى ، يقول: «لأعرفنكم بعدي ترجعون كفارا ، يضرب
بعضكم رقاب بعض ، ولأيم الله ، إن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم». قال: ثم
التفت خلفه ، ثم أقبل بوجهه ، فقال: «أو علي ، أو علي».
قال: حدثنا أن جبرئيل غمزه ، وقال مرة اخرى
، فرأينا أن جبرئيل قال له ، فنزلت هذه الآية:) قُلْ
رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ وإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ(.[574]
قوله تعالى:
)ادْفَعْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ 96(
1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
علي بن الحكم ، عن معاوية ابن وهب ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، قال: «ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) متكئا منذ بعثه الله
عز وجل ، إلى أن قبضه ، تواضعا لله عز وجل ، وما رأى ركبتيه جليسه في مجلس قط ،
ولا صافح رجلا قط ، فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هوالذي ينزع يده ، ولا كافأ
(صلوات الله عليه وآله) بسيئة قط ، وقد قال الله تعالى: )ادْفَعْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ( ففعل ، وما منع سائلا قط ، إن كان عنده أعطى ، وإلا قال: يأتي
الله به ولا أعطى على الله عز وجل شيئا قط إلا أجازه الله ، إنه كان
ليعطي الجنة ، فيجيز الله عز وجل ذلك له».
قال: «وكان أخوه من بعده ، والذي ذهب
بنفسه ، ما أكل من الدنيا حراما قط ، حتى خرج منها ، والله إنه كان ليعرض له
الأمران ، كلاهما لله عز وجل طاعة ، فيأخذ بأشدهما على بدنه ، والله لقد أعتق ألف
مملوك لوجه الله عز وجل ، دبرت فيهم يداه ، والله ما أطاق عمل رسول الله (صلى الله
عليه وآله) من بعده أحد غيره ، والله ما نزلت برسول الله (صلى الله عليه وآله)
نازلة قط ، إلا قدمه فيها ، ثقة منه به ، وإنه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ليبعثه برايته ، فيقاتل جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، ثم ما يرجع حتى
يفتح الله عز وجل له».[575]
2 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن
محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن زيد بن
الحسن ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) ، يقول: «كان علي (عليه السلام) أشبه
الناس طعمة وسيرة برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكان يأكل الخبز والزيت ،
ويطعم الناس الخبز واللحم- قال- وكان علي (عليه السلام) يستقي ويحتطب ، وكانت
فاطمة (عليها السلام) تطحن ، وتعجن ، وتخبز ، وترقع ، وكانت من أحسن الناس وجها ،
كأن وجنتيها وردتان (صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها الطاهرين)».[576]
قوله تعالى:
)وقُلْ
رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ 97(
3 - علي بن إبراهيم ، قال: ما
يقع في القلب من وسوسة الشياطين.[577]
قوله تعالى:
)حَتَّى
إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً
فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوقائِلُها 99- 100(
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن علي بن أبي حمزة ، عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من منع قيراطا من الزكاة ، فليس
بمؤمن ، ولا مسلم ، وهو قول الله عز وجل: )رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً
فِيما تَرَكْتُ(».[578]
2 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي[579]
، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
«من منع الزكاة سأل الرجعة عند الموت ، وهوقول الله عز وجل: )رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً
فِيما تَرَكْتُ(».[580]
وروى هذين الحديثين ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)[581].
3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن حاتم القزويني (رضي
الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن الحسين النحوي ، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله
البرقي ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن أبي أيوب سليمان
بن مقبل المديني ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)
، أنه قال: «إذا مات الكافر ، شيعه سبعون ألف ملك من الزبانية إلى قبره ، وإنه
ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء إلا الثقلان ، ويقول: لو أن لي كرة فأكون من
المؤمنين ، ويقول: )رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً
فِيما تَرَكْتُ فتجيبه الزبانية: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوقائِلُها(».[582]
4 - علي بن إبراهيم: إنها نزلت
في مانع الزكاة والخمس.[583]
5 - ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن خالد ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ما من ذي
مال ، ذهب ولا فضة ، يمنع زكاة ماله ، أوخمسه ، إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع
قفر ، وسلط عليه سبعا يريده ويحيد عنه ، فإذا علم أنه لا محيص له ، مكنه من يده ،
فقضمها كما يقضم الفجل ، وما من ذي مال ، إبل أو بقر أو غنم ، يمنع زكاة ماله ،
إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر ، تنطحه كل ذات قرن بقرنها ، وكل ذي ظلف
بظلفها ، وما من ذي مال ، نخل أو زرع أو كرم ، يمنع زكاة ماله ، إلا طوقه الله يوم
القيامة بهوام أرضه ، ورفع أرضه إلى سبع أرضين ، يقلده إياه».[584]
قوله تعالى:
)ومِنْ
وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- إلى قوله تعالى- تَلْفَحُ
وُجُوهَهُمُ النَّارُ وهُمْ فِيها كالِحُونَ 100- 104(
1 - علي بن إبراهيم ، في قوله
تعالى: )ومِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ( قال: «البرزخ: هوأمر بين أمرين ، وهوالثواب والعقاب بين الدنيا
والآخرة ، وهو رد على من أنكر عذاب القبر ، والثواب والعقاب قبل يوم القيامة ، وهو قول الصادق (عليه السلام): «واللّه ما
أخاف عليكم إلا البرزخ ، فأما إذا صار الأمر إلينا ، فنحن أولى بكم»
وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن
القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران».[585]
2
- محمد بن يعقوب: عن
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن بن
حماد ، عن عمر بن يزيد ، قال: قلت لأبي عبد الله
(عليه السلام): إني سمعتك وأنت تقول: «كل شيعتنا في الجنة ، على ما كان فيهم؟»
قال: «صدقتك ، كلهم والله في الجنة».
قال: قلت: جعلت فداك ، إن الذنوب كثيرة
كبار؟ فقال: «أما في القيامة فكلكم في الجنة ، بشفاعة النبي المطاع ، أو وصي النبي
(صلوات الله عليهم) ، ولكني- والله- أتخوف عليكم في البرزخ» قلت: وما البرزخ؟ قال:
«القبر ، منذ حين موته ، إلى يوم القيامة».[586]
3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال:
حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثني القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، قال:
حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال: قال
علي بن الحسين (عليه السلام): «أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها
ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها من قبره ، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله
تبارك وتعالى ، فإما إلى الجنة ، وإما إلى النار».
ثم قال: «إن نجوت- يا ابن آدم- عند الموت
، فأنت أنت ، وإلا هلكت ، وإن نجوت- يا بن آدم- حين توضع في قبرك ، فأنت أنت ،
وإلا هلكت ، وإن نجوت حين يحمل الناس على الصراط ، فأنت أنت ، وإلا هلكت ، وإن
نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين ، فأنت أنت ، وإلا هلكت» ثم تلا: )ومِنْ
وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ( قال: «هوالقبر، وإن لهم فيه لمعيشة ضنكا ، والله إن القبر لروضة
من رياض الجنة ، أوحفرة من حفر النيران».
ثم أقبل على رجل من جلسائه ، فقال له:
«لقد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار ، فأي الرجلين أنت ، وأي الدارين
دارك»؟[587].
4- علي بن إبراهيم: في قوله
تعالى: )فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ( قال: فإنه رد على من يفتخر بالأنساب ، قال الصادق (عليه السلام):
«لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالأعمال ، والدليل على ذلك ، قول رسول الله (صلى
الله عليه وآله): يا أيها الناس ، إن العربية ليست بأب والد[588] ، وإنما هولسان ناطق ،
فمن تكلم به فهوعربي ، ألا إنكم ولد آدم ، وآدم من تراب ، والله لعبد حبشي أطاع
الله ، خير من سيد قرشي عاص لله ، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم ، والدليل على ذلك ،
قوله عز وجل: )فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ(».[589]
5- ابن بابويه ، قال: حدثنا أبومحمد جعفر بن نعيم الشاذاني
(رضي الله عنه) ، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس ، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني ، قال: سمعت الرضا (عليه
السلام) يقول: «لقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبني عبد المطلب: ائتوني
بأعمالكم ، لا بأنسابكم وأحسابكم ، قال الله تعالى: )فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ( إلى قوله تعالى: )خالِدُونَ(».[590]
6- أبوجعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة (عليها
السلام) ، قال: أخبرني أبوالحسين ، عن أبيه ، عن ابن همام ، قال: حدثنا سعدان بن
مسلم ، عن جهم بن أبي جهمة[591] ، قال: سمعت أبا الحسن
موسى (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي
عام ، ثم خلق الأبدان بعد ذلك ، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض ، وما
تناكر منها في السماء تناكر في الأرض ، فإذا قام القائم (عليه السلام) ، ورث الأخ
في الدين ، ولم يورث الأخ في الولادة ، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: )فَإِذا
نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ ولا يَتَساءَلُونَ(».[592]
7- علي بن إبراهيم: )فَمَنْ
ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ يعني بالأعمال الحسنة فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ومَنْ
خَفَّتْ مَوازِينُهُ( قال: من الأعمال الحسنة )فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ(.[593]
8- الطبرسي في (الإحتجاج): عن
الصادق (عليه السلام) ، وقد سأله سائل ، قال: أوليس توزن الأعمال؟ قال (عليه السلام): «لا ، إن الأعمال ليست
بأجسام ، وإنما هي صفة ما عملوا ، وإنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء
، ولا يعرف ثقلها أوخفتها ، وإن الله لا يخفى عليه شيء». قال: فما معنى الميزان؟ قال (عليه
السلام): «العدل» ، قال: فما معناه في كتابه: )فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ(؟ قال (عليه السلام): «فمن رجح
عمله».[594]
وقد تقدمت الروايات في ذلك ، في قوله تعالى:
)ونَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ( من سورة الأنبياء[595].
9- محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام[596]
، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا
أبوالحسن موسى ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السلام) ، قال: سألته عن قول الله
عز وجل: )فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ( ، قال: «نزلت فينا».[597]
10- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن
الخدري ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، في قوله سبحانه )وهُمْ
فِيها كالِحُونَ(: «تشويه النار ، فتقلص شفته العليا ، حتى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي
شفته السفلى ، حتى تضرب[598] سرته».[599]
11- علي بن إبراهيم ، قال:
وقوله: )تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ( قال: تلهب عليهم ، فتحرقهم ، )وهُمْ
فِيها كالِحُونَ( أي مفتوحوالفم ، متربدو[600] الوجوه.[601]
12- محمد بن إبراهيم النعماني
في (غيبته): بإسناده عن كعب الأحبار ، أنه قال: إذا كان يوم القيامة ، حشر الناس
على أربعة أصناف صنف ركبان ، وصنف على أقدامهم يمشون ، وصنف مكبون ، وصنف على
وجوههم ، صم بكم ، عمي فهم لا يعقلون ، ولا يتكلمون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ،
أولئك الذين تلفح وجوههم النار ، وهم فيها كالحون.
فقيل له: يا كعب ، من هؤلاء الذين يحشرون
على وجوههم ، وهذه الحالة حالهم؟ فقال كعب: أولئك الذين كانوا على الضلال والارتداد
والنكث ، فبئس ما قدمت لهم أنفسكم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم ، ووصي نبيهم ،
وعالمهم ، وسيدهم ، وفاضلهم ، وحامل اللواء ، وولي الحوض ، المرتجى والرجا[602] دون هذا العالم ،
وهوالعلم[603] الذي لا يجهل ، والمحجة التي من زال عنها
عطب ، وفي النار هوى ، ذلك علي ورب الكعبة ، أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأوفرهم
حلما ، عجبا[604]
ممن قدم على علي (عليه السلام) غيره.
ومن نسل
علي (عليه السلام) القائم المهدي الذي يبدل الأرض غير الأرض وبه يحتج عيسى بن مريم
(عليه السلام) على نصارى الروم والصين ، إن القائم المهدي من نسل علي (عليه
السلام) أشبه الناس بعيسى بن مريم (عليه السلام) خلقا وخلقا وسمتا وهيبة ، يعطيه
الله عز وجل ما اعطي الأنبياء ، ويزيده ، ويفضله ، إن القائم (عليه السلام) من ولد
علي (عليه السلام) ، له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى بن مريم ، ثم يظهر بعد
غيبته مع طلوع النجم الأحمر ، وخراب الزوراء ، وهي الري ، وخسف المزورة ، وهي
بغداد ، وخروج السفياني ، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان ، تلك حرب
يقتل فيها ألوف وألوف ، كل يقبض على سيف محلى ، تخفق عليه رايات سود ، تلك حرب
يشوبها الموت الأحمر والطاعون الأغبر.[605]
قوله تعالى:
)أَلَمْ
تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ- إلى قوله تعالى- قالَ
اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ 105- 108(
1- محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن
إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا الإمام موسى
بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السلام) ، قال: في قول الله عز وجل: )أَلَمْ
تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ( في علي (عليه السلام) )فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ(.[606]
2- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن
الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال: حدثنا محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: )قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا( ، قال: «بأعمالهم شقوا».[607]
3- علي بن إبراهيم ، قال:
قوله تعالى: )غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا( فإنهم علموا حين عاينوا أمر
الآخرة أن الشقاء كتب عليهم ، علموا حين لا ينفعهم العلم ، قالوا: )رَبَّنا
أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ اخْسَؤُا فِيها ولا
تُكَلِّمُونِ( فبلغني- والله أعلم- أنهم تداركوا بعضهم على بعض سبعين عاما ، حتى
انتهوا إلى قعر جهنم.[608]
قوله تعالى:
)إِنِّي
جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ 111(
1- ابن شهر آشوب: عن سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم
، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، في قوله تعالى: )إِنِّي
جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا( يعني صبر علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)
في الدنيا على الطاعات ، وعلى الجوع ، وعلى الفقر ، وصبروا على البلاء لله في
الدنيا ، إنهم هم الفائزون.[609]
قوله تعالى:
)قالَ
كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ- إلى قوله تعالى- وقُلْ
رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ وأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ 112- 118(
2- علي بن إبراهيم ، في قوله
تعالى: )قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ
سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوبَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ( ، قال: سل الملائكة الذين كانوا
يعدون علينا الأيام ، فيكتبون ساعاتنا وأعمالنا التي اكتسبناها فيها فرد الله
عليهم ، فقال: قل لهم ، يا محمد: )إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوأَنَّكُمْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وأَنَّكُمْ
إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ(.
وقوله تعالى: )ومَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا
بُرْهانَ لَهُ بِهِ أي لا حجة له به فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا
يُفْلِحُ الْكافِرُونَ وقُلْ يا محمد رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ وأَنْتَ خَيْرُ
الرَّاحِمِينَ(.[610]
)سورة النور(
)فضلها(
1- ابن بابويه ، بإسناده المتقدم في فضل سورة الكهف: عن
الحسن ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن ابن مسكان ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور ،
وحصنوا بها نساءكم ، فإن من أدمن قراءتها في كل يوم ، أوفي كل ليلة ، لم ير أحد من
أهل بيته سوءا[611]
حتى يموت ، فإذا هو مات ، شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك ، كلهم يدعون ويستغفرون
الله له ، حتى يدخل في قبره».[612]
2- ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه
قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الحسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة عشر حسنات».[613]
3- وقال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): «ومن كتبها وجعلها في فراشه الذي ينام عليه ، لم يحتلم فيه أبدا ، وإن
كتبها وشربها بماء زمزم ، لم يقدر على الجماع ، ولم يتحرك له إحليل».[614]
4- وقال الصادق (عليه
السلام): «من كتبها وجعلها في كسائه ، أو فراشه الذي ينام عليه ، لم يحتلم أبدا ،
وإن كتبها بماء زمزم لم يجامع ، ولم ينقطع عنه أبدا ، وإن جامع لم يكن له لذة تامة
، ولا يكون إلا منكسر القوة».[615]
قوله تعالى:
)بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةٌ أَنْزَلْناها وفَرَضْناها وأَنْزَلْنا
فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ- إلى قوله تعالى- ولْيَشْهَدْ
عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 1- 2(
1- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن
آدم بن إسحاق ، عن عبد الرزاق ابن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «سورة
النور نزلت بعد سورة النساء ، وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة
النساء: )واللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ
نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا
فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَويَجْعَلَ
اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا([616] والسبيل الذي قال الله عز وجل: )سُورَةٌ أَنْزَلْناها وفَرَضْناها وأَنْزَلْنا
فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الزَّانِيَةُ والزَّانِي
فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ولا تَأْخُذْكُمْ بِهِما
رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ
ولْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(».[617]
2- الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ،
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )ولا
تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ( ، قال: «في إقامة الحدود». وفي قوله تعالى: )ولْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ( ، قال: «الطائفة واحد- وقال- لا يستخلف صاحب الحد».[618]
1- علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في
قوله: )ولْيَشْهَدْ عَذابَهُما( يقول: «ضربهما )طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ( يجمع لهم الناس إذا جلدوا».[619]
2- الطبرسي ، في معنى الطائفة:
عن أبي جعفر (عليه السلام): «أقله رجل واحد».[620]
قوله تعالى:
)الزَّانِي
لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَو مُشْرِكَةً والزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا
زانٍ أَو مُشْرِكٌ وحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ 3(
3- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ،
عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن
زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )الزَّانِي
لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَو مُشْرِكَةً( ، قال: «هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا
وعرفوا به ، والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حد الزنا ، أو متهم
بالزنا ، لم ينبغ لأحد أن يناكحه ، حتى يعرف منه التوبة».[621]
4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن
إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني
، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )الزَّانِي
لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَو مُشْرِكَةً( فقال: «كن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، قد عرفوا
بذلك ، والناس اليوم بتلك المنزلة ، فمن أقيم عليه حد الزنا ، أو شهر به ، لم ينبغ
لأحد أن يناكحه ، حتى يعرف منه التوبة».[622]
5- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن
بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، عن
أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً
أَومُشْرِكَةً( ، قال: «هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه
وآله) مشهورين بالزنا ، فنهى الله عز وجل عن أولئك الرجال والنساء ، والناس اليوم
على تلك المنزلة ، من شهر شيئا من ذلك ، أو أقيم عليه الحد ، فلا تزوجوه حتى تعرف
توبته».[623]
6- وعنه: عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ،
عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان ، عن حكم بن
حكيم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )الزَّانِيَةُ
لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَومُشْرِكٌ( ، قال: «إنما ذلك في الجهر- ثم قال- لو أن إنسانا زنى ثم تاب ،
تزوج حيث شاء».[624]
5- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا (عليه
السلام) ، وأنا أسمع ، عن رجل يتزوج امرأة متعة ، ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها ،
فتأتي بعد ذلك بولد ، فشدد في إنكار الولد ، فقال: «أيجحده؟» إعظاما لذلك ، فقال
الرجل: فإن اتهمها؟ فقال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلا مؤمنة ، أومسلمة ، فإن الله عز
وجل يقول: )الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَو مُشْرِكَةً
والزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَو مُشْرِكٌ وحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ(».[625]
ورواه الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن أحمد بن محمد بن
عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال: سأل رجل الرضا (عليه السلام) ، وأنا حاضر ، وساق الحديث[626].
6- الطبرسي: روي عن أبي جعفر
، وأبي عبد الله (عليهما السلام) ، أنهما قالا: «هم رجال ونساء ، كانوا على عهد
رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشهورين بالزنا ، فنهى الله عن أولئك الرجال
والنساء ، والناس اليوم على تلك المنزلة ، فمن
شهر بشيء من ذلك ، وأقيم عليه الحد ، فلا تزوجوه حتى تعرف[627] توبته».[628]
قوله تعالى:
)والَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ولا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً
وأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ
وأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 4- 5(
1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ،
عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في الرجل يقذف الرجل بالزنا ، قال:
«يجلد ، هوفي كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)».
قال: وسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن
الرجل يقذف الجارية الصغيرة ، فقال: «لا يجلد إلا أن تكون قد أدركت ، أوقاربت».[629]
2- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن
محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر
(عليه السلام) ، في امرأة قذفت رجلا ، قال: «تجلد ثمانين جلدة».[630]
3
- وعنه: عن علي بن
إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن
سماعة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن شهود الزور ، قال: فقال:
«يجلدون حدا ليس له وقت ، وذلك إلى الإمام ، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس».
وأما قول الله عز وجل: )ولا
تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ... إِلَّا الَّذِينَ تابُوا( ، قال: قلت كيف تعرف توبته؟ قال:
«يكذب نفسه على رؤوس الناس حتى يضرب ، ويستغفر ربه ، وإذا فعل ذلك فقد ظهرت
توبته».[631]
4- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن حماد عن حريز ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال:
«القاذف يجلد ثمانين جلدة ، ولا تقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة ، أويكذب نفسه
، فإن شهد له ثلاثة وأبى واحد ، يجلد الثلاثة ، ولا تقبل شهادتهم ، حتى يقول
أربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة ومن شهد على نفسه أنه زنى ، لم تقبل شهادته حتى
يعيدها أربع مرات».[632]
5- وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ،
عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، قال: قال أبوعبد
الله (عليه السلام): «إنه جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال له: يا
أمير المؤمنين ، إني زنيت ، فطهرني ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أبك جنة؟
قال: لا. قال: فتقرأ شيئا من القرآن شيئا؟ قال: نعم. فقال له: ممن أنت؟ فقال: أنا
من مزينة ، أوجهينة. قال: اذهب حتى أسأل عنك. فسأل عنه ، فقالوا: يا أمير المؤمنين
، هذا رجل صحيح العقل ، مسلم. ثم رجع إليه ، فقال: يا أمير المؤمنين ، إني زنيت ،
فطهرني ، فقال: ويحك ، ألك زوجة؟ قال: نعم. قال:
فكنت حاضرها ،
أوغائبا عنها؟ قال: بل كنت حاضرها ، فقال: اذهب حتى ننظر في أمرك. فجاء إليه
الثالثة ، وذكر له ذلك ، فأعاد عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فذهب ، ثم رجع
في الرابعة ، فقال: إني زنيت فطهرني. فأمر أمير المؤمنين (عليه
السلام) بحبسه ، ثم نادى أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس ، إن هذا الرجل
يحتاج أن يقام عليه حد الله ، فاخرجوا متنكرين ، لا يعرف بعضكم بعضا ، ومعكم
أحجاركم. فلما كان من الغد ، أخرجه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالغلس[633] ، وصلى ركعتين ، ثم حفر
حفيرة ، ووضعه فيها ، ثم نادى: أيها الناس ، إن هذه حقوق الله ، لا يطلبها من كان
عنده لله حق مثله ، فمن كان لله عليه حق مثله فلينصرف ، فإنه لا يقيم الحد من كان لله
عليه الحد. فانصرف الناس ، فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) حجرا ، فكبر أربع
تكبيرات ، فرماه ، ثم أخذ الحسن (عليه السلام) مثله ، ثم فعل الحسين (عليه السلام)
مثله ، فلما مات أخرجه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وصلى عليه ، ودفنه ، فقالوا:
يا أمير المؤمنين ، ألا تغسله؟ قال: قد اغتسل بما هومنها طاهر إلى يوم القيامة.
ثم قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس من أتى هذه القاذورة[634] فليتب إلى الله تعالى
فيما بينه وبين الله ، فوالله لتوبة إلى الله في السر أفضل من أن يفضح نفسه ،
ويهتك ستره».[635]
قوله تعالى:
)والَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ولَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ- إلى قوله تعالى- إِنْ
كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ 6- 9(
1- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن
محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال: إن عباد
البصري سأل أبا عبد الله (عليه السلام) ، وأنا حاضر: كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال
أبوعبد الله (عليه السلام): «إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال:
يا رسول الله ، أرأيت لو أن رجلا دخل منزله ، فوجد مع امرأته رجلا يجامعها ، ما
كان يصنع؟ قال: «فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فانصرف ذلك الرجل ،
وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته- قال- فنزل عليه الوحي من عند الله
تعالى بالحكم فيهما ، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك الرجل فدعاه ،
فقال له: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال نعم. فقال له: انطلق فأتني بامرأتك ،
فإن الله تعالى قد أنزل الحكم فيك وفيها».
قال: «فأحضرها زوجها ، فأوقفهما رسول الله
(صلى الله عليه وآله) ، ثم قال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين
فيما رميتها به- قال- فشهد ، ثم قال له: اتق الله. فإن لعنة الله شديدة ثم قال له:
اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين- قال- فشهد ، ثم أمر به فنحي ،
ثم قال للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به- قال-
فشهدت ، ثم قال لها: أمسكي فوعظها ، وقال لها: اتق الله ، فإن غضب الله شديد ثم
قال لها اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به-
قال- فشهدت- قال- ففرق بينهما ، وقال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما
تلاعنتما».[636]
وروى هذا الحديث ابن بابويه في (الفقيه)[637]
، والشيخ في (التهذيب)[638]
، بإسنادهما عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال: إن عباد البصري
سأل أبا عبد الله (عليه السلام) ، الحديث.
2- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن
محمد بن أبي نصر ، عن المثنى ، عن زرارة ، قال: سئل
أبوعبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ولَمْ
يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ( ،
قال: «هوالقاذف الذي يقذف امرأته ، فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها ، جلد الحد ،
وردت إليه امرأته ، فإن أبى إلا أن يمضي ، فيشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لمن
الصادقين ، والخامسة أن يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين ، فإن أرادت أن تدفع عن
نفسها العذاب ، والعذاب هوالرجم ، شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ،
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، فإن لم تفعل رجمت ، وإن فعلت
درأت عن نفسها الحد ، ثم لا تحل له إلى يوم القيامة».
قلت: أرأيت
إن فرق بينهما ، ولها ولد فمات؟ قال: «ترثه امه ، وإن ماتت امه ورثه أخواله ، ومن
قال إنه ولد زنا جلد الحد».
قلت: يرد إليه الولد إذا أقر به؟ قال: «لا
، ولا كرامة ، ولا يرث الابن ، ويرثه الابن».[639]
3- وعنه: عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر[640]
، عن جميل ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا جعفر
(عليه السلام) ، عن الملاعن والملاعنة ، كيف يصنعان؟ قال: «يجلس الإمام مستدبر
القبلة ، فيقيمهما بين يديه مستقبلا القبلة ، بحذائه ، ويبدأ بالرجل ، ثم المرأة ،
والذي يجب عليه[641] الرجم يرجم من ورائه[642] ، ولا يرجم من وجهه[643] ، لأن الرجم والجلد لا
يصيبان الوجه ، يضربان على الجسد ، على الأعضاء كلها».[644]
4- وعنه: بإسناده عن أحمد بن
محمد بن أبي نصر ، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) ، قلت له: أصلحك
الله ، كيف الملاعنة؟ قال: فقال: «يقعد الإمام ، ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل
الرجل عن يمينه ، والمرأة عن يساره».[645]
5 - علي بن إبراهيم: إنما نزلت
في اللعان ، وكان سبب ذلك أنه لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غزوة
تبوك جاء إليه عويمر بن ساعدة العجلاني ، وكان من الأنصار ، فقال: يا رسول الله ،
إن امرأتي زنى بها شريك ابن سمحاء ، وهي منه حامل ، فأعرض عنه رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ، فأعاد عليه القول ، فأعرض عنه ، حتى فعل ذلك أربع مرات ، فدخل
رسول الله (صلى الله عليه وآله) منزله ، فنزلت عليه آية اللعان ، فخرج رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وصلى بالناس العصر ، وقال لعويمر: «ائتني بأهلك ، فقد أنزل
الله فيكما قرآنا» فجاء إليها ، فقال لها: رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوك ،
وكانت في شرف من قومها ، فجاء معها جماعة ، فلما دخلت المسجد ، قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله) لعويمر: «تقدما إلى المنبر ، والتعنا» قال: فكيف أصنع؟ فقال:
«تقدم وقل: أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميتها به». قال: فتقدم وقالها ،
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أعدها» فأعادها ، ثم قال: «أعدها» حتى
فعل ذلك أربع مرات ، فقال له في الخامسة: «عليك لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما
رميتها به» فقال: والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من
الكاذبين فيما رماها به. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن اللعنة
لموجبة إن كنت كاذبا» ثم قال له: «تنح» فتنحى عنه.
ثم قال لزوجته: «تشهدين كما شهد ، وإلا
أقمت عليك حدا لله». فنظرت في وجوه قومها ، فقالت: لا اسود هذه الوجوه في هذه
العشية ، فتقدمت إلى المنبر ، فقالت: أشهد بالله أن عويمر بن ساعدة لمن الكاذبين
فيما رماني به. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أعيديها» فأعادتها ،
حتى أعادتها أربع مرات ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): «العني نفسك في
الخامسة ، إن كان من الصادقين فيما رماك به»: فقالت في الخامسة: إن غضب الله عليها
إن كان من الصادقين فيما رماني به. فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«ويلك ، إنها لموجبة لك إن كنت كاذبة» ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لزوجها: اذهب ، فلا تحل لك أبدا».
قال: يا رسول الله ، فمالي الذي أعطيتها؟
قال: «إن كنت كاذبا فهوأبعد لك منه ، وإن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من
فرجها».
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«إن جاءت بالولد أحمش الساقين[646] ، أخفش[647] العينين ، جعدا[648] ، قططا[649] ، فهوللأمر السيئ ، وإن
جاءت به أشهب[650]
أصهب[651] ، فهولأبيه».
فيقال: إنها جاءت به على الأمر السيئ ،
فهذه لا تحل لزوجها أبدا ، وإن جاءت بولد ، لا يرثه أبوه ، وميراثه لامه ، وإن لم
يكن له ام ، فلإخوانه ، وإن قذفه أحد ، جلد حد القاذف.[652]
قوله تعالى:
)ولَولا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ وأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ 10(
1- العياشي: عن زرارة ، عن
أبي جعفر (عليه السلام) ، وحمران ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله
تعالى:) ولَولا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ( قال: «فضل الله: رسوله ، ورحمته:
ولاية الأئمة (عليهم السلام)».[653]
2- عن محمد بن الفضيل ، عن
أبي الحسن (عليه السلام) ، في قوله: )ولَولا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ( قال: «الفضل: رسول الله (صلى الله
عليه وآله) ، ورحمته: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[654]
3- عن محمد بن الفضيل ، عن
العبد الصالح (عليه السلام) ، قال: «الرحمة: رسول الله (صلى الله عليه وآله) ،
والفضل: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[655]
4- ابن شهر آشوب: عن ابن عباس
، ومحمد بن مجاهد ، في قوله تعالى: )ولَولا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ( فضل الله: محمد (صلى الله عليه
وآله) ، ورحمته: علي (عليه السلام). وقيل: فضل الله: علي (عليه السلام) ، ورحمته: فاطمة
(صلوات الله وسلامه عليهما).[656]
قوله تعالى:
)إِنَّ
الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ
هُوخَيْرٌ لَكُمْ 11(
5 - علي بن إبراهيم: إن العامة
رووا أنها نزلت في عائشة ، وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة ، وأما
الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية ، وما رمتها به عائشة.[657]
6 - ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا
محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، قال: حدثنا عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لما
مات إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حزن عليه
حزنا شديدا ، فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريح. فبعث رسول
الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ، وأمره بقتله ، فذهب علي (عليه
السلام) إليه ، ومعه السيف ، وكان جريح القبطي في حائط ، فضرب علي (عليه السلام)
باب البستان ، فأقبل جريح ليفتح له الباب ، فلما رأى عليا (عليه السلام) عرف في
وجهه الغضب ، فأدبر راجعا ، ولم يفتح الباب ، فوثب علي (عليه السلام) على الحائط ،
ونزل إلى البستان ، وأتبعه ، وولى جريح مدبرا ، فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة ،
وصعد علي (عليه السلام) في أثره ، فلما دنا منه ، رمى جريح بنفسه من فوق النخلة ،
فبدت عورته ، فإذا ليس له ما للرجال ، ولا ما للنساء ، فانصرف علي (عليه السلام)
إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال له: يا رسول الله ، إذا بعثتني في الأمر ،
أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر ، أم أتثبت؟ قال: بل تثبت. فقال: والذي بعثك بالحق ،
ماله ما للرجال ، ولا ما للنساء. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحمد لله
الذي يصرف عنا السوء أهل البيت».[658]
3 - وعنه ، قال: وفي رواية عبد الله بن موسى ، عن أحمد بن
رشيد ، عن مروان بن مسلم ، عن عبد الله ابن بكير ،
قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك ، كان رسول الله (صلى الله عليه
وآله) أمر بقتل القبطي ، وقد علم أنها قد كذبت عليه ، أو لم يعلم ، وإنما دفع الله
عن القبطي القتل بتثبت علي (عليه السلام)؟ فقال: «بل كان والله علم[659] ، ولوكانت عزيمة من رسول
الله (صلى الله عليه وآله)[660] ما انصرف علي (عليه
السلام) حتى يقتله ، ولكن إنما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لترجع عن ذنبها
، فما رجعت ، ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها».[661]
4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد
بن الوليد (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا سعد ابن عبد الله ، قال حدثنا محمد بن
الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين الثقفي ، عن أبي الجارود ، وهشام أبي
ساسان ، وأبي طارق السراج ، عن عامر بن واثلة ، عن
أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في حديث المناشدة مع الخمسة الذين في الشورى. قال
(عليه السلام): «نشدتكم بالله ، هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله (صلى الله عليه
وآله): إن إبراهيم ليس منك ، وإنه ابن فلان القبطي. قال: يا علي ، اذهب فاقتله.
فقلت: يا رسول الله ، إذا بعثتني أكون كالمسمار المحمي في الوبر ، أو أتثبت؟ قال:
لا ، بل تثبت. فذهبت ، فلما نظر إلي استند إلى حائط ، فطرح نفسه فيه ، فطرحت نفسي
على أثره ، فصعد على نخلة ، فصعدت خلفه ، فلما رآني قد صعدت رمى بإزاره ، فإذا ليس
له شيء مما يكون للرجال ، فجئت فأخبرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال:
الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت»؟ فقالوا: اللهم ، لا. فقال: «اللهم ،
اشهد».[662]
5 - الحسين بن حمدان الخصيبي:
بإسناده عن الرضا (عليه السلام) ، أنه قال لمن بحضرته من شيعته: «هل علمتم ما قذفت
به مارية القبطية ، وما ادعي عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول الله (صلى الله
عليه وآله)؟ فقالوا: يا سيدنا ، أنت أعلم ، فخبرنا. فقال: «إن مارية أهداها
المقوقس إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحظي بها من دون أصحابه ، وكان
معها خادم ممسوح ، يقال له: جريح ، وحسن إسلامهما وإيمانهما ، ثم ملكت مارية قلب
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحسدها بعض أزواجه ، فأقبلت عائشة وحفصة تشكيان
إلى أبويهما ميل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مارية ، وإيثاره إياها عليهما
، حتى سولت لهما ولأبويهما أنفسهما بأن يقذفوا مارية بأنها حملت بإبراهيم من جريح
، وهم لا يظنون أن جريحا خادم ، فأقبل أبواهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وهوجالس في مسجده ، فجلسا بين يديه ، ثم قالا: يا رسول الله ، ما يحل لنا ، ولا
يسعنا أن نكتم عليك ما يظهر من خيانة واقعة بك. قال: ماذا تقولان؟! قالا: يا رسول
الله ، إن جريحا يأتي من مارية بالفاحشة العظمى ، وإن حملها من جريح ، وليس هو منك.
فاربد[663]
وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلون ، وعرضت له سهوة[664] لعظم ما تلقياه به ، ثم
قال: ويحكما ، ما تقولان؟ قالا: يا رسول الله ،
إنا خلفنا جريحا ومارية في مشربتها- يعنيان حجرتها- وهويفاكهها ، ويلاعبها ، ويروم
منها ما يروم الرجال من النساء ، فابعث إلى جريح ، فإنك تجده على هذه الحال ،
فأنفذ فيه حكم الله. فانثنى النبي إلى علي (عليهما السلام) ، ثم قال: يا أبا الحسن
، قم- يا أخي- ومعك ذوالفقار ، حتى تمضي إلى مشربة مارية ، فإن صادفتها وجريحا كما
يصفان ، فأخمدهما بسيفك ضربا. فقام علي (عليه السلام) ، واتشح بسيفه[665] وأخذه تحت ثيابه ، فلما
ولى من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، انثنى إليه ، فقال: يا رسول الله
، أكون في ما أمرتني كالسكة المحمية في العهن[666] ، أوالشاهد يرى ما لا يرى
الغائب؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فديتك يا علي ، بل الشاهد يرى ما لا
يرى الغائب. فأقبل علي (عليه السلام) ، وسيفه في يده ، حتى تسور من فوق مشربة
مارية ، وهي في جوف المشربة جالسة ، وجريح معها يؤدبها بآداب الملوك ، ويقول لها:
عظمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولبيه ، وكرميه ، ونحوهذا الكلام ، حتى
التفت جريح إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وسيفه مشهور في يده ، ففزع جريح إلى
نخلة في المشربة ، فصعد إلى رأسها ، فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المشربة
، وكشفت الريح عن أثواب جريح ، فإذا هوخادم ممسوح ، فقال له: أنزل يا جريح. فقال:
يا أمير المؤمنين ، آمنا على نفسي؟ فقال: آمنا على نفسك. فنزل جريح ، وأخذ أمير
المؤمنين (عليه السلام) بيده ، وجاء به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ،
فأوقفه بين يديه ، فقال له: يا رسول الله ، إن جريحا خادم ممسوح. فولى رسول الله
(صلى الله عليه وآله) [وجهه إلى الجدار] ، فقال: حل لهما نفسك- لعنهما الله- يا
جريح ، حتى يتبين كذبهما ، وخزيهما ، وجرأتهما على الله ، وعلى رسوله. فكشف عن
أثوابه ، فإذا هو خادم ممسوح ، فأسقطا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وقالا: يا رسول الله ، التوبة ، استغفر لنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): لا تاب الله عليكما ، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة ، فأنزل الله
فيهما: )الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ
الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ ولَهُمْ عَذابٌ
عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وأَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُمْ بِما
كانُوا يَعْمَلُونَ([667] ».[668]
قلت: قصة جريح مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وإرسال
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليقتله ، ذكره السيد المرتضى في كتاب (الغرر
والدرر)[669]
وفسر ما يحتاج إلى تفسيره في الخبر ، وهذا يعطي أن الحديث من مشاهير الأخبار ،
وسيأتي إن شاء الله تعالى في قوله تعالى: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)[670] أنها نزلت في ذلك.
قوله تعالى:
)إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ
عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ 19(
1- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ، قال: «من قال في مؤمن ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه ، فهومن الذين قال
الله عز وجل: )إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ
الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ(».[671]
2- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن ابن أبي يعفور
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه ،
بعثه الله في طينة خبال ، حتى يخرج مما قال». قلت: وما طينة الخبال؟ قال: «صديد
يخرج من فروج المومسات».[672]
3- وعنه: بإسناده عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ،
عن عبد الله بن جبلة ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي
الحسن الأول (عليه السلام) ، قال: قلت له: جعلت فداك ، الرجل من إخواني يبلغني عنه
الشيء الذي أكرهه ، فأسأله عن ذلك ، فينكر ذلك ، وقد أخبرني عنه قوم ثقات؟ فقال
لي: «يا محمد ، كذب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة ، وقالوا لك
قولا ، فصدقه وكذبهم ، لا تذيعن عليه شيئا تشينه به ، وتهدم به مروءته ، فتكون من
الذين قال الله في كتابه: )إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ
الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا
والْآخِرَةِ(».[673]
4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه
السلام) ، قال: «يجب على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة».[674]
5- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن
الوليد ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال: حدثنا أيوب بن نوح ، قال: حدثنا
محمد بن أبي عمير ، قال: حدثنا محمد بن حمران ، عن
الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، قال: «من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه
، وسمعته أذناه ، فهوممن قال الله عز وجل:) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ
الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا
والْآخِرَةِ(».[675]
6- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله
عنه) ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن
بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن الصادق جعفر
ابن محمد (عليهما السلام) ، قال: «إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه
، وإن البهتان: أن تقول في أخيك ما ليس فيه».[676]
7 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من قال في
مؤمن ما رأت عيناه ، وما سمعت أذناه ، كان من الذين قال الله فيهم: )إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ
عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ(».[677]
8- المفيد في (الإختصاص) قال
الباقر (عليه السلام): «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): أن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قال على المنبر: والله الذي لا إله إلا هو، لا يعذب الله عز وجل مؤمنا
بعذاب بعد التوبة والاستغفار له ، إلا بسوء ظنه بالله عز وجل واغتيابه للمؤمنين».[678]
9- وقال الصادق (عليه
السلام): «من قال في مؤمن ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه ، فهومن الذين قال الله عز
وجل: )إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ
الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا
والْآخِرَةِ(».[679]
قوله تعالى:
)ولا
يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ والسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ
مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ 22- 26(
1- قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )ولا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ
والسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى( ، «وهم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)». )والْمَساكِينَ
والْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا( يقول: «يعفوبعضكم عن بعض ويصفح ،
فإذا فعلتم ، كانت رحمة من الله لكم ، يقول الله: )أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(».
قوله
تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ
الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ( يقول: «الغافلات عن الفواحش».
وقد تقدمت الرواية فيمن نزلت فيه هذه الآية ، في قوله
تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ([680].
قوله تعالى: )الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثُونَ
لِلْخَبِيثاتِ والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ
أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ( يقول: الخبيثات من الكلام والعمل ، للخبيثين من الرجال والنساء ، يلزمونهم ، ويصدق عليهم
من قال ، والطيبون من الرجال والنساء ، من الكلام والعمل ، للطيبات.[681]
2 - الطبرسي: قيل في معناه أقوال- إلى قوله- الثالث:
الخبيثات من النساء للخبيثين من
الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من
الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء ، عن
أبي مسلم ، والجبائي ، وهوالمروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام).
قالا: «هي مثل قوله: )الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً
أَومُشْرِكَةً([682] الآية ، إن أناسا هموا أن يتزوجوا منهن ،
فنهاهم الله عن ذلك ، وكره ذلك لهم».[683]
قوله تعالى:
)يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى
تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ- إلى قوله تعالى-
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً
غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ 27- 29(
1- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن
الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن علي
بن الحكم ، ومحسن بن أحمد ، عن أبان الأحمر ، عن عبد
الرحمن ابن أبي عبد الله ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز
وجل: )لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها( ، قال: (الاستئناس: وقع النعل ، والتسليم».[684]
2- علي بن إبراهيم ، قال:
الاستئناس: هوالاستئذان ، ثم قال:
حدثني علي بن الحسين ، قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ، قال: «الاستئناس: وقع النعل ، والتسليم».[685]
3 - قال علي بن إبراهيم: ثم
رخص الله تعالى ، فقال: )لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا
بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ. (
قال الصادق (عليه السلام): «هي الحمامات ،
والخانات ، والأرحية تدخلها بغير إذن».[686]
قوله تعالى:
)قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ
أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ولا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى
جُيُوبِهِنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ 30- 31(
4 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن سعد الإسكاف ،
عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة ، وكان
النساء يتقنعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ، ودخل في
زقاق قد سماه ببني فلان ، فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط ، أو زجاجة
، فشق وجهه ، فلما مضت المرأة ، نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه ، فقال:
والله لآتين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولأخبرنه. قال: فأتاه ، فلما رآه
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال له: ما هذا؟ فأخبره ، فهبط جبرئيل (عليه
السلام) بهذه الآية: )قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ
بِما يَصْنَعُونَ(».[687]
2 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ،
عن القاسم بن بريد ، قال: حدثنا أبوعمروالزبيري ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث- قال: « وفرض الله على البصر أن لا ينظر إلى
ما حرم الله عليه ، وأن يعرض عما نهى الله عنه مما لا يحل له ، وهو عمله ، وهو من
الإيمان ، قال الله تبارك وتعالى: )قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ( فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم ، وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ،
ويحفظ فرجه أن ينظر إليه ، وقال: )وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ( من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها ، وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها-
وقال- كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا ، إلا هذه الآية ، فإنها من
النظر».[688]
3
- وعنه: عن عدة من
أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن دراج ، عن الفضيل بن يسار ، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
عن الذراعين من المرأة ، أ هما من الزينة التي قال الله تبارك وتعالى: )ولا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ(؟ قال: «نعم ، وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين».[689]
4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ، قال: قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال:
«الوجه ، والقدمان ، والكفان».[690]
5 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله
تبارك وتعالى:) إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها( ، قال: «الزينة الظاهرة: الكحل ، والخاتم».[691]
6- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان
بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: )ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ
مِنْها( ، قال: «الخاتم ،
والمسكة: وهي القلب[692]».[693]
7- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير
، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كل
آية في القرآن في ذكر الفرج فهي من الزنا ، إلا هذه الآية فإنها من النظر ، فلا
يحل للرجل المؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه ، ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها».[694]
8- وقال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ
مِنْها( قال: «هي الثياب ،
والكحل ، والخاتم ، وخضاب الكف ، والسوار والزينة ثلاثة: زينة للناس ، وزينة
للمحرم ، وزينة للزوج فأما زينة الناس ، فقد ذكرناه ، وأما زينة المحرم: فموضع
القلادة فما فوقها ، والدملج[695] وما دونه ، والخلخال وما
أسفل منه ، وأما زينة الزوج: فالجسد كله».[696]
قوله تعالى:
)أَوما
مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوالتَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ
الرِّجالِ 31(
1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ،
عن محمد بن إسماعيل ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، ويحيى بن إبراهيم ، عن أبيه
إبراهيم ، عن معاوية بن عمار ، قال: كنا عند أبي عبد
الله (عليه السلام) نحوا من ثلاثين رجلا ، إذ دخل عليه أبي ، فرحب به أبوعبد الله
(عليه السلام) ، وأجلسه إلى جنبه ، فأقبل عليه طويلا ، ثم قال أبوعبد الله (عليه
السلام): «إن لأبي معاوية حاجة ، فلوخففتم». فقمنا جميعا ، فقال لي أبي: ارجع يا
معاوية ، فرجعت ، فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «هذا ابنك؟». فقال: نعم ،
وهويزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم. قال: «وما هو؟» قلت: إن المرأة
القرشية والهاشمية تركب ، وتضع يدها على رأس الأسود ، وذراعيها على عنقه. فقال
أبوعبد الله (عليه السلام): «يا بني ، أما تقرأ القرآن؟». قلت: بلى. قال: «اقرأ
هذه الآية: )لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ ولا
أَبْنائِهِنَّ(- حتى بلغ- )ولا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ([697]- ثم قال- يا بني ، لا بأس أن يرى المملوك
الشعر والساق».[698]
وهذه الآية تأتي- إن شاء الله تعالى- في سورة الأحزاب.
2- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل
، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية
بن عمار ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): المملوك يرى شعر مولاته وساقها ،
قال: «لا بأس».[699]
3- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب
، عن يونس بن عمار ويونس ابن يعقوب ، جميعا ، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لا يحل للمرأة أن ينظر عبدها إلى شيء من جسدها ،
إلا إلى شعرها غير متعمد لذلك».
وفي
رواية اخرى: «لا بأس أن ينظر إلى شعرها ، إذا كان مأمونا».[700]
4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله ، وأحمد ابني محمد
، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد
الرحمن بن أبي عبد الله ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المملوك يرى
شعر مولاته ، قال: «لا بأس».[701]
5- وعنه: عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، وأبي
علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله
عز وجل:
)أَو التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ
مِنَ الرِّجالِ( إلى آخر الآية ، قال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».[702]
6- وعنه: عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن غير
واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد
الله ، قال: سألته عن اولي الإربة من الرجال ، قال: «الأحمق المولى عليه ، الذي لا
يأتي النساء».[703]
7- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، وعلي بن
إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن
عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام)
، قال: «كان بالمدينة رجلان: يسمى أحدهما هيت ، والآخر مانع ، فقالا لرجل ، ورسول
الله (صلى الله عليه وآله) يسمع: إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله- فعليك بابنة
غيلان الثقفية ، فإنها شموع[704] ، نجلاء[705] ، مبتلة[706] ، هيفاء[707] ، شنباء[708] ، إذا جلست تثنت[709] ، وإذا تكلمت تغنت[710] ، تقبل بأربع ، وتدبر
بثمان ، بين رجليها مثل القدح. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «لا أراكما من
أولي الإربة من الرجال[711]. فأمر بهما رسول الله
(صلى الله عليه وآله) ، فعزب[712] بهما إلى مكان يقال له
العرايا[713]
، وكانا يتسوقان في كل جمعة».[714]
8- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن السندي ، عن صفوان بن
يحيى ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، قال: سألته عن اولي الإربة من الرجال ، قال: «هوالأحمق الذي لا
يأتي النساء».[715]
9- ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن
يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله[716] (عليه السلام) عن قول
الله عز وجل: )أَو التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ
مِنَ الرِّجالِ( إلى آخر الآية ، فقال: «الأحمق الذي لا يأتي النساء».[717]
10- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
(رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن
علي الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ،
قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التابعين غير أولي الإربة من الرجال ،
قال: «هوالأبله المولى عليه ، الذي لا يأتي النساء».[718]
11- علي بن إبراهيم ، قال:
هوالشيخ الكبير الفاني ، الذي لا حاجة له في النساء ، والطفل الذي لم يظهر على
عورات النساء.[719]
قوله تعالى:
)ولا
يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ 31(
1- علي بن إبراهيم ، قال: ولا
تضرب إحدى رجليها بالأخرى ، لتقرع الخلخال بالخلخال.[720]
قوله تعالى:
)وأَنْكِحُوا
الْأَيامى مِنْكُمْ والصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا
فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ 32 (
1 - علي بن إبراهيم: كانوا في
الجاهلية لا ينكحون الأيامى ، فأمر الله المسلمين أن ينكحوا الأيامى ، ثم قال علي
بن إبراهيم: الأيم: التي ليس لها زوج.[721]
2 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد
الله عن أبي عبد الله الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن محمد بن يوسف التميمي ، عن محمد بن جعفر ، عن أبيه ، عن
آبائه (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ترك التزويج
مخافة العيلة ، فقد أساء ظنه بالله عز وجل ، إن الله عز وجل يقول: )إِنْ
يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ(».[722]
3 - وعنه: عن محمد بن علي ، عن حمدويه بن عمران ، عن ابن
أبي ليلى ، قال: حدثنا عاصم بن حميد ، قال: كنت عند
أبي عبد الله (عليه السلام) ، فأتاه رجل ، فشكا إليه الحاجة ، فأمره بالتزويج. قال:
فاشتدت به الحاجة ، فأتى أبا عبدالله (صلوات الله عليه) فسأله عن حاله ، فقال له:
اشتدت بي الحاجة ، قال: «ففارق» ثم أتاه ، فسأله عن حاله ، فقال: أثريت ، وحسن
حالي ، فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «إني أمرتك بأمرين أمر الله بهما ، قال
الله عز وجل: )وأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ
والصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ( إلى قوله: )واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ( وقال: )وإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ
سَعَتِهِ([723] ».[724]
4 - ابن بابويه في (الفقيه) قال: روى محمد بن أبي عمير ، عن
حريز ، عن الوليد ، قال: قال أبوعبد الله (عليه
السلام): «من ترك التزويج مخافة الفقر ، فقد أساء الظن بالله عز وجل ، إن الله
تعالى يقول: )إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ
مِنْ فَضْلِهِ(».[725]
قوله تعالى:
)ولْيَسْتَعْفِفِ
الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ 33(
1 - محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ،
عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية ابن وهب ، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )ولْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ
نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ( قال: «يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله».[726]
قوله تعالى:
)والَّذِينَ
يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ
عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ 33(
2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
صفوان بن يحيى ، عن العلاء ابن رزين ، عن محمد بن
مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )وآتُوهُمْ
مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ( ، قال: «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه ، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف ،
وأترك له ألفا ولكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه».
وعن قول الله عز وجل )فَكاتِبُوهُمْ
إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً( ، قال: «الخير إن علمت أن عنده مالا».[727]
3 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ،
عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
، قال في المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته ، فقال: «إن الناس كانوا لا يشترطون ، وهم
اليوم يشترطون ، والمسلمون عند شروطهم ، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رجع في الرق
، فإن لم يشترط عليه لم يرجع».
وفي قول الله عز وجل: )فَكاتِبُوهُمْ
إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً( ، قال: «إذا علمتم أن لهم مالا».[728]
4 - وعنه: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن
صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) ، قال في قول الله عز وجل: )فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْراً( ، قال: إن علمتم أن
لهم مالا ودينا».[729]
4 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن
سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ، قال في قوله عز وجل: )فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْراً وآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ( ، قال: «تضع عنه من نجومه[730] التي لم تكن تريد أن
تنقصه منها ، ولا تزيد فوق ما في نفسك».
فقلت: كم؟ فقال:
«وضع أبوجعفر (عليه السلام) عن مملوكه ألفا من ستة آلاف».[731]
ورواه ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده عن محمد بن سنان ،
عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)[732].
5 - الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن
ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) ، في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته ، فقال: «إن الناس كانوا لا
يشترطون ، وهم اليوم يشترطون ، والمسلمون عند
شروطهم ، فإن كان شرط عليه أنه إن عجز رجع ، وإن لم يشترط عليه لم يرجع».
وفي قول الله عز وجل: )فَكاتِبُوهُمْ
إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً( ، قال: كاتبوهم إن علمتم لهم مالا».[733]
6 - وعنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن
مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ،
في قول الله عز وجل: )فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْراً( ، قال: «إن علمتم
لهم مالا ودينا».[734]
7 - وعنه: بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن
العلاء ، وحماد ، عن حريز ، جميعا ، عن محمد بن مسلم
، عن أحدهما (عليهما السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )وآتُوهُمْ
مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ( ، قال: «الذي أضمرت أن تكاتبه عليه ، لا تقول: أكاتبه بخمسة آلاف
، وأترك له ألفا ، ولكن انظر الذي أضمرت عليه ، فأعطه منه».[735]
8 - ابن بابويه في (الفقيه): عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: )فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْراً( ، قال: «الخير أن
يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ويكون بيده
عمل يكتسب به ، أويكون له حرفة».[736]
9 - وعنه: بإسناده عن القاسم
بن سليمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )وآتُوهُمْ
مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ( ، قال: «سمعت أبي (عليه السلام) يقول: لا يكاتبه على الذي أراد أن
يكاتبه عليه ، ثم يزيد عليه ، ثم يضع عنه ، ولكنه يضع عنه مما نوى أن يكاتبه
عليه».[737]
قوله تعالى:
)ولا
تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً- إلى قوله تعالى- غَفُورٌ
رَحِيمٌ 33(
1 - علي بن إبراهيم ، قال:
كانت العرب وقريش يشترون الإماء ، ويجعلون عليهن الضريبة الثقيلة ، ويقولون: اذهبن
وازنين واكتسبن ، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك ، فقال: )ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ
إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) الى قوله (غَفُورٌ
رَحِيمٌ( أي لا يؤاخذهن الله
بذلك إذا اكرهن عليه.[738]
2 - ثم قال: وفي رواية أبي الجارود
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «هذه الآية منسوخة ، نسختها )فَإِنْ
أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ([739] ».[740]
قوله تعالى:
)اللَّهُ
نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ
الْمِصْباحُ- إلى قوله تعالى-
واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 35(
3 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن
يعقوب بن يزيد ، عن العباس بن هلال ، قال: سألت الرضا
(عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ( ، فقال: «هاد لأهل السماوات ،
وهاد لأهل الأرض».
وفي رواية البرقي: «هدى من في السماوات ،
وهدى من في الأرض».[741]
ورواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد)[742]
، و(معاني الأخبار)[743]
، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن العباس بن هلال ، قال: سألت الرضا (عليه السلام) ، مثله.
2 - وعنه: عن علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن
زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبد الله
بن القاسم ، عن صالح بن سهل الهمداني ، قال: قال
أبوعبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: «)اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ( فاطمة (عليها السلام) ، )فِيها مِصْباحٌ( الحسن ، )الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ( الحسين ، )الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ( فاطمة (عليها السلام) ، كوكب دري
بين نساء أهل الدنيا ، )يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( إبراهيم (عليه السلام) ، )زَيْتُونَةٍ
لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( لا يهودية ، ولا نصرانية ، )يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ( يكاد العلم يتفجر منها )ولَولَمْ
تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ( إمام منها بعد إمام ، )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يهدي الله للأئمة (عليهم السلام)
من يشاء )ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ(».
قلت: )أَوكَظُلُماتٍ(؟ قال: «الأول وصاحبه )يَغْشاهُ مَوْجٌ( الثالث ، )مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ
ظُلُماتٌ( الثاني ، )بَعْضُها
فَوْقَ بَعْضٍ( معاوية (لعنه الله) ، وفتن بني امية ، )إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ( المؤمن في ظلمة فتنهم[744] )لَمْ يَكَدْ يَراها ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ
اللَّهُ لَهُ نُوراً( إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) )فَما لَهُ مِنْ نُورٍ([745] إمام يوم القيامة».[746]
3 - وعنه: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن علي بن
حماد ، عن عمروبن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه
السلام) ، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضع العلم الذي كان عنده عند
الوصي ، وهوقول الله عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ( ، يقول: أنا هادي
السماوات والأرض ، مثل العلم الذي أعطيته ، وهونوري الذي يهتدى به ، مثل المشكاة
فيها مصباح ، والمشكاة: قلب محمد (صلى الله عليه وآله) ، والمصباح: النور الذي فيه العلم. وقوله: )الْمِصْباحُ
فِي زُجاجَةٍ( يقول: إني أريد أن أقبضك ، فاجعل العلم الذي عندك عند الوصي ، كما
يجعل المصباح في الزجاجة ، )كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ( فأعلمهم فضل الوصي ، )يُوقَدُ
مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( فأصل الشجرة المباركة إبراهيم (عليه السلام) ، وهوقول الله عز
وجل: )رَحْمَتُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ([747] ، وهوقول الله عز وجل: )إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحاً وآلَ
إِبْراهِيمَ وآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ
واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ([748] )لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( يقول لستم بيهود فتصلون قبل
المغرب، ولا نصارى فتصلون قبل المشرق ، وأنتم على ملة إبراهيم (عليه السلام) ، وقد
قال الله عز وجل: )ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا ولا
نَصْرانِيًّا ولكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ([749].
وقوله عز وجل: )يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَولَمْ تَمْسَسْهُ
نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يقول: مثل أولادكم الذين يولدون
منكم ، كمثل الزيت الذي يتخذ[750] من الزيتون ، )يكاد
زيتها يضيء ولولم تمسسه نار نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ
يَشاءُ( يقول: يكادون أن
يتكلموا بالنبوة ولولم ينزل عليهم ذلك[751] » .[752]
4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا إبراهيم بن هارون بن الهيتي
بمدينة السلام ، قال: حدثني محمد بن أحمد ابن أبي الثلج ، قال: حدثنا الحسين بن
أيوب ، عن محمد بن غالب ، عن علي بن الحسين ، عن الحسن بن أيوب ، عن الحسين بن
سليمان ، عن محمد بن مروان الذهلي ، عن الفضيل بن يسار
، قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ(؟ قال: «كذلك الله عز وجل». قال:
قلت: )مَثَلُ نُورِهِ(؟ قال: «محمد (صلى الله عليه وآله) قلت: )كَمِشْكاةٍ (؟ قال: «صدر محمد (صلى الله عليه وآله). قلت: )فِيها
مِصْباحٌ(؟ قال: «فيه نور
العلم ، يعني النبوة». قلت: )الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ(؟ قال: «علم رسول الله (صلى الله
عليه وآله) صدر إلى قلب علي (عليه السلام)». قلت: )كَأَنَّها(؟ قال: «لأي شيء تقرأ كأنها؟» فقلت: فكيف ، جعلت فداك؟ قال: «كأنه
كوكب دري».
قلت: )يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ
لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ(؟ قال: «ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، لا
يهودي ولا نصراني». قلت: )يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَولَمْ تَمْسَسْهُ
نارٌ( قال: «يكاد العلم
يخرج من فم العالم من آل محمد (عليهم السلام) من قبل أن ينطق به». قلت: )نُورٌ
عَلى نُورٍ(؟ قال: «الإمام في أثر الإمام».[753]
5 - وعنه ، قال: حدثنا إبراهيم بن هارون الهيتي ، قال:
حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن[754]
الزهري قال: حدثنا أحمد بن صبيح ، قال: حدثنا ظريف بن ناصح ، عن عيسى ابن راشد ، عن محمد بن علي بن الحسين (عليهم
السلام) ، في قول الله عز وجل: )كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ( ، قال: «المشكاة: نور العلم في
صدر محمد (صلى الله عليه وآله). )الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ( ، قال: «الزجاجة: صدر علي (عليه
السلام) ، صار علم النبي (صلى الله عليه وآله) إلى صدر علي (عليه السلام)». )الزُّجاجَةُ
كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ (، قال: «نور العلم» )لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( ، قال: «لا يهودية ولا نصرانية». )يَكادُ
زَيْتُها يُضِيءُ ولَولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ( ، قال: «يكاد العالم من آل محمد (عليهم السلام) يتكلم بالعلم قبل
أن يسأل». )نُورٌ عَلى نُورٍ(قال: «يعني إماما مؤيدا بنور العلم
والحكمة في أثر إمام ، من آل محمد (عليهم السلام) ، وذلك من لدن آدم ، إلى أن تقوم
الساعة».[755]
6 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، قال: حدثنا
سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن أسلم
الجبلي ، عن الخطاب بن عمر ، ومصعب بن عبد الله الكوفيين ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ( ، قال: «المشكاة: صدر نبي الله (صلى الله عليه وآله) ، فيه
المصباح ، والمصباح: هوالعلم ، في زجاجة ، الزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام) ،
وعلم النبي (صلى الله عليه وآله) عنده».[756]
7 - وروى ابن بابويه أيضا مرسلا: عن
الصادق (عليه السلام) ، أنه سئل عن قول الله عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ( ، فقال: «هومثل ضربه الله عز وجل لنا».[757]
8 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا
جعفر بن محمد ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الصائغ ، قال: حدثنا الحسن بن علي ، عن صالح بن سهل الهمداني ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول في قول الله عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ( يقول: «المشكاة: فاطمة (عليها السلام) )فِيها مِصْباحٌ( المصباح: الحسن والحسين (عليهما السلام) )فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ( كأن فاطمة (عليها
السلام) كوكب دري بين نساء أهل الأرض ، )يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( يوقد من إبراهيم (عليه وعلى نبينا
وآله السلام) )لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( يعني لا يهودية ولا نصرانية ، )يَكادُ
زَيْتُها يُضِيءُ( يكاد العلم يتفجر منها ، )ولَولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ( إمام منها بعد إمام ، )يَهْدِي
اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يهدي الله الأئمة (عليهم السلام) من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم
مخلصا )ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ
واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(».[758]
9 - وعنه ، قال: حدثنا حميد بن زياد ، عن محمد بن الحسين ،
عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد
، عن أبيه (عليهما السلام) ، في هذه الآية: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ( ، قال: بدأ بنور نفسه تعالى ، )مَثَلُ
نُورِهِ( مثل هداه في قلب
المؤمن )كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ( ، والمشكاة: جوف المؤمن ،
والقنديل: قلبه ، والمصباح: النور الذي جعله الله في قلبه: )يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ(- قال- الشجرة: المؤمن ، )زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( على سواء الجبل ، لا غربية: أي لا
شرق لها ، ولا شرقية: أى لا غرب لها ، إذا طلعت الشمس عليها ، وإذا غربت غربت
عليها. )يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ( يكاد النور الذي جعله الله في
قلبه يضيء ، ولولم يتكلم )نُورٌ عَلى نُورٍ( فريضة على فريضة ، وسنة على سنة )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء )ويَضْرِبُ
اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ( فهذا مثل ضربه الله للمؤمن- ثم قال- فالمؤمن يتقلب في خمسة من
النور. مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره يوم القيامة إلى
الجنة نور».
قلت: لجعفر بن محمد (عليهما السلام): جعلت
فداك يا سيدي إنهم يقولون: مثل نور الرب؟ قال:«سبحان الله! ليس لله مثل ، قال
الله: )فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ([759] ».[760]
10 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن
عبد الله بن جندب ، قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، أسأله عن تفسير
هذه الآية ، فكتب إلي الجواب: «أما بعد ، فإن محمدا (صلى الله عليه وآله) كان أمين
الله في خلقه ، فلما قبض النبي (صلى الله عليه وآله) ، كنا أهل البيت ورثته ، فنحن
أمناء الله في أرضه ، عندنا علم المنايا ، والبلايا ، وأنساب العرب ، ومولد
الإسلام ، وما من فئة[761] تضل مائة وتهدي مائة إلا
ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان ،
وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا
وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ، ويدخلون مدخلنا ، ليس على ملة الإسلام غيرنا
وغيرهم إلى يوم القيامة ، نحن الآخذون بحجزة نبينا (صلى الله عليه وآله) ، ونبينا
آخذ بحجزة ربنا ، والحجزة: النور ، وشيعتنا آخذون بحجزتنا ، من فارقنا هلك ، ومن
تبعنا نجا ، والمفارق لنا ، والجاحد لولايتنا كافر ، ومتبعنا وتابع أوليائنا مؤمن
، لا يحبنا كافر ، ولا يبغضنا مؤمن ، ومن مات وهويحبنا كان حقا على الله أن يبعثه
معنا ، نحن نور لمن تبعنا ، وهدى لمن اهتدى بنا ، ومن لم يكن منا فليس من الإسلام
في شيء ، وبنا فتح الله الدين ، وبنا يختمه ، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض ، وبنا
أنزل الله قطر السماء ، وبنا آمنكم الله من الغرق في بحركم ، ومن الخسف في بركم ،
وبنا نفعكم الله في حياتكم ، وفي قبوركم ، وفي محشركم ، وعند الصراط ، وعند
الميزان ، وعند دخول الجنة.
مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة ، والمشكاة
في القنديل ، فنحن المشكاة فيها مصباح ، المصباح: محمد رسول الله (صلى الله عليه
وآله): )الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ( من عنصره الطاهر )الزُّجاجَةُ
كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا
شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( لا دعية ، ولا منكرة ، )يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَولَمْ تَمْسَسْهُ
نارٌ القرآن نُورٌ عَلى نُورٍ( إمام بعد إمام ، )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ
ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( فالنور علي (عليه السلام) ، يهدي
الله لولايتنا من أحب ، وحق على الله أن يبعث ولينا مشرقا وجهه ، منيرا برهانه ،
ظاهرة عند الله حجته حق على الله أن يجعل أولياءنا المتقين مع الصديقين[762] والشهداء والصالحين ،
وحسن أولئك رفيقا ، فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات ، ولشهيد شيعتنا فضل
على كل شهيد غيرنا بتسع درجات.
فنحن النجباء ، ونحن
أفراط الأنبياء ، ونحن أولاد الأوصياء ، ونحن المخصوصون في كتاب الله ، ونحن أولى
الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه ، فقال في
كتابه: )شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ
نُوحاً والَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ( يا محمد )وما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ ومُوسى
وعِيسى( قد علمنا وبلغنا
ما علمنا ، واستودعنا علمهم ، ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ورثة اولي العلم ، واولي
العزم من الرسل ، )أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ( كما قال الله: )ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ( من أشرك بولاية علي (عليه السلام) )ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ( من ولاية علي (عليه السلام) يا محمد ، )يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ([763] من يجيبك إلى ولاية علي (عليه السلام) ، وقد بعثت بكتاب
فيه هدى ، فتدبره وافهمه ، فإنه شفاء لما في الصدور».[764]
11 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني ، عن
إدريس بن زياد الحناط ، عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الله الخراساني ، عن يزيد بن
إبراهيم ، عن أبي حبيب النباجي ، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ، أنه قال: «مثلنا في
كتاب الله كمثل مشكاة ، فنحن المشكاة ، والمشكاة: الكوة )فِيها
مِصْباحٌ والْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ( والزجاجة محمد (صلى الله عليه وآله) )كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ
شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ(- قال- علي (عليه السلام) ، )زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ
يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ( القرآن )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يهدي لولايتنا من أحب».[765]
12 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، قال:
حدثنا أصحابنا أن
أبا الحسن (عليه السلام) كتب إلى عبد الله بن جندب قال: «قال علي بن الحسين
(عليهما السلام): إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة ، والمشكاة في القنديل ،
فنحن المشكاة )فِيها مِصْباحٌ( والمصباح:
محمد (صلى الله عليه
وآله) )الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ نحن الزجاجة يُوقَدُ
مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( علي (عليه السلام) )زَيْتُونَةٍ( معروفة ، )لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( لا منكرة ولا دعية )يَكادُ
زَيْتُها يُضِيءُ ولَولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ( القرآن )عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ
يَشاءُ ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا».[766]
13 - وعنه ، قال: حدثنا العباس بن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب الزيات ، قال: حدثني أبي ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، بإسناده إلى صالح بن سهل الهمداني ، قال: قال أبوعبد الله
(عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ( ، قال: «الحسن (عليه السلام) )الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ( الحسين (عليه السلام) ، )الزُّجاجَةُ
كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ( فاطمة (عليها السلام) كوكب دري بين نساء أهل الجنة )يُوقَدُ
مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( إبراهيم (عليه السلام) ، )زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( لا يهودية ولا نصرانية» )يَكادُ
زَيْتُها يُضِيءُ( أي يكاد العلم يتفجر منها )ولَولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ( إمام منها بعد إمام ، )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يهدي الله للأئمة (عليهم السلام)
من يشاء )ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ
واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(».[767]
14 - المفيد في (الإختصاص): عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب
، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن المنخل بن جميل ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ( «فهومحمد (صلى الله
عليه وآله) ، )فِيها مِصْباحٌ( وهوالعلم )الْمِصْباحُ
فِي زُجاجَةٍ( الزجاجة: أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وعلم نبي الله عنده».[768]
15 - الطبرسي ، قال: روي عن
الرضا (عليه السلام) أنه قال: «نحن المشكاة فيها ، والمصباح محمد (صلى الله عليه
وآله) ، )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( يهدي الله لولايتنا من أحب».[769]
16 - ومن طريق المخالفين ، ما
رواه ابن المغازلي الشافعي في كتاب (المناقب) يرفعه إلى علي بن جعفر ، قال: سألت
أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ( ، قال: «المشكاة: فاطمة (عليها السلام) ، والمصباح: الحسن
والحسين (عليهما السلام) ، )الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ( ، قال: «كانت فاطمة (عليها
السلام) كوكبا دريا بين نساء العالمين». )يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( ، قال: «الشجرة المباركة إبراهيم
(عليه السلام)» )لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ( ، قال: «لا يهودية ولا نصرانية». )يَكادُ
زَيْتُها يُضِيءُ( ، قال: «كاد العلم أن ينطق منها» )ولَولَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ( ، قال: «منها إمام بعد إمام». )يَهْدِي
اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( ، قال: «يهدي الله عز وجل لولايتنا من يشاء».[770]
17 - روي عن جابر بن عبد الله
الأنصاري ، قال: دخلت إلى مسجد الكوفة ، وأمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)
يكتب بإصبعه ويتبسم ، فقلت له: يا أمير المؤمنين ، ما الذي يضحكك؟ فقال: «عجبت لمن
يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حق معرفتها». فقلت له: أي آية ، يا أمير المؤمنين؟
فقال: «قوله تعالى: )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ( ، المشكاة: محمد (صلى الله عليه وآله) ، )فِيها مِصْباحٌ( ، أنا المصباح. )فِي زُجاجَةٍ( الزجاجة الحسن والحسين (عليهما السلام) ، )كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ( وهوعلي بن الحسين (عليه السلام) ،
)يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ( محمد بن علي (عليه السلام) ، )زَيْتُونَةٍ( جعفر بن محمد (عليه السلام) )لا شَرْقِيَّةٍ( موسى بن جعفر (عليه السلام) ، )ولا غَرْبِيَّةٍ( علي بن موسى (عليه السلام) ، )يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ( محمد بن علي (عليه السلام) ، )ولَولَمْ
تَمْسَسْهُ نارٌ( علي بن محمد (عليه السلام) ، )نُورٌ عَلى نُورٍ( الحسن ابن علي (عليه السلام) ، )يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ( القائم المهدي (عليه السلام) )ويَضْرِبُ
اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(».[771]
قوله تعالى:
)فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ
فِيها بِالْغُدُووالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ
اللَّهِ- إلى قوله تعالى-
واللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ
36- 38(
1- علي بن إبراهيم ، في آخر
رواية عبد الله بن جندب ، في مكاتبته إلى أبي الحسن (عليه السلام) ، وقد تقدمت في
قوله )اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ) إلى قوله تعالى: (بِغَيْرِ حِسابٍ([772] وأنها في أهل البيت ، قال: والدليل على أن
هذا مثل لهم ، قوله تعالى: )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُووالْآصالِ)- إلى قوله تعالى- (بِغَيْرِ حِسابٍ(.[773]
2- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مالك ، قال: حدثنا القاسم بن الربيع ، عن محمد بن سنان ، عن عمار
بن مروان ، عن منخل ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه
السلام) ، في قوله: )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ( ، قال: «هي بيوت الأنبياء ، وبيت علي (عليه السلام) منها».[774]
3- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن
خالد ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إنكم لا
تكونون صالحين حتى تعرفوا ، ولا تعرفون حتى تصدقوا ، ولا تصدقون حتى تسلموا ،
أبوابا أربعة ، لا يصلح أولها إلا بآخرها ، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا ،
إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ، ولا يقبل الله إلا الوفاء
بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عز وجل بشرطه ، واستعمل ما وصف في عهده ، نال ما
عنده ، واستكمل ما وعده.
إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق
الهدى ، وشرع لهم فيها المنار ، وأخبرهم كيف يسلكون ، فقال:)إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ
صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى([775] ، وقال: )إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ([776] فمن اتقى الله فيما أمره ، لقي الله مؤمنا بما جاء به
محمد (صلى الله عليه وآله).
هيهات هيهات ، فات قوم وماتوا قبل أن
يهتدوا ، فظنوا أنهم آمنوا ، وأشركوا من حيث لا يعلمون ، إنه من أتى البيوت من
أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله
(صلى الله عليه وآله) ، وطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) بطاعته ، فمن ترك طاعة
ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهوالإقرار بما انزل من عند الله عز وجل ،
خذوا زينتكم عند كل مسجد ، والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر
فيها اسمه ، فإنه أخبركم أنهم: )رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً
تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ والْأَبْصار(.
إن الله قد استخلص الرسل لأمره ، ثم
استخلصهم مصدقين بذلك في نذره ، فقال: )وإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ([777] تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل ، إن
الله عز وجل يقول: )فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ ولكِنْ
تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ([778] ، وكيف يهتدي من لم يبصر. وكيف يبصر من لم يتدبر؟
اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وأهل بيته ، وأقروا بما أنزل الله ، واتبعوا آثار[779] الهدى ، فإنهم علامات
الأمانة والتقى ، واعلموا أنه لوأنكر رجل عيسى بن مريم (عليه السلام) وأقر بمن
سواه من الرسل لم يؤمن ، اقتصوا الطريق بالتماس المنار ، والتمسوا من وراء الحجب
الآثار ، تستكملوا أمر دينكم ، وتؤمنوا بالله ربكم».[780]
4 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ،
عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة
الثمالي ، قال: كنت جالسا في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ، إذ أقبل رجل فسلم
، فقال: من أنت ، يا عبد الله؟ فقلت: رجل من أهل الكوفة ، فما حاجتك؟ فقال لي:
أتعرف أبا جعفر محمد بن علي؟ فقلت:
نعم ، فما حاجتك
إليه؟ قال: هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها ، فما كان من حق أخذته ، وما كان من
باطل تركته.
قال أبوحمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين
الحق والباطل؟ قال: نعم. قلت: فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق والباطل؟
فقال لي: يا أهل الكوفة ، أنتم قوم ما تطاقون ، إذا رأيت أبا جعفر فأخبرني ، فما
انقطع كلامه[781]
حتى أقبل أبوجعفر (عليه السلام) ، وحوله أهل خراسان وغيرهم ، يسألونه عن مناسك
الحج ، فمضى حتى جلس مجلسه ، وجلس الرجل قريبا منه. قال أبوحمزة: فجلست حيث أسمع
الكلام ، وحوله عالم من الناس ، فلما قضى حوائجهم وانصرفوا ، التفت إلى الرجل ،
فقال له: «من أنت؟» قال: أنا قتادة بن دعامة البصري ، فقال أبوجعفر (عليه السلام):
«أنت فقيه أهل البصرة؟» قال: نعم.
فقال له أبوجعفر (عليه السلام): «ويحك يا
قتادة ، إن الله عز وجل خلق خلقا من خلقه ، فجعلهم حججا على خلقه ، فهم أوتاد في
أرضه ، قوام بأمره ، نجباء[782] في علمه ، اصطفاهم قبل
خلقه أظلة عن يمين عرشه».
قال: فسكت قتادة طويلا ، ثم قال: أصلحك
الله ، والله لقد جلست بين يدي الفقهاء ، وقدام ابن عباس ، فما اضطرب قلبي قدام
واحد منهم ما اضطرب قدامك ، فقال أبوجعفر (عليه السلام): «ويحك أتدري أين أنت؟ أنت
بين يدي )بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُو والْآصالِ رِجالٌ لا
تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ
الزَّكاةِ( فأنت ثم ، ونحن
أولئك». فقال له قتادة: صدقت والله ، جعلني الله فداك ، والله ما هي بيوت حجارة
ولا طين.
قال قتادة: فأخبرني عن الجبن. قال: فتبسم
أبوجعفر (عليه السلام) ، ثم قال: «رجعت مسائلك إلى هذا!» فقال: ضلت عني ، فقال: «لا بأس به». فقال: إنه
ربما جعلت فيه إنفحة[783] الميت. فقال: «ليس بها
بأس ، إن الإنفحة ليس فيها عروق ، ولا فيها دم ، ولا لها عظم ، إنما تخرج من بين
فرث ودم- ثم قال- وإن الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة ، فهل تؤكل تلك
البيضة؟» فقال قتادة: لا ، ولا آمر بأكلها ، فقال أبوجعفر (عليه السلام): «ولم؟»
قال: لأنها من الميتة. قال له: «فإن حضنت تلك
البيضة ، فخرجت منها دجاجة ، أ تأكلها؟» قال: نعم. قال: «فما حرم عليك البيضة ،
وحلل لك الدجاجة؟»- ثم قال (عليه السلام)- فكذلك الإنفحة مثل البيضة ، فاشتر الجبن
من أسواق المسلمين ، من أيدي المصلين ، ولا تسأل عنه ، إلا أن يأتيك من يخبرك
عنه».[784]
5 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن
الحكم ، عن أسباط بن سالم ، قال: دخلت على أبي عبد
الله (عليه السلام) ، فسألنا عن عمر بن مسلم ، ما فعل؟ فقلت: صالح ، ولكنه قد ترك
التجارة. فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «عمل الشيطان- ثلاثا- أما علم أن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) اشترى عيرا أتت من الشام ، فاستفضل فيها ما قضى دينه ،
وقسم في قرابته؟ يقول الله عز وجل: )رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ(- إلى آخر الآية- يقول القصاص: إن القوم لم يكونوا يتجرون كذبوا ،
ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها ، وهو أفضل ممن حضر الصلاة ولم يتجر.[785]
6- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسين بن بشار ، عن رجل ، رفعه ، في قول الله عز وجل: )رِجالٌ
لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ( ، قال: «هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله عز
وجل ، إذا دخلت مواقيت الصلاة ، أدوا إلى الله حقه فيها».[786]
7- وعنه: عن حميد بن زياد ، عن أبي العباس عبيد الله بن
أحمد الدهقان ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن زياد بياع السابري ، عن أبان
، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه
السلام) عن قول الله عز وجل: )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ( ، قال: «هي بيوت النبي (صلى الله
عليه وآله)».[787]
8- محمد بن العباس ، قال: حدثنا المنذر بن محمد القابوسي ،
قال: حدثنا أبي ، عن عمه ، عن أبيه ، عن أبان بن تغلب ، عن نفيع بن الحارث ، عن
أنس بن مالك ، وعن بريدة ، قالا: قرأ رسول الله (صلى
الله عليه وآله): )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُووالْآصالِ( فقام إليه رجل ، فقال: أي بيوت
هذه ، يا رسول الله؟ قال: «بيوت الأنبياء». فقام إليه أبوبكر ، فقال: يا رسول الله
، هذا البيت منها؟ وأشار إلى بيت علي وفاطمة (عليهما السلام): قال: «نعم ، من
أفضلها».[788]
9- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي ، عن أبيه ،
قال: حدثنا أبي ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن
الفضيل ، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ( ، قال: «بيوت محمد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ، ثم بيوت علي (عليه السلام) منها».[789]
10 - وعنه: عن محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، قال: حدثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن
أبيه (عليهما السلام) ، في قول الله عز وجل: )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُووالْآصالِ( ، قال: «بيوت آل محمد ، بيت علي
وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر (صلوات الله عليهم أجمعين)».
قلت: بِالْغُدُو والْآصالِ؟ قال: «الصلاة في أوقاتها» قال:
«ثم وصفهم الله عز وجل ، فقال: )رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً
تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ والْأَبْصارُ( ، قال: «هم الرجال ، لم يخلط الله معهم غيرهم. ثم قال: )لِيَجْزِيَهُمُ
اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا ويَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ(» قال: «ما اختصهم به من المودة ، والطاعة المفروضة ، وصير مأواهم
الجنة )واللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ
حِسابٍ(.[790]
11 - الشيخ البرسي ، قال: روي
عن ابن عباس ، أنه قال: كنت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقد قرأ
القارئ: )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُووالْآصالِ( ، فقلت: يا رسول الله ، ما
البيوت؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بيوت الأنبياء (عليهم السلام)
وأومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) ابنته.[791]
12 - علي بن عيسى في (كشف الغمة): عن
أنس ، وبريدة ، قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله): )فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ( إلى قوله: )الْقُلُوبُ والْأَبْصارُ( فقام رجل ، فقال: أي بيوت هذه ، يا رسول الله؟ قال: «بيوت
الأنبياء» فقال أبوبكر: يا رسول الله ، هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة
(عليهما السلام) ، قال: «نعم ، من أفاضلها».[792]
13 - ابن شهر آشوب: عن تفسير مجاهد ، وأبي يوسف يعقوب بن
سفيان[793] قال ابن عباس ، في قوله تعالى: )وإِذا
رَأَوْا تِجارَةً أَولَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وتَرَكُوكَ قائِماً([794]: إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام
بالميرة ، فنزل عند أحجار الزيت ، ثم ضرب بالطبول ليؤذن الناس بقدومه ، فمضى[795] الناس إليه ، إلا علي
والحسن والحسين وفاطمة (عليها الصلاة والسلام) وسلمان وأبوذر والمقداد وصهيب ،
وتركوا النبي (عليه السلام) قائما يخطب على المنبر ، فقال النبي (عليه السلام):
«لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي ، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت
المدينة على أهلها نارا ، وحصبوا[796] بالحجارة ، كقوم لوط»
ونزل فيهم: )رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَة(.[797]
14
- ومن طريق المخالفين: قال الثعلبي ، في تفسير قوله تعالى: )فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ويُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ( الآية ، يرفع الإسناد إلى أنس بن
مالك ، قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية ، فقام رجل إليه ،
فقال: يا رسول الله ، أي بيوت هذه؟ قال: «بيوت الأنبياء ، فقام إليه أبوبكر ،
فقال: يا رسول الله ، هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة ، قال: «نعم ، من
أفاضلها».[798]
15 - الطبرسي ، في معنى الآية ، قال: روي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام): «أنهم
قوم إذا حضرت الصلاة ، تركوا التجارة ، وانطلقوا إلى الصلاة ، وهم أعظم أجرا ممن
يتجر».[799]
قوله تعالى:
)والَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا
جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً- إلى
قوله تعالى- سَرِيعُ الْحِسابِ
39(
1 - علي بن إبراهيم: ثم ضرب
الله مثلا لأعمال من نازعهم- يعني عليا وولده والأئمة (عليهم السلام)- فقال:- )والَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ( والسراب: هوالذي تراه في المفازة يلمع من بعيد ، كأنه الماء ،
وليس في الحقيقة شيء ، فإذا جاء العطشان ، لم يجده شيئا ، والقيعة: المفازة
المستوية.[800]
2 - شرف الدين النجفي: عن عمروبن شمر ، عن جابر بن يزيد ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه
الآية ، فقال: )والَّذِينَ كَفَرُوا) بنوامية (أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ
الظَّمْآنُ ماءً( والظمآن: نعثل ، فينطلق بهم ، فيقول أوردكم الماء )حَتَّى
إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ووَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ
واللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ(».[801]
3 - ابن شهر آشوب: كتب ملك
الروم إلى معاوية يسأله عن خصال ، فكان فيما سأله: أخبرني عن لا شيء. فتحير ،
فقال عمروبن العاص: وجه فرسا فارها[802] إلى معسكر علي ليباع ،
فإذا قيل للذي هومعه: بكم؟ يقول: بلا شيء ، فعسى أن تخرج المسألة ، فجاء الرجل
إلى عسكر علي (عليه السلام) ، إذ مر به علي (عليه السلام) ، ومعه قنبر ، فقال: «يا
قنبر ، ساومه». فقال: بكم الفرس؟ قال: بلا شيء. فقال: «يا قنبر ، خذ منه». قال:
أعطني لا شيء ، فأخرجه إلى الصحراء ، وأراه السراب ، فقال: «ذاك لا شيء». قال:
«اذهب فخبره» قال: وكيف قلت؟ قال: «أما سمعت الله تعالى يقول: )يَحْسَبُهُ
الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً(؟».[803]
4 - المفيد في (الاختصاص): عن
سماعة ، قال: سأل رجل أبا حنيفة عن الشيء ، وعن لا شيء ، وعن الذي لا يقبل الله
غيره ، فأخبر عن الشيء ، وعجز عن لا شيء ، فقال: اذهب بهذه البغلة إلى إمام
الرافضة ، فبعها منه بلا شيء ، واقبض الثمن ، فأخذ بعذارها[804] ، وأتى بها أبا عبد الله
(عليه السلام) ، فقال له أبوعبد الله (عليه السلام): «استأمر أبا حنيفة في بيع هذه
البغلة» قال: قد أمرني ببيعها. قال: «بكم»؟ قال: بلا شيء. قال له: «ما تقول؟»
قال: الحق أقول.
فقال: «قد اشتريتها منك بلا شيء» قال:
وأمر غلامه أن يدخله المربط ، قال: فبقي محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن ، فلما
أبطأه الثمن ، قال: جعلت فداك ، الثمن؟ قال: «الميعاد إذا كان الغداة» ، فرجع إلى
أبي حنيفة ، فأخبره ، فسر بذلك ورضيه منه. فلما كان من الغد وافى أبوحنيفة ، فقال
أبوعبد الله (عليه السلام): «جئت لتقبض الثمن ، لا شيء؟» قال: نعم. قال: «ولا
شيء ثمنها؟» قال: نعم. فركب أبوعبد الله (عليه السلام) البغلة ، وركب أبوحنيفة
بعض الدواب ، فتصحرا جميعا ، فلما ارتفع النهار ، نظر أبوعبد الله (عليه السلام)
إلى السراب يجري ، قد ارتفع كأنه الماء الجاري ، فقال أبوعبد الله: (عليه السلام)
«يا أبا حنيفة ، ماذا عند الميل[805] ، كأنه يجري؟» قال: ذاك
الماء ، يا ابن رسول الله. فلما وافيا الميل ، وجداه أمامهما ، فتباعد ، فقال
أبوعبد الله (عليه السلام): «اقبض ثمن البغلة ، قال الله تعالى (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ
ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ووَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ(» قال: فخرج أبوحنيفة إلى أصحابه
كئيبا حزينا ، فقالوا له: مالك ، يا أبا حنيفة؟ قال: ذهبت البغلة هدرا ، وكان قد
اعطي بالبغلة عشرة آلاف درهم.[806]
قوله تعالى:
(أَو كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ
مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ
بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ
نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ 40(
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن
سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن
عبد الله بن القاسم ، عن صالح بن سهل الهمداني ، قال: قال أبوعبد الله (عليه السلام)- في حديث-
قلت: )أَو كَظُلُماتٍ(؟ قال: «الأول وصاحبه )يَغْشاهُ مَوْجٌ( الثالث ، )مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ
ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ( معاوية (لعنه الله) ، وفتن بني امية )إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ( المؤمن في ظلمة فتنهم )لَمْ يَكَدْ يَراها ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ
اللَّهُ لَهُ نُوراً( إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) )فَما لَهُ مِنْ نُورٍ( إمام يوم القيامة».[807]
2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن جعفر بن
محمد بن مالك ، عن محمد بن الحسين الصائغ ، عن الحسن بن علي ، عن صالح بن سهل ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول ، في قول الله:) أَوكَظُلُماتٍ( فلان وفلان )فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ( يعني نعثل ، )مِنْ
فَوْقِهِ مَوْجٌ( طلحة والزبير )ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ( معاوية ويزيد وفتن بني امية ، )إِذا
أَخْرَجَ يَدَهُ( المؤمن في ظلمة فتنهم )لَمْ يَكَدْ يَراها ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ
اللَّهُ لَهُ نُوراً( يعني إماما من ولد فاطمة (عليها السلام) )فَما لَهُ مِنْ نُورٍ( من إمام يوم القيامة يمشي بنوره ، كما في قوله: )نُورُهُمْ
يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وبِأَيْمانِهِمْ([808]- قال- إنما المؤمنون يوم القيامة نورهم
يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم في الجنة».[809]
3 - وعن محمد بن جمهور ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن الحكم وحمران[810] ، قال سألت أبا عبد الله
(عليه السلام) عن قول الله عز وجل:) أَو كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ( قال: «فلان وفلان» )يَغْشاهُ
مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ(، قال: «أصحاب الجمل ، وصفين ، والنهروان» )مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها
فَوْقَ بَعْضٍ( ، قال: «بنوامية» )إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ( يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) في ظلماتهم )لَمْ
يَكَدْ يَراها( أي إذا نطق بالحكمة بينهم ، لم يقبلها منهم أحد إلا من أقر
بولايته ، ثم بإمامته ، )ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً( أي من لم يجعل الله له إماما في
الدنيا )فَما لَهُ في الآخرة مِنْ نُورٍ( إمام يرشده ، ويتبعه إلى الجنة».[811]
قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ
مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ
صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ 41 (
1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن
الوليد (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان
، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبي الحسن الشعيري ، عن سعد
بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: جاء ابن الكواء
إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال: يا أمير المؤمنين ، والله إن في كتاب
الله عز وجل لآية قد أفسدت علي قلبي ، وشككتني في ديني ؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه
السلام): «ثكلتك أمك وعدمتك ، وما تلك الآية ؟» قال: قول الله عز وجل: )وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ
صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا
ابن الكواء ، إن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى ، ألا أن لله تبارك وتعالى ملكا في صورة ديك أبح
أشهب ، براثنه[812]
في الأرض السابعة السفلى ، وعرفه مثني ، تحت العرش ، له جناحان: جناح في المشرق ،
وجناح في المغرب ، واحد من نار ، والآخر من ثلج ، فإذا حضر وقت الصلاة ، قام على
براثنه ، ثم رفع عنقه من تحت العرش ، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم ،
فلا الذي من النار يذيب الثلج ، ولا الذي من الثلج يطفئ النار ، فينادي: أشهد أن
لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا سيد النبيين ، وأن وصيه سيد
الوصيين ، وأن الله سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح - قال - فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم ، فتجيبه عن قوله ، وهو قوله
عز وجل: )وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ
صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ( من الديكة في الأرض»[813].
2 - وعنه ، قال: حدثنا أبوالحسن
علي بن أحمد الأسواري ، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البردعي ، قال: أخبرنا
عدي بن أحمد بن عبدالباقي أبوعمير بأذنة[814] ، قال: حدثنا أبوالحسن
محمد بن أحمد بن البراء[815] ، قال: حدثنا عبدالمنعم
بن إدريس ، قال: حدثني أبي ، عن وهب ، عن ابن
عباس ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال: «إن لله تبارك وتعالى ديكا ، رجلاه
في تخوم الأرض السابعة السفلى ، ورأسه عند العرش ، ثاني عنقه تحت العرش ، وملك من
ملائكة الله عز وجل خلقه الله تبارك وتعالى ، ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى
، مضى مصعدا فيها مد الأرضين ، حتى خرج منها إلى عنان السماء ، ثم مضى فيها مصعدا
، حتى انتهى قرنه إلى العرش ، وهو يقول: سبحانك ربي. وإن لذلك الديك جناحين ، إذا
نشرهما جاوز المشرق والمغرب ، فإذا كان في آخر الليل ، نشر جناحيه ، وخفق بهما ،
وصرخ بالتسبيح ، يقول: سبحان الله الملك القدوس ، سبحان الكبير المتعال القدوس ،
لا إله إلا هو الحي القيوم ، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض ، وخفقت بأجنحتها ،
وأخذت في الصراخ ، فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت الديكة في الأرض ، فإذا كان
في بعض السحر نشر جناحيه ، فجاوز المشرق والمغرب ، وخفق بهما ، وصرخ بالتسبيح:
سبحان الله العظيم ، سبحان الله العزيز القهار ، سبحان الله ذي العرش المجيد ،
سبحان الله رب العرش الرفيع ، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض ، فإذا هاج هاجت
الديكة في الأرض ، تجاوبه بالتسبيح والتقديس لله عز وجل ، ولذلك الديك ريش أبيض
كأشد بياض ، ما رأيته قط ، وله زغب أخضر تحت ريشه
الأبيض ، كأشد خضرة ما رأيتها قط ، فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك الديك»[816]
3 - وعنه ، بهذا الإسناد: عن
النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال: «إن لله تبارك وتعالى ملكا من الملائكة ، نصف
جسده الأعلى نار ، ونصفه الأسفل ثلج ، فلا نار تذيب الثلج ، ولا الثلج يطفئ النار
، وهو قائم ينادي بصوت له رفيع: سبحان الله الذي كف حر هذه النار ، فلا تذيب هذا
الثلج ، وكف برد هذا الثلج ، فلا يطفئ حر هذه النار ، اللهم يا مؤلفا بين الثلج
والنار ، ألف بين قلوب عبادك المؤمنين على طاعتك»[817].
4 - وعنه: بهذا الإسناد ، عن
النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال: «إن لله تبارك وتعالى ملائكة ليس شيء من أطباق
أجسادهم إلا وهو يسبح الله عز وجل ويحمده من ناحيته ، بأصوات مختلفة ، لا يرفعون
رؤوسهم إلى السماء ، ولا يخفضونها إلى أقدامهم ، من البكاء والخشية لله عز وجل»[818].
5 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد
بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن
السياري ، عن عبدالله بن حماد ، عن جميل بن دراج ، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام): هل في السماء
بحار ؟ قال: «نعم ، أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) ، قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): إن في السماوات السبع بحارا ، عمق أحدها مسيرة خمسمائة عام ، فيها
ملائكة قيام منذ خلقهم الله عز وجل ، والماء إلى ركبهم ، ليس فيهم ملك إلا وله ألف
وأربعمائة جناح ، في كل جناح أربعة وجوه ، في كل وجه أربعة ألسن ، ليس فيها جناح ،
ولا وجه ، ولا لسان ، ولا فم ، إلا وهو يسبح الله عز وجل بتسبيح لا يشبه نوع منه
صاحبه»[819].
6 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن بعض أصحابه ، يرفعه إلى
الأصبغ بن نباتة ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن لله ملكا في صورة
الديك الأملح الأشهب ، براثنه في الأرض السابعة ، وعرفه تحت العرش ، له جناحان:
جناح بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، فأما الجناح الذي بالمشرق فمن ثلج ، وأما الجناح
الذي بالمغرب فمن نار ، فكلما حضر وقت الصلاة ، قام على براثنه ، ورفع عرفه من تحت
العرش ، ثم أمال أحد جناحيه على الآخر[820] ، يصفق بهما كما تصفق
الديكة في منازلكم ، فلا الذي من الثلج يطفئ النار ، ولا الذي من النار يذيب الثلج
، ثم ينادي بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين ، وأن وصيه خير الوصيين ، سبوح قدوس ، رب الملائكة
والروح ، فلا يبقى في الأرض ديك إلا أجابه ، وذلك قوله (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ
وَتَسْبِيحَهُ)»[821].
7 - وعنه: عن أحمد بن إدريس ، عن
أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن صديق بن عبدالله ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال:
«ما من طير يصاد ، في بر ولا بحر ، ولا يصاد شيء من الوحش إلا بتضييعه التسبيح»[822].
8 - محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن
علي بن النعمان ، عن إسحاق ، قال: حدثني من سمع أبا
عبدالله (عليه السلام) يقول: «ما ضاع مال في بر ، ولا في بحر إلا بتضييع الزكاة ،
ولا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه»[823].
9 - وعنه: عن أبي عبدالله
العاصمي ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن علي بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم ، عن سالم مولى أبان ، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)
يقول: «ما من طير يصاد ، إلا بتركه التسبيح ، وما من مال يصاب ، إلا بترك الزكاة»[824].
باب في عظمة الله جل جلاله
1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال:
حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا ، قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن
بهلول ، عن نصر بن مزاحم المنقري ، عن عمرو بن سعد ، عن أبي مخنف لوط بن يحيى ، عن
أبي منصور ، عن زيد بن وهب ، قال: سئل أمير المؤمنين
(عليه السلام) عن قدرة الله جلت عظمته ، فقام خطيبا فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم
قال: «إن لله تبارك وتعالى ملائكة ، لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته ،
لعظم خلقه ، وكثرة أجنحته ، ومنهم من لو كلفت الجن والإنس» أن يصفوه ما وصفوه ،
لبعد ما بين مفاصله ، وحسن تركيب صورته ، وكيف يوصف من ملائكته من سبع مائة عام ما
بين منكبه وشحمة اذنه ؟ ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته ، دون عظم بدنه ،
ومنهم من السماوات إلى حجزته ، ومنهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء الأسفل ،
والأرضون إلى ركبتيه ، ومنهم من لو القي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها ،
ومنهم من لو ألقيت السفن في دموع عينيه ، لجرت دهر الداهرين ؟ فتبارك الله أحسن
الخالقين».
وسئل (عليه السلام) عن الحجب ، فقال: «أول
الحجب سبعة: غلظ كل حجاب مسيرة خمس مائة عام ، بين كل حجابين منها مسيرة خمس مائة
عام ، والحجاب الثاني: سبعون حجابا ، بين كل حجابين منها مسيرة خمس مائة عام ،
وطوله خمس مائة عام ، حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك ، قوة كل ملك منهم قوة
الثقلين ، منها ظلمة ، ومنها نور ، ومنها نار ، ومنها دخان ومنها سحاب ، ومنها برق
، ومنها مطر ، ومنها رعد ، ومنها ضوء ، ومنها رمل ، ومنها جبل ، ومنها عجاج ،
ومنها ماء ، ومنها أنهار ، وهي حجب مختلفة ، غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام.
ثم سرادقات الجلال: وهي سبعون سرادقا ، في
كل سرادق سبعون ألف ملك ، بين كل سرادق وسرادق مسيرة خمس مائة عام ، ثم سرادق العز
، ثم سرادق الكبرياء ، ثم سرادق العظمة ، ثم سرادق القدس ، ثم سرادق الجبروت ، ثم
سرادق الفخر ، ثم النور الأبيض ، ثم سرادق الوحدانية: وهو مسيرة سبع مائة ألف عام[825] ، ثم الحجاب الأعلى».
وانقضى كلامه (عليه السلام) وسكت ، فقال له عمر: لا بقيت ليوم لا أراك فيه ، يا
أبا الحسن[826].
2 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن
محمد بن يحيى العطار (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا الحسين بن
الحسن بن أبان ، عن محمد بن اورمة ، عن زياد القندي ، عن درست ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال:
«إن لله تبارك وتعالى ملك ، بعد ما بين شحمة اذنه إلى عنقه مسيرة خمس مائة عام
خفقان الطير»[827].
3 - وعنه ، قال: حدثنا أبي (رضي
الله عنه) ، قال: حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن
علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عمرو بن مروان ،
عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: «إن لله تبارك وتعالى ملائكة ، أنصافهم من
برد ، وأنصافهم من نار ، يقولون: يا مؤلفا بين البرد والنار ، ثبت قلوبنا على طاعتك»[828].
4 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن
الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم
بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ،
عن حفص بن غياث النخعي ، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إن حملة
العرش ثمانية ، لكل واحد منهم ثمانية أعين ، كل عين طباق الدنيا»[829].
5 - وعن كعب - في حديث يذكر
فيه مولد النبي (صلى الله عليه وآله) ، عند معاوية ، وما فيه من الدلالات
والكرامات ، والحديث طويل - قال كعب فيه: ولقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف
قصر من ياقوتة حمراء ، وسبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب ، وقيل: هذه قصور الولادة ، ونجدت[830] الجنان ، وقيل لها: اهتزي
وتزيني ، فإن نبي أوليائك قد ولد ، فضحكت الجنة يومئذ ، فهي ضاحكة إلى يوم
القيامة. وبلغني أن حوتا من حيتان البحر ، يقال له: طموسا[831] - وهو سيد الحيتان - له
سبع مائة ألف ذنب ، يمشي على ظهره سبع مائة ألف ثور ، الواحد أكبر من الدنيا ، لكل
ثور[832] سبع مائة ألف قرن من زمرد
أخضر ، لا يشعر بهن ، اضطرب فرحا بمولده ، ولولا أن الله عز وجل ثبته ، لجعل
عاليها سافلها. روى ابن الفارسي ذلك في (روضة
الواعظين)[833].
6 - وروى البرسي: قال: ورد عن
سليمان (عليه السلام) ، أن طعامه[834] كان في كل يوم ملحه سبعة
أكرار[835]
، فخرجت دابة من دواب البحر يوما ، وقالت له: يا سليمان أضفني اليوم ، فأمر أن
يجمع لها مقدار سماطه شهرا ، فلما اجتمع ذلك على ساحل البحر ، وصار كالجبل العظيم
، أخرجت الحوت رأسها وابتلعته ، وقالت: يا سليمان ، أين تمام قوتي اليوم ، فإن هذا
بعض طعامي ؟ فأعجب سليمان ، وقال لها: «هل في البحر دابة مثلك ؟». فقال: ألف دابة[836] ، فقال سليمان: «سبحان
الله الملك العظيم في قدرته ! يخلق ما لا تعلمون»[837].
7 - ثم قال البرسي: وأما
نعمته الواسعة ، فقد قال لداود (عليه السلام): «يا داود ، وعزتي و جلالي ، لو أن
أهل سماواتي وأرضي أملوني ، وأعطيت كل مؤمل مله بقدر دنياكم سبعين ضعفا ، لم يكن
ذلك إلا كما يغمس أحدكم إبرة في البحر ، ويرفعها ، فكيف ينقص شيء أنا قيمه ؟»[838].
قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً - إلى قوله تعالى - يَكادُ
سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ 43)
1 - علي ابن إبراهيم ، في قوله
تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي
سَحاباً): أي يثيره من الأرض (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ)
فإذا غلظ ، بعث الله ملكا من الرياح فيعصره ، فينزل منه المطر[839] ، وهو قوله: (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) أي المطر[840].
2 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ،
عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ،
قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر ، حتى يبتل رأسه ولحيته
وثيابه ، فقيل له: يا أمير المؤمنين ، الكن الكن. فقال: «إن هذا ماء قريب عهد
بالعرش» ثم أنشأ يحدّث ، فقال: «إن تحت العرش بحرا فيه ماء ، ينبت أرزاق الحيوانات
، فإذا أراد الله (عز ذكره) أن ينبت لهم ما يشاء[841] ، رحمة منه[842] أوحى إليه ، فمطر ما شاء
، من سماء إلى سماء ، حتى يصير إلى سماء الدنيا - فيما أظن - فيلقيه إلى السحاب
والسحاب بمنزلة الغربال ، ثم يوحي إلى الريح: أن اطحنيه ، وأذيبيه ذوبان الماء ،
ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا ، فامطري عليهم[843] عبابا ، وغير ذلك ، فتقطر
عليهم على النحو الذي يأمرها به ، فليس من قطرة تقطر إلا ومعها ملك ، حتى يضعها
موضعها ، ولم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود ، ووزن معلوم ، إلا ما
كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام) ، فإنه نزل ماء منهمر ، بلا وزن ولا
عدد»[844].
3 - وعنه ، بالإسناد المتقدم ، قال: وحدثني أبوعبدالله (عليه السلام) ، قال: «قال لي أبي
(عليه السلام) ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل المطر[845] ، تذيب البرد ، حتى يصير
ماء ، لكيلا يضر به شيئا يصيبه ، والذي ترون فيه من البرد والصواعق ، نقمة من الله
عز وجل ، يصيب بها من يشاء من عباده.
ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): لا تشيروا إلى المطر ، ولا إلى الهلال ، فإن الله يكره ذلك»[846].
وروى ذلك عبدالله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد)
بإسناده: عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)[847].
قوله تعالى:
(وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ - إلى قوله تعالى - إِنَّ
اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 45)
1 - قال علي بن
إبراهيم: قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ
دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) أي من مياه ، (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ
اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قال: على رجلين: الناس ، وعلى بطنه: الحيات ، وعلى أربع:
البهائم ، وقال أبوعبدالله (عليه السلام):
«ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك»[848].
ورواه أيضا الطبرسي في (مجمع البيان) عن أبي جعفر (عليه
السلام) ، مثله[849].
قوله تعالى:
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا - إلى
قوله تعالى - فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ 47
- 52)
2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: «نزلت
هذه الآية في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، وعثمان ، وذلك أنه كان بينهما
منازعة في حديقة ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترضى برسول الله (صلى الله
عليه وآله) ؟ فقال عبدالرحمن بن عوف له: لا تحاكمه إلى رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ، فإنه يحكم له عليك ، ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي. فقال عثمان لأمير
المؤمنين (عليه السلام): لا أرضى إلا بابن شيبة ، فقال ابن شيبة: تأتمنون رسول
الله على وحي السماء ، وتتهمونه في الأحكام ! فأنزل الله
على رسوله: (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) إلى قوله: (أُولئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ)
، ثم ذكر الله أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال: (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا
إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ)
إلى قوله: (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)»[850].
2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن[851]
عبيد ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن أحمد بن إسماعيل ، عن العباس بن عبدالرحمن
، عن سليمان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس
، قال: لما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة ، أعطى عليا (عليه السلام)
وعثمان أرضا ، أعلاها لعثمان ، وأسفلها لعلي (عليه السلام) ، فقال علي (عليه
السلام) لعثمان: إن أرضي لا تصلح إلا بأرضك ، فاشتر مني ، أو بعني. فقال له: أنا
أبيعك ، فاشترى منه علي (عليه السلام) ، فقال له أصحابه: أي شيء صنعت ، بعت أرضك
من علي ! وأنت لو أمسكت عنه الماء ، ما أنبتت أرضه شيئا ، حتى يبيعك بحكمك.
قال: فجاء عثمان إلى علي (عليه السلام) ،
وقال له: لا أجيز البيع ، فقال له: «بعت ورضيت ، وليس ذلك لك» قال: فاجعل بيني
وبينك رجلا ، قال علي (عليه السلام): «النبي (صلى الله عليه وآله)» فقال عثمان: هو
ابن عمك ، ولكن اجعل بيني وبينك رجلا غيره ، فقال علي (عليه السلام): «لا أحاكمك
إلى غير النبي (صلى الله عليه وآله) ، والنبي شاهد علينا !» فأبى ذلك ، فأنزل الله
هذه الآيات ، إلى قوله: (هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[852].
3 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن
الحسين بن حميد ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود
، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا
ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ
بِالْمُؤْمِنِينَ) إلى قوله تعالى (مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ). قال:
«إنما نزلت في رجل اشترى من علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرضا ، ثم ندم ، وندمه
أصحابه ، فقال لعلي (عليه السلام): لا حاجة لي فيها. فقال له: قد اشتريت ورضيت ،
فانطلق أخاصمك إلى أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال له أصحابه: لا تخاصمه إلى رسول الله
(صلى الله عليه وآله). فقال: انطلق أخاصمك إلى أبي بكر ، وعمر ، أيهما شئت ، كان
بيني وبينك. قال علي (عليه السلام): لا والله ، ولكن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بيني وبينك ، فلا أرضى بغيره. فأنزل الله عز وجل هذه الآيات: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) إلى قوله (وَأُولئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ)»[853].
4 - الطبرسي: روي عن أبي جعفر
(عليه السلام): أن المعني بالآية أمير المؤمنين علي (عليه السلام). قال: وحكى البلخي أنه كانت بين علي (عليه السلام) وعثمان منازعة
في أرض اشتراها من علي (عليه السلام) ، فخرجت فيها أحجار ، فأراد ردها بالعيب ،
فلم يأخذها فقال: «بيني وبينك رسول الله (صلى الله عليه وآله)». فقال الحكم بن أبي
العاص: إن حاكمك إلى ابن عمه حكم له ، فلا تحاكمه إليه ، فنزلت الآيات. وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أو قريب منه[854].
5 - ومن طريق المخالفين: عن
ابن عباس: أنها نزلت في علي (عليه السلام) ، ورجل من قريش ابتاع منه أرضا.[855]
6 - السدي: في تفسير هذه الآية
، قال: نزلت في عثمان بن عفان ، لما فتح رسول
الله (صلى الله عليه وآله) بني النضير ، فقسم أموالهم ، قال عثمان لعلي (عليه
السلام): ائت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاسأله أرض كذا وكذا ، فإن أعطاها
فأنا شريكك فيها ، وآتيه فأسأله إياها ، فإن أعطانيها فأنت شريكي فيها. فسأله
عثمان أولا ، فأعطاه إياها ، فقال له علي (عليه السلام): «أشركني» فأبى عثمان
الشركة ، فقال: «بيني وبينك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأبى أن يخاصمه إلى
النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقيل له: لم لا تنطلق معه إلى النبي (صلى الله عليه
وآله) ؟ فقال: هو ابن عمه ، وأخاف أن يقضي له. فنزل قوله تعالى: (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ48 وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا
إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ 49 أَفِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 50) فلما بلغ عثمان ما
أنزل الله فيه ، أتى النبي (صلى الله عليه وآله) ، وأقر لعلي (عليه السلام) ،
بالحق ، وشركه في الأرض[856].
قوله تعالى:
(قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ - إلى قوله تعالى - وَما
عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ 54)
1 - علي بن إبراهيم ، في قوله
تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ)
قال: ما حمل النبي (صلى الله عليه وآله) من النبوة ، وعليكم ما حملتم من الطاعة ،
ثم خاطب الله الأئمة (عليهم السلام) ، ووعدهم أن يستخلفهم في الأرض من بعد ظلمهم
وغصبهم[857].
2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن
إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجار ، عن الإمام
أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ، في قول الله عز وجل: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ). قال: «من السمع ، والطاعة ، والأمانة ، والصبر (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ)
من العهود التي أخذها الله عليكم في علي (عليه السلام) ، وما بين لكم في القرآن من
فرض طاعته. وقوله تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوهُ
تَهْتَدُوا) أي: وإن تطيعوا عليا (عليه
السلام) تهتدوا (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا
الْبَلاغُ الْمُبِينُ) هكذا نزلت»[858].
قوله تعالى:
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ - إلى
قوله تعالى - فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ 55)
1 - علي بن إبراهيم: وهذا مما
ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله ، وهو معطوف على قوله: (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ
اللَّهِ)[859] . [860]
2 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ،
عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، قال: سألت أبا
عبدالله (عليه السلام) عن قول الله جل جلاله: (وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)»[861].
3 - وعنه: عن الحسين بن محمد
الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي مسعود ، عن الجعفري ، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام)
يقول: «الأئمة خلفاء الله عز وجل في أرضه»[862].
4 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن
سعيد بن عقدة ، قال: حدثني أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي أبوالحسن ، من كتابه ،
قال: حدثنا إسماعيل بن مهران ، قال: حدثنا الحسن بن علي ابن أبي حمزة ، عن أبيه
ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)
، في قوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) ،
قال: «نزلت في القائم وأصحابه»[863].
5 - وعنه: عن محمد بن همام ،
قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي ، قال: حدثني محمد بن أحمد ، عن
محمد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي
عبدالله (عليه السلام) ، قال: «إذا كانت ليلة الجمعة ، أهبط الرب تبارك وتعالى
ملكا إلى السماء الدنيا ، فإذا طلع الفجر ، جلس ذلك الملك على العرش ، فوق البيت
المعمور ، ونصب
لمحمد وعلي والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين) منابر من نور ، فيصعدون
عليها ، ويجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون ، وتفتح أبواب السماء ، فإذا زالت
الشمس ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رب ، ميعادك الذي وعدت به في
كتابك ، وهو هذه الآية: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) ثم يقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ، ثم يخر محمد وعلي والحسن والحسين
(عليهم السلام) سجدا ، ثم يقولون: يا رب اغضب ، فإنه انتهك[864] حريمك ، وقتل أصفياؤك ،
وأذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء ، وذلك يوم معلوم»[865].
6 - محمد بن العباس: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ،
عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، قال: سألت أبا
عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب ، والأئمة من ولده
(عليهم السلام)». (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً) ، قال: «عنى به ظهور القائم (عليه
السلام)»[866].
7 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبوالمفضل محمد بن عبدالله بن
عبدالمطلب الشيباني (رحمه الله) ، قال: حدثنا أبومزاحم موسى بن عبدالله بن يحيى بن
خاقان المقرئ ببغداد ، قال: حدثنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي ،
قال: حدثنا محمد بن حماد بن ماهان الدباغ أبوجعفر ، قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم ،
قال: حدثنا الحارث بن نبهان ، قال: حدثنا عتبة بن يقظان ، عن أبي سعيد ، عن مكحول
، عن واثلة بن الأسقع بن أبي قرصافة[867]
، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، قال: دخل جندل بن
جنادة اليهودي من خيبر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا محمد ،
أخبرني عما ليس لله ، وعما ليس عند الله ، وعما لا يعمله الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): «أما ما ليس لله ، فليس لله شريك ، وأما ما ليس عند الله ، فليس عند الله
ظلم للعباد ، وأما ما لا يعلمه الله ، فذلك قولكم - يا معشر اليهود -: إن عزيرا
ابن الله ، والله لا يعلم له ولدا». فقال جندل: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول
الله حقا. ثم قال: يا رسول الله ، إني رأيت البارحة
في النوم موسى بن عمران (عليه السلام) ، فقال لي: يا جندل ، أسلم على يد محمد (صلى
الله عليه وآله) ، واستمسك بالأوصياء من بعده ، فقد أسلمت ، ورزقني الله ذلك ،
فأخبرني بالأوصياء بعدك ، لأتمسك بهم.
فقال: «يا جندل ، أوصيائي من بعدي بعدد
نقباء بني إسرائيل». فقال: يا رسول الله ، إنهم كانوا اثني عشر ، هكذا وجدناهم في التوراة ،
قال: «نعم ، الأئمة بعدي اثنا عشر». فقال: يا رسول الله ، كلهم في زمن واحد ؟
قال: «لا ، ولكن خلف بعد خلف ، وإنك لن تدرك منهم إلا ثلاثة». قال:
فسمهم لي ، يا رسول الله ، قال: «نعم ، إنك تدرك سيد الأوصياء ، ووارث الأنبياء ،
وأبا الأئمة علي بن أبي طالب بعدي ، ثم ابنه الحسن ، ثم الحسين ، فاستمسك بهم من
بعدي ، ولا يغرنك جهل الجاهلين ، فإذا كان وقت ولادة ابنه علي بن الحسين سيد
العابدين ، يقضي الله عليك ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه».
فقال: يا رسول الله ، هكذا وجدت في
التوراة: إليا يقطو شبرا وشبيرا ، فلم أعرف أسماءهم ، فكم بعد الحسين من الأوصياء
، وما أساميهم ؟ فقال: «تسعة من صلب الحسين ، والمهدي منهم ، فإذا انقضت مدة
الحسين ، قام بالأمر من بعده علي ابنه ، ويلقب بزين العابدين ، فإذا انقضت مدة علي
، قام بالأمر من بعده محمد ابنه ، ويدعى بالباقر ، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر
بعده ابنه جعفر ، يدعى بالصادق ، فإذا انقضت مدة جعفر ، قام بالأمر من بعده ابنه
موسى ، ويدعى بالكاظم ، ثم إذا انقضت مدة موسى ، قام بالأمر من بعده علي ابنه ،
يدعى بالرضا ، فإذا انقضت مدة علي ، قام بالأمر بعده محمد ابنه ، يدعى بالزكي ،
فإذا انقضت مدة محمد ، قام بالأمر بعده علي ابنه ، يدعى بالنقي ، فإذا انقضت مدة
علي ، قام بالأمر من بعده ابنه الحسن ، يدعى بالأمين ، ثم يغيب عنهم إمامهم». قال:
يا رسول الله ، هو الحسن يغيب عنهم ؟ قال: «لا ، ولكن ابنه الحجة». قال:
يا رسول الله ، فما اسمه ؟ قال:
«لا يسمى حتى يظهر». فقال: جندل: يا رسول الله ، قد وجدنا
ذكرهم في التوراة ، وقد بشرنا موسى بن عمران بك ، وبالأوصياء من ذريتك. ثم
تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) فقال جندل: يا رسول الله ، فما خوفهم ؟ قال: «يا جندل ، في زمن كل واحد
منهم سلطان يعتريه ويؤذيه ، فإذا عجل الله خروج قائمنا ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ،
كما ملئت جورا وظلما - ثم قال (عليه السلام) - طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى
للمقيمين على محجتهم ، أولئك وصفهم الله في كتابه ، فقال: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)[868] ، وقال: (أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ
اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[869].
قال ابن الأسقع: ثم عاش جندل إلى أيام
الحسين بن علي (عليه السلام) ، ثم خرج إلى الطائف ، فحدثني نعيم بن أبي قيس[870] ، قال: دخلت عليه بالطائف
وهو عليل ، ثم إنه دعى بشربة من لبن فشربه ، وقال: هكذا عهد الي رسول الله (صلى
الله عليه وآله) ، أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن ، ثم مات (رحمه الله) ،
ودفن بالطائف ، بالموضع المعروف بالكوراء[871].
8 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن
علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني ، قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن عيسى
الوشاء البغدادي ، قال: حدثنا أحمد بن طاهر ، قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل
الشيباني ، قال:أخبرنا علي بن الحارث ، عن سعيد بن منصور الجواشي[872] ، قال: أخبرنا أحمد بن
علي البديلي ، قال: أخبرني أبي ، عن سدير
الصيرفي ، قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر ، وأبوبصير ، وأبان بن تغلب ، على مولانا
أبي عبدالله جعفر ابن محمد (عليه السلام) ، فرأيناه جالسا على التراب ، وعليه مسح
خيبري مطوق ، بلا جيب ، مقصر الكمين[873] ، وهو يبكي بكاء الواله
الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغير في عارضيه ،
وأبلت الدموع محجريه[874] ، وهو يقول: «سيدي ،
غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي ، وابتزت[875] مني راحة فؤادي ، سيدي ،
غيبتك وصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما
أحس بدمعة ترقأ[876] من عيني ، وأنين يفتر من
صدري ، من دوارج الرزايا ، وسوالف البلايا ، إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها
وأفظعها ، وبواقي أشدها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك».
قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدعت
قلوبنا جزعا ، من ذلك الخطب الهائل ، والحادث الغائل ، وظننا أنه سمت[877] لمكروهة قارعة ، أو حلت
به من الدهر بائقة[878] ، فقلنا: لا أبكى الله -
يا بن خير الورى - عينيك ، من أية حادثة تستنزف[879] دمعتك ، وتستمطر عبرتك ،
أية حالة حتمت عليك هذا المأتم ! قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها
جوفه ، واشتد منها خوفه ، وقال: «ويلكم ، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ،
وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا ، وعلم ما كان وما يكون
إلى يوم القيامة ، الذي خص الله به محمدا والأئمة من بعده (عليهم السلام) ، وتأملت
فيه مولد غائبنا وغيبته ، وإبطاءه ، وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ،
وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة
الإسلام من أعناقهم ، التي قال الله جل ذكره: (وَكُلَّ
إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)[880] يعني الولاية ، فأخذتني الرقة ، واستولت علي الأحزان».
فقلنا: يا بن رسول الله ، كرمنا ، وفضلنا
بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك. قال: «إن الله تبارك وتعالى أدار للقائم
منا ثلاثة ، من الرسل: قدر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام) ، وقدر غيبته
تقدير غيبة عيسى (عليه السلام) ، وقدر إبطاء نوح (عليه السلام) ، وجعل من بعد ذلك عمر العبد
الصالح - أعني الخضر (عليه السلام) - دليلا على عمره». فقلنا:
اكشف لنا - يا بن رسول الله - عن وجوه هذه المعاني.
قال (عليه السلام): «أما مولد موسى (عليه
السلام) ، فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده ، أمر بإحضار الكهنة ،
فدلوه على نسبه ، وأنه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون
الحوامل من نساء بني إسرائيل ، حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود ، وتعذر
عليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالى إياه ، وكذلك بنو
امية ، وبنو العباس ، لما وقفوا على أن زوال ملكهم ملك الأمراء والجبابرة منهم على
يد القائم منا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه
وآله) ، وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ، ويأبى الله عز وجل أن
يكشف أمره لواحد من الظلمة ، إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
وأما غيبة عيسى (عليه السلام) ، فإن
اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل ، فكذبهم الله عز ذكره بقوله: (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ
شُبِّهَ لَهُمْ)[881] ، كذلك غيبة القائم (عليه السلام) ، فإن
الامة ستنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى[882]: إنه لم يولد وقائل يقول:
إنه ولد ومات وقائل يكفر ، بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يمرق ، بقوله[883]: إنه يتعدى إلى ثلاثة عشر
، وصاعدا ، وقائل يعصي الله عز وجل ، بقوله: إن روح القائم تنطق في هيكل غيره.
وأما إبطاء نوح (عليه السلام) ، فإنه لما
استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث الله تبارك وتعالى الروح الأمين (عليه
السلام) بسبع نويات ، فقال: يا نبي الله ، إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء
خلائقي ، وعبادي ، ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة ، وإلزام
الحجة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ، فإني مثيبك عليه ، واغرس هذه النوى ، فإن
لك في نباتها ، وبلوغها ، وإدراكها إذا أثمرت ، الفرج والخلاص ، فبشر بذلك من
اتبعك من المؤمنين ، فلما نبتت الأشجار ، وتأزرت[884] ، وتسوقت ، وتغصنت ، وأثمرت ، وزها التمر
عليها بعد زمان طويل ، استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة ، فأمره الله تبارك
وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ، ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكد الحجة على
قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به ، فارتد منهم ثلاث مائة رجل ، وقالوا: لو
كان ما يدعيه نوح حقا ، لما وقع في وعد ربه خلف.
ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند
كل مرة بأن يغرسها مرة بعد اخرى ، إلى أن غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف
من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة ، إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى
الله
تبارك وتعالى عند
ذلك إليه ، وقال: يا نوح ، الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك ، حين صرح الحق عن محضه
، وصفا الأمر والإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة ، فلو أني أهلكت
الكفار ، وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك ، لما كنت صدقت وعدي
السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوتك ، بأن
استخلفهم في الأرض ، وأمكن لهم دينهم ، وابدل خوفهم بالأمن ، لكي تخلص العبادة لي
بذهاب الشك من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف ، والتمكين ، وبذل الأمن ، مني لهم ،
مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا ، وخبث طينتهم ، وسوء سرائرهم التي كانت
نتائج النفاق ، وسنوح[885] الضلالة ؟ فلو أنهم
تنسموا[886]
من الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف ، إذا أهلكت أعداءهم ، لنشقوا روائح
صفاته ، ولاستحكمت سرائر نفاقهم ، وتأبدت حبال ضلالة قلوبهم ، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة
، وحاربوهم على طلب الرئاسة ، والتفرد بالأمر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدين
، وانتشار الأمر في المؤمنين ، مع إثارة الفتن ، وإيقاع الحروب ؟ كلا (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا)[887]».
قال: الصادق (عليه السلام): «وكذلك القائم
(عليه السلام) ، فإنه تمتد أيام غيبته ، ليصرح الحق عن محضه ، ويصفوا الإيمان من
الكدر ، بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا
أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام)».
قال المفضل: فقلت: يا ابن رسول الله ، فإن
هذه النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر ، وعمر وعثمان ، وعلي (عليه
السلام) ؟ فقال: «لا يهدي الله قلوب الناصبة ، متى
كان الدين الذين ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمن في الأمة ، وذهاب الخوف
من قلوبها ، وارتفاع الشك من صدورها ، في عهد واحد من هؤلاء ، وفي عهد علي (عليه
السلام) ، مع ارتداد المسلمين ، والفتن التي تثور في أيامهم ، والحروب التي كانت
تنشب بين الكفار وبينهم - ثم تلا الصادق (عليه السلام) - (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا
أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)[888].
وأما العبد الصالح - أعني الخضر (عليه
السلام) - فإن الله تبارك وتعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له ، ولا لكتاب ينزل
عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ولا لإمامة يلزم عباده
الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى ، إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق
علمه أن يقدر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدر ، علم ما يكون من
إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول ، طول عمر العبد الصالح ، من غير سبب يوجب
ذلك ، إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم (عليه السلام) ، وليقطع بذلك حجة
المعاندين ، لئلا يكون للناس على الله حجة»[889].
9 - السيد المعاصر ، في كتاب صنعه في الرجعة: عن محمد بن
الحسن[890]
بن عبدالله الأطروش الكوفي ، قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمد البجلي ، قال:
حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، قال: حدثني عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم
بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر
(عليه السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى أحد
، واحد ، تفرد في وحدانيته ، ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ، ثم خلق من ذلك النور
محمدا ، وخلقني وذريتي منه ، ثم تكلم بكلمة فصارت روحا ، فأسكنه الله في ذلك النور
، وأسكنه[891]
في أبداننا ، فنحن روحه وكلماته ، فبنا احتج على خلقه ، فما زلنا في ظلة خضراء ،
حيث لا شمس ، ولا قمر ، ولا ليل ، ولا نهار ، ولا عين تطرف ، نعبده ونقدسه ونسبحه
، وذلك قبل أن يخلق شيئا ، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قول
الله عز وجل: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ
النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ
مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ)[892] يعني: لتؤمنن بمحمد (صلى الله عليه وآله) ، ولتنصرن وصيه ،
وسينصروني جميعا.
وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد (صلى
الله عليه وآله) بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمدا (صلى الله عليه وآله) ،
وجاهدت بين يديه ، وقتلت عدوه ، ووفيت لله بما أخذ علي من الميثاق ، والعهد ،
والنصرة لمحمد (صلى الله عليه وآله) ، ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله ، وذلك
لما قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني ، ويكون لي ما بين مشرقها ومغربها ، وليبعثهم
الله أحياء ، من لدن آدم إلى محمد (صلى الله عليه وآله) ، كل نبي مرسل ، يضربون
بين يدي بالسيف هام الأموات والأحياء ، من الثقلين جميعا.
فيا عجباه وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم
الله أحياء ، يلبون زمرة زمرة بالتلبية: لبيك لبيك ، يا داعي الله قد تخللوا سكك
الكوفة ، وقد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة ، وجبابرتهم ،
وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين ، حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى
لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا من عبادي ، ليس عندهم تقية.
وإن لي الكرة بعد الكرة ، والرجعة بعد
الرجعة ، وأنا صاحب الرجعات والكرات ، وصاحب الصولات والنقمات ، والدولات العجيبات
، وأنا قرن من حديد ، وأنا عبدالله وأخو رسوله ، وأنا أمين الله وخازنه ، وعيبة[893] سره ، وحجابه عز وجهه ،
وصراطه ، وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله ، وأنا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق
، ويفرق بها المجتمع ، وأنا أسماء الله الحسنى ، وأمثاله العليا ، وآياته الكبرى ،
وأنا صاحب الجنة والنار ، أسكن أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، وإلي تزويج
أهل الجنة ، وإلي عذاب أهل النار ، وإلي إياب الخلق جميعا وأنا المآب الذي يؤوب
إليه كل شيء بعد الفناء ، وإلي حساب الخلق جميعا. وأنا صاحب المهمات ، وأنا
المؤذن على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، وأنا دابة الأرض ، وأنا قسيم النار ، وأنا
خازن الجنان ، وأنا صاحب الأعراف ، وأنا أمير المؤمنين ، ويعسوب المتقين ، وآية
السابقين ، ولسان الناطقين ، وخاتم الوصيين ، ووارث النبيين ، وخليفة رب العالمين
، وصراط ربي المستقيم ، وقسطاسه[894] ، والحجة على أهل
السماوات والأرضين ، وما فيهما ، وما بينهما.
وأنا الذي احتج الله بي عليكم في ابتداء
خلقكم ، وأنا الشاهد يوم الدين ، وأنا الذي علمت المنايا والبلايا ، والقضايا ،
وفصل الخطاب ، والأنساب[895] ، واستحفظت آيات النبيين
المستحقين والمستحفظين ، وأنا صاحب العصا والميسم[896] ، وأنا الذي سخر لي
السحاب ، والرعد ، والبرق ، والظلم ، والأنوار ، والرياح ، والجبال ، والبحار ،
والنجوم ، والشمس ، والقمر ، وأنا الذي أهلكت عادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين
ذلك كثيرا ، وأنا الذي ذللت الجبابرة ، وأنا صاحب مدين ، ومهلك فرعون ، ومنجي موسى
، وأنا القرن الحديد ، وأنا فاروق الأمة ، وأنا الهادي عن الضلالة ، وأنا الذي
أحصيت كل شيء عددا بعلم الله الذي أودعنيه ، وسره الذي أسره إلى محمد (صلى الله
عليه وآله) ، وأسره النبي إلي ، وأنا الذي أنحلني ربي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه
وفهمه. يا معشر الناس ، سلوني قبل أن تفقدوني ، اللهم إني أشهدك وأستعديك[897] عليهم ، ولا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم ، والحمد لله مبتلين[898] ». [899]
10 - الطبرسي: اختلف في الآية ، وذكر الأقوال ، إلى أن قال: والمروي عن أهل البيت (عليهم السلام): أنها في المهدي من آل
محمد (صلى الله عليه وآله)[900].
11 - ثم قال: وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام) ، أنه قرأ الآية وقال: «هم والله شيعتنا
أهل البيت ، يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منا ، وهو مهدي هذه الامة ، وهو الذي
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول
الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي ، اسمه اسمي ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما
ملئت ظلما وجورا»[901].
ثم قال الطبرسي: وروي مثل ذلك عن أبي جعفر ، وأبي
عبدالله (عليهما السلام)[902].
12 - الطبرسي: في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ،
يذكر فيه من تقدم عليه ، فقال (عليه السلام): «مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الامة ، كل ذلك لتتم
النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحق
القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحق الذي بينه الله في كتابه بقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ) ، وذلك إذا لم يبق من
الإسلام إلا اسمه ، ومن القرآن إلا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك
، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتى يكون أقرب
الناس إليه أشدهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم يروها ، ويظهر دين نبيه
(صلى الله عليه وآله) على يديه على الدين كله ، ولو كره المشركون»[903].
13 - ابن شهر آشوب: عن تفسيري أبي عبيدة ، وعلي بن حرب
الطائي ، قال عبدالله بن مسعود: الخلفاء أربعة: آدم:
(إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)[904] وداود: (يا داوُدُ إِنَّا
جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ)[905] يعني بيت المقدس ، وهارون ، وقال موسى: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)[906] ، وعلي (عليه السلام): (وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) يعني عليا (عليه السلام) (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ).
وقوله: (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ) آدم وداود وهارون ، (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) يعني الإسلام ، (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) يعني أهل مكة
،(يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً
وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ) بولاية علي بن
أبي طالب ، (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) يعني العاصين لله ولرسوله.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من لم
يقل إني رابع الخلفاء ، فعليه لعنة الله» ثم ذكر نحو هذا المعنى[907].
قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا
الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ
تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ - إلى قوله تعالى - وَلا
عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ 58)
1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي
عبدالله ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد
، جميعا عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن
جراح المدائني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: «يستأذن الذين ملكت أيمانكم
، والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات ، كما أمركم الله عز وجل ، ومن بلغ الحلم
فلا يلج على امه ، ولا على أخته ، ولا على خالته ، ولا على سوى ذلك إلا بإذن ، فلا
تأذنوا حتى يسلم ، والسلام[908] طاعة لله عز وجل».
قال: وقال أبوعبدالله (عليه السلام):
«ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات ، إذا دخل في شيء منهن ، ولو
كان بيته في بيتك - قال - وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة ، وحين تصبح
، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، وإنما أمر الله عز وجل بذلك للخلوة ، فإنها ساعة
غرة وخلوة»[909].
2 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في قول الله عز
وجل (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، قال: «هي خاصة في الرجال دون النساء».قلت: فالنساء
يستأذن في هذه الثلاث ساعات ؟ قال: «لا ، ولكن يدخلن ويخرجن». (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) قال: «من أنفسكم - قال - عليكم استئذان كاستئذان من قد
بلغ ، في هذه الثلاث ساعات»[910].
3 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن
أحمد بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، جميعا ، عن محمد بن
عيسى ، عن يوسف بن عقيل ، عن محمد بن قيس ، عن
أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «(لِيَسْتَأْذِنْكُمُ
الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ
ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ
الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ
عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) ومن بلغ الحلم منكم ، فلا يلج على امه ، ولا على ابنته ،
ولا على أخته ، ولا على من سوى ذلك إلا بإذن ، ولا يأذن لأحد حتى يسلم ، فإن
السلام طاعة الرحمن»[911].
4 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن ربعي ابن عبدالله ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في
قول الله عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا
الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) قيل: من
هم ؟ قال: «هم المملوكون من الرجال ، والنساء ، والصبيان الذين لم يبلغوا ،
يستأذنوا عليكم عند هذه الثلاث عورات: من بعد صلاة العشاء ، وهي العتمة ، وحين
تضعون ثيابكم من الظهيرة ، ومن قبل صلاة الفجر ، ويدخل مملوككم وغلمانكم من بعد
هذه الثلاث عورات بغير[912] إذن ، إن شاءوا»[913].
5 - الطبرسي ، في قوله: (مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ):
معناه مروا عبيدكم وإماءكم أن يستأذنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم
، عن ابن عباس. وقيل: أراد العبيد خاصة ، عن ابن عمر. قال: وهو
المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبدالله (عليهما السلام)[914].
قوله تعالى:
(وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا
يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ
مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ 60)
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن
أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي
عبدالله (عليه السلام) ، أنه قرأ: (أَنْ يَضَعْنَ[915] ثِيابَهُنَّ) ، قال:
«الخمار والجلباب»[916]. قلت:
بين يدي من كان ؟ فقال: «بين يدي من كان ، غير متبرجة بزينة ، فإن لم تفعل فهو خير
لها ، والزينة التي يبدين لهن شيء في الآية الاخرى»[917].
2 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ،
عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي
حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: «القواعد من النساء ليس عليهن جناح أن
يضعن ثيابهن ، - قال -: تضع الجلباب وحده»[918].
3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول
الله عز وجل: (وَالْقَواعِدُ
مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً)
، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن ؟ قال: «الجلباب»[919].
4 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ،
عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن
عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ،
أنه قرأ: (أَنْ يَضَعْنَ[920] ثِيابَهُنَّ) ، قال:
«الجلباب والخمار ، إذا كانت المرأة مسنة»[921].
5 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن عمرو بن جبير العرزمي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ،
قال: «جاءت امرأة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فسألته عن حق الزوج على المرأة ،
فخبرها ، ثم قالت: فما حقها عليه ؟ قال: لا ، قالت: لا والله ، لا تزوجت أبدا. ثم
ولت ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ارجعي. فرجعت ، فقال: إن الله عز وجل
يقول: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ)»[922].
6 - الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن
محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، قال: سألت
أبا عبدالله (عليه السلام) عن القواعد من النساء ، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من
ثيابهن ؟ فقال: «الجلباب ، إلا أن تكون أمة ، فليس عليها جناح أن تضع خمارها»[923].
7 - وعنه: بإسناده عن الصفار ،
عن يعقوب بن يزيد ، عن علي بن أحمد ، عن يونس
، قال: ذكر الحسين أنه كتب إليه يسأله عن حد القواعد من النساء اللاتي إذا بلغت
جاز لها أن تكشف رأسها وذراعها ؟ فكتب (عليه السلام): «من قعدن عن النكاح»[924].
8 - علي بن إبراهيم ، قال: نزلت
في العجائز اللاتي قد يئسن من المحيض والتزويج ، أن يضعن الثياب ، ثم قال: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) ، قال: أي لا يظهرن للرجال[925].
قوله تعالى:
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى
الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ
تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ - إلى قوله تعالى - لَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً 61)
1 - علي بن إبراهيم ، قال: في
رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ
وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ). قال: «وذلك أن
أهل المدينة ، قبل أن يسلموا ، كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض ، وكانوا لا
يأكلون معهم ، وكان الأنصار فيهم تيه[926] وتكرم[927] ، فقالوا: إن الأعمى لا يبصر الطعام ، والأعرج لا يستطيع
الزحام على الطعام ، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح ، فعزلوا لهم طعامهم على
ناحية ، وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحا ، وكان الأعمى والمريض يقولون: لعلنا
نؤذيهم إذا أكلنا معهم. فاعتزلوا مؤاكلتهم. فلما قدم النبي (صلى الله عليه وآله) سألوه عن ذلك ، فأنزل الله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ
أَشْتاتاً)»[928].
2 - محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن
عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن
محمد الحلبي ، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن هذه الآية: (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ آبائِكُمْ) إلى آخر الآية ، قلت: ما
يعني بقوله: (أَوْ صَدِيقِكُمْ) ؟ قال: «هو والله الرجل يدخل بيت صديقه ، فيأكل بغير
إذنه»[929].
3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في قول الله عز
وجل: (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ
صَدِيقِكُمْ) ، قال: «هؤلاء الذين سمى الله عز
وجل في هذه الآية ، تأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم ، وكذلك تطعم المرأة من
منزل زوجها بغير إذنه ، وأما ما خلا ذلك من الطعام ، فلا»[930].
4 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن
أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، قال: سألت أحدهما (عليهما السلام) عن هذه
الآية: (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا
مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ)
الآية ، قال: «ليس عليك جناح فيما أطعمت[931] أو أكلت مما ملكت مفاتحه
، ما لم تفسده»[932].
5 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ،
عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن
أبي عبدالله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) ، قال:
«الرجل يكون له وكيل يقوم في ماله ، فيأكل بغير إذنه»[933].
6 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ،
عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: «للمرأة أن تأكل ، وأن
تتصدق من بيت زوجها[934] ، وللصديق أن يأكل من بيت
أخيه ، وأن يتصدق»[935].
7 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، عن حماد بن
عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي اسامة ، عن أبي
عبدالله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (لَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُناحٌ) الآية ، قال: «بإذن ،
وبغير إذن»[936].
8 - علي بن إبراهيم: إنها نزلت
لما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ، وآخى بين المسلمين ، من
المهاجرين والأنصار ، وآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان وعبدالرحمن بن عوف ،
وبين طلحة والزبير ، وبين سلمان وأبي ذر ، وبين المقداد وعمار ، وترك أمير
المؤمنين (عليه السلام) ، فاغتم من ذلك غما شديدا ، فقال: «يا رسول الله ، بأبي
أنت وامي ، لم لا تؤاخي بيني وبين أحد ؟» فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
«والله - يا علي - ما حبستك إلا لنفسي ، أما ترضى أن تكون أخي ، وأنا أخوك في
الدنيا والآخرة ؟ وأنت وصيي ، ووزيري ، وخليفتي في امتي ، تقضي ديني ، وتنجز عداتي
، وتتولى غسلي ، ولا يليه غيرك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي
بعدي» فاستبشر أمير المؤمنين بذلك ، فكان بعد ذلك إذا بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحدا من أصحابه في غزاة ، أو سرية ،
يدفع الرجل مفتاح بيته إلى أخيه في الدين ، ويقول له: خذ ما شئت ، وكل ما شئت
فكانوا يمتنعون من ذلك ، حتى ربما فسد الطعام في البيت ، فأنزل الله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ
أَشْتاتاً) ، يعني إن حضر صاحبه ، أو لم يحضر
، إذا ملكتم مفاتحه[937].
9 - (كشف الغمة): قال عبدالله
بن الوليد: قال لنا الباقر (عليه السلام) يوما: «أيدخل أحدكم يده كم صاحبه ، فيأخذ
ما يريد ؟». قلنا: لا. قال: «فلستم إخوانا كما تزعمون»[938].
قوله تعالى:
(فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا
عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 61)
1 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبدالله ، عن
محمد بن الحسين ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح
، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) الآية ، قال: «هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ،
ثم يردون عليه ، فهو سلامكم على أنفسكم»[939].
2 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «إذا دخل الرجل منكم بيته
، فإن كان فيه أحد ، يسلم عليهم ، وإن لم يكن فيه أحد ، فليقل: السلام علينا من
عند ربنا ، يقول الله: (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً)»[940].
وقيل: إذا لم ير الداخل
بيتا أحدا فيه ، يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، يقصد به الملكين اللذين
عليه.
3 - الطبرسي: قال أبوعبدالله
(عليه السلام): «هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ، ثم يردون عليه ، فهو
سلامكم على أنفسكم»[941].
قوله تعالى:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ - إلى
قوله تعالى - فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ
شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ 62)
1 - قال علي بن إبراهيم في
قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله
تعالى (حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) فانها نزلت في قوم كانوا إذا جمعهم رسول الله (صلى الله
عليه وآله) لأمر من الأمور ، في بعث يبعثه ، أو حرب قد حضرت ، يتفرقون بغير إذنه ،
فنهاهم الله عز وجل عن ذلك[942].
2 - وعنه ، في قوله تعالى: (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ
شِئْتَ مِنْهُمْ) ، قال: نزلت في حنظلة بن أبي
عياش[943] وذلك أنه تزوج في الليلة
التي في صبيحتها حرب احد ، فاستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقيم عند
أهله ، فأنزل الله هذه الآية (فَأْذَنْ لِمَنْ
شِئْتَ مِنْهُمْ) ، فأقام عند أهله ، ثم أصبح
وهو جنب ، فحضر القتال ، واستشهد ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «رأيت
الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة ، بين السماء والأرض» فكان يسمى غسيل
الملائكة[944].
قال مؤلف هذا الكتاب: إن الآية نزلت في حنظلة بن أبي عامر
، تقدم ذلك في آل عمران ، في خبر واحد ، من رواية علي بن إبراهيم أيضا[945].
قوله تعالى:
(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً - إلى قوله تعالى
- أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ
يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ 63)
1 - السيد الرضي في كتاب (المناقب الفاخرة في العترة
الطاهرة) ، قال: أخبرنا أبومنصور زيد بن طاهر ، وبشار البصري ، قالا: قدم علينا
بواسط أبوالحسين محمد بن يعقوب الحافظ ، قال: حدثنا أبوبكر محمد بن عدي ، عن محمد
بن علي الأيلي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن
عبدالله بن محمد بن أبي مريم ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه ، عن الحسين بن علي
، عن امه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهما السلام) ، قالت: «علي سيدي
(صلوات الله وسلامه عليه) قرأ هذه الآية: (لا
تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) - قالت فاطمة - فجئت النبي (صلى الله عليه وآله) أن أقول
له: يا أباه ، فجعلت أقول: يا رسول الله. فأقبل علي ، وقال: يا بنية ، لم تنزل فيك
ولا في أهلك من قبل ، قال: أنت مني ، وأنا منك
، وإنما نزلت في أهل الجفاء ، وإن قولك: يا أباه ، أحب إلى قلبي ، وأرضى للرب ، ثم
قال: أنت نعم الولد ، وقبل وجهي ، ومسحني من ريقه ، فما احتجت إلى طيب بعده»[946].
2 - علي بن إبراهيم ، في معنى
الآية ، قال: لا تدعوا رسول الله كما يدعو بعضكم بعضا. ثم قال:(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) - يعني بلية - (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال: القتل[947].
3 - وعنه ، قال: وفي رواية أبي الجارود: عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في
قوله: (لاتَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) قال: «يقول: لا
تقولوا يا محمد ، ولا يا أبا القاسم ، ولكن قولوا: يا نبي الله ، ويا رسول الله ،
قال الله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ) أي يعصون أمره (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)»[948].
4 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
علي بن الحكم ، عن حسان ، عن أبي علي ، قال: سمعت أبا
عبدالله (عليه السلام) يقول: «لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا ، ولا علانيتنا بخلاف
سرنا ، حسبكم أن تقولوا ما نقول ، وتصمتوا عما نصمت ، إنكم قد رأيتم أن الله عز
وجل لم يجعل لأحد من الناس في خلافنا خيرا ، إن الله عز وجل يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)»[949].
5 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن سهل ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن يونس ، عن
عبدالأعلى ، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، قال: «فتنة في دينه ، أو جراحة لا يأجره الله عليها»[950].
المستدرك (سورة النور)
قوله تعالى:
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ - إلى قوله تعالى - وَهُوَ
عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ 15)
1- ابن بابويه في كتاب (من لا يحضره الفقيه) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد بن
الحنفية (رضي الله عنه): «يا بني لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كل ما تعلم ، فإن
الله تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ،
ويسألك عنها ، وذكرها ووعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى ، فقال الله عز وجل: (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ
وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا)[951] وقال عز وجل: (إِذْ
تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ
بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) ثم استعبدها بطاعته فقال عز وجل: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا
وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[952] فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح ، وقال عز وجل: (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ
أَحَداً)[953] يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والإبهامين ، وقال
عز وجل: (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ
يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ)[954] يعني بالجلود الفروج»[955].
قوله تعالى:
(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ 53)
1- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن ، قال:
حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن يحيى
، عن مندل ، عن بكار بن أبي بكر ، عن عبدالله بن
عجلان ، قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السلام) عند أبي عبدالله (عليه السلام) ،
فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك ؟ فقال: «يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب:
طاعة معروفة»[956].
قوله تعالى:
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ 56)
2 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن
أبيه ، عن علي بن حديد ، عن عثمان بن رشيد ، عن معروف
بن خربوذ ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن الله عز وجل قرن الزكاة بالصلاة
، فقال: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، فمن أقام الصلاة ، ولم يؤت الزكاة ، لم يقم الصلاة»[957].
سورة الفرقان
فضلها
1 - ابن بابويه: بإسناده عن
إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال: «يا ابن عمار ، لا تدع قراءة
سورة تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ، فإن من قرأها في كل ليلة ، لم يعذبه الله
أبدا ، ولم يحاسبه ، وكان منزله في الفردوس الأعلى»[958].
2 - ومن (خواص القرآن): روي عن
النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله يوم القيامة
وهو موقن أن الساعة آتية لا ريب فيها ، ودخل الجنة بغير حساب ، ومن كتبها وعلقها
عليه ثلاثة أيام لم يركب جملا ولا دابة إلا ماتت بعد ركوبه بثلاثة أيام ، فإن وطئ
زوجته وهي حامل طرحت ولدها في ساعته ، وإن دخل على قوم بينهم بيع وشراء لم يتم لهم
ذلك ، وفسد ما كان بينهم ، ولم يتراضوا على ما كان بينهم من بيع وشراء»[959].
قوله تعالى:
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى
عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً 1)
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عمن ذكره ، قال: سألت أبا عبدالله (عليه
السلام) عن القرآن والفرقان ، أهما شيئان ، أو شيء واحد ؟ فقال (عليه السلام):
«القرآن: جملة الكتاب ، والفرقان: المحكم الواجب العمل به»[960].
2 - ابن بابويه: بإسناده عن
يزيد بن سلام ، أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: لم سمي الفرقان
فرقانا ؟ قال: «لأنه متفرق الآيات ، والسور ، انزل في غير الألواح ، وغيره من
الصحف ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، أنزلت كلها جملة في الألواح[961] والورق»[962].
3 - المفيد في (الاختصاص) في
حديث مسائل عبدالله بن سلام لرسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: فأخبرني ، هل
أنزل الله عليك كتابا ؟ قال: «نعم» قال: وأي كتاب هو ؟ قال: «الفرقان». قال: ولم
سماه ربك فرقانا ؟ قال: «لأنه متفرق الآيات والسور ، انزل في غير الألواح ، وغيره
من الصحف ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، أنزلت كلها جملة في الألواح والأوراق»
، قال: صدقت ، يا محمد[963].
قوله تعالى:
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ - إلى قوله تعالى - إِنَّهُ
كانَ غَفُوراً رَحِيماً 2 - 6)
1 - علي بن
إبراهيم: ثم مدح الله عز وجل نفسه ، فقال: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلى قوله تعالى: (تَقْدِيراً). ثم احتج عز وجل على قريش في عبادة الأصنام ، فقال: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً
وَهُمْ يُخْلَقُونَ) إلى قوله تعالى: (وَلا نُشُوراً) ثم حكى عز
وجل أيضا ، فقال: (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ
هَذا يعني القرآن إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) قالوا: إن هذا الذي يقرؤه محمد ، ويخبرنا به ، إنما
يتعلمه من اليهود ، ويكتبه من علماء النصارى ، ويكتب عن رجل يقال له: ابن قبيصة[964] ، ينقله عنه بالغداة
والعشي. فحكى الله سبحانه قولهم ، ورد عليهم ، فقال: (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ) إلى قوله:
(بُكْرَةً وَأَصِيلًا) ، فرد الله عليهم ، فقال: (قُلْ) يا محمد (أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)[965].
2 - ثم قال علي بن إبراهيم ، وفي
رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ)
قال: «الإفك: الكذب (وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ
آخَرُونَ) يعنون أبا فكيهة ، وحبرا[966] ، وعداسا ، وعابسا[967] مولى حويطب ، وقوله: (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها) فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة ، قال: أساطير
الأولين اكتتبها محمد ، فهي تملى عليه بكرة وأصيلا»[968].
حديث إسلام عداس
3 - عمر بن إبراهيم الأوسي:
قيل: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما مات أبوطالب ، لج المشركون في أذيته ،
فصار يعرض نفسه على القبائل بالإسلام ، والإيمان ، فلم يأت أحدا من القبائل إلا
صده ورده ، فقال بعضهم: قوم الرجل أعلم به ،
أترون أن رجلا يصلحنا ، وهو قد أفسد قومه ؟ فعمد إلى ثقيف بالطائف ، فوجد ساداتهم
جلوسا ، وهم ثلاثة اخوة ، فعرض عليهم الإسلام ،
وحذرهم من النار ، وغضب الجبار ، فقال بعضهم: أنا أسرق ثياب الكعبة ، إن كان بعثك
الله نبيا. قال آخر: يا محمد ، أعجز الله أن يرسل غيرك ! وقال الآخر: لا تكلموه ،
إن كان رسولا من الله كما يزعم ، فهو أعظم قدرا من أن يكلمنا ، وإن كان كاذبا على
الله ، فهو أسرف بكلامه. وجعلوا يستهزئون به ، فجعل يمشي ، كلما وضع قدما ، وضعوا
له صخرة ، فما فرغ من أرضهم إلا وقدماه تشخب دما ، فعمد لحائط من كرومهم ، وجلس
مكروبا ، فقال: «اللهم ، إني أشكوا إليك غربتي ، وكربتي ، وهواني على الناس ، يا
أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، أنت رب المكروبين ، اللهم إن لم يكن بك علي
غضب فلا ابالي ، ولكن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ،
وبك منك ، لا احصي الثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ، لك الحمد حتى ترضى ،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».
قيل: وكان في الكرم عتبة بن ربيعة ، وشيبة
، فكره أن يأتيهما ، لما يعلم من عداوتهما ، فقالا لغلام لهما ، يقال له عداس: خذ
قطفين من العنب ، وقدحا من الماء ، وأذهب بهما إلى ذلك الرجل ، وإنه سيسألك: أهدية ،
أم صدقة ؟ فإن قلت صدقة ، لم يقبلها ، بل قل: هدية. فمضى ، ووضعه بين يديه ، فقال:
«هدية ، أم صدقة ؟» فقال: هدية. فمد يده ، وقال: «بسم الله الرحمن الرحيم» وكان
عداس نصرانيا ، فلما سمعه تعجب منه ، وصار ينظره ، فقال له: «يا عداس ، من أين ؟»
قال: من أهل نينوى. قال: «من مدينة الرجل الصالح أخي يونس بن متى ؟» قال: ومن
أعلمك ؟ فأخبره بقصته ، وبما اوحي إليه. فقال: ومن قبله ؟ فقال: «نوح ولوط» وأخبره
بالقصة فخر ساجدا لله ، وجعل يقبل يديه ، وأسياده ينظرون إليه ، فقال أحدهما
للآخر: سحر غلامك. فلما أتاهما ، قالا له: ما شأنك ، سجدت وقبلت يديه ! فقال: يا
أسيادي ، ما على وجه الأرض أشرف ، ولا ألطف ، ولا أخير منه. قالوا: ولم ذلك ؟ قال:
حدثني بأنبياء ماضية ، ونبينا يونس بن متي. فقالا: يا ويلك ، فتنك عن دينك ؟ فقال:
والله إنه نبي مرسل. قالا له: ويحك ، عزمت قريش على قتله ، فقال ، هو والله يقتلهم
ويسودهم ويشرفهم ، إن تبعوه دخلوا الجنة ، وخاب من لا يتبعه. فقاما يريدان ضربه ،
فركض للنبي (صلى الله عليه وآله) وأسلم.[969]
قوله تعالى:
(وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ
الطَّعامَ - إلى قوله تعالى
- وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً 7- 10)
1 - قال علي بن
إبراهيم: ثم حكى الله قولهم أيضا ، فقال: (وَقالُوا
ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا
أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ
جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) ، فرد الله عز وجل عليهم ، فقال: (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) إلى قوله تعالى (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً)[970] ، أي اختبارا. فعير رسول الله (صلى الله
عليه وآله) بالفقر ، فقال الله تعالى: (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)[971].
وقد تقدم حديث في هذه الآية ، في قوله تعالى: (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ
الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)[972] من سورة الإسراء.
2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني محمد بن عبدالله ، عن أبيه
، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن منخل بن جميل
الرقي ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال: قال أبوجعفر
(عليه السلام): «نزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه
الآية هكذا: (وَقالَ الظَّالِمُونَ لآل محمد حقهم إِنْ
تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ
فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا)
- قال: - إلى ولاية علي (عليه السلام) ، وعلي (عليه
السلام) هو السبيل»[973].
وعنه ، قال: حدثني محمد بن همام ، عن جعفر
بن محمد بن مالك ، قال: حدثني محمد بن المثنى ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن
جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله.[974]
3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن القاسم ، عن أحمد
بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما
السلام) ، أنه قرأ: «(وَقالَ الظَّالِمُونَ) لآل محمد حقهم (إِنْ تَتَّبِعُونَ
إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً) ، يعنون محمدا
(صلى الله عليه وآله) ، فقال الله عز وجل لرسوله: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ
فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) إلى
ولاية علي (عليه السلام) ، وعلي (عليه السلام) هو السبيل»[975].
قوله تعالى:
(بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا
لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً 11)
1 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: حدثنا عبدالواحد بن
عبدالله ، قال: أخبرنا محمد بن جعفر القرشي ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبي الصامت ،
قال: قال أبوعبدالله جعفر بن محمد (عليهما السلام): «الليل اثنتا عشرة ساعة ،
والنهار اثنتا عشرة ساعة ، والشهور اثنا عشر
شهرا ، والأئمة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ، وإن عليا (عليه
السلام) ساعة من اثنتي عشرة ساعة ، وهو قول الله عز وجل: (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ
بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)»[976].
1 - وعنه ، قال: أخبرنا
عبدالواحد بن عبدالله بن يونس الموصلي ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري ،
قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري ، قال: حدثني الحسن بن أيوب ، عن عبدالكريم بن
عمرو الخثعمي ، عن المفضل بن عمر ، قال: قلت
لأبي عبدالله (عليه السلام): قول الله عز وجل: (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ
بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) ؟ فقال لي: «إن الله
خلق السنة اثني عشر شهرا ، وجعل الليل اثنتي عشرة ساعة ، وجعل النهار اثنتي عشرة
ساعة ، ومنا اثني عشر محدثا ، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ساعة من تلك
الساعات»[977].
2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا أحمد بن علي ، قال: حدثني
الحسين بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن عمر الكلبي ، عن
أبي الصامت ، قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): «إن الليل والنهار اثنتا عشرة
ساعة ، وإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أشرف ساعة من اثنتي عشرة ساعة ، وهو قول
الله تعالى: (بَلْ
كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً)»[978].
3 - ابن شهر آشوب: عن علي بن حاتم ، في كتاب (الأخبار)
لأبي الفرج بن شاذان ، أنه نزل قوله تعالى: (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) يعني كذبوا بولاية علي (عليه السلام) ،
قال: وهو المروي عن الرضا (عليه السلام)[979].
قوله تعالى:
(إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ - إلى قوله تعالى - ثُبُوراً
كَثِيراً 12- 14)
4 - علي بن إبراهيم
، (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ، قال: من مسيرة سنة[980].
قال الطبرسي: وروي ذلك عن
أبي عبدالله (عليه السلام)[981].
5 - علي بن إبراهيم: (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإِذا أُلْقُوا مِنْها) أي فيها (مَكاناً
ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ) قال: مقيدين بعضهم مع
بعض (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً)[982].
1 - الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن
إبراهيم الكاتب ، قال: حدثنا محمد بن أبي الثلج ، قال: أخبرني عيسى بن مهران ،
قال: حدثنا محمد بن زكريا ، قال: حدثني كثير بن طارق
، قال: سألت زيد بن علي بن الحسن (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً
كَثِيراً). قال: يا كثير ، إنك رجل صالح ،
ولست بمتهم ، وإني أخاف عليك أن تهلك ، إن كل إمام جائر ، فإن أتباعه إذا امر بهم
إلى النار نادوه باسمه ، فقالوا: يا فلان ، يا من أهلكنا ، هلم الآن فخلصنا مما
نحن فيه ، ثم يدعون بالويل والثبور ، فعندها يقال لهم: (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً
كَثِيراً). ثم
قال زيد بن علي (رحمه الله): حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي
(عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):
يا علي ، أنت وأصحابك في الجنة. يا علي ، أنت وأتباعك في الجنة».[983]
قوله تعالى:
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ - إلى قوله تعالى - صَرْفاً
وَلا نَصْراً 17 - 19)
2 - وقال علي بن
إبراهيم: ثم ذكر عز وجل احتجاجه على الملحدين ، وعبدة الأصنام والنيران يوم
القيامة ، وعبدة الشمس والقمر والكواكب ، وغيرهم ، فقال: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) فَيَقُولُ الله لمن عبدوهم: (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) فيقولون: (ما كانَ
يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) إلى قوله تعالى (قَوْماً
بُوراً) أي قوم سوء. ثم
يقول الله عز وجل للناس الذين عبدوهم: (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا
نَصْراً)[984].
3 - ابن بابويه ، بإسناده عن
امية بن يزيد القرشي ، قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): ما العدل ، يا
رسول الله ؟ قال: «الفدية». قال: قيل: ما الصرف ، يا رسول الله ؟ قال: «التوبة»[985].
قوله تعالى:
(وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً - إلى قوله تعالى - وَكانَ
رَبُّكَ بَصِيراً 20)
4- علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً): أي اختبارا[986].
1- محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن
إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجار ، قال:
حدثني مولاي أبوالحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السلام) ، قال:
«جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن
والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين) ، فأغلق عليهم الباب ، فقال: يا أهلي وأهل الله
، إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام ، وهذا جبرئيل معكم في البيت ، ويقول: إن الله
عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم لكم فتنة ، فما تقولون ؟ قالوا: نصبر - يا رسول
الله - لأمر الله ، وما نزل من قضائه ، حتى نقدم على الله عز وجل ، ونستكمل جزيل
ثوابه ، وقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
حتى سمع نحيبه من خارج البيت ، فنزلت هذه الآية: (وَجَعَلْنا
بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) أنهم سيصبرون ، أي سيصبرون كما قالوا (صلوات الله عليكم
أجمعين)»[987].
قوله تعالى:
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى
يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً 22)
2 - علي بن إبراهيم: أي قدرا
مقدورا[988].
3 - وفي كتاب (الجنة والنار): عن سعيد بن جناح ، قال: حدثني
عوف بن عبدالله الأزدي ، عن جابر ابن يزيد الجعفي ،
عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وذكر حديث قبض روح الكافر ، قال (عليه السلام): «فإذا
بلغت الحلقوم ، ضربت الملائكة وجهه ودبره ، وقيل: (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ
تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ
تَسْتَكْبِرُونَ)[989] ، وذلك قوله تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ
لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً)
فيقولون: حراما عليكم الجنة محرما»[990].
قوله تعالى:
(وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ
فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً 23)
4 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن
أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ،
قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول عز وجل: (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً
مَنْثُوراً) ، قال: «أما والله ، لقد كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي[991] ، ولكن كانوا إذا عرض لهم
حرام لم يدعوه»[992].
2 - وعنه: عن علي بن محمد ، عن
صالح بن أبي حماد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه
السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَقَدِمْنا إِلى
ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ، قال: «إن كانت أعمالهم لأشد بياضا من القباطي ، فيقول
الله عز وجل لها: كوني هباء وذلك أنهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه»[993].
3 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ،
عن يحيى الحلبي ، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر
(عليه السلام) ، قال: «يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي ، ثم
يقال له: كن هباء منثورا». ثم قال: «أما والله - يا أبا حمزة - إنهم كانوا يصومون
، ويصلون ، ولكن كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه ، وإذا ذكر لهم شيء من فضل
أمير المؤمنين (عليه السلام) أنكروه - قال - والهباء المنثور: هو الذي تراه يدخل
البيت من الكوة ، من شعاع الشمس»[994].
4 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن علي بن
الحكم ، عن منصور بزرج ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي
عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الأعمال تعرض كل خميس على رسول الله
(صلى الله عليه وآله) ، فإذا كان يوم عرفة ، هبط الرب تبارك وتعالى[995] ، وهو قول الله تبارك
وتعالى: (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ
عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)».
فقلت: جعلت فداك ، أعمال من هذه ؟ فقال: «أعمال مبغضينا ، ومبغضي شيعتنا»[996].
5 - الحسن بن أبي الحسن الديلمي:
عن حذيفة بن اليمان ، رفعه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن قوما يجيئون
يوم القيامة ، ولهم من الحسنات أمثال الجبال ، فيجعلها الله هباء منثورا ، ثم يؤمر
بهم إلى النار». فقال سلمان: صفهم[997] لنا ، يا رسول الله.
فقال: «أما إنهم قد كانوا يصومون ويصلون ، ويأخذون اهبة[998] من الليل ، ولكنهم كانوا
إذا عرض لهم شيء من الحرام وثبوا إليه»[999].
6 - الشيخ أحمد بن فهد في كتاب (عدة الداعي) ، قال: روى
الشيخ أبومحمد جعفر بن علي بن أحمد[1000]
القمي نزيل الري ، في كتابه (المنبئ عن زهد النبي (صلى الله عليه وآله) ، عن
عبدالرحمن[1001]
، عمن حدثه ، عن معاذ بن جبل ، قال: قلت: حدثني بحديث
سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وحفظته من دقة ما حدثك به. قال: نعم
وبكى معاذ ، ثم قال: بأبي وامي ، حدثني وأنا رديفه - قال - بينا نحن نسير ، إذ رفع
بصره إلى السماء ، فقال: «الحمد لله الذي يقضي في خلقه ما أحب» ثم قال:«يا معاذ»
قلت: لبيك ، يا رسول الله ، وسيد المؤمنين. قال:«يا معاذ» قلت لبيك ، يا رسول الله
، إمام الخير ، ونبي الرحمة ، فقال: «أحدثك شيئا ما حدث به نبي أمته ، إن حفظته
نفعك عيشك ، وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله». ثم قال: «إن الله خلق سبعة أملاك ، قبل أن يخلق السماوات ،
فجعل في كل سماء ملكا قد جللها بعظمته ، وجعل على كل باب من أبواب السماوات ملكا
بوابا ، فتكتب الحفظة عمل العبد ، من حين يصبح إلى حين يمسي ، ثم ترتفع[1002] الحفظة بعمله ، وله نور كنور الشمس ، حتى إذا
بلغ سماء الدنيا ، فتزكيه ، وتكثره ، فيقول الملك: قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه
صاحبه ، أنا ملك الغيبة ، فمن اغتاب فلا أدع عمله يجاوزني إلى غيري ، أمرني بذلك
ربي».
قال (صلى الله عليه وآله): «ثم تجيء
الحفظة من الغد ، ومعهم عمل صالح فتمر به ، فتزكيه ، وتكثره ، حتى يبلغ السماء
الثانية ، فيقول الملك الذي في السماء الثانية: قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه
صاحبه ، إنما أراد بهذا عرض الدنيا ، أنا صاحب الدنيا ، لا أدع عمله يتجاوزني إلى
غيري».
قال: «ثم تصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا
بصدقة ، وصلاة ، فتعجب به الحفظة ، وتجاوز به إلى السماء الثالثة ، فيقول الملك:
قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وظهره ، أنا ملك صاحب الكبر. فيقول: إنه عمل
وتكبر على الناس في مجالسهم ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».
قال: «وتصعد الحفظة بعمل العبد ، يزهر
كالكواكب الدري في السماء ، له دوي بالتسبيح ، والصوم ، والحج ، فتمر به إلى
السماء الرابعة. فيقول لهم الملك: قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه وبطنه ،
أنا ملك العجب ، إنه كان يعجب بنفسه ، وإنه عمل وأدخل نفسه العجب ، أمرني ربي أن
لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري».
قال:«وتصعد الحفظة بعمل العبد ، كالعروس
المزفوفة إلى أهلها ، فتمر به إلى ملك السماء الخامسة ، بالجهاد ، والصلاة[1003] ما بين الصلاتين ، ولذلك
العمل رنين كرنين الإبل ، عليه ضوء كضوء الشمس. فيقول الملك: قفوا ، أنا ملك الحسد
، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ، واحملوه على عاتقه ، إنه كان يحسد من يتعلم أو
يعمل لله بطاعته ، وإذا رأى لأحد فضلا في العمل والعبادة حسده ووقع فيه ، فيحمله
على عاتقه ، ويلعنه عمله».
قال:«وتصعد الحفظة بعمل العبد ، من صلاة ،
وزكاة ، وحج ، وعمرة ، فيتجاوزون به إلى السماء السادسة ، فيقول الملك: قفوا ، أنا
صاحب الرحمة ، اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ، واطمسوا عينيه ، لأن صاحبه لم يرحم
شيئا ، وإذا أصاب عبدا من عباد الله ذنب للآخرة ، أو ضر في الدنيا ، شمت به ،
أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني».
قال:«فتصعد الحفظة بعمل العبد ، بفقه ، واجتهاد
، وورع ، وله صوت كصوت الرعد ، وضوء كضوء البرق ، ومعه ثلاثة آلاف ملك ، فتمر به
إلى السماء السابعة ، فيقول الملك: قفوا ، واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه ، أنا ملك
الحجاب ، أحجب كل عمل ليس لله ، إنه أراد رفعة عند الناس[1004] ، وذكرا في المجالس ،
وصيتا في المدائن ، أمرني ربي أن لا أدع عمله يتجاوزني إلى غيري ما لم يكن لله
خالصا».
قال:«وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به
من صلاة ، وزكاة ، وصيام ، وحج ، وعمرة ، وحسن خلق ، وصمت ، وذكر كثير ، تشيعه
ملائكة السماوات والملائكة السبعة بجماعتهم ، فيطوون[1005] الحجب كلها ، حتى يقوموا
بين يدي الله سبحانه ، فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء ، فيقول: أنتم حفظة عمل عبدي ،
وأنا رقيب على ما في نفسه ، إنه لم يردني بهذا العمل ، عليه لعنتي. فتقول
الملائكة: عليه لعنتك ، ولعنتنا» قال: ثم بكى معاذ ، فقال: قلت: يا رسول الله ، ما
أعمل وأخلص فيه ؟ قال: «اقتد بنبيك - يا معاذ - في اليقين». قال: قلت أنت رسول الله ، وأنا معاذ
! قال: «وإن كان في عملك تقصير - يا معاذ - فاقطع لسانك عن إخوانك ، وعن حملة
القرآن ، ولتكن ذنوبك عليك ، لا تحملها على إخوانك ، ولا تزك نفسك بتذميم إخوانك ،
ولا ترفع نفسك بوضع إخوانك ، ولا تراء بعملك ، ولا تدخل من الدنيا في الآخرة ، ولا
تفحش في مجلسك لكي يحذروك لسوء خلقك ، ولا تناج مع رجل وأنت مع آخر ، ولا تتعظم
على الناس فتنقطع عنك خيرات الدنيا ، ولا تمزق الناس فتمزقك كلاب أهل النار ، قال
الله تعالى: (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً)[1006] أفتدري ما الناشطات ؟ هي كلاب أهل النار ، تنشط اللحم
والعظم». قلت: ومن يطيق هذه الخصال ؟ قال: «يا معاذ ، أما إنه يسير على من يسر
الله تعالى عليه». قال: وما رأيت معاذا يكثر تلاوة القرآن ، كما يكثر تلاوة هذا
الحديث[1007].
7 - الإمام أبومحمد العسكري
(عليه السلام) - في حديث له - قال: «أما الزكاة فقد قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): من أدى الزكاة إلى مستحقها ، وقضى الصلاة على حدودها ، ولم يلحق بهما من
الموبقات ما يبطلهما ، جاء يوم القيامة يغبطه كل من في تلك العرصات ، حتى يرفعه
نسيم الجنة إلى أعلى غرفها وعلاليها[1008] ، بحضرة من كان يواليه
من محمد وآله الطيبين (صلوات الله عليهم أجمعين).
ومن بخل بزكاته ، وأدى صلاته فصلاته
محبوسة دوين السماء ، إلى أن يجيء حين زكاته ، فإن أداها جعلت كأحسن الأفراس مطية
لصلاته ، فحملتها إلى ساق العرش ، فيقول الله عز وجل: سر إلى الجنان ، واركض فيها
إلى يوم القيامة ، فما انتهى إليه ركضك فهو كله بسائر ما تمسه لباعثك. فيركض فيها
، على أن كل ركضة مسيرة سنة في قدر لمحة بصره ، من يومه إلى يوم القيامة ، حتى
ينتهي به إلى حيث ما شاء الله تعالى ، فيكون ذلك كله له ، ومثله عن يمينه ، وشماله
، وأمامه ، وخلفه ، وفوقه ، وتحته. وإن بخل بزكاته ولم يؤدها ، امر بالصلاة فردت
إليه ، ولفت كما يلف الثوب الخلق ، ثم يضرب بها وجهه ، ويقال له: يا عبدالله ، ما
تصنع بهذا دون هذا ؟
قال: «فقال أصحاب رسول الله (صلى الله
عليه وآله): ما أسوأ حال هذا ! قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أولا أنبئكم
بمن هو أسوأ حالا من هذا ؟ قالوا: بلى ، يا رسول الله. قال: رجل حضر الجهاد في
سبيل الله تعالى ، فقتل مقبلا غير مدبر ، والحور العين يتطلعن إليه ، وخزان الجنان
يتطلعون إلى ورود روحه عليهم ، وأملاك السماء وأملاك الأرض يتطلعون إلى نزول الحور
العين إليه ، والملائكة خزان الجنان ، فلا يأتونه ، فتقول ملائكة الأرض حوالي ذلك
المقتول: ما بال الحور العين لا ينزلن إليه ، وما بال خزان الجنان لا يردون عليه ؟
فينادون من فوق السماء السابعة: يا أيتها الملائكة ، انظروا إلى آفاق السماء
ودوينها. فينظرون ، فإذا توحيد هذا العبد ، وإيمانه برسول الله (صلى الله عليه
وآله) ، وصلاته ، وزكاته ، وصدقته ، وأعمال بره كلها ، محبوسات دوين السماء ، وقد
طبقت آفاق السماء كلها ، كالقافلة العظيمة ، قد ملأت ما بين أقصى المشارق والمغارب
، ومهاب الشمال والجنوب ، تنادي أملاك تلك الأعمال الحاملون لها ، الواردون بها:
ما بالنا لا تفتح لنا أبواب السماء ، لندخل إليها بأعمال هذا الشهيد ؟ فيأمر الله
عز وجل بفتح أبواب السماء ، فتفتح ، ثم ينادي هؤلاء الأملاك: ادخلوها إن قدرتم.
فلا تقلهم أجنحتهم ، ولا يقدرون على الارتفاع بتلك الأعمال ، فيقولون: يا ربنا ،
لا نقدر على الارتفاع بهذه الأعمال.
فينادي منادي ربنا عز وجل: يا أيها
الملائكة ، لستم حمالي هذه الأثقال الصاعدين بها ، إن حملتها الصاعدين بها مطاياها
التي تزفها إلى دوين العرش ، ثم تقرها في درجات الجنان. فتقول الملائكة: يا ربنا ،
ما مطاياها ؟ فيقول الله تعالى: وما الذي حملتم من عنده ؟ فيقولون: توحيده لك ،
وإيمانه بنبيك. فيقول الله تعالى: فمطاياها موالاة علي أخي نبيي ، وموالاة الأئمة
الطاهرين ، فإن أتت فهي الحاملة ، الرافعة ، الواضعة لها في الجنان. فينظرون ،
فإذا الرجل مع ماله من هذه الأشياء ، ليس له موالاة علي بن أبي طالب والطيبين من
آله (عليهم السلام) ، ومعاداة أعدائهم ، فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة الذين
كانوا حامليها: اعتزلوها ، والحقوا بمراكزكم من ملكوتي ، ليأتيها من هو أحق بحملها
، ووضعها في مواضع استحقاقها ، فتلحق تلك الأملاك بمراكزها المجعولة لها.
ثم ينادي منادي ربنا عز وجل: يا أيتها
الزبانية ، تناوليها وحطيها إلى سواء الجحيم ، لأن صاحبها لم يجعل لها مطايا من
موالاة علي والطيبين من آله (عليهم السلام). قال: فينادي تلك الأملاك ، ويقلب الله
عز وجل تلك الأثقال أوزارا وبلايا على باعثها لما فارقتها مطاياها من موالاة أمير
المؤمنين (عليه السلام) ، ونادت تلك الملائكة إلى مخالفته لعلي (عليه السلام) ،
ومولاته لأعدائه ، فيسلطها الله تعالى وهي في صورة الأسود على تلك الأعمال ، وهي
كالغربان والقرقس[1009] ، فتخرج من أفواه تلك
الأسود نيران تحرقها ، ولا يبقى له عمل إلا أحبط ، ويبقى عليه موالاته لأعداء علي
(عليه السلام) ، وجحده ولايته ، فيقره ذلك في سواء الجحيم ، فإذا هو قد حبطت
أعماله ، وعظمت أوزاره وأثقاله ، فهذا أسوأ حالا من مانع الزكاة الذي يحفظ الصلاة[1010] ». [1011]
8 - الشيخ في أماليه ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال:
أخبرنا أبوالحسن علي بن خالد المراغي ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي ،
قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني ، قال: حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني ، عن
سعد بن سعيد ، عن يونس بن الحباب ، عن علي بن الحسين
زين العابدين (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما بال
أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم (عليه السلام) فرحوا واستبشروا ، وإذا ذكر عندهم
آل محمد (عليهم السلام) اشمأزت قلوبهم ؟ والذي نفس محمد بيده ، لو أن عبدا جاء يوم
القيامة بعمل سبعين نبيا ، ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل
بيتي»[1012].
والروايات في أن الأعمال قبولها يتوقف على موالاة أهل
البيت (عليهم السلام) أكثر من أن تحصى.
قوله تعالى:
(أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ
مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا 24)
1 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي
رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ
مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) فبلغنا - والله أعلم - أنه إذا استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل
أن يدخلوا النار ، فيقال لهم: ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار فيحسبون
أنها الجنة ، ثم يدخلون النار أفواجا ، وذلك نصف النهار ، وأقبل أهل الجنة فيما
اشتهوا من التحف ، حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار ، فذلك قول الله عز
وجل: (أَصْحابُ
الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا)[1013].
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو
بن عثمان ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ،
والحسن بن علي جميعا ، عن أبي جميلة مفضل بن صالح ، عن جابر ، عن عبدالأعلى ، وعلي
بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إبراهيم ، عن عبدالأعلى ، عن سويد بن غفلة ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) -
في حديث إذا وضع المؤمن في قبره -: «ثم يفسحان - يعني الملكين - له في قبره مد
بصره ، ثم يفتحان له بابا إلى الجنة ، ثم يقولان له: نم قرير العين ، نوم الشاب
الناعم ، فإن الله عز وجل يقول: (أَصْحابُ
الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا)»[1014].
ورواه الشيخ في (أماليه): بإسناده عن جابر ، عن إبراهيم
بن عبدالأعلى ، عن سويد بن غفلة ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وعن عبدالله
بن العباس[1015]
، في حديث طويل ، ذكرناه بطوله في قوله تعالى: (يُثَبِّتُ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي
الْآخِرَةِ) ، من سورة إبراهيم (عليه السلام)[1016].
قوله تعالى:
(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ
وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا 25)
2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد ابن حمدان ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال:
سألته عن قول الله عز وجل: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ
السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا) ، قال: «الغمام: أمير المؤمنين (عليه السلام)»[1017].
قوله تعالى:
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ
وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً 26)
3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي ، عن
أبيه الحسن ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، قال: روى أصحابنا في قول الله عز وجل:
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) ،
قال: «إن الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم ،
ولكن إذا قام القائم (عليه السلام) لم يعبد إلا الله عز وجل بالطاعة»[1018].
قوله تعالى:
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ
يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي
لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ
جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا 27 - 29)
1 - الطبرسي في (مجمع البيان) ، قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إلى المرفقين ، ثم تنبتان
، ولا يزال هكذا ، كلما نبتت يده أكلها ، ندامة على ما فعل[1019].
2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد
بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن حماد ، عن
حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل: (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)»[1020].
3 - وعنه: بالإسناد عن محمد بن
خالد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن فضيل ، عن
أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) قال: يعني علي ابن أبي طالب (عليه السلام)»[1021].
4 - وعن محمد بن إسماعيل (رحمه الله) ، بإسناده عن جعفر بن
محمد الطيار ، عن أبي الخطاب ، عن أبي عبدالله (عليه
السلام) ، أنه قال: «والله ما كنى الله في كتابه حتى قال: (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا) ، وإنما هي في مصحف علي (عليه السلام): يا ويلتي ليتني لم
أتخذ الثاني خليلا ، وسيظهر يوما»[1022].
5 - وعن محمد بن جمهور ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن رجل ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنه قال: «(يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ
فُلاناً خَلِيلًا) - قال - يقول الأول للثاني»[1023].
6 - محمد بن إبراهيم المعروف بابن زينب النعماني في كتاب
(الغيبة) ، قال: حدثنا محمد بن عبدالله ابن المعمر الطبراني بطبرية[1024]
، سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة ، وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ، ومن
النصاب ، قال. حدثنا أبي ، قال: حدثنا علي بن هاشم ، والحسن بن السكن ، قالا:
حدثنا عبدالرزاق بن همام ، قال: أخبرني أبي ، عن ميناء مولى عبدالرحمن بن عوف ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، قال: وفد على رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أهل اليمن ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «جاءكم أهل اليمن
يبسون[1025]
بسيسا». فلما دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: «قوم رقيقة قلوبهم
، راسخ إيمانهم ، ومنهم المنصور ، يخرج في سبعين ألفا ، ينصر خلفي وخلف وصيي ،
حمائل سيوفهم المسك». فقالوا: يا رسول الله ، ومن وصيك ؟ فقال:
«هو الذي أمركم الله بالاعتصام به ، فقال عز وجل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا
تَفَرَّقُوا)[1026]». فقالوا: يا رسول الله ، بين لنا ما هذا
الحبل ؟ فقال: «هو قول الله: (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ)[1027] فالحبل من الله كتابه ، والحبل من الناس
وصيي». فقالوا: يا رسول الله ، ومن وصيك ؟ فقال:
«هو الذي أنزل الله فيه: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)[1028]». فقالوا: يا رسول الله ، وما جنب الله هذا
؟ فقال: «هو الذي يقول الله فيه: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) ، هو وصيي ، والسبيل إلي من بعدي». قالوا:
يا رسول الله ، بالذي بعثك بالحق نبيا أرناه ، فقد اشتقنا إليه. فقال: «هو الذي
جعله الله آية للمتوسمين[1029] ، فإن نظرتم إليه نظر من
كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، عرفتم أنه وصيي ، كما عرفتم أني
نبيكم ، فتخللوا الصفوف ، وتصفحوا الوجوه ، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو ، لأن
الله عز وجل يقول في كتابه: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ)[1030] أي إليه وإلى ذريته (عليهم السلام)».
قال: فقام أبوعامر[1031] الأشعري في الأشعريين ،
وأبوغرة الخولاني في الخولانيين ، وظبيان ، وعثمان بن قيس في بني قيس ، وعرنة[1032] الدوسي في الدوسيين ،
ولاحق بن علاقة ، فتخللوا الصفوف ، وتصفحوا الوجوه ، وأخذوا بيد الأنزع[1033] الأصلع البطين ، وقالوا:
إلى هذا أهوت أفئدتنا ، يا رسول الله. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «أنتم
نخبة[1034]
الله حين عرفتم وصي رسول الله من قبل أن تعرفوه ، فبم عرفتم أنه هو» فرفعوا
أصواتهم يبكون ، وقالوا: يا رسول الله ، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ، فلما
رأيناه رجفت قلوبنا ، ثم اطمأنت نفوسنا ، فانجاشت[1035] أكبادنا ، وهملت أعيننا
، وتبلجت[1036]
صدورنا ، حتى كأنه لنا أب ، ونحن له بنون.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «(وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)[1037] أنتم منهم بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى ، وأنتم عن
النار مبعدون».
قال: فبقي هؤلاء القوم المسمون ، حتى
شهدوا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل وصفين ، فقتلوا بصفين رحمهم الله ،
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) بشرهم بالجنة ، وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن
أبي طالب (عليه السلام)[1038] .[1039]
7 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن علي بن معمر ، عن محمد بن
علي بن عكاية التميمي ، عن الحسين بن النضر الفهري ، عن أبي عمرو الأوزاعي ، عن
عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، قال: دخلت على أبي
جعفر (عليه السلام) ، فقلت: يا ابن رسول الله ، قد أرمضني[1040] ، اختلاف الشيعة في
مذاهبها. فقال: «يا جابر ، ألم أقفك على معنى اختلافهم من أين اختلفوا ، ومن أي
جهة تفرقوا ؟» قلت: بلى ، يا ابن رسول الله ، قال: «فلا تختلف إذا اختلفوا - يا
جابر - إن الجاحد لصاحب الزمان كالجاحد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيامه
، يا جابر اسمع وع» قلت: إذا شئت.
قال: «اسمع وع ، وبلغ حيث انتهت بك راحلتك
، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه ، فقال: الحمد
لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده ، وحجب العقول أن تتخيل ذاته ، لامتناعها
من الشبه والتشاكل» وساق الخطبة الجليلة ، إلى أن قال (عليه السلام) بعد مضي كثير
من الخطبة: «أيها الناس ، إن الله عز وجل وعد نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله)
الوسيلة ، ووعده الحق ، ولن يخلف الله وعده ، ألا وإن الوسيلة أعلى درجة الجنة ،
وذروة ذوائب الزلفة ، ونهاية غاية الامنية ، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر[1041] الفرس الجواد مائة ألف
عام[1042]
وهو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة ، إلى مرقاة زبرجدة ، إلى مرقاة لؤلؤة ، إلى
مرقاة ياقوتة ، إلى مرقاة زمردة ، إلى مرقاة مرجان ، إلى مرقاة كافور ، إلى مرقاة
عنبر ، إلى مرقاة يلنجوج[1043] ، إلى مرقاة ذهب ، إلى
مرقاة فضة ، إلى مرقاة غمام ، إلى مرقاة هواء ، إلى مرقاة نور ، قد نافت[1044] على كل الجنان ، ورسول
الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ قاعد عليها ، مرتد بريطتين[1045]: ريطة من رحمة الله ،
وريطة من نور الله ، عليه تاج النبوة ، وإكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف ،
وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة ، وهي دون درجته ، وعلي ريطتان ، ريطة من أرجوان
النور ، وريطة من كافور ، والرسل والأنبياء[1046] قد وقفوا[1047] على المراقي ، وأعلام
الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا ، قد تجللتهم حلل النور والكرامة ، لا يرانا ملك
مقرب ، ولا نبي مرسل إلا بهت من أنوارنا ، وعجب من ضيائنا وجلالتنا. وعن يمين
الوسيلة ، عن يمين رسول الله (صلى الله عليه وآله) غمامة بسط البصر ، يأتي منها النداء:
يا أهل الموقف ، طوبى لمن أحب الوصي ، وآمن بالنبي الامي العربي ، ومن كفر به
فالنار موعده. وعن يسار الوسيلة ، عن يسار
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظلة[1048] يأتي منها النداء: يا
أهل الموقف ، طوبى لمن أحب الوصي ، وآمن بالنبي الامي ، والذي له الملك الأعلى ، لا
فاز أحد ، ولا نال الروح[1049] والجنة إلا من لقي خالقه
بالإخلاص لهما ، والاقتداء بنجومهما ، فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم ،
وشرف مقتداكم[1050] ، وكرم مآبكم ، وبفوزكم
اليوم ، على سرر متقابلين ، ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ، ورسوله ،
وصراطه ، وأعلام الأزمنة ، أيقنوا بسواد وجوهكم ، وغضب ربكم ، جزاء بما كنتم
تعملون. وما من رسول سلف ، ولا نبي مضى ، إلا وقد كان مخبرا أمته بالمرسل الوارد
من بعده ، ومبشرا برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وموصيا قومه باتباعه ، ومحليه
عند قومه ليعرفوه بصفته ، وليتبعوه على شريعته ، ولكيلا يضلوا فيه من بعده ، فيكون
من هلك وضل بعد وقوع الإعذار والإنذار عن بينة وتعيين حجة.
فكانت الأمم في رجاء من الرسل ، وورود من
الأنبياء ، ولئن أصيبت أمة بفقد نبي بعد نبي ، على عظم مصائبهم وفجائعهم[1051] ، فقد كانت على سعة من
الآمال ، ولم تك مصيبة عظمت ، ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (صلى الله عليه
وآله) ، لأن الله حسم[1052] به الإنذار والإعذار ،
وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه ، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده ،
ومهيمنه الذي لا يقبل إلا به ، ولا قربة إليه إلا بطاعته ، وقال في محكم كتابه: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى
فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)[1053] ، فقرن طاعته بطاعته ، ومعصيته بمعصيته ، فكان ذلك دليلا
على ما فوض الله إليه ، وشاهدا له على من اتبعه وعصاه ، وبين ذلك في غير موضع من
الكتاب العظيم ، فقال تبارك وتعالى في التحريض على اتباعه ، والترغيب في تصديقه ،
والقبول لدعوته: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[1054] ، فاتباعه (عليه السلام) محبة الله ، ورضاه غفران الذنوب ،
وكمال النور[1055] ووجوب الجنة ، وفي
التولي عنه والإعراض محادة الله ، وغضبه وسخطه ، والبعد منه مسكن النار ، وذلك
قوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ
فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ)[1056] يعني الجحود به ، والعصيان له. وإن الله تبارك اسمه امتحن
بي عباده ، وقتل بيدي أضداده ، وأفنى بسيفي جحاده ، وجعلني زلفة للمؤمنين ، وحياض
موت على الجبارين ، وسيفه على المجرمين ، وشد بي أزر رسوله ، وأكرمني بنصره ،
وشرفني بعلمه ، وحباني بأحكامه ، واختصني بوصيته ، واصطفاني لخلافته في أمته ،
فقال (صلى الله عليه وآله) وقد حشده المهاجرون والأنصار ، وغصت[1057] بهم المحافل: أيها الناس
، إن عليا مني كهارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون عن الله نطق
الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وامه كما كان هارون أخا موسى لأبيه وامه ،
ولا كنت نبيا فأقتضي نبوة ، ولكن كان ذلك منه استخلافا لي ، كما استخلف موسى هارون
(صلى الله عليهما) ، حيث يقول: (اخْلُفْنِي فِي
قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)[1058]. وقوله (صلى الله عليه وآله) حين تكلمت طائفة فقالت: نحن
موالي رسول الله فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى حجة الوداع ، ثم صار إلى
غدير خم ، فأمر فأصلح له شبه المنبر ، ثم علاه ، وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه ،
رافعا صوته ، قائلا في محفله: من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ،
وعاد من عاداه فكانت على ولايتي ولاية الله ، وعلى عداوتي عداوة الله ، فأنزل الله
عز وجل في ذلك اليوم: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ
دِيناً)[1059] فكانت ولايتي كمال الدين ، ورضا الرب جل ذكره. وأنزل الله
تبارك وتعالى اختصاصا لي ، وإكراما[1060] نحلنيه ، وإعظاما
وتفضيلا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) منحنيه ، وهو قوله: (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ
الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)[1061].
وفي مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع ،
وطال لها الاستماع ، ولئن تقمصها دوني الأشقيان ، ونازعاني فيما ليس لهما بحق ،
وركباها ضلالة ، واعتقداها جهالة ، فلبئس ما عليه وردا ، ولبئس ما لأنفسهما مهدا ،
يتلاعنان في دورهما ، ويتبرأ كل واحد منهما من صاحبه ، يقول لقرينه إذا التقيا: (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ
الْقَرِينُ)[1062] ، فيجيبه الأشقى على رثوثته[1063]: (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ
أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ
خَذُولًا) ، فأنا الذكر الذي عنه ضل ، والسبيل
الذي عنه مال ، والإيمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إياه هجر ، والدين الذي به
كذب ، والصراط الذي عنه نكب ، ولئن رتعا في الحطام المنصرم ، والغرور المنقطع ،
وكانا منه على شفا حفرة من النار ، لهما على شر ورود ، في أخيب وفود ، وألعن مورود ، يتصارخان باللعنة ، ويتناعقان بالحسرة ، ما
لهما من راحة ، ولا عن عذابهما من مندوحة[1064] ، إن القوم لم يزالوا
عباد أصنام ، وسدنة أوثان ، يقيمون لها المناسك ، وينصبون لها العتائر[1065] ، ويتخذون لها القربان ،
ويجعلون لها البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، ويستقسمون بالأزلام ،
عامهين[1066]
عن ذكر الله عز ذكره ، جائرين[1067] عن الرشاد ، ومهطعين[1068] إلى البعاد ، قد استحوذ
عليهم الشيطان ، وغمرتهم سوداء الجاهلية ، ورضعوها جهالة ، وانفطموها[1069] ضلالة ، فأخرجنا الله
إليهم رحمة ، وأطلعنا عليهم رأفة ، وأسفر بنا عن الحجب ، نورا لمن اقتبسه ، وفضلا
لمن اتبعه ، وتأييدا لمن صدقه ، فتبوءوا العز بعد الذلة ، والكثرة بعد القلة ،
وهابتهم القلوب والأبصار ، وأذعنت لهم الجبابرة وطواغيتها[1070] ، وصاروا أهل نعمة
مذكورة ، وكرامة ميسورة[1071] ، وأمن بعد خوف ، وجمع
بعد كوف[1072]
، وأضاءت بنا مفاخرة معد بن عدنان ، وأولجناهم باب الهدى ، وأدخلناهم دار السلام ،
وأشملناهم ثوب[1073] الإيمان ، وفلجوا[1074] بنا في العالمين ، وأبدت
لهم أيام الرسول آثار الصالحين ، من حام مجاهد ، ومصل قانت ، ومعتكف زاهد ، يظهرون
الأمانة ، ويأتون المثابة ، حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) ،
ورفعه إليه ، لم يكن ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة ، أو وميض من برقة ، إلى أن رجعوا
على الأعقاب ، وانتكصوا على الأدبار ، وطلبوا بالأوتار ، وأظهروا الكنائن[1075] ، وردموا الباب ، وفلوا[1076] الدار ، وغيروا آثار
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ورغبوا عن أحكامه ، وبعدوا من أنواره ،
واستبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه ، وكانوا ظالمين ، وزعموا أن من اختاروا من آل
أبي قحافة أولى بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممن اختاره رسول الله (صلى
الله عليه وآله) لمقامه ، وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري والأنصاري
الرباني ، ناموس هاشم بن عبدمناف.
ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام
شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلما كان من أمر سعد
بن عبادة ما كان ، رجعوا عن ذلك ، وقالوا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مضى
ولم يستخلف.
فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في
الإسلام ، وعن قليل يجدون غب[1077] ما يعملون ، وسيجد
التالون غب ما أسسه الأولون ، ولئن كانوا في مندوحة من المهل ، وشفاء من الأجل ،
وسعة من المنقلب[1078] ، واستدراج من الغرور ،
وسكون من الحال ، وإدراك من الأمل ، فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد ، وثمود بن
عبود[1079]
، وبلعم بن باعورا ، وأسبغ عليهم نعمة ظاهرة وباطنة ، وأمدهم بالأموال والأعمار ،
وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله ، وليعرفوا الاهابة له والانابة إليه ،
ولينتهوا عن الاستكبار ، فلما بلغوا المدة ، واستكملوا الأكلة ، أخذهم الله
واصطلمهم[1080]
، فمنهم من حصب ، ومنهم من أخذته الصيحة ، ومنهم من أحرقته الظلة ، ومنهم من أودته
الرجفة ، ومنهم من أردته الخسفة ، وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. ألا
وإن لكل أجل كتابا ، فإذا بلغ الكتاب أجله ، لو كشف لكم عما هوى إليه الظالمون ،
وآل إليه الأخسرون ، لهربتم إلى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون ، وإليه صائرون.
ألا وإني فيكم - أيها الناس - كهارون في
آل فرعون ، وكباب حطة في بني إسرائيل ، وكسفينة نوح في قوم نوح ، وإني النبأ
العظيم ، والصديق الأكبر ، وعن قليل ستعلمون ما توعدون ، وهل هي إلا كلعقة الآكل ،
ومذقة[1081]
الشارب ، وخفقة الوسنان ، ثم تلزمهم المعرات[1082] خزيا في الدنيا ، ويوم
القيامة يردون إلى أشد العذاب ، وما الله بغافل عما يعملون ، فما جزاء من تنكب
محجته ، وأنكر حجته ، وخالف هداته ، وحاد عن نوره ، واقتم في ظلمه ، واستبدل
بالماء السراب ، وبالنعيم العذاب ، وبالفوز الشقاء ، وبالسراء الضراء ، وبالسعة
الضنك ، إلا جزاء اقترافه ، وسوء خلافه ، فليوقنوا بالوعد على حقيقته ، وليستيقنوا
بما يوعدون ، يوم تأتي الصيحة بالحق: (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا
الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً)[1083] إلى آخر السورة»[1084].
8 - الإمام أبومحمد العسكري
(عليه السلام): عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: «ما
من عبد ولا أمة أعطى بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الظاهر ، ونكثها في
الباطن ، وأقام على نفاقه ، إلا وإذا جاء ملك الموت ليقبض روحه تمثل له إبليس وأعوانه
، وتمثل النيران ، وأصناف عقابها بعينيه وقلبه ، ومقاعده من مضائقها ، وتمثل له
أيضا الجنان ومنازله فيها لو كان بقي على إيمانه ، ووفى ببيعته. فيقول له ملك
الموت: انظر فتلك الجنان التي لا يقدر قدر سرائها ، وبهجتها ، وسرورها إلا رب
العالمين ، كانت معدة لك ، فلو كنت بقيت على ولايتك لأخي محمد (صلى الله عليه
وآله) ، كان إليها مصيرك يوم فصل القضاء لكنك نكثت وخالفت ، فتلك النيران وأصناف
عذابها ، وزبانيتها بمرزباتها[1085] ، وأفاعيها الفاغرة
أفواهها ، وعقاربها الناصبة أذنابها ، وسباعها الشائلة مخالبها ، وسائر أصناف عذابها
هو لك ، وإليها مصيرك. فيقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، فقبلت ما أمرني ،
والتزمت ما لزمني من موالاة علي بن أبي طالب (عليه السلام)»[1086].
9 - علي بن إبراهيم: في معنى
الآية: قوله (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى
يَدَيْهِ) ، قال: الأول يقول: يا ليتني اتخذت
مع الرسول سبيلا[1087].
10 - قال: وقال أبوجعفر (عليه
السلام): «يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول عليا وليا: (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا) يعني الثاني (لَقَدْ
أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي)
، يعني الولاية وَكانَ (الشَّيْطانُ) وهو الثاني (لِلْإِنْسانِ
خَذُولًا)»[1088].
11 - الشيباني: عن الباقر
والصادق (عليهما السلام): «السبيل هاهنا: علي (عليه السلام) ، (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ
أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) يعني عليا (عليه
السلام)»[1089].
12 - وقال أيضا: روي عن الباقر
والصادق (عليهما السلام): «أن هذه الآيات نزلت في رجلين من مشايخ قريش ، أسلما
بألسنتهما وكانا ينافقان النبي (عليه السلام) ، وآخى بينهما يوم الإخاء ، فصد
أحدهما صاحبه عن الهدى ، فهلكا جميعا ، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة ، وقولهما
عندما ينزل عليهما من العذاب ، فيحزن ويتأسف على ما قدم ، ويتندم حيث لم ينفعه
الندم»[1090].
قوله تعالى:
(وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي
اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً 30)
1 - محمد بن يعقوب: بإسناده عن
جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في الخطبة التي
تقدمت قبل هذه الآية من قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «فأنا الذكر الذي عنه ضل
، والسبيل الذي عنه مال ، والإيمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إياه هجر ، والدين
الذي به كذب»[1091].
قوله تعالى:
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ
إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلًا 34)
2 - محمد بن إبراهيم النعماني في (الغيبة): بإسناده عن كعب الأحبار ، قال: إذا كان يوم القيامة حشر الناس على
أربعة أصناف: صنف ركبان ، وصنف على أقدامهم يمشون ، وصنف مكبون ، وصنف على وجوههم
صم بكم عمي فهم لا يعقلون ، ولا يتكلمون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، أولئك الذين
تلفح وجوههم النار ، وهم فيها كالحون. فقيل: يا كعب ، من هؤلاء الذين يحشرون على
وجوههم ، وهذه الحال حالهم ؟ قال: كعب: أولئك الذين كانوا على الضلال والارتداد
والنكث ، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم ووصي نبيهم ،
وعالمهم ، وسيدهم ، وفاضلهم ، وحامل اللواء وولي الحوض ، والمرتجى ، والرجاء[1092] دون هذا العالم ، وهو
العلم الذي لا يجهل ، والمحجة[1093] التي من زال عنها عطب ،
وفي النار هوى ، ذلك علي ورب كعب ، أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأوفرهم حلما ،
عجب كعب ممن قدم على علي غيره. ومن نسل علي (عليه السلام) القائم المهدي (عليه
السلام)[1094]
، الذي يبدل الأرض غير الأرض ، وبه يحتج عيسى بن مريم (عليه السلام) على نصارى
الروم والصين ، إن القائم المهدي من نسل علي (عليه السلام) أشبه الناس بعيسى بن
مريم خلقا وخلقا وسمتا وهيبة[1095] ، يعطيه الله عز وجل ما
أعطى الأنبياء ويزيده ويفضله.
إن القائم (عليه السلام) من ولد علي (عليه
السلام) له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى بن مريم ، ثم يظهر بعد غيبته مع
طلوع النجم الأحمر ، وخراب الزوراء وهي الري ، وخسف المزورة[1096] ، وهي بغداد ، وخروج
السفياني ، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان ، تلك حرب يقتل فيها ألوف
وألوف ، كل يقبض على سيف محلى ، تخفق عليه رايات سود ، تلك حروب يشوبها الموت
الأحمر ، والطاعون الأكبر[1097]. [1098]
قوله تعالى:
(وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ
وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً 38)
تقدم في سورة
هود خبر أصحاب الرس[1099].
1- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني
، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، قال: حدثنا
أبوالصلت عبدالسلام بن صالح الهروي ، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى
ابن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ،
عن أبيه الحسين بن علي (صلوات الله عليهم
أجمعين) ، قال: «أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من
أشراف تميم ، يقال له: عمرو ، فقال: يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن أصحاب الرس ، في
أي عصر كانوا ، وأين كانت منازلهم ، ومن كان ملكهم ، وهل بعث الله عز وجل إليهم
رسولا ، أم لا ، وبماذا اهلكوا ؟ فإني أجد في كتاب الله عز وجل ذكرهم ، ولا أجد
خبرهم.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لقد
سألت عن حديث ما سألني عنه أحد من قبلك ، ولا يحدثك به أحد بعدي إلا عني ، وما في
كتاب الله عز وجل آية إلا وأنا أعرفها ، وأعرف تفسيرها ، وفي أي مكان نزلت ، من
سهل ، أو جبل ، وفي أي وقت من ليل أو نهار ، وإن هاهنا لعلما جما - وأشار إلى صدره
- ولكن طلابه يسير ، وعن قليل يندمون لو فقدوني.
كان من قصتهم - يا أخا تميم - أنهم كانوا
قوما يعبدون شجرة صنوبر ، يقال لها: شاه درخت ، كان يافث بن نوح غرسها على شفير
عين ، يقال لها روشاب[1100] ، كانت أنبتت[1101] لنوح (عليه السلام) بعد
الطوفان ، وإنما سموا أصحاب الرس ، لأنهم رسوا[1102] نبيهم في الأرض ، وذلك
بعد سليمان بن داود (عليه السلام). وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال
له: الرس ، من بلاد المشرق ، وبهم سمي ذلك النهر ، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر
أغزر منه ، ولا أعذب منه ، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها ، تسمى إحداهن آبان ، والثانية
آذر ، والثالثة دي ، والرابعة بهمن ، والخامسة إسفندار ، والسادسة فروردين ،
والسابعة أردي بهشت ، والثامنة خرداد ، والتاسعة مرداد ، والعاشرة تير ، والحادية
عشر مهر ، والثانية عشر شهريور.
وكانت أعظم مدائنهم إسفندار ، وهي التي
ينزلها ملكهم ، وكان يسمى: تركوذ بن غابور بن يارش بن ساذن[1103] بن نمرود بن كنعان فرعون
إبراهيم (عليه السلام) ، وبها العين والصنوبرة ، وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من
طلع تلك الصنوبرة ، وأجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة ، فنبتت الحبة ،
وصارت شجرة عظيمة ، وحرموا ماء العين والأنهار ، فلا يشربون منها ، ولا أنعامهم ،
ومن فعل ذلك قتلوه ، ويقولون: هو حياة آلهتنا ، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها
، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس ، الذي عليه قراهم. وقد جعلوا في كل شهر من
السنة يوما ، في كل قرية ، عيدا يجتمع إليه أهلها ، فيضربون على الشجرة التي بها
كلة[1104]
من حرير ، فيها من أنواع الصور ، ثم يأتون بشاة وبقر ، فيذبحونها قربانا للشجرة ،
ويشعلون فيها النيران بالحطب ، فإذا سطع[1105] دخان تلك الذبائح
وقتارها[1106]
في الهواء ، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء ، خروا للشجرة سجدا ، ويبكون
ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ، ويصيح من ساقها
صياح الصبي: إني قد رضيت عنكم - عبادي - فطيبوا نفسا ، وقروا عينا. فيرفعون رؤوسهم
عند ذلك ، ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ، ويأخذون الدست بند[1107] ، فيكونون على ذلك يومهم
وليلتهم ، ثم ينصرفون.
وإنما سمت العجم شهورها بآبان ماه ، وآذر
ماه ، وغيرهما ، اشتقاقا من أسماء تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض: هذا عيد شهر
كذا ، وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى ، اجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم ،
فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج ، عليه من أنواع الصور ، وجعلوا له
اثني عشر بابا ، كل باب لأهل قرية منهم ، ويسجدون للصنوبرة ، خارجا من السرادق ،
ويقربون إليها الذبائح ، أضعاف ما قربوه للشجرة التي في قراهم ، فيجيء إبليس عند
ذلك ، فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا ، ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ، ويعدهم
ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها ، فيرفعون رؤوسهم من السجود ، وبهم
من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ، ولا يتكلمون ، من الشرب والعزف ، فيكونون على ذلك
اثني عشر يوما ولياليها ، بعدد أعيادهم بسائر السنة ، ثم ينصرفون.
فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم
غيره ، بعث الله عز وجل إليهم نبيا من بني إسرائيل ، من ولد يهودا ابن يعقوب (عليه
السلام) ، فلبث فيهم زمانا طويلا ، يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ، ومعرفة ربوبيته
، فلا يتبعونه ، فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال ، وتركهم قبول ما دعاهم
إليه من الرشد والنجاح ، وحضر عيد قريتهم العظمى ، قال: يا رب ، إن عبادك أبوا إلا
تكذيبي ، والكفر بك ، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر ، فأيبس شجرهم أجمع ،
وأرهم قدرتك وسلطانك. فأصبح القوم وقد يبس شجرهم ، فهالهم ذلك ، وفظع[1108] بهم ، وصاروا فرقتين:
فرقة قالت: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء والأرض إليكم ،
ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه. وفرقة قالت: لا ، بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا
الرجل يعيبها ، ويقع فيها ، ويدعوكم إلى عبادة غيرها ، فحجبت حسنها وبهاءها لكي
تغضبوا لها ، فتنتصروا منه.
فأجمع رأيهم على قتله ، فاتخذوا أنابيب طوالا
من رصاص ، واسعة الأفواه ، ثم أرسلوها في قرار العين ، إلى أعلى الماء ، واحدة فوق
الاخرى ، مثل البرابخ[1109] ، ونزحوا ما فيها من
الماء ، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل ، عميقة ، وأرسلوا فيها نبيهم ،
وألقموا فاها صخرة عظيمة ، ثم أخرجوا الأنابيب من الماء ، وقالوا: الآن نرجو أن
ترضى عنا آلهتنا ، إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها ، ويصد عن عبادتها ،
ودفناه تحت كبيرها ، يتشفى منه ، فيعود إليها[1110] نورها ونضرتها كما كان.
فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم (عليه السلام) ، وهو يقول: سيدي ، قد ترى ضيق
مكاني ، وشدة كربي ، فارحم ضعف ركني ، وقلة حيلتي ، وعجل بقبض روحي ، ولا تؤخر
إجابة دعوتي ، حتى مات (عليه السلام). فقال الله عز وجل لجبرئيل (عليه السلام): يا
جبرئيل ، أيظن عبادي هؤلاء ، الذين قد غرهم حلمي ، وأمنوا مكري ، وعبدوا غيري ،
وقتلوا رسولي ، أن يقيموا[1111] لغضبي ، أو يخرجوا من
سلطاني ؟ كيف وأنا المنتقم ممن عصاني ، ولم يخش عقابي ، وإني حلفت بعزتي وجلالي لأجعلنهم
عبرة ونكالا للعالمين. فلم يرعهم[1112] وهم في عيدهم ذلك إلا
بريح عاصف شديدة الحمرة ، فتحيروا فيها ، وذعروا منها ، وتضام[1113] بعضهم إلى بعض ، ثم صارت
الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء ، فألقيت[1114] عليهم كالقبة جمرا يلتهب[1115] ، فذابت أبدانهم كما
يذوب الرصاص في النار. فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ، ونزول نقمته ، ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»[1116].
1 - علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: دخلت امرأة
مع مولاة لها على أبي عبدالله (عليه السلام) ، فقالت: ما تقول في اللواتي مع
اللواتي ؟ قال: «هن في النار ، إذا كان يوم القيامة أتي بهن ، فالبسن جلبابا من
نار ، وخفين من نار ، وقناعا من نار ، وادخل في أجوافهن وفروجهن أعمدة من نار ،
وقذف بهن في النار». فقالت: أليس هذا في كتاب الله ؟ قال: «بلى» قالت: أين هو ؟
قال: «قوله: (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ
الرَّسِّ) فهن الرسيات»[1117].
وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في سورة (ق) ، عند قوله
تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ
الرَّسِّ وَثَمُودُ) ، ما يوافق رواية علي بن إبراهيم هنا. [1118]
قوله تعالى:
(وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً 39)
2 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبدالله ، عن
أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عمن ذكره ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في قول الله
عز وجل: (وَكُلًّا
تَبَّرْنا تَتْبِيراً)
، قال: (يعني كسرنا تكسيرا - قال - وهي بالنبطية»[1119].
3 - علي بن إبراهيم ، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد
بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن حفص بن غياث
، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، في قوله: (وَكُلًّا
تَبَّرْنا تَتْبِيراً) يعني كسرنا تكسيرا -
قال - هي لفظة بالنبطية»[1120].
قوله تعالى:
(وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي
أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ 40)
1 - علي بن إبراهيم ، قال: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «وأما القرية التي أمطرت
مطر السوء فهي سدوم ، قرية قوم لوط ، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل ، يقول: من
طين»[1121].
قوله تعالى:
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ
أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا 43)
2 - علي بن إبراهيم ، قال: نزلت
في قريش ، وذلك أنه ضاق عليهم المعاش ، فخرجوا من مكة ، وتفرقوا ، فكان الرجل إذا
رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا ، هويه فعبده ، وكانوا ينحرون لها النعم ، ويلطخونها
بالدم ، ويسمونها سعد صخرة ، وكانوا إذا أصابهم داء في إبلهم وأغنامهم ، جاءوا إلى
الصخرة ، فيمسحون بها الغنم والإبل ، فجاء رجل من العرب بإبل له ، يريد أن يتمسح
بالصخرة لإبله ، ويبارك عليها ، فنفرت إبله وتفرقت ، فقال الرجل شعرا:
أتينا إلى سعد[1122] ليجمع شملنا فشتتنا سعد فما نحن من سعد
ما سعد إلا صخرة بتنوفة[1123] من الأرض لا تهدي لغي ولا رشد
ومر به رجل من العرب ، والثعلب يبول عليه ، فقال
شعرا:
ورب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب[1124]
قوله تعالى:
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ
يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
سَبِيلًا 44)
1 - محمد بن يعقوب: عن أبي عبدالله الأشعري ، عن بعض
أصحابنا ، رفعه ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي الحسن
موسى بن جعفر (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: «يا هشام ، ثم ذم الله الذين لا
يعقلون ، فقال: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ
يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
سَبِيلًا)[1125].
2 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، رفعه ، عن محمد داود الغنوي ، عن الأصبغ بن
نباتة ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديث طويل - قال: «فأما أصحاب
المشأمة ، فهم اليهود والنصارى ، يقول الله عز وجل: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما
يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ)[1126] يعرفون محمدا (صلى الله عليه وآله) ، والولاية ، في
التوراة والإنجيل ، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أنك
الرسول إليهم (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ
الْمُمْتَرِينَ)[1127] ، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك ، فسلبهم روح الإيمان
، وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوة ، وروح الشهوة ، وروح البدن ، ثم أضافهم
إلى الأنعام ، فقال: (إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعامِ) ، لأن الدابة إنما تحمل بروح
القوة ، وتعتلف بروح الشهوة ، وتسير بروح البدن»[1128].
وسيأتي الحديث - إن شاء الله تعالى - بتمامه ، في أول
سورة الواقعة[1129].
قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ
الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً 45)
3 - علي بن إبراهيم ، قال: في
رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ
لَجَعَلَهُ ساكِناً) ، قال: «الظل: ما بين
طلوع الفجر إلى طلوع الشمس»[1130].
1 - ابن شهر آشوب ، قال: نزل
النبي (صلى الله عليه وآله) بالجحفة ، تحت شجرة قليلة الظل ، ونزل أصحابه حوله ،
فتداخله شيء من ذلك ، فأذن الله تعالى لتلك الشجرة الصغيرة حتى ارتفعت وظللت
الجميع ، فأنزل الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلى
رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً)[1131].
قوله تعالى:
(وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ
لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً 50)
2 - شرف الدين النجفي ، قال: روى محمد بن علي ، عن محمد بن
فضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ،
قال: «نزل جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) بهذه الآية هكذا: فأبى أكثر الناس
من أمتك بولاية علي إلا كفورا»[1132].
قوله تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ - إلى قوله تعالى - وَحِجْراً
مَحْجُوراً 53)
3 - علي بن
إبراهيم: قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ
الْبَحْرَيْنِ) في رواية أبي الجارود ، عن
أبي جعفر (عليه السلام) يقول: «أرسل البحرين[1133] (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) فالأجاج المر ، (وَجَعَلَ
بَيْنَهُما بَرْزَخاً) يقول: حاجزا ، وهو
المنتهى ، (وَحِجْراً مَحْجُوراً) يقول: حراما محرما ، بأن يغير أحدهما طعم الآخر»[1134].
قوله تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً
فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً 54)
4 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ،
وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول
الله عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ
بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً). فقال: «إن الله تعالى خلق آدم من الماء العذب ، وخلق
زوجته من سنخه[1135] ، فبرأها من أسفل أضلاعه
، فجرى بذلك الضلع سبب ونسب ، ثم زوجها إياه ، فجرى بسبب ذلك بينهما صهر ، وذلك
قوله عز وجل: (نَسَباً وَصِهْراً) ، فالنسب - يا أخا بني عجل - ما كان من نسب[1136] الرجال ، والصهر ما كان
بسبب النساء»[1137].
2 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ،
عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي ، عن أبي عبدالله
(عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (وَهُوَ
الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً). فقال: «كان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب ،
وخلق زوجته من سنخه ، فبرأها من أسفل أضلاعه ، فجرى بذلك الضلع بينهما نسب ، ثم
زوجها إياه ، فجرى بينهما بسبب ذلك صهر ، فذلك قوله: (نَسَباً وَصِهْراً) ،
فالنسب - يا أخا بني عجل - ما كان من نسب الرجال ، والصهر ما كان بسبب نسب[1138] النساء»[1139].
3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن عبدالله بن أسد ،
عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن أحمد ابن معمر الأسدي ، عن الحسن بن محمد الأسدي ،
عن الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن
عباس ، قال: قوله عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ
مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام) ، زوج النبي (صلى
الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ابنته ، وهو ابن عمه ، فكان له نسبا وصهرا»[1140].
4 - وعنه ، قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى ، قال: حدثنا
المغيرة بن محمد ، عن رجاء بن سلمة[1141]
، عن نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قول الله عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً
وَصِهْراً). قال: لما خلق الله آدم ، خلق نطفة
من الماء ، فمزجها بنوره ، ثم أودعها آدم (عليه السلام) ، ثم أودعها ابنه شيث ، ثم
أنوش ، ثم قينان ، ثم أبا فأبا ، حتى أودعها إبراهيم (عليه السلام) ، ثم أودعها
إسماعيل (عليه السلام) ، ثم أما فأما ، وأبا فأبا ، من طاهر الأصلاب ، إلى مطهرات
الأرحام ، حتى صارت إلى عبدالمطلب ، فانفلق[1142] ذلك النور فرقتين: فرقة
إلى عبدالله ، فولد محمدا (صلى الله عليه وآله) ، وفرقة إلى أبي طالب ، فولد عليا
(عليه السلام) ، ثم ألف الله النكاح بينهما ، فزوج عليا بفاطمة (عليهما السلام) ،
فذلك قوله عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ
الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً)[1143].
5 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن إبراهيم بن
إسحاق الطالقاني (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة ،
قال: حدثني المغيرة بن محمد ، قال: حدثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)
، قال: «خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) بالكوفة ، بعد
منصرفه من النهروان ، وبلغه أن معاوية يسبه ، ويعيبه[1144] ، ويقتل أصحابه ، فقام
خطيبا - وذكر الخطبة ، إلى أن قال فيها (عليه السلام) - وأنا الصهر ، يقول الله عز
وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً
فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)»[1145].
6 - الشيخ في (أماليه) ، قال: حدثنا محمد بن علي بن خشيش ،
قال: حدثنا أبوالحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم
القيسي الخزاز إملاء في منزله ، قال: حدثنا أبوزيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي
إملاء ، قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن جبر القواس خال ابن كردي ، قال:
حدثنا محمد بن سلمة الواسطي ، قال:
حدثنا يزيد بن هارون ، قال: حدثنا حماد بن سلمة ، قال: حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال: ركب رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ذات يوم بغلته ، فانطلق إلى جبل آل فلان ، وقال: «يا أنس ، خذ البغلة ، وانطلق إلى
موضع كذا وكذا ، تجد عليا جالسا يسبح بالحصى ، فاقرأه مني السلام ، واحمله على
البغلة ، وآت به إلي» قال أنس: فذهبت ، فوجدت عليا (عليه السلام) كما قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ، فحملته على البغلة ، فأتيت به إليه ، فلما أن بصر به
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: «السلام عليك ، يا رسول الله» قال: «وعليك
السلام - يا أبا الحسن - اجلس ، فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا ، ما
جلس فيه من الأنبياء أحد إلا وأنا خير منه ، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ، ما
جلس فيه من الإخوة أحد إلا وأنت خير منه».
قال أنس: فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ،
ودنت من رؤوسهما ، فمد النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السحابة ، فتناول عنقود
عنب ، فجعله بينه وبين علي (عليه السلام) ، وقال: «كل يا أخي ، هذه هدية من الله تعالى
إلي ، ثم إليك».
قال أنس: فقلت يا رسول الله ، علي أخوك ؟
قال: «نعم ، علي أخي» ، قلت: يا رسول الله ، صف لي كيف علي أخوك ؟ قال: «إن الله
عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام ، واسكنه في لؤلؤة
خضراء ، في غامض علمه ، إلى أن خلق آدم. فلما خلق آدم ، نقل ذلك الماء من اللؤلؤة
، فأجراه في صلب آدم ، إلى أن قبضه الله ، ثم نقله إلى صلب شيث ، فلم يزل ذلك
الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر ، حتى صار في صلب عبدالمطلب ، ثم شقه الله عز وجل
نصفين: فصار نصف في أبي عبدالله ، ونصف في أبي طالب ، فأنا من نصف الماء ، وعلي من
النصف الآخر ، فعلي أخي في الدنيا والآخرة». ثم قرأ رسول الله (صلى الله عليه
وآله): (وَهُوَ
الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ
قَدِيرا)[1146].
7 - وعنه ، قال: أخبرنا جماعة ،
عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أبوأحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي
ببغداد ، قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة العلوي ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني الحسن بن زيد بن علي ، قال: سألت أبا عبدالله جعفر
بن محمد (عليهما السلام) عن سن جدنا علي بن الحسين (عليهما السلام) ، فقال: «أخبرني
أبي ، عن أبيه علي بن الحسين (عليه السلام) ، قال: كنت أمشي خلف عمي الحسن وأبي
الحسين (عليهما السلام) في بعض طرقات المدينة ، في العام الذي قبض فيه عمي الحسن
(عليه السلام) ، وأنا يومئذ غلام قد ناهزت الحلم ، أو كدت ، فلقيهما جابر بن
عبدالله ، وأنس بن مالك الأنصاريان في جماعة من قريش والأنصار ، فما تمالك جابر
حتى أكب على أيديهما وأرجلهما يقبلهما ، فقال له رجل من قريش كان نسيبا لمروان:
أتصنع هذا - يا أبا عبدالله - وأنت في سنك هذا وموضعك من صحبة رسول الله (صلى الله
عليه وآله) ؟ وكان جابر قد شهد بدرا. فقال له: إليك عني ، فلو علمت - يا أخا قريش
- من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب.
ثم أقبل جابر على أنس بن مالك ، فقال: يا
أبا حمزة ، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهما بأمر ما ظننته أن يكون في
بشر. قال له أنس: وما الذي ، أخبرك ، يا أبا عبدالله؟ قال علي بن الحسين ، فانطلق
الحسن والحسين (عليهما السلام) ، ووقفت أنا أسمع محاورة القوم ، فأنشأ جابر يحدث ،
قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم في المسجد ، وقد خف[1147] من حوله ، إذ قال لي: يا
جابر ، ادع لي حسنا وحسينا وكان (صلى الله عليه وآله) شديد الكلف[1148] بهما ، فانطلقت ،
فدعوتهما ، وأقبلت أحمل مرة هذا ، وهذا مرة ، حتى جئته بهما ، فقال لي وأنا أعرف
السرور في وجهه لما رأى من محبتي لهما ، وتكريمي إياهما ، قال: أتحبهما ، يا جابر
؟ قلت: وما يمنعني من ذلك - فداك أبي وامي - وأنا أعرف مكانهما منك ! قال: أفلا
أخبرك عن فضلهما ؟ قلت: بلى ، بأبي أنت وامي. قال: إن الله تعالى لما أحب أن
يخلقني ، خلقني نطفة بيضاء طيبة ، فأودعها صلب أبي آدم (عليه السلام) ، فلم يزل
ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر ، إلى نوح وإبراهيم (عليهما السلام) ، ثم كذلك
إلى عبدالمطلب ، فلم يصبني من دنس الجاهلية شيء ، ثم افترقت تلك النطفة شطرين:
إلى عبدالله ، وأبي طالب ، فولدني أبي ، فختم الله بي النبوة ، وولد علي فختمت به
الوصية ، ثم اجتمعت النطفتان مني ومن علي ، فولدنا الجهر والجهير ، الحسنين ، فختم
الله بهما أسباط النبوة ، وجعل ذريتي منهما ، وأمرني بفتح مدينة - أو قال: مدائن -
الكفر. ومن ذرية هذا - وأشار إلى الحسين (عليه السلام) - رجل يخرج في آخر الزمان
يملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جوار ، فهما طهران[1149] مطهران ، وهما سيدا شباب أهل الجنة
، طوبى لمن أحبهما ، وأباهما ، وأمهما ، وويل لمن حادهم[1150] وأبغضهم»[1151].
وروى هذا الحديث الشيخ أبوجعفر محمد بن جعفر الحائري في
كتاب (ما اتفق فيه من الأخبار في فضل الأئمة الأطهار) مسندا إلى مولانا علي بن
الحسين (عليه السلام) ، إلا أن في آخر الحديث: «وأمر
ربي بفتح مدينة - أو قال: مدائن - الكفر ، وأقسم به[1152] ليظهرن منهما ذرية طيبة
، تملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت جورا ، فهما طهران مطهران». وساق الحديث إلى
آخره سواء[1153].
8 - ابن شهر آشوب: عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر ،
والبراء ، وأنس ، وأم سلمة ، والسدي ، وابن سيرين والباقر
(عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) ، قالوا: هو محمد ،
وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين (عليهم السلام)»[1154].
وفي رواية البشر: الرسول ، والنسب: يا فاطمة ، والصهر: علي
(صلوات الله وسلامه عليهم).
9 - وعنه: عن تفسير الثعلبي: قال
ابن سيرين: نزلت في النبي ، وعلي زوج ابنته فاطمة ، وهو ابن عمه ، وزوج ابنته ،
فكان نسبا وصهرا ، وعوتب النبي (صلى الله عليه وآله) في أمر فاطمة (عليها السلام)
فقال له: «لو لم يخلق الله علي ابن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ». وفي خبر: «لولاك
لما كان لها كفؤ على وجه الأرض»[1155].
10 - وعنه: عن المفضل ، عن أبي
عبدالله (عليه السلام) ، قال: «لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين (عليه
السلام) ، لم يكن لفاطمة كفؤ على ظهر الأرض ، من آدم فما دونه»[1156].
11 - ومن طريق المخالفين ، عن
الثعلبي ، في تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ
مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) ، بالإسناد ، يرفعه إلى ابن سيرين ، قال: أنزلت في النبي (صلى الله
عليه وآله) وعلي (عليه السلام)[1157].
قوله تعالى:
(وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً 55)
1 - علي بن إبراهيم: قد يسمى
الإنسان ربا لغة ، كقوله: (اذْكُرْنِي عِنْدَ
رَبِّكَ)[1158] وكل مالك لشيء يسمى ربه ، فقوله: (وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) قال: الكافر الثاني ، كان على أمير المؤمنين (عليه
السلام) ظهيرا[1159].
2 - محمد بن الحسن الصفار: عن عبدالله بن عامر ، عن أبي
عبدالله البرقي ، عن الحسين بن عثمان ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول
الله تبارك وتعالى: (وَكانَ الْكافِرُ عَلى
رَبِّهِ ظَهِيراً) ، قال: «تفسيرها في بطن
القرآن: علي (عليه السلام) هو ربه في الولاية والطاعة ، والرب هو الخالق الذي لا
يوصف». وقال أبوجعفر (عليه السلام): «إن عليا
(عليه السلام) آية لمحمد (صلى الله عليه وآله) ، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله)
يدعو إلى ولاية علي (عليه السلام) ، أما بلغك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله):
من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ؟»[1160].
قوله تعالى:
(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما
بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ
فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً 59)
3 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، قال: سمعت أبا
عبدالله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشر
قبل الخير ، وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء ،
وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة ، وذلك قول
الله (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما
بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)» [1161].
وقوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوى
عَلَى الْعَرْشِ) تقدم تفسيره في سورة طه[1162].
قوله تعالى:
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ
قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ 60)
1 - علي بن إبراهيم
، قال: جوابه: (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ
خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ
الْبَيانَ)[1163].[1164]
قوله تعالى:
(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ
بُرُوجاً 61)
2 - علي بن إبراهيم: في رواية
أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تبارك وتعالى: (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) ، قال: «فالبروج: الكواكب ، والبروج التي للربيع والصيف:
الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، وبروج الخريف
والشتاء: الميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والسمكة[1165] ، وهي اثنا عشر برجا»[1166].
قوله تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ
خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً 62)
3 - الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ،
عن محمد بن إسماعيل ، عن علي ابن الحكم ، عن منصور بن يونس ، عن عنبسة العابد ، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن
قول الله عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ
اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ
شُكُوراً) ، قال: «قضاء صلاة الليل بالنهار ،
وقضاء صلاة النهار بالليل»[1167].
1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن صالح بن عقبة ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال: قال له رجل:
جعلت فداك - يا ابن رسول الله - ربما فاتتني صلاة الليل الشهر ، والشهرين والثلاثة
، فأقضيها بالنهار ، أيجوز ذلك ؟ قال: «قرة عين لك والله - قالها ثلاثا - إن الله
يقول: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ
وَالنَّهارَ خِلْفَةً) الآية ، فهو قضاء صلاة
النهار بالليل ، وقضاء صلاة الليل بالنهار ، وهو من سر آل محمد المكنون»[1168].
قوله تعالى:
(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ
عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً - إلى قوله تعالى - مُسْتَقَرًّا
وَمُقاماً 63 - 66)
2 - محمد بن يعقوب. عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن
عيسى ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن النعمان ، عن سلام
، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله تعالى: (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
هَوْناً) ، قال:
«هم الأوصياء ، من مخافة عدوهم»[1169].
3 - علي بن إبراهيم ، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس ، قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
هَوْناً) ، قال: «الأئمة يمشون على الأرض هونا
، خوفا من عدوهم»[1170].
4 - وعنه: عن أحمد بن إدريس ،
عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن جعفر ، قال: سألت أبا الحسن
(عليه السلام) عن قول الله تعالى: (وَعِبادُ
الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ
الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً
وَقِياماً) قال: «هم الأئمة ، يتقون في مشيهم
، على الأرض»[1171].
5 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد
بن عيسى ، عن يونس ، عن المفضل ابن صالح ، عن محمد الحلبي ، عن زرارة ، وحمران ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه
السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَعِبادُ
الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ
الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) ، قال: «هذه
الآيات للأوصياء ، إلى أن يبلغوا (حَسُنَتْ
مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً)[1172] »[1173].
5 - الطبرسي: في معنى قوله تعالى: (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ، قال
أبوعبدالله (عليه السلام): «هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها ، ولا يتكلف ،
ولا يتبختر»[1174].
6 - علي بن إبراهيم ، قال: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً)
، يقول: «ملازما لا يفارق»[1175].
قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا
وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً 67)
1 - محمد بن يعقوب: عن
عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وأحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، في قوله تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) فبسط كفه ، وفرق
أصابعه ، وحناها شيئا. وعن قوله: (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)[1176] فبسط راحته ، وقال: هكذا ، وقال: القوام ما يخرج من بين
الأصابع ، ويبقى في الراحة منه شيء[1177].
2 - وعنه: عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله عز
وجل: (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) ، قال: «القوام هو
المعروف ، (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى
الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)[1178] على قدر عياله ، ومؤنتهم التي هي صلاح له ولهم و(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)[1179] » [1180].
3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن
أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن جميل بن صالح ، عن
عبدالملك بن عمرو الأحول ، قال: تلا أبوعبدالله (عليه السلام) هذه الآية: (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) ، قال: فأخذ
قبضة من حصى ، وقبضها بيده ، فقال: «هذا الإقتار الذي ذكره الله في كتابه» ، ثم
قبض قبضة اخرى ، فأرخى كفه كلها ، ثم قال: «هذا الإسراف» ، ثم أخذ قبضة اخرى ،
فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال: «هذا القوام»[1181].
4 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ،
عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمد بن عمرو ، عن عبدالله بن أبان ، قال: سألت أبا الحسن الأول (عليه
السلام) عن النفقة على العيال ، فقال: «ما بين المكروهين: الإسراف ، والإقتار»[1182].
5 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن
محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح ابن عقبة ، عن سليمان بن صالح ، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام):
أدنى ما يجيء من حد الإسراف ؟ فقال: «بذلك ثوب صونك ، وإهراقك فضل إنائك ، وأكلك
التمر ، ورميك النوى هاهنا وهاهنا»[1183].
6 - العياشي: عن عبدالرحمن ،
قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قوله:(يَسْئَلُونَكَ
ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)[1184] ، قال: «(الَّذِينَ إِذا
أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) - قال: - نزلت هذه بعد هذه ، هي الوسط»[1185].
7 - عن جابر ، عن أبي جعفر
(عليه السلام) ، قال: «قوله: (وَالَّذِينَ إِذا
أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا)
إذا أسرفوا سيئة ، وأقتروا سيئة ، (وَكانَ بَيْنَ
ذلِكَ قَواماً) حسنة ، فعليك بالحسنة بين
السيئتين»[1186].
8 - عن الحلبي ، عن بعض أصحابنا ، عنه
، قال: قال أبوجعفر (عليه السلام) ، لأبي عبدالله (عليه السلام): «يا بني ، عليك
بالحسنة بين السيئتين ، تمحوهما». قال: «وكيف ذلك ، يا أبه ؟» قال: «مثل قول الله:
(وَلا تَجْهَرْ
بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) لا تجهر
بصلاتك[1187]
سيئة ولا تخافت بها سيئة (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ
سَبِيلًا)[1188] حسنة ، ومثل قوله: (وَلا تَجْعَلْ
يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)[1189] ، ومثل قوله: (وَالَّذِينَ
إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) إذا أسرفوا سيئة ، وأقتروا سيئة (وَكانَ
بَيْنَ ذلِكَ قَواماً حسنة) ، فعليك بالحسنة
بين السيئتين»[1190].
قوله تعالى:
)وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً
آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ- إلى قوله تعالى- إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا
صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَحِيماً68- 70(
1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، رفعه ، قال: «إن الله
عز وجل أعطى التائبين ثلاث خصال ، لو أعطي خصلة منها جميع أهل السماوات والأرض
لنجوا بها:
قوله عز وجل: )إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ([1191] من أحبه الله لم يعذبه.
وقوله:)الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ
حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ
لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا
وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ
آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ
وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ([1192].
وقوله عز وجل: )وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً
آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ
لا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ
يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً(».[1193]
2 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن
سليمان بن خالد ، قال: كنت في محمل أقرأ ، إذ ناداني أبو عبد الله (عليه السلام):
«اقرأ ، يا سليمان» وأنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك:)وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ( ، فقال: «هذه فينا ، أما والله لقد وعظنا وهو يعلم أنا لا نزني ،
اقرأ يا سليمان». فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: )إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا
صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَحِيماً( ، قال: «قف ، هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم
القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز وجل ، فيكون هو الذي يلي حسابه ، فيوقفه على
سيئاته ، شيئا فشيئا ، فيقول: عملت كذا وكذا ، في يوم كذا ، في ساعة كذا. فيقول: أعرف ، يا رب-
قال- حتى يوقفه على سيئاته كلها ، كل ذلك يقول: أعرف ، فيقول:سترتها عليك في الدنيا ، وأغفرها لك اليوم
، أبدلوها لعبدي حسنات- قال- فترفع صحيفته للناس ، فيقولون: سبحان الله ، أما كانت لهذا العبد ولا
سيئة واحدة! فهو قول الله عز وجل) فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ
حَسَناتٍ(».قال: ثم قرأت ،
حتى انتهيت إلى قوله: )وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا
مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً([1194] ، قال:
«هذه فينا». ثم قرأت: )وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ
لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً([1195] ، فقال: «هذه فيكم ، إذا ذكرتم فضلنا لم
تشكوا». ثم
قرأت: )وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا
مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ([1196] ، إلى آخر السورة ، فقال:«هذه فينا».[1197]
3 - الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال:
أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري ، قال: أخبرني عمي أبو الحسن علي بن سليمان
بن الجهم ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي ، قال: حدثنا العلاء بن
رزين ، عن محمد بن مسلم الثقفي ، قال: سألت أبا جعفر
محمد بن علي (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: )فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ
حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً(.
فقال (عليه السلام): «يؤتى بالمؤمن المذنب
يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب ، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه ، لا
يطلع على حسابه أحدا من الناس ، فيعرفه ذنوبه ، حتى إذا أقر بسيئاته ، قال الله عز
وجل للكتبة[1198]:
بدلوها حسنات ، وأظهروها للناس. فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة!
ثم يأمر الله به إلى الجنة ، فهذا تأويل الآية ، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة».[1199]
وروى هذا الحديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان
في (أماليه) ، قال: أخبرني أبو غالب أحمد ابن محمد الزراري ، وساق الحديث بالسند
والمتن[1200].
4 - الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن محمد بن عيسى ، عن
عمر بن إبراهيم ، عن[1201]
بياع السابري ، عن حجر بن زائدة ، عن رجل ، عن أبي
جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت: يا ابن رسول الله ، إن لي حاجة؟ فقال: «تلقاني بمكة» فقلت: يا ابن رسول الله ، إن لي حاجة. فقال:
«تلقاني بمنى» فقلت: يا ابن رسول الله ، إن لي حاجة ، فقال: «هات حاجتك». فقلت: يا ابن رسول الله ، إني أذنبت ذنبا بيني وبين الله ،
لم يطلع عليه أحد ، فعظم علي ، وأجلك أن استقبلك به. فقال: «إنه إذا كان يوم
القيامة ، وحاسب الله عبده المؤمن ، أوقفه على ذنوبه ، ذنبا ذنبا ، ثم غفرها له ،
لا يطلع على ذلك ملكا مقربا ، ولا نبيا مرسلا».
قال عمر بن إبراهيم: وأخبرني عن غير واحد
أنه قال: «ويستر عليه من ذنوبه ما يكره أن يوقفه عليها- قال- ويقول لسيئاته: كوني
حسنات ، وذلك قول الله تبارك وتعالى:) فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً(».[1202]
5 - وعنه: عن القاسم بن محمد ، عن
علي ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله تبارك وتعالى إذا أراد
أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه ، وحاسبه فيما بينه وبينه ، فيقول: عبدي ،
فعلت كذا وكذا ، وعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم- يا رب- قد فعلت ذلك. فيقول: قد
غفرتها لك ، وأبدلتها حسنات. فيقول الناس: سبحان
الله! أما كان لهذا العبد ولا[1203]سيئة واحدة! وهو قول الله
عز وجل: )فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ
فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً([1204]». قلت: أي أهل؟ قال: «أهله
في الدنيا هم أهله في الجنة ، إذا كانوا مؤمنين ، وإذا أراد بعبد شرا ، حاسبه على
رؤوس الناس ، وبكته[1205] ، وأعطاه كتابه بشماله ،
وهو قول الله عز وجل: )وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ
ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَيَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي
أَهْلِهِ مَسْرُورا([1206]». قلت: أي أهل؟ قال: «أهله في الدنيا».
قلت: قوله: )إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ([1207]؟ قال: «ظن أنه لن يرجع».[1208]
6 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ،
عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن
الله مثل لي امتي في الطين ، وعلمني أسماءهم ، كما علم آدم الأسماء كلها ، فمر بي
أصحاب الرايات ، فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة. قيل: يا
رسول الله ، وما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم ، وإن الله لا يغادر[1209] صغيرة ولا كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات».[1210]
7 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات)
، قال: حدثني أبو العباس محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن
منيع ، عن صفوان بن يحيى ، عن صفوان بن مهران الجمال
، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «أهون ما يكسب زائر الحسين (عليه السلام)
في كل حسنة ألف ألف حسنة ، والسيئة واحدة ، وأين الواحدة من ألف ألف!».
ثم قال: «يا صفوان ، أبشر ، فإن لله
ملائكة معها قضبان من نور ، فإذا أراد الحفظة أن تكتب على زائر الحسين (عليه
السلام) سيئة ، قالت الملائكة للحفظة: كفي. فتكف ، فإذا عمل حسنة ، قالت لها:
اكتبي ، أولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات».[1211]
8 - الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال:
أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين البصري البزاز ، قال: حدثنا أبوعلي أحمد بن علي بن مهدي ، عن أبيه ، عن الرضا علي بن
موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ، ويضاعف الحسنات ، وإن الله تعالى
ليحتمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد ، إلا ما كان منهم فيها على
إصرار وظلم للمؤمنين ، فيقول للسيئات: كوني حسنات».[1212]
9 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن جعفر ، وإبراهيم ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)
قال: «إذا كان يوم القيامة ، أوقف الله المؤمن بين يديه ، وعرض عليه عمله ، فينظر
في صحيفته ، فأول ما يرى سيئاته ، فيتغير لذلك لونه ، وترتعد فرائصه ، ثم تعرض
عليه حسناته ، فتفرح لذلك نفسه ، فيقول الله عز وجل: بدلوا سيئاتهم حسنات ،
وأظهروها للناس. فيبدل الله لهم ، فيقول الناس: أما كان لهؤلاء سيئة واحدة! وهو
قوله: )يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ(».[1213]
10 - وقال علي بن إبراهيم: قوله
تعالى: )وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً
آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا
يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً( وأثام: واد من أودية جهنم ، من صفر مذاب ، قدامها خدة[1214] في جهنم ، يكون فيه من
عبد غير الله ، ومن قتل النفس التي حرم الله ، ويكون فيه الزناة ، ويضاعف لهم فيه
العذاب ، )إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ إلى قوله فَإِنَّهُ
يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً([1215] ، يقول: لا يعود إلى شيء
من ذلك بالإخلاص ، ونية صادقة.[1216]
11 - علي بن إبراهيم أيضا: في
قوله: )وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً
آخَرَ)إلى
قوله: (يَلْقَ أَثاماً( ، قال: واد في جهنم
يقال له أثام ، ثم استثنى عز وجل ، فقال: )إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ
اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ(.[1217]
12 - المفيد في (الإختصاص): عن محمد بن الحسن السجاد[1218]
، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد
بن[1219]
الهيثم الحضرمي ، عن علي بن الحسين الفزاري ، عن آدم بن التمار الحضرمي ، عن سعد
بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: أتيت أمير المؤمنين
(صلوات الله عليه) لأسلم عليه ، فجلست أنتظره ، فخرج إلي ، فقمت إليه ، فسلمت عليه
، فضرب على كفي ، ثم شبك أصابعه بأصابعي ، ثم قال: «يا أصبغ بن نباتة» ، قلت: لبيك
وسعديك ، يا أمير المؤمنين. فقال: «إن ولينا ولي الله ، فإذا مات ولي الله كان من
الله بالرفيق الأعلى ، وسقاه من نهر أبرد من الثلج ، وأحلى من الشهد ، وألين من
الزبد». فقلت: بأبي أنت وامي ، وإن كان مذنبا؟ فقال: «نعم ، وإن كان مذنبا ، أما
تقرأ القرآن: )فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ
حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً( يا أصبغ ، إن ولينا لو لقي الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر ،
ومثل عدد الرمل ، لغفرها الله له ، إن شاء الله تعالى».[1220]
13 - شرف الدين النجفي ، قال: روى مسلم في (الصحيح) عن أبي ذر (رضي الله عنه) ، قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): «يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، وتخبأ
كبارها ، فيقال له: عملت يوم كذا وكذا ، كذا وكذا ، وهو مقر لا ينكر ، وهو مشفق من
الكبائر ، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة. فيقول الرجل حينئذ: لي ذنوب ما
أراها هاهنا!». قال: ولقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضحك حتى بدت نواجذه[1221] .[1222]
[1] تفسير القمّي 2: 75.
[2] في «ج» والمصدر: أبو محمّد عبد اللّه بن سعيد بن هاشم.
[3] في المصدر زيادة: سنة خمس وثمانين ومائتين.
[4] البرنس: كلّ ثوب رأسه منه ملزوق به. «مجمع البحرين- برس- 4: 52».
[5] أي أستشيره.
[6] في «ط» نسخة بدل والمصدر: وقد ذاق.
[7] في «ج»: المسوح. وهي الألبسة المتّخذة من الشعر.
[8] الأمالي: 33/ 2.
[9] في «ط»: البيت.
[10] آل عمران 3: 21.
[11] في «ج ، ي ، ط»: وانّك ستبلى بي.
[12] كتاب سليم بن قيس: 158.
[13] علل الشرائع: 80/ 1.
[14] تفسير القمّي 1: 88.
[15] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (259) من سورة البقرة.
[16] المناقب 3: 313.
[17] تفسير القمّي 2: 75.
[18] تأويل الآيات 1: 329/ 13.
[19] في المصدر: روح مخلوقة بأمر اللّه.
[20] تفسير القمّي 2: 75.
[21] تفسير القمّي 2: 75.
[22] في «ط»: إلى.
[23] الرجعة للميرزا محمّد مؤمن الأسترآبادي: 20 «مخطوط».
[24] تقدّم في الحديث (5) من تفسير الآيات (83- 98) من سورة الكهف.
[25] تفسير القمّي 2: 76.
[26] تقدّم في تفسير سورة الكهف (باب في يأجوج ومأجوج).
[27] وجد: حزن. «الصحاح- وجد- 2: 547».
[28] عبد الله بن الزبعرى بن قيس السهمي القرشي ، أبو سعد ، شاعر قريش في الجاهلية.
كان شديدا على المسلمين إلى أن فتحت مكة ، فهرب إلى نجران ، فقال فيه حسان أبياتا
، فلما بلغته عاد إلى مكة ، فأسلم واعتذر ، ومدح النبي (صلى الله عليه وآله) فأمر له
بحلة. الأغاني 14: 11 ، شرح شواهد المغني 2: 551 ، أعلام الزركلي 4: 87.
[29] تفسير القمّي 2: 76.
[30] مريم 19: 71.
[31] تفسير القمي 2: 77.
[32] قرب الاسناد: 41.
[33] تأويل الآيات 1: 329/ 14 ، تفسير البيضاوي 2: 79 ، الدر المنثور 5: 681 ،
روح المعاني 17: 97.
[34] كشف الغمة 1: 320.
[35] في المصدر: ربيع بن قريع.
[36] في «ج ، ي» والمصدر: حسان بن رابضة.
[37] في المصدر زيادة: مالها مردود.
[38] تأويل الآيات 1: 329/ 15.
[40] في «ط»: العالم.
[41] الطّمر: الثوب الخلق. «الصحاح- طمر- 2: 726» ، وفي المصدر: كلّ طمر ، والمراد
به: الذي لا يملك شيئا ، وفي «ط» نسخة بدل: كلّ طمر.
[42] في «ط»: نسخة بدل: ما فاتهم.
[43] في «ج ، ي»: ما.
[44] في «ط» نسخة بدل: الفائزون.
[45] في «ج ، ي»: يتنزعون.
[46] في «ي»: برحمة.
[47] الأمالي: 45/ 2.
[48] في «ط»: لا ، هو.
[49] الرحمن 55: 33.
[50] الذفر: شدّة ذكاء الريح ، والمسك الأذفر: أي جيّد بيّن الذفّر «مجمع البحرين-
ذفر- 3: 309».
[51] النمل 27: 89.
[52] تفسير القمّي 2: 77.
[53] الكافي 2: 163/ 1.
[54] تأويل الآيات 1: 33/ 17.
[55] تقدّم في الحديث (7) من تفسير هذه الآيات.
[56] فضائل الشيعة: 55/ 17.
[57] الأمالي: 450/ 2.
[58] فضائل الشيعة: 55/ 17.
[59] الزهد: 53/ 141.
[60] يأتي في تفسير الآيتين (17 ، 18) من سورة ق.
[61] الزهد: 54/ 145.
[62] تفسير القمي 2: 77.
[63] الكافي 1: 176/ 6.
[64] تأويل الآيات 1: 332/ 19.
[65] تأويل الآيات 1: 332/ 20.
[66] تأويل الآيات 1: 332/ 21.
[67] في «ط ، ي»: بن.
[68] (أبيه) ليس في «ج ، ط» نسخة بدل: عن أبيه الحسين.
[69] في «ط» زيادة: هذا الذي يحضرني من سند الحديث ، وفيه ما فيه ، واللّه أعلم.
[70] تأويل الآيات 1: 332/ 22.
[71] تفسير القمّي 2: 77 ، ينابيع المودة: 425.
[72] مجمع البيان 7: 106.
[73] تفسير القمّي 2: 77.
[74] آل عمران 3: 128.
[75] تفسير القمّي 2: 78.
[76] في «ج، ط»: سنة.
[77] ثواب الأعمال: 108.
[78] .... مجمع البيان 7: 109 «قطعة منه».
[79] في المصدر: و أصيب.
[80] خواصّ القرآن: 4.
[81] في «ط»: فيه.
[82] في المصدر: وترعب.
[83] في «ي»: والأوتاد.
[84] في «ط» نسخة بدل والمصدر: سرابا.
[85] في المصدر زيادة: يقضي و.
[86] الأمالي 1: 24.
[87] تقدّم في الحديث (8) من تفسير الآية (114) من سورة هود.
[88] في المصدر: عن الحسن بن عليّ ، عن أبيه ، عن.
[89] في المصدر: فينعس.
[90] الأمالي 2: 265.
[91] في «ي»: زيد بن أرقم.
[92] في المصدر: فتخليكم.
[93] في «ج ، ي» غدّارة.
[94] في «ج»: فرجتها.
[95] في المصدر: تنوّمون.
[96] في «ج»: يتحبرون ، وفي «ط»: يتجبرون.
[97] في المصدر: في قلبه.
[98] في المصدر: ذي.
[99] حبوت الرّجل حباء: أعطيته الشيء بغير عوض. «مجمع البحرين- حبا- 1: 94».
[100] في «ط»: فيه.
[101] في المصدر: الحذر إذ.
[102] الأمالي 2: 265.
[103] في «ط ، ي»: ذاهبة.
[104] تفسير القمّي 2: 78.
[105] الكافي 6: 12/ 1.
[106] في «ط»: نخرج.
[107] تفسير القمّي 2: 78.
[108] تفسير القمّي 2: 78.
[109] تفسير القمّي 2: 79.
[110] في المصدر: أي.
[111] تأويل الآيات 1: 333/ 1.
[112] تفسير القمّي 2: 79.
[113] الكافي 2: 292/ 4.
[114] في «ج»: وخلفوا.
[115] الكافي 2: 292/ 4.
[116] الكافي 2: 303/ 1.
[117] في «ج»: وخلفوا.
[118] الكافي 2: 303/ 2.
[119] في «ج»: وخلفوا.
[120] تفسير القمّي 2: 79.
[121] تأويل الآيات 1: 333/ 2.
[122] تفسير القمي 2: 79.
[123] في «ط ، ي»: أحد.
[124] الكافي 8: 157/ 148.
[125] الاختصاص: 213.
[126] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (5) من سورة يونس.
[127] الكافي 1: 349/ 51.
[128] منسوب إلى أسروشنة: بلدة وراء سمرقند دون سيحون كما في أنساب السمعاني 1:
141 ، معجم البلدان 1: 177 ، وفي معجم رجال الحديث 12: 251 الأشروسي.
[129] في «ج ، ي»: عن جعفر بن محمد.
[130] الخصال: 42/ 35.
[131] تأويل الآيات 1: 334/ 3.
[132] في «ج»: ماهان.
[133] الأمالي 1: 83 ، صحيح البخاري 6: 181 ، تفسير الرازي 23: 21 ، مستدرك الحاكم
2: 386 ، النور المشتعل: 144 ، جامع الأصول 2: 322 ، تفسير القرطبي 12: 25 ، تلخيص
المستدرك 2: 386.
[134] كشف الغمّة 1: 313 ، صحيح مسلم 4: 2323/ 3033 ، صحيح البخاري 6: 181/
264.
[135] في «ط» نسخة بدل والمصدر: تشويه.
[136] تفسير القمّي 2: 80.
[137] في «ج»: يعذبكما.
[138] في «ج ، ي ، ط»: ذلك.
[139] تفسير القمّي 2: 81.
[140] في المصدر: عمر بن يزيد.
[141] في «ط» والمصدر: اذنه.
[142] المرزبات ، جمع مرزبة: المطرقة الكبيرة التي تكون للحدّاد. «النهاية 2:
219».
[143] الأمالي: 136.
[144] الجرس والجرس: الصوت الخفيّ. «الصحاح- جرس- 3: 911».
[145] في «ج ، ي»: خرج. [.....]
[146] الدروع الواقية: 58.
[147] الدروع الواقية: 58.
[148] في «ي ، ط» والمصدر: نعيم.
[149] في المصدر: منزلة من يدخل.
[150] في «ج ، ي»: سعيه.
[151] في «ط» والمصدر: تضاعف.
[152] في «ج»: لأعشى.
[153] في المصدر: وتفسيرهما.
[154] تفسير القمّي 2: 81.
[155] يأتي في تفسير الآيات (19- 23) من سورة الحاقة.
[156] يأتي في تفسير الآية (20) من سورة الزمر وتفسير الآيات (46- 62) و(66-
72) من سورة الرحمن.
[157] تقدم في تفسير الآيات (73- 98) من سورة مريم.
[158] في المصدر: أبا عبد اللّه.
[159] المحاسن: 169/ 133.
[160] الكافي 1: 352/ 71 ، شواهد التنزيل 1: 394/ 546.
[161] المناقب 3: 96.
[162] تفسير القمّي 2: 83.
[163] تفسير القمّي 2: 83.
[164] الحاقة 69: 32 و33.
[165] الكافي 4: 243/ 1.
[166] في «ي»: البوادي.
[167] قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «بقطرانهم» كأنه جمع القطار
على غير القياس ، أو هو تصحيف قطرات. قال في مصباح اللغة: القطار من الإبل عدد على
نسق واحد ، والجمع قطر مثل: كتاب وكتب ، والقطرات جمع الجمع. «مرآة العقول 17:
109».
[168] الكافي 4: 244/ 2.
[169] التهذيب 5: 420/ 1458.
[170] التهذيب 5: 463/ 1615.
[171] في المصدر: يصنع.
[172] في المصدر زيادة: في دورهم.
[173] علل الشرائع: 396/ 1.
[174] قرب الاسناد: 65.
[175] قرب الاسناد: 52.
[176] مسائل علي بن جعفر: 143/ 168.
[177] الكافي 4: 227/ 1.
[178] الكافي 4: 227/ 2.
[179] الكافي 4: 227/ 3.
[180] الكافي 8: 337/ 533.
[181] الكافي 1: 348/ 44.
[182] علل الشرائع: 445/ 1.
[183] التهذيب 5: 420/ 1457.
[184] تفسير القمي 2: 83.
[185] تأويل الآيات 1: 335/ 7.
[186] تقدمت في تفسير الآية (125) من سورة البقرة.
[187] في «ج» والمصدر: كان.
[188] في «ج ، ي ، ط»: إصبعه في أذنه.
[189] آل عمران 3: 97.
[190] تفسير القمي 2: 83.
[191] وهي قرية بينها وبين المدينة ستّة أميال أو سبعة ، منها ميقات أهل
المدينة. «معجم البلدان 2: 295».
[192] وهي أرض ملساء بين مكّة والمدينة. «معجم البلدان 1: 423».
[193] في سلخ أربع من ذي الحجّة: أي بعد مضي أربع منه. «مجمع البحرين- سلخ- 2:
434».
[194] في المصدر زيادة: به.
[195] البقرة 2: 158.
[196] سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني: أبو سفيان ، صحابي ، له شعر ، كان
ينزل قديدا ، وكان في الجاهلية قائفا- أي يقتصّ الأثر ، ويصيب الفراسة ، وقد اشتهر
بهذا من العرب آل كنانة ، ومن كنانة آل مدلج- أخرجه أبو سفيان ليقتاف أثر رسول (صلى
اللّه عليه وآله) حين خرج إلى الغار ، وأسلم بعد غزوة الطاف سنة (8) هـ
، وتوفّي سنة (24) هـ ، طبقات
ابن سعد 1: 232 ، الإصابة 3: 19.
[197] آل عمران 3: 95.
[198] البقرة 2: 199.
[199] في «ي» ونسخة من «ط» والمصدر: عرنة.
[200] في المصدر: بيده.
[201] في «ط» زيادة: بالدعاء.
[202] في «ط» والمصدر زيادة: القرص.
[203] في «ج ، ي»: وأفاض.
[204] في «ط» والمصدر زيادة: الجمرة.
[205] أي قطعة.
[206] البرمة: القدر مطلقا ، وهي في الأصل المتّخذة من الحجّر. «النهاية 1:
121».
[207] الكافي 4: 245/ 4.
[208] علل الشرائع: 416/ 1.
[209] الكافي 4: 263/ 46.
[210] في المصدر: لزمانته. والزّمانة: المرض الذي يدوم.
[211] الكافي 4: 46/ 4.
[212][212] التوبة 9: 60.
[213] في المصدر: فقسمها علانية.
[214] الكافي 3: 501/ 16.
[215] الكافي 4: 500/ 6.
[216] التهذيب 5: 223/ 751.
[217] في المصدر زيادة: قال علي (عليه السّلام).
[218][218] البقرة 2: 203.
[219] التهذيب 5: 487/ 1736.
[220] معاني الأخبار: 296/ 1.
[221] معاني الأخبار: 297/ 2.
[222] البقرة 2: 203.
[223] في المصدر: وهي.
[224] معاني الأخبار: 297/ 3.
[225] الكافي 4: 337/ 3.
[226] الكافي 4: 503/ 8.
[227] الكافي 4: 503/ 12.
[228] الكافي 4: 543/ 15.
[229] الكافي 4: 513/ 2.
[230] الكافي 4: 189/ 6.
[231] في «ط»: الحرم.
[232] الكافي 4: 189/ 5.
[233] الكافي 4: 512/ 1.
[234] الكافي 2: 323/ 2.
[235] حفّ رأس الإنسان وغيره حفوفا: شعث وبعد عهده بالدّهن. «لسان العرب- حفف-
9: 50».
[236] التهذيب 5: 298/ 1010.
[237] من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1431.
[238] من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1432.
[239] من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1437.
[240] في «ج»: ذلك.
[241] معاني الأخبار: 340/ 10.
[242] معاني الأخبار: 338/ 1 ، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1433.
[243] معاني الأخبار: 338/ 2 ، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1434.
[244] من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1435.
[245] معاني الأخبار: 338/ 3 ، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1051.
[246] معاني الأخبار: 339/ 4 ، من لا يحضره الفقيه 2: 290/ 1436.
[247] في المصدر: تتكلّم في إحرامك.
[248] معاني الأخبار: 339/ 8 ، من لا يحضره الفقيه 2: 214/ 974 «نحوه».
[249] معاني الأخبار: 339/ 6.
[250] معاني الأخبار: 339/ 7.
[251] الاسّ: الأصل ، انظر «المعجم الوسيط- أسس- 1: 17».
[252] علل الشرائع: 398/ 1.
[253] في المصدر: الحرام.
[254] علل الشرائع: 399/ 2.
[255] علل الشرائع: 399/ 3.
[256] علل الشرائع: 399/ 5.
[257] (من) ليس في المصدر ، وفي «ج»: ومن.
[258] علل الشرائع: 399/ 4.
[259] تأويل الآيات 1: 336/ 8.
[260] تأويل الآيات 1: 336/ 9.
[261] تأويل الآيات 1: 336/ 10.
[262] الكافي 6: 431/ 1.
[263] الكافي 6: 435/ 2.
[264] الكافي 6: 436/ 7.
[265] في المصدر: على المعرفة به.
[266] الكافي 2: 10/ 4.
[267] لقمان 31: 6.
[268] معاني الأخبار: 349/ 1.
[269] معاني الأخبار: 349/ 2.
[270] معاني الأخبار: 349/ 1.
[271] في المصدر: المعرفة.
[272] التوحيد: 440/ 9.
[273] تفسير القمّي 2: 84.
[274] الأمالي 1: 330.
[275] تفسير القمّي 2: 84.
[276] في المصدر زيادة: حتّى يبلغ البدنة.
[277] الكافي 4: 395/ 5.
[278] الكافي 4: 492/ 1.
[279] من لا يحضره الفقيه 2: 300/ 1493.
[280] في «ط»: موضعها.
[281] تفسير القمّي 2: 84.
[282] تأويل الآيات 1: 337/ 11.
[283] تفسير القمّي 2: 84.
[284] في المصدر: إلى.
[285] الكافي 4: 497/ 1.
[286] الكلوح: تكشر في عبوس. «الصحاح- كلح- 1: 399».
[287] في المصدر: لتطعمه.
[288] الكافي 4: 499/ 2.
[289] الكافي 4: 500/ 6.
[290] الكافي 4: 501/ 9.
[291] التهذيب 5: 223/ 751.
[292] التهذيب 5: 223/ 753.
[293] زبّد شدقه: خرج زبده. «أقرب الموارد- زبد- 1: 453».
[294] معاني الأخبار: 208/ 1.
[295] معاني الأخبار: 208/ 2.
[296] تفسير القمّي 2: 84.
[297] تفسير القمّي 2: 84.
[298] تفسير القمّي 2: 84.
[299] البقرة 2: 203.
[300] الكافي 4: 516/ 3.
[301] البقرة 2: 203.
[302] في «ط» زيادة: عقيب.
[303] الكافي 4: 516/ 1.
[304] - تأويل الآيات 1: 337/ 12.
[305] - الكافي 8: 337/
534.
[306] - الحج 22: 41.
[307] - تأويل الآيات 1:
338/ 14.
[308] - تأويل الآيات 1:
338/ 15.
[309] - تأويل الآيات 1:
338/ 16.
[310] - في المصدر: محمّد
بن عبد الرحمن بن الفضل.
[311] - تأويل الآيات 1:
339/ 17، شواهد التنزيل 1: 399/ 552.
[312] - تأويل الآيات 1:
339/ 18.
[313] - كامل الزيارات: 63/
4.
[314] - مجمع البيان 7:
138.
[315] - تفسير القمّي 2:
84.
[316] - الحج 22: 41.
[317] - تفسير القمّي 2:
84.
[318] - التوبة 9: 111
[319]
تقدّم في الحديث
(2) من تفسير الآيتين (111 و 112) من سورة التوبة.
[320] - الآطام: جمع أطم،
بسكون الطاء و ضمّها: الحصن والبيت المرتفع.
[321] - جوامع الجامع: 301.
[322] - في المصدر: بما
يدفع.
[323] - تأويل الآيات 1:
340/ 19.
[324] - تأويل الآيات 1:
340/ 20، وقطعة منه في شواهد التنزيل 1: 280/ 384 و تذكرة الخواص: 16 وفرائد
السمطين 1: 339/ 261 وينابيع المودة: 70 و 72 و 74 و 120.
[325] - قال المجلسي (رحمه
اللّه) في تفسير ذلك: أي كان قوم صالحون هجروا قوم سوء خوفا أن يفسدوا عليهم
دينهم، فاللّه تعالى يدفع بهذا القوم السوء عن الصالحين شرّ الكفّار ، كما كان
الخلفاء الثلاثة وبنو اميّة وأضرابهم يقاتلون المشركين ويدفعونهم عن المؤمنين
الّذين لا يخالطونهم ولا يعاونونهم خوفا من أن يفسدوا عليهم دينهم لنفاقهم وفجورهم
، و لم يأجر اللّه هؤلاء المنافقين بهذا الدفع ، لأنّه لم يكن غرضهم إلّا الملك و
السلطنة والاستيلاء على المؤمنين و أئمّتهم ، كما قال النبيّ (صلى اللّه عليه وآله):
«إنّ اللّه يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم»
وأمّا قوله (عليه السّلام): «وفينا مثلهم»
يعني نحن أيضا نهجر المخالفين لسوء فعالهم ، فيدفع اللّه ضرر الكافرين وشرّهم عنّا
بهم. «البحار 24: 361».
[326] - تقدّمت في الحديث
(2) من تفسير الآيتين (39- 40) من هذه السورة.
[327] - تأويل الآيات 1:
342/ 22.
[328] - في «ي، ط»: عمر.
[329] - في «ج، ي، ط»: عبد اللّه بن الحسن بن الحسين، راجع معجم رجال
الحديث 10: 159.
[330] - تأويل الآيات 1:
342/ 23، شواهد التنزيل 1: 400/ 554.
[331] تأويل الآيات 1: 342/ 24.
[332] تأويل الآيات 1: 343/ 25.
[334] تأويل الآيات 1: 338/ 14.
[335] تفسير القمّي 2: 87.
[336] -(إلى وقت ظهوره) ليس في المصدر.
[337] - في «ج، ي، ط»: وقضاياهم.
[338] - في المصدر: و فضائلهم المشرفة على الدنيا.
[339] - التوبة 9: 33، الفتح 48: 28، الصف 61: 9.
[340] - أي لا يفنى.
[341] - تفسير القمّي 2: 85 و 87.
[342] - الكافي 1: 353/ 75.
[343] - معاني الأخبار: 111/ 1.
[344] - معاني الأخبار: 111/ 2.
[345] - معاني الأخبار: 111/ 3.
[346] - الواقعة 56: 30- 33.
[347] - في «ج، ي، ط»: العلم.
[348] - مختصر بصائر الدرجات: 57.
[349] - تأويل الآيات 1: 344/ 26.
[350] - المناقب 3: 88.
[351] - المناقب 3: 88.
[352] - تفسير القمّي 2: 88.
[353] - الظاهر أنّه سقط من سند الحديث القاسم بن محمّد، بدليل السند
الآتي في ذيل هذا الحديث ، وانظر: فهرست الطوسي: 77 ، معجم رجال الحديث 12: 173.
[354] - في «ج، ي»: داود بن سليمان.
[355] - المعارج 70: 4.
[356] - الأمالي 1: 34.
[357] - الكافي 2: 119/ 2.
[358] - يأتي في الحديث (13) من تفسير الآية (4) من سورة المعارج.
[359] - في المصدر: لا يعمل لها غيرك.
[360] - الكافي 8: 131/ 103.
[361] - تأويل الآيات 1: 345/ 29.
[362] - الآية: 19 و 20.
[363] - العناق: بالفتح ،
الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول. «مجمع البحرين- عنق- 5: 219».
[364] - تفسير القمّي 2: 85.
[365] - تأويل الآيات 1: 347/ 33.
[366] - تأويل الآيات 1: 345/ 30.
[367] - تأويل الآيات 1: 346/ 31.
[368] - تأويل الآيات 1: 346/ 32.
[369] - وقر في قلبي كذا: وقع و بقي أثره. «أقرب الموارد- وقر- 2:
1474». و في المصدر: ينقر.
[370] - بصائر الدرجات: 341/ 2.
[371] - بصائر الدرجات: 343/ 10 و 11.
[372] - بصائر الدرجات: 339/ 1.
[373] - بصائر الدرجات: 339/ 2.
[374] - ورويت هذه القراءة عن عبد اللّه بن عباس وسعد بن إبراهيم بن عبد
الرحمن بن عوف ، كما في الدر المنثور 6: 65.
[375] - بصائر الدرجات: 341/ 8.
[376] - بصائر الدرجات: 386/ 6.
[377] - بصائر الدرجات: 386/ 2.
[378] - مريم 19: 51 و 54.
[379] - الكافي 1: 134/ 1.
[380] - الكافي 1: 134/ 2.
[381] - الكافي 1: 135/ 3.
[382] - الكافي 1: 212/ 1.
[383] - الكافي 1: 212/ 2.
[384] - الكافي 1: 213/ 3.
[385] - الكافي 1: 213/ 4.
[386] - الكافي 1: 213/ 5.
[387] - في «ط» نسخة بدل: يوقع علم ذلك.
[388] - الكافي 1: 135/ 4.
[389] - في «ح، ي» يوقر.
[390] - الاختصاص: 328.
[391] - مريم 19: 51 و 54.
[392] - الاختصاص: 328.
[393] - الاختصاص: 328.
[394] - في المصدر: يسار، و كذلك في الحديث الآتي.
[395] - الاختصاص: 329.
[396] - في «ط» نسخة بدل: مهدتون.
[397] - البلد 90: 3.
[398] - الاختصاص: 329.
[399] - المناقب 3: 336.
[400] - المناقب 3: 336.
[401] - الفرقان 25: 44.
[402] - الاحتجاج: 257.
[403] - في المصدر: أمير المؤمنين.
[404] - تفسير القمّي 2: 86.
[405] - تأويل الآيات 1: 348/ 35.
[406] - الأسل: الرماح.
[407] - خندف: لقب ليلى بنت عمران بن قضاعة زوجة إلياس بن مضر بن نزار،
و يفتخرون بها لأن نسب قريش ينتهي إليها. «محيط المحيط: 257».
[408] - في «ط»: القوم: و القرم: السيد العظيم.
[409] - تفسير القمّي 2: 86.
[410] - تأويل الآيات 1: 349/ 36.
[411] - تفسير القمي 2: 87.
[412] - تأويل الآيات 1: 349/ 37.
[413] - في «ط»: العزم.
[414] - تأويل الآيات 1: 350/ 38.
[415] - تفسير القمّي 2: 87.
[416] - الكافي 4: 542/ 11.
[417] - تفسير القمّي 2: 87.
[418] - الزمر 39: 42.
[419] - السجدة 32: 11.
[420] - الأنعام 6: 61.
[421] - النحل 16: 32.
[422] - النحل 16: 28.
[423] الإنسان 76: 30 والتكوير 81: 29.
[424] الاحتجاج: 247.
[425] في المصدر: السجزي.
[426] في «ج ، ي»: أبو عمر و عمرو
، وفي المصدر: أبو الحسن عمر.
[427] في المصدر: عبيد الله.
[428] الخصال: 523/ 13.
[429] يأتي في الحديث (4) من تفسير الآيات (16- 19) من سورة الأعلى.
[430]
تفسير القمي 2: 87.
[431] - التهذيب 2: 77/ 287.
[432] - الكافي 1: 146/ 2.
[433] - الكافي 1: 147/ 4.
[434] - الكافي 1: 147/ 5.
[435] - تأويل الآيات 1: 351/ 41.
[436] - غافر 40: 60.
[437] - قرب الاسناد: 41.
[438] - المحاسن: 166/ 124.
[439] - كتاب سليم بن قيس: 151.
[440] - المائدة 5: 117.
[441] - المائدة 5: 117.
[442] - تفسير القمّي 2: 88.
[443] - الكهف 18: 49.
[444] - الاحتجاج: 451.
[445] - مصباح الشريعة: 160، بحار الأنوار 100: 84/ 53.
[446] - مجمع البيان 7: 142.
[447] - الدر المنثور 6: 62.
[448] ثواب الأعمال: 108.
[449] ثواب الأعمال: 108.
[450] ثواب الأعمال: 108.
[451] خواص القرآن: 9 «مخطوط».
[452] تأويل الآيات 1: 1/ 352/ 1.
[453] مختصر بصائر الدرجات: 71.
[454] الحجر 15: 2.
[455] في جميع النسخ والمصدر: حنان ، راجع معجم رجال الحديث 8: 202.
[456] مختصر بصائر الدرجات: 75.
[457] مختصر بصائر الدرجات: 75.
[458] مختصر بصائر الدرجات: 93.
[459] في المصدر زيادة: المؤمنون.
[460] المحاسن: 271/ 366.
[461] المحاسن: 272/ 367.
[462] المحاسن: 272/ 368.
[463] في المصدر: أوراقها.
[464] في المصدر: وعزتي وجلالي.
[465] الرّقّ: الجلد. «تاج العروس- رقّ- 6: 358».
[466] بصبص- في دعائه-: رفع سبابتيه إلى السماء ، وحركهما. «المعجم
الوسيط 1: 59».
[467] الأمالي 2: 317.
[468] مناقب ابن شهر آشوب 2: 174.
[469] في المصدر زيادة: ولا كرامة له.
[470] تفسير القمّي 2: 88.
[471] المؤمنون 23: 99 و100.
[472] الكافي 3: 503/ 3.
[473] من لا يحضره الفقيه 2: 7/ 18 و19.
[474] الغرقى: القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض. «المعجم الوسيط-
غرقا- 2: 650».
[475] الكافي 5: 65/ 1.
[476] تفسير القمّي 2: 88.
[477] الكافي 5: 453/ 2.
[478] تفسير القمّي 2: 89.
[479] المعارج 70: 23.
[480] الكافي 3: 269/ 12.
[481] التهذيب 2: 240/ 951.
[482] الواقعة 56: 10 و11.
[483] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 65/ 288.
[484] تفسير القمي 2: 89.
[485] تفسير القمي 2: 89.
[486] تفسير القمّي 2: 89.
[487] الكافي 6: 13/ 3.
[488] الكافي 6: 13/ 4.
[489] أفاض بالقداح: أي ضرب بها. «الصحاح- فيض- 3: 1100».
[490] التهوع: التقيّؤ. «الصحاح- هوع- 3: 1309».
[491] الكافي 6: 13/ 5.
[492] في «ي» وغيره.
[493] الكافي 6: 16/ 6.
[494] الكافي 6: 16/ 7.
[495] الكافي 7: 342/ 1.
[496] تفسير القمّي 2: 90.
[497] أي مبلولة متقلّبة فيه.
[498] في المصدر: تبلغ مائة.
[499] تفسير القمّي 2: 90.
[500] تفسير القمّي 2: 91.
[501] تفسير القمّي 2: 91.
[502] الكافي 6: 391/ 4.
[503] تفسير القمّي 2: 91.
[504] تفسير القمّي 2: 91.
[505] تفسير القمّي 2: 91.
[506] علل الشرائع: 67/ 1.
[507] تفسير القمّي 2: 91.
[508] تقدّم في تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.
[509] يأتي في تفسير الآية (14) من سورة العنكبوت.
[510] تفسير القمّي 2: 91.
[511] كمال الدين وتمام النعمة: 18.
[512] في «ج» والمصدر: حسان.
[513] معاني الأخبار: 373/ 1.
[514] التهذيب 6: 38/ 79.
[515] كامل الزيارات: 47/ 5.
[516] تفسير القمّي 2: 91.
[517] الأمالي 2: 291.
[518] الكافي 2: 402/ 8.
[519] الكافي 5: 89/ 1.
[520] تأويل الآيات 1: 352/ 2.
[521] تفسير القمي 2: 91.
[522] تفسير القمي 2: 91.
[523] مناقب ابن شهر آشوب 2: 116.
[524] تأويل الآيات 1: 353/ 4.
[525] المحاسن: 247/ 252 و: 249/ 256.
[526] المحاسن: 247/ ذيل 252.
[527] في المصدر: شفاعتهم.
[528] الكافي 8: 229/ 294.
[529] في المصدر: منيّته.
[530] ال عمران 3: 31.
[531] في المصدر زيادة: ثمّ كان لك قلب حيّ لكنت أخوف الناس للّه عزّ
وجلّ في تلك الحال.
[532] الكافي 8: 128/ 98.
[533] الكافي 2: 330/ 15.
[534] الزهد: 24/ 53.
[535] الأمالي: 196/ 28.
[536] الزهد: 24/ 54.
[537] 24/ 55.
[538] يقال: خلّ له سربه ، أي طريقه. وفلان مخلّى السرب ، أي موسع عليه
غير مضيّق عليه «أقرب الموارد- سرب- 1: 508».
[539] الكافي 1: 122/ 1.
[540] (مع الفعل) ليس في «ي».
[541] الكافي 1: 123/ 2.
[542] الكافي 1: 123/ 3.
[543] الكافي 1: 124/ 4.
[544] في المصدر: أكرهوا.
[545] الخصال: 417/ 9.
[546] التوحيد: 352/ 19.
[547] التوحيد: 352/ 20.
[548] التوحيد: 352/ 21.
[549] التوحيد: 351/ 18.
[550] السمر: المسامرة ، وهوالحديث بالليل. «الصحاح- سمر- 2: 688».
[551] النساء 4: 170.
[552] يونس 10: 53.
[553] تفسير القمّي 2: 92.
[554] في «ي ، ط»: المفضل.
[555] تأويل الآيات 1: 355/ 6.
[556] في «ج ، ي ، ط»: الزماني.
[557] تأويل الآيات 1: 355/ 7.
[558] المناقب 3: 73 ، خصائص الوحي المبين: 110/ 79.
[559].... ، كشف الغمة 1: 313 ، غاية المرام: 263.
[560] الكافي 2: 348/ 2.
[561] الكافي 2: 349/ 6.
[562] معاني الآخبار: 369/ 1.
[563] مجمع البيان 7: 181.
[564] المؤمنون 23: 72.
[565] المؤمنون 23: 72.
[566] تفسير القمي 2: 94.
[567] مختصر بصائر الدرجات: 17.
[568] مجمع البيان 7: 181.
[569] في المصدر: أكاذيب.
[570] الشنوية: هم أصحاب الاثنين الأزليين ، يزعمون أن النور والظلمة
أزليان قديمان «الملل والنحل 1: 224». والثنوية: فرقة من القدرية (المعتزلة) وهي
التي قالت إن الخير من الله والشر من إبليس. «معجم الفرق الاسلامية: 75».
[571] في «ط» زيادة: ولا يستبد كل واحد بخلقه.
[572] تفسير القمي 2: 93.
[573] معاني الآخبار: 146/ 1.
[574] تأويل الآيات 1: 355/ 8.
[575] الكافي 8: 164/ 175.
[576] الكافي 8: 165/ 176.
[577] تفسير القمّي 2: 93.
[578] الكافي 3: 503/ 3.
[579] في «ي ، ط» والمصدر: علي بن الحسين ، وفي «ج»: علي بن الحسن ، وما
أثبتناه هوالصحيح ، راجع معجم رجال الحديث 19: 217.
[580] الكافي 3: 504/ 11.
[581] من لا يحضره الفقيه 2: 7/ 21 و18 و19.
[582] أمالي الصدوق: 239/ 12.
[583] تفسير القمّي 2: 93.
[584] تفسير القمّي 2: 93.
[585] تفسير القمّي 2: 94.
[586] الكافي 3: 242/ 3.
[587] الخصال: 119/ 108.
[588] في المصدر: بأب وجدّ.
[589] تفسير القمّي 2: 94.
[590] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 235/ 7.
[591] في المصدر: جرهم بن أبي جهنة ، راجع معجم رجال الحديث 4: 179.
[592] دلائل الإمامة: 260.
[593] تفسير القمّي 2: 94.
[594] الاحتجاج: 351.
[595] تقدّمت في تفسير الآيتين (46 ، 47) من سورة الأنبياء.
[596] في نسخة من «ط»: محمد بن الحسن.
[597] تأويل الآيات 1: 356/ 9.
[598] في المصدر: تبلغ.
[599] ربيع الأبرار 1: 168.
[600] أربد وجهه وتربّد: احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب «لسان العرب-
ربد- 3: 170».
[601] تفسير القمّي 2: 94.
[602] في «ط ، ي»: والمرجى.
[603] في المصدر نسخة بدل: والمرتجى دون العالمين ، وهوالعالم.
[604] في المصدر: عجب كعب.
[605] الغيبة: 146/ 4.
[606] تأويل الآيات 1: 356/ 10.
[607] التوحيد: 356/ 2.
[608] تفسير القمي 2: 94.
[609] المناقب 2: 120 ، شواهد التنزيل 1: 408/ 665.
[610] تفسير القمّي 2: 95.
[611] في المصدر: لم يزن أحد من أهل بيته أبدا.
[612] ثواب الأعمال: 109. [.....]
[613] خواص القرآن: 45 (مخطوط).
[614] خواص القرآن: 45 (مخطوط).
[615] خواص القرآن: 45 (مخطوط).
[616] النساء 4: 15.
[617] الكافي 2: 27/ 1.
[618] التهذيب 10: 150/ 602.
[619] تفسير القمّي 2: 95.
[620] مجمع البيان 7: 197.
[621] الكافي 5: 354/ 1.
[622] الكافي 5: 354/ 2.
[623] الكافي 5: 355/ 3.
[624] الكافي 5: 355/ 6.
[625] الكافي 5: 454/ 3. [.....]
[626] التهذيب 7: 269/ 1157.
[627] في «ي ، ط»: تقبل.
[628] مجمع البيان 7: 197.
[629] الكافي 7: 205/ 3.
[630] الكافي 7: 205/ 4.
[631] الكافي 7: 241/ 7.
[632] تفسير القمّي 2: 96.
[633] الغلس: ظلمة آخر الليل ، إذا اختلطت بضوء الصباح. «النهاية غلس-
3: 377».
[634] القاذورة: الفعل القبيح والقول السّيّئ - وأراد به هنا: الزنا- ،
انظر «النهاية- قذر- 4: 28».
[635] تفسير القمّي 2: 96.
[636] الكافي 6: 163/ 4.
[637] من لا يحضره الفقيه 3: 349/ 1671.
[638] تهذيب الأحكام 8: 184/ 644.
[639] الكافي 6: 162/ 3.
[640] في «ج ، ي»: ابن أبي عمير ، وكلاهما صحيحان لروايتهما عن جميل ،
راجع معجم رجال الحديث 4: 147.
[641] في المصدر: عليها.
[642] في «ط»: ورائهما ، وفي المصدر: ورائها.
[643] في «ط» نسخة بدل ، والمصدر: وجهها.
[644] الكافي 6: 165/ 10.
[645] الكافي 6: 165/ 11.
[646] أحمش الساقين: دقيقهما. «الصحاح- حمش- 3: 1002».
[647] الخفش: ضعف في البصر وضيق في العين. «لسان العرب- خفش- 6: 298».
[648] يقال جعد الشعر: إذا كان فيه التواء وتقبض. «مجمع البحرين- جعد-
3: 25».
[649] شعر قطط: شديد الجعودة ، ويقال القطط شعر الزنجي. «مجمع البحرين-
قطط- 4: 269».
[650] الشّهبة: البياض الذي غلب عليه السّواد. «لسان العرب- 1: 508»
[651] الصّهبة: الشّقرة في شعر الرأس. «لسان العرب- 1: 531».
[652] تفسير القمّي 2: 98.
[653] تفسير العيّاشي 1: 260/ 207.
[654] تفسير العيّاشي 1: 261/ 208.
[655] تفسير العيّاشي 1: 261/ 209.
[656] المناقب 3: 99.
[657] تفسير القمّي 2: 99.
[658] تفسير القمّي 2: 99.
[659] في المصدر: بلى ، قد كان واللّه أعلم.
[660] زاد في المصدر: القتل.
[661] تفسير القمّي 2: 319.
[662] الخصال: 563/ 31.
[663] أي احمر حمرة فيها سواد عند الغضب. «المعجم الوسيط- زبد- 1: 322».
[664] في «ط»: شهوة.
[665] أي لبسه.
[666] العهن: الصوف. «لسان العرب- عهن- 13: 297».
[667] النور 24: 23 و24.
[668] الهداية الكبرى: 297.
[669] أمالي المرتضى 1: 77.
[670] الحجرات 49: 6.
[671] الكافي 2: 66/ 2.
[672] الكافي 2: 266/ 5.
[673] الكافي 8: 147/ 125.
[674] الكافي 2: 165/ 8.
[675] أمالي الصدوق: 276/ 16.
[676] معاني الأخبار: 184/ 1.
[677] تفسير القمّي 2: 100.
[678] الإختصاص: 227.
[679] الإختصاص: 227.
[680] النور 24: 11.
[681] تفسير القمّي 2: 100.
[682] النور 24: 3.
[683] مجمع البيان 7: 213.
[684] معاني الأخبار: 163/ 1.
[685] تفسير القمّي 2: 101.
[686] تفسير القمّي 2: 101.
[687] الكافي 5: 521/ 5.
[688] الكافي 2: 30/ 1.
[689] الكافي 5: 520/ 1.
[690] الكافي 5: 521/ 2.
[691] الكافي 5: 521/ 3.
[692] القلب: سوار للمرأة.
[693] الكافي 5: 521/ 4.
[694] تفسير القمّي 2: 101.
[695] الدّملج: المعضد من الحليّ. «لسان العرب- دملج- 2: 276».
[696] تفسير القمّي 2: 101.
[697] الأحزاب 33: 55.
[698] الكافي 5: 531/ 2.
[699] الكافي 5: 531/ 3.
[700] الكافي 5: 531/ 4.
[701] الكافي 5: 531/ 1.
[702] الكافي 5: 523/ 1.
[703] الكافي 5: 523/ 2.
[704] الشّموع: الجارية اللّعوب الضّحوك ، وقيل: هي المزّاحة الطّيّبة
الحديث التي تقبّلك ولا تطاوعك على سوى ذلك. «لسان العرب- شمع- 8:186».
[705] النجل (بالتحريك): سعة شقّ العين ، والرجل أنجل ، والعين نجلاء.
«الصحاح- نجل- 5: 1826».
[706] المبتلّة: التامّة الخلق. «لسان العرب- بتل- 11: 43».
[707] الهيف (بالتحريك): رقّة الخصر وضمور البطن ، وامرأة هيفاء: ضامرة.
«لسان العرب- هيف- 9: 352».
[708] الشنب: رقّة وبرد وعذوبة في الأسنان. «لسان العرب- شنب- 1: 506».
[709] ثنى الشيء ثنيا: ردّ بعضه على بعض. «لسان العرب- ثنى- 14: 115».
وقال في النهاية: وفي حديث المخنّث يصف امرأة: «إذا قعدت تنبّت» أي فرّجت رجليها
لضخم ركبها. «النهاية- بنا- 1: 159».
[710] في «ج» والمصدر: غنّت.
[711] أي ما كنت أظنّ أنّكما من اولي الاربة. مرآة العقول: 20: 351.
[712] في المصدر: فغرّب.
[713] العرايا: اسم حصن بالمدينة. «مرآة العقول 20: 351».
[714] الكافي 5: 523/ 3.
[715] تهذيب الأحكام 7: 468/ 1873.
[716] في المصدر: أبا جعفر.
[717] معاني الأخبار: 161/ 1.
[718] معاني الأخبار: 162/ 2.
[719] تفسير القمّي 2: 102.
[720] تفسير القمّي 2: 102.
[721] تفسير القمّي 2: 102.
[722] الكافي 5: 330/ 5.
[746] الكافي 1: 151/ 5.
[783]الإنفحة: جزء من معدة صغار العجول والجداء
ونحوهما ، ومادّة خاصة تستخرج من الجزء الباطني من معدة الرضيع من العجول أوالجداء
أونحوهما ، بها خميرة تجبّن اللبن. «المعجم الوسيط- نفح- 2: 938».
[788]تأويل الآيات 1: 362/ 8 ، شواهد التنزيل
1: 410/ 567 و568 ، الدر المنثور 6: 203 ، روح المعاني 18: 174.
[793]في «ط»: سفين ، وفي «ج ، ي» والمصدر:
يعقوب بن أبي سفيان ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه ، راجع سير أعلام النبلاء 13: 180 ،
تهذيب التهذيب 11: 385.
[810]في «ط ، ج ، ي»: الحكيم بن حمران ، و في
المصدر: الحكم بن حمران ، والصحيح ما أثبتناه ، راجع معجم رجال الحديث 4: 254.
[812] البراثن جمع برثن: مخطب الطائر ، انظر «المعجم الوسيط 1: 46».
[813] التوحيد: 282/ 10.
[814] أذنة: مدينة بالشام. «الروض المعطار: 20».
[815] في «ج»: أحمد بن البراء ، وفي «ي ، ط»: أحمد بن محمد البراء ، وفي
المصدر: أحمد بن محمّد بن البراء ، راجع تاريخ بغداد 1: 281.
[816] التوحيد: 279/ 4.
[817] التوحيد: 280/ 5.
[818] التوحيد: 280/ 6.
[819] التوحيد: 281/ 9.
[820] في المصدر: على الأرض.
[821] تفسير القمّي 2: 106.
[822] تفسير القمّي 2: 107.
[823] الكافي 3: 505/ 15.
[824] الكافي 3: 505/ 18.
[825] في المصدر: مسيرة سبعين ألف عام في سبعين ألف عام.
[826] التوحيد: 277/ 3.
[827] التوحيد: 281/ 8.
[828] التوحيد: 282/ 11.
[829] الخصال: 407/ 4.
[830] نجد البيت: زيّنه. «أقرب الموارد - نجد - 2: 1271».
[831] في المصدر: طمسوسا.
[832] في المصدر: نون في الموضعين.
[833] روضة الواعظين: 67.
[834] في المصدر: سماطه.
[835] الكرّ: اثنا عشر وسقا ، وكلّ وسق ستّون صاعا. «النهاية - كرر - 4:
162».
[836] في المصدر: امّة.
[837] مشارق أنوار اليقين: 41.
[838] مشارق أنوار اليقين: 42.
[839] في المصدر: الماء.
[840] تفسير القمّي 2: 107.
[841] في المصدر: به ما يشاء لهم.
[842] زاد في المصدر: لهم.
[843] زاد في المصدر: فيكون كذا وكذا.
[844] الكافي 8: 239/ 326.
[845] زاد في المصدر: هي.
[846] الكافي 8: 340/ ذيل ح 326.
[847] قرب الإسناد: 35.
[848] تفسير القمّي 2: 107.
[849] مجمع البيان 7: 234.
[850] تفسير القمّي 2: 107.
[851] في «ج ، ي ، ط»: عن.
[852] تأويل الآيات 1: 367/ 18.
[853] تأويل الآيات 1: 367/ 19.
[854] مجمع البيان 7: 236.
[855] ..... اللوامع النورانية: 252.
[856] ..... اللوامع النورانية: 252.
[857] تفسير القمّي 2: 108.
[858] تأويل الآيات 1: 368/ 20.
[859] النور 24: 37.
[860] تفسير القمّي 2: 108.
[861] الكافي 1: 150/ 3.
[862] الكافي 1: 149/ 1.
[863] الغيبة: 240/ 35 ، ينابيع المودة: 426.
[864] في المصدر: قد هتك.
[865] الغيبة: 276/ 56.
[866] تأويل الآيات 1: 368/ 221.
[867] في «ج ، ي ، ط»: واثلة بن الأصقع بن قرضاب ، وفي المصدر: واثلة بن
الأشفع ، راجع تهذيب التهذيب 11: 101.
[868] البقرة 2: 3.
[869] المجادلة 58: 22.
[870] في المصدر: نعيم أبي قبيس.
[871] كفاية الأثر: 56.
[872] في المصدر: الجواشني.
[873] الكمّ من الثوب: مدخل اليد ومخرجها. «لسان العرب - كمم - 12:
526».
[874] المحجر في العين: ما أحاط بها. «المعجم الوسيط - حجر - 1: 157».
[875] البزّ: السّلب. «لسان العرب - بزز - 5: 312».
[876] رقا الدمع: جفّ وسكن. «أقرب الموارد - رقا - 1: 421».
[877] التّسميت: ذكر اللّه على الشيء. «لسان العرب - سمت - 2: 46».
[878] البائقة: الداهية. «لسان العرب - بوق - 10: 30».
[879] نزف عبرته ، وأنزفها: أفناها. «لسان العرب - نزف - 9: 327».
[880] الاسراء 17: 13.
[881] النساء 4: 157.
[882] في المصدر: قائل يهذي.
[883] (انه ولد ... بقوله) ليس في المصدر.
[884] تأزّر النبت: التفّ واشتدّ. «الصحاح - أزر - 2: 578».
[885] في «ج ، ط»: شيوخ.
[886] تنسّم: تنفّس. «الصحاح - نسم - 5: 2040» ، وفي المصدر: تسنّموا
منّي.
[887] هود 11: 37.
[888] يوسف 12: 110.
[889] كمال الدين وتمام النعمة: 352/ 50.
[890] في «ج ، ي ، ط»: الحسين.
[891] في المصدر: وأمكنه.
[892] آل عمران 3: 81.
[893] عيبة الرجل: موضع سرّه. «لسان العرب - عيب - 1: 634».
[894] القسطاس: أقوم الموازين. «لسان العرب - قسط - 7: 377».
[895] (والأنساب) ليس في المصدر.
[896] المسم: الحديدة التي يكوى بها. «لسان العرب - وسم - 12: 636».
[897] استعداه: استنصره واستعانه. «لسان العرب - عدا - 15: 39».
[898] في المصدر: للّه متعيّن أمره.
[899] الرجعة للميرزا محمد بن مؤمن الأسترآبادي: 15: «مخطوط».
[900] مجمع البيان 7: 239.
[901] مجمع البيان 7: 239 ، وذيل الحديث في الفصول المهمة: 294 ، ومنتخب
كنز العمال 6: 30.
[902] مجمع البيان 7: 240.
[903] الاحتجاج: 256.
[904] البقرة 2: 30.
[905] ص 38: 26.
[906] الأعراف 7: 142.
[907] المناقب 3: 63.
[908] في «ط»: السلم.
[909] الكافي 5: 529/ 1.
[910] الكافي 5: 529/ 2.
[911] الكافي 5: 530/ 3.
[912] في «ط ، ج»: بعد.
[913] الكافي 5: 530/ 4.
[914] مجمع البيان 7: 242.
[915] زاد في «ط»: من.
[916] الكافي 5: 522/ 1.
[917] قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله (عليه السّلام): «لهنّ شيء» أي
شيء يثبت لهنّ جوازه في الآية الاخرى ، وهي قوله عزّ وجلّ: (إِلَّا ما ظَهَرَ
مِنْها) فإنّ ما سوى ذلك داخل في النهي عن التبرّج بها ، ولا يبعد أن يكون «لهنّ»
تصحيف «هي». مرآة العقول 20: 345.
[918] الكافي 5: 522/ 2.
[919] الكافي 5: 522/ 3.
[920] زاد في «ط»: من.
[921] الكافي 5: 522/ 4.
[922] الكافي 5: 511/ 2.
[923] التهذيب 7: 480/ 1928.
[924] التهذيب 7: 467/ 1871.
[925] تفسير القمي 2: 108.
[926] التيه: الصلف والكبر. «القاموس المحيط 4: 284».
[927] التكرم: التنزّه. «القاموس المحيط 4: 172».
[928] تفسير القمي 2: 108.
[929] الكافي 6: 277/ 1.
[930] الكافي 6: 277/ 2.
[931] في المصدر: طعمت.
[932] الكافي 6: 277/ 4.
[933] الكافي 6: 277/ 5.
[934] (من بيت زوجها) ليس في «ج» والصمدر.
[935] الكافي 6: 277/ 3.
[936] المحاسن: 415/ 171.
[937] تفسير القمّي 2: 109.
[938] كشف الغمة 2: 118.
[939] معاني الأخبار: 162/ 1.
[940] تفسير القمّي 2: 109.
[941] مجمع البيان 7: 247.
[942] تفسير القمّي 2: 109.
[943] كذا ، والصحيح ابن أبي عامر ، وسيأتي التنويه من المصنّف لا حقا ،
وانظر اسد الغابة 2: 69.
[944] تفسير القمّي 2: 110.
[945] تقدّم في الحديث (7) من تفسير الآية (123) من سورة آل عمران.
[946] ... مناقب المغازلي: 364/ 411.
[947] تفسير القمّي 2: 110.
[948] تفسير القمّي 2: 110.
[949] الكافي 8: 87/ 51.
[950] الكافي 8: 223/ 281.
[951] الإسراء 17: 36.
[952] الحج 22: 77.
[953] الجنّ 72: 18.
[954] فصلت 41: 22.
[955] من لا يحضره الفقيه 2: 381/ 1627.
[956] كمال الدين وتمام النعمة: 654/ 22.
[957] الكافي 3: 506/ 23.
[958] ثواب الأعمال: 109.
[959] خواص القرآن: 9: 45 «مخطوط».
[960] الكافي 2: 461/ 11.
[961] (وغيره من ... في الألواح) ليس في «ج ، ي».
[962] علل الشرائع: 470/ 33.
[963] الاختصاص: 44.
[964] في المصدر: قبيطة.
[965] تفسير القمّي 2: 110.
[966] في «ج»: جبر.
[967] في «ي ، ط»: عباسا.
[968] تفسير القمّي 2: 111.
[969] ... نحوه في تاريخ الطبري 2: 344.
[970] الفرقان 25: 20.
[971] تفسير القمّي 2: 111.
[972] الاسراء 17: 90.
[973] تفسير القمّي 2: 111.
[974] تأويل الآيات 1: 371/ 1.
[975] تفسير القمّي 2: 111.
[976] الغيبة: 85/ 15.
[977] الغيبة: 84/ 13.
[978] تفسير القمّي 2: 112.
[979] المناقب 3: 103.
[980] تفسير القمّي 2: 112.
[981] مجمع البيان 7: 257.
[982] تفسير القمّي 2: 112.
[983] الأمالي 1: 56.
[984] تفسير القمّي 2: 112.
[985] معاني الأخبار: 265/ 2.
[986] تفسير القمّي 2: 111.
[987] تأويل الآيات 1: 372/ 3.
[988] تفسير القمّي 2: 112.
[989] الأنعام 6: 93.
[990] الاختصاص: 359.
[991] القباطيّ ، جمع القبطيّة ، وهي ثياب بيض رقاق من كتّان. «الصحاح -
قبط - 3: 1151».
[992] الكافي 2: 66/ 5.
[993] الكافي 5: 126/ 10.
[994] تفسير القمّي 2: 112.
[995] أي هبط أمره تبارك وتعالى.
[996] بصائر الدرجات: 446/ 15.
[997] في «ط»: جلّهم.
[998] الأهبة: العدّة. «لسان العرب - أهب - 1: 217».
[999] إرشاد القلوب: 191.
[1000] في «ج ، ي ، ط»: أبومحمد جعفر بن أحمد بن علي ، وفي المصدر:
أبوجعفر محمد بن أحمد بن علي ، راجع رجال الطوسي: 457/ 1 ، جامع الرواة 1: 154.
[1001] (عبدالرحمن) ليس في «ج» ، وفي المصدر: عبدالواحد.
[1002] في نسخة من «ط»: ترد.
[1003] في المصدر زيادة: والصدقة.
[1004] في المصدر: القوّاد.
[1005] في المصدر: فيطئون.
[1006] النازعات 79: 2.
[1007] عدة الداعي: 242.
[1008] العلّالي: جمع العلّيّة ، وهي الغرفة. «الصحاح - علا - 6: 2437».
[1009] القرقس: البعوض ، وقيل: البقّ. «لسان العرب 6: 173».
[1010] في «ط»: التي تحبط بالصلاة.
[1011] التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 76/ 39.
[1012] الأمالي 1: 139.
[1013] تفسير القمّي 2: 113.
[1014] الكافي 3: 231/ 1.
[1015] الأمالي 1: 357.
[1016] تقدّم في الحديث (3) من تفسير الآية (27) من سورة إبراهيم.
[1017] تفسير القمّي 2: 113.
[1018] تأويل الآيات 1: 372/ 4.
[1019] مجمع البيان 7: 263.
[1020] تأويل الآيات 1: 373/ 5.
[1021] تأويل الآيات 1: 373/ 6.
[1022] تأويل الآيات 1: 374/ 8.
[1023] تأويل الآيات 1: 374/ 9.
[1024] طبريّة: بليدة من أعمال الأردنّ ، مطلّة على البحيرة المعروفة
ببحيرة طبريّة. «معجم البلدان 4: 17».
[1025] بسّ الإبل: ساقها سوقا ليّنا. «أقرب الموارد - بسس - 1: 42».
[1026] آل عمران 3: 103.
[1027] آل عمران 3: 112.
[1028] الزمر 39: 56.
[1029] المتوسّمين: المعتبرين العارفين المتعظين. «مفردات الراغب: 524 ،
وفي المصدر: للمؤمنين المتوسّمين.
[1030] إبراهيم 14: 37.
[1031] في «ط ، ي»: ابن عامر.
[1032] في «ط»: عزته. وفي «ي»: غريه.
[1033] النّزع: انحسار مقدّم شعر الرأس عن جانبي الجبهة. «لسان العرب -
نزع - 8: 352».
[1034] في المصدر: نجبة.
[1035] في «ط ، ي»: فانجاست.
[1036] بلجت الصدور: انشرحت. «أقرب الموارد - بلج - 1: 57» ، في المصدر:
انثلجت.
[1037] آل عمران 3: 7.
[1038] الغيبة: 39/ 1.
[1039] تقدّم في سورة آل عمران 3: 103/ 1.
[1040] أرمضني: أي أوجعني. «لسان العرب - رمض - 7: 161» وفي «ي» ، و «ط»
نسخة بدل: أمرضني.
[1041] الحضر: العدو. «النهاية 1: 398».
[1042] في «ج ، ي» نسخة بدل: ألف عام ، وفي المصدر: مائة عام.
[1043] اليلنجوج: عود البخور. «القاموس المحيط 1: 212».
[1044] ناف: ارتفع وأشرف. «لسان العرب - نوف - 9: 342».
[1045] الرّيطة: كلّ ثوب رقيق ليّن. «النهاية 2: 289».
[1046] في «ج ، ي ، ط»: والأوصياء.
[1047] في «ج ، ي ، ط»: فدوننا.
[1048] في «ي ، ط»: ظلمة.
[1049] الرّوح: الرحمة. «لسان العرب - روح - 2: 462».
[1050] في المصدر: مقعدكم.
[1051] في المصدر: وفجائعها بهم.
[1052] أي قطع ، وفي المصدر: ختم.
[1053] النساء 4: 80.
[1054] آل عمران 3: 31.
[1055] في المصدر: الفوز.
[1056] هود 11: 17.
[1057] في «ط»: انقضت.
[1058] الأعراف 7: 142.
[1059] المائدة 5: 3.
[1060] في المصدر: وتكرّما.
[1061] الأنعام 6: 62.
[1062] الزخرف 43: 38.
[1063] الرّثوثة: البلى. «لسان العرب - رثث - 2: 151».
[1064] المندوحة: المتّسع. «لسان العرب - ندح - 2: 612».
[1065] العتائر: جمع عتيرة ، الذّبيحة التي كانت تذبح للأصنام. «النهاية
3: 178». وفي «ط» نسخة بدل: القتائب.
[1066] العمه: التّحيّر والتّردّد. «لسان العرب - عمه - 13: 519».
[1067] في «ط»: جائزين ، وفي المصدر: حائرين.
[1068] أهطع: أقبل على الشيء ببصره فلم يرفعه عنه ، ولا يكون إلّا مع
خوف ، والإهطاع: الإسراع في العدو. «لسان العرب - هطع - 8: 372».
[1069] في «ي ، ط»: وانتظموها.
[1070] في المصدر: وطوائفها.
[1071] في «ج»: منشورة.
[1072] أي تفرّق وتقطّع ، وفي نسخة من «ط»: بعد حوب ، والحوب: الوحشة
والحزن.
[1073] في «ج»: نور.
[1074] الفلج: الظّفّر والفوز. «القاموس المحيط 1: 210».
[1075] في «ي» والمصدر: الكتائب.
[1076] الفلّ: الكسر والضّرب. «النهاية 3: 472».
[1077] الغب: عاقبة الشيء. «القاموس المحيط 1: 113».
[1078] في «ج»: المتقلب.
[1079] في «ج ، ط» نسخة بدل: عتور.
[1080] اصطلمه: استأصله. «القاموس المحيط 4: 141».
[1081] المذقة: الشربة من اللبن الممذوق - أي الممزوج بالماء - «لسان
العرب - مذق - 10: 340».
[1082] المعرّة: الإثم ، والجناية والشدّة. «لسان العرب - عرر - 4: 556».
[.....]
[1083] سورة ق 50: 42 - 44.
[1084] الكافي 8: 18/ 4.
[1085] المرزبّة: عصبّة من حديد. «أقرب الموارد - رزب - 1: 401».
[1086] التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 131/ 66.
[1087] تفسير القمّي 2: 113.
[1088] تفسير القمّي 2: 113.
[1089] نهج البيان (مخطوط): 208.
[1090] نهج البيان «مخطوط»: 208.
[1091] الكافي 8: 28/ 4.
[1092] في «ط ، ي»: والمرجى.
[1093] في «ي ، ط»: والحجّة.
[1094] في «ط» زيادة: ومن يشك في القائم المهدي.
[1095] في «ي»: هيئة.
[1096] في «ج ، ي»: المروة.
[1097] في «ج ، ي» الأنمر ، وفي المصدر: الأغبر.
[1098] الغيبة: 145/ 4.
[1099] لم نعثر عليه.
[1100] في المصدر: دوشاب ، وفي «ط» نسخة بدل: روشناب.
[1101] في «ج ، ي ، ط»: استنبطت ، وفي المصدر: انبطّت.
[1102] رسّوه في الأرض: دسّوه فيها. «لسان العرب - رسس - 6: 98».
[1103] في «ي»: تركود بن غابور بن بأرش بن سازن ... وفي «ج»: تركوذ بن
يارش ... وفي المصدر: ... يارش بن سازن ...
[1104] الكلّة: الستر الرّقيق يخاط كالبيت يتوقّى فيه من البقّ. «الصحاح
- كلل - 5: 1812».
[1105] في «ج ، ي»: سطح.
[1106] القتار: ريح الشواء. «الصحاح - قتر - 2: 786».
[1107] دستبند: فارسية ، نوع من الرقص الجماعي الشبيه بالدبكّة. «المعجم
الذهبي: 268».
[1108] في المصدر: وقطع.
[1109] البرابخ: البالوعة الواسعة من الخزف. «أقرب الموارد - برخ - 1:
35».
[1110] في المصدر: لنا.
[1111] في المصدر: يقوموا.
[1112] الرّوع: الفزّع. «لسان العرب - روع - 8: 135».
[1113] تضامّ القوم: إذا انضمّ بعضهم إلى بعض. «الصحاح - ضمم - 5: 1972».
[1114] في المصدر: فألقت.
[1115] في «ج ، ي»: حمراء تلتهب.
[1116] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 205/ 1.
[1117] تفسير القمّي 2: 113.
[1118] يأتي في الحديثين (1 ، 2) من تفسير الآيات (12 - 14) من سورة ق.
[1119] معاني الأخبار: 220/ 1.
[1120] تفسير القمّي 2: 114.
[1121] تفسير القمّي 2: 114.
[1122] سعد اسم صنم لبني ملكان بن كنانة. «لسان العرب - سعد - 3: 218».
[1123] في «ج ، ي ، ط»: مستوية ، وما أثبتناه من الصحاح ولسان العرب ،
مادة (سعد) والتّنوفة: المفازة. «الصحاحة - تنف - 4: 1333».
[1124] تفسير القمّي 2: 114.
[1125] الكافي 1: 11/ 12.
[1126] البقرة 2: 146.
[1127] البقرة 2: 146 و 147.
[1128] الكافي 2: 214/ 16.
[1129] سيأتي في الحديث (6) من تفسير الآيات (1 - 11) من سورة الواقعة.
[1130] تفسير القمي 2: 115.
[1131] المناقب 1: 135.
[1132] تأويل الآيات 1: 375/ 11.
[1133] (يقول أرسل البحرين) ليس في المصدر.
[1134] تفسير القمّي 2: 115.
[1135] السنخ: الأصل. «الصحاح - سنخ - 1: 423».
[1136] في المصدر وما كان بسبب.
[1137] الكافي 5: 442/ 9.
[1138] (نسب) ليس في المصدر.
[1139] تفسير القمّي 2: 114.
[1140] تأويل الآيات 1: 376/ 13 ، شواهد التنزيل 1: 414/ 573.
[1141] في «ج»: جابر بن سلمة ، ولعلّه رجاء بن أبي سلمة ، راجع تهذيب
التهذيب 3: 267.
[1142] في المصدر: ففرق.
[1143] تأويل الآيات 1: 377/ 14.
[1144] في المصدر: ويلعنه.
[1145] معاني الأخبار: 59/ 9.
[1146] الأمالي 1: 319.
[1147] خفّ القوم: أي قلّوا ، وخفّت زحمتهم. «الصحاح - خفف - 4: 1353».
[1148] كلفت بهذا الأمر: إذ ولعت به وأحببته. «النهاية 4: 196».
[1149] في المصدر: طاهران.
[1150] في المصدر: حاربهم.
[1151] الأمالي 2: 113.
[1152] في المصدر: ربّي.
[1153] تأويل الآيات 1: 379/ 16.
[1154] المناقب 2: 181.
[1155] المناقب 2: 181 ، العمدة: 288/ 469 ، فرائد السمطين 1: 370/ 301 ،
نظم درر السمطين: 92.
[1156] المناقب 2: 1181.
[1157] تحفة الأبرار في مناقب الائمة الأطهار: 116 «مخطوط» ، الفصول
المهمة: 28.
[1158] يوسف 12: 42.
[1159] تفسير القمّي 2: 115.
[1160] بصائر الدرجات: 97/ 5.
[1161] الكافي 8: 145/ 117.
[1162] تقدم في تفسير الآية (5) من سورة طه.
[1163] الرحمن 55: 1- 4.
[1164] تفسير القمّي 2: 115.
[1165] في المصدر ، و«ط» نسخة بدل: والحوت.
[1166] تفسير القمّي 2: 115.
[1167] التهذيب 2: 275/ 1093.
[1168] تفسير القمّي 2: 116.
[1169] الكافي 1: 354/ 78.
[1170] تفسير القمّي 2: 116.
[1171] تفسير القمّي 2: 116.
[1172] الفرقان 25: 76.
[1173] تأويل الآيات 1: 381/ 17.
[1174] مجمع البيان 7: 279.
[1175] تفسير القمّي 2: 116.
[1176] الاسراء 17: 29.
[1177] الكافي 4: 56/ 9.
[1178] البقرة 2: 236.
[1179] الطلاق 65: 7.
[1180] الكافي 4: 56/ 8.
[1181] الكافي 4: 54/ 1.
[1182] الكافي 4: 55/ 2.
[1183] الكافي 4: 56/ 10.
[1184] البقرة 2: 219.
[1185] تفسير العيّاشي 1: 106/ 315.
[1186] .... [.....]
[1187] في المصدر: بصوتك.
[1188] الاسراء 17: 110.
[1189] الاسراء 17: 29.
[1190] تفسير العيّاشي 2: 319/ 179.
[1191] البقرة 2: 222.
[1192] غافر 40: 7- 9.
[1193] الكافي 2: 315/ 5.
[1194] الفرقان 25: 72.
[1195] الفرقان 25: 73.
[1196] الفرقان 25: 74.
[1197] المحاسن: 170/ 136.
[1198] في المصدر: لملائكته.
[1199] الأمالي 1: 70.
[1200] الأمالي: 298/ 9
[1201] (عن) ليس في المصدر.
[1202] الزهد: 91/ 245.
[1203] (و لا) ليس في
المصدر.
[1204] الانشقاق 84: 7- 9.
[1205] التّبكيت: التّقريع والتّوبيخ. «لسان
العرب- بكت- 2: 11».
[1206] الانشقاق 84: 10- 13.
[1207] الانشقاق 84: 14.
[1208] الزهد: 92/ 246.
[1209] في المصدر: وأن لا يغادر منهم.
[1210] الكافي 1: 368/ 15.
[1211] كامل الزيارات: 330/ 5.
[1212] الأمالي 1: 166.
[1213] تفسير القمّي 2: 117.
[1214] الخدّة: الحفرة تحفرها في الأرض مستطيلة.
«لسان العرب- خدد- 3: 160».
[1215] الفرقان 25: 71.
[1216] تفسير القمّي 2: 116.
[1217] تفسير القمّي 2: 117.
[1218] الكافي 6: 431/ 6.
[1219] (محمد بن) ليس في
المصدر.
[1220] الإختصاص: 65.
[1221] النّواجذ: أقصى الأضراس. «لسان العرب-
نجذ- 3: 513».
[1222] تأويل الآيات 1: 382/ 19.