البــرهان

في

تفسير القرآن

الجزء التاسع

 

تأليف وتصنيف وتبويب

العلامة المتبحر

سيد هاشم البحراني

رحمه الله

 



قوله تعالى:

(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى‏ قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ- إلى قوله تعالى- وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ  6 - 83)

1- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن داود بن فرقد ، عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط: جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وكروبيل (عليهم السلام)، فمروا بإبراهيم (عليه السلام) وهم معتمون ، فسلموا عليه فلم يعرفهم ، ورأى هيئة حسنة ، فقال: لا يخدم هؤلاء أحد إلا أنا بنفسي ، وكان صاحب ضيافة ، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم ، فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم لا تصل إليه ، نكرهم وأوجس منهم خيفة ، فلما رأى ذلك جبرئيل (عليه السلام) حسر العمامة عن وجهه وعن رأسه فعرفه إبراهيم (عليه السلام)، فقال: أنت هو؟ قال: نعم:    ومرت امرأته سارة ، فبشرها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب. فقالت ما قال الله عز وجل ، وأجابوها بما في الكتاب العزيز. فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): لماذا جئتم؟ قالوا: في إهلاك قوم لوط. فقال لهم: إن كان فيها مائة من المؤمنين. أتهلكونهم؟ قال جبرئيل لا.

قال: وإن كان فيهم خمسون؟ قال: لا. قال: وإن كان فيهم ثلاثون؟ قال: لا. قال: وإن كان كان فيهم عشرون؟ قال: لا. قال: وإن كان فيهم عشرة؟ قال: لا. قال: وإن كان فيهم خمسة؟ قال: لا. قال: فإن فيها لوطا. قالوا: نحن أعلم بمن فيها ، لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. ثم مضوا».                                                                              قال: وقال الحسن بن علي[1]: لا أعلم هذا القول إلا وهو يستبقيهم[2]، وهو قول الله عز وجل: (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ).

«فأتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة ، فسلموا عليه وهم معتمون ، فلما رآهم رأى هيئة حسنة ، عليهم عمائم بيض وثياب بيض ، فقال لهم: المنزل؟ فقالوا: نعم فتقدمهم ومشوا خلفه ، فندم على عرضه المنزل عليهم ، فقال: أي شي‏ء صنعت ، آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟ فالتفت إليهم ، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. قال جبرئيل(عليه السلام)[3]: لا تعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات. فقال جبرئيل(عليه السلام): هذه واحدة. ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم ، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل(عليه السلام): هذه اثنتان. ثم مضى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم ، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله ، فقال جبرئيل(عليه السلام): هذه الثالثة. ثم دخل ودخلوا معه. حتى دخل منزله ، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة ، فصعدت فوق السطح فصفقت[4]، فلم يسمعوا، فدخنت ، فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون ، حتى جاءوا إلى الباب ، فنزلت إليهم ، فقالت: عندنا قوم ما رأيت قوما قط أحسن منهم هيئة. فجاءوا إلى الباب ليدخلوا ، فلما رآهم لوط قام إليهم ، فقال لهم يا قوم: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) ثم قال:(هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فدعاهم كلهم إلى الحلال ، فقالوا:(لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)  فقال لهم:(لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ) - قال- فقال جبرئيل (عليه السلام): لو يعلم أي قوة له! فكاثروه[5]حتى دخلوا الباب ، فصاح به: جبرئيل ، وقال: يا لوط ، دعهم يدخلون ، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم ، فذهبت أعينهم ، وهو قول الله عز وجل:(فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ)[6]. ثم ناداه جبرئيل ، فقال له:(إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) وقال له جبرئيل: إنا بعثنا في إهلاكهم. فقال: يا جبرئيل ، عجل. فقال:(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) فأمره فتحمل ومن معه إلا امرأته ، ثم اقتلعها- يعني المدينة- جبرئيل بجناحه من سبع أرضين ، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصراخ الديوك ، ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل».[7]

2- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن سعيد ، قال: أخبرني زكريا بن محمد ، عن أبيه ، عن عمرو ، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:« كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله ، فطلبهم إبليس الطلب الشديد ، وكان من فضلهم وخيرتهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم ، وتبقى النساء خلفهم ، فلم يزل إبليس يعتادهم [8]، فكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما يعملون ، فقال بعضهم لبعض: تعالوا نرصد هذا الذي يخرب متاعنا. فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان ، فقالوا له: أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد اخرى ، فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه ، فبيتوه عند رجل ، فلما كان الليل صاح ، فقال له: مالك؟ فقال: كان أبي ينومني على بطنه. فقال له: تعال فنم على بطني- قال- فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه أن[9] يفعل بنفسه ، فأولا علمه إبليس ، والثانية علمه هو[10]، ثم انسل ففر منهم ، وأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ، ويعجبهم منه ، وهم لا يعرفونه ، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال بعضهم ببعض. ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق فيفعلون بهم ، حتى تنكب[11] مدينتهم الناس ، ثم تركوا نساءهم وأقبلوا على الغلمان ، فلما رأى أنه قد أحكم أمره في الرجال جاء إلى النساء ، فصير نفسه امرأة ، فقال: إن رجالكن يفعل بعضهم ببعض: قلن: نعم قد رأينا ذلك ، وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم ، وإبليس يغويهم حتى استغنى النساء بالنساء. فلما كملت عليهم الحجة ، بعث الله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل (عليهم السلام) في زي غلمان عليهم أقبية ، فمروا بلوط وهو يحرث ، فقال: أين تريدون ، ما رأيت أجمل منكم قط! فقالوا: إنا رسل سيدنا إلى رب هذه المدينة. قال: أولم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة؟ يا بني إنهم والله يأخذون الرجال فيفعلون بهم حتى يخرج الدم. فقالوا: أمرنا سيدنا أن نمر وسطها. قال: فلي إليكم حاجة؟ قالوا: وما هي؟ قال: تصبرون ها هنا إلى اختلاط الظلام- قال- فجلسوا- قال - فبعث ابنته ، وقال: جيئي لهم بخبز ، وجيئي لهم بماء في القربة[12] ، وجيئي لهم عباء يتغطون بها من البرد. فلما أن ذهبت الابنة أقبل المطر بالوادي ، فقال لوط: الساعة يذهب بالصبيان الوادي. فقال: قوموا حتى نمضي. وجعل لوط يمشي في أصل الحائط ، وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق فقال: يا بني ، امشوا هاهنا. فقالوا: أمرنا سيدنا أن نمر في وسطها. وكان لوط يستغنم الظلام ، ومر إبليس ، فأخذ من حجر امرأة صبيا فطرحه في البئر، فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط ، فلما أن نظروا إلى الغلمان في منزل لوط ، قالوا: يا لوط ، قد دخلت في عملنا. فقال: هؤلاء ضيفي ، فلا تفضحوني في ضيفي. قالوا: هم ثلاثة ، خذ واحدا وأعطنا اثنين- قال- فأدخلهم الحجرة ، وقال لو أن لي أهل بيت يمنعونني منكم». قال: «وتدافعوا على الباب ، وكسروا باب لوط ، وطرحوا لوطا ، فقال له جبرئيل: (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) فأخذ كفا من بطحاء ، فضرب بها وجوههم ، وقال: شاهت الوجوه[13]، فعمي أهل المدينة كلهم ، وقال لهم لوط: يا رسل ربي ، فما أمركم ربي فيهم؟ قالوا: أمرنا أن نأخذهم بالسحر. قال: فلي إليكم حاجة قالوا: وما حاجتك؟ قال: تأخذونهم الساعة ، فاني أخاف أن يبدو لربي فيهم ، فقالوا يا لوط: (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)  لمن يريد أن يأخذ ، فخذ أنت بناتك وامض ودع امرأتك».

فقال أبو جعفر (عليه السلام): رحم الله لوطا ، لو يدري من معه في الحجرة لعلم أنه منصور حيث يقول: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ)  أي ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة! فقال الله عز وجل لمحمد (صلى الله عليه وآله) (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)  من ظالمي أمتك ، إن علموا ما عمل قوم لوط». قال: « وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ألح في وطء الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه».[14]

3- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول لوط (عليه السلام): (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ). قال: «عرض عليهم التزويج».[15]

4- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن سعيد ، عن محمد بن سليمان ، عن ميمون البان ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرئ عنده آيات من هود ، فلما بلغ (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) قال: فقال: «من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الحجارة ، تكون فيه منيته ، ولا يراه أحد».[16]

5- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن موسى بن عبد الملك ، والحسين بن علي بن يقطين ، وموسى بن عبد الملك ، عن رجل ، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن إتيان الرجل المرأة من خلفها. فقال: «أحلتها آية من كتاب الله عز وجل ، قول لوط: (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) وقد علم أنهم لا يريدون الفرج».[17]

6- ابن بابويه: عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ). قال: «حاضت».[18]

7- علي بن إبراهيم ، قال: أخبرنا الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في عز من قومه».[19]

8- وعنه، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن صالح ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: في قوله تعالى: (قُوَّةً). قال: «القوة: القائم (عليه السلام)، والركن الشديد:  ثلاثمائة وثلاثة عشر ».[20]

9- وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن سليمان الديلمي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً). قال: «ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط إلا رماه الله جندلة من تلك الحجارة ، تكون منيته فيها ، ولكن الخلق لا يرونه».[21]

10- العياشي: عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك وتعالى لما قضى عذاب قوم لوط وقدره ، أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم ، يسلي به مصابه بهلاك قوم لوط- قال- فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل- قال- فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا ، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا (فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)[22] قال أبوجعفر (عليه السلام): « والغلام العليم هو إسماعيل من[23] هاجر. فقال إبراهيم للرسل: (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى‏ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ)[24] قال إبراهيم للرسل:(فَما خَطْبُكُمْ) بعد البشارة (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلىقَوْمٍ مُجْرِمِينَ)[25] قوم لوط إنهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين». قال أبو جعفر(عليه السلام):« قال إبراهيم:(إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ)[26] ، (قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ)[27].

فلما عذبهم الله أرسل إلى إبراهيم رسلا يبشرونه بإسحاق ، ويعزونه بهلاك قوم لوط ، وذلك قوله:(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى‏ قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قوم منكرون)[28] (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) يعني زكيا مشويا نضيجا (فَلَمَّا رَأى‏ أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ)». قال أبوجعفر (عليه السلام): « إنما عنى سارة قائمة (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) فضحكت[29] يعني فعجبت من قولهم- وفي رواية أبي عبد الله (عليه السلام): (فَضَحِكَتْ) قال: حاضت- وقالت: (يا وَيْلَتى‏ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ) إلى قوله: (حَمِيدٌ مَجِيدٌ).  فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق ، فذهب عنه الروح ، أقبل يناجي ربه في قوم لوط ويسأله كشف البلاء عنهم ، فقال الله تعالى: (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ) بعد طلوع الشمس من يومك محتوما (غَيْرُ مَرْدُودٍ)».[30]

11- عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله بعث أربعة أملاك بإهلاك قوم لوط: جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وكروبيل ، فمروا بإبراهيم وهم معتمون ، فسلموا عليه فلم يعرفهم ، ورأى هيئة حسنة ، فقال: لا يخدم هؤلاء إلا أنا بنفسي ، وكان صاحب أضياف ، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ، ثم قربه إليهم ، فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة. فلما رأى ذلك جبرئيل حسر العمامة عن وجهه ، فعرفه إبراهيم ، فقال له: أنت هو؟ قال: نعم ، ومرت امرأته سارة فبشرها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ،  قالت ما قال الله ، وأجابوها بما في الكتاب. فقال إبراهيم: فيما جئتم؟ قالوا ، في هلاك قوم لوط. فقال لهم: إن كان فيها مائة من المؤمنين ، أتهلكونهم؟ فقال له جبرئيل: لا. قال: فإن كانوا خمسين؟ قال: لا. قال: فإن كانوا ثلاثين؟ قال: لا. قال: فإن كانوا عشرين؟ قال: لا قال: فإن كانوا عشرة؟ قال: لا. قال: فإن كانوا خمسة؟ قال: لا. قال: فإن كانوا واحدا؟ قال: لا. قال: إن فيها لوطا. (قالوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) [31] ثم مضوا». [32]

قال: وقال الحسن بن علي: لا أعلم هذا القول إلا وهو يستبقيهم ، وهو قول الله: (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ).

عن عبد الله بن هلال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله ، وزاد فيه: «فقال: كلوا ، فقالوا: إنا لا نأكل حتى تخبرنا ما ثمنه ، فقال: إذا أكلتم فقولوا: بسم الله ، وإذا فرغتم فقولوا: الحمد لله». قال: « فالتفت جبرئيل إلى أصحابه ، وكانوا أربعة رئيسهم جبرئيل ، فقال: حق الله أن يتخذه خليلا». [33]

12- عن عبد الله بن سنان ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام)، يقول: (جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذ). قال: « مشويا نضيجا ».[34]

13- عن الفضل بن أبي قرة ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: « أوحى الله إلى إبراهيم أنه سيولد لك. فقال لسارة ، فقالت: أألد وأنا عجوز؟ فأوحى الله إليه: أنها ستلد ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام علي ». قال: « فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحا ، فأوحى الله إلى موسى وهارون أن يخلصهم من فرعون ،  فحط عنهم سبعين ومائة سنة ». قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا ، فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه».[35]

14- عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) مر بقوم فسلم عليهم ، فقالوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه ، فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا ما قالت الأنبياء لأبينا إبراهيم (عليه السلام)، إنما قالوا: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)». [36]

وروى الحسن بن محمد مثله ، غير أنه قال: «ما قالت الملائكة لأبينا (عليه السلام).

15- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل ، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مر أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بقوم فسلم عليهم ، فقالوا: عليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم (عليه السلام)، إنما قالوا: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)».[37]

16- العياشي: عن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ). قال: «دعاء».[38]

عن زرارة ، وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، مثله.

17- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:« الأواه هو الدعاء».[39]

18- العياشي: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) جادل في قوم لوط ، وقال: (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها)[40]  فزاده إبراهيم ، فقال جبرئيل: (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)».[41]

19- عن أبي يزيد الحمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تعالى بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط: جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وكروبيل ، فأتوا لوطا وهو في زراعة قرب القرية ، فسلموا عليه وهم معتمون ، فلما رآهم رأى هيئة حسنة ، عليهم ثياب بيض ، وعمائم بيض ، فقال لهم: المنزل؟ فقالوا: نعم. فتقدمهم ومشوا خلفه ، فندم على عرضه المنزل عليهم ، فقال: أي شي‏ء صنعت ، آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟!. فالتفت إليهم فقال لهم: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل[42]: لا تعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلاث مرات. فقال جبرئيل: هذه واحدة. ثم مضى ساعة ، ثم التفت إليهم ، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل: هذه الثانية ، ثم مشى ، فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم ، فقال: إنكم لتأتون شرارا من خلق الله. فقال جبرئيل: هذه الثالثة. ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله ، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة ، فصعدت فوق السطح فصفقت[43]، فلم يسمعوا ، فدخنت ، فلما رأو الدخان أقبلوا يهرعون حتى جاءوا إلى الباب ، فنزلت المرأة إليهم وقالت: عنده قوم ما رأيت قوما قط أحسن هيئة منهم. فجاءوا إلى الباب ليدخلوها، فلما رآهم لوط قام إليهم ، فقال لهم:(يا قوم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) وقال: (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فدعاهم إلى الحلال ، فقالوا:(ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) قال لهم:(لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْآوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ)- قال- فقال جبرئيل: لو يعلم أي قوة له.- فقال- فكاثروه حتى دخلوا المنزل ، فصاح به جبرئيل ، وقال: يا لوط دعهم يدخلون ، فلما دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم ، وهو قول الله: (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ)[44].ثم ناداه جبرئيل:(إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) وقال له جبرئيل: إنا بعثنا في إهلاكهم فقال: يا جبرئيل ، عجل ، فقال: (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) فأمره فتحمل ومن معه إلا امرأته ، ثم اقتلعها- يعني المدينة- جبرئيل بجناحه من سبع أرضين ، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح‏ الكلاب وصراخ الديوك ، ثم قلبها وأمطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل».[45]

20- عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: « إن جبرئيل لما أتى لوطا في هلاك قومه ، ودخلوا عليه ، و جاءه قومه يهرعون إليه- قال- فوضع يده على الباب ، ثم ناشدهم ، فقال:( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) ، (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ )[46] ثم عرض عليهم بناته بنكاح، فقالوا:( ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ). قال: فما منكم رجل رشيد؟- قال- فأبوا، فقال:( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ )- قال- وجبرئيل ينظر إليهم فقال: لو يعلم أي قوة له! ثم دعاه وأتاه ، ففتحوا الباب ودخلوا ، فأشار جبرئيل بيده ، فرجعوا عميان يلتمسون الجدران بأيديهم ، يعاهدون الله لئن أصبحنا لا نستبقي أحدا من آل لوط». فقال: «فلما قال جبرئيل: (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) قال له لوط: يا جبرئيل ، عجل. قال: نعم. ثم قال: يا جبرئيل ، عجل. قال: الصبح موعدهم ، أليس الصبح بقريب؟ ثم قال جبرئيل: يا لوط ، اخرج منها أنت وولدك حتى تبلغ موضع كذا وكذا. فقال: جبرئيل ، إن حمراتي حمرات ضعاف. قال: ارتحل فاخرج منها. فارتحل حتى إذا كان السحر نزل إليها جبرئيل ، فأدخل جناحه تحتها حتى إذا استقلت[47] قلبها عليهم ، ورمى جبرئيل المدينة بحجارة من سجيل ، وسمعت امرأة لوط الهدة ، فهلكت منها».[48]

21- عن صالح بن سعد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ). قال: « قوة : القائم (عليه السلام)،  والركن الشديد: الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه[49] » .[50]

22- عن الحسين بن علي بن يقطين ، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن إتيان الرجل المرأة من خلفها.قال: «أحلتها آية في كتاب الله ، قول لوط: (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) وقد علم أنهم ليس الفرج يريدون».[51]

23- عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سأل جبرئيل (عليه السلام): كيف كان مهلك قوم لوط ؟ فقال: يامحمد، إن قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغائط ، ولا يتطهرون من الجنابة ، بخلاء أشحاء على الطعام ، وإن لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة ، وإنما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ، ولا عشيرة له فيهم ولا قوم ، وإنه دعاهم إلى الإيمان بالله واتباعه ، وكان ينهاهم عن الفواحش ، ويحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ، ولم يتبعوه. وإن الله لما هم بعذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا ونذرا ، فلما عتوا عن أمره بعث الله إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين ، فما وجدوا[52] فيها غير بيت من المسلمين فأخرجوهم منها ، وقالوا للوط:(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) في هذه الليلة (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ)[53] .قال: فلما انتصف الليل سار لوط ببناته ، وتولت امرأته مدبرة فانطلقت إلى قومها تسعى بلوط ، وتخبرهم أن لوطا قد سار ببناته. وإني نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر: يا جبرئيل ، حق القول من الله بحتم عذاب قوم لوط اليوم ، فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت فاقتلعها من تحت سبع أرضين ، ثم اعرج بها إلى السماء ، ثم أوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها ، ودع منها آية بينة- منزل لوط- عبره للسيارة. فهبطت على أهل القرية الظالمين ، فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها ، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى غربها، فاقتلعتها- يا محمد- من تحت سبع أرضين إلا منزل لوط آية للسيارة ، ثم عرجت بها في خوافي[54] جناحي إلى السماء ، وأوقفتها حتى سمع أهل السماء زقاء[55] ديوكها ونباح كلابها فلما أن طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل ، اقلب القرية على القوم المجرمين ، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها ، وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك ، وما هي- يا محمد- من الظالمين من أمتك ببعيد».  قال: « فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل ، وأين كانت قريتهم من البلاد؟ قال: كان موضع قريتهم إذ ذلك في موضع [56] بحيرة طبرية[57] اليوم ، وهي في نواحي الشام.فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل ، أرأيت حيث قلبتها عليهم في أي موضع من الأرض وقعت القرية وأهلها؟ فقال: يا محمد ، وقعت فيما بين الشام إلى مصر، فصارت تلالا في البحر».[58]

24- عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: «(إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل مظلما) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و هكذا قراءة أمير المؤمنين (عليه السلام)».[59]

25- عن ميمون البان ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرئ عنده آيات من هود ، فلما بلغ (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)  قال: «من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الحجارة ، تكون فيه منيته ، ولا يراه أحد».[60]

26- عن السكوني ، عن أبي جعفر عن أبيه (عليهما السلام) قال: «قال النبي (صلى الله عليه وآله): لما عمل قوم لوط ما عملوا ، بكت الأرض إلى ربها حتى بلغت دموعها إلى السماء ، وبكت السماء حتى بلغت دموعها العرش ، فأوحى الله إلى السماء أن احصبيهم ، وأوحى إلى الأرض أن اخسفي بهم».[61]

27- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما كان قول لوط (عليه السلام) لقومه: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ) إلا تمنيا لقوة القائم (عليه السلام)، وما الركن[62] إلا شدة أصحابه ، فإن الرجل منهم ليعطى قوة أربعين رجلا ، وإن قلبه أشد من زبر الحديد ، ولو مروا بجبال الحديد لتدكدكت ، ولا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل».[63]

28- وقال علي بن إبراهيم ، في قوله: (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) أي يسرعون ويعدون. وقال في قوله تعالى (مُسَوَّمَةً): أي منقطة[64] .[65]

قوله تعالى:

( وَإِلى‏ مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مالَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ  وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ  وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ  وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ  وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ- إلى قوله تعالى- وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ 84- 101)

1- علي بن إبراهيم ، قال: بعث الله شعيبا إلى مدين ، وهي قرية على طريق الشام ، فلم يؤمنوا به ، وحكى الله قولهم ، قال: (يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) إلى قوله: (الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ). قال: قالوا: إنك لأنت السفيه الجاهل. فكنى الله عز وجل قولهم فقال: (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) وإنما أهلكهم الله بنقص المكيال والميزان ، قال: (يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى‏ ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ). ثم قال علي بن إبراهيم: ثم ذكرهم وخوفهم بما نزل بالأمم الماضية ، فقال:(يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيد ٍ ) ، (قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) وكان قد ضعف بصره (وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) إلى قوله: (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ). أي انتظروا. فبعث الله عليهم صيحة فماتوا ، وهو قوله: (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ).[66]

2- العياشي: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله:(إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ).قال:«كان سعرهم رخيصا».[67]

3- عن محمد بن الفضيل ، عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن انتظار الفرج. فقال: «أوليس تعلم أن انتظار الفرج من الفرج؟- ثم قال- إن الله تبارك وتعالى يقول: (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ)».[68]

4- ابن بابويه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن مسعود ، قال: حدثني أبوصالح خلف بن حماد الكشي ، قال: حدثنا سهل بن زياد ، قال: حدثني محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال:قال الرضا (عليه السلام): «ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله عز وجل: (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ وفَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)[69] فعليكم‏ بالصبر فإنه إنما يجي‏ء الفرج على اليأس ، فقد كان الذين من قبلكم اصبر منكم».[70]

5- وعنه: عن علي بن عبد الله الوراق ، ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنهم)، قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال: حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن جعفر بن سليمان البصري ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي ، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: قلت: فقوله عز وجل: (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ) وقوله عز وجل: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)[71]. فقال: «إذا فعل العبد ما أمره الله عز وجل به من الطاعة ، كان فعله وفقا لأمر الله عز وجل ، وسمي العبد به موفقا ، وإذا أراد العبد أن يدخل في شي‏ء من معاصي الله ، فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها ، كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره ، ومتى خلى بينه وبين تلك المعصية فلم يحل بينه وبينها حتى يرتكبها [72]، فقد خذله ولم ينصره ولم يوفقه».[73]

6- وقال علي بن إبراهيم: ثم ذكر عز وجل قصة موسى (عليه السلام): فقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى‏ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) إلى قوله تعالى (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً) يعني الهلاك والغرق (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) أي يرفدهم الله بالعذاب. ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله):(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى)‏ أي أخبارها (نَقُصُّهُ عَلَيْكَ) يا محمد (مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) إلى قوله:(وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) أي غير تخسير.[74]

7- العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قرأ «فمنها قائما وحصيدا» بالنصب ، ثم قال: «يا أبا محمد ، لا يكون حصيدا إلا بالحديد».[75]

وفي رواية اخرى: «فمنها قائم وحصيد. أيكون الحصيد إلا بالحديد» [76].

قوله تعالى:

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ 103)

1- علي بن إبراهيم: أي يشهد عليهم الأنبياء والرسل.[77]

2- ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ومحمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسماعيل بن جابر، عن رجاله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز وجل: (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ). قال: « المشهود: يوم عرفة ، والمجموع له الناس: يوم القيامة ».[78]

3- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن ، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن هاشم ، عمن روى عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز وجل:(وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)[79].فقال: أبوجعفر(عليه السلام): «وما قيل لك؟» فقال: قالوا: الشاهد: يوم الجمعة ، والمشهود: يوم عرفة. فقال أبو جعفر(عليه السلام): ليس كما قيل لك ، الشاهد: يوم عرفة ، والمشهود: يوم القيامة ، أما تقرأ القرآن؟ قال الله عز وجل:(ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ)».[80]

4- العياشي: عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في قول الله عز وجل: (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ). قال: «فذلك يوم القيامة ، وهو اليوم الموعود».[81]

قوله تعالى:

(يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ - إلى قوله تعالى - غَيْرَ مَجْذُوذٍ 105- 108)

1- الحسين بن سعيد الأهوازي ، في كتاب (الزهد): عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن أبي جعفر الأحول ، عن حمران ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه بلغنا أنه يأتي على جهنم حتى تصفق أبوابها. فقال: «لا والله إنه الخلود».

قلت: (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ)؟ فقال: «هذه في الذين يخرجون من النار».[82]

2- وعنه ، قال: حدثنا فضالة ، عن القاسم بن بريد ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجهنميين. فقال: «كان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: يخرجون منها فينتهى بهم إلى عين عند باب الجنة. تسمى عين الحيوان ، فينضح عليهم من مائها ، فينبتون كما ينبت الزرع ، تنبت لحومهم وجلودهم وشعورهم».[83]

3- وعنه: عن فضالة بن أيوب ، عن عمر بن أبان ، عن أديم أخي أيوب ، عن حمران ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنهم يقولون: لا تعجبون من قوم يزعمون أن الله يخرج قوما من النار فيجعلهم من أصحاب الجنة مع أوليائه.    فقال: «أما يقرءون قول الله تبارك وتعالى: (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ)[84] إنها جنة دون جنة ، ونار دون نار، إنهم لا يساكنون أولياء الله- وقال- إن بينهما والله منزلة[85] ، ولكن لا أستطيع أن أتكلم ، إن أمرهم لأضيق من الحلقة ، إن القائم إذ اقام بدأ بهؤلاء».[86]

4- وعنه: عن فضالة ، عن عمر بن أبان ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عمن ادخل في النار، ثم اخرج منها: ثم ادخل الجنة. فقال: «إن شئت حدثتك بما كان يقول فيه أبي ، قال: إن أناسا يخرجون من النار بعد ما كانوا حمما[87]، فينطلق بهم إلى نهر عند باب الجنة ، يقال له: الحيوان ، فينضح عليهم من مائه فتنبت لحومهم ودماؤهم وشعورهم».[88]

5- وعنه: عن فضالة ، عن عمر بن أبان ، قال: سمعت عبدا صالحا يقول في الجهنميين: «إنهم يدخلون النار بذنوبهم ، ويخرجون بعفو الله».[89]

6- وعنه: عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إن قوما يحرقون بالنار حتى إذا صاروا حمما[90] أدركتهم الشفاعة- قال- فينطلق بهم إلى نهر يخرج من رشح أهل الجنة فيغتسلون فيه ، فتنبت لحومهم ودماؤهم ، ويذهب عنهم قشف[91] النار، ويدخلون الجنة ، فيسمون الجهنميين فينادون بأجمعهم: اللهم أذهب عنا هذا الاسم- قال- فيذهب عنهم».   ثم قال: «يا أبا بصير، إن أعداء علي هم الخالدون في النار لاتدركهم الشفاعة».[92]

7- وعنه: عن فضالة ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن آخر من يخرج من النار لرجل يقال له: همام[93] ، فينادي: يا رباه[94] ، يا حنان ،  يا منان».[95] 

8- وعنه: عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن الأحول ، عن حمران ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:« إن الكفار والمشركين يرون[96] أهل التوحيد في النار ، فيقولون: ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا ، وما نحن وأنتم إلا سواء- قال- فيأنف لهم الرب عز وجل ، فيقول للملائكة: اشفعوا ، فيشفعون لمن شاء الله ، ويقول للمؤمنين مثل ذلك ، حتى إذا لم يبق أحد إلا تبلغه الشفاعة ، قال الله تبارك وتعالى: أنا أرحم الراحمين ، اخرجوا برحمتي ، فيخرجون كما يخرج الفراش»[97] . [98]

9- العياشي: عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ إلى آخر الآيتين).قال: «هاتان الآيتان في غير أهل الخلود من أهل الشقاوة والسعادة ، إن شاء الله يجعلهم خارجين. ولا تزعم- يا زرارة- إني أزعم ذلك».[99]

10- عن حمران ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك ، قول الله تعالى: (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ). لأهل النار ، أفرأيت قوله لأهل الجنة: (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ‏)؟ قال: «نعم ، إن شاء جعل لهم دينا فردهم ، وما شاء».وسألته عن قول الله: (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ). قال: «هذه في الذين يخرجون من النار».[100]

11- عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ). قال: «في ذكر أهل النار استثناء ، وليس في ذكر أهل الجنة استثناء[101] (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)». [102]

وفي رواية اخرى: عن حماد ، عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) «عطاء غير مجدود» بالدال.

12- عن مسعدة بن صدقة ، قال: قص أبو عبد الله (عليه السلام) قصص أهل الميثاق ، من أهل الجنة وأهل النار، فقال في صفات أهل الجنة: «فمنهم من لقي الله شهيدا لرسله». ثم مر[103] في صفتهم حتى بلغ من قوله: «ثم جاء الاستثناء من الله في الفريقين جميعا ، فقال الجاهل بعلم التفسير: إن هذا الاستثناء من الله إنما هو لمن دخل الجنة والنار ، وذلك أن الفريقين جميعا يخرجان منهما ، فيبقيان وليس فيهما أحد. وكذبوا ، لكن عنى بالاستثناء أن ولد آدم كلهم وولد الجان معهم على الأرض ، والسماوات تظلهم ، فهو ينقل المؤمنين حتى يخرجهم إلى ولاية الشياطين ، وهي النار ، فذلك الذي عنى الله في أهل الجنة وأهل النار:(ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) يقول: في الدنيا ، والله تبارك وتعالى ليس بمخرج أهل الجنة منها أبدا ، ولا كل أهل النار منها أبدا ، وكيف يكون ذلك وقد قال الله في كتابه:(ماكِثِينَ فِيهِ أَبَدا)[104] ليس فيها استثناء؟! و كذلك قال أبو جعفر (عليه السلام): من دخل في ولاية آل محمد (عليهم السلام) دخل الجنة ، ومن دخل في ولاية عدوهم دخل النار، وهذا الذي عنى الله من الاستثناء في الخروج من الجنة والنار والدخول».[105]

13- ابن بابويه ، قال: حدثنا الحسين بن يحيى ، عن ضريس البجلي ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمارة السكري السرياني ، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين ، قال: حدثنا عبد الله بن هارون الكرخي ، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن زيد بن سلام بن عبد الله ، قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد ، قال: حدثني أبي زيد بن سلام ، عن أبيه سلام بن عبد الله ، عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت: أخبرني أيعذب الله عز وجل خلقا بلا حجة؟ فقال: «معاذ الله عز وجل». قلت: فأولاد المشركين في الجنة أم في النار؟ فقال: «إن الله تبارك وتعالى أولى بهم ، إنه إذا كان يوم القيامة ، وجمع الله عز وجل الخلائق لفصل القضاء يأتي بأولاد المشركين ، فيقول لهم: عبيدي وإمائي ، من ربكم ، وما دينكم ، وما أعمالكم؟ - قال- فيقولون: اللهم ربنا أنت خلقتنا[106] ، وأنت أمتنا[107] ، ولم تجعل لنا ألسنة ننطق بها ، ولا أسماعا نسمع بها ، ولا كتابا نقرؤه ، ولا رسولا فنتبعه ، ولا علم لنا إلا ما علمتنا». قال: « فيقول لهم عز وجل: عبيدي وإمائي ، إن أمرتكم بأمر أتفعلونه؟ فيقولون: السمع و الطاعة لك ، يا ربنا. فيأمر الله عز وجل نارا يقال لها الفلق ، أشد شي‏ء في جهنم عذابا ، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال ، فيأمرها الله عز وجل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة ، فتنفخ ، فمن شدة نفختها تنقطع السماء ، وتنطمس النجوم ، وتجمد البحار، وتزول الجبال ، وتظلم الأبصار، وتضع الحوامل حملها ، وتشيب الولدان من هولها يوم القيامة ، ثم يأمر الله تبارك وتعالى أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النار، فمن سبق له في علم الله عز وجل أن يكون سعيدا ، ألقى نفسه فيها ، فكانت النار عليه بردا وسلاما ، كما كانت على إبراهيم(عليه السلام)، ومن سبق له في علم الله عز وجل أن يكون شقيا ، امتنع فلم يلق نفسه في النار، فيأمر الله تبارك وتعالى النار فتلتقطه لتركه أمر الله ، وامتناعه من الدخول فيها ، فيكون تبعا لآبائه في جهنم ، وذلك قوله عز وجل:(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها مادامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها مادامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ماشاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)».[108]

14- وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها): فهذا في نار الدنيا قبل يوم القيامة: (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) قال: وقوله: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) يعني في جنان الدنيا التي تنقل إليها أرواح المؤمنين (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنة يكون متصلا به ، وهو رد على من ينكر عذاب القبر والثواب والعقاب في الدنيا في البرزخ قبل يوم القيامة.[109]

قوله تعالى:

( وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ- إلى قوله تعالى- فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا 111- 112)

1- علي بن إبراهيم ، قال في قوله تعالى: (وإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) قال: في القيامة ، ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) أي في الدنيا لا تطغوا.[110]

قوله تعالى:

(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ 113)

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد رفعه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ). قال: «هو الرجل يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده إلى كيسه فيعطيه».[111]

2- علي بن إبراهيم ، قال: ركون مودة ونصيحة وطاعة.[112]

3- العياشي: عن بعض أصحابنا: قال أحدهم: إنه سئل عن قوله الله: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ). قال: «هو الرجل من شيعتنا يقول بقول هؤلاء الجائرين».[113]

4- عن عثمان بن عيسى ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ). قال: «أما إنه لم يجعلها خلودا ولكن تمسكم النار ، فلا تركنوا إليهم».[114]

قوله تعالى:

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ 114 )

1- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عما فرض الله من الصلاة. فقال: «خمس صلوات في الليل والنهار». فقلت: هل سماهن وبينهن في كتابه؟ فقال: «نعم ، قال الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ)[115] ودلوكها: زوالها ، ففي ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات ، سماهن وبينهن ووقتهن ، وغسق الليل: انتصافه. ثم قال: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً)[116] فهذه الخامسة. وقال في ذلك: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) وطرفاه: المغرب والغداة (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وهي صلاة العشاء الآخرة ، وقال: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)[117] وهي صلاة الظهر ، وهي أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهي وسط النهار ، ووسط صلاتين بالنهار: صلاة الغداة ، وصلاة العصر».

وفي بعض القراءات: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين».

قال: «ونزلت هذه الآية يوم الجمعة ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفر ، فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر ، وأضاف للمقيم ركعتين ، وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الإمام ، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربع ركعات كصلاة الظهر في سائر الأيام».[118]

2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الفضل بن عثمان المرادي ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن إلا هالك: يهم العبد بالحسنة أن يعملها ، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته ، وإن هو عملها كتب الله له عشرا ويهم بالسيئة أن يعملها ، فإن لم يعملها لم يكتب عليه شي‏ء ، وإن هو عملها اجل سبع ساعات ، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات ، وهو صاحب الشمال: لا تعجل ، عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها ، فإن الله عز وجل يقول: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). أو استغفار ، فإن هو قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو ، عالم الغيب والشهادة ، العزيز الحكيم ، الغفور الرحيم ، ذا الجلال والإكرام وأتوب إليه. لم يكتب عليه شي‏ء ، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة أو استغفار ، قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقي المحروم».[119]

3- وعنه: عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). قال: «صلوات[120] المؤمن بالليل يذهبن[121] بما عمل من ذنب النهار[122] ». [123]

4- ابن بابويه ، قال: حدثني أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) ، قال: «صلوات المؤمن بالليل يذهبن بما عمل من ذنب النهار».[124]

5- وعنه ، قال: حدثني أبي (رحمه الله) ، قال: حدثني محمد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن علي بن مهزيار ، عمن رواه ، عن الحارث بن الأحول صاحب الطاق ، عن جميل بن صالح ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يغرنك الناس من نفسك ، فإن الأمر يصل إليك من دونهم ، لا تقطع النهار بكذا وكذا ، فإن معك من يحفظ عليك. ولم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة للذنب العظيم القديم. ولا تستصغر شيئا من الخير فإنك تراه غدا حيث يسرك ، ولا تستصغر شيئا من الشر فإنك تراه غدا حيث يسوؤك ، إن الله عز وجل يقول: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ)».[125]

وروى هذا الحديث المفيد في (أماليه): عن الصادق (عليه السلام)[126].

6- وعنه ، قال: حدثني محمد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). قال: «صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار».[127]

7- الحسين بن سعيد ، في كتاب (الزهد): عن فضالة بن أيوب ، عن عبد الله بن يزيد ، عن علي بن يعقوب ، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «لا يغرنك الناس من نفسك ، فإن الأمر[128] يصل إليك دونهم ، ولا تقطع عنك النهار بكذا وكذا ، فإن معك من يحفظ عليك. ولا تستقل قليل الخير فإنك تراه غدا بحيث يسرك ، ولا تستقل قليل الشر فإنك تراه غدا بحيث يسوؤك ، وأحسن فإني لم أر شيئا أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة لذنب قديم ، فإن الله تبارك وتعالى يقول: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ)».[129]

8- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) ، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي إسحاق الهمداني ، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد بن‏ أبي بكر مصر وأعمالها ، كتب له كتابا ، وأمره أن يقرأه على أهل مصر ، وليعمل بما وصاه به فيه ، وكان الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ، ومحمد بن أبي بكر. سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسئولون ، وإليه تصيرون ، فإن الله تعالى يقول: (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)[130] ويقول: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)[131] ويقول: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ)[132] واعلموا- عباد الله- أن الله عز وجل سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير ، فإن يعذب فنحن أظلم ، وإن يعف فهو أرحم الراحمين.

يا عباد الله ، إن أقرب ما يكون العبد الى المغفرة والرحمة حين يعمل لله بطاعته وينصحه بالتوبة ، عليكم بتقوى الله فإنها تجمع الخير ولا خير غيرها ، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة ، قال الله عز وجل: (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)[133].

اعلموا- عباد الله- أن المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب إما لخير [الدنيا][134] فإن الله يثيبه بعمله في دنياه ، قال الله سبحانه لإبراهيم (عليه السلام): (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)[135] فمن عمل لله تعالى آتاه أجره في الدنيا والآخرة ، وكفاه المهم فيهما ، وقد قال الله تعالى: (يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ)[136] فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الاخرة ، قال الله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‏ وَ زِيادَةٌ)[137] والحسنى هي الجنة ، والزيادة هي الدنيا.

 [وإما لخير الآخرة][138] ، فإن الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة ، قال الله عز وجل: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ) حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ، ثم أعطاهم بكل واحدة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وقال الله عز وجل: (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً)[139] وقال: (فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ )[140] فارغبوا في هذا يرحمكم الله ، واعملوا له ، وتحاضوا عليه.

واعلموا- يا عباد الله- أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله ، وشاركوا أهل الدنيا في دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، أباحهم الله في الدنيا ما كفاهم به وأغناهم ، قال الله عز وجل: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[141] سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها بأفضل ما أكلت ، وشاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون ، وشربوا من طيبات ما يشربون ، ولبسوا من أفضل ما يلبسون ، وسكنوا من أفضل ما يسكنون ، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا ، وهم غدا جيران الله تعالى ، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون ، لا ترد لهم دعوة ، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة ، فإلى هذا- يا عباد الله- يشتاق من كان له عقل ، ويعمل له بتقوى الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يا عباد الله ، إن اتقيتم وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد ، وذكرتموه بأفضل ما ذكر ، وشكرتموه بأفضل ما شكر ، وأخذتم بأفضل الصبر والشكر ، واجتهدتم أفضل الاجتهاد وإن كان غيركم أطول منكم صلاة ، وأكثر منكم صياما ، فأنتم أتقى لله منه ، وأنصح لاولي الأمر.

احذروا- يا عباد الله- الموت وسكرته ، فأعدوا له عدته ، فإنه يفجأكم بأمر عظيم ، بخير لا يكون معه شر أبدا ، وبشر لا يكون معه خير أبدا ، فمن أقرب إلى الجنة من عاملها؟ ومن أقرب إلى النار من عاملها؟ إنه ليس أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أي المنزلين يصير: إلى الجنة ، أم إلى النار ، أعدو هو لله أم ولي؟ فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة وشرعت له طرقها ، ورأى ما أعد الله له فيها ، ففرغ من كل شغل ، ووضع عنه كل ثقل ، وإن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار ، وشرعت له طرقها ، ونظر إلى ما أعد الله له فيها ، فاستقبل كل مكروه ، وترك كل سرور ، كل هذا يكون عند الموت ، وعنده يكون بيقين ، قال الله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[142] ، ويقول: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى‏ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)[143].

يا عباد الله ، إن الموت ليس منه فوت ، فاحذروه قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته ، فإنكم طرائد[144] الموت ، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوى خلفكم ، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات ، وكفى بالموت واعظا ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت ، فيقول أكثروا ذكر الموت ، فإنه هادم اللذات ، حائل بينكم وبين الشهوات.

يا عباد الله ، ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت ، القبر ، فاحذروا ضيقه[145] وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم: أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام. والقبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا وأهلا ، قد كنت ممن أحب أن يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ، فيتسع له مد البصر ، وإن الكفار ]الكافر[ إذا دفن قالت له الأرض: لا مرحبا بك ولا أهلا ، لقد كنت ممن أبغض أن يمشي[146] على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنعي بك ، فتضمه حتى تلتقي أضلاعه. وإن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه: عذاب القبر ، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا ، فينهشن لحمه ويكسرن عظمه ، ويترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث ، لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا أبدا.

يا عباد الله ، إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا ، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه ، فاعملوا بما أحب الله ، واتركوا ما كره الله.

يا عباد الله ، إن بعد البعث ما هو أشد من القبر ، يوم يشيب فيه الصغير ، ويسكر منه الكبير ، ويسقط فيه الجنين ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، يوم عبوس قمطرير ، يوم كان شره مستطيرا ، إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم ، وترعد[147] منه السبع الشداد ، والجبال الأوتاد ، والأرض المهاد ، وتنشق السماء فهي يومئذ واهية ، وتتغير فكأنها وردة كالدهان ، وتكون الجبال كثيبا[148] مهيلا بعد ما كانت صما صلابا ، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن ، إن لم يغفر الله له ويرحمه [149]من ذلك اليوم! لأنه يقضي ويصير إلى غيره ، إلى نار قعرها بعيد ، وحرها شديد ، وشرابها صديد ، وعذابها جديد ، ومقامعها حديد ، لا يفتر عذابها ، ولا يموت ساكنها ، دار ليس فيها رحمة ، و لا يسمع لأهلها دعوة.

واعلموا- يا عباد الله- أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز عن العباد ، وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين ، لا يكون معها شر أبدا ، لذاتها لا تمل ، ومجتمعها لا يتفرق ، سكانها قد جاوروا الرحمن ، وقام بين أيديهم الغلمان بصحاف من الذهب ، فيها الفاكهة والريحان. ثم اعلم- يا محمد بن أبي بكر- أني قد وليتك».[150]

وساق الحديث إلى آخره.

وروى هذا الحديث المفيد في (أماليه) ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي إسحاق الهمداني ، قال: لما ولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها ، كتب إليه كتابا ، وأمره أن يقرأه‏ على أهل مصر ، وليعمل بما وصاه فيه. فكان الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم» وساق الحديث إلى آخره.[151]

9- وعنه: بإسناده ، قال: قال الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). قال: «صلاة الليل تذهب بذنوب النهار».[152]

10- العياشي: عن حريز ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «(أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) وطرفاه: المغرب والغداة (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وهي صلاة العشاء الآخرة».[153]

11- عن أبي حمزة الثمالي ، قال: سمعت أحدهما (عليهما السلام) يقول: «إن عليا (عليه السلام) أقبل على الناس ، فقال: أي آية في كتاب الله أرجى عندكم؟ فقال بعضهم: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)[154]. قال: حسنة ، وليست إياها. فقال بعضهم: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ)[155] قال: حسنة ، وليست إياها. وقال بعضهم: (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ)[156] قال: حسنة ، وليست إياها».

قال: «ثم أحجم الناس ، فقال: ما لكم ، يا معشر المسلمين؟ قالوا: لا والله ، ما عندنا شي‏ء. قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أرجى آية في كتاب الله: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وقرأ الآية كلها ، وقال: يا علي ، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ، إن أحدكم ليقوم إلى وضوئه فتساقط من جوارحه الذنوب ، فإذا استقبل الله بوجهه وقلبه لم ينفتل عن صلاته وعليه من ذنوبه شي‏ء ، كما ولدته أمه ، فإذا أصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك حتى عد الصلوات الخمس. ثم قال: يا علي ، إنما منزلة الصلوات الخمس لامتي كنهر جار على باب أحدكم ، فما ظن أحدكم لو كان في جسده درن ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرات في اليوم ، أ كان يبقى في جسده درن؟ فكذلك والله الصلوات الخمس لامتي».[157]

12- عن إبراهيم الكرخي ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه مولى له. فقال: «يا فلان ، متى جئت؟» فسكت. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «جئت من هاهنا ومن هاهنا ، انظر بما تقطع به يومك ، فإن معك ملكا موكلا ، يحفظ عليك ما تعمل ، فلا تحتقر سيئة ، وإن كانت صغيرة ، فإنها ستسوؤك يوما ، ولا تحتقر حسنة فإنه ليس شي‏ء- أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة ، إنها لتدرك الذنب العظيم القديم فتذهب به ، وقال الله في كتابه: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)- قال: قال- صلاة الليل تذهب بذنوب النهار- قال- تذهب بما جرحتم».[158]

13- عن إبراهيم بن عمر ، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ)- إلى- (السَّيِّئاتِ) ، فقال: «صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار».[159]

14- عن سماعة بن مهران ، قال: سأل أبا عبد الله (عليه السلام) رجل من أهل الجبال عن رجل أصاب مالا من أعمال السلطان ، فهو يتصدق منه ، ويصل قرابته ، ويحج ليغفر له ما اكتسب ، وهو يقول: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). فقال أبو عبدالله (عليه السلام): «إن الخطيئة لا تكفر الخطيئة ، ولكن الحسنة تكفر الخطيئة». ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن كان خلط الحلال حراما فاختلط جميعا فلم يعرف الحلال من الحرام ، فلا بأس».[160]

15- وعنه: في رواية المفضل بن سويد ، أنه قال: «انظر ما أصبت به فعد به على إخوانك ، فإن الله يقول: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)». قال المفضل: كنت خليفة أخي على الديوان ، قال: وقد قلت جعلت فداك ، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم ، فما ترى؟ قال: لو لم يكن كتب[161]». [162]

16- عن المفضل بن مزيد الكاتب ، قال: دخل علي أبو عبد الله (عليه السلام) وقد أمرت أن اخرج لبني هاشم جوائز ، فلم أعلم إلا وهو على رأسي ، وأنا مستخل ، فوثبت إليه ، فسألني عما أمر لهم ، فناولته الكتاب ، فقال: «ما أرى لإسماعيل هاهنا شيئا»؟ فقلت: هذا الذي خرج إلينا. ثم قلت له: جعلت فداك ، قد ترى مكاني من هؤلاء القوم؟ فقال لي: «انظر ما أصبت به فعد به على إخوانك ، فإن الله يقول: (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)».[163]

17- عن إبراهيم الكرخي ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل المدينة ، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «يا فلان ، من أين جئت؟» فسكت. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «جئت من هاهنا وهاهنا ، لغير معاش تطلبه ، ولا لعمل آخرة ، انظر بما تقطع به يومك وليلتك ، واعلم أن معك ملكا كريما موكلا بك ، يحفظ عليك ما تفعل ، ويطلع على سرك الذي تخفيه من الناس ، فاستحي ولا تحقرن سيئة ، فإنها ستسوؤك يوما ، ولا تحقرن حسنة وإن صغرت عندك ، وقلت في عينك ، فإنها ستسرك يوما. واعلم أنه ليس شي‏ء أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة ، وأنه ليس شي‏ء أشد طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة ، أما إنها لتدرك الذنب العظيم القديم [المنسي عند عامله‏] فتحذفه وتسقطه وتذهب به بعد إساءته ، وذلك قول الله (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ)».[164]

18- عن ابن خراش ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). قال: «صلاة الليل تكفر ما كان من ذنوب النهار».[165]

قوله تعالى:

(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً- إلى قوله تعالى- وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 118-123  )

1- علي بن إبراهيم: (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) أي على مذهب واحد (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ).[166]

2- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذاء ، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاستطاعة وقول الناس ، فقال وتلا هذه الآية: (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) «يا أبا عبيدة ، الناس مختلفون في إصابة القول ، وكلهم هالك».

قال: قلت: قوله: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)؟ قال: «هم شيعتنا ، ولرحمته خلقهم ، وهو قوله: وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول: لطاعة الإمام ، الرحمة التي يقول: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ)[167] يقول: علم الإمام ، ووسع علمه الذي هو من علمه كل شي‏ء ، هم شيعتنا.

ثم قال: (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)[168] يعني ولاية غير الإمام وطاعته ، ثم قال: (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ)[169] يعني النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي والقائم ، (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)[170] إذا قام (وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ)[171] والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ)[172] وهو[173] أخذ العلم من أهله (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ)[174] والخبائث: قول من خالف (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) [175]وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [176]والأغلال: ما كانوا يقولون مما لم يكونوا أمروا به من ترك فضل الإمام ، فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم والإصر الذنب ، وهي الآصار.

ثم نسبهم ، فقال: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ)[177] يعني بالإمام‏ (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [178]يعني الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدونها ، والجبت والطاغوت: فلان وفلان وفلان ، والعبادة: طاعة الناس لهم.

ثم قال: (وَأَنِيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)[179] ثم جزاهم فقال: (لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)[180] والإمام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره ، وبقتل أعدائهم ، وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمد (صلى الله عليه وآله الصادقين) على الحوض».[181]

3- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ). فقال: «كانوا امة واحدة ، فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة».[182]

ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) ، مثله.[183]

4- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[184] قال:«خلقهم ليأمرهم بالعبادة».

قال: وسألته عن قوله عز وجل: (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) قال: «خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم».[185]

5- علي بن إبراهيم: عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «(لا يزالون مختلفين)- في الدين- (إلا من رحم ربك) ، يعني آل محمد وأتباعهم ، يقول الله: (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يعني أهل رحمة لا يختلفون في الدين».[186]

6- العياشي: عن عبد الله بن سنان ، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قوله الله: (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً- إلى- مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ). قال: «كانوا امة واحدة ، فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة».[187]

7- عن عبد الله بن غالب ، عن أبيه ، عن رجل ، قال: سألت علي بن الحسين (عليه السلام) عن قول الله: (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) قال: «عنى بذلك من خالفنا من هذه الامة ، وكلهم يخالف بعضهم بعضا في دينهم ، وأما قوله: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) فأولئك أولياؤنا من المؤمنين ، ولذلك خلقهم من الطينة الطيبة ، أما تسمع لقول إبراهيم: (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ)[188] - قال- إيانا عنى وأولياءه وشيعته وشيعة وصيه ، قال: (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى‏ عَذابِ النَّارِ)[189] - قال- عنى بذلك والله من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته ، وكذلك والله حال هذه الامة».[190]

8- عن يعقوب بن سعيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[191] قال: «خلقهم للعبادة». قال: قلت: وقوله: (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)؟ فقال: «نزلت هذه بعد تلك».[192]

9- عن سعيد بن المسيب ، عن علي بن الحسين (عليه السلام) في قوله: (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ).

قال: «أولئك هم أولياؤنا من المؤمنين ، ولذلك خلقهم من الطينة الطيبة أما تسمع لقول إبراهيم: (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ)[193]- قال- إيانا عنى بذلك وأولياءه وشيعته وشيعة وصيه (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى‏ عَذابِ النَّارِ)[194] عنى بذلك- والله- من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته ، وكذلك والله حال هذه الامة».[195]

10- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) هم الذين سبق الشقاء لهم ، فحق عليهم القول أنهم للنار خلقوا ، وهم الذين حقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون.

قال علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه ، فقال: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) أي أخبارهم (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ) في القرآن ، وهذه السورة من أخبار الأنبياء وهلاك الأمم. ثم قال: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى‏ مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ) أي نعاقبكم (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).[196]

باب في معنى التوكل‏

1- ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، في حديث مرفوع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا رسول الله ، إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قلت: وما هي؟  قال: الصبر ، وأحسن منه. قلت: وما هو؟ قال: الرضا ، وأحسن منه. قلت: وما هو؟ قال: الزهد ، وأحسن منه. قلت: وما هو؟ قال: الإخلاص ، وأحسن منه. قلت: وما هو؟ قال: اليقين ، وأحسن منه ، قلت: وما هو ، يا جبرئيل؟ قال: إن مدرجة[197] ذلك التوكل على الله عز وجل فقلت: وما التوكل على الله عز وجل؟ فقال: العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع ، ولا يعطي ولا يمنع ، واستعمال اليأس من الخلق ، فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله ، ولم يرج ولم يخف سوى الله ، ولم يطمع في أحد سوى الله ، فهذا هو التوكل.

قال: قلت: يا جبرئيل ، فما تفسير الصبر؟ قال: تصبر في الضراء كما تصبر في السراء ، وفي الفاقة كما تصبر في الغناء ، وفي البلاء كما تصبر في العافية ، ولا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه من البلاء.

قلت: وما تفسير القناعة؟ قال: يقنع بما يصيبه من الدنيا ، يقنع بالقليل ويشكر اليسير. قلت: فما تفسير الرضا؟ فقال: الرضا أن[198] لا يسخط على سيده ، أصاب من الدنيا أو لم يصب ، ولا يرضى لنفسه باليسير من العمل.

قلت: يا جبرئيل ، فما تفسير الزهد؟ قال: الزاهد يحب من يحب خالقه ، ويبغض من يبغض خالقه ، ويتحرج من حلال الدنيا ولا يلتفت إلى حرامها ، فإن حلالها حساب وحرامها عقاب ، ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ، ويتحرج من الكلام كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها ، ويتحرج عن حطام الدنيا وزينتها كما يجتنب النار أن يغشاها[199] وأن يقصر أمله وكأن بين عينيه أجله.

قلت: يا جبرئيل ، فما تفسير الإخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد ، وإذا وجد رضي ، وإذا بقي عنده شي‏ء أعطاه في الله ، فإن من لم يسأل المخلوق فقد أقر لله عز وجل بالعبودية ، وإذا وجد فرضي ، فهو عن الله راض ، والله تبارك وتعالى عنه راض ، وإذا أعطى لله عز وجل فهو على حد الثقة بربه عز وجل.

قلت: فما تفسير اليقين؟ قال: الموقن يعمل لله كأنه يراه ، فإن لم يكن يرى الله فإن الله يراه ، وأن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وإن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وهذا كله أغصان التوكل ، ومدرجة الزهد».[200]

المستدرك (سورة هود)

قوله تعالى:

)فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ- إلى قوله تعالى- وَكانُوا مُجْرِمِينَ 116(

1- فرات بن إبراهيم الكوفي في (تفسيره) معنعنا عن زيد بن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: (فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) إلى آخر الآية ، قال: تخرج الطائفة منا ، ومثلنا كمن كان قبلنا من القرون ، فمنهم من يقتل ، وتبقى منهم بقية ليحيوا ذلك الأمر يوما ما.[201]

2- وعنه ، قال: حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن زيد بن علي (عليه السلام) ، في قوله: (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ) قال: نزلت هذه فينا.[202]

قوله تعالى:

(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى‏ بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ 117 )

1- الطبرسي في (مكارم الأخلاق) ، في موعظة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لابن مسعود قال: قال له: «يا ابن مسعود: أنصف الناس من نفسك ، وانصح الأمة وارحمهم ، فإذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة أنت فيها ، وأراد أن ينزل عليهم العذاب ، نظر إليك فرحمهم بك ، يقول الله تعالى: (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى‏ بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ)».[203]

سورة يوسف‏

سورة يوسف فضلها

1- ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرأ سورة يوسف (عليه السلام) في كل يوم أو في كل ليلة ، بعثه الله تعالى يوم القيامة وجماله مثل جمال يوسف (عليه السلام) ، ولا يصيبه فزع يوم القيامة ، وكان من خيار عباد الله الصالحين». وقال: «إنها كانت في التوراة مكتوبة».[204]

2- العياشي: عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «من قرأ سورة يوسف (عليه السلام) في كل يوم أو في كل ليلة ، بعثه الله يوم القيامة وجماله على جمال يوسف (عليه السلام) ، ولا يصيبه يوم القيامة ما يصيب الناس من الفزع ، وكان جيرانه من عباد الله الصالحين». ثم قال: «إن يوسف كان من عباد الله الصالحين وأومن في الدنيا أن يكون زانيا أو فحاشا».[205]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تنزلوا النساء بالغرف ، ولا تعلموهن الكتابة ، ولا تعلموهن سورة يوسف[206] ، وعلموهن المغزل وسورة النور».[207]

4- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، رفعه ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ، ولا تقرئوهن إياها فإن فيها الفتن ، وعلموهن سورة النور فإن فيها المواعظ».[208]

5- (مجمع البيان): عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «علموا أرقاءكم سورة يوسف ، فإنه أيما مسلم تلاها وعلمها أهله وما ملكت يمينه ، هون الله تعالى عليه سكرات الموت ، وأعطاه من القوة أن لا يحسده مسلم».[209]

6- ومن (خواص القرآن) في سورة يوسف: قال الصادق (عليه السلام): «من كتبها وجعلها في منزله ثلاثة أيام وأخرجها منه إلى جدار من جدران من خارج البيت ودفنها[210] لم يشعر إلا ورسول السلطان يدعوه إلى خدمته ، ويصرفه إلى حوائجه بإذن الله تعالى. وأحسن من هذا كله أن يكتبها ويشربها يسهل الله له الرزق ، ويجعل له الحظ  بإذن الله تعالى».[211]

 

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ- إلى قوله تعالى- وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ 1- 3(

1- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ): أي كي تعقلوا. قال: ثم خاطب الله نبيه ، فقال: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ).[212]

قوله تعالى:

)إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ- إلى قوله تعالى- أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ 4- 33 (

1- علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، قال: حدثنا محمد بن أحمد ، قال: حدثنا علي بن محمد ، عمن حدثه ، عن المنقري ، عن عمرو بن شمر ، عن إسماعيل السدي ، عن عبد الرحمن بن سابط القرشي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، في قول الله عز وجل: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ). قال في تسمية النجوم: هي الطارق وحوبان[213] والذيال[214] وذو الكتفين [215]ووثاب وقابس وعمودان وفليق[216] ومصبح والصرح والفروع[217] والضياء والنور- يعني الشمس والقمر- وكل هذه النجوم محيطة بالسماء.[218]

2- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «تأويل هذه الرؤيا أنه سيملك مصر ، ويدخل عليه أبواه وإخوته ، فأما الشمس فأم يوسف راحيل ، والقمر يعقوب ، وأما الأحد عشر كوكبا فإخوته ، فلما دخلوا عليه سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه ، وكان ذلك السجود لله».[219]

3- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ،  عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن الثمالي ، قال: صليت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) الفجر بالمدينة يوم جمعة ، فلما فرغ من صلاته  وسبحته[220] ، نهض إلى منزله وأنا معه ، فدعا مولاة له تسمى سكينة ، فقال لها: «لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فإن اليوم يوم الجمعة».

قلت له: ليس كل من يسأل مستحقا؟ فقال: «يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه ونرده ، فينزل بنا- أهل البيت- ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم أطعموهم.

إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ، ويأكل هو وعياله منه ، وإن سائلا مؤمنا صواما محقا ، له عند الله منزلة ، وكان مجتازا غريبا اعتر [221]على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا ، وهم يسمعونه وقد جهلوا حقه ، ولم يصدقوا قوله ، فلما أيس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عز وجل ، وبات طاويا ، وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله تعالى وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا ، وأصبحوا وعندهم فضل من طعامهم». قال: «فأوحى الله عز وجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت - يا يعقوب - عبدي ذلة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ، ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك. يا يعقوب ، إن أحب أنبيائي إلي وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي ، وقربهم إليه ، وأطعمهم ، وكان له مأوى وملجأ.

يا يعقوب ، أما رحمت‏ ذميال عبدي ، المجتهد في عبادته ، القانع باليسير من ظاهر[222] الدنيا ، عشاء أمس ، لما اعتر [223]ببابك عند أوان إفطاره ، وهتف بكم: أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع. فلم تطعموه شيئا ، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إلي ، وبات طاويا ، حامدا لي ، وأصبح لي صائما ، وأنت- يا يعقوب- وولدك شباع ، وأصبحت وعندكم فضل من طعامكم.

أوما علمت- يا يعقوب- أن العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي؟ وذلك حسن النظر مني لأوليائي ، واستدراج مني لأعدائي ، أما وعزتي لأنزلن بك بلواي ، ولأجعلنك وولدك غرضا لمصابي ، ولأؤدبنك بعقوبتي ، فاستعدوا لبلواي ، وارضوا بقضائي ، واصبروا للمصائب».

فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): جعلت فداك ، متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: «في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا ، وبات فيها ذميال طاويا جائعا ، فلما رأى يوسف الرؤيا وأصبح يقصها على أبيه يعقوب ، فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف وبقي مغتما ، فأوحى الله عز وجل إليه: أن استعد للبلاء. فقال يعقوب ليوسف: لا تقصص رؤياك على إخوتك فإني أخاف أن يكيدوا لك كيدا ، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصها على إخوته».

قال: علي بن الحسين (عليه السلام): «و كانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا- قال- فاشتدت رقة يعقوب على يوسف ، وخاف أن يكون ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة ، فاشتدت رقته عليه من بين ولده ، فلما رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إياه وإيثاره إياه عليهم ، اشتد ذلك عليهم وبدأ البلاء منهم [224]فتآمروا فيما بينهم وقالوا: (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى‏ أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) أي تتوبون ، فعند ذلك قالوا: (يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى‏ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ ) الآية. فقال يعقوب: (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) فانتزعه حذرا عليه من أن تكون البلوى من الله عز وجل على يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من قلبه وحبه له».

قال: «فغلبت قدرة الله وقضاؤه ونافذ أمره في يعقوب ويوسف وإخوته ، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ، ولا عن يوسف وولده ، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره متوقع للبلوى من الله في يوسف ، فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا فانتزعه من أيديهم وضمه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم ، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم ، فلما أمعنوا [225]به أتوا به غيضة[226] أشجار ، فقالوا: نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة. فقال كبيرهم: (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ولكن أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فانطلقوا به إلى الجب فألقوه فيه ، وهم يظنون أنه يغرق فيه ، فلما صار في قعر الجب ناداهم: يا ولد  رومين ، أقرئوا يعقوب مني السلام. فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تزولوا من هنا حتى تعلموا أنه قد مات. فلم يزالوا بحضرته حتى أيسوا [227] (وَجاؤُوا أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) فلما سمع مقالتهم استرجع واستعبر ، وذكر ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء ، فصبر وأذعن للبلوى ، وقال لهم: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) وما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة».[228]

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا.

4- الشيخ عمر بن إبراهيم الأوسي[229] ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل (عليه السلام): «أنت مع قوتك هل أعييت قط؟» يعني أصابك تعب ومشقة ، قال: نعم- يا محمد- ثلاث مرات: يوم ألقي إبراهيم في النار ، أوحى الله إلي ، أن أدركه ، فوعزتي وجلالي لئن سبقك إلى النار لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة وأدركته بين النار والهواء ، فقلت: يا إبراهيم ، هل لك حاجة؟ قال: إلى الله فنعم ، وأما إليك فلا.

والثانية: حين امر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل ، أوحى الله إلي: أن أدركه ، فوعزتي وجلالي لئن سبقك السكين إلى حلقه لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت بسرعة حتى حولت السكين وقلبتها في يده وأتيته بالفداء.

والثالثة: حين رمي يوسف في الجب ، فأوحى الله تعالى إلي: يا جبرئيل ، أدركه ، فوعزتي وجلالي إن سبقك إلى قعر الجب لأمحون اسمك من ديوان الملائكة. فنزلت إليه بسرعة وأدركته إلى الفضاء ، ورفعته إلى الصخرة التي كانت في قعر الجب ، وأنزلته عليها سالما فعييت ، وكان الجب مأوى الحيات والأفاعي ، فلما حست به ، قالت كل واحدة لصاحبتها: إياك أن تتحركي ، فإن نبيا كريما نزل بنا وحل بساحتنا ، فلم تخرج واحدة من وكرها إلا الأفاعي فإنها خرجت وأرادت لدغه فصحت بهن صيحة صمت آذانهن إلى يوم القيامة.

قال ابن عباس: لما استقر يوسف (عليه السلام) في قعر الجب سالما واطمأن من المؤذيات ، جعل ينادي إخوته: «إن لكل ميت وصية ، ووصيتي إليكم إذا رجعتم فاذكروا وحدتي ، وإذا أمنتم فاذكروا وحشتي ، وإذا طعمتم فاذكروا جوعتي ، وإذا شربتم فاذكروا عطشي ، وإذا رأيتم شابا فاذكروا شبابي».

فقال له جبرئيل (عليه السلام): يا يوسف ، أمسك عن هذا ، واشتغل بالدعاء ، وقل: يا كاشف كل كربة ، ويا مجيب كل دعوة ، ويا جابر كل كسير ، ويا حاضر كل بلوى ، ويا مؤنس كل وحيد ، ويا صاحب كل غريب ، ويا شاهد كل نجوى ، أسألك بحق لا إله إلا أنت أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وأن تجعل في قلبي حبك حتى لا يكون لي هم وشغل سواك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

فقالت الملائكة: يا ربنا ، نسمع صوتا ودعاء ، أما الصوت فصوت نبي ، وأما الدعاء فدعاء نبي ، فأوحى الله تعالى إليهم: هو نبيي يوسف ، وأوحى تعالى إلى جبرئيل: أن اهبط على يوسف ، وقل له: (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).

وسئل ابن عباس عن الموثق الذي أخذه يعقوب على أولاده. فقال: قال لهم: «معشر أولادي ، إن جئتموني بولدي وإلا فأنتم براء من النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان ، له أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ، أهل كلمة عظيمة ، أعظم من السماوات والأرض ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي ولي الله ، صاحب الناقة والقضيب ، الذي سماه الله حبيب ، ذو الوجه الأقمر ، والجبين الأزهر ، والحوض والكوثر ، والمقام المشهود ، له ابن عم يسمى حيدرة ، زوج ابنته ، وخليفته على قومه ، علي بن أبي طالب ، تأتونه وهو معرض عنكم بوجهه يوم القيامة ، إن خنتموني في ولدي». قالوا: نعم قال: يعقوب: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[230]» قالوا: نعم: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

وسئل ابن عباس: بم عرفوا يوسف ، يعني إخوته؟ قال: كانت له علامة بقرنه ، وليعقوب مثلها ولإسحاق ولسارة ، وهي شامة ، قد جاء فرفع التاج من رأسه وفيه رائحة المسك فشموها فعرفوه. [231]

5- نرجع إلى رواية أبي حمزة[232] عن علي بن الحسين (عليه السلام): قال أبو حمزة: فلما كان من الغد غدوت عليه ، فقلت له: جعلت فداك ، إنك حدثتني أمس بحديث يعقوب وولده ثم قطعته ، فما كان من قصة إخوة يوسف وقصة يوسف بعد ذلك؟ فقال: «إنهم لما أصبحوا ، قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف ، أمات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة ، وقد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه ، فملأ جذب دلوه فإذا هو غلام متعلق بدلوه ، فقال لأصحابه (يا بُشْرى‏ هذا غُلامٌ) فلما أخرجوه أقبل إليهم إخوة يوسف ، فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب ، وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم ، وتنحوا به ناحية ، فقالوا: إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيارة أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف: لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم. فأقبلوا به إلى السيارة ، فقالوا: أمنكم من يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما ، وكان إخوته فيه من الزاهدين ، وسار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر ، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر ، وذلك قول الله عز وجل: (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)».

قال أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب؟ فقال: كان ابن تسع سنين». فقلت: كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ فقال: «مسيرة اثني عشر يوما».

قال: «وكان يوسف من أجمل أهل زمانه ، فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه ، فقال لها: معاذ الله ، إنا من أهل بيت لا يزنون ، فغلقت الأبواب عليها وعليه ، وقالت: لا تخف. وألقت نفسها عليه ، فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته ، فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه ، فأفلت يوسف منها في ثيابه (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ)- قال- فهم الملك بيوسف ليعذبه ، فقال له يوسف: واله يعقوب ، ما أردت بأهلك سوءا ، بل هي راودتني عن نفسي ، فسل هذا الصبي: أينا راود صاحبه عن نفسه؟- قال- وكان عندها من أهلها صبي زائر لها. فأنطق الله الصبي لفصل القضاء ، فقال: أيها الملك انظر إلى قميص يوسف ، فإن كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها ، وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته.

فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتصه ، أفزعه ذلك فزعا شديدا ، فجي‏ء بالقميص فنظر إليه ، فلما رآه مقدودا من خلفه ، قال لها: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وقال ليوسف: (أَعْرِضْ عَنْ هذا) ولا يسمعه منك أحد ، واكتمه- قال- فلم يكتمه يوسف ، وأذاعه في المدينة حتى قالت نسوة منهن: (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) فبلغها ذلك ، فأرسلت إليهن ، وهيأت لهن طعاما ومجلسا ، ثم أتتهن بأترج وأتت كل واحدة منهن سكينا ، ثم قالت ليوسف: (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ) ما قلن ، فقالت لهن: (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) يعني في حبه.

وخرجت النسوة من عندها ، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهن ، وقال: (إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) فصرف الله عنه كيدهن. فلما شاع أمر يوسف وامرأة العزيز والنسوة في مصر ، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجنن يوسف ، فسجنه في السجن ، ودخل السجن مع يوسف فتيان ، وكان من قصتهما وقصة يوسف ما قصه الله في الكتاب».[233]

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام).

6- وروى ابن بابويه ، قال: روي في خبر عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «دخل يوسف السجن وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، ومكث فيه ثماني عشرة سنة ، ومكث بعد خروجه ثمانين سنة فذلك مائة وعشر سنين».[234]

7- العياشي: عن مسعدة بن صدقة ، قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «قال والدي (عليه السلام): والله إني لأصانع بعض ولدي ، وأجلسه على فخذي ، واكثر له المحبة ، واكثر له الشكر ، وإن الحق لغيره من ولدي ، ولكن‏ مخافة [235]عليه من غيره ، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف وإخوته ، وما أنزل الله سورة يوسف إلا أمثالا لكي لا يحسد بعضنا بعضا كما حسد يوسف إخوته وبغوا عليه ، فجعلها رحمة على من تولانا ودان بحبنا وجحد أعداءنا ، وحجة على من نصب لنا الحرب والعداوة».[236]

8- عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «الأنبياء على خمسة أنواع: منهم من يسمع الصوت مثل صوت السلسلة فيعلم ما عني به ، ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف وإبراهيم ، ومنهم من يعاين ، ومنهم من ينكت في قلبه ، ويوقر [237] في اذنه».[238]

9- عن أبي خديجة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنما ابتلي يعقوب بيوسف أنه ذبح كبشا سمينا ، ورجل من أصحابه يدعى (بقوم) [239] محتاج لم يجد ما يفطر عليه ، فأغفله ولم يطعمه ، فابتلي بيوسف ، وكان بعد ذلك كل صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائما فليشهد غداء يعقوب. فإذا كان المساء نادى: من كان صائما فليشهد عشاء يعقوب».[240]

10- عن أبي حمزة الثمالي ، قال: صليت مع علي بن الحسين (صلوات الله عليه) الفجر بالمدينة في يوم جمعة ، فدعا مولاة له يقال لها: سكينة ، وقال لها: «لا يقفن على بابي اليوم سائل إلا أعطيتموه ، فإن اليوم الجمعة».

فقلت: ليس كل من يسأل محق ، جعلت فداك؟ فقال: «يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه ونرده ، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم ، أطعموهم».

ثم قال: «إن يعقوب كان كل يوم يذبح كبشا يتصدق منه ويأكل هو وعياله ، وإن سائلا مؤمنا صواما قواما ، له عند الله منزلة ، مجتازا غريبا اعتر بباب يعقوب عشية جمعة ، عند أوان إفطاره ، فهتف ببابه: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مرارا وهم يسمعونه ، جهلوا حقه ولم يصدقوا قوله. فلما أيس منهم أن يطعم وتغشاه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله ، وبات طاويا ، وأصبح صائما جائعا صابرا ، حامدا لله ، وبات يعقوب وأولاده شباعا بطانا ، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم».

قال: «فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت عبدي ذلة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك. يا يعقوب ، أما علمت أن أحب أنبيائي إلي ، وأكرمهم علي ، من رحم مساكين عبادي ، وقربهم إليه ، وأطعمهم ، وكان لهم مأوى وملجأ. يا يعقوب ، أما رحمت ذميال عبدي ، المجتهد في عبادتي ، القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره ، يهتف بكم. أطعموا السائل الغريب المجتاز. فلم تطعموه شيئا ، واسترجع واستعبر وشكا ما به إلي ، وبات طاويا حامدا صابرا ، وأصبح لي صائما ، وبت- يا يعقوب- وولدك ليلكم شباعا وأصبحتم وعندكم فضلة من طعامكم.

أوما علمت- يا يعقوب- أني بالعقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع مني بها إلى أعدائي ، وذلك مني حسن نظر إلى أوليائي ، واستدراج مني لأعدائي ، أما وعزتي لأنزلن بك بلواي ، ولأجعلنك وولدك غرضا لمصائبي ، ولأؤدبنك بعقوبتي ، فاستعدوا لبلائي وارضوا بقضائي ، واصبروا للمصائب».

قال: أبو حمزة: فقلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: «في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وولده شباعا ، وبات فيها ذميال جائعا ، رآها فأصبح فقصها على يعقوب من الغد ، فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف الرؤيا مع ما أوحي إليه: أن استعد للبلاء ، فقال ليوسف: لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك ، فإني أخاف أن يكيدوا لك ، فلم يكتم يوسف رؤياه ، وقصها على إخوته».

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): «فكانت أول بلوى نزلت بيعقوب وآله الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا التي رآها- قال- واشتدت رقة يعقوب على يوسف ، وخاف أن يكون ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاء إنما ذلك في يوسف ، فاشتدت رقته عليه وخاف أن ينزل به البلاء في يوسف من بين ولده. فلما أن رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف من إكرامه وإيثاره إياه عليهم ، اشتد ذلك عليهم ، وابتدأ البلاء فيهم ، فتآمروا فيما بينهم ، وقالوا: (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى‏ أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ، اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) أي تتوبون ، فعند ذلك قالوا: (يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى‏ يُوسُفَ ، أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ) قال يعقوب: (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) حذرا منه عليه أن تكون البلوى من الله على يعقوب في يوسف وكان يعقوب مستعدا للبلوى في يوسف خاصة».

قال: «فغلبت قدرة الله وقضاؤه ونافذ أمره في يعقوب ويوسف وإخوته ، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف وإخوته ، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره ، متوقع البلاء من الله في يوسف خاصة ، لموقعه من قلبه وحبه له فلما خرجوا به من منزله لحقهم مسرعا ، فانتزعه من أيديهم وضمه إليه ، واعتنقه وبكى ، ثم دفعه إليهم وهو كاره ، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ثم لا يدفعه إليهم ، فلما أمعنوا مالوا به إلى غيضة أشجار ، فقالوا: نذبحه ونلقيه تحت هذا الشجر فيأكله الذئب الليلة. فقال كبيرهم: (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ). فانطلقوا به إلى الجب ، فألقوه في غيابت الجب وهم يظنون أنه يغرق فيه ، فلما صار في قعر الجب ناداهم ، يا ولد رومين [241] أقرئوا يعقوب مني السلام ، فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض: لا تفرقوا من هنا حتى تعلموا- أنه قد مات- قال- فلم يزالوا بحضرته حتى أيسوا (وَجاؤُوا أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ). فلما سمع مقالتهم استرجع واستعبر ، وذكر ما أوحى الله عز وجل إليه من الاستعداد للبلاء ، فصبر وأذعن للبلوى ، وقال لهم: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة». [242]

قال أبو حمزة ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا الموضع.

11- عن مسمع أبي سيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما القي يوسف في الجب نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) ، فقال له: يا غلام ، ما تصنع هاهنا؟ من طرحك في هذا الجب؟ فقال: إخوتي ، لمنزلتي من أبي حسدوني ، ولذلك في هذا الجب طرحوني ، فقال له جبرئيل (عليه السلام): أ تحب أن تخرج من هذا الجب؟ فقال: ذلك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب.

فقال له جبرئيل: فإن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول لك: قل: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنان ، بديع السماوات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وترزقني من حيث لا أحتسب. فقالها يوسف ، فجعل الله له من الجب يومئذ فرجا ، ومن كيد المرأة مخرجا ، وآتاه ملك مصر من حيث لم يحتسب».[243]

ومن رواية أخرى عنه (عليه السلام): «و ترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب».

12- عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). قال: «كان ابن سبع سنين».[244]

13- عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، في قول الله: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ). قال في تسمية النجوم: هي الطارق وحوبان وأمان وذو الكتاف ووابس ووثاب وعروان[245] وفليق وفصيح والصرح والفروع[246] والضياء والنور- يعني الشمس والقمر- وكل هذه النجوم محيطة بالسماء.[247]

14- عن أبي جميلة ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أتي بقميص يوسف إلى يعقوب قال: اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص- قال- وكان به نضح من دم».[248]

15- عن أبي حمزة ، قال: ثم انقطع ما قال علي بن الحسين (عليه السلام) عند هذا الموضع[249] ، فلما كان‏ من غد غدوت إليه ، فقلت له: جعلت فداك ، إنك حدثتني أمس حديث يعقوب وولده ثم قطعته ، فما كان من قصة يوسف بعد ذلك؟ فقال: «إنهم لما أصبحوا قالوا: انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف ، مات أم هو حي؟ فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب السيارة قد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه ، فلما جذب دلوه فإذا هو بغلام متعلق به ، فقال لأصحابه: (يا بُشْرى‏ هذا غُلامٌ) فلما أخرجه أقبل إليه إخوة يوسف ، فقالوا: هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب ، وجئنا اليوم لنخرجه. فانتزعوه من أيديهم وتنحوا به ناحية ، ثم قالوا له: إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك من بعض هذه السيارة ، أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف: لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم. فأقبلوا به إلى السيارة ، فقالوا: هل منكم أحد يشتري منا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما ، وكان إخوته فيه من الزاهدين ، وسار به الذي اشتراه حتى دخل مصر ، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر ، وذلك قول الله: (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)».[250]

16- عن الحسن ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) ، قال: «كانت عشرين درهما».[251]

17- عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) مثله ، وزاد فيه: «البخس: النقص ، وهي قيمة كلب الصيد ، إذا قتل كانت ديته عشرين درهما».[252]

18- عن عبد الله بن سليمان ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «قد كان يوسف بين أبويه مكرما ، ثم صار عبدا حتى بيع بأبخس وأوكس الثمن ، ثم لم يمنع الله أن بلغ به حتى صار ملكا».[253]

19- عن ابن حصين ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ). قال: «كانت الدراهم ثمانية عشر درهما».[254]

20- وبهذا الإسناد ، عن الرضا (عليه السلام) قال: «كانت الدراهم عشرين درهما ، وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل ، والبخس: النقص».[255]

21- قال أبو حمزة: قلت لعلي بن الحسين (عليهما السلام): ابن كم كان يوسف يوم القي في الجب؟ قال: «ابن سبع سنين».

قلت: فكم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟ قال: «مسيرة ثمانية عشر يوما».

قال: «وكان يوسف من أجمل أهل زمانه ، فلما راهق راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها: معاذ الله ، أنا من أهل بيت لا يزنون ، فغلقت الأبواب عليها وعليه ، وقالت: لا تخف ، وألقت نفسها عليه ، فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه ، ولحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه ، وأفلت يوسف منها في ثيابه».[256]

22- عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما همت به وهم بها ، قالت: كما أنت. قال: ولم؟ قالت: حتى اعطي وجه الصنم لا يرانا. فذكر الله عند ذلك ، وقد علم أن الله يراه ، ففر منها هاربا».[257]

23- عن محمد بن قيس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن يوسف لما حل سراويله رأى مثال يعقوب قائما عاضا على إصبعه ، وهو يقول له: يا يوسف! فهرب».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لكني والله ما رأيت عورة أبي قط ، ولا رأى أبي عورة جدي قط ، ولا رأى جدي عورة أبيه قط- قال- وهو عاض على إصبعه ، فوثب وخرج الماء من إبهام رجله».[258]

24- عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أي شي‏ء يقول الناس في قول الله عز وجل: ( لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ)»؟ قلت: يقولون: رأى يعقوب عاضا على إصبعه ، فقال: «لا ، ليس كما يقولون».

قلت: فأي شي‏ء رأى؟ قال: «لما همت به وهم بها ، قامت إلى صنم معها في البيت ، فألقت عليه ثوبا ، فقال لها يوسف: ما صنعت؟ قالت: طرحت عليه ثوبا ، أستحي أن يرانا ، فقال يوسف: فأنت تستحين من صنمك وهو لا يسمع ولا يبصر ، ولا أستحي أنا من ربي؟!».[259]

25- عمر بن إبراهيم الأوسي ، قال: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان ، لأن الله قال: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً)[260]». [261]

26- نرجع إلى حديث أبي حمزة[262]:  «وأفلت يوسف منها في ثيابه (وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ)- قال- فهم الملك بيوسف ليعذبه ، فقال له يوسف: وإله يعقوب ما أردت بأهلك سوءا هي راودتني عن نفسي ، فاسأل هذا الصبي ، أينا راود صاحبه عن نفسه؟- قال- وكان عندها صبي من أهلها زائرا لها في المهد ، فقال: هذا طفل لم ينطق. فقال: كلمه ينطقه الله. فكلمه فأنطق الله الصبي بفصل القضاء ، فقال للملك: انظر أيها الملك إلى القميص ، فإن كان مقدودا من قدامه فهو راودها ، وإن كان‏ مقدودا من خلفه فهي التي راودته عن نفسه ، وصدق وهي من الكاذبين».

فلما سمع الملك كلام الصبي وما اقتص به ، أفزعه ذلك فزعا شديدا ، فدعا بالقميص فنظر إليه ، فلما رأى القميص مقدودا من خلفه ، قال لها: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) وقال ليوسف: (أَعْرِضْ عَنْ هذا) فلا يسمعه منك أحد واكتمه ، فلم يكتمه يوسف ، وأذاعه في المدينة حتى قال نسوة منهن: (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ) فبلغها ذلك ، فأرسلت إليهن وهيأت لهن طعاما ومجلسا ، ثم أتتهن بأترج وآتت كل واحدة منهن سكينا ، وقالت ليوسف: (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ) ما قلن ، فقالت لهن: (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) في حبه- قال- فخرج النسوة من عندها ، فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صواحبها ، تسأله الزيارة ، فأبى عليهن ، وقال: (رَبِّ ... وإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) فلما ذاع أمر يوسف وأمر امرأة العزيز والنسوة في مصر ، بدا للملك بعد ما سمع من قول الصبي ما سمع ليسجنن يوسف ، فحبسه في السجن ، ودخل مع يوسف في السجن فتيان ، فكان من قصتهما وقصة يوسف ما قصه الله في كتابه».[263]

قال أبو حمزة: ثم انقطع حديث علي بن الحسين (عليه السلام) عند ذلك.

27- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنه كان من خبر يوسف (عليه السلام) ، أنه كان له أحد عشر أخا ، وكان له من امه أخ ، واحد يسمى بنيامين ، وكان يعقوب إسرائيل الله ، ومعنى إسرائيل الله: أي خالص الله ، ابن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله ، فرأى يوسف هذه الرؤيا وله تسع سنين ، فقصها على أبيه ، فقال يعقوب: (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى‏ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) أي يحتالون عليك ، وقال يعقوب ليوسف (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى‏ آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى‏ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

وكان يوسف من أحسن الناس وجها ، وكان يعقوب يحبه ويؤثره على أولاده ، فحسده إخوته على ذلك ، وقالوا فيما بينهم ما حكى الله عز وجل: (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى‏ أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فعمدوا على قتل يوسف ، فقالوا: نقتله حتى يخلو لنا وجه أبينا. فقال لاوي: لا يجوز قتله ، ولكن نغيبه عن أبينا ونخلو نحن به. فقالوا كما حكى الله عز وجل: (يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى‏ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ) أي يرعى الغنم (وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) فأجرى الله على لسان يعقوب: (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) فقالوا كما حكى الله عز وجل: (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) والعصبة: عشرة إلى ثلاثة عشر (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي لتخبرنهم بما هموا به».[264]

28- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). يقول: «لا يشعرون أنك أنت يوسف ، أتاه جبرئيل وأخبره بذلك».[265]

29- وقال علي بن إبراهيم: فقال لاوي: (أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فأدنوه من رأس الجب ، فقالوا له: انزع قميصك ، فبكى ، وقال: يا إخوتي ، لا تجردوني. فسل واحد منهم عليه السكين ، وقال: لئن لم تنزعه لأقتلنك. فنزعه ، فدلوه في البئر وتنحوا عنه ، فقال يوسف في الجب: يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، ارحم ضعفي وقلة حيلتي وصغري. فنزلت سيارة من أهل مصر ، فبعثوا رجلا ليستقي لهم الماء من الجب ، فلما أدلى الدلو على يوسف تشبث بالدلو ، فجروه فنظروا إلى غلام من أحسن الناس وجها ، فعدوا إلى صاحبهم فقالوا: (يا بشرى هذا غلام) ، فنخرجه ونبيعه ونجعله بضاعة لنا. فبلغ إخوته فجاءوا وقالوا: هذا عبد لنا. ثم قالوا ليوسف: لئن لم تقر لنا بالعبودية لنقتلنك. فقالت السيارة ليوسف: ما تقول؟ قال: نعم أنا عبدهم. فقالت السيارة: فتبيعونه منا؟ قالوا: نعم. فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) قال: الثمن الذي بيع به يوسف ثمانية عشر درهما ، وكان عندهم كما قال الله تعالى: (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ).[266]

30- وقال علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا (عليه السلام) في قول الله: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ). قال: «كانت عشرين درهما- والبخس: النقص- وهي قيمة كلب الصيد ، إذا قتل كانت قيمته عشرين درهما».[267]

31- وقال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (وَجاؤُوا عَلى‏ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ). قال: «إنهم ذبحوا جديا على قميصه».[268]

32- قال علي بن إبراهيم: ورجع إخوته فقالوا: نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم ، ونقول لأبينا: إن الذئب أكله. فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوي: يا قوم ، ألسنا بني يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله ، فتظنون أن الله يكتم هذا الخبر عن أنبيائه؟  فقالوا: وما الحيلة؟ فقال: نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع إلى الله تعالى أن يكتم ذلك عن نبيه فإنه جواد كريم. فقاموا واغتسلوا ، وكان في سنة إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا ، فيكون واحد منهم إماما وعشرة يصلون خلفه ، فقالوا: كيف نصنع وليس لنا إمام؟ فقال لاوي: نجعل‏ الله إمامنا. فصلوا وتضرعوا وبكوا ، وقالوا: يا رب اكتم علينا هذا. ثم (وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ) ومعهم القميص قد لطخوه بالدم (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) أي نعدو (وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) إلى قوله: (عَلى‏ ما تَصِفُونَ) ثم قال يعقوب: ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف وأشفقه على قميصه ، حيث أكل يوسف ولم يمزق قميصه! قال: فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر ، فقال العزيز (لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ) أي مكانه (عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) ولم يكن له ولد ، فأكرموه وربوه ، فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز ، وكانت لا تنظر إلى يوسف امرأة إلا هوته ، ولا رجل إلا أحبه ، وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر. فراودته امرأة العزيز ، وهو قوله: (وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) فما زالت تخدعه ، حتى كان كما قال الله عز وجل: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ) فقامت امرأة العزيز وغلقت الأبواب ، فلما هما رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا على إصبعه ، يقول: يا يوسف ، أنت في السماء مكتوب في النبيين ، وتريد أن تكتب في الأرض من الزناة؟! فعلم أنه قد أخطأ.[269]

33- الشيخ في (أماليه): بإسناده ، في قوله عز وجل ، في قول يعقوب: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) قال: «بلا شكوى».[270]

قلت: هذا الحديث في (الأمالي) مسبوق بحديث عن الصادق (عليه السلام).

34- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وعلي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم) ، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكي ، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي ، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات ، من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته ، كأنه القم حجرا ، قام إليه علي بن محمد بن الجهم ، فقال: يا بن رسول الله ، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال: «نعم». فقال له: فما تقول في قوله عز وجل في يوسف. (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها فقال (عليه السلام): «أما قوله تعالى في يوسف (عليه السلام): (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ) بِها فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته ، لعظم ما تداخله ، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله عز وجل: (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) والسوء: القتل ، والفحشاء: الزنا».[271]

35- وعنه ، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبي ، عن حمدان بن سليمان النيشابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن‏ موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا بن رسول الله ، أليس من قولك: «إن الأنبياء معصومون»؟ قال: «بلى». وذكر الحديث ، إلى أن قال فيه: فأخبرني عن قول الله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ).

فقال الرضا (عليه السلام): «لقد همت به ، ولو لا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به ، لكنه كان معصوما ، والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه. ولقد حدثني أبي ، عن أبيه الصادق (عليه السلام) ، أنه قال: همت بأن تفعل ، وهم بأن لا يفعل». فقال المأمون: لله درك ، يا أبا الحسن.[272]

36- وعنه: عن أبيه (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن خلف بن حماد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) «يعني أن يدخل في الزنا».[273]

37- وعنه: بإسناده عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال في قول الله تعالى: (لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ). قال: «قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا ، فقال لها يوسف: ما هذا؟ فقال: أستحي من الصنم أن يرانا. فقال لها يوسف: أتستحين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا يأكل ولا يشرب ، ولا أستحي أنا ممن خلق الإنسان وعلمه؟! فذلك قوله عز وجل: (لَوْلا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ)».[274]

وروي هذا الحديث في (صحيفة الرضا (عليه السلام)) عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ببعض الاختلاف اليسير[275].

38- عن ابن بسطام ، في كتاب (طب الأئمة (عليهم السلام) ) عن محمد بن القاسم بن منجاب ، قال: حدثنا خلف بن حماد ، عن عبد الله بن مسكان ، عن جابر بن يزيد ، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «قال جل جلاله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) فالسوء ها هنا الزنا».[276]

39- ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن عبد الله بن رباط ، عن محمد بن النعمان الأحول ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز وجل: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) ، قال: «أشده: ثماني عشرة سنة ، واستوى: التحى».[277]

40- علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا أبي ، عن بعض رجاله ، رفعه ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما همت به وهم بها ، قامت إلى صنم في بيتها ، فألقت عليه ملاءة[278] لها ، فقال لها يوسف: ما تعملين؟ قالت: القي على هذا الصنم ثوبا لا يرانا ، فإني أستحي منه ، فقال يوسف: فأنت تستحين من صنم لا يسمع ولا يبصر ، ولا أستحي أنا من ربي؟! فوثب وعدا ، وعدت من خلفه ، وأدركهما العزيز على هذه الحالة ، وهو قول الله تعالى: (وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ). فبادرت امرأة العزيز ، فقالت للعزيز: (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فقال يوسف للعزيز: (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) فألهم الله يوسف أن قال للملك: سل هذا الصبي في المهد ، فإنه يشهد أنها راودتني عن نفسي ، فقال العزيز للصبي ، فأنطق الله الصبي في المهد ليوسف ، حتى قال: (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فلما رأى قميصه قد تخرق من دبر قال لامرأته: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) ثم قال ليوسف: (أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ) وشاع الخبر بمصر ، وجعل النساء يتحدثن بحديثها ويعذلنها[279] ويذكرنها ، وهو قوله تعالى: (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا)».[280]

41- علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) يقول: «قد حجبها حبه عن الناس ، فلا تعقل غيره» والحجاب: هو الشغاف ، والشغاف: هو حجاب القلب.[281]

42- ثم قال علي بن إبراهيم: فبلغ ذلك امرأة العزيز ، فبعثت إلى كل امرأة رئيسة ، فجمعتهن في منزلها ، وهيأت لهن مجلسا ، ودفعت إلى كل امرأة اترجة وسكينا. فقالت: اقطعن. ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن- وكان في بيت- فخرج يوسف عليهن ، فلما نظرن إليه ، أقبلن يقطعن أيديهن ، وقلن كما حكى الله عز وجل: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) أي أترجة (وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) إلى قوله:( إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ). فقالت امرأة العزيز: (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) أي في حبه (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) أي دعوته (فَاسْتَعْصَمَ) أي امتنع ، ثم قالت: (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) فما أمسى يوسف في ذلك اليوم[282] حتى بعثت إليه كل امرأة رأته تدعوه إلى نفسها ، فضجر يوسف ، فقال: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ) أي حيلتهن (أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) أي: أميل إليهن. وأمرت امرأة العزيز بحبسه ، فحبس في السجن.[283]

قوله تعالى:

(ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ- إلى قوله تعالى- يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ 35-56 )

1- ثم قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ): «فالآيات: شهادة الصبي ، والقميص المخرق من دبر ، واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب ، فلما عصاها لم تزل ملحة[284] بزوجها حتى حبسه (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) يقول: عبدان للملك ، أحدهما خباز ، والآخر صاحب الشراب ، والذي كذب ولم ير المنام هو الخباز».[285]

2- رجع إلى حديث علي بن إبراهيم[286] ، قال: ووكل الملك بيوسف رجلين يحفظانه ، فلما دخلا السجن ، قالا له: ما صناعتك؟ قال: اعبر الرؤيا. فرأى أحد الموكلين في منامه ، كما قال الله عز وجل: (أَعْصِرُ خَمْراً) قال يوسف: تخرج ، وتصير على شراب الملك ، وترتفع[287] منزلتك عنده: (وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) ولم يكن رأى ذلك ، فقال له يوسف: أنت يقتلك الملك ويصلبك ، وتأكل الطير من رأسك. فضحك[288] الرجل ، وقال: إني لم أر ذلك. فقال يوسف ، كما حكى الله تعالى: (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ).

وقال أبوعبد الله (عليه السلام) ، في قوله: (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) قال: «كان يقوم على المريض ، ويلتمس المحتاج ، ويوسع على المحبوس». فلما أراد- من رأى في نومه يعصر خمرا- الخروج من الحبس ، قال له يوسف: (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) فكان كما قال الله عز وجل: (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ).[289]

3- ثم قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عمر ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن يوسف أتاه جبرئيل ، فقال له: يا يوسف ، إن رب العالمين يقرئك‏ السلام ، ويقول لك: من جعلك في أحسن خلقه؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض ، ثم قال: أنت يا رب ثم قال له: ويقول لك: من حببك إلى أبيك دون إخوتك؟- قال:- فصاح ووضع خده على الأرض ، وقال: أنت يا رب قال: ويقول لك: ومن أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها ، وأيقنت بالهلكة؟- قال:- فصاح ووضع خده على الأرض ، ثم قال: أنت يا رب. قال: فإن ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)».

قال: «فلما انقضت المدة ، وأذن الله له في دعاء الفرج ، فوضع خده على الأرض ، ثم قال: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب. ففرج الله عنه».

قلت: جعلت فداك ، أندعوا نحن بهذا الدعاء؟ فقال: «أدع بمثله: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام)».[290]

4- وقال علي بن إبراهيم: ثم إن الملك رأى رؤيا ، فقال لوزرائه: إني رأيت في نومي (سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ) أي مهازيل ، ورأيت (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ) وقرأ[291] أبو عبد الله (عليه السلام): «سبع سنابل[292]».

ثم قال: (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) فلم يعرفوا تأويل ذلك ، فذكر الذي كان على رأس الملك رؤياه التي رآها ، وذكر يوسف بعد سبع سنين ، وهو قوله: (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) أي بعد حين (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) فجاء إلى يوسف فقال: (أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ)؟ قال يوسف: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ) أي لا يدوسوه فإنه يفسد في طول سبع سنين ، وإذا كان في سنبله لا يفسد (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ) أي سبع سنين مجاعة شديدة ، يأكلن ما قدمتم لهن في السبع سنين الماضية.

قال الصادق (عليه السلام): «إنما نزل: ما قربتم لهن[293]».

(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) أي يمطرون.

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السلام): (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)[294] على البناء للفاعل ، فقال: ويحك ، أي شي‏ء يعصرون ، يعصرون الخمر؟! قال الرجل: يا أمير المؤمنين ، كيف أقرأها؟ فقال: إنما نزلت (وَفِيهِ يُعْصَرون (أي يمطرون بعد سني المجاعة ، والدليل على ذلك ، قوله: (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً)[295]».

فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف ، فقال الملك: (ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى‏ رَبِّكَ) يعني إلى الملك (فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) فجمع الملك النسوة ، فقال لهن: (ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) أي لا أكذب عليه الآن كما كذبت عليه من قبل. ثم قالت: (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) أي تأمر بالسوء ِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) فقال الملك: (ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) فلما نظر إلى يوسف (قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) فاسأل حاجتك؟ (قالَ اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يعني: على الكناديج[296] والأنابير[297] ، فجعله عليها ، وهو قوله: (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ).[298]

5- الطبرسي في كتاب (النبوة): بالإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن علي بن بنت إلياس ، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «وأقبل يوسف (عليه السلام) على جمع الطعام ، فجمع في السبع سنين المخصبة ، فكبسه في الخزائن ، فلما مضت تلك السنون ، وأقبلت السنون المجدبة ، أقبل يوسف على بيع الطعام ، فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في ملك يوسف. وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر ، حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جواهر إلى صار في ملكه. وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دابة وماشية إلا صار في ملكه ، وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والإماء ، حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلا صار في ملكه وباعهم في السنة الخامسة بالدور والعقار ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في ملكه وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار ، حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلا صار في ملكه ، وباعهم في السنة السابعة برقابهم ، حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حر إلا صار عبدا ليوسف. فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم ، وقال الناس: ما رأينا ولا سمعنا بملك أعطاه الله من الملك ما أعطي هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا.

ثم قال يوسف للملك: أيها الملك ، ما ترى فيما خولني ربي من ملك مصر وما حولها[299]؟ أشر علينا برأيك ، فإني لم أصلحهم لافسدهم ولم أنجهم من البلاء لأكون بلاء عليهم ، ولكن الله تعالى أنجاهم على يدي. قال الملك: الرأي رأيك.

قال يوسف: إني اشهد الله وأشهدك أيها الملك أني قد أعتقت أهل مصر كلهم ، ورردت عليهم أموالهم وعبيدهم ، ورددت عليك أيها الملك خاتمك[300] وسريرك وتاجك ، على أن لا تسير إلا بسيرتي ، ولا تحكم إلا بحكمي.

قال له الملك: إن ذلك لزيني وفخري أن لا أسير إلا بسيرتك ، ولا أحكم إلا بحكمك ، ولولاك ما قويت عليه ولا اهتديت له ، ولقد جعلت سلطاني عزيزا لا يرام ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأنك رسوله ، فأقم على ما وليتك ، فإنك لدينا مكين أمين».[301]

6- ابن بابويه ، في كتاب (الغيبة): في حديث مسند ، قال: رؤي بلاطة مكتوب عليها بالحبشة ، قرأها الأسقف ، وفسر ما فيها بالحبشية ، ثم نقلت إلى العربية ، فإذا فيها مكتوب: أنا الريان بن دومغ ، فسئل أبو عبد الله المديني عن الريان ، من كان؟ فقال: هو والد العزيز الملك الذي كان في زمان يوسف النبي (عليه السلام) ، واسمه الريان ابن دومغ ، وقد كان عمر العزيز سبعمائة سنة ، وعمر الريان والده ألف وسبعمائة سنة ، وعمر دومغ ثلاثة آلاف سنة.

فإذا فيها: أنا الريان بن دومغ ، خرجت في طلب النيل الأعظم لأعلم فيضه ومنبعه ، إذ كنت أرى مفيضه ، فخرجت ومعي ممن صحبت أربعة آلاف ألف رجل ، فسرت ثمانين سنة ، إلى أن انتهيت إلى الظلمات والبحر المحيط بالدنيا ، فرأيت النيل يقطع البحر المحيط ويعبر فيه ، ولم يكن لي منفذ ، وتماوت أصحابي ، وبقيت في أربعة آلاف رجل ، فخشيت على ملكي ، فرجعت إلى مصر ، وبنيت الأهرام والبراني ، وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري ، وقلت في ذلك شعرا- وذكر الأشعار ، وهي كثيرة ، ومن جملتها-:

أنا صاحب الأهرام في مصر كلها           وباني برانيها بها والمقدم‏

 تركت بها آثار كفي وحكمتي             على الدهر لا تبلى ولا تتهدم‏

و فيها كنوز جمة وعجائب                    وللدهر إمر[302] مرة وتهجم‏

سيفتح أقفالي ويبدي عجائبي                ولي لربي آخر الدهر ينجم

بأكناف بيت الله تبدو أموره              ولا بد أن يعلو ويسمو به السم

قال ابن بابويه: قال أبو الجيش خمارويه[303] بن أحمد بن طولون: هذا شي‏ء ليس لأحد فيه حيلة إلا القائم من آل محمد (عليه السلام). وردت البلاطة كما كانت مكانها.[304]

7- العياشي: عن محمد بن مروان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن يوسف خطب امرأة جميلة كانت في زمانه ، فردت عليه: إن عبد الملك إياي يطلب!- قال- فطلبها إلى أبيها ، فقال له أبوها: إن الأمر أمرها.- قال- فطلبها إلى ربه ، وبكى ، فأوحى الله إليه إني قد زوجتكها ، ثم أرسل إليها: إني أريد أن أزوركم.

فأرسلت إليه: أن تعال. فلما دخل عليها ، أضاء البيت لنوره ، فقالت: ما هذا إلا ملك كريم. فاستسقى ، فقامت إلى الطاس لتسقيه ، فجعل يتناول الطاس من يدها ، فتناوله فاها ، فجعل يقول: انتظري ولا تعجلي- قال- فتزوجها».[305]

8- عن العباس بن هلال ، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: «إن يوسف النبي ، قال له السجان: إني لأحبك. فقال له يوسف: لا تقل هكذا. فإن عمتي أحبتني فسرقتني ، وإن أبي أحبني فحسدني إخوتي فباعوني ، وإن امرأة العزيز أحبتني فحبستني».[306]

9- عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاء جبرئيل إلى يوسف في السجن ، فقال: قل في دبر كل صلاة فريضة: اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا ، وارزقني من حيث أحتسب ، ومن حيث لا أحتسب».[307]

10- عن طربال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ، ألهمه الله تأويل الرؤيا ، فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم ، وإن فتيين أدخلا معه السجن يوم حبسه ، فلما باتا ، أصبحا فقالا له: إنا رأينا رؤيا ، فعبرها لنا. قال: وما رأيتما؟ قال أحدهما: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه. وقال الآخر: إني رأيت أني أسقي الملك خمرا. فعبر لهما رؤياهما على ما في الكتاب ، ثم قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك- قال- ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه ، فلذلك قال الله: (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)».

قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف ، من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ فقال: أنت يا رب. قال: فمن حببك إلى أبيك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن وجه السيارة إليك؟ فقال: أنت يا رب. قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا رب. قال: فكيف استغثت بغيري ، ولم تستغث بي وتسألني أن أخرجك من السجن ، واستغثت وأملت عبدا من عبادي ، ليذكرك إلى مخلوق من خلقي ، في قبضتي ، ولم تفزع إلي؟! البث في السجن بذنبك بضع سنين ، بإرسالك عبدا إلى عبد».[308]

11- قال ابن أبي عمير: قال ابن أبي حمزة: فمكث في السجن عشرين سنة.[309]

12- سماعة ، عن قول الله: (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) قال: هو العزيز.[310]

13- ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قالَ (الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً). قال: أحمل فوق رأسي جفنة فيها خبز ، تأكل الطير منه».[311]

14- يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال الله ليوسف: ألست الذي حببتك إلى أبيك ، وفضلتك على الناس بالحسن؟ أ ولست الذي سقت إليك السيارة ، فأنقدتك وأخرجتك من الجب؟ أ ولست الذي صرفت عنك كيد النسوة؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك ، أو تدعو مخلوقا هو دوني؟! فالبث لما قلت ، في السجن بضع سنين».[312]

15- عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عمن ذكره ، عنه (عليه السلام) قال: «لما قال للفتى: (اذكرني عند ربك). أتاه جبرئيل (عليه السلام) ، فضرب برجله حتى كشط له عن الأرض السابعة ، فقال له: يا يوسف ، انظر ماذا ترى؟ قال: أرى حجرا صغيرا ، ففلق الحجر ، فقال: ماذا ترى؟ قال: أرى دودة صغيرة. قال: فمن رازقها؟ قال: الله. قال: فإن ربك يقول: لم أنس هذه الدودة ، في ذلك الحجر ، في قعر الأرض السابعة ، أظننت أني أنساك ، حتى تقول للفتى: اذكرني عند ربك؟! لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين- قال- فبكى يوسف عند ذلك ، حتى بكت لبكائه الحيطان ، قال: فتأذى به أهل السجن ، فصالحهم على أن يبكي يوما ، ويسكت يوما ، فكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا».[313]

16- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بكى أحد بكاء ثلاثة: آدم ، ويوسف ، وداود». فقلت: ما بلغ من بكائهم؟ فقال: «أما آدم ، فبكى حين اخرج من الجنة ، وكان رأسه في باب من أبواب السماء ، فبكى حتى تأذى به أهل السماء ، فشكوا ذلك إلى الله ، فحط من قامته. وأما داود ، فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه ، وإنه كان ليزفر الزفرة ، فتحرق ما نبت من دموعه. وأما يوسف ، فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب ، وهو في السجن ، فتأذى به أهل السجن ، فصالحهم على أن يبكي يوما ، ويسكت يوما».[314]

17- عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إن يوسف أتاه جبرئيل ، فقال: يا يوسف إن‏ رب العالمين يقرئك السلام ، ويقول لك: من جعلك أحسن خلقه؟- قال- فصاح ، ووضع خده على الأرض ، ثم قال: أنت يا رب ، ثم قال له: ويقول لك: من حببك إلى أبيك دون إخوتك؟- قال- فصاح ، ووضع خده على الأرض ، ثم قال: أنت يا رب. قال: ويقول لك: من أخرجك من الجب ، بعد أن طرحت فيها ، وأيقنت بالهلكة؟ قال: فصاح ، ووضع خده على الأرض ، ثم قال: أنت يا رب ، ثم قال: فإن ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره ، فالبث في السجن بضع سنين».

قال: «فلما انقضت المدة ، أذن له في دعاء الفرج ، ووضع خده على الأرض ، ثم قال: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين ، إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، قال: ففرج الله عنه». قال: فقلت له: جعلت فداك ، أ ندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال: «ادع بمثله ، اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإني أتوجه إليك بوجه نبيك نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (عليهم السلام)».[315]

18- عن يعقوب بن يزيد ، رفعه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في قول الله تعالى: (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ، قال: «سبع  [316]سنين». [317]

19- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «رأت فاطمة (عليها السلام) في النوم ، كأن الحسن والحسين (عليهما السلام) ذبحا ، أو قتلا ، فأحزنها ذلك- قال- فأخبرت به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا رؤيا. فتمثلت ، بين يديه ، فقال: أريت فاطمة هذا البلاء؟ فقالت: لا ، يا رسول الله. فقال: يا أضغاث ، أنت أريت فاطمة هذا البلاء؟ فقالت: نعم ، يا رسول الله. قال: فما أردت بذلك؟ قالت: أردت أن أحزنها ، فقال لفاطمة (عليها السلام): اسمعي ، ليس هذا بشي‏ء».[318]

20- عن أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما[319] (عليهما السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لو كنت بمنزلة يوسف ، حين أرسل إليه الملك يسأله عن رؤياه ، ما حدثته حتى أشترط عليه أن يخرجني من السجن ، وعجبت لصبره عن شأن امرأة الملك ، حتى أظهر الله عذره».[320]

21- عن ابن أبي يعفور ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: «سبع سنابل[321] خضر».[322]

22- عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كانت سنين[323] يوسف والغلاء الذي أصاب الناس ، ولم يتمن[324] الغلاء لأحد قط- قال- فأتاه التجار ، فقالوا: بعنا. فقال: اشتروا. فقالوا: نأخذ كذا بكذا. فقال: خذوا. وأمر فكالوهم ، فحملوا ومضوا ، حتى دخلوا المدينة ، فلقيهم قوم تجار. فقالوا لهم: كيف أخذتم؟ قالوا: كذا بكذا. وأضعفوا الثمن- قال- فقدموا أولئك على يوسف ، فقالوا: بعنا ، فقال: اشتروا ، كيف تأخذون؟  قالوا: بعنا كما بعت كذا بكذا. فقال: ما هو كما تقولون ، ولكن خذوا. فأخذوا ، ثم مضوا حتى دخلوا المدينة ، فلقيهم آخرون ، فقالوا: كيف أخذتم؟ فقالوا: كذا بكذا. وأضعفوا الثمن- قال- فعظم الناس ذلك الغلاء ، وقالوا: اذهبوا بنا حتى نشتري- قال- فذهبوا إلى يوسف ، فقالوا: بعنا. فقال: اشتروا. فقالوا: بعنا كما بعت. فقال: وكيف بعت؟  قالوا: كذا بكذا. فقال: ما هو كذلك ، ولكن خذوا- قال- فأخذوا ، ورجعوا إلى المدينة ، فأخبروا الناس. وقالوا: فيما بينهم: تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء- قال- فذهبوا إلى يوسف ، فقالوا له: بعنا. فقال: اشتروا. فقالوا: بعنا كما بعت. قال: وكيف بعت؟ قالوا: كذا بكذا- بالحط من السعر- فقال: ما هو هكذا ، ولكن خذوا. قال: فأخذوا ، وذهبوا إلى المدينة ، فلقيهم الناس ، فسألوهم: بكم اشتريتم؟ فقالوا: كذا بكذا. بنصف الحط الأول. فقال الآخرون: اذهبوا بنا حتى نشتري. فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا فقال: اشتروا ، فقالوا: بعنا كما بعت. فقال: وكيف بعت؟ فقالوا: كذا بكذا.- بالحط من النصف- فقال: ما هو كما تقولون ، ولكن خذوا. فلم يزالوا يتكاذبون ، حتى رجع السعر إلى الأمر الأول ، كما أراد الله تعالى».[325]

23- عن محمد بن علي الصيرفي ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «(عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)» بضم الياء: يمطرون ، ثم قال: أما سمعت قوله: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً)[326] ». [327]

24- عن علي بن معمر ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله: «(عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)» مضمومة ، ثم قال: «أما سمعت قول الله: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً)[328] ». [329]

25- عن سماعة ، قال: سألته عن قول الله: (ارْجِعْ إِلى‏ رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ) ، قال: «يعني العزيز».[330]

26- عن الحسن بن موسى ، قال: روى أصحابنا ، عن الرضا (عليه السلام) قال له رجل: أصلحك الله ، كيف‏ صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فكأنه أنكر ذلك عليه ، فقال له أبو الحسن (عليه السلام): «يا هذا ، أيهما أفضل ، النبي أو الوصي؟» فقال: لا بل النبي. قال: «فأيهما أفضل ، مسلم أو مشرك؟» قال: لا بل مسلم. قال: «فإن العزيز- عزيز مصر- كان مشركا ، وكان يوسف نبيا ، وإن المأمون مسلم ، وأنا وصي ، ويوسف سأل العزيز أن يوليه ، حتى قال: استعملني على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم. والمأمون أجبرني على ما أنا فيه».

قال: وقال في قوله: (حَفِيظٌ عَلِيمٌ) قال: «حافظ لما في يدي ، عالم بكل لسان».[331]

2- قال سليمان: قال سفيان: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يجوز أن يزكي الرجل نفسه؟ قال: «نعم ، إذا اضطر إليه ، أما سمعت قول يوسف: (اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وقول العبد الصالح: (أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ)[332] ». [333]

28- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن الحسن (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل بن أبي قرة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يوسف: (اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ، قال: «حفيظ بما تحت يدي ، عليم بكل لسان».[334]

29- وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) ، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود العياشي ، عن أبيه ، قال: حدثنا محمد بن نصير ، عن الحسن بن موسى ، قال روى أصحابنا ، عن الرضا (عليه السلام) أنه قال له رجل: أصلحك الله ، كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فكأنه أنكر ذلك عليه ، فقال له أبو الحسن الرضا (عليه السلام): «يا هذا أيهما أفضل ، النبي أو الوصي؟» فقال: لا ، بل النبي. قال: «فأيهما أفضل ، مسلم أو مشرك؟» قال: لا بل مسلم قال: «فإن عزيز مصر كان مشركا ، وكان يوسف (عليه السلام) نبيا ، وإن المأمون مسلم ، وأنا وصي ، ويوسف سأل العزيز أن يوليه ، حتى[335] قال: (اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) والمأمون أجبرني على ما أنا فيه[336]».

قال: وقال (عليه السلام) في قوله تعالى: (حَفِيظٌ عَلِيمٌ) قال: «حافظ لما في يدي ، عالم بكل لسان».[337]

30- قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله ، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد ، مع إظهارك الزهد في الدنيا.

قال (عليه السلام): «قد علم الله تعالى كراهتي لذلك ، فلما خيرت بين قبول ذلك ، وبين القتل ، اخترت القبول على القتل. ويحهم ، أما علموا أن يوسف (عليه السلام) كان نبيا ورسولا ، ولما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز ، قال له: (اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار ، وبعد الإشراف على الهلاك ، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه. فإلى الله المشتكى وهو المستعان».[338]

قوله تعالى:

(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ- إلى قوله تعالى- وَإِنَّا لَصادِقُونَ 58-82 )

1- رجعت رواية علي بن إبراهيم[339] ، قال: فأمر يوسف أن تبنى كناديج من صخر ، وطينها بالكلس ، ثم أمر بزروع مصر ، فحصدت ، ودفع إلى كل إنسان حصة ، وترك الباقي في سنبله ، ولم يدسه ، ووضعها في الكناديج ، ففعل ذلك سبع سنين.

فلما جاءت سني الجدب ، كان يخرج السنبل ، فيبيع بما شاء ، وكان بينه وبين أبيه ثمانية عشر يوما ، وكانوا في بادية ، وكان الناس من الآفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا طعاما ، وكان يعقوب وولده نزولا في بادية فيها مقل[340] ، فأخذ إخوة يوسف من ذلك المقل ، وحملوه إلى مصر ، ليمتاروا طعاما ، وكان يوسف يتولى البيع بنفسه ، فلما دخل إخوته عليه ، عرفهم ولم يعرفوه ، كما حكى الله عز وجل: (وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) فأعطاهم ، وأحسن إليهم في الكيل ، قال لهم: «من أنتم؟» قالوا: نحن بنو يعقوب بن ابراهيم ، خليل الله الذي ألقاه نمرود في النار فلم يحترق ، وجعلها الله عليه بردا وسلاما ، قال: «فما فعل أبوكم»؟ قالوا: شيخ ضعيف ، قال: «فلكم أخ غيركم»؟ قالوا: لنا أخ من أبينا ، لا من امنا. قال: «فإذا رجعتم إلي فائتوني به» وهو قوله: (ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ).

ثم قال يوسف لقومه: «ردوا هذه البضاعة التي حملوها إلينا ، واجعلوها فيما بين رحالهم ، حتى إذا رجعوا إلى منازلهم ورأوها ، رجعوا إلينا وهو قوله: (وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى‏ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) يعني: كي يرجعوا: (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى‏ أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ‏ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) فقال يعقوب: (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى‏ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) في رحالهم التي حملوها إلى مصر (قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي) أي ما نريد (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) فقال يعقوب: (لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ) يعقوب: (اللَّهُ عَلى‏ ما نَقُولُ وَكِيلٌ) فخرجوا ، وقال لهم يعقوب: (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) إلى قوله (لا يَعْلَمُونَ).[341]

2- ابن بابويه في (الفقيه) مرسلا ، عن الصادق (عليه السلام): في قول الله عز وجل: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [342] ، قال: «الزارعون».[343]

3- العياشي: عن الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «ملك يوسف مصر وبراريها ، لم يجاوزها إلى غيرها».[344]

4- عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يحدث ، قال: «لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى ابيضت عيناه من الحزن ، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله ، وكان يمتار القمح من مصر لعياله في السنة مرتين ، للشتاء والصيف ، وإنه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت ، فلما دخلوا على يوسف ، وذلك بعد ما ولاه العزيز مصر ، فعرفهم يوسف ولم يعرفه إخوته لهيبة الملك وعزته. فقال لهم: هلموا بضاعتكم قبل الرفاق. وقال لفتيانه: عجلوا لهؤلاء الكيل وأوفوهم ، فإذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم ، ولا تعلموهم بذلك. ففعلوا.

ثم قال لهم يوسف: قد بلغني أنه قد كان لكم أخوان لأبيكم ، فما فعلا؟ قالوا: أما الكبير منهما فإن الذئب أكله ، وأما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين وعليه شفيق. قال: فإني أحب أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) فلما رجعوا إلى أبيهم وفتحوا متاعهم ، وجدوا بضاعتهم في رحالهم ، قالوا: (يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) وكيل لنا كيل قد زاد حمل بعير (فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى‏ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ).

فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة أشهر ، بعثهم يعقوب ، وبعث معهم بضاعة يسيرة ، وبعث معهم بنياميل[345] وأخذ عليهم بذلك موثقا من الله ، لتأتنني به إلا أن يحاط بكم أجمعين ، فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف ، فقال لهم: معكم بنياميل؟ قالوا: نعم هو في الرحل. قال لهم: فائتوني به.

فأتوا به وهو في دار الملك. قال: أدخلوه وحده. فأدخلوه عليه ، فضمه إليه وبكى ، وقال له: أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني أعمل ، واكتم ما أخبرتك به ولا تحزن ولا تخف. ثم أخرجه إليهم وأمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم ويعجلوا لهم الكيل ، فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل بنياميل ، ففعلوا به ذلك.

وارتحل القوم مع الرفقة فمضوا ، فلحقهم يوسف وفتيته فنادوا فيهم قال: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) قال: (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ ، قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) فقال لهم يوسف: ارتحلوا عن بلادنا: (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) وقد أخذ علينا موثقا من الله لنرد به إليه: (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) إن فعلت (قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) فقال كبيرهم: إني لست أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي.

ومضى إخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب ، فقال لهم: فأين بنياميل؟ قالوا: بنياميل سرق مكيال الملك ، فأخذه الملك بسرقته ، فحبس عنده ، فاسأل أهل القرية والعير حتى يخبروك بذلك ، فاسترجع واستعبر واشتد حزنه ، حتى تقوس ظهره».[346]

عن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عنه (عليه السلام) ذكر فيه (بنيامين) ولم يذكر فيه (بنياميل).[347]

5- عن أبان الأحمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما دخل إخوة يوسف عليه- وقد جاءوا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد ، ثم قال: يمتار كل واحد منكم مع أخيه لأمه على الخوان ، فجلسوا ، وبقي أخوه قائما. فقال له: مالك لا تجلس مع إخوتك؟ قال: ليس لي منهم أخ من امي. قال: فلك أخ من أمك ، زعم هؤلاء أن الذئب أكله؟ قال: نعم. قال: فاقعد وكل معي- قال- فترك إخوته الأكل ، وقالوا: إنا نريد أمرا ، ويأبى الله إلا أن يرفع ولد يامين علينا». قال: «ثم حين فرغوا من جهازهم ، أمر أن يوضع الصاع[348] فى رحل أخيه ، فلما فصلوا نادى مناد: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ)- قال- فرجعوا ، فقالوا: (ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ( إلى قوله: (جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) يعنون السنة التي تجري فيهم ، أن يحبسه ، (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) فقالوا: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)».

قال الحسن بن علي الوشاء: فسمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «يعنون المنطقة[349]. فلما فرغ من غذائه ، قال: ما بلغ من حزنك على أخيك؟ فقال: ولد لي عشرة أولاد ، فكلهم شققت لهم اسما من اسمه- قال- فقال له: ما أراك حزنت عليه حيث اتخذت النساء من بعده. قال: أيها العزيز ، إن لي أبا شيخا كبيرا صالحا ، فقال: يا بني ، تزوج ، لعلك تصيب ولدا يثقل الأرض بشهادة أن لا إله إلا الله».[350]

قال أبو محمد عبد الله بن محمد: هذا من رواية الرضا (عليه السلام).

6- عن علي بن مهزيار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «وقد كان هيأ لهم طعاما. فلما دخلوا عليه ، قال: ليجلس كل بني أم على مائدة - قال - فجلسوا ، وبقي بنيامين قائما ، فقال له يوسف: مالك لا تجلس؟ قال له: إنك قلت: ليجلس كل بني أم على مائدة ، وليس لي منهم ابن ام. فقال يوسف: أما كان لك ابن ام؟ قال له بنيامين: بلى. قال يوسف: فما فعل؟ قال: زعم هؤلاء أن الذئب أكله. قال: فما بلغ من حزنك عليه؟

قال: ولد لي أحد عشر ابنا ، كلهم شققت له اسما من أسمه. فقال له يوسف: أراك قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده. قال له بنيامين: إن لي أبا صالحا ، وإنه قال: تزوج ، لعل الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح؟ فقال له: تعال فاجلس معي على مائدتي؟ فقال أخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه ، حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته».[351]

7- عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك ، لم سمي أمير المؤمنين (أمير المؤمنين)؟ قال: «لأنه يميرهم العلم ، أما سمعت كلام الله: (وَنَمِيرُ أَهْلَنا)».[352]

8- عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا خير فيمن لا تقية له ، ولقد قال يوسف: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) وما سرقوا».[353]

9- وفي رواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)[354] قال: قيل له ، وأنا عنده: إن سالم بن حفصة يروي عنك: أنك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج؟ فقال: «ما يريد سالم مني ، أ يريد أن أجي‏ء بالملائكة ، فوالله ما جاء بهم النبيون ، ولقد قال إبراهيم: (إِنِّي سَقِيمٌ)[355]. ووالله ما كان سقيما ، وما كذب ، ولقد قال: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ)[356]. وما فعله كبيرهم ، وما كذب ، ولقد قال يوسف: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). والله ما كانوا سرقوا ، وما كذب».[357]

10- عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله في يوسف: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). قال: «إنهم سرقوا يوسف من أبيه ، ألا ترى أنه قال لهم ، حين قالوا وأقبلوا عليهم: ماذا تفقدون؟ قالوا: نفقد صواع الملك. ولم يقولوا: سرقتم صواع الملك. إنما عنى ، أنكم سرقتم يوسف من أبيه».[358]

11- عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «(صُواعَ الْمَلِكِ) طاسه الذي يشرب فيه».[359]

12- عن محمد بن أبي حمزة ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: (صُواعَ الْمَلِكِ). قال: «كان قدحا من ذهب- وقال- كان صواع يوسف إذا[360] كيل به قال: لعن الله الخوان ، ولا تخونوا به ، بصوت حسن».[361]

13- عن إسماعيل بن همام ، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قول الله تعالى:( إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ). قال: «كانت لإسحاق النبي (عليه السلام) منطقة ، يتوارثها الأنبياء والأكابر ، فكانت عند عمة يوسف ، وكان يوسف عندها ، وكان تحبه ، فبعث إليها أبوه: أن ابعثيه إلي ، وأرده إليك. فبعثت إليه: أن دعه عندي الليلة ، لأشمه ثم أرسله إليك غدوة. فلما أصبحت ، أخذت المنطقة فربطتها في حقوه[362] ، وألبسته قميصا ، وبعثت به إليه ، وقالت: سرقت المنطقة. فوجدت عليه ، وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمان ، دفع إلى صاحب السرقة ، فأخذته ، فكان عندها».[363]

14- عن الحسن بن علي الوشاء ، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: «كانت الحكومة في بني إسرائيل ، إذا سرق أحد شيئا استرق به ، وكان يوسف عند عمته وهو صغير ، وكانت تحبه ، وكانت لإسحاق منطقة ألبسها يعقوب ، وكانت عند أخته ، وإن يعقوب طلب يوسف أن يأخذه من عمته ، فاغتمت لذلك ، وقالت له: دعه ، حتى أرسله إليك. فأرسلته ، وأخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب ، فلما أتى يوسف أباه ، جاءت فقالت: سرقت المنطقة. ففتشته ، فوجدتها في وسطه. فلذلك قال إخوة يوسف ، حيث جعل الصاع في وعاء أخيه فقال لهم يوسف: ما جزاء من وجد في رحله؟ قالوا [هو] جزاؤه. بإجراء السنة التي تجري فيهم ، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ، ثم استخرجها من وعاء أخيه ، فلذلك قال إخوة يوسف: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنون المنطقة (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ)».[364]

عن الحسن بن علي الوشاء ، عن الرضا (عليه السلام) ، وذكر مثله[365].

15- عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكر بني يعقوب ، قال: «كانوا إذا غضبوا ، اشتد غضبهم حتى تقطر جلودهم دما أصفر ، وهم يقولون: خذ أحدنا مكانه ، يعني جزاءه ، فأخذ الذي وجد الصاع عنده».[366]

16- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما استيأس إخوة يوسف من أخيهم ، قال لهم يهودا ، وكان أكبرهم: (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ)- قال- ورجع إلى يوسف يكلمه في أخيه ، فكلمه حتى ارتفع الكلام بينهما ، حتى غضب يهودا ، وكان إذا غضب قامت شعرة في كتفه وخرج منها الدم». قال: «وكان بين يدي يوسف ابن له صغير ، معه رمانة من ذهب ، وكان الصبي يلعب بها- قال- فأخذها يوسف من الصبي ، فدحرجها نحو يهودا ، وحبا الصبي نحو يهودا ليأخذها ، فمس يهودا ، فسكن يهودا. ثم عاد إلى يوسف ، فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا ، وقامت الشعرة ، وسال منها الدم ، فأخذ يوسف الرمانة من الصبي فد حرجها نحو يهودا ، وحبا الصبي نحو يهودا فسكن يهودا. وقال يهودا: إن في البيت معنا لبعض ولد يعقوب». قال: «فعند ذلك قال لهم يوسف: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)[367]». [368]

17- وفي رواية هشام بن سالم ، عنه (عليه السلام) قال: «لما أخذ يوسف أخاه ، اجتمع عليه إخوته ، وقالوا له: خذ أحدنا مكانه ، وجلودهم تقطر دما أصفر. وهم يقولون: خذ أحدنا مكانه- قال- فلما أبى عليهم وخرجوا من عنده قال لهم يهودا: قد علمتم ما فعلتم بيوسف: (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ)». قال: «فرجعوا إلى أبيهم ، وتخلف يهودا- قال- فدخل على يوسف وكلمه في أخيه ، حتى ارتفع الكلام بينه وبينه ، فغضب ، وكان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة ، فلا تزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب». قال: «فكان بين يدي يوسف ابن له صغير ، في يده رمانة من ذهب ، يلعب بها ، فلما رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم ، أخذ الرمانة من يد الصبي ، ثم دحرجها نحو يهودا ، واتبعها الصبي ليأخذها ، فوقعت يده على يهودا- قال- فذهب غضبه- قال- فارتاب يهودا ، ورجع الصبي بالرمانة إلى يوسف. ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب وقامت الشعرة ، فجعلت تقذف بالدم ، فلما رآه يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا واتبعها الصبي ليأخذها ، فوقعت يده على يهودا ، فسكن غضبه- قال- فقال يهودا: إن في البيت لمن ولد يعقوب ، حتى صنع ذلك ثلاث مرات».[369]

18- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم[370]: فخرجوا وخرج معهم بنيامين ، فكان لا يؤاكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم ، فلما وافوا مصر ، ودخلوا على يوسف وسلموا ، نظر يوسف إلى أخيه فعرفه ، فجلس منهم بالبعد. فقال يوسف: «أنت أخوهم؟». قال: نعم. قال: فلم لا تجلس معهم؟» قال: لأنهم أخرجوا أخي من أبي وأمي ، فرجعوا ولم يردوه ، وزعموا أن الذئب أكله ، فآليت على نفسي ألا أجتمع معهم على أمر ما دمت حيا. قال: فهل تزوجت؟ قال: بلى ، قال: «فولد لك ولد؟» قال: بلى ، قال: «كم ولد لك؟» قال: ثلاث بنين. قال: «فما سميتهم؟» قال: سميت واحدا منهم الذئب ، وواحدا القميص ، وواحدا الدم. قال: «و كيف اخترت هذه الأسماء؟» قال: لئلا أنسى أخي ، كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي ، قال يوسف لهم: «أخرجوا» وحبس بنيامين عنده.

فلما خرجوا من عنده ، قال يوسف لأخيه: «أنا أخوك يوسف (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)». ثم قال له: «أنا أحب أن تكون عندي». قال: لا يدعني إخوتي ، فإن أبي قد أخذ عليهم عهد الله وميثاقه أن يردوني إليه. قال: فأنا أحتال بحيلة ، فلا تنكر إذا رأيت شيئا ، ولا تخبرهم». فقال: لا. (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) وأعطاهم وأحسن إليهم ، قال لبعض قوامه: «اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا». وكان الصاع الذي يكيلون به من ذهب ، فجعلوه في رحله ، من حيث لم يقف عليه إخوته. فلما ارتحلوا ، بعث إليهم يوسف وحبسهم ، ثم أمر مناديا ينادي: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). فقال إخوة يوسف: (ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أي كفيل.[371]

19- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد ابن عثمان ، عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا قد روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ)؟ فقال: «والله ما سرقوا ، وما كذب ، وقال إبراهيم (عليه السلام): (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) [372] فقال- والله ما فعلوا ، وما كذب».

قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما عندكم فيها ، يا صيقل؟» قال: فقلت: ما عندنا فيها إلا التسليم. قال: فقال: «إن الله أحب اثنين ، وأبغض اثنين: أحب الخطر[373] فيما بين الصفين ، وأحب الكذب في الإصلاح ، وأبغض الخطر في الطرقات ، وأبغض الكذب في غير الإصلاح. إن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) هذا إرادة الإصلاح ، ودلالة على أنهم لا يفعلون ، وقال يوسف (عليه السلام) إرادة الإصلاح».[374]

20- وعنه: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال[375] ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معمر بن عمر[376] ، عن عطاء ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا كذب على مصلح. ثم تلا: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ثم قال: والله ما سرقوا وما كذب. ثم تلا: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ)[377] ثم قال: والله ما فعلوه وما كذب».[378]

21- وعنه: عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقية من دين الله». قلت: من دين الله؟ قال: «إي والله من دين الله ، ولقد قال يوسف (عليه السلام): (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ)- ثم قال- والله ما كانوا سرقوا شيئا ، ولقد قال إبراهيم (عليه السلام): (إِنِّي سَقِيمٌ)[379] والله ما كان سقيما».[380]

22- ابن بابويه: قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال: حدثنا إبراهيم بن علي ، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا خير فيمن لا تقية له ، ولقد قال يوسف: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) وما سرقوا».[381]

23- وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن أبي نصر ، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «التقية من دين الله عز وجل». قلت: من دين الله؟ قال فقال: «إي والله من دين الله ، لقد قال يوسف (عليه السلام): (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) والله ما كانوا سرقوا شيئا».[382]

24- وعنه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال: «ما سرقوا وما كذب».[383]

25- وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، عن صالح بن سعيد ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل في يوسف (عليه السلام): (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ). قال: «إنهم سرقوا يوسف من أبيه ، ألا ترى أنه قال لهم حين قالوا: ما ذا تفقدون؟ قالوا: نفقد صواع الملك. ولم يقولوا: سرقتم صواع الملك. إنما عنى أنكم سرقتم يوسف من أبيه».[384]

26- وعنه ، عن أبيه (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن هاشم ، عن صالح بن سعيد ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قلت قوله في يوسف (عليه السلام): (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال: «إنهم سرقوا يوسف من أبيه».[385]

27- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم[386]: فقال إخوة يوسف: (تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ) ، قال يوسف (عليه السلام): (فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ) فخذه واحبسه (فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) فتشبثوا بأخيه وحبسوه ، وهو قوله: (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) أي احتلنا له: (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ).

فسئل الصادق (عليه السلام) عن قوله: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) قال: «ما سرقوا وما كذب يوسف (عليه السلام) فإنما عنى سرقتم يوسف من أبيه».

وقوله: (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) أي يا أهل العير ، ومثله قولهم لأبيهم: (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا) فِيها يعني: أهل العير. فلما اخرج ليوسف الصواع من رحل أخيه ، قال إخوته: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنون يوسف (عليه السلام): فتغافل يوسف عليهم ، وهو قوله: (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ).[387]

28- ابن بابويه قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله العلوي ، قال: حدثني علي بن محمد العلوي العمري ، قال: حدثني إسماعيل بن همام ، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ). قال: «كانت لإسحاق النبي (عليه السلام) منطقة يتوارثها الأنبياء والأكابر ، وكانت عند عمة يوسف ، وكان يوسف عندها ، وكانت تحبه ، فبعث إليها أبوه وقال: ابعثيه إلي وأرده إليك. فبعثت إليه: دعه عندي الليلة أشمه ، ثم أرسله إليك غدوة- قال- فلما أصبحت أخذت المنطقة ، فربطتها في حقوه ، ولبسته قميصا ، وبعثت به إليه ، فلما خرج من عندها طلبت المنطقة ، وقالت: سرقت المنطقة ، فوجدت عليه ، وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمان ، دفع إلى صاحب السرقة ، وكان عبده».[388]

29- وعنه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود ، عن أبيه ، عن عبد الله بن محمد بن خالد ، قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء ، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: «كانت الحكومة في بني إسرائيل ، إذا سرق أحد شيئا استرق به ، وكان يوسف (عليه السلام) عند عمته وهو صغير ، وكانت تحبه ، وكانت لإسحاق (عليه السلام) منطقة ألبسها يعقوب ، وكانت عند ابنته ، وأن يعقوب طلب يوسف أن يأخذه من عمته ، فاغتمت لذلك ، وقالت له: دعه حتى أرسله إليك ، فأرسلته وأخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب ، فلما أتى يوسف أباه ، جاءت وقالت: سرقت المنطقة ، ففتشته ، فوجدتها في وسطه. فلذلك قال إخوة يوسف حيث جعل الصاع في وعاء أخيه: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) فقال لهم يوسف: فما جزاء من وجدنا في رحله؟ قالوا: هو جزاؤه. كما جرت السنة التي تجري فيهم ، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ، ثم استخرجها من وعاء أخيه ، ولذلك قال إخوة يوسف: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) يعنون المنطقة: (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ)».[389]

30- علي بن إبراهيم: قال: أخبرنا الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن بنت إلياس وإسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كانت الحكومة في بني إسرائيل ، إذا سرق أحد شيئا استرق به وكان يوسف عند عمته وهو صغير ، وكانت تحبه ، وكانت لإسحاق منطقة ألبسها يعقوب ، وكانت عند أخته ، وأن يعقوب طلب يوسف ليأخذه من عمته ، فاغتمت لذلك ، وقالت: دعه حتى أرسله إليك ، وأخذت المنطقة ، وشدت بها وسطه تحت الثياب ، فلما أتى يوسف أباه ، جاءت فقالت: قد سرقت المنطقة. ففتشته ، فوجدتها معه في وسطه ، فلذلك قال إخوة يوسف ، لما حبس يوسف أخاه ، حيث جعل الصواع في وعاء أخيه ، فقال يوسف: ما جزاء من وجد في رحله؟ قالوا: [هو] جزاؤه.- السنة التي تجري فيهم- فلذلك قال إخوة يوسف: (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ).[390]

31- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم[391]: قال: فاجتمعوا إلى يوسف ، وجلودهم تقطر دما أصفر ، فكانوا يجادلونه في حبسه- وكان ولد يعقوب إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر ويقطر من رؤوسهم دم أصفر- وهم يقولون: (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فأطلق عن هذا. فلما رأى يوسف ذلك ، قال: (مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) ولم يقل: إلا من سرق متاعنا: (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) وأرادوا الانصراف إلى أبيهم ، قال لهم لاوي بن يعقوب: (أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ) في هذا (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) فارجعوا أنتم إلى أبيكم ، فأما أنا ، فلا ارجع إليه (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ثم قال لهم: (ارْجِعُوا إِلى‏ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) أي أهل القرية وأهل العير (وَإِنَّا لَصادِقُونَ).

قال: فرجع إخوة يوسف إلى أبيهم وتخلف يهودا ، فدخل على يوسف ، فكلمه حتى ارتفع الكلام بينه وبين يوسف وغضب ، وكانت على كتف يهودا شعرة ، فقامت الشعرة فأقبلت تقذف بالدم ، وكان لا يسكن حتى يمسه بعض أولاد يعقوب- قال- وكان بين يدي يوسف ابن له ، في يده رمانة من ذهب يلعب بها ، فلما رأى يوسف أن يهودا قد غضب وقامت الشعرة تقذف بالدم ، أخذ الرمانة من الصبي ، ثم دحرجها نحو يهودا وتبعها الصبي ليأخذها ، فوقعت يده علي يهودا ، فذهب غضبه. قال: فارتاب يهودا ، ورجع الصبي بالرمانة إلى يوسف ، ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا ، وقامت الشعرة تقذف بالدم ، فلما رأى ذلك يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا فتبعها الصبي ليأخذها ، فوقعت يده على يهودا ، فسكن غضبه ، وقال: إن في البيت لمن ولد يعقوب. حتى صنع ذلك ثلاث مرات.[392]

32- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). قال: «كان يوسف يوسع المجلس ، ويستقرض للمحتاج ، ويعين الضعيف».[393]

 

قوله تعالى:

(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ - إلى قوله تعالى- وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ 83- 101)

1- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم[394]: فلما رجع إخوة يوسف إلى أبيهم ، وأخبروه بخبر أخيهم ، قال يعقوب: (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ثم تَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى‏ عَلى‏ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) يعني عميتا من البكاء (فَهُوَ كَظِيمٌ) أي محزون ، والأسف أشد الحزن.

وسئل أبو عبد الله (عليه السلام): ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال: «حزن سبعين ثكلى بأولادها- وقال- إن يعقوب لم يعرف الاسترجاع ، ومن هنا قال: (يا أَسَفى‏ عَلى‏ يُوسُفَ) فقالوا له: (تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) أي لا تفتؤ عن ذكر يوسف (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) أي ميتا (أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ قالَ إِنَّما أَشْكُو  بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ)».[395]

2- الحسين بن سعيد ، في كتاب (التمحيص): عن جابر ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ما الصبر الجميل؟

قال: «ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى أحد من الناس ، إن إبراهيم بعث يعقوب[396] إلى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم ، فوثب إليه فاعتنقه ثم قال له: مرحبا بخليل الرحمن. فقال له يعقوب: إني لست بخليل الرحمن ، ولكن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. قال له الراهب: فما الذي بلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال: الهم والحزن والسقم- قال- فما جاز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه: يا يعقوب ، شكوتني إلى العباد. فخر ساجدا عند عتبة الباب ، يقول: رب لا أعود. فأوحى الله إليه: إني قد غفرت لك ، فلا تعد إلى مثلها.

فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا ، إلا أنه قال يوما: (إِنَّما أَشْكُو  بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ)».[397]

3- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن اورمة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن الحسن الواسطي ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قدم أعرابي على يوسف (عليه السلام) ليشتري منه طعاما ، فباعه ، فلما فرغ قال له يوسف (عليه السلام): أين منزلك؟ قال له: بموضع كذا وكذا. فقال له: فإذا مررت بوادي كذا وكذا ، فقف وناد: يا يعقوب ، يا يعقوب ، فإنه سيخرج لك رجل عظيم جميل[398] وسيم ، فقل له: لقيت رجلا بمصر وهو يقرئك السلام ، ويقول لك: إن وديعتك عند الله عز وجل لن تضيع».

قال: «فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع ، فقال لغلمانه: احفظوا علي الإبل. ثم نادى: يا يعقوب ، يا يعقوب. فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقى الحائط بيده حتى أقبل ، فقال له الرجل: أنت يعقوب؟ قال: نعم ، فأبلغه ما قال يوسف ، فسقط مغشيا عليه ، ثم أفاق ، وقال للأعرابي: يا أعرابي ، ألك حاجة إلى الله عز وجل؟ فقال له: نعم ، إني رجل كثير المال ، ولي ابنة عم ليس يولد لي منها ، وأحب ان تدعو الله أن يرزقني ولدا.- قال- فتوضأ يعقوب ، وصلى ركعتين ، ثم دعا الله عز وجل ، فرزق أربعة بطون- أو قال: ستة أبطن- في كل بطن اثنان.

فكان يعقوب (عليه السلام) يعلم أن يوسف (عليه السلام) حي لم يمت ، وأن الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته ، وكان يقول لبنيه: (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) وكان بنوه وأهله وأقرباؤه يفندونه على ذكره ليوسف ، حتى إنه لما وجد ريح يوسف ، قال: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) وهو يهودا ابنه ، فألقى قميص يوسف (عَلى‏ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ)».[399]

4- محمد بن يعقوب: بإسناده ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن قول يعقوب (عليه السلام) لبنيه: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) أكان يعلم أنه حي ، وقد فارقه منذ عشرين سنة؟ قال: «نعم». قال: قلت: كيف علم؟ قال: «إنه دعا في السحر ، وسأل الله عز وجل أن يهبط عليه ملك الموت ، فهبط عليه تربال[400] وهو ملك الموت ، فقال له تربال: ما حاجتك ، يا يعقوب؟ قال: أخبرني عن الأرواح ، تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال: بل أقبضها متفرقة روحا روحا. قال له: فأخبرني هل مر بك[401] روح يوسف فيما مر بك؟ قال: لا. فعلم يعقوب أنه حي ، فعند ذلك قال لولده: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ)». [402]

ابن بابويه: قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال: حدثنا محمد بن نصير ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن يعقوب حين قال لولده: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) وساق الحديث بنحو ما تقدم.[403]

5- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن يعقوب حين قال لولده: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) ، أكان علم أنه حي ، وقد فارقه منذ عشرين سنة ، وذهبت عيناه من البكاء عليه؟ قال: «نعم ، علم أنه حي ، إنه دعا ربه في السحر أن يهبط عليه ملك الموت ، فهبط عليه ملك الموت في أطيب رائحة وأحسن صورة ، فقال له: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت ، أليس سألت الله أن ينزلني عليك؟ قال: نعم. قال: ما حاجتك ، يا يعقوب؟ قال له: أخبرني عن الأرواح ، تقبضها جملة أو تفاريقا؟ قال: يقبضها أعواني متفرقة ثم تعرض علي مجتمعة.

قال يعقوب: فأسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، هل عرض عليك في الأرواح روح يوسف؟ فقال: لا. فعند ذلك علم أنه حي ، فقال لولده: اذْهَبُوا (فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)».

وكتب عزيز مصر إلى يعقوب: أما بعد فهذا ابنك قد اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة- وهو يوسف- واتخذته عبدا ، وهذا ابنك بنيامين أخذته- وقد سرق[404]- واتخذته عبدا.

فما ورد على يعقوب شي‏ء كان أشد عليه من ذلك الكتاب. فقال للرسول: «مكانك حتى أجيبه» فكتب إليه يعقوب (عليه السلام):

بسم الله الرحمن الرحيم:

 من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله. أما بعد. فقد فهمت كتابك تذكر فيه: أنك اشتريت ابني واتخذته عبدا ، فإن البلاء موكل ببني آدم ، إن جدي إبراهيم ألقاه نمرود ملك الدنيا في النار ، فلم يحترق ، وجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وإن أبي إسحاق[405] أمر الله تعالى جدي أن يذبحه بيده ، فلما أراد أن يذبحه ، فداه الله بكبش عظيم. وإنه كان لي ولد لم يكن في الدنيا أحد أحب إلي منه. وكان قرة عيني وثمرة فؤادي ، فأخرجه إخوته ثم رجعوا إلي ، وزعموا أن الذئب أكله ، فاحدودب لذلك ظهري ، وذهب من كثرة البكاء عليه بصري. وكان له أخ من امه كنت آنس به ، فخرج مع إخوته إلى ما قبلك[406] ليمتاروا لنا طعاما ، فرجعوا وذكروا أنه سرق صواع الملك ، وأنك حبسته ، وإنا أهل بيت لا يليق بنا السرق ولا الفاحشة ، وأنا أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا ما مننت علي به وتقربت إلى الله ، ورددته إلي».

فلما ورد الكتاب على يوسف ، أخذه ووضعه على وجهه ، وقبله وبكى بكاء شديدا ، ثم نظر إلى إخوته فقال لهم: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) فقالوا له كما حكى الله عز وجل: (لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) أي لا تخليط (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)».[407]

6- العياشي: عن جابر ، قال ، قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رحمك الله ، ما الصبر الجميل؟ فقال: «ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس ، إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان ، عابد من العباد في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم ، فوثب إليه فاعتنقه ، ثم قال: مرحبا بخليل الرحمن ، قال يعقوب: إني لست بإبراهيم ، ولكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فقال له الراهب: فما بلغ بك ما أرى من الكبر؟ قال: الهم والحزن والسقم. فما جاوز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه: أن يا يعقوب شكوتني إلى العباد! فخر ساجدا عند عتبة الباب يقول: رب لا أعود. فأوحى الله إليه: أني قد غفرتها لك ، فلا تعودن إلى مثلها ، فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا ، إلا أنه قال يوما (إِنَّما أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ)».[408]

7- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له بعض أصحابنا: ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال: «حزن سبعين ثكلى حرى».[409]

8- وبهذا الإسناد عنه ، قال: قيل له: كيف يحزن يعقوب على يوسف وقد أخبره جبرئيل أنه لم يمت وأنه سيرجع إليه؟ فقال: «إنه نسي ذلك».[410]

9- محمد بن سهل البحراني ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «البكاءون خمسة: آدم ، ويعقوب ، ويوسف ، وفاطمة بنت محمد ، وعلي بن الحسين (عليهم السلام) ، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره ، وحتى قيل له: (تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ)».[411]

10- عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن يعقوب أتى ملكا بناحيتهم يسأله الحاجة ، فقال له الملك: أنت إبراهيم؟ قال: لا. قال: وأنت إسحاق بن إبراهيم؟ قال: لا. قال: فمن أنت؟ قال: أنا يعقوب بن إسحاق. قال: فما بلغ بك ما أرى مع حداثة السن؟ قال: الحزن على ابني يوسف. قال: لقد بلغ بك الحزن- يا يعقوب- كل مبلغ! فقال: إنا معاشر الأنبياء أسرع شي‏ء البلاء إلينا ، ثم الأمثل فالأمثل من الناس. فقضى حاجته ، فلما جاوز صغير بابه [412]هبط عليه جبرئيل ، فقال له: يا يعقوب ، ربك يقرئك السلام ، ويقول لك: شكوتني إلى الناس! فعفر وجهه في التراب ، وقال: يا رب زلة أقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا. ثم عاد إليه جبرئيل ، فقال: يا يعقوب ، ارفع رأسك ، إن ربك يقرئك السلام ، ويقول لك: قد أقلتك ، فلا تعد تشكوني إلى خلقي. فما رؤي ناطقا بكلمة مما كان فيه ، حتى أتاه بنوه ، فصرف وجهه إلى الحائط ، وقال (إِنَّما أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ‏)[413].[414]

وفي حديث آخر عنه: جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة ، فلما دخل عليه- وكان أشبه الناس بإبراهيم- قال‏ له: أنت إبراهيم خليل الرحمن؟ قال لا ، الحديث.

11- الفضيل بن يسار. قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «(إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) منصوبة».[415]

12- عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن يعقوب حين قال: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) أكان علم أنه حي ، وقد فارقه منذ عشرين سنة ، وذهبت عيناه من الحزن؟ قال: «نعم ، علم أنه حي». قال: وكيف علم؟ قال: «إنه دعا في السحر أن يهبط عليه ملك الموت ، فهبط عليه ، تربال[416] ، وهو ملك الموت ، فقال له تربال: ما حاجتك ، يا يعقوب؟ قال: أخبرني عن الأرواح ، تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ قال: بل متفرقة ، روحا روحا. قال: فمر بك روح يوسف؟ قال: لا. قال: فعند ذلك علم أنه حي ، فقال لولده: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ)».[417]

وفي خبر أخر: «عزرائيل وهو ملك الموت» وذكر نحوه عنه.

13- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- عاد إلى الحديث الأول[418]- قال: «و اشتد حزنه- يعني يعقوب- حتى تقوس ظهره ، وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده ، حتى احتاجوا حاجة شديدة وفنيت ميرتهم ، فعند ذلك ، قال يعقوب لولده: (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) فخرج منهم نفر وبعث معهم ببضاعة يسيرة ، وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطفه على نفسه وولده ، وأوصى ولده أن يبدءوا بدفع كتابه قبل البضاعة ، فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم:

إلى عزيز مصر ، ومظهر العدل وموفي الكيل ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله ، صاحب نمرود الذي جمع لإبراهيم الحطب والنار ليحرقه بها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها: أخبرك- أيها العزيز- إنا أهل بيت قديم ، لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ، ليبلونا بذلك عند السراء والضراء ، وأن مصائب تتابعت علي منذ عشرين سنة أولها: أنه كان لي ابن سميته يوسف ، وكان سروري من بين ولدي ، وقرة عيني وثمرة فؤادي ، وأن إخوته من غير امه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة ، وأنهم جاءوني عشاء يبكون ، وجاءوني على قميصه بدم كذب ، فزعموا أن الذئب أكله فاشتد لفقده حزني ، وكثر على‏ فراقه بكائي ، حتى ابيضت عيناي من الحزن. وأنه كان له أخ من خالته[419] ، وكنت به معجبا وعليه رفيقا ، وكان لي أنيسا ، وكنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري ، فيسكن بعض ما أجد في صدري ، وأن إخوته ذكروا لي أنك- أيها العزيز- سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به ، وإن لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر ، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا إلي فليس هو معهم ، وذكروا أنه سرق مكيال الملك ، ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته وفجعتني به ، وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري وعظمت به مصيبتي ، مع مصائب متتابعات علي. فمن علي بتخلية سبيله وإطلاقه من حبسك ، وطيب لنا القمح ، واسمح لنا في السعر ، وعجل بسراح آل يعقوب.

فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه ، نزل جبرئيل على يعقوب فقال له: يا يعقوب ، إن ربك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر؟ قال يعقوب: أنت بلوتني بها عقوبة منك وأدبا لي ، قال الله: فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟ قال يعقوب: اللهم لا. قال: أ فما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري ، ولم تستغث بي وتشكو ما بك إلي؟ فقال يعقوب: أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك. وأشكو بثي وحزني إليك.

فقال الله تبارك وتعالى: قد بلغت بك- يا يعقوب- وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي ، ولو كنت- يا يعقوب- شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك ، واستغفرت وتبت إلي من ذنبك ، لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك ، ولكن الشيطان أنساك ذكري ، فصرت إلى القنوط من رحمتي وأن ]أنا[ الله الجواد الكريم ، أحب عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إلي فيما عندي. يا يعقوب ، أنا راد إليك يوسف وأخاه ، ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك ، وراد إليك بصرك ، ومقوم لك ظهرك ، وطب نفسا ، وقر عينا ، وإن الذي فعلته بك كان أدبا مني لك ، فاقبل أدبي.

قال: ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر ، حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة ، فقالوا: (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بأخينا بنيامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره. يسألك تخلية سبيله ، وأن تمن به عليه ،- قال- فأخذ يوسف كتاب يعقوب ، فقبله ، ووضعه على عينيه ، وبكى وانتحب حتى بلت دموعه القميص الذي عليه. ثم أقبل عليهم ، فقال: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) من قبل (وَأَخِيهِ) من بعد؟ (قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا) ، (قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا) فلا تفضحنا ، ولا تعاقبنا اليوم ، واغفر لنا ، (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ).[420]

وفي رواية أخرى عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) نحوه.

14- عن عمرو بن عثمان ، عن بعض أصحابنا ، قال: لما قال إخوة يوسف:      (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) قال يوسف: لا صبر على ضر آل يعقوب ، فقال عند ذلك: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) إلى آخر الآية.[421]

15- عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قال: «المقل».[422]

وفي هذه الرواية: (وجئنا ببضاعة مزجئة)[423] قال: «كانت المقل ، وكانت بلادهم بلاد المقل ، وهي البضاعة».

16- عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، رفعه ، قال: «كتب يعقوب النبي إلى يوسف: من يعقوب ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله ، إلى عزيز مصر. أما بعد ، فإنا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا إلينا ، ابتلي جدي إبراهيم ، فألقي في النار ، ثم ابتلي أبي إسحاق بالذبح ، فكان لي ابن وكان قرة عيني ، وكنت أسر به ، فابتليت بأن أكله الذئب ، فذهب بصري حزنا عليه من البكاء ، وكان له أخ ، وكنت أسر به بعده ، فأخذته في سرق ، وإنا أهل بيت لم نسرق قط ، ولا يعرف لنا سرق ، فإن رأيت أن تمن علي به فعلت». قال: «فلما أوتي يوسف بالكتاب ، فتحه وقرأه فصاح ، ثم قام ودخل منزله فقرأه وبكى ، ثم غسل وجهه ثم خرج إلى إخوته ، ثم عاد فقرأه فصاح وبكى ، ثم قام فدخل منزله ، فقرأه وبكى ، ثم غسل وجهه وعاد إلى إخوته ، فقال لهم: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) وأعطاهم قميصه ، وهو قميص إبراهيم ، وكان يعقوب بالرملة ، فلما فصلوا بالقميص من مصر ، قال يعقوب: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)».[424]

17- عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا ، حتى يقر للإمام بإمامته ، كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا)».[425]

18- عن أخي مرازم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ). قال: «وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم ، حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين».[426]

19- عن مفضل الجعفي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أتدري ما كان قميص‏ يوسف؟» قال: قلت: لا. قال: «إن إبراهيم لما أوقدوا النار له ، أتاه جبرئيل من ثياب الجنة فألبسه إياه ، فلم يضره معه حر ولا برد ، فلما حضر إبراهيم الموت ، جعله في تميمة ، وعلقه على إسحاق ، وعلقه إسحاق على يعقوب ، فلما ولد ليعقوب يوسف. علقه عليه ، وكان في عضده حتى كان من أمره ما كان ، فلما أخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه ، وهو قوله: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ) فهو ذلك القميص الذي انزل من الجنة».

قلت: جعلت فداك ، فإلى من صار ذلك القميص؟ فقال: «إلى أهله- ثم قال- كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلى الله عليه وآله)».[427]

20- عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، رفعه بإسناد له ، قال: «إن يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشر ليال ، وكان يعقوب ببيت المقدس ويوسف بمصر ، وهو القميص الذي نزل على إبراهيم من الجنة ، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق ، وإسحاق إلى يعقوب ، ودفعه يعقوب إلى يوسف (عليهم السلام)».[428]

21- عن نشيط بن صالح العجلي ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أكان إخوة يوسف (صلوات الله عليه) أنبياء؟ قال: «لا ، ولا بررة أتقياء ، وكيف وهم يقولون لأبيهم: (تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)».[429]

22- عن سليمان بن عبد الله الطلحي ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حال بني يعقوب ، هل خرجوا من الإيمان؟ فقال: «نعم». قلت له: فما تقول في آدم؟ قال: «دع آدم».[430]

23- عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن بني يعقوب بعد ما صنعوا بيوسف أذنبوا ، فكانوا أنبياء؟![431]». [432]

24- عن نشيط ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته ، أكان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: «لا ، ولا بررة أتقياء ، كيف يكونون كذلك وهم يقولون ليعقوب: (تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)».[433]

25- عن مقرن ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كتب عزيز مصر إلى يعقوب: أما بعد فهذا ابنك يوسف اشتريته بثمن بخس دراهم معدودة واتخذته عبدا ، وهذا ابنك بنيامين أخذته ، قد سرق واتخذته عبدا- قال- فما ورد على يعقوب شي‏ء أشد عليه من ذلك الكتاب ، فقال للرسول: مكانك حتى أجيبه ، فكتب إليه يعقوب:

أما بعد ، فقد فهمت كتابك بأنك أخذت ابني بثمن بخس واتخذته عبدا ، وأنك اتخذت ابني بنيامين وقد سرق فاتخذته عبدا ، فإنا أهل بيت لا نسرق ، ولكنا أهل بيت نبتلى ، وقد ابتلي أبونا إبراهيم بالنار ، فوقاه الله ، وابتلي أبونا إسحاق بالذبح ، فوقاه الله ، واني قد ابتليت بذهاب بصري ، وذهاب ابني ، وعسى الله أن يأتيني بهم جميعا».

قال: «فلما ولى الرسول عنه ، رفع يده إلى السماء ، ثم قال: يا حسن الصحبة ، يا كريم[434] المعونة ، يا خير كلمة[435] ، ائتني بروح وفرج من عندك- قال- فهبط عليه جبرئيل ، فقال ليعقوب: ألا أعلمك دعوات يرد الله بها بصرك ، ويرد عليك ابنيك؟ فقال: بلى. فقال: قل: يا من لا يعلم أحد كيف هو وحيث هو وقدرته إلا هو ، يا من سد الهواء بالسماء ، وكبس الأرض على الماء ، واختار لنفسه أحسن الأسماء ، ائتني بروح منك وفرج من عندك. فما انفجر عمود الصبح ، حتى أتي بالقميص ، فطرح على وجهه ، فرد الله عليه بصره ورد عليه ولده».[436]

26- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- عاد إلى الحديث الأول الذي قطعناه[437]: «(قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ )، (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) الذي بلته دموع عيني (فَأَلْقُوهُ عَلى‏ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً( لو قد شم بريحي (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) وردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم ، وجهزهم بجميع ما يحتاجون إليه ، فلما فصلت عيرهم من مصر ، وجد يعقوب ريح يوسف ، فقال لمن بحضرته من ولده: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ)».

قال: «وأقبل ولده يحثون السير بالقميص ، فرحا وسرورا بما رأوا من حال يوسف ، والملك الذي أعطاه الله ، والعز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف ، وكان مسيرهم من مصر إلى بلد يعقوب تسعة أيام ، فلما أن جاء البشير ، ألقى القميص على وجهه فارتد بصيرا ، وقال لهم: ما فعل بنيامين؟ قالوا: خلفناه عند أخيه صالحا.- قال- فحمد الله يعقوب عند ذلك ، وسجد لربه سجدة الشكر ، ورجع إليه بصره ، وتقوم له ظهره ، وقال لولده: تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم. فساروا إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف (ياميل) فأحثوا السير فرحا وسرورا ، فساروا تسعة أيام إلى مصر».[438]

27- الشيخ ، في (أماليه): قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثني محمد بن جعفر بن رباح الأشجعي ، قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، قال: أخبرنا أرطاة بن حبيب ، عن زياد بن المنذر ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال: «لما أصابت امرأة العزيز الحاجة ، قيل لها: لو أتيت يوسف؟ فشاورت في‏ ذلك ، فقيل لها: إنا نخافه عليك ، قالت: كلا ، إني لا أخاف من يخاف الله. فلما دخلت عليه فرأته في ملكه ، قالت: الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ، وجعل الملوك عبيدا بمعصيته ، فتزوجها فوجدها بكرا ، فقال لها: أليس هذا أحسن ، أليس هذا أجمل؟ فقالت: إني كنت بليت منك بأربع خلال ، كنت أجمل أهل زماني ، وكنت أجمل أهل زمانك ، وكنت بكرا ، وكان زوجي عنينا.

فلما كان من أمر إخوة يوسف ما كان ، كتب يعقوب إلى يوسف (عليهما السلام) وهو لا يعلم أنه يوسف:

بسم الله الرحمن الرحيم ،

من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله عز وجل إلى عزيز آل فرعون: سلام عليك ، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو. أما بعد ، فإنا أهل بيت مولعة بنا أسباب البلاء ، كان جدي إبراهيم (عليه السلام) القي في النار في طاعة ربه ، فجعلها الله عز وجل عليه بردا وسلاما ، وأمر الله جدي أن يذبح أبي ، ففداه بما فداه به ، وكان لي ابن وكان من أعز الناس علي ، ففقدته ، فأذهب حزني عليه نور بصري ، وكان له أخ من امه ، فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري ، فيذهب عني بعض وجدي ، وهو المحبوس عندك في السرقة ، فإني أشهدك أني لم أسرق ولم ألد سارقا. فلما قرأ يوسف الكتاب ، بكى وصاح ، وقال: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى‏ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)».[439]

28- وعنه ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الخالق ، قال: حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع السكوني ، قال: حدثنا مخلد بن الحسين ، بالمصيصة[440] ، عن موسى بن سعيد[441] الرقاشي ، قال: لما قدم يعقوب على يوسف (عليهما السلام) ، خرج يوسف (عليه السلام) فاستقبله في موكبه ، فمر بامرأة العزيز وهي تعبد في غرفة لها ، فلما رأته عرفته ، فنادته بصوت حزين: أيها الذاهب[442] ، طالما أحزنتني ، ما أحسن التقوى ، كيف حررت العبيد! وما أقبح الخطيئة ، كيف عبدت الأحرار![443]

29- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني- مولى بني هاشم- قال: أخبرنا المنذر بن محمد ، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الخزاز ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، قال: قلت لجعفر بن محمد (عليهما السلام): أخبرني عن يعقوب (عليه السلام) ، لما قال له بنوه: (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) فأخر الاستغفار لهم ، ويوسف (عليه السلام) لما قالوا له: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

قال: «لأن قلب الشاب أرق من قلب الشيخ ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف ، وجنايتهم على يعقوب‏ إنما كانت بجنايتهم على يوسف ، فبادر يوسف إلى العفو عن حقه ، وأخر يعقوب العفو لأن عفوه إنما كان عن حق غيره ، فأخرهم إلى السحر ليلة الجمعة».[444]

30- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم[445]: قال: «فلما ولى الرسول إلى الملك بكتاب يعقوب ، رفع يعقوب يديه إلى السماء فقال: يا حسن الصحبة ، يا كريم المعونة ، يا خير كلمة[446] ، ائتني بروح منك وفرج من عندك. فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا يعقوب ، ألا أعلمك دعوات يرد الله عليك بصرك وابنيك؟ قال: نعم.

قال: قل: يا من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو ، يا من سد[447] السماء بالهواء ، وكبس الأرض على الماء ، واختار لنفسه أحسن الأسماء ، ائتني بروح منك وفرج من عندك. قال: فما انفجر عمود الصبح ، حتى أتي بالقميص فطرح عليه ، ورد الله عليه بصره وولده».

قال: «و لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ، ألهمه الله تأويل الرؤيا. فكان يعبر لأهل السجن ، فلما سأله الفتيان الرؤيا: وعبر لهما ، وقال للذي ظن أنه ناج منهما: (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ)[448]. ولم يفزع في تلك الحالة إلى الله ، فأوحى الله إليه: من أراك الرؤيا التي رأيتها؟ قال يوسف: أنت يا رب. قال: فمن حببك إلى أبيك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن وجه إليك السيارة التي رأيتها؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن أنطق لسان الصبي بعذرك؟ قال: أنت يا رب. قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال: أنت يا رب. قال: فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي ، وأملت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ، ولم تفزع إلي؟ فالبث في السجن بضع سنين. فقال يوسف: أسألك بحق آبائي عليك إلا فرجت عني. فأوحى الله إليه: يا يوسف وأي حق لآبائك علي ، إن كان أبوك آدم ، خلقته بيدي ، ونفخت فيه من روحي ، وأسكنته جنتي ، وأمرته أن لا يقرب شجرة منها ، فعصاني وسألني فتبت عليه وإن كان أبوك نوح ، انتجبته من بين خلقي ، وجعلته رسولا إليهم ، فلما عصوا دعاني فاستجبت له فأغرقتهم وأنجيته ومن معه في الفلك ، وإن كان أبوك إبراهيم ، اتخذته خليلا ، وأنجيته من النار ، وجعلتها عليه بردا وسلاما ، وإن كان أبوك يعقوب ، وهبت له اثني عشر ولدا ، فغيبت عنه واحدا ، فما زال يبكي حتى ذهب بصره ، وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي ، فأي حق لآبائك علي؟            قال «فقال له: جبرئيل يا يوسف ، قل: أسألك بمنك العظيم ، وإحسانك [449]القديم ، ولطفك العميم ، يا رحمن يا رحيم. فقالها ، فرأى الملك الرؤيا فكان فرجه فيها».[450]

31- قال علي بن إبراهيم: وحدثني أبي عن العباس بن هلال ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: «قال السجان ليوسف: إني لأحبك ، فقال يوسف: ما أصابني بلاء إلا من الحب ، إن كانت عمتي أحبتني ، سرقتني. وإن كان أبي أحبني ، حسدني إخوتي ، وإن كانت امرأة العزيز أحبتني ، حبستني».  ثم قال: «وشكا يوسف في السجن إلى الله تعالى ، فقال: رب بماذا استحققت السجن؟ فأوحى الله إليه أنت اخترته حين قلت: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)[451] هلا قلت: العافية أحب إلي مما يدعونني إليه؟».[452]

32- قال علي بن إبراهيم: وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن عمارة ، عن أبي سيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجب ، دخل عليه جبرئيل وهو في الجب ، فقال: يا غلام ، من طرحك في هذا الجب؟ فقال له يوسف: إخوتي ، لمنزلتي من أبي حسدوني ، ولذلك في الجب طرحوني ، قال: فتحب أن تخرج منها؟ فقال له يوسف: ذلك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، قال: فإن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول لك ، قل: اللهم إني اسألك فإن لك الحمد كله ، لا إله إلا أنت الحنان المنان ، بديع السماوات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، صل على محمد وآل محمد ، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب. فدعا ربه ، فجعل الله له من الجب فرجا ، ومن كيد المرأة مخرجا ، وآتاه ملك مصر من حيث لا يحتسب».[453]

33- محمد بن يعقوب: عن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج ، عن بشر بن جعفر ، عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أتدري ما كان قميص يوسف (عليه السلام)؟» قال: قلت: لا. قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) لما أوقدت له النار ، أتاه جبرئيل (عليه السلام) بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه ، فلم يضره معه حر ولا برد ، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة[454] وعلقه على إسحاق ، وعلقة إسحاق على يعقوب ، فلما ولد يوسف (عليه السلام) ، علقه عليه فكان في عضده حتى كان من أمره ما كان ، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة ، وجد يعقوب ريحه ، وهو قوله: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) فهو ذلك القميص الذي أنزله الله من الجنة».

قلت: جعلت فداك ، فإلى من صار ذلك القميص؟ قال: «إلى أهله- ثم قال- كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد (صلى الله عليه وآله)[455]». [456]

وروى محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) هذا الحديث ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج ، عن بشر بن جعفر ، عن مفضل الجعفي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله[457].

ورواه أيضا ابن بابويه: في (العلل) هكذا: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن محمد بن نصير ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن إسماعيل السراج ، عن بشر بن جعفر ، عن مفضل الجعفي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «أ تدري ما كان قميص يوسف؟» وذكر مثله[458].

34- ابن بابويه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، عن محمد بن نصير ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان القميص الذي أنزل به على إبراهيم من الجنة في قصبة من فضة ، وكان إذا لبس كان واسعا كبيرا ، فلما فصلوا بالقميص ، ويعقوب بالرملة ويوسف بمصر ، قال يعقوب: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) عنى ريح الجنة حين فصلوا بالقميص لأنه كان من الجنة».[459]

35- وعنه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حفص أخي مرازم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ).

قال: «وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين».[460]

36- علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن علي بن مهزيار ، عن إسماعيل السراج ، عن يونس بن يعقوب ، عن المفضل الجعفي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال: «أخبرني ما كان قميص يوسف؟» قلت: لا أدري.

قال: «إن إبراهيم لما أوقدت له النار ، أتاه جبرئيل بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه ، فلم يصبه معه حر ولا برد ، فلما حضر إبراهيم الموت ، جعله في تميمة وعلقه على إسحاق ، وعلقه إسحاق على يعقوب ، فلما ولد ليعقوب يوسف ، علقه عليه فكان في عنقه ، حتى كان من أمره ما كان ، فلما أخرج يوسف القميص من التميمة ، وجد يعقوب ريحه ، وهو قوله: (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) وهو ذلك القميص الذي انزل من الجنة».

قلت له: جعلت فداك ، فإلى من صار ذلك القميص؟ فقال: «إلى أهله- ثم قال- كل نبي ورث علما أو غيره‏ فقد انتهى إلى محمد (عليه السلام)- وكان يعقوب بفلسطين وفصلت العير من مصر فوجد يعقوب ريحه ، وهو من ذلك القميص الذي اخرج من الجنة- ونحن ورثته (صلى الله عليه وآله)».[461]

37- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أبي نجران ، عن فضالة بن أيوب ، عن سدير الصيرفي ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن في صاحب هذا الأمر شبها من يوسف (عليه السلام)». قال: قلت له: كأنك تذكر حياته أو غيبته؟

قال: فقال لي: «وما تنكر من ذلك هذه الأمة أشباه الخنازير؟ إن إخوة يوسف (عليه السلام) كانوا أسباطا أولاد الأنبياء ، تاجروا يوسف وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف ، وهذا أخي ، فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل الله عز وجل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف (عليه السلام)»؟ إن يوسف (عليه السلام) كان إليه ملك بمصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك ، لقد سار يعقوب (عليه السلام) وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر ، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل الله عز وجل بحجته كما فعل بيوسف؟ أن يمشي في أسواقهم ، ويطأ بسطهم ، حتى يأذن الله في ذلك له ، كما أذن ليوسف ، قالوا: (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ)؟».[462]

38- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير وقت دعوتم الله عز وجل فيه الأسحار ، وتلا هذه الآية في قول يعقوب (عليه السلام): (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) قال: أخرهم إلى السحر».[463]

39- ابن بابويه في (الفقيه): بإسناده عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يعقوب لبنيه: (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) ، قال: «أخرهم إلى السحر من ليلة الجمعة».[464]

و قد مر أيضا حديث إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، عن الصادق (عليه السلام) في معنى ذلك[465].

40- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «وجد يعقوب ريح قميص يوسف حين فصلت العير من مصر وهو بفلسطين ، من مسيرة عشر ليال».[466]

41- نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم[467]: «ثم رحل يعقوب وأهله من البادية ، بعد ما رجع إليه بنوه بالقميص ، فألقوه على وجهه فارتد بصيرا ، فقال له: (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ‏ قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) قال: أخرهم إلى السحر ، لأن الدعاء والاستغفار فيه مستجاب.

فلما وافى يعقوب وأهله وولده مصر ، قعد يوسف على سريره ، ووضع تاج الملك على رأسه ، فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة ، فلما دخل أبوه لم يقم له ، فخروا له كلهم سجدا ، فقال يوسف: (يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَّزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)».[468]

42- ثم قال علي بن إبراهيم: وحدثني محمد بن عيسى ، أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل ، فعرضها على أبي الحسن (عليه السلام) ، وكان أحدها: أخبرني عن قول الله عز وجل: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟

فأجاب أبو الحسن (عليه السلام): «أما سجود يعقوب وولده ليوسف ، فإنه لم يكن ليوسف ، وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله ، وتحية ليوسف ، كما كان السجود من الملائكة لادم ولم يكن لادم ، وإنما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية لادم ، فسجد يعقوب وولده وسجد يوسف معهم شكرا لله تعالى لاجتماع شملهم ، ألم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).

فنزل عليه جبرئيل ، فقال له: يا يوسف ، أخرج يدك ، فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور ، فقال: ما هذا النور ، يا جبرئيل؟ فقال: هذه النبوة ، أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم لأبيك. فحط الله نوره ، ومحا النبوة من صلبه ، وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف ، وذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال: (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ)[469] فشكر الله له ذلك ، ولما أرادوا ان يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه ، قال: (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ )  [470]فشكر الله له ذلك ، فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي ، وكان موسى من ولده ، وهو موسى بن عمران بن يصهر بن واهث بن لاوي بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم.

فقال يعقوب لابنه: يا بني أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي؟ قال: يا أبت أعفني من ذلك. قال: فأخبرني ببعضه ، فقال: يا أبت ، إنهم لما أدنوني من الجب قالوا: انزع قميصك. فقلت لهم: يا إخوتي ، اتقوا الله ولا تجردوني. فسلوا علي السكين ، وقالوا: لئن لم تنزع لنذبحنك. فنزعت القميص ، فألقوني في الجب عريانا- قال- فشهق يعقوب شهقة واغمي عليه ، فلما أفاق ، قال: يا بني حدثني فقال: يا أبت ، أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا أعفيتني. فأعفاه».[471]

43- ابن بابويه: قال أبي (رحمه الله): حدثنا أحمد بن إدريس ، ومحمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن يعقوب بن يزيد ، عن غير واحد ، رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما تلقى يوسف يعقوب ، ترجل له يعقوب ولم يترجل له يوسف ، فلم ينفصلا من العناق حتى أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال له: يا يوسف ، ترجل لك الصديق ولم تترجل له ، ابسط يدك. فبسطها ، فخرج نور من راحته ، فقال له يوسف: ما هذا؟ قال: هذا أنه[472] لا يخرج من صلبك[473] نبي عقوبة ».[474]

44- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن اورمة ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أقبل يعقوب (عليه السلام) إلى مصر ، خرج يوسف (عليه السلام) ليستقبله ، فلما رآه يوسف ، هم بأن يترجل ليعقوب ، ثم نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل ، فلما سلم على يعقوب ، نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال له: يا يوسف ، إن الله تبارك وتعالى يقول لك: ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح[475]؟ ما أنت فيه؟ ابسط يدك. فبسطها ، فخرج من بين أصابعه نور ، فقال: ما هذا ، يا جبرئيل؟ فقال: هذا أنه[476] لا يخرج من صلبك نبي أبدا ، عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه».[477]

45- نرجع إلى رواية على بن إبراهيم[478] قال: «و لما مات العزيز- وذلك في السنين المجدبة- افتقرت امراة العزيز واحتاجت حتى سألت الناس ، فقالوا لها: ما يضرك لو قعدت للعزيز- وكان يوسف يسمى العزيز- فقالت: أستحي منه ، فلم يزالوا بها حتى قعدت له على الطريق فأقبل يوسف في موكبه ، فقامت إليه ، وقالت: سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا ، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا.

فقال لها يوسف: أنت هاتيك؟ فقالت: نعم- وكان اسمها زليخا- فقال لها: هل لك في؟ قالت: أنى! بعد ما كبرت ، أتهزأ بي؟ قال: لا[479]. فأمر بها ، فحولت إلى منزله ، وكانت هرمة ، فقال لها يوسف: ألست فعلت بي كذا وكذا؟ فقالت: يا نبي الله ، لا تلمني ، فإني بليت ببلية لم يبل بها أحد.

قال: وما هي؟ قالت: بليت بحبك ، ولم يخلق الله لك في الدنيا نظيرا ، وبليت[480] بأنه لم تكن بمصر امرأة أجمل مني ، ولا أكثر مالا مني ، نزع عني مالي وذهب عني جمالي ، وبليت بزوج عنين.

فقال لها يوسف: وما حاجتك؟ قالت: تسأل الله أن يرد علي شبابي. فسأل الله ، فرد عليها شبابها ، فتزوجها وهي بكر». قالوا: إن العزيز الذي كان زوجها أولا كان عنينا.[481]

46- ابن بابويه: أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الله بن المغيرة ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «استأذنت زليخا على يوسف ، فقيل لها: إنا نكره أن نقدم ، بك عليه لما كان منك إليه ، قالت: إني لا أخاف من يخاف الله. فلما دخلت قال: يا زليخا ، ما لي أراك قد تغير لونك؟ قالت: سبحان الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا. قال لها: ما الذي دعاك- يا زليخا- إلى ما كان منك؟ قال: حسن وجهك ، يا يوسف.

فقال لها: كيف لو رأيت نبيا يقال له محمد (صلى الله عليه وآله) ، يكون في آخر الزمان ، أحسن مني وجها ، وأحسن مني خلقا ، وأسمح مني كفا؟ قالت: صدقت. قال: وكيف علمت أني صدقت؟ قالت: لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي. فأوحى الله عز وجل إلى يوسف: أنها قد صدقت ، وأني قد أحببتها لحبها محمدا ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يتزوجها».[482]

47- العياشي: عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي). فقال: «أخرهم إلى السحر ليلة الجمعة[483] ، قال: يا رب ، إنما ذنبهم فيما بيني وبينهم ، فأوحى الله عز وجل: أني قد غفرت لهم».[484]

48- عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي). قال: «أخرهم إلى السحر ليلة الجمعة».[485]

49- عن محمد بن سعيد الأزدي ، صاحب موسى بن محمد بن الرضا (عليه السلام) عن موسى: أنه قال لأخيه: إن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل» فقال: أخبرني عن قول الله: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) أسجد يعقوب وولده ليوسف؟ قال: فسألت أخي عن ذلك ، فقال: «أما سجود يعقوب وولده ليوسف ، فشكرا لله تعالى لاجتماع شملهم ، ألا ترى أنه يقول في شكر ذلك الوقت: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) الآية)».[486]

50- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- عاد إلى الحديث الأول[487]- قال: «فساروا تسعة أيام إلى مصر ، فلما دخلوا على يوسف في دار الملك ، اعتنق أباه فقبله وبكى ورفعه ورفع خالته على سرير الملك ، ثم دخل منزله ، فادهن واكتحل ولبس ثياب العز والملك ، ثم رجع [488]إليهم. فلما رأوه سجدوا جميعا إعظاما وشكرا لله ، فعند ذلك قال: (يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) إلى قوله:( بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) قال- ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا يكتحل ولا يتطيب ولا يضحك ولا يمس النساء حتى جمع الله ليعقوب شمله ، وجمع بينه وبين يعقوب وإخوته».[489]

51- عن الحسن بن أسباط ، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف؟ قال: «في أحد عشر ابنا له» ، فقيل له: أسباط؟ قال: «نعم». وسألته عن يوسف وأخيه ، أكان أخاه لامه ، أم ابن خالته؟ قال: «ابن خالته».[490]

52- عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) قال: «العرش: السرير».

وفي قوله: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) قال: «كان سجودهم ذلك عبادة لله».[491]

53- عن محمد بن بهروز ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: «إن يعقوب قال ليوسف حيث التقيا: أخبرني- يا بني- كيف صنع بك؟ فقال له يوسف: انطلق بي فأقعدت على رأس الجب ، فقيل لي: انزع القميص. فقلت لهم: إني أسألكم بوجه أبي الصديق يعقوب ، لا تبدوا عورتي ولا تسلبوني قميصي ، قال: فأخرج علي فلان السكين. فغشي على يعقوب ، فلما أفاق ، قال له يعقوب: حدثني كيف صنع بك؟ فقال له يوسف: «إني أطالب- يا أبتاه- لما كففت. فكف».[492]

54- عن محمد بن مسلم ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر بعد ما جمع الله ليعقوب شمله ، وأراه تأويل رؤيا يوسف الصادقة؟ قال: «عاش حولين».

قلت: فمن كان يومئذ الحجة لله في الأرض ، يعقوب أم يوسف؟ قال: «كان يعقوب الحجة ، وكان الملك ليوسف ، فلما مات يعقوب حمل يوسف عظام يعقوب في تابوت إلى أرض الشام ، فدفنه في بيت المقدس ، ثم كان يوسف بن يعقوب الحجة».[493]

55- عن إسحاق بن يسار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن الله بعث إلى يوسف- وهو في السجن- يا بن يعقوب ، ما أسكنك مع الخطائين؟ قال: جرمي- قال- فاعترف بجرمه فاخرج[494] واعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله[495] ، فقال له: ادع بهذا الدعاء: يا كبير كل كبير ، يا من لا شريك له ولا وزير ، يا خالق الشمس والقمر المنير ، يا عصمة المضطر الضرير ، يا قاصم كل جبار مبير[496] ، يا مغني البائس الفقير ، يا جابر العظم الكسير ، يا مطلق المكبل الأسير ، أسألك بحق محمد وآل محمد ، أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب- قال- فلما أصبح ، دعا به[497] الملك ، فخلى سبيله ، وذلك قوله: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ)».[498]

56- عن عباس بن يزيد ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في أهل بيته ، إذ قال: أحب يوسف أن يستوثق لنفسه ، قال: فقيل: بماذا ، يا رسول الله؟ قال: لما عزل له عزيز مصر عن مصر ، لبس ثوبين جديدين- أو قال: لطيفين[499]- وخرج إلى فلاة من الأرض ، فصلى ركعات ، فلما فرغ رفع يده إلى السماء ، فقال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)- قال- فهبط إليه جبرئيل ، فقال له: يا يوسف ، ما حاجتك؟ قال: (رب تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)» فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «خشي الفتن».[500]

57- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن (عليه السلام) عنه ، قال: قلت له: جعلت فداك ، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويتخشع؟

فقال: «أما علمت أن يوسف (عليه السلام) نبي ابن نبي ، كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب ، ويجلس في مجالس آل فرعون [501]يحكم ، فلم يحتاج الناس إلى لباسه ، وإنما احتاجوا إلى قسطه ، وإنما يحتاج من الإمام في أن إذا قال صدق ، وإذا وعد أنجز ، وإذا حكم عدل ، لأن الله لا يحرم طعاما ولا شرابا من حلال ، وإنما حرم الحرام‏ قل أو كثر ، وقد قال الله عز وجل: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)[502]». [503]

وقد تقدم هذا الحديث من طريق العياشي في قوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ)[504] الآية.

58- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله (عليه السلام) فرأى عليه ثيابا بيضا كأنها غرقئ[505] البيض ، فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك؟

فقال له: «اسمع مني وع ما أقول لك ، فإنه خير لك عاجلا وآجلا ، إن أنت مت على السنة والحق ولم تمت على بدعة ، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في زمان مقفر جدب ، فأما إذا أقبلت الدنيا ، فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفارها ، فما أنكرت يا ثوري؟ فو الله إنني لمع ما ترى ما أتى علي مذ عقلت ، صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته».

قال: وأتاه قوم ممن يظهرون الزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف. وأظهروا الاحتجاج بينهم وبينه (عليه السلام) وأبطل حجتهم ، وقال (عليه السلام): «أعلموا- أيها النفر- أني سمعت أبي يروي عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال يوما: ما عجبت من شي‏ء كعجبي من المؤمن أنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له ، وإن ملك ما بين مشارق الأرض ومغاربها كان خيرا له ، وكل ما يصنع الله عز وجل به فهو خير له. وأخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود (عليه السلام) ، حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فأعطاه الله جل اسمه ذلك ، وكان يقول الحق ويعمل به ، ثم لم نجد الله عز وجل عاب عليه ذلك ، ولا أحدا من المؤمنين ، وداود النبي (عليه السلام) قبله في ملكه وشدة سلطانه ، ثم يوسف النبي (عليه السلام) حيث قال لملك مصر: (اجْعَلْنِي عَلى‏ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)[506] فكان من أمره الذي كان ، أن اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن ، وكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم ، وكان يقول الحق ويعمل به ، فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذي القرنين ، كان عبدا أحب الله فأحبه الله ، وطوى له الأسباب ، وملكه مشارق الأرض ومغاربها ، وكان يقول الحق ويعمل به ، ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه».[507]

59- عمر بن إبراهيم الأوسي: عن عبد الله ، قال: عاش يعقوب والعيص مائة سنة وسبعة وأربعين سنة ، فلما جمع الله ليوسف شمله ، وأقر عينيه بمراده ، تمنى الموت خلف أبيه ، فقال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ‏)

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما تمنى أحد من الأنبياء الموت إلا يوسف».

فلما حضره الموت ، أوصى إخوته أن يحملوه إلى الشام ، ويدفنوه مع آبائه ، ثم استخلف من بعده يهودا ، ثم روبيل ، ثم ريالون ، ثم شمعون ، ثم معجز[508] ثم معمائيل ، ثم دان ، ثم لاوي ، ثم شدخ ، ثم خبير[509] وكان هارون وموسى (على نبينا وآله وعليهما السلام) من نسل لاوي ، وكان بين دخول يوسف مصر ودخول موسى أربعمائة سنة وثمانون سنة.[510]

 

قوله تعالى:

 )ذلِكَ مِنْ أَنْباءِالْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وهُمْ يَمْكُرُونَ - إلى قوله تعالى- وهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ 102- 105 (

 1- قال علي بن إبراهيم: ثم قال الله لنبيه: )ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وهُمْ يَمْكُرُونَ( ثم قال: )وما أَكْثَرُ النَّاسِ ولَوحَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(.

قال: وقوله تعالى: )وكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ( قال: الكسوف والزلزلة والصواعق.[511]

قوله تعالى:

)وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ 106(

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله ابن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، وإسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ) ، قال: «يطيع الشيطان من حيث لا يعلم ، فيشرك».[512]

2- وعنه: عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن بكير ، عن ضريس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ) ، قال: «شرك طاعة ، وليس شرك عبادة».[513]

3- علي بن إبراهيم ، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله تعالى: )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ). قال: «شرك طاعة وليس شرك عبادة ، والمعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة ، أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره ، وليس بإشراك عبادة ، أن يعبدوا غير الله».[514]

4- العياشي: عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ) قال: «من ذلك قول الرجل: لا ، وحياتك».[515]

5- عن يعقوب بن شعيب ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ) ، قال: «كانوا يقولون: نمطر بنوء [516] كذا ، وبنوء كذا لا نمطر[517]. ومنهم أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما يقولون».[518]

6- عن محمد بن الفضيل ، عن الرضا (عليه السلام) ، قال: «شرك لا يبلغ به الكفر».[519]

7- عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شرك طاعة ، قول الرجل: لا والله وفلان. ولولا الله فلان [520] ، والمعصية منه».[521]

8- أبوبصير ، عن أبي إسحاق ، قال: هو قول الرجل: لولا الله وأنت ما فعل بي كذا وكذا ، وأشباه ذلك.[522]

9- عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شرك طاعة وليس بشرك عبادة ، والمعاصي التي‏ يرتكبون مما أوجب الله عليها النار ، شرك طاعة ، أطاعوا الشيطان وأشركوا بالله في طاعته ، ولم يكن بشرك عبادة ، فيعبدون مع الله غيره».[523]

10- عن مالك بن عطية ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ) قال: «هوالرجل يقول: لولا فلان لهلكت ، ولولا فلان لأصبت كذا وكذا ، ولولا فلان لضاع عيالي ، ألا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه ، يرزقه ويدفع عنه». قال: قلت: فيقول: لولا أن الله من علي بفلان لهلكت؟ قال: «نعم ، لا بأس بهذا».[524]

11- عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شرك طاعة وليس شرك عبادة في المعاصي التي يرتكبون ، فهي شرك طاعة ، أطاعوا فيها الشيطان ، فأشركوا في الله في طاعة غيره ، وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غيره».[525]

12- ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال: حدثنا الحسين بن الحسن ، قال: حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش والكرسي ، وذكر الحديث إلى أن قال: «وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب ، فقال: )فَادْعُوهُ بِها وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) [526] جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم ، يشرك وهولا يعلم ، ويكفر به وهويظن أنه يحسن ، فذلك قال: )وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم ، فيضعونها بغير مواضعها».[527]

والحديث بتمامه يأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: )هُورَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [528] من سورة النمل.

قوله تعالى:

)قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبْحانَ اللَّهِ وما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ 108)

1- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن‏ الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) ، قال: «ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والأوصياء من بعدهما (عليهم السلام)».[529]

2- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال: قال علي بن حسان لأبي جعفر (عليه السلام): يا سيدي ، إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك.

فقال: «وما ينكرون من ذلك [530]؟ لقد قال الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله): )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) فوالله ما تبعه إلا علي (عليه السلام) وله تسع سنين ، وأنا ابن تسع سنين».[531]

3- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمروالزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تبارك وتعالى: )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي).

قال: «يعني عليا (عليه السلام) أول من اتبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء به من عند الله عز وجل ، من الأمة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ، ممن لم يشرك بالله قط ، ولم يلبس إيمانه بظلم وهوالشرك».[532]

4- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن علي بن أسباط ، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): يا سيدي ، إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك.

قال: «وما ينكرون علي من ذلك؟ فوالله لقد قال الله لنبيه (صلى الله عليه وآله): )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) فما اتبعه غير علي (عليه السلام) ، وكان ابن تسع سنين- قال- وأنا ابن تسع سنين».[533]

5- وفي رواية أبي الجارود: عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) ، فقال: «يعني نفسه ، ومن اتبعه علي بن أبي طالب (عليه السلام) [534]».[535]

6- العياشي: عن إسماعيل الجعفي ، قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي).

قال: فقال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاصة» وإلا فلا أصابتني شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله).[536]

7- عن علي بن أسباط ، عن أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال: قلت: جعلت فداك ، إنهم يقولون في‏ حداثة سنك. قال: «ليس شي‏ء يقولون [537] ، إن الله تعالى يقول: )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) فوالله ما كان اتبعه إلا علي (عليه السلام) وهوابن تسع سنين ، ومضى أبي وأنا ابن تسع سنين ، فما عسى أن يقولوا؟! إن الله يقول: )فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) إلى قوله: )ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[538] ». [539]

8- عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) ، قال: «ذاك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) ، والأوصياء من بعدهما».[540]

9- ابن شهر آشوب: عن الباقر (عليه السلام) قال: «)قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) يعني نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليه السلام) [و] من تبعه: آل محمد».[541]

10- وفي رواية: «يعني بالسبيل عليا (عليه السلام) ولا ينال ما عند الله إلا بولايته».[542]

11- ابن الفارسي في (الروضة): قال: قال الباقر (عليه السلام): )قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي) قال: «علي اتبعه».[543]

12- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن هشام بن الحكم ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن )سُبْحانَ اللَّهِ) قال: «أنفة [544] الله».[545]

13- وعنه: عن أحمد بن مهران ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن علي بن أسباط ، عن سليمان مولى طربال ، عن هشام الجواليقي ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )سُبْحانَ اللَّهِ) ما يعنى به؟ قال: «تنزيهه».[546]

14- ابن بابويه ، عن أبيه ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن هشام بن الحكم ، قال: سألت أباعبد الله (عليه السلام) عن )سُبْحانَ اللَّهِ) فقال: (عليه السلام): «أنفة الله عز وجل».[547]

15- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن سليمان مولى طربال ، عن هشام الجواليقي ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )سُبْحانَ اللَّهِ) ما يعنى به؟ قال: «تنزيهه».[548]

16- وعنه ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة الشعراني العماري ، من ولد عمار بن ياسر (رحمه الله) ، قال: حدثنا أبومحمد عبيد الله بن يحيى بن عبد الباقي الأذني بأذنه [549] ، قال: حدثنا علي بن الحسن المعاني ، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد ، عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، قال: حدثنا محمد بن حجار[550] ، عن يزيد بن الأصم ، قال: سأل رجل عمر بن الخطاب ، فقال: يا أمير المؤمنين ، ما تفسير )سُبْحانَ اللَّهِ)؟ فقال: إن في هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ ، وإذا سكت ابتدأ[551]. فدخل الرجل فإذا هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فقال: يا أبا الحسن ما تفسير )سُبْحانَ اللَّهِ)؟ قال: «هوتعظيم جلال الله عز وجل. وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك ، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك».[552]

قوله تعالى:

)وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‏ 109)

1- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام)- في حديث- قال فيه مخاطبا: «أولست تعلم أن الله تعالى لم يخل الدنيا من نبي قط أوإمام من البشر؟ أوليس الله تعالى يقول: )وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يعني إلى الخلق: )إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى)‏؟ فأخبر أنه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ، فيكونوا أئمة وحكاما ، وإنما أرسلوا إلى أنبياء الله».[553]

قوله تعالى:

)حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا 110)

1- قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «وكلهم إلى أنفسهم ، فظنوا أن الشياطين قد تمثلت لهم في صورة الملائكة».[554]

2- ابن بابويه ، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) ، قال: حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام) ، فقال له المأمون: يا بن رسول الله ، أليس من قولك ، إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى» وذكر الحديث إلى أن قال فيه: فقال المأمون لأبي الحسن (عليه السلام): فأخبرني عن قول الله تعالى: )حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا) قال الرضا (عليه السلام): «يقول الله تعالى حتى إذا استيأس الرسل من قومهم ، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ، جاء الرسل نصرنا».[555]

3- العياشي: عن أبي بصير ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله: )حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) مخففة ، قال: «ظنت الرسل أن الشياطين تمثل لهم على صورة الملائكة».[556]

4- عن ابن شعيب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «وكلهم الله إلى أنفسهم أقل من طرفة عين».[557]

5- عن يعقوب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: أما أهل الدنيا فقد أظهروا الكذب ، وما كانوا إلا من الذين وكلهم الله إلى أنفسهم ليمن عليهم».[558]

6- عن محمد بن هارون ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ما علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن جبرئيل من عند الله إلا بالتوفيق».[559]

7- عن زرارة ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف لم يخف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما يأتيه من‏ قبل الله أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان؟ قال: فقال: «إن الله إذا اتخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة والوقار ، فكان الذي يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه».[560]

8- أبوجعفر بن جرير الطبري: بإسناده إلى أبي علي النهاوندي ، قال: حدثنا أبوعبد الله محمد بن أحمد القاساني ، قال: حدثنا محمد بن سليمان ، قال: حدثنا علي بن يوسف ، قال: حدثني أبي ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فشكا إليه طول دولة الجور ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): والله لا يكون ما تأملون حتى يهلك المبطلون ، ويضمحل الجاهلون ، ويأمن المتقون ، وقليل ما يكون حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه ، وحتى تكونوا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها ، فبينا أنتم كذلك إذ جاء نصر الله والفتح وهو قول ربي عز وجل في كتابه: )حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا)».[561]

ذكر هذا الحديث الطبري في كتابه في أبواب القائم (عليه السلام).

قوله تعالى:

)لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ- إلى قوله تعالى- يُؤْمِنُونَ 111)

1- وقال علي بن إبراهيم: ثم قال الله عز وجل: )لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) يعني لاولي العقول: )ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى)‏ يعني القرآن )لكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) يعني من كتب الأنبياء )وتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وهُدىً ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).[562]

سورة الرعد

سورة الرعد فضلها

2- ابن بابويه: بإسناده ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «من أكثر من قراءة سورة الرعد لم يصبه الله بصاعقة أبدا ، ولوكان ناصبيا ، وإذا كان مؤمنا أدخله الجنة بغير حساب ، ويشفع في جميع من يعرفه من أهل بيته وإخوانه».[563]

3- العياشي: عن عثمان بن عيسى ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أكثر قراءة سورة الرعد لم تصبه صاعقة أبدا ، وإن كان ناصبيا ، فإنه لا يكون أشر من الناصب ، وإن كان مؤمنا أدخله الله الجنة بغير حساب ، ويشفع في جميع من يعرف من أهل بيته وإخوانه من المؤمنين».[564]

4- ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى ، وكل سحاب يكون ، ويبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله ، ومن كتبها وعلقها في ليلة مظلمة بعد صلاة العشاء الآخرة على ضوء نار ، وجعلها من ساعته على باب سلطان جائر وظالم ، هلك وزال ملكه».[565]

5- وعن الصادق (عليه السلام): «من كتبها في ليلة مظلمة بعد صلاة العتمة ، وجعلها من ساعته على باب السلطان الجائر الظالم ، قام عليه عسكره ورعيته ، فلا يسمع كلامه ، ويقصر عمره وقوله ، ويضيق صدره ، وإن جعلت على باب ظالم أوكافر أوزنديق ، فهي تهلكه بإذن الله تعالى».[566]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ  المر 1)

1- ابن بابويه ، قال: أخبرنا أبوالحسن محمد بن هارون الزنجاني ، فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق ، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، قال: حدثنا جويرية ، عن سفيان بن سعيد الثوري ، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا بن رسول الله ، ما معنى قول الله عز وجل: المر؟ قال: «المر معناه: أنا الله المحيي المميت الرزاق».[567]

2- العياشي: عن أبي لبيد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «يا أبا لبيد ، إن في حروف القرآن لعلما جما ، إن الله تبارك وتعالى أنزل )الم ذلِكَ الْكِتابُ) [568] فقام محمد (صلى الله عليه وآله) حتى ظهر نوره ، وثبتت كلمته ، وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع مائة سنة وثلاث سنين- ثم قال:-

 وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار ، وليس من حروف مقطعة حرف تنقضي أيامه إلا وقائم من بني هاشم عند انقضائه- ثم قال- الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون [569] ، فذلك مائة وإحدى وستون [570] ، ثم كان بدء خروج الحسين بن علي (عليه السلام): الم اللَّهُ [571] فلما بلغت مدتها [572] قام قائم من ولد العباس عند المص [573] ويقوم قائمنا عند انقضائها. المر فافهم ذلك وعه واكتمه».[574]

قوله تعالى:

)اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها 2)

1- علي بن إبراهيم: يعني بغير اسطوانة.[575]

2- ثم قال: حدثني أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال: قلت له: أخبرني عن قول الله عز وجل: )والسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ)[576]. فقال: «هي محبوكة إلى الأرض» وشبك بين أصابعه.

فقلت كيف تكون محبوكة إلى الأرض ، والله يقول: )رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)؟ فقال: «سبحان الله! أليس الله يقول: )بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)؟» فقلت: بلى. فقال (عليه السلام): «ثم عمد ، ولكن لا ترونها». قلت: كيف ذلك ، جعلني الله ، فداك؟ قال: فبسط كفه اليسرى ، ثم وضع اليمنى عليها ، فقال: «هذه أرض الدنيا ، والسماء الدنيا عليها فوقها قبة ، والأرض الثانية فوق السماء الدنيا ، والسماء الثانية فوقها قبة ، والأرض الثالثة فوق السماء الثانية ، والسماء الثالثة فوقها قبة ، والأرض الرابعة فوق السماء الثالثة ، والسماء الرابعة فوقها قبة ، والأرض الخامسة فوق السماء الرابعة ، والسماء الخامسة فوقها قبة ، والأرض السادسة فوق السماء الخامسة ، والسماء السادسة فوقها قبة ، والأرض السابعة فوق السماء السادسة ، والسماء السابعة فوقها قبة ، وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق السماء السابعة ، وهوقوله عز وجل: )خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طباقا ومِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ)[577] فأما صاحب الأمر فهورسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والوصي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم على وجه الأرض ، فإنما يتنزل الأمر إليه من فوق السماء من بين السماوات والأرضين». قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة؟ فقال: «ما تحتنا إلا أرض واحدة ، وإن الست لهن فوقنا[578]». [579]

3- العياشي: عن الحسين بن خالد ، قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): أخبرني عن قول الله: )والسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) [580] قال: «محبوكة إلى الأرض» وشبك بين أصابعه. فقلت: كيف تكون محبوكة إلى الأرض ، وهويقول: )رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)؟ فقال: «سبحان الله! أ ليس يقول: )بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)؟!». فقلت: بلى. فقال: «ثم عمد ولكن لا ترى». فقلت: كيف ذاك؟ فبسط كفه اليسرى ثم وضع اليمنى عليها ، فقال: هذه الأرض الدنيا والسماء الدنيا عليها قبة».[581]

قوله تعالى: )ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ) سيأتي- إن شاء الله تعالى- معنى ذلك في سورة طه[582].

قوله تعالى:

)وفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ- إلى قوله تعالى- ويَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ 4- 6)

1- ابن شهر آشوب: عن الخركوشي في (شرف المصطفى) والثعلبي في (الكشف والبيان) والفضل ابن شاذان في (الأمالي) واللفظ له ، بإسنادهم عن جابر بن عبد الله ، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): «الناس من شجر شتى ، وأنا وأنت من شجرة واحدة- ثم قرأ- )وجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وزَرْعٌ ونَخِيلٌ صِنْوانٌ وغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى‏ بِماءٍ واحِدٍ) بالنبي وبك».[583]

قال: ورواه النطنزي في (الخصائص) عن سلمان‏ ، وفي رواية: «أنا وعلي من شجرة ، والناس من أشجار شتى».

قلت: وروى حديث جابر بن عبد الله ، الطبرسي ، وعلي بن عيسى في (كشف الغمة)[584].

2- العياشي: عن الخطاب الأعور ، رفعه إلى أهل العلم والفقه من آل محمد (عليه وآله السلام) ، قال: «)وفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) يعني: هذه الأرض الطيبة مجاورة لهذه الأرض المالحة وليست منها ، كما يجاور القوم القوم وليسوا منهم».[585]

3- وقال علي بن إبراهيم: وقوله: )وفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) أي متصلة بعضها ببعض‏ )وجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ أي بساتين وزَرْعٌ ونَخِيلٌ صِنْوانٌ) والصنوان: التالة [586] التي تنبت من أصل الشجرة )وغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى‏ بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى‏ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) فمنه حلو ، ومنه حامض ، ومنه مر ، يسقى بماء واحد )إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ثم حكى الله عز وجل قول الدهرية من قريش ، فقال: )وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ثم قال: )أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وكانوا يستعجلون بالعذاب ، فقال الله عز وجل: )ويَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ أي العذاب).[587]

 

قوله تعالى:

)وإِنَّ رَبَّكَ لَذُومَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى‏ ظُلْمِهِمْ 6)

1- ابن بابويه ، قال: حدثنا أبوعلي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور ، سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي ، قال: حدثنا ابن ذكوان ، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: كنا في مجلس الرضا (عليه السلام) فتذاكرنا الكبائر ، وقول المعتزلة فيها: إنها لا تغفر ، فقال الرضا (عليه السلام): «قال أبوعبد الله (عليه السلام): قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة ، قال الله جل جلاله: )وإِنَّ رَبَّكَ لَذُومَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى‏ ظُلْمِهِمْ)».[588]

قوله تعالى:

)ويَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَولا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ 7)

1- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل ، قال: حدثنا محمد بن همام ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن موسى بن مسلم ، عن مسعدة ، قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متكئا على عصاه ، فسلم فرد عليه أبوعبد الله (عليه السلام) الجواب ، ثم قال: يا بن رسول الله ، ناولني يدك لاقبلها. فأعطاه يده‏ فقبلها ثم بكى ، فقال له أبوعبد الله (عليه السلام): «ما يبكيك يا شيخ؟» فقال: جعلت فداك ، أقمت على قائمكم منذ مائة سنة ، أقول: هذا الشهر ، وهذه السنة. وقد كبر سني ورق جلدي ودق عظمي واقترب أجلي ، ولا أرى فيكم ما أحب ، أراكم مقتولين[589] مشردين ، وأرى أعداءكم يطيرون بالأجنحة ، فكيف لا أبكي؟! فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام) ثم قال: «يا شيخ ، إن أبقاك الله حتى ترى قائمنا كنت معنا في السنام الأعلى ، وإن حلت بك المنية جئت يوم القيامة مع ثقل محمد (صلى الله عليه وآله) ، ونحن ثقله ، فقال (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين فتمسكوا بهما لن تضلوا: كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي». فقال الشيخ: لا ابالي بعد ما سمعت هذا الخبر.

ثم قال: «يا شيخ ، اعلم أن قائمنا يخرج من صلب الحسن ، والحسن يخرج من صلب علي ، وعلي يخرج من صلب محمد ، ومحمد يخرج من صلب علي ، وعلي يخرج من صلب ابني هذا- وأشار إلى ابنه موسى (عليه السلام)- وهذا خرج من صلبي. نحن اثنا عشر ، كلنا معصومون مطهرون».

فقال الشيخ: يا سيدي ، بعضكم أفضل من بعض؟ فقال: «لا ، نحن في الفضل سواء ، ولكن بعضنا أعلم من بعض». ثم قال: «يا شيخ ، والله لولم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا أهل البيت ، ألا وإن شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في غيبته ، هناك يثبت الله على هداه المخلصين ، اللهم أعنهم على ذلك».[590]

2- وعنه ، قال: حدثنا علي بن الحسن بن محمد ، قال: حدثنا عتبة بن عبد الله الحمصي[591] بمكة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة ، قال: حدثنا علي بن موسى الغطفاني ، قال: حدثنا أحمد بن يوسف الحمصي ، قال: حدثني محمد بن عكاشة ، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي ، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن الحسن (عليه السلام) ، قال: «خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما ، فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه: معاشر الناس ، كأني ادعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، فتعلموا منهم ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ، لا تخلوالأرض منهم ، ولوخلت إذن لساخت بأهلها. ثم قال (عليه السلام): اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد ولا ينقطع ، وأنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ، ظاهر ليس بالمطاع ، أوخائف مغمور كي لا تبطل حجتك ، ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم ، أولئك الأقلون عددا ، الأعظمون قدرا عند الله.

فلما نزل عن منبره قلت له: يا رسول الله ، أما أنت الحجة على الخلق كلهم؟ قال: يا حسن ، إن الله يقول: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فأنا المنذر ، وعلي الهادي. قلت: يا رسول الله ، فقولك: إن الأرض لا تخلومن حجة؟ قال: نعم ، علي هوالإمام والحجة بعدي وأنت الإمام والحجة بعده والحسين الإمام والحجة والخليفة بعدك ولقد نبأني اللطيف الخبير أنه يخرج من صلب‏ الحسين ولد يقال له علي سمي جده علي ، فإذا مضى الحسين قام بالأمر بعده علي ابنه ، وهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب علي ولدا سميي ، وأشبه الناس بي علمه علمي ، وحكمه حكمي ، وهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب محمد مولودا يقال له جعفر ، أصدق الناس قولا وفعلا ، وهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له موسى ، سمي موسى بن عمران (عليه السلام) ، أشد الناس تعبدا ، فهوالإمام والحجة بعد أبيه ، ويخرج الله تعالى من صلب موسى ولدا يقال له علي ، معدن علم الله ، وموضع حكمه ، وهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب علي ولدا يقال له محمد ، فهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب محمد ولدا يقال له علي ، فهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب علي مولودا يقال له الحسن ، فهوالإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب الحسن الحجة القائم إمام شيعته ، ومنقذ أوليائه ، يغيب حتى لا يرى ، فيرجع عن أمره قوم ، ويثبت عليه آخرون )ويَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [592] ولولم يكن[593] من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عز وجل ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فلا تخلوالأرض منكم ، أعطاكم الله علمي وفهمي ، ولقد دعوت الله تبارك وتعالى أن يجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وزرعي وزرع زرعي».[594]

3- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ابن سويد ، وفضالة بن أيوب ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ، فقال: «كل إمام هاد للقرن الذي هوفيهم».[595]

4- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) ، ثم الهداة من بعده علي (عليه السلام) ، ثم الأوصياء واحدا بعد واحد».[596]

5- وعنه: عن الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن محمد ابن إسماعيل ، عن سعدان ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)؟ فقال: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وعلي (عليه السلام) الهادي ، يا أبا محمد ، هل من هاد اليوم؟» قلت: بلى- جعلت فداك- ما زال منكم هاد من نور هاد حتى رفعت[597] إليك ، فقال: «رحمك الله- يا أبا محمد- لوكان إذا نزلت‏ آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ، ماتت الآية ، مات الكتاب ، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى».[598]

6- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن منصور ، عن عبد الرحيم القصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وعلي (عليه السلام) الهادي ، أما والله ما ذهبت منا ، وما زالت فينا إلى الساعة».[599]

وروى محمد بن الحسن الصفار ، في كتاب (بصائر الدرجات) هذه الأحاديث[600].

7- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رحمه الله) ، قال: حدثنا أبوأحمد عبد العزيز بن يحيى البصري ، قال: حدثنا المغيرة بن محمد ، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي سنة ست عشرة ومائة [601] ، قال: حدثنا قيس بن الربيع ومنصور بن أبي الأسود ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد ابن عبد الله ، قال: قال علي (عليه السلام): «ما نزلت من القرآن آية إلا وقد علمت أين نزلت ، وفيمن نزلت ، وفي أي شي‏ء نزلت ، وفي سهل نزلت أوفي جبل». قيل: فما نزل فيك؟ فقال: «لولا أنكم سألتموني ما أخبرتكم ، نزلت في هذه الآية: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وأنا الهادي إلى ما جاء به».[602]

8- وعنه ، قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن محمد بن مسلم ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) قال: «كل إمام هاد لكل قوم في زمانهم».[603]

9- وعنه ، قال: حدثنا أبي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية العجلي ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال: «المنذر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام) الهادي ، وفي كل وقت وزمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله)».[604]

10- محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بطهور فلما فرغ أخذ بيد علي (عليه السلام) فألزمها يده ، ثم قال: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) ثم ضم يده إلى صدره ، وقال: )ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ثم قال: يا علي ، أنت أصل الدين ، ومنار الإيمان ، وغاية الهدى ، وقائد الغر المحجلين ، أشهد لك بذلك».[605]

11- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن حماد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «المنذر: رسول (صلى الله عليه وآله) ، والهادي: أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وبعده الأئمة (عليهم السلام) ، وهوقوله: )ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أي في كل زمان إمام هدى [606] مبين» فهورد على من أنكر أن في كل عصر وزمان إماما ، وأنه لا تخلوالأرض من حجة ، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تخلوالأرض من إمام قائم بحجة الله ، إمام ظاهر مشهور ، وإما خائف مغمور ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته».

والهدى في كتاب الله على وجوه ، فمنه: الأئمة (عليهم السلام) ، وهوقوله: )ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أي إمام مبين ومنه: البيان وهوقوله تعالى: )أَ ولَمْ يَهْدِ لَهُمْ) [607] أي يبين لهم وقوله تعالى: )وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) [608] أي بينا لهم ، ومثله كثير ومنه: الثواب ، وهوقوله تعالى: )والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [609] أي لنثيبنهم ومنه: النجاة ، وهوقوله تعالى: )كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) [610] أي سينجيني ومنه: الدلالة ، وهوقوله تعالى: )وأَهْدِيَكَ إِلى‏ رَبِّكَ) [611] أي أدلك.[612]

12- الشيخ في (مجالسه): بإسناده عن الحسين ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما بعث الله نبيا أكرم من محمد (صلى الله عليه وآله) ، ولا خلق قبله أحدا ، ولا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد (صلى الله عليه وآله) ، فذلك قوله تعالى: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى[613]. وقال: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فلم يكن قبله مطاع في الخلق ، ولا يكون بعده إلى أن تقوم الساعة ، في كل قرن ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها».[614]

13- سليم بن قيس الهلالي: في حديث قيس بن سعد مع معاوية ، قال قيس: أنزل الله في أمير المؤمنين (عليه السلام): )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ.[615]

14- العياشي: عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فينا نزلت هذه الآية: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا المنذر وأنت الهادي- يا علي- فمنا الهادي والنجاة والسعادة إلى يوم القيامة».[616]

15- عن عبد الرحيم القصير ، قال: كنت يوما من الأيام عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال: «يا عبد الرحيم» قلت: لبيك: قال: «قول الله: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) إذ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا المنذر وعلي الهادي ، فمن الهادي اليوم؟» قال: فسكت طويلا ، ثم رفعت رأسي ، فقلت: جعلت فداك ، هي فيكم ، توارثونها رجل فرجل حتى انتهت إليك ، فأنت- جعلت فداك- الهادي ، قال: «صدقت- يا عبد الرحيم- إن القرآن حي لا يموت ، والآية حية لا تموت ، فلوكانت الآية إذا نزلت في أقوام فماتوا مات القرآن ، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين».

وقال عبد الرحيم: قال: أبوعبد الله (عليه السلام): «إن القرآن حي لم يمت ، وإنه يجري كما يجري الليل والنهار ، وكما تجري الشمس والقمر ، ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا».[617]

16- عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا المنذر وعلي الهادي ، وكل إمام هاد للقرن الذي هوفيه».[618]

17- عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا المنذر وفي كل زمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به نبي الله (صلى الله عليه وآله) ، والهداة من بعده: علي (عليه السلام) ، ثم الأوصياء من بعده ، واحد بعد واحد ، أما والله ما ذهبت منا ، وما زالت فينا إلى الساعة ، رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر ، وبعلي (عليه السلام) يهتدي المهتدون».[619]

18- عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال النبي (صلى الله عليه وآله): أنا المنذر ، وعلي الهادي إلى أمري».[620]

19- أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان: بإسناده عن عبد الله بن عمر ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بي أنذرتم ، وبعلي بن أبي طالب اهتديتم- وقرأ: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)- وبالحسن أعطيتم الإحسان وبالحسين تسعدون وبه تشقون ، ألا وإن الحسين باب من أبواب الجنة ، من عاداه حرم الله عليه ريح الجنة».[621]

20- الحاكم أبوالقاسم الحسكاني ، بإسناده عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن حكيم بن جبير ، عن أبي برزة الأسلمي ، قال: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطهور ، وعنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) بعد ما تطهر فألصقها بصدره ، ثم قال: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ)- ويعني نفسه- ثم ردها إلى صدر علي (عليه السلام) ثم قال: )ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ثم قال: «إنك منار الأنام ، وغاية الهدى ، وأمير القراء ، أشهد على ذلك أنك كذلك».[622]

21- ابن الفارسي في (الروضة) قال: قال علي (عليه السلام): «)إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) المنذر: محمد (صلى الله عليه وآله) ، ولكل قوم هاد: أنا».[623]

22- ابن شهرآشوب ، عن الحسكاني في (شواهد التنزيل) ، والمرزباني في (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال أبوبرزة: دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطهور ، وعنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بيد علي بعد ما تطهر ، فألصقها بصدره ، ثم قال: «إنما أنا منذر». ثم ردها إلى صدر علي (عليه السلام) ، ثم قال: )ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ، ثم قال: «أنت منار الأنام ، ورواية الهدى ، وأمين القرآن ، وأشهد على ذلك أنك كذلك».[624]

23- الثعلبي في (الكشف) عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: لما نزلت هذه الآية ، وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صدره ، وقال: «أنا المنذر» وأومأ بيده إلى منكب علي (عليه السلام) فقال: «أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون بعدي».[625]

24- عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «فالنبي المنذر ، وبعلي (عليه السلام) يهتدي المهتدون».[626]

25- عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «النبي المنذر ، وعلي الهادي».[627]

26- سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن هذه الآية ، فقال لي: «هادي هذه الامة علي بن أبي طالب».[628]

 

27- الثعلبي ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي (عليه السلام) قال: «المنذر: النبي (صلى الله عليه وآله) ، والهادي: رجل من بني هاشم». يعني نفسه (عليه السلام).[629]

28- ابن عباس والضحاك والزجاج: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) رسول الله (صلى الله عليه وآله) )ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) علي بن أبي طالب (عليه السلام).[630]

قلت: والرواية عن ابن عباس في هذه الآية بهذا المعنى مستفيضة من طرق الخاصة والعامة ، يطول الكتاب بذكرها.

29- قال ابن شهر آشوب: صنف أحمد بن محمد بن سعيد كتابا في قوله تعالى: )إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أنها نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام).[631]

قوله تعالى:

)اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى‏ وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وما تَزْدادُ وكُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ عالِمُ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ 8- 9)

1- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ابن عيسى ، عن حريز ، عمن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السلام) في قول الله عز وجل: )اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى‏ وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وما تَزْدادُ) قال: «الغيض: كل حمل دون تسعة أشهر: )وما تَزْدادُ) : كل شي‏ء يزداد على تسعة أشهر ، فكلما رأت المرأة الدم الخالص في حملها ، فإنها تزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم».[632]

2- العياشي: عن حريز ، رفعه إلى أحدهما (عليهما السلام) في قول الله: )اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى‏ وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وما تَزْدادُ) قال: «الغيض: كل حمل دون تسعة أشهر )وما تَزْدادُ): كل شي‏ء يزداد على تسعة أشهر ، وكلما رأت الدم‏ في حملها من الحيض يزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم».[633]

3- عن زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله: )ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) «يعني الذكر والأنثى )وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ)- قال- الغيض: ما كان أقل من الحمل )وما تَزْدادُ): ما زاد على الحمل ، فهومكان ما رأت من الدم في حملها».[634]

4- عن محمد بن مسلم ، وحمران ، وزرارة ، عنهما (عليهما السلام) قالا: «)ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى)من أنثى أوذكر )وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ)- قال- ما لم يكن حملا )وما تَزْدادُ) من أنثى أوذكر».[635]

5- عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: )اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى‏ وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) قال: ما لم يكن حملا )وما تَزْدادُ)- قال- الذكر والأنثى جميعا».[636]

6- عن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: )اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى)قال: «الذكر والأنثى» )وما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) قال: «ما كان دون التسعة فهوغيض» )وما تَزْدادُ) قال: «كلما رأت الدم في حال حملها ازداد به على التسعة أشهر ، إن كانت رأت الدم خمسة أيام أوأقل أوأكثر ، زاد ذلك على التسعة أشهر».[637]

7- ابن بابويه: قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: )عالِمُ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ) فقال: «الغيب: ما لم يكن ، والشهادة: ما قد كان».[638]

قوله تعالى:

)سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ ومَنْ جَهَرَ بِهِ ومَنْ هُومُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وسارِبٌ بِالنَّهارِ 10)

1- قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: )سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ ومَنْ جَهَرَ بِهِ( ، قال: «فالسر والعلانية عنده سواء».[639]

2- وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: )ومَنْ هُومُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ( مستخف في جوف بيته. )وسارِبٌ بِالنَّهار(ِ يعني تحت الأرض ، فذلك كله عند الله عز وجل واحد يعلمه.[640]

قوله تعالى:

)لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ومِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ 11)

1- علي بن إبراهيم: إنها قرئت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لقارئها: «ألستم عربا ، فكيف تكون المعقبات من بين يديه؟! وإنما المعقب من خلفه». فقال الرجل: جعلت فداك ، كيف هذا؟ فقال: «إنما نزلت (له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله) ومن ذا الذي يقدر أن يحفظ الشي‏ء من أمر الله؟ وهم الملائكة الموكلون بالناس».[641]

2- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ومِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) يقول: «بأمر الله ، من أن يقع في ركي [642] ، أويقع عليه حائط ، أويصيبه شي‏ء حتى إذا جاء القدر ، خلوا بينه وبينه ، يدفعونه إلى المقادير ، وهما ملكان يحفظانه بالليل ، وملكان بالنهار يتعاقبانه».[643]

وتقدم حديث جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: )يَعِدُهُمْ ويُمَنِّيهِمْ وما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) من سورة النساء ، أن ابن آدم له ملكان يحفظانه[644].

3- العياشي: عن بريد العجلي ، قال: سمعني أبوعبد الله (عليه السلام) وأنا أقرأ )لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ومِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) فقال: «مه ، وكيف تكون المعقبات من بين يديه؟ إنما تكون المعقبات من خلفه إنما أنزلها الله (له رقيب من بين يديه ومعقبات من خلفه. يحفظونه بأمر الله)».[645]

4- عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) قال: «بأمر الله- ثم قال- ما من عبد إلا ومعه ملكان يحفظانه ، فإذا جاء الأمر من عند الله ، خليا بينه وبين أمر الله».[646]

5- عن فضيل بن عثمان سكرة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال في هذه الآية )لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) الآية ، قال: «هن المقدمات المؤخرات المعقبات الباقيات الصالحات».[647]

قوله تعالى:

)إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ 11)

1- قال علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: )وإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) أي من دافع.[648]

2- عبد الله بن جعفر الحميري: عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال: سمعته- يعني الرضا (عليه السلام)- يقول ، في قول الله تبارك وتعالى: )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) فقال: «إن القدرية يحتجون بأولها ، وليس كما يقولون ، ألا ترى أن الله تعالى يقول: )وإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) وقال نوح: )ولا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [649]» - قال- الأمر إلى الله يهدي من يشاء».[650]

3- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال: حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل ، عن أبيه ، قال: سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «الذنوب التي تغير النعم: البغي على الناس ، والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف ، وكفران النعم ، وترك الشكر ، قال الله عز وجل: )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)».[651]

4- العياشي: عن سليمان بن عبد الله ، قال: كنت عند أبي الحسن موسى (عليه السلام) قاعدا ، فأتي بامرأة قد صار وجهها قفاها ، فوضع يده اليمنى في جبينها ، ويده اليسرى من خلف ذلك ، ثم عصر وجهها عن اليمين ، ثم قال: )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) فرجع وجهها ، وقال: «احذري أن تفعلي كما فعلت». فقالوا: يا بن رسول الله ، وما فعلت؟ فقال: «ذلك مستور إلا أن تتكلم به» فسألوها ، فقالت: كانت لي ضرة ، فقمت اصلي ، فظننت أن زوجي معها ، فالتفت إليها فرأيتها قاعدة وليس هومعها. فرجع وجهها على ما كان.[652]

5- عن أبي عمروالمدائني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن أبي كان يقول: إن الله قضى قضاء حتما لا ينعم على عبد بنعمة فيسلبها إياه قبل أن يحدث العبد ذنبا يستوجب بذلك الذنب سلب تلك النعمة ، وذلك قول الله: )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)».[653]

6- عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في قول الله: )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) «فصار الأمر إلى الله تعالى».[654]

7- عن الحسين بن سعيد المكفوف ، كتب إليه (عليه السلام) في كتاب له: جعلت فداك ، يا سيدي ، علم مولاك ما لا يقبل لقائله دعوة ، وما لا يؤخر لفاعله دعوة ، وما حد الاستغفار الذي وعد عليه نوح ، والاستغفار الذي لا يعذب قائله ، وكيف يلفظ بهما؟ ومعنى قوله: )ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ) [655] )ومَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) [656] وقوله: )فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ) [657] ، )ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) [658] )وإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)؟ وكيف يغير القوم ما بأنفسهم؟

فكتب (صلوات الله عليه): «كافأكم الله عني بتضعيف الثواب ، والجزاء الحسن الجميل ، وعليكم جميعا السلام ورحمة الله وبركاته ، الاستغفار ألف ، والتوكل: من توكل على الله فهوحسبه ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، وأما قوله: )فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ) أي من قال بالأئمة واتبع أمرهم بحسن طاعتهم ، وأما التغير فإنه لا يسي‏ء إليهم حتى يتولوا ذلك بأنفسهم بخطاياهم ، وارتكابهم ما نهى عنه» وكتب بخطه.[659]

 

قوله تعالى:

)هُوالَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ‏ ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوشَدِيدُ الْمِحالِ 12- 13)

1- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، ومحمد بن بكران النقاش ، ومحمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنهم) ، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، قال: قال الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى: )هُوالَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً) قال (عليه السلام): «خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم».[660]

2- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه ، فقيل له: يا أمير المؤمنين ، الكن[661] الكن ، فقال: إن هذا ماء قريب العهد بالعرش ، ثم أنشأ يحدث ، فقال: إن تحت العرش بحرا فيه ماء ينبت أرزاق الحيوانات ، فإذا أراد الله (عز ذكره) أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم ، أوحى الله إليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء ، حتى يصير إلى سماء الدنيا- فيما أظن- فيلقيه إلى السحاب ، والسحاب بمنزلة الغربال ، ثم يوحي الله إلى الريح أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ، ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فامطري عليهم. فيكون كذا وكذا عبابا وغير ذلك ، فتقطر عليهم على النحوالذي يأمرها به ، فليس من قطرة تقطر إلا ومعها ملك حتى يضعها موضعها ، ولم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد ووزن معلوم ، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام) ، فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد».[662]

3- قال: وحدثني أبوعبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال لي أبي (عليه السلام) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر ، هي تذيب البرد حتى يصير ماء كي لا يضر به شيئا يصيبه ، والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل يصيب بها من يشاء من عباده. ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تشيروا إلى المطر ، ولا إلى الهلال ، فإن الله يكره ذلك».[663]

وروى ذلك الحميري في (قرب الإسناد) بإسناده ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)[664].

4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد ابن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يموت المؤمن بكل ميتة إلا الصاعقة ، لا تأخذه وهويذكر الله عز وجل».[665]

5 وعنه: عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ميتة المؤمن؟ قال: «يموت المؤمن بكل ميتة ، يموت غرقا ، ويموت بالهدم ، ويبتلى بالسبع ، ويموت بالصاعقة ، ولا تصيب ذاكر الله عز وجل».[666]

6- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية العجلي ، قال: قال أبوعبد الله (عليه السلام): «إن الصواعق لا تصيب ذاكرا» قال: قلت: وما الذاكر؟ قال: «من قرأ مائة آية».[667]

7- العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن ، أن داود قال: كنا عنده فأرعدت السماء ، فقال هو: «سبحان من يسبح له الرعد بحمده والملائكة من خيفته» فقال له أبوبصير: جعلت فداك ، إن للرعد كلاما؟ فقال: «يا أبا محمد ، سل عما يعنيك ، ودع ما لا يعنيك».[668]

8- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرعد ، أي شي‏ء يقول؟ قال: «إنه بمنزلة الرجل يكون في الإبل فيزجرها ، هاي هاي ، كهيئة ذلك». قلت: فما البرق؟ قال لي: «تلك من مخاريق [669] الملائكة ، تضرب السحاب فتسوقه إلى الموضع الذي قضى الله فيه المطر».[670]

9- محمد بن إبراهيم النعماني: بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال: سمعت عليا (عليه السلام)- في حديث ، فيه- في قوله تعالى: )وهُوشَدِيدُ الْمِحالِ) قال: «يريد المكر».[671]

10- قال علي بن إبراهيم: قوله: )هُوالَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً) يعني يخافه قوم ، ويطمع فيه قوم ، أن يمطروا: )ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) يعني يرفعها من الأرض. )ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) وهوالملك الذي يسوق السحاب )والْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوشَدِيدُ الْمِحالِ‏) أي شديد الغضب.[672]

11- الشيخ في (الأمالي) ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا نصر بن القاسم بن نصر أبوليث الفرائضي ، وعمروبن أبي حسان [673] الزيادي ، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال: حدثنا ديلم بن غزوان العبدي ، وعلي بن أبي سارة الشيباني ، قالا: حدثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث رجلا إلى فرعون من فراعنة العرب يدعوه إلى الله عز وجل ، فقال لرسول النبي (صلى الله عليه وآله): أخبرني عن هذا الذي تدعوني إليه ، أمن فضة هو ، أم من ذهب ، أم من حديد؟ فرجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، وأخبره بقوله ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «ارجع إليه فادعه» ، قال: يا نبي الله ، إنه أعتى من ذلك. قال: «إرجع إليه» فرجع إليه ، فقال كقوله ، فبينا هويكلمه إذ رعدت سحابة رعدة فألقت على رأسه صاعقة ذهبت بقحف رأسه ، فأنزل الله جل ثناؤه: )ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وهُوشَدِيدُ الْمِحالِ).[674]

قوله تعالى:

)لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ والَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ‏ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وما هُوبِبالِغِهِ وما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ 14 )

1- علي بن إبراهيم ، قال: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )والَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ‏ءٍ) «فهذا مثل ضربه الله للذين يعبدون الأصنام ، والذين يعبدون آلهة من دون الله ، فلا يستجيبون لهم بشي‏ء ، ولا ينفعهم )إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ) ليبلغ فاه ليتناوله من بعيد ولا يناله».[675]

2- وقال علي بن إبراهيم في قوله: )وما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي في بطلان.[676]

3- ثم قال: حدثني أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن عمروبن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا رسول الله ، رأيت أمرا عظيما ، فقال: وما رأيت؟ قال: كان لي‏ مريض ، ونعت له ماء من بئر بالأحقاف [677] يستشفى به في برهوت [678] ، قال: فانتهيت ومعي قربة وقدح لآخذ من مائها وأصب في القربة وإذا بشي‏ء قد هبط من جو السماء كهيئة السلسلة ، وهويقول: يا هذا ، اسقني ، الساعة أموت. فرفعت رأسي ، ورفعت إليه القدح لأسقيه ، فإذا رجل في عنقه سلسلة ، فلما ذهبت أناوله القدح ، اجتذب مني حتى علق بالشمس ، ثم أقبلت على الماء أغترف إذ أقبل الثانية وهويقول: العطش العطش ، يا هذا ، اسقني ، الساعة أموت. فرفعت القدح لأسقيه ، فاجتذب مني حتى علق بالشمس ، حتى فعل ذلك الثالثة ، فقمت وشددت قربتي ولم أسقه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ذاك قابيل بن آدم الذي قتل أخاه ، وهوقوله عز وجل: )والَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ‏ءٍ) إلى قوله: (إِلَّا فِي ضَلالٍ)».[679]

قوله تعالى:

)ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً وظِلالُهُمْ بِالْغُدُو والْآصالِ 15)

 1- قال علي بن إبراهيم: قوله: )ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً وظِلالُهُمْ بِالْغُدُووالْآصالِ) قال: بالعشي ، قال: ظل المؤمن يسجد طوعا ، وظل الكافر يسجد كرها ، وهونموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم.[680]

2- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً) الآية: «أما من يسجد من أهل السماوات طوعا ، فالملائكة يسجدون لله طوعا ، أما من يسجد من أهل الأرض طوعا ، فمن[681] ولد في الإسلام فهويسجد له طوعا ، وأما من يسجد له كرها ، فمن اجبر على الإسلام ، وأما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة والعشي».[682]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن غالب بن عبد الله ، عن‏ أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: )وظِلالُهُمْ بِالْغُدُووالْآصالِ) قال: «هوالدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، وهي ساعة إجابة».[683]

4- العياشي: عن عبد الله بن ميمون القداح ، قال: سمعت زيد بن علي يقول: يا معشر من يحبنا ، ألا ينصرنا[684] من الناس أحد؟ فإن الناس لويستطيعون أن يحبونا لأحبونا ، والله لأحبتنا أشد خزانة من الذهب والفضة ، إن الله خلق ما هوخالق ثم جعلهم أظلة ، ثم تلا هذه الآية )ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً) الآية ، ثم أخذ ميثاقنا وميثاق شيعتنا ، فلا ينقص منها واحد ، ولا يزداد فينا واحد.[685]

قوله تعالى:

)قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ والْأَرْضِ- إلى قوله تعالى- قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وهُوالْواحِدُ الْقَهَّارُ 16 )

 1- قال علي بن إبراهيم: )قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ والْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً ولا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى‏ والْبَصِيرُ) يعني المؤمن والكافر )أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ والنُّورُ) أما الظلمات فالكفر ، وأما النور فهوالإيمان ، ثم قال في قوله: )قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ والْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ) الآية محكمة.[686]

قوله تعالى:

)أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ- إلى قوله تعالى- ومَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمِهادُ 17- 18 )

 1- وقال علي بن إبراهيم: قوله: )أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) يقول: الكبير على قدر كبره ، والصغير على قدر صغره: )فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً ومِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَومَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ)

ثم قال: قول الله: )أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يقول: أنزل الحق من السماء فاحتملته القلوب بأهوائها ، ذواليقين على قدر يقينه ، وذوالشك على قدر شكه ، فاحتمل الهوى باطلا كثيرا وجفاء ، فالماء هوالحق ، والأودية هي القلوب ، والسيل هوالهوى ، والزبد هوالباطل ، والحلية والمتاع هوالحق ، قال الله: )كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ والْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) فالزبد وخبث الحديد [687] هوالباطل ، والمتاع والحلية هوالحق ، من أصاب الزبد وخبث الحديد [688] في الدنيا لم ينتفع به ، وكذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به ، وأما المتاع والحلية فهوالحق ، من أصاب الحلية والمتاع في الدنيا انتفع به ، وكذلك صاحب الحق يوم القيامة ينتفع به ، )كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ).[689]

2- ثم قال أيضا: قوله: )أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً) أي مرتفعا ، )ومِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَومَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) يعني ما يخرج من الماء من الجواهر وهومثل ، أي يثبت الحق في قلوب المؤمنين ، وفي قلوب الكفار لا يثبت )كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ والْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) يعني يبطل )وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) وهذا مثل للمؤمنين والمشركين ، وقال الله عز وجل: )كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى‏ والَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوأَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ومِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ ومَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ الْمِهادُ) فالمؤمن إذا سمع الحديث ثبت في قلبه وأجابه [690] وآمن به ، فهومثل الماء الذي يبقى [691] في الأرض فينبت النبات ، والذي لا ينتفع به يكون مثل الزبد الذي تضربه الرياح فيبطل.[692]

3- الطبرسي في (الاحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في حديث يذكره في [693] أحوال الكفار: «وضرب مثلهم بقوله: )فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن ، فهويضمحل ويبطل ويتلاشى عند التحصيل ، والذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والقلوب تقبله ، والأرض في هذا الموضع هي محل العلم وقراره».[694]

4- وقال الطبرسي في معنى سوء الحساب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «هو أن[695] لا يقبل منهم‏ حسنة ، ولا يغفر لهم سيئة».[696]

5- علي بن إبراهيم ، في قوله: )وبِئْسَ الْمِهادُ) قال: يمتهدون [697] في النار.[698]

قوله تعالى:

)أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوأَعْمى‏ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ 19)

1- ابن شهر آشوب: عن أبي الورد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) )أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) قال: «علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[699]

2- عن محمد بن مروان ، عن السدي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى: )أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) قال: علي (عليه السلام) (كَمَنْ هُوأَعْمى‏ ) قال: الأول[700]

3- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا رفعه ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث طويل- قال: «يا هشام ، ثم ذكر اولي الألباب بأحسن الذكر ، وحلاهم بأحسن التحلية [701] ، وقال: )أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوأَعْمى‏ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ).[702]

4- وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها ، قيل: يا بن رسول الله ، ومن أهلها؟ قال: «الذين قص[703] الله في كتابه وذكرهم ، فقال: )إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)- قال- هم أولو العقول».[704]

5- العياشي: عن عقبة بن خالد ، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فأذن لي ، وليس هوفي مجلسه ، فخرج علينا من جانب البيت من عند نسائه وليس عليه جلباب ، فلما نظر إلينا ، قال: «أحب لقاءكم» ثم‏ جلس ، ثم قال: «أنتم أولوالألباب في كتاب الله ، قال الله: )إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)».[705]

6- عن أبي العباس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تفكر ساعة خير من عبادة سنة ، قال الله: )إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)».[706]

قوله تعالى:

)الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ولا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ 20- 21 )

1- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن الرحم معلقة بالعرش ، تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ، وهي رحم آل محمد ، وهوقول الله عز وجل: )والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ورحم كل ذي رحم».[707]

2- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان الجمال ، قال: وقع بين أبي عبد الله (عليه السلام) وبين عبد الله بن الحسن كلام ، حتى وقعت الضوضاء بينهم ، واجتمع الناس ، فافترقا عشيتهما بذلك ، وغدوت في حاجة ، فإذا أنا بأبي عبد الله (عليه السلام) على باب عبد الله بن الحسن ، وهويقول: «يا جارية ، قولي لأبي محمد يخرج» قال: فخرج فقال: يا أبا عبد الله ، ما بكر بك؟ فقال: «إني تلوت آية في كتاب الله عز وجل البارحة ، فأقلقتني». قال: وما هي؟ قال: «قول الله جل وعز ذكره: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ)» فقال: صدقت ، لكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله جل وعز قط ، فاعتنقا وبكيا.[708]

3- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عمر بن يزيد ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فقال: «قرابتك».[709]

4- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وهشام بن الحكم ، ودرست بن أبي منصور ، عن عمر بن يزيد ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)؟ قال: «نزلت في رحم آل محمد (عليه السلام) وقد تكون في قرابتك» ثم قال: «فلا تكونن ممن يقول للشي‏ء إنه في شي‏ء واحد»[710]. [711]

5- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ومما فرض الله عز وجل أيضا في المال من غير الزكاة ، قوله عز وجل: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)».[712]

6- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان قال: دخل رجل على أبي عبد الله (عليه السلام) فشكا إليه رجلا من أصحابه ، فلم يلبث أن جاء المشكو ، فقال له أبوعبد الله (عليه السلام): «ما لفلان يشكوك؟» فقال له: يشكوني أني أستقضيت[713] منه حقي. قال: فجلس أبوعبد الله (عليه السلام) مغضبا ، ثم قال: «كأنك إذا استقضيت حقك لم تسئ؟! أرأيت ما حكى الله عز وجل في كتابه: )يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ)؟ أترى أنهم خافوا الله أن يجور عليهم؟ لا والله ما خافوا إلا الاستقضاء ، فسماه الله عز وجل: سوء الحساب ، فمن استقضى فقد أساء».[714]

7- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «إن رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله) معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ، وهي تجري في كل رحم ، ونزلت هذه الآية في آل محمد ، وما عاهدهم عليه ، وما أخذ عليهم من الميثاق في الذر من ولاية أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) بعده ، وهوقوله: )الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ولا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) الآية ، ثم ذكر أعداءهم ، فقال:)والَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) [715] يعني في أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهوالذي أخذ الله عليهم في الذر ، وأخذ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم ثم قال: )أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)[716]». [717]

8- ابن بابويه ، عن أبيه (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لرجل: «يا فلان ، ما لك ولأخيك؟» فقال: جعلت فداك ، كان لي عليه شي‏ء فاستقصيت [718] في حقي ، فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «أخبرني عن قول الله عز وجل: )ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) أتراهم خافوا أن يجور عليهم أويظلمهم؟ لا ، ولكنهم خافوا الاستقصاء والمداقة[719]». [720]

9- الحسين بن سعيد: عن القاسم ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن معاوية ، قال: قال لي أبوعبد الله (عليه السلام): «إن صلة الرحم تهون الحساب يوم القيامة» ثم قرأ: )يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ).[721]

10- العياشي: عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الرحم معلقة بالعرش ، تقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني ، وهي رحم آل محمد ورحم كل مؤمن ، وهوقول الله: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)».[722]

11- عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بر الوالدين وصلة الرحم يهون الحساب. ثم تلا هذه الآية )والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ).[723]

12- عن محمد بن الفضيل ، قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) يقول: )والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) قال: «هي رحم آل محمد ، معلقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني ، وهي تجري في كل رحم».[724]

13- عن عمر بن مريم ، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) قال: «من ذلك ، صلة الرحم ، وغاية تأويلها صلتك إيانا».[725]

14- عن صفوان بن مهران الجمال ، قال: وقع بين عبد الله بن الحسن وبين أبي عبد الله (صلوات الله عليه) كلام ، حتى ارتفعت أصواتهما ، واجتمع الناس ، ثم افترقا تلك العشية ، فلما أصبحت غدوت في حاجة لي ، فإذا أبوعبد الله (عليه السلام) على باب عبد الله بن الحسن ، وهويقول: «قولي- يا جارية- لأبي محمد: هذا أبوعبد الله بالباب» فخرج عبد الله بن الحسن وهويقول: يا أبا عبد الله ، ما بكر بك؟ قال: «إني تلوت البارحة آية من كتاب الله فأقلقتني». قال: وما هي؟ قال: «قوله عز وجل: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ)» قال: فاعتنقا وبكيا جميعا ثم قال عبد الله بن الحسن: صدقت- والله- يا أبا عبد الله ، كأن لم تمر بي هذه الآية قط.[726]

15- وكتب إلينا الفضل بن شاذان ، عن أبي عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد ، عن سالمة- مولاة ام ولد كانت لأبي عبد الله- قالت: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، حين حضرته الوفاة ، فأغمي عليه ، فلما أفاق ، قال: «اعطوا الحسن بن علي بن الحسين- وهوالأفطس- سبعين دينارا». قلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة[727]؟ قال: «ويحك ، أما تقرئين القرآن؟». قالت: بلى ، قال: «أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ويَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ)» قال: «وقال: )يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)- قال- هوصلة الإمام».[728]

16- عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا أنه سئل أبوعبد الله (عليه السلام) عن قول تعالى: )والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) قال: «هو صلة الامام في كل سنة بما قل أوكثر» ثم قال أبوعبد الله (عليه السلام): «وما أريد بذلك إلا تزكيتكم».[729]

17- عن سماعة ، قال: سألته عن قول الله: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فقال: «هوما افترض الله في المال غير الزكاة ، ومن أدى ما فرض الله عليه ، فقد قضى ما عليه».[730]

18- عن سماعة ، قال: إن الله فرض للفقراء من أموال الأغنياء فريضة ، لا يحمدون بأدائها ، وهي الزكاة ، بها حقنوا دماءهم ، وبها سموا مسلمين ، ولكن الله فرض في الأموال حقوقا غير الزكاة ، ومما فرض الله في المال غير الزكاة ، قوله: )الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ومن أدى ما فرض الله عليه فقد قضى ما عليه ، وأدى شكر ما أنعم الله عليه من ماله ، إذا هوحمده على ما أنعم عليه ، بما فضله به من السعة على غيره ، ولما وفقه لأداء ما افترض الله ، وأعانه عليه.[731]

19- عن أبي إسحاق ، قال: سمعته يقول في )سُوءَ الْحِسابِ): «لا تقبل حسناتهم ، ويؤخذون‏ بسيئاتهم».[732]

20- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: )يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) قال: «تحسب عليهم السيئات ، ولا [733] تحسب لهم الحسنات ، وهوالاستقصاء».[734]

21- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: )ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) قال: «الاستقصاء والمداقة» وقال: « تحسب عليهم السيئات ، ولا تحسب لهم الحسنات ».[735]

22- عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لرجل: «يا فلان ، مالك ولأخيك؟» قال: جعلت فداك ، كان لي عليه حق فاستقصيت منه حقي. قال أبوعبد الله (عليه السلام): «أخبرني عن قول الله: )ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) أ تراهم خافوا أن يجور عليهم أويظلمهم؟ لا والله ، خافوا الاستقصاء والمداقة».[736]

23- قال محمد بن عيسى: وبهذا الإسناد ، أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال لرجل شكاه بعض إخوانه: «ما لأخيك فلان يشكوك؟» قال: أ يشكوني إذا استقصيت حقي؟ قال: فجلس مغضبا ثم قال: «كأنك إذا استقصيت لم تسئ؟! أ رأيت ما حكى الله تبارك وتعالى: ويَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أخافوا أن يجور عليهم الله؟ لا والله ما خافوا إلا الاستقصاء ، فسماه الله عز وجل: سُوءَ الْحِسابِ فمن استقصى فقد أساء».[737]

24- عن الحسين بن عثمان ، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن صلة الرحم تزكي الأعمال ، وتنمي الأموال ، وتيسر الحساب ، وتدفع البلوى ، وتزيد في العمر»[738].[739]

25- ابن شهر آشوب: عن محمد بن الفضيل [740] ، عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) في قوله تعالى: )والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ، قال: «هي رحم آل محمد (عليهم السلام)».[741]

26- الطبرسي: عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «سوء الحساب أن يحسب عليهم السيئات ، ولا يحسب لهم الحسنات ، وهوالاستقصاء».[742]

 

 

قوله تعالى:

)والَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاةَ وأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وعَلانِيَةً ويَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ22 )

1- علي بن إبراهيم: )ويَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) يعني يدفعون.[743]

2- وعنه ، قال: وحدثني أبي ، عن حماد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (صلوات الله عليه): يا علي ، ما من دار فيها فرحة إلا تبعتها ترحة ، وما من هم إلا وله فرج ، إلا هم أهل النار ، فإذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعا ، وعليك بصنائع الخير ، فإنها تدفع مصارع السوء. وإنما قال رسول (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) على حد التأديب للناس ، لا بأن لأمير المؤمنين (عليه السلام) سيئات عملها».[744]

3- وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي سيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما ، واضعا يده على كتف العباس ، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فعانقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبل ما بين عينيه ، ثم سلم العباس على علي (عليه السلام) فرد عليه ردا خفيفا [745] ، فغضب العباس ، فقال: يا رسول الله ، لا يدع علي زهوه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عباس ، لا تقل ذلك في علي ، فإني لقيت جبرئيل آنفا ، فقال لي: لقيني الملكان الموكلان بعلي الساعة ، فقالا: ما كتبنا عليه ذنبا منذ ولد إلى هذا اليوم».[746]

 

 

قوله تعالى:

)جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ومَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وأَزْواجِهِمْ وذُرِّيَّاتِهِمْ والْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ‏ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ 23- 24)

1- علي بن إبراهيم: قال: نزلت في الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم الذين صبروا.[747]

2- وعنه ، قال: وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نحن صبر وشيعتنا أصبر منا ، لأنا صبرنا بعلم ، وصبروا على ما لا يعلمون».[748]

3- محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنا صبر وشيعتنا أصبر منا» ، قلت: جعلت فداك ، كيف صارت شيعتكم أصبر منكم؟ قال: «لأنا نصبر على ما نعلم ، وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون».[749]

4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل ، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عز وجل عليك ، والذكر ذكران: ذكر الله عز وجل عند المصيبة ، وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك فيكون حاجزا».[750]

5- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، قال: أخبرني يحيى بن سليم الطائفي ، قال: أخبرني عمرو بن شمر اليماني ، يرفع الحديث إلى علي (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها ، كتب الله له ثلاثمائة درجة ، ما بين الدرجة ، إلى الدرجة ، كما بين السماء إلى الأرض ومن صبر على الطاعة ، كتب الله له ستمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة ، كما بنى تخوم الأرض إلى العرش ومن صبر عن المعصية ، كتب الله له تسعمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة ، كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش».[751]

6- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: قال أبوعبد الله (عليه السلام): «من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه ، كان له من الأجر مثل [752] ألف شهيد».[753]

7- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن مرحوم ، عن أبي سيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا دخل المؤمن في قبره ، كانت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبر مطل عليه ، ويتنحى الصبر ناحية ، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته ، قال الصبر للصلاة والزكاة والبر: دونكم صاحبكم ، فإن عجزتم عنه فأنا دونه».[754]

8- العياشي: عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك ، إن رجلا من أصحابنا ورعا مسلما كثير الصلاة ، قد ابتلي بحب اللهو ، وهويسمع الغناء؟ فقال: «أيمنعه ذلك من الصلاة لوقتها ، أو من صوم ، أو من عبادة مريض ، أو حضور جنازة ، أو زيارة أخ؟» قال: قلت: لا ، ليس يمنعه ذلك من شي‏ء من الخير والبر. قال: فقال: «هذا من خطوات الشيطان ، مغفور له ذلك إن شاء الله».

ثم قال: «إن طائفة من الملائكة عابوا ولد آدم في اللذات والشهوات ، أعني لكم الحلال ليس الحرام ،- قال- فأنف الله للمؤمنين من ولد آدم من تعيير الملائكة لهم- قال- فألقى الله في هم أولئك الملائكة اللذات والشهوات ، كيلا يعيبوا المؤمنين- قال- فلما جرى ذلك في[755] همهم ، عجوا إلى الله من ذلك ، فقالوا: ربنا عفوك عفوك ، ردنا إلى ما خلقتنا له واخترتنا[756] عليه ، فإنا نخاف أن نصير في أمر مريج[757]- قال- فنزع الله ذلك من همهم- قال- فإذا كان يوم القيامة ، وصار أهل الجنة في الجنة ، استأذن أولئك الملائكة على أهل الجنة ، فيؤذن لهم ، فيدخلون عليهم فيسلمون عليهم ، ويقولون لهم: )سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) في الدنيا عن اللذات والشهوات الحلال».[758]

9- عن محمد بن الهيثم ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): )سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) على الفقر في الدنيا )فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)- قال- يعني الشهداء».[759]

وسيأتي- إن شاء الله تعالى- معنى قوله: )والْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ) بابٍ في سورة مريم ، في قوله تعالى: )يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً)[760].

قوله تعالى:

)والَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ويَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ 25)

تقدم عن قريب حديث في معنى هذه الآية ، في قوله تعالى: )الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ولا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ والَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) رواية محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن (عليه السلام)[761].

قوله تعالى:

)الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ- إلى قوله تعالى- طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ 28- 29)

 1- علي بن إبراهيم ، قال: )الَّذِينَ آمَنُوا(: الشيعة ، وذكر الله: أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) ، ثم قال: )أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ) أي حسن مرجع.[762]

2- العياشي: عن خالد بن نجيح ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، في قوله: )أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) فقال: «بمحمد (عليه وآله السلام) تطمئن القلوب ، وهو ذكر الله وحجابه».[763]

3- وعن أنس بن مالك ، أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): )الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ثم قال لي: «أتدري يا بن ام سليم ، من هم؟» قلت: من هم ، يا رسول الله؟ قال: «نحن أهل البيت ، وشيعتنا».[764]

4- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «طوبى: شجرة في الجنة ، في دار أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وليس أحد من شيعته إلا وفي داره غصن من أغصانها ، والورقة من أوراقها تستظل تحتها امة من الأمم». وقال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السلام) ، فأنكرت ذلك عائشة ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عائشة ، إني لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة ، فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى ، وناولني من ثمارها فأكلته ، فحول الله تعالى ذلك ماء ، في ظهري ، فلما هبطت إلى الأرض ، واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها».[765]

5- وعنه: عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)- في حديث الإسراء بالنبي (صلى الله عليه وآله)- ، قال فيما رأى ليلة الإسراء ، قال: «فإذا شجرة لوأرسل طائر في أصلها ، ما دارها سبعمائة [766] سنة ، وليس في الجنة منزل إلا وفيه فنن[767] منها. فقلت: ما هذه يا جبرئيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى ، قال الله تعالى: )طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ)».[768]

6- ابن بابويه: قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد ابن مسعود ، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمركي البوفكي ، عن الحسن بن علي ابن فضال ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي بصير ، قال: قال الصادق (عليه السلام): «طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا ، فلم يزغ قلبه بعد الهداية». فقلت له: جعلت فداك ، وما طوبى؟ قال: «شجرة في الجنة ، أصلها في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وليس من مؤمن الا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عز وجل: )طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ)».[769]

7- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لأهل الدين علامات يعرفون بها: صدق الحديث ، وأداء الأمانة ووفاء العهد ، وصلة الأرحام ، ورحمة الضعفاء ، وقلة المراقبة للنساء- أوقال: قلة المؤاتاة للنساء- وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الخلق ، واتباع العلم وما يقرب إلى الله عز وجل زلفى )طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ) وطوبى: شجرة في الجنة أصلها في دار النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ، وليس من مؤمن إلا وفي داره عصن منها ، لا يخطر على قلبه شهوة شي‏ء إلا أتاه به ذلك ، ولوأن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ، ما خرج منه ، ولوطار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما. ألا ففي هذا فارغبوا ، إن المؤمن من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة ، إذا جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه ، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته ، ألا فهكذا كونوا».[770]

وروى هذا الحديث ، ابن بابويه ، في (أماليه) ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس ، قال: حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن عبد الله بن القاسم ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله ، إلا أن فيه: «وقلة المؤاتاة للنساء» وساق الحديث بتغيير يسير في بعض الألفاظ.

هذا مما يحضرني من نسخة الكتاب ، وهوفي المجلس التاسع والثلاثين[771].

8- العياشي: عن عمروبن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس ذات يوم ، إذ دخلت عليه ام أيمن وفي ملحفتها [772] شي‏ء ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا ام أيمن ، أي شي‏ء في ملحفتك؟ فقالت: يا رسول الله ، فلانة بنت فلانة أملكوها فنثروا عليها ، فأخذت من نثارها شيئا. ثم إن ام أيمن بكت ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك؟ فقالت: فاطمة زوجتها فلم تنثر عليها شيئا! فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تبكي ، فوالذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ، لقد شهد إملاك فاطمة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ألوف من الملائكة ، ولقد أمر الله طوبى فنثرت عليهم من حللها وسندسها وإستبرقها ودرها وزمردها وياقوتها وعطرها ، فأخذوا منه حتى ما دروا ما يصنعون به ، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة ، فهي في دار علي بن أبي طالب».[773]

9- عن أبان بن تغلب ، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله): يكثر تقبيل فاطمة (صلوات الله عليها) ، قال: فعاتبته على ذلك عائشة ، فقالت: يا رسول الله ، إنك لتكثر تقبيل فاطمة؟ فقال لها: «ويلك ، لما أن عرج بي إلى السماء ، مر بي جبرئيل على شجرة طوبى ، فناولني من ثمرها فأكلتها ، فحول الله ذلك إلى ظهري ، فلما أن هبطت إلى الأرض ، واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبلت فاطمة إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها».[774]

10- عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «طوبى: شجرة تخرج من جنة عدن ، قد غرسها ربنا بيده».[775]

11- عن أبي قتيبة تميم بن ثابت ، عن ابن سيرين ، في قوله: )طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ) قال: طوبى: شجرة في الجنة ، أصلها في حجرة علي (عليه السلام) ، وليس في الجنة حجرة إلا فيها غصن من أغصانها.[776]

12- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن المؤمن إذا لقي أخاه وتصافحا ، لم تزل الذنوب تتحات عنهما ما داما متصافحين ، كتحات الورق عن الشجر ، فإذا افترقا ، قال ملكاهما: جزا كما الله خيرا عن أنفسكما ، فإذا التزم كل واحد منهما صاحبه ، ناداهما مناد ، طوبى لكما وحسن مآب ، وطوبى: شجرة في الجنة ، أصلها في دار أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وفرعها في منازل أهل الجنة ، فإذا افترقا ناداهما ملكان كريمان: أبشرا يا وليي الله بكرامة الله ، والجنة من ورائكما».[777]

13- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، ووفاء العهد ، وقلة العجز والبخل ، وصلة الأرحام ، ورحمة الضعفاء ، وقلة المؤاتاة للنساء ، وبذل المعروف ، وحسن الخلق ، وسعة الحلم ، واتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى: (طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ) وطوبى: شجرة في الجنة ، أصلها في دار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها ، لا ينوي في قلبه شيئا إلا أتاه به ذلك الغصن ، ولوأن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ، ما خرج منها ، ولوأن غرابا طار من أصلها ، ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما ، ألا ففي هذا فارغبوا. إن للمؤمن في نفسه شغلا ، والناس منه في راحة ، إذا جن عليه الليل فرش وجهه ، وسجد لله بمكارم بدنه ، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته ، ألا فهكذا فكونوا».[778]

14- الطبرسي: روى الحاكم أبوالقاسم الحسكاني ، بالإسناد عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن طوبى ، قال: شجرة أصلها في داري ، وفروعها على أهل الجنة ، ثم سئل عنها مرة اخرى ، فقال: في دار علي. فقيل له في ذلك ، فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد».[779]

15- وفي كتاب (صفة الجنة والنار) [780]بالإسناد عن عوف ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قول الله تبارك وتعالى: )طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ) «يعني وحسن مرجع ، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة ، ساقها في دار محمد (صلى الله عليه وآله) ، ولوأن طائرا طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم ، على كل ورقة منها ملك يذكر الله ، وليس في الجنة دار إلا وفيها غصن من أغصانها ، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، تحمل لهم ما يشاءون من حليها وحللها وثمارها ، لا يؤخذ منها شي‏ء إلا أعاده الله كما كان ، بأنهم كسبوا طيبا ، وأنفقوا قصدا ، وقدموا فضلا ، فقد أفلحوا وأنجحوا».[781]

16- الشيخ الفقيه أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان ، في (مناقب أمير المؤمنين): بإسناده عن بلال بن حمامة [782] ، قال: طلع علينا النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ووجهه مشرق كدائرة القمر ، فقام عبد الرحمن بن عوف ، فقال: يا رسول الله ، ما هذا النور؟

فقال: «بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي ، وابنتي ، وإن الله قد زوج عليا بفاطمة ، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى ، فحملت رقاعا- يعني صكاكا- بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كل ملك صكا ، فإذا استوت القيامة بأهلها ، نادت الملائكة في الخلائق: يا محبي علي بن أبي طالب ، هلموا خذوا ودائعكم. فلا تلقى محبا [783] لنا أهل البيت إلا دفعت الملائكة إليه صكا فيه فكاكه من النار ، فبأخي وابن عمي وابنتي فكاك رجال ونساء من النار[784]. [785]

وسيأتي هذا الحديث من طريق الجمهور[786].

17- كتاب (الخرائج): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «يا فاطمة ، إن بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي ، وابنتي ، بأن الله عز وجل زوج عليا بفاطمة ، وأمر رضوان- خازن الجنة- فهز شجرة طوبى ، فحملت رقاعا بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ ملائكة من تحتها من نور ، ودفع إلى كل ملك خطا ، فإذا استقرت القيامة بأهلها ، فلا تلقي تلك الملائكة محبا لنا إلا دفعت إليه صكا فيه براءة من النار».[787]

18- ابن بابويه: بإسناده ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أطعم ثلاثة نفر من المؤمنين ، أطعمه الله من ثلاث جنان ملكوت السماء: الفردوس ، وجنة عدن ، وطوبى ، وهي شجرة من جنة عدن غرسها ربي بيده».[788]

19- وعنه: بإسناده ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)- وذكر تفسير حروف (أبجد) إلى آخرها- فقال: وأما الطاء ، فـ( طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ ) وهي شجرة غرسها الله عز وجل ، ونفخ فيها من روحه ، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، تنبت بالحلي والحلل ، والثمار متدلية على أفواهم».[789]

20- وعنه: بإسناده ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): دخلت أم أيمن على النبي (صلى الله عليه وآله) وفي ملحفتها شي‏ء ، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: إن فلانة أملكوها فنثروا عليها ، فأخذت من نثارها. ثم بكت أم أيمن ، فقالت: يا رسول الله ، فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شيئا! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أم أيمن ، لم تبكين؟ إن الله تبارك وتعالى لما زوجت فاطمة عليا ، أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها وزمردها وإستبرقها ، فأخذوا منها ما لا يعلمون ، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة ، فجعلها في منزل علي».[790]

21- ابن شهر آشوب: عن ابن بطة ، وابن المؤذن ، والسمعاني ، في كتبهم ، بالإسناد ، عن ابن عباس ، وأنس بن مالك ، قالا: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس ، إذ جاء علي (عليه السلام) فقال: «يا علي ، ما جاء بك؟» قال: «جئت اسلم عليك» ، قال: «هذا جبرئيل يخبرني أن الله تعالى زوجك فاطمة ، وأشهد على ذلك أربعين ألف ملك ، وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدر والياقوت. فنثرت عليهم الدر والياقوت ، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدر والياقوت ، وهن يتهادين بينهن إلى يوم القيامة ، وكانوا يتهادون ويقولون: هذه تحفة خير النساء».[791]

وفي رواية ابن بطة عن عبد الله: «فمن أخذ منه يومئذ شيئا أكثر مما أخذه صاحبه أوأحسن ، افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة».

22- وعن خباب بن الأرت ، في حديث: «أن الله تعالى أوحى إلى جبرئيل: زوج النور من النور ، فكان الولي الله ، والخطيب جبرئيل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي إسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود ملائكة السماوات والأرضين. ثم أوحى إلى شجرة طوبى: أن انثري ما عليك ، فنثرت الدر الأبيض ، والياقوت الأحمر ، والزبرجد الأخضر واللؤلؤ الرطب ، فبادرت الحور العين يلتقطن ويهدين بعضهن إلى بعض».[792]

23- (كشف الغمة): عن جابر بن سمرة ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أيها الناس ، هذا علي بن أبي طالب ، وأنتم تزعمون أني زوجته ابنتي فاطمة ، ولقد خطبها إلي أشراف قريش فلم أزوجها[793] ، كل ذلك أتوقع الخبر من السماء ، حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان ، فقال: يا محمد ، العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ، وقد جمع الروحانيين والكروبيين في واد يقال له: الأفيح ، تحت شجرة طوبى ، وزوج فاطمة عليا ، وأمرني فكنت الخاطب ، والله تعالى الولي ، وأمر شجرة طوبى فحملت الحلي والدر والياقوت ، ثم نثرته ، وأمر الحور العين فاجتمعن والتقطن [فهن‏] يتهادينه إلى يوم القيامة ، ويقلن: هذا نثار فاطمة».[794]

24- وعن محمد بن سيرين في قوله تعالى: )طُوبى‏ لَهُمْ) قال: هي شجرة في الجنة ، أصلها في حجرة علي (عليه السلام) ، وليس في الجنة حجرة إلا وفيها غصن من أغصانها.[795]

25- ابن الفارسي في (الروضة) ، قال: قال ابن عباس: )طُوبى‏ لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ) طوبى شجرة في الجنة ، في دار علي (عليه السلام) ، ما في الجنة دار إلا وفيها غصن من أغصانها ، ما خلق الله من شي‏ء إلا وهو تحت طوبى ، وتحتها مجمع أهل الجنة ، يذكرون نعمة الله عليهم ، لما تحت طوبى من كثبان المسك كما تحت[796] شجر الدنيا من الرمل.[797]

26- ابن بابويه في (أماليه): بإسناده ، عن عبد الله بن سليمان- وكان قارئا للكتب- في حديث يذكر فيه صفة النبي (صلى الله عليه وآله) ، حديث قدسي عن الله عز وجل ، قال فيه لعيسى (عليه السلام) في صفة النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال سبحانه في الصفة: لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيب الريح ، نكاح النساء ، ذوالنسل القليل ، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة ، لا صخب فيه ولا نصب ، يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك ، لها فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الإسلام وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيامه ، وسمع كلامه. قال عيسى: يا رب ، وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة ، أنا غرستها ، تظل الجنان ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، برده برد الكافور ، وطعمه طعم الزنجبيل ، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبدا.

فقال عيسى: اللهم اسقني منها. قال: حرام- يا عيسى- على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي ، وحرام على الأمم أن يشربوا حتى تشرب امة ذلك النبي ، أرفعك إلي ، ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من امة ذلك النبي العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجال ، أهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم ، إنهم امة مرحومة.[798]

27- ومن طريق المخالفين ، ما رواه موفق بن أحمد ، في كتاب (المناقب): بإسناده عن أحمد بن عامر بن سليمان ، عن الرضا علي بن موسى (عليه السلام) ، قال: «حدثني موسى بن جعفر ، حدثني أبي جعفر بن محمد ، حدثني أبي محمد بن علي ، حدثني أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني ملك فقال: يا محمد ، إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ، ويقول: قد زوجت فاطمة من علي ، فزوجها منه ، وقد أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدر والياقوت والمرجان ، وإن أهل السماء قد فرحوا بذلك ، وسيولد منهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة ، وبهما يزين أهل الجنة ، فأبشر يا محمد ، فإنك خير الأولين والآخرين».[799]

وروى هذا الحديث من طريق الخاصة ابن بابويه ، عن الرضا (عليه السلام)[800].

28- وعن موفق بن أحمد: بإسناده ، عن بلال بن حمامة ، قال: طلع علينا النبي ذات يوم ، ووجهه مشرق كدارة القمر ، فقام عبد الرحمن بن عوف ، فقال: يا رسول الله ، ما هذا النور؟ فقال: «بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي ، وابنتي ، أن الله تعالى قد زوج عليا من فاطمة ، وأمر رضوان‏ - خازن الجنان- فهز شجرة طوبى ، فحملت رقاعا- يعني صكاكا- بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كل ملك صكا ، فإذا كان يوم القيامة ، واستوت القيامة بأهلها ، نادت الملائكة في الخلائق ، فلا تلقى محبا لنا أهل البيت إلا دفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار ، فبأخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من امتي من النار».[801]

29- وعنه أيضا: بإسناده عن أم سلمة ، وسلمان الفارسي ، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وكل قالوا- وذكر حديث تزويج علي من فاطمة (عليهما السلام)- وإن الله (عز وجل) لما أشهد على تزويج فاطمة من علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ملائكته ، أمر شجرة طوبى أن تنثر حملها وما فيها من الحلي والحلل ، فنثرت الشجرة ما فيها ، والتقطته الملائكة والحور العين ، وإن الحور والملائكة ليتهادينه ويفتخرن به إلى يوم القيامة.[802]

30- وعن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، ما في الجنة دار ولا قصر ولا حجرة ولا بيت إلا وفيه غصن من تلك الشجرة ، وإن أصلها في داري». ثم أتى عليه ما شاء الله ، ثم حدثهم يوما آخر ، فقال: «إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، ما في الجنة قصر ولا بيت ولا دار إلا وفيه من تلك الشجرة غصن ، وإن أصلها في دار علي» فقام عمر فقال: يا رسول الله ، أوليس حدثنا عن هذه ، وقلت: أصلها في داري؟ ثم حدثتنا ثانيا وتقول: أصلها في دار علي؟ فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) رأسه وقال: «أوما علمت بأن داري ودار علي واحدة ، وحجرتي وحجرة علي واحدة ، وقصري وقصر علي واحد ، ودرجتي ودرجة علي واحدة وستري وستر[803] علي واحد».

فقال: إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله ، كيف يصنع؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله): «إذا أراد أن يأتي أحدنا أهله ، ضرب الله بيني وبينه حجابا من نور ، فإذا فرغنا من تلك الحاجة ، رفع الله عنا ذلك الحجاب» فعرف عمر حق علي (عليه السلام).[804]

31- ومن تفسير الثعلبي: يرفع الإسناد إلى جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن طوبى ، فقال: شجرة في الجنة ، أصلها في دار علي ، وفرعها على أهل الجنة. فقالوا: يا رسول الله ، سألناك فقلت: أصلها في داري ، وفرعها على أهل الجنة؟! فقال: داري ودار علي واحدة في الجنة ، بمكان واحد».[805]

قوله تعالى:

)ولَوأَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوقُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوكُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏ 31 )

1- علي بن إبراهيم ، قال: لوكان شي‏ء من القرآن كذلك ، لكان هذا.[806]

2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر- أوغيره- عن محمد بن حماد ، عن أخيه أحمد بن حماد ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) ، قال: قلت له: جعلت فداك ، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم». قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعلم منه».

قال: قلت: إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله؟ قال: «صدقت ، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقدر على هذه المنازل».

قال: وقال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره ، فقال: )ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ)[807] حين فقده فغضب عليه ، فقال: )لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَولَأَذْبَحَنَّهُ أَولَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)[808] وإنما غضب لأنه كان يدله على الماء ، فهذا وهوطائر قد اعطي ما لم يعط سليمان ، وقد كانت الريح والنمل والإنس والجن والشياطين والمردة له طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه. وإن الله يقول في كتابه )ولَو أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَو قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَو كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيا به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء. وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به ، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، وجعله الله لنا في ام الكتاب ، إن الله يقول: )وما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ والْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)[809] ثم قال: )ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)[810] فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي‏ء».[811]

وروى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن محمد بن الحسين [812] ، عن حماد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) ببعض التغيير اليسير[813].

قوله تعالى:

)أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَويَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً- إلى قوله تعالى- ومِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ 31- 36 )

 1- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: )أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَويَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) يعني جعلهم كلهم مؤمنين. وقوله: )ولا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ) أي عذاب.[814]

2- وعنه ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )ولا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ): «وهي النقمة )أَوتَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) فتحل بقوم غيرهم ، فيرون ذلك ويسمعون به ، والذين حلت بهم عصاة كفار مثلهم ، ولا يتعظ بعضهم ببعض ، ولا يزالون كذلك حتى يأتي وعد الله الذي وعد المؤمنين من النصر ، ويخزي الله الكافرين».[815]

3- ثم قال علي بن إبراهيم ، في قوله: )فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أي طولت لهم الأمل ، ثم أهلكتهم.[816]

4- ثم قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )أَفَمَنْ هُوقائِمٌ عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) الظاهر من القول هوالرزق».[817]

5- ثم قال علي بن إبراهيم في قوله: )وما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ) أي من دافع )وعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ) أي عاقبة ثوابهم النار.[818]

6- وعنه: قال: أبوعبد الله (عليه السلام): «إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، وقد أطفئت سبعين مرة بالماء ثم التهبت ، ولولا ذلك ما استطاع آدمي أن يطفئها ، وإنها ليؤتى بها يوم القيامة حتى توضع على النار ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه فزعا من صرختها».[819]

7- ثم قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) «فرحوا بكتاب الله إذا تلي عليهم ، وإذا تلوه تفيض أعينهم دمعا من الفزع والحزن ، وهوعلي بن أبي طالب (عليه السلام)».

وهي في قراءة ابن مسعود: (والذي أنزلنا إليك الكتاب هوالحق ، ومن يؤمن به) أي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يؤمن به (ومِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) أنكروا من تأويله ما أنزله في علي وآل محمد (صلوات الله عليهم) ، وآمنوا ببعضه ، فأما المشركون ، فأنكروه كله ، أوله وآخره ، وأنكروا أن محمدا رسول الله.[820]

قوله تعالى:

)ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً 38 )

1- محمد بن يعقوب: بإسناده عن سهل ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن الوليد الكندي ، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) في زمن مروان ، فقال: «من أنتم؟» فقلنا: من أهل الكوفة ، فقال: «ما من بلدة من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة ، ولا سيما هذه العصابة ، إن الله جل ذكره هداكم لأمر جهله الناس ، وأحببتمونا وأبغضنا الناس ، واتبعتمونا وخالفنا الناس ، وصدقتمونا وكذبنا الناس ، فأحياكم الله محيانا ، وأماتكم مماتنا ، فأشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما يقر الله به عينيه ويغتبط إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه- وأهوى بيده إلى حلقه- وقد قال الله عز وجل في كتابه: )ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً) فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله)».[821]

وروى هذا الحديث الشيخ في (أماليه) ، بإسناده عن العباس ، عن عبد الله بن الوليد ، قال: دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمنا عليه ، وجلسنا بين يديه ، فسألنا: «من أنتم؟» فقلنا: من أهل الكوفة ، وذكر الحديث[822].

2- العياشي: عن معاوية بن وهب ، قال: سمعته يقول: «الحمد لله ، نافع عبد آل عمر[823] كان في بيت حفصة ويأتيه الناس وفودا ، فلا يعاب ذلك عليهم ، ولا يقبح عليهم ، وإن أقواما يأتونا صلة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فيأتونا خائفين مستخفين ، يعاب ذلك ويقبح عليهم ، ولقد قال الله في كتابه: )ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً) فما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا كأحد أولئك ، جعل الله له أزواجا ، وجعل له ذرية ، ثم لم يسلم مع أحد من الأنبياء [مثل‏] من أسلم مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته ، أكرم الله بذلك رسوله (صلى الله عليه وآله)».[824]

3- عن بشير الدهان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما آتى الله أحدا من المرسلين شيئا ، إلا وقد آتاه محمدا (صلى الله عليه وآله) ، وقد آتى الله محمدا كما آتى المرسلين من قبله» ثم تلا هذه الآية: )ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً).[825]

4- عن علي بن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يغبط أويرى ما تقربه عينه ، إلا أن تبلغ نفسه هذه- وأهوى إلى حلقه- ، قال الله في كتابه: )ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً) فنحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله)».[826]

5- عن المفضل بن صالح ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلق الله الخلق قسمين ، فألقى قسما ، وأمسك قسما ، ثم قسم ذلك القسم على ثلاثة أثلاث ، فألقى ثلثين وأمسك ثلثا ، ثم اختار من ذلك الثلث قريشا ، ثم اختار من قريش بني عبد المطلب ، ثم اختار من بني عبد المطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فنحن ذريته ، فإن قلت للناس: لرسول الله ذرية ، جحدوا ، ولقد قال الله: )ولَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وذُرِّيَّةً) فنحن ذريته». قال: فقلت: أنا أشهد أنكم ذريته. ثم قلت له: ادع الله لي- جعلت فداك- أن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة. فدعا لي ذلك ، قال: وقبلت باطن يده.[827]

6- وفي رواية شعيب ، عنه (عليه السلام) أنه قال: «نحن ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والله ما أدري على ما يعادوننا! إلا لقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)».[828]

قوله تعالى:

)يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ 39 )

1- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وحفص ابن البختري وغيرهما ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في هذه الآية: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ) قال: فقال: «وهل يمحى إلا ما كان ثابتا ، وهل يثبت إلا ما لم يكن؟».[829]

2- وعنه: عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وعلم علمه ملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون ، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده مخزون ، يقدم منه ما يشاء ، ويؤخر منه ما يشاء ، ويثبت ما يشاء».[830]

3- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عبد الله بن سنان قال: لما قدم أبوعبد الله (عليه السلام) على أبي العباس ، وهوبين الحيرة [831] والكوفة [832] ومعه ابن شبرمة القاضي ، فقال له: إلى أين يا أبا عبد الله؟ فقال: «أردتك» فقال: قد قصر الله خطاك. قال: فمضى معه فقال له ابن شبرمة: ما تقول يا أبا عبد الله ، في شي‏ء سألني عنه الأمير ، فلم يكن عندي فيه شي‏ء؟ فقال: «وما هو؟» قال: سألني عن أول كتاب كتب في الأرض. فقال: «نعم ، إن الله عز وجل عرض على آدم (عليه السلام) ذريته عرض العين في صور الذر ، نبيا فنبيا ، وملكا فملكا ، ومؤمنا فمؤمنا ، وكافرا فكافرا ، فلما انتهى إلى داود (عليه السلام) ، قال: من هذا الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره؟- قال- فأوحى الله عز وجل إليه: هذا ابنك داود ، عمره أربعون سنة ، وإني قد كتبت الآجال وقسمت الأرزاق ، وأنا أمحو ما أشاء واثبت وعندي أم الكتاب ، فإن جعلت له شيئا من عمرك ، ألحقته له. قال: يا رب ، قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة ،- قال- فقال الله عز وجل لجبرئيل وميكائيل وملك الموت: اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى- قال- فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم من طينة عليين».

قال: «فلما حضرت آدم الوفاة ، أتاه ملك الموت ، فقال آدم: يا ملك الموت ، ما جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك. قال: قد بقي من عمري ستون سنة ، فقال: إنك جعلتها لا بنك داود- قال- ونزل عليه جبرئيل ، وأخرج له الكتاب» فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «فمن أجل ذلك ، إذا اخرج الصك على المديون ذل المديون ، فقبض روحه».[833]

4- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «إن الله عز وجل ، عرض على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم- قال- فمر بآدم اسم داود النبي ، فإذا عمره في العالم أربعون سنة ، فقال آدم (عليه السلام): يا رب ، ما أقل عمر داود وما أكثر عمري! يا رب ، إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة ، أثبت ذلك له؟ قال: نعم يا آدم. قال: فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة ، فأنفذ ذلك له ، وأثبتها له عندك واطرحها من عمري».

قال أبوجعفر (عليه السلام): «فأثبت الله عز وجل لداود في عمره ثلاثين سنة ، وكانت له عند الله مثبتة ، وذلك قول الله عز وجل: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)- قال- فمحا الله ما كان عنده مثبتا لآدم ، وأثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا».

قال: «فمضى عمر آدم ، فهبط عليه ملك الموت ليقبض روحه ، فقال له آدم: يا ملك الموت ، إنه قد بقي من عمري ثلاثون سنة. فقال له ملك الموت: يا آدم ، ألم تجعلها لا بنك داود النبي ، وطرحتها من عمرك حين عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك ، وعرضت عليك أعمارهم ، وأنت يومئذ بوادي الروحاء؟- قال- فقال له آدم: ما أذكر هذا- قال- فقال له ملك الموت: يا آدم ، لا تجحد ، ألم تسأل الله عز وجل أن يثبتها لداود ، ويمحوها من عمرك ، فأثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك في الذكر؟ قال آدم: حتى أعلم ذلك».

قال أبوجعفر (عليه السلام): «وكان آدم صادقا ، لم يذكر ولم يجحد ، فمن ذلك اليوم أمر الله تبارك وتعالى العباد ، أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل مسمى ، لنسيان آدم وجحوده ما جعل على نفسه».[834]

5- علي بن إبراهيم: قال حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كانت ليلة القدر ، نزلت الملائكة والروح والكتبة إلى سماء الدنيا ، فيكتبون ما يكون من قضاء الله تبارك وتعالى في تلك السنة ، فإذا أراد الله أن يقدم أويؤخر أوينقص شيئا أويزيده ، أمر الملك أن يمحوما يشاء ، ثم أثبت الذي أراد». قلت: وكل شي‏ء عنده بمقدار مثبت في كتابه؟ قال: «نعم» قلت: فأي شي‏ء يكون بعد؟ قال: «سبحان الله ، ثم يحدث الله أيضا ما يشاء ، تبارك الله وتعالى».[835]

6- الشيخ في (أماليه): عن شيخه (رحمه الله) ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال: سئل أبوجعفر (عليه السلام) عن ليلة القدر ، فقال: «تنزل فيها الملائكة والروح والكتبة إلى سماء الدنيا ، فيكتبون ما هوكائن في أمر السنة ، وما يصيب العباد فيها ، وأمر موقوف لله تعالى فيه [836] المشيئة ، يقدم فيه ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، وهوقوله تعالى: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)».[837]

7- وعنه ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي بسر من رأى ، قال: حدثني أبي عبد الصمد بن موسى ، قال: حدثني عمي عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم ، عن أبيه محمد بن إبراهيم ، قال: بعث أبوجعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) ، وأمر بفرش فطرحت إلى جانبه ، فأجلسه عليها ، ثم قال: علي بمحمد ، علي بالمهدي. يقول ذلك مرارا ، فقيل له: الساعة يأتي يا أمير المؤمنين ، ما يحبسه إلا أنه يتبخر. فما لبث أن وافى ، وقد سبقته رائحته ، فأقبل المنصور على جعفر (عليه السلام) ، فقال: يا أبا عبد الله ، حديث حدثنيه في صلة الرحم ، اذكره يسمعه المهدي.

قال: «نعم ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي (عليهم السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين ، فيصيرها الله عز وجل ثلاثين سنة ، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة ، فيصيرها الله عز وجل ثلاث سنين ، ثم تلا (عليه السلام): (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» الآية.

قال: هذا حسن- يا أبا عبد الله- وليس إياه أردت ، قال أبوعبد الله: «نعم ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي (عليهم السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلة الرحم تعمر الديار ، وتزيد في الأعمار ، وإن كان أهلها غير أخيار».

قال: هذا حسن يا أبا عبد الله ، وليس هذا أردت ، فقال أبوعبد الله (عليه السلام): «نعم ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي (عليهم السلام) ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلة الرحم تهون الحساب ، وتقي ميتة السوء» قال المنصور: نعم إياه أردت.[838]

8- العياشي: عن علي بن عبد الله بن مروان ، عن أيوب بن نوح ، قال: قال لي أبوالحسن العسكري (عليه السلام)- وأنا واقف بين يديه بالمدينة- ابتداء من غير مسألة: «يا أيوب ، إنه ما نبأ الله من نبي إلا بعد أن يأخذ عليه ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلا الله ، وخلع الأنداد من دون الله ، وأن لله المشيئة يقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، أما إنه إذا جرى الاختلاف بينهم ، لم يزل الاختلاف بينهم إلى أن يقوم صاحب الأمر».[839]

9- عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خلال: الإقرار لله بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء».[840]

10- عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن ليلة القدر. فقال: «ينزل فيها الملائكة والكتبة ، إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون من أمر السنة ، وما يصيب العباد ، وأمر عنده موقوف ، له فيه المشيئة ، فيقدم منه ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويمحوويثبت ، وعنده أم الكتاب».[841]

11- عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: «لولا آية في كتاب الله ، لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة». فقلت له: أية آية؟ فقال: «قول الله: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)».[842]

12- عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال: «هل يثبت إلا ما لم يكن ، وهل يمحوإلا ما كان».[843]

13- عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله لم يدع شيئا كان أويكون إلا كتبه في كتاب ، فهوموضوع بين يديه ينظر إليه ، فما شاء منه قدم ، وما شاء منه أخر ، وما شاء منه محا ، وما شاء منه كان ، وما لم يشأ لم يكن».[844]

14- عن حمران ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ فقال: «يا حمران ، إنه إذا كان ليلة لقدر ، ونزلت الملائكة الكتبة إلى السماء الدنيا ، فيكتبون ما يقضى في تلك السنة من أمر ، فإذا أراد الله أن يقدم شيئا أويؤخره ، أوينقص منه أويزيد ، أمر الملك فمحا ما يشاء ، ثم أثبت الذي أراد». قال: فقلت له عند ذلك: فكل شي‏ء يكون فهوعند الله في كتاب؟ قال: «نعم».

قلت: فيكون كذا وكذا ، ثم كذا وكذا حتى ينتهي إلى آخره؟ قال: «نعم».

قلت: فأي شي‏ء يكون بيده بعد؟ قال: «سبحان الله ، ثم يحدث الله أيضا ما شاء ، تبارك الله وتعالى».[845]

15- عن الفضيل ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العلم علمان: علم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه ، وعلم عنده مخزون ، لم يطلع عليه أحد ، يحدث فيه ما يشاء».[846]

16- عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك وتعالى كتب كتابا فيه ما كان وما هوكائن ، فوضعه بين يديه ، فما شاء منه قدم ، وما شاء منه آخر ، وما شاء منه محا ، وما شاء منه أثبت ، وما شاء منه كان ، وما لم يشأ لم يكن».[847]

17- عن الفضيل ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «من الأمور أمور محتومة كائنة لا محالة ، ومن الأمور امور موقوفة عند الله ، يقدم فيها ما يشاء ويمحوما يشاء ويثبت منها ما يشاء ، لم يطلع على ذلك أحدا- يعني الموقوفة- فأما ما جاءت به الرسل ، فهي كائنة ، لا يكذب نفسه ولا نبيه ولا ملائكته».[848]

18- عن أبي حمزة الثمالي ، قال: قال أبوجعفر وأبوعبد الله (عليهما السلام): «يا أبا حمزة ، إن حدثناك بأمر أنه يجي‏ء من هاهنا فجاء من هاهنا ، فإن الله يصنع ما يشاء ، وإن حدثناك اليوم بحديث ، وحدثناك غدا بخلافه ، فإن الله يمحو مايشاء ويثبت».[849]

19- عن حماد بن عيسي ، عن ربعي ، عن الفضيل بن يسار ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه ، فما علم ملائكته [ورسله‏] [850] فإنه سيكون ، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، علم عنده مخزون ، يقدم فيه ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويمحوما يشاء ، ويثبت ما يشاء».[851]

20- عن عمروبن الحمق ، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) حين ضرب على قرنه ، فقال لي: «يا عمرو ، إني مفارقكم» ، ثم قال: «سنة إلى السبعين فيها بلاء» قالها ثلاثا.

فقلت فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني ، واغمنى عليه ، فبكت ام كلثوم فأفاق فقال: يا ام كلثوم لا تؤذيني ، فانك لوقد ترين ما ارى لم تبكى ، ان الملائكة فى السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيين خلفهم وهذا محمد (صلى الله عليه وآله) أخذ بيدي ، يقول: انطلق يا على فما امامك خير لك مما أنت فيه. فقلت: بأبي أنت وأمي ، قلت لي: إلي السبعين بلاء ، فهل بعد السبعين رخاء؟ فقال: «نعم يا عمرو ، وإن بعد البلاء رخاء و)يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)».[852]

21- قال أبوحمزة: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن عليا كان يقول: «إلى السبعين بلاء ، وبعد السبعين رخاء» وقد مضت السبعون ولم يروا رخاء؟

فقال لي أبوجعفر (عليه السلام): «يا ثابت ، إن الله كان قد وقت هذا الأمر في السبعين ، فلما قتل الحسين (صلوات الله عليه) ، اشتد غضب الله على أهل الأرض ، فأخره إلى أربعين ومائة سنة ، فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر ، فأخره الله ولم يجعل لذلك عندنا وقتا» ثم قال: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).[853]

22- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله إذا أراد فناء قوم ، أمر الفلك فأسرع الدور بهم ، فكان ما يريد من النقصان ، فإذا أراد الله بقاء قوم ، أمر الفلك فأبطأ الدور بهم ، فكان ما يريد من الزيادة ، فلا تنكروا ، فإن الله يمحوما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب».[854]

23- عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله يقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء ، وعنده ام الكتاب ،- وقال- لكل أمر يريده الله فهوفي علمه قبل أن يصنعه ، وليس شي‏ء يبدو له إلا وقد كان في علمه ، إن الله لا يبدو له من جهل».[855]

24- عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك وتعالى أهبط إلى الأرض ظللا من الملائكة على آدم (عليه السلام) وهو بواد يقال له الروحاء ، وهو واد بين الطائف ومكة- قال- فمسح على ظهر آدم ثم صرخ بذريته وهم ذر- قال- فخرجوا كما يخرج النحل من كورها ، فاجتمعوا على شفير الوادي. فقال الله تعالى لآدم (عليه السلام): انظر ماذا ترى؟ فقال آدم (عليه السلام): ذرا كثيرا على شفير الوادي. فقال الله: يا آدم ، هؤلاء ذريتك أخرجتهم من ظهرك لأخذ عليهم الميثاق لي بالربوبية ، ولمحمد بالنبوة ، كما أخذت عليهم في السماء. قال آدم (عليه السلام): يا رب ، وكيف وسعتهم ظهري؟ قال الله تعالى: يا آدم ، بلطف صنعي ونافذ قدرتي. قال آدم: يا رب ، فما تريد منهم في الميثاق؟ فقال الله: أن لا يشركوا بي شيئا. قال آدم: فمن أطاعك منهم يا رب ، فما جزاؤه؟ قال الله: اسكنه جنتي ، قال آدم: فمن عصاك فما جزاؤه؟ قال: اسكنه ناري. قال آدم: يا رب ، لقد عدلت فيهم ، وليعصينك أكثرهم إن لم تعصمهم».

قال أبوجعفر (عليه السلام): «ثم عرض الله على آدم أسماء الأنبياء ، وأعمارهم- قال- فمر آدم باسم داود النبي (عليه السلام) ، فإذا عمره أربعون سنة ، فقال: يا رب ، ما أقل عمر داود وأكثر عمري! يا رب ، إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة ، أ ينفذ ذلك له. قال: نعم يا آدم. قال: فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة فأنفذ ذلك له ، وأثبتها له عندك ، واطرحها من عمري».

قال: «فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة ، ولم تكن له عند الله مثبتة ، ومحا من عمر آدم ثلاثين سنة ، وكانت له عند الله مثبتة». فقال أبوجعفر (عليه السلام): «فذلك قول الله: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)- قال- فمحا الله ما كان عنده مثبتا لآدم ، وأثبت لداود (عليه السلام) ما لم يكن عنده مثبتا».

قال: «فلما دنا عمر آدم (عليه السلام) ، هبط عليه ملك الموت (عليه السلام) ليقبض روحه ، فقال له آدم (عليه السلام): يا ملك الموت ، قد بقي من عمري ثلاثون سنة. فقال له ملك الموت: أ لم تجعلها لابنك داود النبي ، وطرحتها من عمرك حيث عرض الله عليك أسماء الأنبياء من ذريتك ، وعرض عليك أعمارهم ، وأنت يومئذ بوادي الروحاء؟ فقال آدم: يا ملك الموت ، ما أذكر هذا.

فقال له ملك الموت: يا آدم ، لا تجهل ، ألم تسأل الله أن يثبتها لداود ويمحوها من عمرك ، فأثبتها لداود في الزبور ، ومحاها من عمرك من الذكر؟- قال- فقال آدم: فأحضر الكتاب حتى أعلم ذلك».

قال أبوجعفر (عليه السلام): «وكان آدم صادقا ، لم يذكر ولم يجحد». قال أبوجعفر (عليه السلام): «فمن ذلك اليوم ، أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل مسمى ، لنسيان آدم وجحوده ما جعل على نفسه».[856]

25- عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) سئل عن قول الله: )يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) قال: «إن ذلك الكتاب كتاب يمحو الله فيه ما يشاء ويثبت ، فمن ذلك الذي يرد الدعاء القضاء ، وذلك الدعاء مكتوب عليه: الذي يرد به القضاء ، حتى إذا صار إلى أم الكتاب ، لم يغن الدعاء فيه شيئا».[857]

26- عن الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره إلا ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث وثلاثين سنة ، وإن المرء ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة ، فيقصرها الله ثلاث سنين أو أدنى» قال الحسين: وكان جعفر (عليه السلام) يتلوهذه الآية (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).[858]

27- صاحب (الثاقب في المناقب) عن أبي هاشم الجعفري ، قال: سأل محمد بن صالح الأرضي أبا محمد ، يعني الحسن العسكري (عليه السلام) عن قول الله: (يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) فقال (عليه السلام): «هل يمحو إلا ما كان ، وهل يثبت إلا ما لم يكن؟!».

فقلت في نفسي: هذا خلاف قول هشام ، إنه لا يعلم بالشي‏ء حتى يكون. فنظر إلي أبومحمد (عليه السلام) ، وقال: «الله تعالى ، الجبار ، العالم بالأشياء قبل كونها ، الخالق إذ لا مخلوق ، والرب إذ لا مربوب ، والقادر قبل المقدور عليه» ، فقلت: أشهد أنك حجة الله ، ووليه بقسط ، وأنك على منهاج أمير المؤمنين (عليه السلام).[859]

 

قوله تعالى:

(أولَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها- إلى قوله تعالى- وسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ 41- 42)

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عمن ذكره ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان علي بن الحسين (عليهما السلام) ، يقول: إنه يسخي نفسي في سرعة الموت أو القتل فينا ، قول الله عز وجل: (أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) وهو فقد[860] العلماء».[861]

2- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها».[862]

3- ابن شهر آشوب: عن تفسير وكيع ، وسفيان ، والسدي ، وأبي صالح ، أن عبد الله بن عمر قرأ قوله تعالى: (أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) يوم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقال: يا أمير المؤمنين ، لقد كنت الطرف الأكبر في العلم ، اليوم نقص علم الإسلام ، ومضى ركن الإيمان.[863]

4- الزعفراني ، عن المزني ، عن الشافعي ، عن مالك ، السدي ، عن أبي صالح ، قال: لما قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، قال ابن عباس: هذا اليوم نقص[864] العلم من أرض المدينة. ثم قال: إن نقصان الأرض ، نقصان علمائها وخيار أهلها ، إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم ، اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فيسألوا فيفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا.[865]

5- ابن بابويه في (الفقيه) مرسلا: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز وجل: (أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) فقال: «فقد العلماء».[866]

6- علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: موت علمائها. وقال: قوله: (واللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) أي لا مدافع[867]. وقوله (وقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) قال: المكر من الله هوالعذاب (وسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ أي ثواب القيامة).[868]

قوله تعالى :

) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتاب 43  (

1- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ، ومحمد بن يحيي ، عن محمد بن الحسن، عمن ذكره، جميعا عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(، قال: «إيانا عنى ، وعلي (عليه السلام) أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله)». [869]

2- وعنه: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه ، عن سدير قال: كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) إذ خرج الينا وهومغضب ، فلما أخذ مجلسه قال: «يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني ، فماعلمت في أي بيوت الدار هي».

قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله ، دخلت أنا وأبو بصير وميسر ، وقلنا له: جعلنا فداك ، سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ، ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ، ولا ننسبك إلى علم الغيب! قال: فقال: «يا سدير ، أما تقرأ القرآن؟» قلت: بلى. قال: «فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل )قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ اليك طَرْفُكَ([870]» قال: قلت: جعلت فداك ، قد قرأته. قال: «فهل عرفت الرجل ، وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟» قال: قلت: أخبرني به ، قال: «قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر ، فما يكون ذلك من علم الكتاب؟» قال: قلت: جعلت فداك، ما أقل هذا! فقال: «يا سدير ، ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا:)قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(؟ قال: قلت: قد قرأته ، جعلت فداك ، قال: «أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم ، أم من عنده علم الكتاب بعضه؟». قلت: لا ، بل من عنده علم الكتاب كله ، فأومأ بيده إلى صدره ، وقال: «علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا».[871]

وروى هذا الحديث الصفار: في (بصائر الدرجات) بتغيير يسير بزيادة ونقصان[872].

3- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الذي عنده علم الكتاب هوأمير المؤمنين (عليه السلام)». وسئل عن الذي عنده علم من الكتاب أعلم ، أم الذي عنده علم الكتاب؟ فقال: «ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب ، إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن العلم الذي هبط به آدم (عليه السلام) من السماء إلى الأرض ، وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين ، في عترة خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)». [873]

4- محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن‏ بكير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطى من العلم ، وما اوتى من الملك ، فقال لي: «وما أعطي سليمان بن داود؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم ، وصاحبكم الذي قال الله:)قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ( كان والله عند علي (عليه السلام) علم الكتاب». فقلت: صدقت والله ، جعلت فداك. [874]

5- وعنه: عن أحمد بن موسى ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:)قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ اليك طَرْفُكَ([875] قال: ففرج أبو عبد الله (عليه السلام) بين أصابعه ، فوضعها على صدره ، ثم قال: «والله عندنا علم الكتاب كله».[876]

6- وعنه: عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالى ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى: )ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. قال: «الذي عنده علم الكتاب هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام)». [877]

7- وعنه: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جابر ، قال: قال أبو  جعفر (عليه السلام) في هذه الآية )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. قال: «هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام). [878]

8- وعنه: عن محمد بن الحسين ، ويعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد ابن معاوية ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(.[879]

9- وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بعض أصحابنا ، قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السلام) في المسجد أحدثه ، إذ مر بعض ولد عبد الله بن سلام ، فقلت: جعلت فداك ، هذا ابن الذي يقول الناس: عنده علم الكتاب. فقال: «لا ، إنما ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) نزلت فيه خمس آيات ، إحداها: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(».[880]

10- وعنه: عن عبد الله ، بن محمد ، عمن رواه ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن محمد بن مروان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. قال: «نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، إنه عالم هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)». [881]

11- وعنه: عن أبي الفضل العلوي ، قال: حدثني سعيد بن عيسى الكريزي البصري ، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن شريك بن عبد الله ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي تمام ، عن سلمان الفارسي (رحمه الله) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. فقال: «أنا هوالذي عنده علم الكتاب». وقد صدقه الله وأعطاه الوسيلة في الوصية ، فلا تخلى أمته [882] من وسيلة اليه وإلى الله ، فقال: )يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وابْتَغُوا اليه الْوَسِيلَةَ[883](. [884]

12- ابن بابويه: قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن عمروبن مغلس ، عن خلف ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قول الله جل ثناؤه:)قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ([885] قال: «ذاك وصي أخي سليمان بن داود». فقلت له: يا رسول الله ، فقول الله عز وجل:)قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ( قال: «ذاك أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)». [886]

13- العياشي: عن بريد بن معاوية العجلي ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. قال: «إيانا عنى ، وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله)». [887]

14- عن عبد الله بن عطاء، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) هذا ابن عبد الله بن سلام ، يزعم أن أباه الذي يقول الله: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(؟ قال: «كذب ، هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام)». [888]

15- عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. فقال: «نزلت في علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي الأئمة بعده ، وعلي (عليه السلام) عنده علم الكتاب».[889]

16- وعن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(. قال: «نزلت في علي (عليه السلام)، إنه عالم هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)». [890]

17- ابن الفارسي في (الروضة) ، قال: قال الباقر (عليه السلام): «)ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ( علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنده علم الكتاب ، الأول والآخر».[891]

18- الطبرسي في كتاب (الاحتجاج): روي عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الله بن الوليد السمان ، قال: قال أبوعبد الله (عليه السلام): «ما تقول الناس في اولي العزم ، وعن صاحبكم؟» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام). قال: قلت: ما يقدمون على اولي العزم أحدا. قال: فقال: «إن الله تبارك وتعالى قال عن موسى: )وكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً [892](ولم يقل: كل شي‏ء. وقال عن عيسى: )ولِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [893](ولم يقل: كل الذي تختلفون ، وقال عن صاحبكم- يعني أمير المؤمنين (عليه السلام)-: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ( وقال الله عز وجل: )ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ([894] وعلم هذا الكتاب عنده».[895]

19- ابن شهر آشوب: عن محمد بن مسلم ، وأبي حمزة الثمالى ، وجابر بن يزيد ، عن الباقر (عليه السلام) ، وعلي بن فضال والفضيل بن يسار ، وأبي بصير ، عن الصادق (عليه السلام) ، وأحمد بن عمر الحلبي ، ومحمد بن الفضيل ، عن الرضا (عليه السلام) ، وقد روي عن موسى بن جعفر ، وعن زيد بن علي (عليهم السلام) ، وعن محمد بن الحنفية ، وعن سلمان الفارسي ، وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنهم) وعن إسماعيل السدي: أنهم قالوا في قوله تعالى: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ(: «هوعلي بن أبي طالب (عليه السلام)». [896]

20- والثعلبي في (تفسيره) بإسناده عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وروي عن عبد الله بن عطاء ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنه قيل لهما ، زعموا أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام؟ قال: «لا ، ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)». [897]

21- وروي أنه سئل سعيد بن جبير )ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ( عبد الله بن سلام؟ قال: لا ، وكيف وهذه السورة مكية؟.[898]

22- وقد روي عن ابن عباس: لا والله ، ما هو إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لقد كان عالما بالتفسير والتأويل والناسخ والمنسوخ والحلال والحرام. [899]

23- وروي عن ابن الحنفية: أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنده علم الكتاب ، الأول والآخر ، رواه النطنزي في (الخصائص). [900]

24- ومن طريق المخالفين: ما رواه الثعلبي بطريقين في معني )ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ( أنه علي ابن أبي طالب (عليه السلام)»[901].

25- وما رواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي بإسناده، عن علي بن عابس، قال: دخلت أنا وأبومريم علي عبد الله بن عطاء، قال أبو مريم: حدث عليا بالحديث الذي حدثتني عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا إذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام ، قلت: جعلني الله فداك ، هذا ابن الذي عنده علم الكتاب؟ قال: «لا ، ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عز وجل )ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ، (أَفَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ[902](، )إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ([903] الآية.  [904]

المستدرك (سورة الرعد)

قوله تعالى :

)وفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا ومَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ 26 (

1- الطبرسي في (مكارم الأخلاق) عن عبد الله بن مسعود- في حديث طويل- عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه قال له: «يا ابن مسعود: ما ينفع من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار )يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ([905] يبنون الدور ويشيدون القصور ، ويزخرفون المساجد ، ليست همتهم إلا الدنيا ، عاكفون عليها ، معتمدون فيها ، آلهتهم بطونهم ، قال الله تعالى: )وتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ([906]. وقال الله تعالى: )أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى‏ عِلْمٍ وخَتَمَ عَلى‏ سَمْعِهِ وقَلْبِهِ( الى قوله: )أَفَلا تَذَكَّرُونَ([907] وما هوإلا منافق ، جعل دينه هواه وإلهه بطنه ، كل ما اشتهي من الحلال والحرام لم يمتنع منه ، قال الله تعالى: )وفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا ومَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ(».[908]

قوله تعالى :

)كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ- الى قوله تعالى- بِالرَّحْمنِ 30 (

2- الطبرسي في (مجمع البيان): عن قتادة ومقاتل وابن جريج، في قوله تعالى: )كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ ...(  نزلت في صلح الحديبية حين أرادوا كتاب الصلح فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم». فقال: سهيل بن عمرووالمشركون: ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة- يعنون مسيلمة الكذاب- اكتب: باسمك اللهم . وهكذا كان أهل الجاهلية يكتبون.

ثم قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله». فقال مشركو قريش: لئن كنت رسول الله ثم قاتلناك وصددناك لقد ظلمناك ، ولكن اكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله. فقال اصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله): دعنا نقاتلهم. قال: «لا ، ولكن اكتبوا كما يريدون» فأنزل الله عز وجل )كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ( الآية. [909]

وعن ابن عباس: انها نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي (صلي الله عليه وآله): اسجدوا للرحمن قالوا: وما الرحمن!.

)سورة ابراهيم‏(

)سورة ابراهيم فضلها(

1- ابن بابويه: بإسناده عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: «من قرا سورة ابراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة ، لم يصبه فقر ابدا ، ولا جنون ولا بلوى».[910]

2- العياشي: عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من قرا سورة ابراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل جمعة ، لم يصبه فقر ابدا ، ولا جنون ، ولا بلوى».[911]

3- ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلي الله عليه وآله) انه قال: «من قرا هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد من عبد الأصنام، وعدد من لم يعبدها ، ومن كتبها في خرقة بيضاء وعلقها علي طفل ، امن عليه من البكاء والفزع ، ومما يصيب الصبيان».[912]

4- وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها علي خرقة بيضاء وجعلها علي عضد طفل صغير ، امن من البكاء والفزع والتوابع ، وسهل الله فطامه عليه بإذن الله تعالى».[913]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ اليك لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ- الى قوله تعالى- ووَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ 1- 2 (

1- قال علي بن ابراهيم: في قوله تعالى: )بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ اليك( يا محمد )لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ( يعني من الكفر الى الإيمان )إِلى‏ صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ( والصراط: الطريق الواضح ، وامامة الأئمة (عليهم السلام).

ثم قال: وقوله: )اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الْأَرْضِ ووَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيد(ٍ انه محكم. [914]

قوله تعالى:

)وما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ 4 (

2- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبو العباس احمد بن إسحاق الماذرائي بالبصرة ، قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد ، قال: حدثنا غانم بن الحسن السعدي ، قال حدثنا مسلم بن خالد المكي ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، قال: «ما انزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا الا بالعربية ، وكان يقع في مسامع الأنبياء (عليهم السلام) ، بألسنة قومهم ، وكان يقع في مسامع نبينا (صلي الله عليه وآله) بالعربية ، فإذا كلم به قومه كلمهم بالعربية ، فيقع في مسامعهم بلسانهم ، وكان احد لا يخاطب رسول‏ الله (صلي الله عليه وآله) بأي لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية ، كل ذلك يترجم له جبرئيل (عليه السلام) ، تشريفا من الله عز وجل له (صلي الله عليه وآله)». [915]

قوله تعالى:

)وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ- الى قوله تعالى- صَبَّارٍ شَكُورٍ 5 (

1- ابن بابويه ، قال: حدثنا احمد بن محمد بن يحيي العطار ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثني يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن الحسن الميثمي ، عن مثني الحناط، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «ايام الله عز وجل ثلاثة: يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة».[916]

2- وعنه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، قال: حدثنا ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن مثني الحناط ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام)، قال: «ايام الله عز وجل ثلاثة: يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة».[917]

3- سعد بن عبد الله: عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ويعقوب بن يزيد ، عن احمد بن الحسن الميثمي ، عن ابان بن عثمان ، عن مثني الحناط ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ايام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة».[918]

4- الشيخ في (اماليه) قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أبو احمد عبيد الله بن الحسين بن ابراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد، قال: سمعت جدي ابراهيم بن علي يحدث ، عن أبيه علي بن عبيد الله ، قال: حدثني شيخان بران من أهلنا سيدان ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه (عليهم السلام) ، وحدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذوالدمعة ، قال: حدثني عمي عمر بن علي، قال: حدثني اخي محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده الحسين (صلي الله عليهم). قال أبو جعفر (عليه السلام): «وحدثني عبد الله بن العباس وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وكان بدريا أحديا شجريا ، وممن محض من اصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) في مودة امير المؤمنين (عليه السلام) ، قالوا: بينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) في مسجده في رهط من الصحابة ، فيهم: أبو بكر ، وأبو عبيدة[919] ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمن ، ورجلان من قراء الصحابة ، هما: من‏ المهاجرين عبد الله بن ام عبد ، ومن الأنصار أبي بن كعب ، وكانا بدريين ، فقرا عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان حتي أتي على هذه الآية: )وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً([920] الآية ، وقرأ أبي من السورة التي يذكر فيها ابراهيم (عليه السلام): )وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ( قالوا: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ايام الله نعماؤه وبلاؤه ، وهي مثلاته[921] سبحانه.

ثم اقبل (صلى الله عليه وآله) علي من شهده من الصحابة ، فقال: اني لأتخولكم بالموعظة[922] تخولا مخالفة السآمة عليكم ، وقد اوحي الى ربي جل جلاله ان أذكركم بالنعمة ، وأنذركم بما اقتص عليكم من كتابه ، وتلا: )وأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ( الآية. ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم ، ما أول نعمة رغبكم الله فيها وبلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم واحسن اليهم بها ، من المعاش والرياش والذرية والأزواج ، الى سائر ما بلاهم الله عز وجل به من أنعمه الظاهرة.

فلما امسك القوم اقبل رسول الله (صلي الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) ، فقال: يا أبا الحسن، قل ، فقد قال أصحابك. فقال: وكيف لي بالقول- فداك أبي وامي- وانما هدانا الله بك؟ قال: ومع ذلك فهات. قل ما أول نعمة بلاك الله عز وجل ، وأنعم عليك بها؟ قال: ان خلقني جل ثناؤه ولم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت ، فما الثانية؟ قال: الله احسن بي إذ خلقني فجعلني حيا لا مواتا. قال: صدقت ، فما الثالثة؟ قال: ان انشأني- فله الحمد- في احسن صورة واعدل تركيب. قال: صدقت ، فما الرابعة؟ قال: ان جعلني متفكرا واعيا لا ابله ساهيا. قال: صدقت ، فما الخامسة؟ قال: ان جعل لي مشاعر أدرك ما ابتغيت بها ، وجعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت ، فما السادسة؟ قال: ان هداني لدينه ، ولم يضلني عن سبيله. قال: صدقت ، فما السابعة؟ قال: ان جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها.

قال: صدقت، فما الثامنة؟ قال: ان جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت ، فما التاسعة؟ قال: ان سخر لي سماءه وارضه وما فيهما وما بينهما من خلقه ، قال صدقت ، فما العاشرة؟ قال: ان جعلنا سبحانه ذكرانا قواما علي حلائلنا لا إناثا ، قال: صدقت ، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله- يا نبي الله- فطابت ، وتلا )وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها([923]. فتبسم رسول الله (صلي الله عليه وآله) ، وقال: لتهنئك الحكمة ، ليهنئك العلم- يا أبا الحسن- وأنت وارث علمي ، والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي ، من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهوممن هدي الى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هداك ، وأبغضك وتخلاك ، لقي الله يوم القيامة لا خلاق له».[924]

5- العياشي: عن ابراهيم بن عمر ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: )وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ(. قال: «بآلاء الله» يعني نعمه. [925]

6- وقال علي بن ابراهيم: ايام الله ثلاثة: يوم القائم (صلوات الله عليه) ، ويوم الموت ، ويوم القيامة. [926]

7- الطبرسي: المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ذكرهم بنعم الله سبحانه في سائر أيامه».[927]

قوله تعالى :

)وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ 7 (

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ، عن يحيي بن المبارك ، عن عبد الله ابن جبلة ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من اعطي الشكر اعطي الزيادة ، يقول الله عز وجل:  )لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ(».[928]

2- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن احمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن هشام ، عن ميسر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «شكر النعمة: اجتناب المحارم ، وتمام الشكر: قول الرجل: الحمد لله رب العالمين».[929]

3- وعنه: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن رجلين من أصحابنا سمعاه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ما أنعم الله علي عبد من نعمة فعرفها بقلبه ، وحمد الله ظاهرا بلسانه ، فتم كلامه بالحمد[930] حتي امر له بالمزيد».[931]

4- وعنه: عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عيينة ، عن عمر بن يزيد ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «شكر كل نعمة- وان عظمت- ان تحمد الله عز وجل عليها».[932]

5- وعنه: عن محمد بن يحيي ، عن احمد بن محمد بن عيسي ، عن معمر بن خلاد ، قال: سمعت أباالحسن (عليه السلام) يقول: «من حمد الله على النعمة فقد شكره ، وكان الحمد أفضل من تلك النعمة».[933]

6- وعنه: بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: «ما أنعم الله على عبد بنعمة صغرت أوكبرت فقال: الحمد لله. إلا أدى شكرها».[934]

7- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلي بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، قال: خرج أبو عبد الله (عليه السلام) من المسجد ، وقد ضاعت دابته ، فقال: «لئن ردها الله علي لأشكرن الله حق شكره» قال: «فما لبث أن أتي بها ، فقال: «الحمد لله» فقال قائل له: جعلت فداك ، ألست قلت: لأشكرن الله حق شكره؟! فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ألم تسمعني قلت: الحمد لله؟».[935]

8- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: «نعم».

قلت: وما هو؟ قال: «يحمد الله علي كل نعمة عليه في أهل ومال ، وان كان فيما أنعم الله عليه في ماله حق أداه ، ومنه قوله عز وجل: )سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ([936]. ومنه قوله تعالى: )رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ([937]. وقوله: )رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ واجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً([938]». [939]

9- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمروالزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل؟ قال: «الكفر في كتاب الله علي خمسة أوجه». وذكر الحديث ، وقد ذكرناه بتمامه في قوله تعالى: )سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ( من سورة البقرة. [940]

وقال في الحديث: «الوجه الثالث من وجوه الكفر: كفر النعم ، وذلك قول الله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): )هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ومَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ([941]». وقال: )لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ( وقال )فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ([942]». [943]

10- الشيخ في (أماليه) قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري (رحمه الله) ، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري ، قال: حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني ، قال:حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة القمي ، عن داود بن سرحان ، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه سدير الصيرفي ، فسلم وجلس، فقال له: «يا سدير ، ما كثر مال رجل قط الا عظمت الحجة لله تعالى عليه ، فإن قدرتم أن تدفعوها عن أنفسكم فافعلوا. فقال له: يا بن رسول الله ، بماذا؟ قال: «بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم».

ثم قال: «تلقوا النعم- يا سدير- بحسن مجاورتها ، واشكروا من أنعم عليكم ، وأنعموا علي من شكركم ، فإنكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله تعالى الزيادة ، ومن إخوانكم المناصحة». ثم تلا: )لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (.[944]

11- وعنه، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن هشام بن بلاس[945] المعدل البغدادي النميري بدمشق ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عليه ، قال: حدثنا وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليهما)، قال: «من اعطي الدعاء لم يحرم الإجابة ، ومن أعطي الشكر لم يمنع الزيادة» وتلا أبو جعفر (عليه السلام): )وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (.[946]

12- وعنه ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا حيان بن بشر أبو بشر[947] الأسدي القاضي بالمصيصة[948] ، قال: حدثني خالى أبو عكرمة عامر بن عمران الضبي الكوفي ، قال: حدثني محمد بن المفضل بن سلمة الضبي ، عن أبيه المفضل بن سلمة ، عن مالك بن أعين الجهني ، قال: أوصي علي بن الحسين (عليه السلام) بعض ولده ، فقال: «يا بني ، اشكر الله لما أنعم عليك ، وأنعم علي من شكرك ، فإنه لا زوال للنعمة إذا شكرت ، ولا بقاء لها إذا كفرت ، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر بها»- وتلا- يعني علي ابن الحسين (عليه السلام)- قول الله تعالى: )وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ( الى آخر الآية. [949]

13- العياشي: عن أبي عمروالمدائني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أيما عبد أنعم الله‏ عليه بنعمة فعرفها بقلبه- وفي رواية اخرى: فأقربها بقلبه- وحمد الله عليها بلسانه، لم ينفد كلامه حتي يأمر الله له بالزيادة- وفي رواية أبي إسحاق المدائني: حتي يأذن الله له بالزيادة- وهوقوله: )لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ(».[950]

14- وعن أبي ولاد، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أرأيت هذه النعمة الظاهرة علينا من الله ، أ ليس ان شكرناه عليها وحمدناه زادنا ، كما قال الله في كتابه: )لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ(؟ فقال: «نعم ، من حمد الله علي نعمه وشكره ، وعلم أن ذلك منه لا من غيره ، زاد الله نعمه».[951]

قوله تعالى:

)أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ- الى قوله تعالى- وإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا اليه مُرِيبٍ 9 (

 15- قال علي بن ابراهيم ، قوله: )أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ( الى قوله: )فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ( يعني في أفواه الأنبياء )قالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا اليه مُرِيبٍ (.[952]

قوله تعالى:

)وعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ 12 (

16- العياشي: الحسن بن ظريف، عن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: )وعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ( قال: «الزارعون».[953]

17- ابن بابويه في (الفقيه) مرسلا عن الصادق (عليه السلام) في قوله عز وجل: )وعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ(. قال: «الزارعون».[954]

قوله تعالى:

)وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَولَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا- الى قوله تعالى- ولَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ 13- 14 (

1- علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي رفعه الى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره ، وهوقوله: )وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ(- الى قوله- )فَأَوْحى‏ اليهم رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ولَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ(».[955]

قوله تعالى:

(واسْتَفْتَحُوا وخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيد ٍ15 (

2- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عنه (عليه السلام) قال: «بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ان فيك شبها من عيسي بن مريم ، ولولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسي بن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمر بملإ من الناس الا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يلتمسون بذلك البركة». قال: «فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم ، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا الا عيسي بن مريم ، فأنزل الله علي نبيه (صلى الله عليه وآله): )ولَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وقالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُو ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوإِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ ولَونَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ(- يعني من بني هاشم- )مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ([956]».

قال: «فغضب الحارث بن عمروالفهري، فقال: «اللهم ان كان هذا هوالحق من عندك- أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل- فأمطر علينا حجارة من السماء أوائتنا بعذاب اليم. فأنزل الله عليه مقالة الحارث ، ونزلت هذه الآية: )وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ([957]».

ثم قال له: يا بن عمرو ، اما تبت واما رحلت. فقال: يا محمد ، بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك ، فقد ذهبت بنوهاشم بمكرمة العرب والعجم. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ليس ذلك الى ، ذلك الى الله تبارك وتعالى ، فقال: يا محمد ، قلبي ما يتابعني علي التوبة ، ولكن أرحل عنك. فدعا براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة فرضت[958] هامته ، ثم أتي الوحي الى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال: )سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ( بولاية علي )لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ([959]».

قال: قلت: جعلت فداك، انا لا نقرؤها هكذا. فقال: «هكذا أنزل الله بها جبرئيل علي محمد (صلى الله عليه وآله)، وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمن حوله من المنافقين: انطلقوا الى صاحبكم، فقد أتاه ما استفتح به ، قال الله عز وجل: )واسْتَفْتَحُوا وخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ(».[960]

2- علي بن ابراهيم: قوله تعالى: )واسْتَفْتَحُوا( أي دعوا )وخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (أي خسر.[961]

3- ثم قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «العنيد: المعرض عن الحق».[962]

قوله تعالى:

)مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ويُسْقى‏ مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ- الى قوله تعالى- مِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ 16- 17(

4- قال علي بن ابراهيم ، في قوله تعالى: )مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ويُسْقى‏ مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ( قال: ماء يخرج من فروج الزواني.[963]

5- الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أي ويسقي مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني في النار»[964].

6- قال علي بن ابراهيم: وقوله: )يَتَجَرَّعُهُ ولا يَكادُ يُسِيغُهُ ويَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وما هُوبِمَيِّتٍ( قال: يقرب اليه فيكرهه ، فإذا دنا منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شرب تقطعت أمعاؤه‏ ومزقت[965] تحت قدميه ، وانه ليخرج من أحدهم مثل الوادي صديدا وقيحا. ثم قال: وانهم ليبكون حتي تسيل دموعهم فوق وجوههم جداول ، ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتي لوأن السفن أجريت فيها لجرت ، وهوقوله: )وسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ .([966]

4- العياشي: عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ان أهل النار لما غلي الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب ، فاتوا بشراب غساق[967] وصديد )يَتَجَرَّعُهُ ولا يَكادُ يُسِيغُهُ ويَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وما هُوبِمَيِّتٍ ومِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ( وحميم تغلي به جهنم منذ خلقت ، )كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وساءَتْ مُرْتَفَقاً([968].[969]

قوله تعالى:

)مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ- الى قوله تعالى- هُوالضَّلالُ الْبَعِيدُ 18 (

1- قال علي بن ابراهيم: وقوله: )مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ( قال: من لم يقر بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) بطل عمله ، مثل الرماد الذي تجي‏ء الريح فتحمله.[970]

2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيي ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيي ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا امام له من الله ، فسعيه غير مقبول ، وهوضال متحير ، والله شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنها الليل بصرت بقطيع من غير راعيها ، فحنت اليها واغترت بها ، فباتت معها في مربضها[971] ، فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها ، فضلت[972] متحيرة تطلب راعيها ، وقطيعها ، فبصرت بغنم مع راعيها فحنت اليها ، واغترت بها ، فصاح بها الراعي: الحقي براعيك وقطيعك ، فإنك‏ تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك ، فهجمت ذعرة متحيرة نادة[973] ، لا راعي لها يرشدها الى مرعاها أويردها ، فبينا هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها.

وكذلك والله- يا محمد- من أصبح من هذه الامة لا امام له من الله عز وجل ظاهرا عادلا ، أصبح ضالا تائها ، وان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق ، واعلم- يا محمد- أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله ، قد ضلوا وأضلوا ، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون مما كسبوا علي شي‏ء ، ذلك هوالضلال البعيد».[974]

قوله تعالى:

)وبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً- الى قوله تعالى- إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ 21- 22 (

1- علي بن ابراهيم: قوله تعالى: )وبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً( معناه مستقبل، أنهم يبرزون ، ولفظه ماض.[975]

2- ثم قال: وقوله: )لَوهَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ( فالهدى ها هنا هوالثواب )سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ( أي مفر. قال: قوله: )وقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ( أي لما فرغ من أمر الدنيا من أوليائه )إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ووَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ أي بمغيثكم وما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ( أي بمغيثي )إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ( يعني في الدنيا.[976]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمروالزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام). قال: «قال عز وجل يذكر إبليس وتبريه من أوليائه من الإنس يوم القيامة:)إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ(».[977]

4- العياشي: عن حريز ، عمن ذكره ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: )وقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ( ، قال: «هوالثاني ، وليس في القرآن )وقالَ الشَّيْطانُ( الا  وهو الثاني».[978]

5- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «أنه إذا كان يوم القيامة يؤتي بإبليس في سبعين غلا وسبعين كبلا[979] ، فينظر الأول الى زفر في عشرين ومائة كبل وعشرين ومائة غل ، فينظر إبليس ، فيقول: من هذا الذي أضعف الله له العذاب ، وأنا أغويت هذا الخلق جميعا؟ فيقال: هذا زفر. فيقول: بما حدد له هذا العذاب؟ فيقال: ببغيه على علي (عليه السلام). فيقول له إبليس: ويل لك وثبور لك ، أما علمت أن الله أمرني بالسجود لآدم فعصيته ، وسألته أن يجعل لي سلطانا علي محمد وأهل بيته وشيعته ، فلم يجبني الى ذلك وقال: )إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ([980] وما عرفتهم حين[981] استثناهم ، إذ قلت )ولا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ([982] ؟ فمنتك به نفسك غرورا فتوقف بين يدي الخلائق. ثم قال له: ما الذي كان منك الى علي والى الخلق الذي اتبعوك علي الخلاف؟ فيقول الشيطان- وهوزفر- لإبليس: أنت أمرتني بذلك. فيقول له إبليس: فلم عصيت ربك وأطعتني؟ فيرد زفر عليه ما قال الله: )إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ووَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ( الى آخر الآية».[983]

قوله تعالى:

)أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها ويَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ- الى قوله تعالى- ما لَها مِنْ قَرارٍ 24- 26 (

1- محمد بن يعقوب: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن أبيه، عن عمروبن حريث ، قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: )كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ(. قال: فقال: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصلها ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) فرعها ، والأئمة من ذريتهما أغصانها ، وعلم الأئمة ثمرتها ، وشيعتهم المؤمنون ورقها ، هل فيها فضل[984]؟» قال: قلت: لا والله. قال: «والله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها ، وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها».[985]

2- محمد بن الحسن الصفار: عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن عمروبن عثمان ، عن محمد بن عذافر ، عن أبي حمزة الثمالى ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى: )كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها(. فقال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والأئمة أغصانها ، وعلمنا ثمرها ، وشيعتنا ورقها. يا أبا حمزة ، هل ترى فيها فضلا؟» قال: «قلت: لا والله، لا ارى فيها. قال: فقال: «يا أبا حمزة ، والله ان المولود ليولد من شيعتنا فتورق ورقة منها ، ويموت فتسقط ورقة منها».[986]

3- وعنه: عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن محبوب ، عن الأحول ، عن سلام بن المستنير ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) ، فقال: «الشجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، نسبة ثابت في بني هاشم ، وفرع الشجرة علي (عليه السلام) ، وعنصر الشجرة فاطمة (عليها السلام) وأغصانها الأئمة ، وورقها الشيعة ، وان الرجل منهم ليموت فتسقط منها ورقة[987] ، وان المولود منهم ليولد فتورق ورقة[988]».

قال: قلت له: جعلت فداك، قوله تعالى: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)؟ قال: «هوما يخرج من الإمام من الحلال والحرام في كل سنة الى شيعته».[989]

4- وعنه: عن احمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن المفضل بن صالح ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ). قال: «النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة هم الأصل الثابت ، والفرع: الولاية لمن دخل فيها».[990]

5- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيي ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد الضبي ، قال: حدثنا محمد بن هلال ، قال: حدثنا نائل بن نجيح ، قال: حدثنا عمروبن شمر ، عن جابر الجعفي ، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)». قال: «اما الشجرة فرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفرعها علي (عليه السلام) ، وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليهما) ، وثمرها أولادها (عليهم السلام) ، وورقها شيعتنا» ثم قال (عليه السلام): «ان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة ، وان المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة».[991]

6- وعنه، قال: حدثنا جماعة من أصحابنا، قالوا: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل الهاشمي، قال: سمعت خالى محمد بن علي، يروي عن عبد الرحمن بن حماد، عن عمر بن سالم بياع السابري، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية (أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ) قال: «أصلها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفرعها امير المؤمنين (عليه السلام)، والحسن والحسين ثمرها، وتسعة من ولد الحسين أغصانها، والشيعة ورقها، والله ان الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة».

قلت: قوله تعالى: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)؟ قال: «ما يخرج من علم الإمام اليكم في كل سنة من حج وعمرة».[992]

7- علي بن ابراهيم، قال: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله: (مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً) الآية. قال: «الشجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصلها نسبه ثابت في بني هاشم، وفرع الشجرة علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وغصن الشجرة فاطمة (عليها السلام)، وثمرها الأئمة من ولد علي وفاطمة (عليهم السلام)، وشيعتهم ورقها، وان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقه، وان المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة». قلت: أ رأيت قوله تعالى: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)؟ قال: «يعني بذلك ما يفتي به الأئمة شيعتهم في كل حج وعمرة من الحلال والحرام». ثم ضرب الله لأعداء آل محمد مثلا، فقال: (ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ).[993]

8- ثم قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «كذلك الكافرون لا تصعد اعمالهم الى السماء ، وبنو امية لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ، ولا تصعد اعمالهم الى السماء الا قليل منهم».[994]

9- الطبرسي، قال: روى أبو الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «ان هذا مثل بني امية».[995]

10- العياشي: عن محمد بن علي الحلبي ، عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في قول الله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وفَرْعُها فِي السَّماءِ). قال: «يعني النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده ، وهم الأصل الثابت ، والفرع الولاية لمن دخل فيها».[996]

11- عن محمد بن يزيد ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) فرعها ، والأئمة من ذريتهما أغصانها ، وعلم الأئمة ثمرها ، وشيعتهم ورقها ، فهل ترى فيها فضلا؟» قلت: لا والله. قال: «والله ان المؤمن ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة ، وانه ليولد فتورق ورقة فيها». قال: قلت: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) قال: «يعني ما يخرج الى الناس من علم الإمام في كل حين يسأل عنه».[997]

12- عن عبد الرحمن بن سالم الأشل ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) الآيتان ، قال: «هذا مثل ضربه الله لأهل بيت نبيه ، ولمن عاداهم هو(مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ.[998]

13- محمد بن يعقوب: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه (عليهم السلام): «ان عليا (صلوات الله عليه) قال في رجل نذر ان يصوم زمانا ، قال: الزمان خمسة أشهر ، والحين ستة أشهر ، ان الله عز وجل يقول: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها.[999]

14- وعنه: عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه سئل عن رجل قال: لله علي ان أصوم حينا ، وذلك في شكر. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قد أتي علي (عليه السلام) في مثل هذا ، فقال: صم ستة أشهر ، فإن الله عز وجل يقول: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) يعني ستة أشهر».[1000]

15- العياشي: عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام): ان عليا (عليه السلام) قال في رجل نذر ان يصوم زمانا ، قال: الزمان خمسة أشهر ، والحين ستة أشهر ، لأن الله يقول: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ.[1001]

16- عن الحلبي، قال: سئل أبوعبد الله (عليه السلام) ، عن رجل جعل لله عليه صوما حينا في شكر. قال: فقال: «قد سئل علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن هذا ، فقال: فليصم ستة أشه ر، ان الله يقول: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) والحين ستة أشهر».[1002]

17- عن خالد بن جرير، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل قال: لله علي ان أصوم حينا ، وذلك في شكر. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قد أتي علي (عليه السلام) في مثل هذا ، فقال: صم ستة أشهر ، فإن الله يقول: (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) يعني ستة أشهر».[1003]

قوله تعالى:

)يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ 27 (

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان ، ملك عن يمينه وملك عن يساره ، وأقيم الشيطان بين عينيه ، عيناه من نحاس ، فيقال له: كيف تقول في الرجل الذي كان بين ظهرانيكم؟- قال- فيفزع له فزعة ، فيقول إذا كان مؤمنا: أعن محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) تسألان؟ فيقولان له: نم نومة لا حلم فيها ، ويفسح له في قبره تسعة اذرع ، ويرى مقعده من الجنة ، وهوقول الله عز وجل: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ) وإذا كان كافرا ، قالا له: من هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول: لا ادري. فيخليان بينه وبين الشيطان».[1004]

وروى هذا الحديث الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد) قال: حدثنا النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا وضع الرجل في قبره» وساق الحديث الى آخره.[1005]

2- وعنه: عن محمد بن يحيي ، عن احمد بن محمد بن عيسي ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم‏ ابن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان المؤمن إذا اخرج من بيته شيعته الملائكة الى قبره ، يزدحمون عليه ، حتى إذا انتهي به الى قبره ، قالت له الأرض: مرحبا بك وأهلا ، اما والله لقد كنت أحب ان يمشي علي مثلك ، لترين ما اصنع بك. فيوسع له مد بصره ، ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا القبر: منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح الى حقويه[1006] ، فيقعدانه ويسألانه ، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: الله. فيقولان: ما دينك؟ فيقول: الإسلام. فيقولان: ومن نبيك؟ فيقول: محمد (صلى الله عليه وآله). فيقولان: ومن امامك؟ فيقول: فلان- قال- فينادي مناد من السماء: صدق عبدي ، افرشوا له في قبره من الجنة ، وافتحوا له في قبره بابا الى الجنة ، والبسوه من ثياب الجنة ، حتى يأتينا وما عندنا خير له ، ثم يقال له: نم نومة العروس ، لا حلم فيها. قال: وان كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه الى قبره يلعنونه ، حتى إذا انتهى به الى قبره ، قالت له الأرض: لا مرحبا بك ولا أهلا ، اما والله لقد كنت ابغض ان يمشي علي مثلك ، لاجرم لترين ما اصنع بك اليوم. فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه- قال- ثم يدخل عليه ملكا القبر ، وهما قعيدا القبر: منكر ونكير».

قال أبو بصير: جعلت فداك ، يدخلان علي المؤمن والكافر في صورة واحدة؟ فقال: «لا». قال: «فيقعدانه فيلقيان فيه الروح الى حقويه ، فيقولان له: من ربك؟ فيتلجلج ، ويقول: قد سمعت الناس يقولون. فيقولان له: لا دريت. ويقولان له: ما دينك؟ فيتلجلج ، فيقولان له: لا دريت. ويقولان له: من نبيك؟ فيقول: قد سمعت الناس يقولون ، فيقولان له: لا دريت. ويسألانه عن امام زمانه- قال-: فينادي مناد من السماء: كذب عبدي ، افرشوا له في قبره من النار ، والبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له بابا الى النار ، حتى يأتينا ، وما عندنا شر له ، فيضربانه بمرزبة[1007] ثلاث ضربات ، ليس منها ضربة الا يتطاير قبره نارا ، لوضربت بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما».

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا ، والشيطان يغمه غما- قال- ويسمع عذابه من خلق الله الا الجن والإنس- قال- وانه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم ، وهوقول الله عز وجل: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ.[1008]

3- وعنه: عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عمروبن عثمان ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن احمد بن محمد بن أبي نصر ، والحسن بن علي ، جميعا ، عن أبي جميلة مفضل بن صالح ، عن جابر ، عن عبد الأعلى وعلي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسي ، عن يونس ، عن ابراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): «ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من ايام الدنيا ، وأول يوم من ايام الآخرة ، مثل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت الى ماله فيقول له: والله اني كنت عليك حريصا شحيحا ، فمالى عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك- قال- فيلتفت الى ولده ، فيقول: والله اني كنت لكم محبا ، واني كنت عليكم محاميا فما ذا لي عندكم؟

فيقولون: نؤديك الى حفرتك ، نواريك فيها- قال- فيلتفت الى عمله فيقول: والله اني كنت فيك الزاهدا ، وان كنت علي لثقيلا ، فما لي عندك؟ فيقول: انا قرينك في قبرك ويوم نشرك ، حتى اعرض انا وأنت على ربك».

قال: «فإن كان لله وليا ، أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا ، وأحسنهم رياشا[1009] ، فيقول: ابشر بروح وريحان وجنة نعيم ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا الى الجنة ، وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله، فإذا ادخل قبره ، أتاه ملكا القبر يجران اشعارهما ، ويخدان[1010] الأرض بأقدامهما ، أصواتهما كالرعد القاصف[1011] ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول الله ربي ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد (صلى الله عليه وآله)، فيقولان له: ثبتك الله فيما تحب وترضي. وهوقول الله عز وجل: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ) ثم يفسحان له في قبره مد بصره ، ثم يفتحان له بابا الى الجنة ، ثم يقولان له: نم قرير العين ، نوم الشاب الناعم ، فإن الله عز وجل يقول: (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وأَحْسَنُ مَقِيلًا)[1012]».

قال: «وإذا كان لربه عدوا ، فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا ورؤيا ، وأنتنه ريحا ، فيقول له: ابشر بنزل من حميم ، وتصلية جحيم . وانه ليعرف غاسله ، ويناشد حملته ان يحبسوه ، فإذا ادخل القبر أتاه ممتحنا القبر فألقيا عنه أكفانه ، ثم يقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا ادري. فيقولان: لا دريت ولا هديت. فيضربان يأفوخه بمرزبة معهما ضربة ما خلق الله عز وجل من دابة الا وتذعر لها ، ما خلا الثقلين ، ثم يفتحان له بابا الى النار ، ثم يقولان له: نم بشر حال ، فيه من الضيق مثل ما فيه القنا[1013] من الزج[1014] ، حتى ان دماغه ليخرج من بين ظفره ولحمه ، ويسلط الله عليه حيات الأرض وعقاربها وهوامها ، فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره وانه ليتمني قيام الساعة فيما هوفيه من الشر».

وقال جابر: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال النبي (صلى الله عليه وآله): اني كنت انظر الى الإبل والغنم وانا أرعاها ، وليس من نبي الا وقد رعي الغنم ، وكنت انظر اليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة[1015] ، ما حولها شي‏ء يهيجها ، حتى تذعر وتطير ، فأقول: ما هذا؟ واعجب ، حتى حدثني جبرئيل (عليه السلام): ان الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا الا سمعها ويذعر لها ، الا الثقلين ، فقلت: ذلك لضربة الكافر ، فنعوذ بالله من عذاب القبر».[1016]

وروى هذا الحديث علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن مهزيار ، عن عمروبن عثمان ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر ، عن ابراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، عن امير المؤمنين (عليه السلام) ، الا ان في رواية محمد بن يعقوب زيادة في آخر الحديث ذكرناها.[1017]

وروى ايضا هذا الحديث الشيخ في (اماليه) ، بإسناده عن عباد ، عن عمه ، عن أبيه ، عن جابر ، عن ابراهيم ابن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، ذكر ان علي بن أبي طلاب (عليه السلام) ، وعبد الله بن عباس، ذكر ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا ، وأول يوم من الآخرة ، وساق الحديث الى آخره.[1018]

4- الشيخ في (اماليه): عن الحفار ، قال: حدثنا إسماعيل ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا اخي دعبل ، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن علقمة بن مرشد ، عن سعد بن عبيدة ، عن البراء بن عازب ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ). قال: «في القبر إذا سئل الموتى».[1019]

5- العياشي: عن صفوان بن مهران ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا فيأتيه عند موته ، يأتيه عن يمينه وعن يساره ليصده عما هوعليه ، فيأبى الله له ذلك ، وكذلك قال الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ.[1020]

6- عن زرارة ، وحمران ، ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: «إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان: ملك عن يمينه ، وملك عن شماله ، وأقيم الشيطان بين يديه ، عيناه من نحاس ، فيقال له:ما تقول في هذا الرجل الذي خرج من بين ظهرانيكم يزعم انه رسول الله؟ فيفزع لذلك فزعة فيقول- ان كان مؤمنا-: محمد رسول الله. فيقال له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها ، ويفسح له في قبره تسعة اذرع ، ويرى مقعده من الجنة ، وهوقول الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ). وان كان كافرا ، قالوا: من هذا الرجل الذي كان بين ظهرانيكم يقول انه رسول الله؟ فيقول: ما ادري. فيخلي بينه وبين الشيطان».[1021]

7- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ان الميت إذا اخرج من بيته شيعته الملائكة الى قبره يترحمون عليه ، حتى إذا انتهي به الى قبره ، قالت الأرض له: مرحبا بك وأهلا وسهلا ، والله لقد كنت أحب ان يمشي علي مثلك ، لا جرم لترى ما اصنع بك ، فيوسع له مد بصره ، ويدخل عليه في قبره قعيدا القبر منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح الى حقويه ، فيقعدانه فيسألانه ، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: الله. فيقولان: وما دينك؟ فيقول: الإسلام. فيقولان: ومن نبيك؟ فيقول: محمد (صلى الله عليه وآله). فيقولان: ومن امامك؟ فيقول: علي. فينادي مناد من السماء: صدق عبدي ، افرشوا له في القبر من الجنة ، والبسوه من ثياب الجنة ، وافتحوا له في قبره بابا الى الجنة ، حتى يأتينا وما عندنا خير له. ثم يقولان له: نم نومة العروس ، نم نومة لا حلم فيها.

وان كان كافرا ، أخرجت له ملائكة يشيعونه الى قبره يلعنونه ، حتى إذا انتهي الى الأرض ، قالت الأرض: لا مرحبا بك ولا أهلا ، اما والله لقد كنت ابغض ان يمشي علي مثلك ، لا جرم لترين ما اصنع بك اليوم ، فتضايق عليه حتى تلتقي جوانحه. ويدخل عليه ملكا القبر ، وهما قعيدا القبر منكر ونكير- قال: قلت له: جعلت فداك ، يدخلان علي المؤمن والكافر في صورة واحدة؟ فقال: «لا». فيقعدانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، [فيقولان: لا دريت ، فما دينك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون.] ويتلجلج لسانه. فيقولان: لا دريت، فمن نبيك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون، ويتلجلج لسانه. فيقولان: لا دريت. فينادي مناد. من السماء: كذب عبدي ، افرشوا له في قبره من النار ، والبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له بابا الى النار ، حتى يأتينا وما له عندنا شر له- قال- ثم يضربانه بمرزبة معهما ثلاث ضربات ليس منها ضربة الا تطاير قبره نارا ، ولوضربت تلك الضربة علي جبال تهامة، لكانت رميما».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ويسلط الله عليه في قبره الحيات والعقارب تنهشه نهشا ، والشياطين تغمه غما ، يسمع عذابه من خلق الله الا الجن والإنس ، وانه ليسمع خفق نعالهم ، ونفض أيديهم ، وهوقول الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)- قال- عند موته (وفِي الْآخِرَةِ)- قال- في قبره (ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ.[1022]

8- عن سويد بن غفلة ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة ، مثل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت الى ماله ، فيقول: والله اني كنت عليك لحريصا شحيحا ، فما عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك. فيلتفت الى ولده ، فيقول: والله اني كنت لكم محبا ، واني كنت عليكم لمحاميا ، فما ذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك الى حفرتك ونواريك فيها. فيلتفت الى عمله ، فيقول: والله اني كنت لكم محبا ، واني كنت عليكم لمحاميا ، فما ذا عندكم؟ فيقولون: نؤديك الى حفرتك ونواريك فيها. فيلتفت الى عمله ، فيقول: والله اني كنت فيك لزاهدا ، وان كنت علي لثقيلا ، فماعندك؟ فيقول: انا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين اعرض انا وأنت علي ربك.

فإن كان لله وليا ، أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم رياشا ، فيقول: ابشر بروح وريحان وجنة نعيم ، قدمت خير مقدم ، فيقول: من أنت؟ فيقول: انا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا الى الجنه وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله ، فإذا ادخل قبره أتاه اثنان ، هما فتانا القبر ، يجران اشعارهما ، ويبحثان الأرض بأنيابهما ، أصواتهما كالرعد العاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، ثم يقولان: من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد. فيقولان: ثبتك الله فيما يحب ويرضي. وهوقول الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ). ثم يفسحان له في قبره مد بصره ، ويفتحان له بابا الى الجنة ، ثم يقولان له: نم قرير العين، نوم الشاب الناعم ، فإنه يقول الله: (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وأَحْسَنُ مَقِيلًا)[1023]

وأما إن كان لربه عدوا ، فإنه يأتيه أقبح من خلق الله رياشا ، وأنتنهم ريحا فيقول: أبشر ينزل من حميم وتصلية جحيم. وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يحبسه ، فإذا ادخل في قبره أتاه ممتحنا القبر ، فألقيا أكفانه ، ثم قالا له: من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك؟ فيقول: لا ادري. فيقولان: لا دريت ولا هديت. فيضربان يأفوخه بمرزبة ضربة ما خلق الله من دابة الا تذعر لها، ما خلا الثقلين ، ثم يفتح له باب الى النار ، ثم يقولان له: نم بشر حال ، فإنه من الضيق مثل ما فيه القناة من الزج ، حتى ان دماغه ليخرج مما بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حيات الأرض وعقاربها وهوأمها فتنهشه حتى يبعثه من قبره ، وانه ليتمني قيام الساعة مما هوفيه من الشر».

قال جابر[1024]: قال أبو جعفر (عليه السلام): «قال النبي (صلى الله عليه وآله): اني كنت لأنظر الى الغنم والإبل وانا أرعاها ، وليس من نبي الا قد رعي ، فكنت انظر اليها قبل النبوة وهي متمكنة فيه المكنية ، ما حولها شي‏ء يهيجها حتى تذعر ، فأنظر فأقول: ما هذا؟ واعجب ، حتى حدثني جبرئيل (عليه السلام): ان الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا الا سمعها ويذعر لها الا الثقلان ، فعلمت ان ذلك انما كان بضربة الكافر ، فنعوذ بالله من عذاب القبر».[1025]

9- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان: ملك عن يمينه ، وملك عن شماله ، وأقيم الشيطان بين يديه ، عيناه من نحاس ، فيقال له: كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟- قال- فيفزع لذلك ، فيقول- ان كان مؤمنا-: عن محمد تسألاني؟ فيقولان له عند ذلك: نم نومة لا حلم فيها. ويفسح له في قبره تسعة[1026] اذرع ، ويرى مقعدة من الجنة.

وان كان كافرا ، قيل له: ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم؟ فيقول: ما أدرى ، ويخلي بينه وبين الشيطان ، ويضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شي‏ء ، وهوقول الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الْآخِرَةِ ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ.[1027]

10- ومن طريق المخالفين: ما رواه النطنزي ، عن ابن عباس ، في قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ( ، قال: بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام).[1028]

11- ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن عبد الله الوراق ، ومحمد بن احمد السناني ، وعلي بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) ، قالوا: حدثنا أبو العباس احمد بن يحيي بن زكريا القطان ، قال: حدثنا بكر بن‏ عبد الله بن حبيب ، قال: حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن جعفر بن سليمان البصري ، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوالْمُهْتَدِ ومَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً)[1029]

فقال: «ان الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته ، ويهدي اهل الإيمان والعمل الصالح الى جنته ، كما قال عز وجل: (ويُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ويَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ) وقال عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)[1030]» .[1031]

قوله تعالى:

)أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وبِئْسَ الْقَرارُ 28- 29 (

1- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلي بن محمد ، عن بسطام بن مرة ، عن إسحاق ابن حسان ، عن الهيثم بن واقد ، عن علي بن الحسين العبدي ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام): «ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعدلوا عن وصيه ، لا يتخوفون ان ينزل بهم العذاب؟» ثم تلا هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ) ثم قال: «نحن النعمة التي أنعم الله بها علي عباده ، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة».[1032]

2- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن معلي بن محمد ، عن محمد بن اورمة ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً)الآية. قال: «عني بها قريشا قاطبة ، الذين عادوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونصبوا له الحرب ، وجحدوا وصية وصيه».[1033]

3- وعنه: عن الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلي بن محمد ، عن الوشاء ، عن ابان بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة النصري ، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً)          

قال: «ما تقولون في ذلك؟». قلت: نقول: هم الأفجران من قريش: بنوامية وبنوالمغيرة.

قال: ثم قال: «هي والله قريش قاطبة ، ان الله تبارك وتعالى خاطب نبيه (صلى الله عليه وآله) فقال: اني فضلت قريشا علي العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت اليهم رسولي ، فبدلوا نعمتي كفرا وأحلوا قومهم دار البوار».[1034]

4- علي بن ابراهيم: قال: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عثمان بن عيسي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً). قال: «نزلت في الأفجرين من قريش: بني امية وبني المغيرة ، فأما بنوالمغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر ، واما بنوامية فمتعوا الى حين- ثم قال- ونحن والله نعمة الله التي أنعم بها علي عباده ، وبنا يفوز من فاز ، ثم قال لهم: (تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)[1035]» .[1036]

5- ثم قال: حدثني أبي ، عن إسحاق بن الهيثم ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي (عليه السلام) قال: «ما بال قوم غيروا سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعدلوا عن وصيه[1037] ، لا يخافون ان ينزل بهم العذاب؟» ثم تلا هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وبِئْسَ الْقَرارُ) ثم قال: «نحن- والله- نعمة الله التي أنعم بها علي عباده ، وبنا فاز من فاز».[1038]

6- العياشي: عن عمروبن سعيد ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال: فقال: «ما تقولون في ذلك؟» فقلت: نقول: هما الأفجران من قريش: بنوامية وبنوالمغيرة.

فقال: «بلى ، هي قريش قاطبة ، ان الله خاطب نبيه (صلى الله عليه وآله) فقال: اني قد فضلت قريشا علي العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعث اليهم رسولا ، فبدلوا نعمتي وكذبوا رسولي».[1039]

7- وفي رواية زيد الشحام ، عنه (عليه السلام) ، قال: قلت له: بلغني ان امير المؤمنين (عليه السلام) سئل عنها ، فقال: «عني بذلك الأفجرين من قريش: امية ومخزوم ، فأما مخزوم فقتلها الله يوم بدر ، واما امية فمتعوا الى حين»؟         فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «عني الله والله بها قريشا قاطبة ، الذين عادوا رسول الله ونصبوا له الحرب».[1040]

8- عن الأصبغ بن نباتة ، قال: قال امير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً). قال: «نحن نعمة الله التي أنعم الله بها علي العباد».[1041]

9- عن ذريح ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «جاء ابن الكواء الى امير المؤمنين (عليه السلام) فسأله عن قول الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ). قال: تلك قريش ، بدلوا نعمة الله كفرا ، وكذبوا نبيه (صلى الله عليه وآله) يوم بدر».[1042]

10- عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن موسى (عليه السلام) حين ادخل عليه ما هذه الدار ، ودار من هي؟ قال: «لشيعتنا فترة ، ولغيرهم فتنة». قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال: «أخذت منه عامرة ، ولا يأخذها الا معمورة» فقال: اين شيعتكم؟ فقرا أبوالحسن (عليه السلام): )لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ والْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ([1043] قال له: فنحن كفار؟ قال: «لا ، ولكن كما قال الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ)» فغضب عند ذلك وغلظ عليه.[1044]

11- علي بن حاتم ، قال: وجدت في كتاب أبي ، عن حمزة الزيات ، عن عمر بن مرة ، قال: قال ابن عباس لعمر: يا امير المؤمنين ، هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال: هما الأفجران من قريش ، أخوالى وأعمامك ، فأما أخوالى فاستأصلهم الله يوم بدر ، واما أعمامك فأملى الله لهم الى حين.[1045]

12- عن مسلم المشوف ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: (وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ). قال: «هما الأفجران من قريش: بنوامية  وبنوالمغيرة».[1046]

13- ابن شهر آشوب: عن مجاهد، في قوله تعالى: )أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً(: كفرت بنوامية بمحمد (صلى الله عليه وآله) واهل بيته.[1047]

14- عن أبي الطفيل: عن امير المؤمنين (عليه السلام)، قال: يقول الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها)، قال: «تلك في الأفجرين من قريش».[1048]

قوله تعالى:

)قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ويُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خِلالٌ 31 (

1- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيي ، عن احمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسي ، عن سماعة ابن مهران ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان الله عز وجل فرض للفقراء له في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون الا بأدائها ، وهي الزكاة ، بها حقنوا دماءهم ، وبها سموا مسلمين ، ولكن الله عز وجل فرض في اموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة ، فقال عز وجل: (والَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ والْمَحْرُومِ)[1049] فالحق المعلوم غير الزكاة ، وهوشي‏ء يفرضه الإنسان علي نفسه في ماله ، يجب عليه ان يفرضه على قدر طاقته وسعة حاله[1050] ، فيؤدي الذي فرض علي نفسه كل يوم ، وان شاء في كل جمعة ، وان شاء في كل شهر. وقال الله عز وجل ايضا: (أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً)[1051] وهذا غير الزكاة ، وقد قال الله عز وجل ايضا (يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وعَلانِيَةً) والماعون ايضا ، وهوالقرض يقرضه ، والمتاع يعيره ، والمعروف يصنعه. ومما فرض الله عز وجل ايضا في المال من غير الزكاة ، قوله عز وجل: (الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)[1052] ومن ادى ما فرض الله عليه فقد قضي ما عليه ، وادى شكر ما أنعم الله عليه في ماله ، إذا هوحمده على ما أنعم الله عليه فيه مما فضله به من السعة على غيره ، ولما وفقه لأداء ما فرض الله عز وجل ، وأعانه عليه».[1053]

2- العياشي: عن زرعة ، عن سماعة ، قال: ان الله فرض للفقراء في اموال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها وهي الزكاة ، بها حقنوا دماءهم ، وبها سموا مسلمين ولكن الله فرض في الأموال حقوقا غير الزكاة ، وقد قال الله تبارك وتعالى: )ويُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وعَلانِيَةً (.[1054]

3- علي بن ابراهيم: قوله: )يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خِلالٌ( اي لا صداقة.[1055]

قوله تعالى:

)اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ وأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ- الى قوله تعالى- وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والْقَمَرَ دائِبَيْنِ 32- 33 (

 1- علي بن ابراهيم: وقوله: )وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والْقَمَرَ دائِبَيْنِ( اي علي الولاء.

وكيفية خلق السماوات والأرض تقدم في أول سورة هود، في قوله تعالى: )وهُوالَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ([1056]. وقوله: )وأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً( تقدم الحديث في أول سورة البقرة، في قوله تعالى )الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً والسَّماءَ بِناءً وأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً([1057]. وقوله )وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ والْقَمَرَ( تقدم حديثها في سورة يونس، في قوله تعالى: )هُوالَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والْقَمَرَ نُوراً([1058].[1059]

قوله تعالى:

)وآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها- الى قوله تعالى- ومَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 34- 36 (

2- العياشي: عن حسين بن هارون- شيخ من اصحاب أبي جعفر (عليه السلام)- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقرا هذه الآية: )وآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ). قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «الثوب ، والشي‏ء لم تسأله إياه أعطاك».[1060]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، رفعه ، قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا قرا هذه الآية: )وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها) يقول: «سبحان من لم يجعل في احد من معرفة نعمه الا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، كما لم يجعل في احد من معرفة إدراكه اكثر من العلم انه لا يدركه ، فشكر جل وعز معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره ، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا ، كما علم علم العالمين انهم لا يدركونه فجعله ايمانا ، علما منه انه قد[1061] وسع العباد ، فلا يتجاوز ذلك ، فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته ، وكيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا كيف؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».[1062]

وتقدم حديث في معني الآية في قوله تعالى: )وذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ(.[1063]

3- علي بن ابراهيم: قال: وقوله يحكي قول ابراهيم: )وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً( يعني مكة )واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ( فإن الأصنام لم تضل ، وانما ضل الناس بها.[1064]

4- العياشي: عن الزهري، قال: أتي رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي‏ء فلم يجبه ، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك ، فإنك من أبناء عبدة الأصنام ، فقال له: «كذبت، ان الله امر ابراهيم (عليه السلام) ان ينزل إسماعيل (عليه السلام) بمكة ففعل ، فقال ابراهيم (عليه السلام): )رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) فلم يعبد احد من ولد إسماعيل صنما قط ، ولكن العرب عبدة الأصنام ، وقالت بنوإسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فكفرت ولم تعبد الأصنام».[1065]

5- عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من أحبنا فهو منا اهل البيت». فقلت: جعلت فداك ، منكم؟ قال: «منا والله ، اما سمعت قول ابراهيم (عليه السلام): )فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)؟».[1066]

6- عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من اتقي الله منكم وأصلح فهو منا اهل البيت» قال: منكم اهل البيت؟ قال: «منا اهل البيت ، قال فيها ابراهيم (عليه السلام): )فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي(».[1067]

قال عمر بن يزيد: قلت له: من آل محمد؟ قال: «اي والله من آل محمد ، اي والله من أنفسهم ، اما تسمع الله يقول:)إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ )[1068]؟ وقول ابراهيم (عليه السلام): )فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)؟».[1069]

7- عن أبي عمروالزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أحب[1070] آل محمد وقدمهم علي‏ جميع الناس بما قدمهم من قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهو من آل محمد (عليه السلام) لتوليه آل محمد (عليهم السلام) ، لأنه من القوم بأعيانهم ، وانما هومنهم بتوليه واتباعه إياهم ، وكذلك حكم الله في كتابه )ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ([1071] وقول ابراهيم: )فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ومَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(».[1072]

8- ابن شهر آشوب: قال النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: )واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ(: «فانتهت الدعوة الي والى علي» وفي خبر: «انا دعوة ابراهيم» وانما عني بذلك الطاهرين ، لقوله (صلى الله عليه وآله): «نقلت من أصلاب الطاهرين الى أرحام الطاهرات لم يمسني سفاح الجاهلية[1073]». [1074]

وقد تقدمت رواية عبد الله بن مسعود في معني الآية عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: )إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً(- الآية- من سورة البقرة ، من طريق أصحابنا والجمهور.[1075]

 

 

قوله تعالى:

)رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ  رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم وارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ   37 (

1- علي بن ابراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن هشام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ان ابراهيم (عليه السلام) كان نازلا في بادية الشام ، فلما ولد له من هاجر إسماعيل (عليه السلام) ، اغتمت سارة من ذلك غما شديدا لأنه لم يكن له منها ولد ، فكانت تؤذي ابراهيم (عليه السلام) في هاجر وتغمه ، فشكا ابراهيم (عليه السلام) ذلك الى الله عز وجل فأوحي الله اليه: انما مثل المراة مثل الضلع العوجاء ، ان تركتها استمتعت بها ، وان أقمتها كسرتها ، ثم امره ان يخرج إسماعيل وامه. فقال ابراهيم: يا رب ، الى اي مكان؟ قال: الى حرمي وامني وأول بقعة خلقتها من الأرض ، وهي مكة. فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق ، فحمل هاجر وإسماعيل وابراهيم (عليهما السلام) ، وكان ابراهيم (عليه السلام) لا يمر بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع الا قال: يا جبرئيل ، الى ها هنا ، الى ها هنا. فيقول جبرئيل: لا ، امض امض ، حتى وافي مكة ، فوضعه في موضع البيت.

وقد كان ابراهيم (عليه الصلاة والسلام) عاهد سارة ان لا ينزل حتى يرجع اليها ، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه‏ شجر ، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها ، فاستظلوا تحته ، فلما سرحهم إبراهيم (عليه السلام) ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة ، قالت له هاجر: يا إبراهيم ، لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟

فقال إبراهيم (عليه السلام): الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان وهويكفيكم ، ثم انصرف عنهم. فلما بلغ كدى ، - وهوجبل بذي طوى- التفت اليهم إبراهيم (عليه السلام)، فقال: )رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم وارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) ثم مضى ، وبقيت هاجر»[1076]

 والحديث طويل ذكرناه في سورة البقرة عند قوله تعالى: )وإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وإِسْماعِيلُ).[1077]

2- وعنه، قال: حدثني أبي ، عن حنان ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) الآية ، قال: «نحن والله بقية تلك العترة».[1078]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة ، فقال: «هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية ، إنما أمروا أن يطوفوا بها ثم ينفروا الينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ، ويعرضوا علينا نصرتهم» ثم قرأ هذا الآية: )فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم).[1079]

4- ابن بابويه: قال: حدثنا علي بن حاتم ، قال: حدثني محمد بن جعفر وعلي بن سليمان ، قالا:حدثنا أحمد بن محمد ، قال: قال الرضا (عليه السلام): «أتدري لم سميت (الطائف) الطائف؟» قلت: لا. قال: «لأن الله عز وجل لما دعاه إبراهيم (عليه السلام) أن يرزق أهله من كل الثمرات ، أمر قطعة من الأردن فسارت بثمارها حتى طافت بالبيت ، ثم أمرها أن تنصرف إلى هذا الموضع الذي سمي الطائف ، فلذلك سميت الطائف»[1080].

5- وعنه، قال: حدثنا أبي (رحمه الله)، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بإسناده ، قال: قال: أبو الحسن (عليه السلام) في الطائف: «أتدري لم سمي الطائف؟» قلت: لا. فقال: «إن إبراهيم (عليه السلام) دعا ربه أن يرزق أهله من كل الثمرات ، فقطع لهم قطعة من الأردن فأقبلت حتى طافت بالبيت سبعا ، ثم أقرها الله عز وجل في موضعها ، فإنما سميت الطائف للطواف بالبيت».[1081]

6- المفيد: في (الإختصاص)، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد الكوفي الخزاز، قال:حدثني أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي ، عن ابن فضال ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي مسروق النهدي ، عن‏ مالك بن عطية ، عن أبي حمزة ، قال: دخل سعد بن عبد الملك- وكان أبو جعفر (عليه السلام) يسميه سعد الخير ، وهومن ولد عبد العزيز بن مروان- على أبي جعفر (عليه السلام) ، فنشج[1082] كما تنشج النساء- قال- فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «ما يبكيك يا سعد؟» قال: وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن؟ فقال له: «لست منهم ، أنت أموي منا أهل البيت ، أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)[1083]» .[1084]

7- العياشي: عن رجل ذكره ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) إلى قوله: (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ). قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «نحن منهم ، ونحن بقية تلك الذرية».[1085]

8- وفي رواية اخرى ، عن حنان بن سدير ، عنه (عليه السلام): «نحن بقية تلك العترة».[1086]

9- عن الفضل بن موسى الكاتب ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: «إن إبراهيم (عليه السلام) لما أسكن إسماعيل (عليه السلام) وهاجر مكة وودعهما لينصرف عنهما بكيا ، فقال لهما إبراهيم (عليه السلام): ما يبكيكما؟ فقد خلفتكما في أحب الأرض إلى الله ، وفي حرم الله. فقالت له هاجر: يا إبراهيم ، ما كنت أرى أن نبيا مثلك يفعل ما فعلت. قال: وما فعلت؟ فقالت: إنك خلفت امرأة ضعيفة وغلاما ضعيفا ، لا حيلة لهما ، بلا أنيس من بشر ، ولا ماء يظهر ، ولا زرع قد بلغ ، ولا ضرع يحلب! قال: فرق إبراهيم (عليه السلام) ودمعت عيناه عند ما سمع منها ، فأقبل حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام ، فأخذ بعضادتي الكعبة ، ثم قال: (اللهم إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم وارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(».

قال أبو الحسن (عليه السلام): «فأوحى الله إلى إبراهيم (عليه السلام) أن اصعد أبا قبيس فناد في الناس: يا معشر الخلائق ، إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما من استطاع اليه سبيلا فريضة من الله؟- قال- فصعد إبراهيم (عليه السلام) أبا قبيس ، فنادى في الناس بأعلى صوته ، يا معشر الخلائق ، إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما من استطاع اليه سبيلا فريضة من الله- قال- فمد الله لإبراهيم في صوته ، حتى أسمع به أهل المشرق والمغرب وما بينهما من جميع ما قدر الله وقضى في أصلاب الرجال من النطف ، وجميع ما قدر الله وقضى في أرحام النساء إلى يوم القيامة ، فهناك- يا فضل- وجب الحج على جميع الخلائق ، فالتلبية من الحاج في أيام الحج هي إجابة لنداء إبراهيم (عليه السلام) يومئذ بالحج عن الله».[1087]

10- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «إن إبراهيم خليل الرحمن (صلوات الله عليه)، سأل ربه حين أسكن ذريته الحرم ، فقال: رب ارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ، فأمر الله تبارك وتعالى قطعة من الأردن حتى جاءت فطافت بالبيت سبعا ، ثم أمر الله أن تقول: الطائف ، فسميت الطائف لطوافها بالبيت».[1088]

11- عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم): «أما أنه لم يعن الناس كلهم ، أنتم أولئك ونظراؤكم ، إنما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود ، أومتل العشرة السوداء في الثور الأبيض ، ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت ويعظموه لتعظيم الله إياه ، وإن يلقونا حيث كنا ، نحن الأدلاء على الله»[1089].

12- عن ثعلبة بن ميمون ، عن ميسر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن أبانا إبراهيم كان مما اشترط على ربه أن قال: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم.[1090]

13- وفي رواية اخرى عنه ، قال: كنا في الفسطاط عند أبي جعفر (عليه السلام) نحوا من خمسين رجلا ، قال: فجلس بعد سكوت كان منا طويلا فقال: «ما لكم لا تنطقون ، لعلكم ترون أني نبي؟ لا  والله ما أنا كذلك ، ولكن في قرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) قريبة ، وولادة ، من وصلها وصله الله ، ومن أحبها أحبه الله ، ومن أكرمها أكرمه الله ، أتدرون أي البقاع أفضل عند الله منزلة؟». فلم يتكلم أحد، فكان هوالراد على نفسه ، فقال: «تلك مكة الحرام ، التي رضيها لنفسه حرما ، وجعل بيته فيها»

ثم قال: «أتدرون أي البقاع أفضل من مكة؟» فلم يتكلم أحد ، فكان هوالراد على نفسه، فقال: «ما بين الحجر الأسود إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إبراهيم (عليه السلام) نفسه الذي كان يذود فيه غنمه ويصلي فيه ، فوالله لوأن عبدا صف قدميه في ذلك المكان ، قام النهار مصليا حتى يجنه الليل، وقام الليل مصليا حتى يجنه النهار ، ثم لم يعرف لنا حقا أهل البيت وحرمنا حقنا ، لم يقبل الله منه شيئا أبدا.

إن أبانا إبراهيم (صلوات الله عليه) كان فيما اشترط على ربه أن قال: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم) أما إنه لم يقل: الناس كلهم ، أنتم أولئك رحمكم الله ونظراؤكم ، فإنما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود ، أوالشعرة السوداء في الثور الأبيض ، وينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت ، وأن يعظموه لتعظيم الله إياه ، وأن يلقونا أينما كنا ، نحن الأدلاء على الله».[1091]

وفي خبر آخر: «أتدرون أي بقعة أعظم حرمة عند الله؟» فلم يتكلم أحد ، وكان هوالراد على نفسه ، فقال: «ذلك ما بين الركن الأسود والمقام ، إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إسماعيل (عليه السلام) الذي كان يذود فيه غنمه». ثم‏ ذكر الحديث.[1092]

14- عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة ، فقال: «هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية ، إنما أمروا أن يطوفوا ثم ينفروا الينا فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضون علينا نصرتهم» ثم قرأ هذه الآية: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي اليهم) فقال: «آل محمد، ثم قال- الينا الينا».[1093]

وتقدم حديث الباقر (عليه السلام) مع قتادة ، في باب مقدمات الكتاب[1094] ، ويأتي في قوله تعالى: (وقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالى وأَيَّاماً آمِنِينَ).[1095]

وتقدم في قوله تعالى: (واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا) من سورة آل عمران ، حديث جابر بن عبد الله ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).[1096]

قوله تعالى:

)رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وما نُعْلِنُ- إلى قوله تعالى- وإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ 38- 46 (

1- العياشي: عن السري ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ: «(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وما نُعْلِنُ وما يَخْفى‏ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ) شأن إسماعيل ، وما أخفى أهل البيت»[1097].

2- عن حريز بن عبد الله ، عمن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، أنه كان يقرأ هذه الآية: «رب اغفر لي ولولدي» يعني إسماعيل وإسحاق[1098].

3- وفي رواية اخرى: عمن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السلام)، أنه قرأ: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ) قال: «آدم وحواء»[1099].

4- عن جابر، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ). قال: «هذه كلمة صحفها الكتاب ، إنما كان استغفار إبراهيم (عليه السلام) لأبيه عن موعدة وعدها إياه ، وإنما قال: رب اغفر لي ولولدي. يعني إسماعيل وإسحاق. والحسن والحسين والله ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)».[1100]

5- علي بن إبراهيم: وأما قوله )رَبَّنَا اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ) قال: إنما أنزلت: (ولولدي) إسماعيل وإسحاق ، وقوله: )ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) قال: تبقى أعينهم مفتوحة من هول جهنم ، لا يقدرون أن يطرفوها. قال: )وأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) قال: قلوبهم تتصدع من الخفقان. ثم قال: )وأَنْذِرِ النَّاسَ) يا محمد )يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَ ولَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي حلفتم )ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) أي لا تهلكون )وسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يعني ممن قد هلكوا من بني امية )وتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ وقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) قال: مكر بني فلان.[1101]

6- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد ، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «والله للذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس ، فوالله، فيه[1102] نزلت هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ)[1103] إنما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ)[1104] مع الحسين (عليه السلام) (قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَولا أَخَّرْتَنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ) [1105] أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».[1106]

7- العياشي: عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ)[1107] «إنما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ)[1108] مع الحسين (عليه السلام) (قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَولا أَخَّرْتَنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ)[1109] ، (نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام)».[1110]

8- عن سعد بن عمر ، عن غير واحد ممن حضر أبا عبد الله (عليه السلام) ، ورجل يقول: قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن علي- ذكر دور العباسين- فقال رجل: أراناها الله خرابا ، أوخربها بأيدينا. فقال له أبوعبد الله (عليه السلام): «لا تقل هكذا ، بل تكون مساكن القائم وأصحابه ، أما سمعت الله يقول: (وسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)؟».[1111]

9- عن جميل بن دراج ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «(وإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) وإن كان مكر بني العباس بالقائم لتزول منه قلوب الرجال».[1112]

10- عن الحارث ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «إن نمرود أراد أن ينظر إلى ملك السماء ، فأخذ نسورا أربعة فرباهن حتى كن نشاطا ، وجعل تابوتا من خشب ، وأدخل فيه رجلا ، ثم شد قوائم النسور بقوائم التأبو ت ، ثم أطارهن ، ثم جعل في وسط التأبو ت عمودا ، وجعل في رأس العمود لحما ، فلما رأى النسور اللحم طرن ، وطرن بالتابو ت والرجل ، فارتفعن إلى السماء ، فمكثن ما شاء الله. ثم إن الرجل أخرج من التابو ت رأسه فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها ، ونظر إلى الأرض فإذا هولا يرى الجبال إلا كالذر ، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها ، ونظر إلى الأرض فإذا هولا يرى إلا الماء ، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها ، ونظر إلى الأرض فإذا هولا يرى شيئا فلما نزل اللحم[1113] إلى سفل العمود ، وطلبت النسور اللحم ، سمعت الجبال هدة النسور فخافت من أمر السماء ، وهوقول الله: (وإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.[1114]

11- الشيخ في (مجالسه): قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن وهبان ، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي ، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن الحسين ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا صفوان بن يحيى ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اتقوا الله ، وعليكم بالطاعة لأئمتكم ، قولوا ما يقولون ، واصمتوا عما صمتوا ، فإنكم في سلطان من قال الله تعالى: (وإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)- يعني بذلك ولد العباس- فاتقوا الله فإنكم في هدنة ، صلوا في عشائرهم ، واشهدوا جنائزهم ، وأدوا الأمانة اليهم ، وعليكم بحج هذا البيت فأدمنوه ، فإن في إدمانكم الحج دفع مكاره الدنيا عنكم وأهوال يوم القيامة».[1115]

قوله تعالى:

)يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ وبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ48 (

1- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان بن جعفر ، عن هشام بن سالم ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز وجل: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ). قال: «تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب». فقال الأبرش: فقلت: إن الناس يومئذ لفي شغل عن الأكل! فقال أبوجعفر (عليه السلام): «هم في النار لا يشتغلون عن أكل الضريع وشرب الحميم وهم في العذاب ، فكيف يشتغلون عنه في الحساب؟».[1116]

2- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله[1117] (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ). قال: «تبدل خبزا نقيا يأكل منه الناس حتى يفرغوا من الحساب». فقال له قائل: إنهم لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب! فقال: «إن الله عز وجل خلق ابن آدم أجوف ، ولا بد له من الطعام والشراب ، أهم أشد شغلا يومئذ أم من في النار وقد استغاثوا؟ والله عز وجل يقول: (وإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ)[1118]؟ » .[1119]

3- وعنه: عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالى ، وأبو منصور ، عن أبي الربيع ، قال سأل نافع أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ) أي أرض تبدل يومئذ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أرض تبقى خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الله عز وجل من الحساب».

فقال نافع: إنهم عن الأكل لمشغولون؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أهم يومئذ أشغل ، أم إذ هم في النار؟» فقال نافع: بل إذ هم في النار. قال: «والله ما شغلهم إذ دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم ، ودعوا بالشراب فسقوا الحميم». فقال: صدقت، يا بن رسول الله.[1120]

4- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي ، قال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد البزاز ، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء ، قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن مرة ، عن ثوبان: أن يهوديا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا محمد ، أسألك فتخبرني فيه. فرفسه ثوبان برجله ، وقال له: قل يا رسول الله. فقال: لا أدعوه إلا بما سماه أهله. قال: أرأيت قول الله عز وجل: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ) أين الناس يومئذ؟ قال: «في الظلمة دون المحشر». قال: فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها؟ قال: «كبد الحوت». قال: فما شرابهم على أثر ذلك؟ قال: «السلسبيل» قال: صدقت ، يا محمد.[1121]

5- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لقد خلق الله عز وجل في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض ، فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه ، ثم خلق الله عز وجل آدم أبا هذا البشر ، وخلق ذريته منه ، ولا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ، ولا خلت النار من أرواح الكفار والعصاة منذ خلقها عز وجل ، لعلكم ترون إذا كان يوم القيامة وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة ، وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار ، أن الله تعالى لا يعبد في بلاده ، ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه! بلى والله ، ليخلقن الله خلقا من غير فحولة ولا إناث ، يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه ، ويخلق لهم أرضا تحملهم ، وسماء تظلهم ، الىس الله عز وجل يقول: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ) ، وقال الله عز وجل: (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)[1122] ».[1123]

6- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن النعمان الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في حديث يصف فيه المحشر ، قال: «(تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) يعني بأرض لم تكسب عليها الذنوب ، بارزة ليس عليها جبال ولا نبات ، كما دحاها أول مرة».[1124]

7- المفيد في (إرشاده) قال: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد ، قال: حدثني جدي ، قال:حدثني الزبير بن أبي بكر ، قال حدثني عبد الرحمن بن عبيد الله الزهري ، قال: حج هشام بن عبد الملك ، فدخل المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه ، ومحمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) جالس في المسجد ، فقال له سالم مولاه: يا أمير المؤمنين ، هذا محمد بن علي بن الحسين. قال هشام: المفتون به أهل العراق؟ قال: نعم. فقال: اذهب اليه ، فقل له ، يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يحشر الناس على مثل قرص نقي ، فيها أنهار متفجرة ، يأكلون ويشربون حتى يفرغ من‏ الحساب».

قال: فرأى هشام أنه قد ظفر به ، فقال: الله أكبر ، اذهب اليه فقل له: يقول لك ما أشغلهم عن الأكل والشرب يومئذ؟! فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «هم في النار أشغل ، ولم يشتغلوا عن أن[1125] قالوا: (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَومِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)[1126]». فسكت هشام لا يرجع كلاما.[1127]

الطبرسي في (الإحتجاج): عن عبد الرحمن بن عبيد الله الزهري ، قال: حج هشام بن عبد الملك ، وذكر الحديث بعينه[1128].

8- العياشي: عن ثوير بن أبي فاختة ، عن علي بن الحسين (عليه السلام). قال: «(تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب ، بارزة ليست عليها جبال ولا نبات ، كما دحاها أول مرة».[1129]

9- عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله[1130] (عليه السلام) عن قول الله: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ). قال: « تبدل خبزة نقية ، يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، قال الله (وما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ)[1131] ».[1132]

10- عن محمد، عن محمد بن هاشم ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال له الأبرش الكلبي: بلغني أنك قلت في قول الله: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) أنها تبدل خبزة؟ فقال أبوجعفر (عليه السلام): «صدقوا ، تبدل الأرض خبزة نقية في الموقف ، يأكلون منها». فضحك الأبرش ، وقال: أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟ فقال: «ويحك ، في أي المنزلتين هم أشد شغلا  وأسوء حالا ، إذ هم في الموقف ، أوفي النار يعذبون»؟ فقال: لا ، في النار. فقال: «ويحك ، وإن الله يقول: (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)[1133] » قال: فسكت.[1134]

11- وفي خبر آخر عنه (عليه السلام) قال: «وهم في النار لا يشغلون عن أكل الضريع وشرب الحميم وهم في العذاب ، فكيف يشتغلون عنه في الحساب؟»[1135].

12- عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) قال: «تبدل خبزة نقية ، يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب». فقال له قائل: «إنهم يومئذ في شغل عن الأكل والشرب؟! فقال له: «ابن آدم خلق أجوف ، لا بد له من الطعام والشراب ، أهم أشد شغلا ، أم وهم في النار وقد استغاثوا؟ فقال: (وإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ)[1136]؟ ».[1137]

13- عن محمد بن مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لقد خلق الله في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم ، خلقهم من أديم الأرض ، فأسكنوها واحدا بعد واحد مع عالمه ، ثم خلق الله آدم أبا هذا البشر ، وخلق ذريته منه ، ولا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها الله ، ولا خلت النار من أرواح الكافرين منذ خلقها الله. لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة ، وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة ، وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار ، أن الله تبارك وتعالى لا يعبد في بلاده ، ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه! بلى والله ، ليخلقن خلقا من غير فحولة ولا إناث ، يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه ، ويخلق لهم أرضا تحملهم وسماء تظلهم ، اليس الله يقول: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ) وقال الله: (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)[1138] ».[1139]

14- قال علي بن إبراهيم: قوله: )يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ( قال: تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف ، يأكل منها المؤمنون.[1140]

قوله تعالى:

)وتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفاد ِ- إلى قوله تعالى- ولِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ 49- 52 (

1- قال علي بن إبراهيم: قوله: )وتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ( قال: مقيدين بعضهم إلى بعض: )سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ( قال: السرابيل: القمص.[1141]

2- قال: وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ): «وهوالصفر الحار الذائب ، انتهى حره ، يقول الله عز وجل: (وتَغْشى‏ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) سربلوا ذلك الصفر فتغشى وجوههم النار».[1142]

3- وقال في قوله: )هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ(: يعني محمدا )ولِيُنْذَرُوا بِهِ ولِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوإِلهٌ واحِدٌ ولِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ( أي أولو العقول.[1143]

المستدرك (سورة إبراهيم)

قوله تعالى:

)ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وخافَ وَعِيدِ 14 (

1- تحف العقول: عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال- في حديث طويل-: «فخافوا الله أيها المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى ، فإن الله يقول: (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وخافَ وَعِيدِ) فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها وشرورها ، وتذكروا ضرر عاقبة الميل اليها، فإن زينتها فتنة ، وحبها خطيئة».[1144]

)سورة الحجر(

)سورة الحجر فضلها(

1- خواص القرآن: روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة اعطي من الحسنات بعدد المهاجرين والأنصار ، ومن كتبها بزعفران وسقاها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها ، ومن كتبها وجعلها في عضده ، وهو يبيع ويشتري ، كثر بيعه وشراؤه ، ويحب الناس معاملته ، وكثر رزقه بإذن الله تعالى ما دامت عليه».[1145]

2- وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها بزعفران وسقاها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها ، ومن كتبها وجعلها في خزينته أوجيبه ، وغدا وخرج وهي في صحبته فإنه يكثر كسبه ، ولا يعدل أحد عنه بما يكون عنده مما يبيع ويشتري ، وتحب الناس معاملته».[1146]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وقُرْآنٍ مُبِينٍ رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوكانُوا مُسْلِمِينَ- إلى قوله تعالى- يَعْلَمُون َ1- 3 (

  معنى (الر) قد تقدم.[1147]

1- علي بن إبراهيم: قال: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن رفاعة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد من عند الله: لا يدخل الجنة إلا مسلم. فيومئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. ثم قال: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا ويُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) أي يشغلهم (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.[1148]

2- سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن عمار ابن مروان ، عن المنخل بن جميل ، عن جابر بن يزيد ، قال: قال أبوعبد الله[1149] (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوكانُوا مُسْلِمِينَ) قال: هو إذا خرجت أنا وشيعتي ، وخرج عثمان وشيعته ، ونقتل بني امية ، فعندها يود الذين كفروا لوكانوا مسلمين».[1150]

3- وعنه ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسكان ، عن كامل التمار ، قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوكانُوا مُسْلِمِينَ) بفتح السين‏ مثقلة اللام ، هكذا قرأها.[1151]

4- الإمام العسكري (عليه السلام) ، قال: «قال الله عز وجل: (واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)[1152] لا تدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع (ولا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ)[1153] يشفع لها بتأخير الموت عنها (ولا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ)[1154] لا يقبل منها فداء مكانه ، يمات ويترك هو فداء.[1155]

قال الصادق (عليه السلام): وهذا اليوم يوم الموت ، فإن الشفاعة والفداء لا يغني عنه ، فأما في القيامة ، فإنا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء ، ليكونن على الأعراف- بين الجنة والنار- محمد ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين (عليهم السلام) ، والطيبون من آلهم ، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ، ممن كان مقصرا ، في بعض شدائدها ، فنبعث عليهم خيار شيعتنا ، كسلمان، والمقداد ، وأبي ذر ، وعمار ، ونظرائهم في العصر الذي يليهم ، ثم في كل عصر إلى يوم القيامة ، فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ، ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقور صيدها ، فيزفونهم إلى الجنة زفا. وإنا لنبعث على آخرين من محبينا من خيار شيعتنا كالحمام ، فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب ، وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا. وسيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله ، بعد أن قد حاز الولاية والتقية وحقوق إخوانه ، ويوقف بإزائه ما بين مائه وأكثر من ذلك ، إلى مائة ألف من النصاب ، فيقال له: هؤلاء- فداؤك من النار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة ، وأولئك النصاب النار ، وذلك ما قال الله عز وجل: (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني بالولاية: (لَوكانُوا مُسْلِمِينَ) في الدنيا ، منقادين للإمامة ، ليجعل مخالفوهم فداءهم من النار».[1156]

5- العياشي: عن عبد الله بن عطاء المكي ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوكانُوا مُسْلِمِينَ). قال: «ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق: أنه لا يدخل الجنة إلا مسلم. ثم يود سائر الخلق أنهم كانوا مسلمين».[1157]

6- وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله (عليه السلام): «فثم يود الخلق أنهم كانوا مسلمين».[1158]

قوله تعالى:

)وما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا ولَها كِتابٌ مَعْلُومٌ- إلى قوله تعالى- وما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ 4- 8 (

1- وقال علي بن إبراهيم: قوله: )وما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا ولَها كِتابٌ مَعْلُومٌ( أي أجل مكتوب. ثم حكى قول قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله): )يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ( أي هلا تأتينا بالملائكة؟ فرد الله عز وجل عليهم ، فقال: )ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ( قال: لوأنزلنا الملائكة لم ينظروا وهلكوا[1159].

قوله تعالى:

)ولَوفَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً - إلى قوله تعالى- شِهابٌ مُبِينٌ 14- 18(

2- علي بن إبراهيم قال: )ولَوفَتَحْنا أيضا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ولَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً( قال: منازل الشمس والقمر. (وزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ( بالكواكب.[1160]

ورواه الطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السلام).[1161]

)وحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ( معنى الرجيم تقدم حديثه في سورة آل عمران. في قوله تعالى:(وإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ([1162].

3- علي بن إبراهيم: )إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ( قال: لم تزل الشياطين تصعد إلى السماء وتتجسس ، حتى ولد النبي (صلى الله عليه وآله)[1163].

4- قال علي بن إبراهيم: وروي عن آمنة ام النبي (صلى الله عليه وآله) أنها قالت: لما حملت برسول الله (صلى الله عليه وآله): لم أشعر بالحمل ، ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ، ورأيت في نومي كأن آتيا أتاني ، فقال لي: قد حملت بخير الأنام. ثم وضعته يتقي الأرض بيديه وركبتيه ، ورفع رأسه إلى السماء ، وخرج مني نور ، أضاء ما بين السماء والأرض.

ورميت الشياطين بالنجوم ، وحجبوا من السماء ، ورأت قريش الشهب تتحرك وتزول وتسير في السماء ففزعوا ، وقالوا: هذا قيام الساعة. واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة ، وكان شيخا كبيرا مجربا ، فسألوه عن ذلك، فقال: انظروا إلى هذه النجوم التي تهتدون بها في ظلمات البر والبحر، فإن كانت قد زالت فهي الساعة ، وإن كانت ثابتة فهولأمر قد حدث.

وكان بمكة رجل يهودي يقال له: يوسف ، فلما رأى النجوم تتحرك وتسير في السماء ، خرج إلى نادي قريش وقال: يا معشر قريش ، هل ولد الليلة فيكم مولود؟ فقالوا: لا ، فقال: أخطأتم والتوراة ، قد ولد في هذه الليلة آخر الأنبياء وأفضلهم ، وهوالذي نجده في كتبنا ، أنه إذا ولد ذلك النبي رجمت الشياطين ، وحجبوا من السماء. فرجع كل واحد إلى منزله يسأل أهله ، فقالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب ابن. فقال اليهودي: اعرضوه علي. فمشوا معه إلى باب آمنة ، فقالوا لها: أخرجي ابنك ينظر اليه هذا اليهودي ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينيه ، وكشف عن كتفه، فرأى شامة سوداء عليها شعرات ، فسقط إلى الأرض مغشيا عليه، فضحكوا منه ، فقال: أتضحكون، يا معشر قريش؟ هذا نبي السيف ، ليبيدنكم ، وذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد. وتفرق الناس يتحدثون بخبر اليهودي.

فلما رميت الشياطين بالنجوم أنكرت ذلك ، واجتمعوا إلى إبليس ، فقالوا: قد منعنا من السماء ، وقد رمينا بالشهب! فقال: اطلبوا ، فإن أمرا قد حدث في الدنيا. فتفرقوا ، فرجعوا ، وقالوا: لم نر شيئا. فقال إبليس: أنا لها بنفسي. فجال ما بين المشرق والمغرب ، حتى انتهى إلى الحرم فرآه محفوفا بالملائكة ، وجبرئيل على باب الحرم بيده حربة ، فأراد إبليس أن يدخل ، فصاح به جبرئيل ، فقال: اخسأ  يا ملعون. فجاء من قبل حراء ، فصار مثل الصر[1164]، ثم قال: يا جبرئيل حرف أسألك عنه. قال: وما هو؟ قال: ما هذا ، وما اجتماعكم في الدنيا؟ فقال: نبي هذه الأمة قد ولد ، وهوآخر الأنبياء وأفضلهم. قال: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا. قال: ففي أمته؟ قال: بلى. قال: قد رضيت.[1165]

4- ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «كان إبليس (لعنة الله) يخترق السماوات السبع ، فلما ولد عيسى (عليه السلام) ، حجب عن ثلاث سماوات ، وكان يخترق أربع سماوات ، فلما ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حجب عن السبع كلها ، ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش: هذا قيام الساعة ، كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه. وقال عمروبن أمية ، وكان من أزجر[1166] أهل الجاهلية: انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ، ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رمي بها ، فهوهلاك كل شي‏ء ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها ، فهوأمر حدث.

وأصبحت الأصنام كلها صبيحة مولد النبي ليس منها صنم إلا وهومنكب على وجهه ، وارتجس[1167] في تلك الليلة إيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى الموبذان[1168] في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، وقد قطعت دجلة وانتشرت[1169] في بلادهم ، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء[1170] ، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ، ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك ، وانتزع علم الكهنة ، وبطل سحر السحرة ، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها ، وعظمت قريش في العرب ، سموا آل الله عز وجل- قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام)- إنما سموا آل الله عز وجل لأنهم في بيت الله الحرام.

وقالت آمنة: إن ابني- والله- سقط فاتقى الأرض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر اليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شي‏ء ، وسمعت في الضوء قائلا يقول: إنك قد ولدت سيد الناس ، فسميه محمدا. وأتي به عبد المطلب لينظر اليه ، وقد بلغه ما قالت امه ، فأخذه ووضعه في حجره ، ثم قال:

الحمد لله  الذي  أعطاني              هذا الغلام الطيب الأردان‏

قد ساد في المهد على الغلمان        وفاق  شأنه  جميع  الشان[1171]

 ثم عوذه بأركان الكعبة ، وقال فيه أشعارا».

قال: «وصاح إبليس (لعنه الله) في أبالسته ، فاجتمعوا اليه ، وقالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم ، لقد أنكرت السماوات والأرض منذ الليلة ، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع[1172] عيسى بن مريم ، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث. فافترقوا ، ثم اجتمعوا اليه ، فقالوا: ما وجدنا شيئا. فقال إبليس (لعنه الله)، أنا لهذا الأمر ، ثم انغمس في الدنيا ، فجالها حتى انتهى إلى الحرم ، فوجد الحرم محفوفا[1173] بالملائكة ، فذهب ليدخل، فصاحوا به فرجع، ثم صار مثل الصر- وهوالعصفور- فدخل من قبل حراء ، فقال له جبرئيل: وراءك ، لعنك الله. فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل ، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟ فقال له: ولد محمد (صلى الله عليه وآله). فقال له: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا ، قال: ففي أمته؟ قال: نعم. قال: رضيت»[1174].

1- العياشي: عن بكر بن محمد الأزدي ، عن عمه عبد السلام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «يا عبد السلام ، احذر الناس ونفسك». فقلت: بأبي أنت وأمي ، أما الناس فقد أقدر على أن أحذرهم ، فأما نفسي فكيف؟ قال: «إن الخبيث المسترق السمع يجيئك فيسترق ، ثم يخرج في صورة آدمي ، فيقول: قال عبد السلام». فقلت: بأبي أنت وأمي ، هذا ما لا حيلة له. قال: «هو ذلك».[1175]

قوله تعالى :

)والْأَرْضَ مَدَدْناها وأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ - إلى قوله تعالى- ومَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ 19- 20 (

 2- علي بن إبراهيم، قال: قوله: )والْأَرْضَ مَدَدْناها وأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ( أي الجبال: )وأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْزُونٍ وجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ ومَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ( قال: لكل ضرب من الحيوان قدرنا شيئا مقدرا.[1176]

3- قال: وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: (وأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْزُونٍ): «فإن الله تبارك وتعالى أنبت في الجبال الذهب والفضة والجوهر والصفر والنحاس والحديد والرصاص والكحل والزرنيخ ، وأشباه ذلك لا يباع إلا وزنا».[1177]

قوله تعالى :

)وإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ 21 (

4- علي بن إبراهيم ، في قوله: )وإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ( قال: الخزانة: الماء الذي ينزل من السماء فينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر الله له من الغذاء.[1178]

2- ابن الفارسي في (الروضة): روي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) أنه قال: «في العرش تمثال جميع ما خلق الله في البر والبحر- قال- وهذا تأويل قوله: (وإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) وإن بين القائمة من قوائم العرش ، والقائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام ، والعرش يكسى كل يوم سبعين[1179] لونا من النور ، لا يستطيع أن ينظر اليه خلق من خلق الله ، والأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة.

وإن كان لله ملكا يقال له: حزقائيل ، له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، فخطر له خاطر بأن قال: هل فوق العرش شي‏ء؟ فزاده الله مثلها أجنحة اخرى ، فكان له ست وثلاثون ألف جناح ، ما بين الجناح ، إلى الجناح خمسمائة عام ، ثم أوحى الله اليه: أيها الملك ، طر ، فطار مقدار عشرين ألف عام ولم ينل رأس قائمة من قوائم العرش ، ثم ضاعف الله له في الجناح والقوة ، وأمره أن يطير ، فطار مقدار عشرين ألف عام ، ولم ينل أيضا ، فأوحى الله اليه: أيها الملك ، لوطرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك ، لم تبلغ إلى ساق العرش. فقال الملك: سبحان ربي الأعلى ، فأنزل الله عز وجل: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)[1180] فقال النبي (صلى الله عليه وآله): اجعلوها في سجودكم».[1181]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان علي (عليه السلام) يقوم في المطر أول ما تمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه. فقيل له: يا أمير المؤمنين ، الكن الكن. فقال: إن هذا ماء قريب عهد بالعرش. ثم أنشأ يحدث ، فقال: إن تحت العرش بحرا فيه ماء ، ينبت أرزاق الحيوانات ، فإذا أراد الله عز وجل أن ينبت به لهم ما يشاء ، رحمة منه لهم ، أوحى اليه فمطر ما شاء من سماء إلى سماء ، حتى يصير إلى سماء الدنيا- فيما أظن- فيلقيه إلى السحاب ، والسحاب بمنزلة الغربال ، ثم يوحي الله إلى الريح أن اطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ، ثم انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فامطري عليهم. فيكون كذا وكذا عبابا[1182] وغير ذلك ، فتقطر عليهم على النحوالذي يأمرها به ، فليس من قطرة تقطرا إلا ومعها ملك ، حتى يضعها موضعها ، ولم تنزل من السماء قطرة من مطر إلا بعدد معدود ووزن معلوم ، إلا ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح (عليه السلام)، فإنه نزل ماء منهمر بلا وزن ولا عدد».[1183]

4- وعنه ، قال: وحدثني أبوعبد الله (عليه السلام) قال: «قال لي أبي (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل جعل السحاب غرابيل للمطر ، هي تذيب البرد حتى يصير ماء لكيلا يضربه شيئا يصيبه ، والذي ترون فيه من البرد والصواعق نقمة من الله عز وجل ، يصيب بها من يشاء من عباده. ثم‏ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تشيروا إلى المطر ، ولا إلى الهلال ، فإن الله يكره ذلك»[1184].

وروى ذلك الحميري في (قرب الإسناد) بإسناده ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام).[1185]

5- ابن بابويه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رحمه الله)، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر[1186] ، عن الحسن بن محبوب، عن مقاتل بن سليمان ، قال: قال أبوعبد الله الصادق (عليه السلام): «لما صعد موسى (عليه السلام) الطور ، فنادى ربه عز وجل ، قال: رب أرني خزائنك قال: يا موسى: إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له: لكن: فيكون».[1187]

قوله تعالى:

)وأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ 22 (

1- علي بن إبراهيم ، قال: التي تلقح الأشجار.[1188]

2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، وهشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) حين سأله عن الرياح ، قال: «ولله عز ذكره رياح رحمة لواقح وغير ذلك ، ينشرها بين يدي رحمته، منها ما يهيج السحاب للمطر ، ومنها رياح تحبس السحاب بين السماء والأرض ، ورياح تعصر السحاب فتمطره بإذن الله».[1189]

3- العياشي: عن ابن وكيع ، عن رجل ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تسبوا الريح ، فإنها بشر[1190] ، وإنها نذر ، وإنها لواقح ، فاسألوا الله من خيرها ، وتعوذوا به من شرها»[1191].

4- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لله رياح رحمة لواقح ، ينشرها بين يدي رحمته».[1192]

قوله تعالى:

)فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ وإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي ونُمِيتُ ونَحْنُ الْوارِثُونَ 22- 23 (

 1- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: )فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) أي لا تقدرون أن تخزنوه: )وإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي ونُمِيتُ ونَحْنُ الْوارِثُونَ) أي نرث الأرض ومن عليها.[1193]

قوله تعالى:

)ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ 24 (

2- العياشي: عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) ، قال: «هم المؤمنون من هذه الامة».[1194]

3- الشيباني في (نهج البيان) قال: روي عن الصادق (عليه السلام): «أن المستقدمين أصحاب الحسنات ، والمستأخرين أصحاب السيئات».[1195]

 

قوله تعالى:

)ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ 26 (

4- علي بن إبراهيم: )ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ) قال: الماء المتصلصل بالطين: )مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) قال: حمأ متغير.[1196]

2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة ، وخلق الكافر من طينة النار- وقال- إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا ، طيب روحه وجسده ، فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه ، ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره».

قال: وسمعته يقول: «الطينات ثلاث: طينة الأنبياء ، والمؤمن من تلك الطينة ، إلا أن الأنبياء من صفوتها ، هم الأصل ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طين لازب ، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم- وقال- طينة الناصب من حمأ مسنون ، وأما المستضعفون فمن تراب ، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ، ولا ناصب عن نصبه ، ولله المشيئة فيهم».[1197]

3- العياشي: عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال الله للملائكة: (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)[1198] قال: وكان ذلك من الله تقدمة منه إلى الملائكة احتجاجا منه عليهم ، وما كان الله ليغير ما بقوم إلا بعد الحجة عذرا ونذرا ، فاغترف الله غرفة بيمينه- وكلتا يديه يمين[1199]- من الماء العذب الفرات ، فصلصلها في كفه فجمدت ، ثم قال: منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين ، الأئمة المهديين ، الدعاة إلى الجنة ، وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا ابالى ، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون.

ثم اغترف الله غرفة بكفه الاخرى من الماء الملح الأجاج ، فصلصلها في كفه فجمدت ، ثم قال لها: منك أخلق الجبارين ، والفراعنة ، والعتاة ، وإخوان الشياطين ، وأئمة الكفر ، والدعاة إلى النار ، وأتباعهم إلى يوم القيامة ، ولا ابالى ، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون. واشترط في ذلك البداء فيهم ، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء لله فيهم ، ثم خلط الماءين في كفه جميعا فصلصلهما ، ثم أكفأهما قدام عرشه ، وهما بلة من طين».[1200]

قوله تعالى:

)والْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ وإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ- إلى قوله تعالى- إِلى‏ يَوْمِ الدِّينِ 27- 35 (

1- (تحفة الإخوان) قال: ذكر بعض المفسرين ، بحذف الإسناد ، عن أبي بصير ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، أنه قال: أخبرني عن خلق آدم ، كيف خلقه الله تعالى؟

قال: «إن الله تعالى لما خلق نار السموم ، وهي نار لا حر لها ولا دخان ، فخلق منها الجان ، فذلك معنى قوله تعالى: (والْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) وسماه مارجا ، وخلق منه زوجه وسماها مارجة ، فواقعها فولدت الجان ، ثم ولد الجان ولدا وسماه الجن ، ومنه تفرعت قبائل الجن ، ومنهم إبليس اللعين ، وكان يولد الجان الذكر والأنثى ، ويولد الجن كذلك توأمين ، فصاروا تسعين ألفا ذكرا وأنثى ، وازدادوا حتى بلغوا عدة الرمال.

وتزوج إبليس بامرأة من ولد الجان يقال لها: لهبا بنت روحا[1201] بن سلساسل[1202] ، فولدت منه بيلقيس[1203] وطونة في بطن واحد ، ثم شعلا وشعيلة في بطن واحد ، ثم دوهر ودوهرة في بطن واحد ، ثم شوظا وشيظة في بطن واحد ، ثم فقطس وفقطسة في بطن واحد ، فكثر أولاد إبليس (لعنة الله) حتى صاروا لا يحصون ، وكانوا يهيمون على وجوههم كالذر ، والنمل ، والبعوض ، والجراد ، والطير ، والذباب. وكانوا يسكنون المفاوز[1204] والقفار ، والحياض ، والآجام ، والطرق ، والمزابل ، والكنف[1205] ، والأنهار ، والآبار ، والنواويس[1206] ، وكل موضع وحش ، حتى امتلأت الأرض منهم. ثم تمثلوا بولد آدم بعد ذلك ، وهم على صور الخيل ، والحمير ، والبغال ، والإبل ، والمعز ، والبقر ، والغنم ، والكلاب ، والسباع ، والسلاحف. فلما امتلأت الأرض من ذرية إبليس (لعنه الله) أسكن الله الجان الهواء دون السماء ، وأسكن ولد الجن في سماء الدنيا ، وأمرهم بالعبادة والطاعة وهوقوله تعالى: (وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[1207].

وكانت السماء تفتخر على الأرض ، وتقول: إن ربي رفعني فوقك ، وأنا مسكن الملائكة ، وفي العرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم ، وخزائن الرحمة ، ومني ينزل الوحي . فقالت الأرض: إن ربي بسطني واستودعني عروق الأشجار والنبات والعيون ، وخلق في الثمرات والأنهار والأشجار. فقالت لها السماء: ليس‏ عليك أحد يذكر الله تعالى؟ فقالت الأرض: يا رب ، إن السماء تفتخر علي ، إذ ليس علي أحد يذكرك. فنوديت الأرض: أن اسكني، فإني أخلق من أديمك صورة لا مثل لها من الجن[1208] ، وأرزقه العقل والعلم والكتاب واللسان ، وانزل عليه من كلامي ، ثم أملأ بطنك وظهرك وشرقك وغربك على مزاج تربك في اللون ، والحرية ، والسرية ، وافتخري يا أرض على السماء بذلك. ثم استقرت الأرض وسألت ربها أن يهبط اليها خلقا ، فأذن لها بذلك ، على أن يعبدوه ولا يعصوه- قال- وهبط الجن وإبليس اللعين وسكنا الأرض ، فأعطوا على ذلك العهد ، ونزلوا وهم سبعون ألف قبيلة يعبدون الله حق عبادته دهرا طويلا. ثم رفع الله إبليس إلى سماء الدنيا لكثرة عبادته ، فعبد الله تعالى فيها ألف سنة ، ثم رفع إلى السماء الثانية ، فعبد الله تعالى فيها ألف سنة ، ولم يزل يعبد الله في كل سماء ألف سنة حتى رفعه الله إلى السماء السابعة ، وكان أول يوم في السماء الأولى السبت ، والأحد في الثانية ، حتى كان يوم الجمعة صير في السماء السابعة ، وكان يعبد الله حق عبادته ، ويوحده حق توحيده ، وكان بمنزلة عظيمة حتى إذا مر به جبرئيل وميكائيل ، يقول بعضهم لبعض: لقد أعطي هذا العبد من القوة على طاعة الله وعبادته ما لم يعط أحد من الملائكة.

فلما كان بعد ذلك بدهر طويل ، أمر الله تعالى جبرئيل أن يهبط إلى الأرض ، ويقبض من شرقها وغربها وقعرها وبسطها قبضة ، ليخلق منها خلقا جديدا ، ليجعله أفضل الخلائق».[1209]

2- وعنه: قال ابن عباس: فنزل إبليس (لعنه الله) فوقف وسط الأرض ، وقال: يا أيتها الأرض ، إني جئتك ناصحا لك ، إن الله تعالى يريد أن يخلق منك خلقا يفضله على جميع الخلق ، وأخاف أن يعصيه ، وقد أرسل الله اليك جبرئيل ، فإذا جاءك فاقسمي عليه أن لا يقبض منك شيئا. فلما هبط جبرئيل بإذن ربه ، نادته الأرض ، وقالت: يا جبرئيل ، بحق من أرسلك الى ، لا تقبض مني شيئا ، فإني أخاف أن يعصيه ذلك الخلق ، فيعذبه في النار. قال: فارتعد جبرئيل من هذا القسم ، ورجع إلى السماء ولم يقبض منها شيئا ، فأخبر الله تعالى بذلك ، فبعث الله تعالى ميكائيل ثانية ، فجرى له مثل ما جرى لجبرئيل ، فبعث الله عزرائيل ملك الموت ، فلما هم بها أن يقبض منها ، قالت له مثل ما قالت لهما ، فقال: وعزة ربي لا أعصي له أمرا. ثم قبض منها قبضة من شرقها وغربها وحلوها ومرها وطيبها ومالحها وخسيسها[1210] وقعرها وبسطها ، فقدم ملك الموت بالقبضة ، ووقف أربعين عاما لا ينطق ، فأتاه النداء أن يا ملك الموت ، ما صنعت؟ فأخبره بجميع القضية. قال الله تعالى: وعزتي وجلالى لاسلطنك على قبض أرواح هذا الخلق الذي أخلقه لقلة رحمتك. فجعل الله نصف تلك القبضة في الجنة ، والنصف الآخر في النار. قال: وخلق الله آدم من سبع أرضين: فرأسه من الأرض والاولى ، وعنقه من الثانية ، وصدره من الثالثة ، ويداه من الرابعة ،  وبطنه وظهره من الخامسة ، وفخذاه وعجزه من السادسة ، وساقاه وقدماه من السابعة.[1211]

3- وعنه: قال ابن عباس: خلق الله آدم (عليه السلام) على الأقاليم: فرأسه من تربة الكعبة ، وصدره من تربة الدهناء[1212] ، وبطنه وظهره من تربة الهند ، ويداه من تربة المشرق ، ورجلاه من تربة المغرب. وفيه تسعة أبو اب: سبعة في رأسه ، وهي: عيناه وأذناه ومنخراه وفمه ، واثنان في بدنه ، وهما: قبله ودبره. وخلق فيه الحواس: ففي العينين حاسة البصر ، وفي الأذنين حاسة السمع ، وفي منخرية الشم ، وفي فمه الذوق ، وفي يديه اللمس ، وفي رجليه المشي ، وخلق الله له لسانا ينطق ، وخلق له أسنانا: أربع ثنيات ، وأربع رباعيات ، وأربعة أنياب ، وستة عشر ضرسا. ثم ركب في رقبته ثمان فقرات ، وفي ظهره أربع عشرة فقرة ، وفي جنبه الأيمن ثمانية أضلاع ، وفي الأيسر سبعة ، وواحد أعوج للعلم السابق ، لأنه خلق منه حواء (عليها السلام). ثم خلق القلب فجعله في الجانب الأيسر من الصدر ، وخلق المعدة أمام القلب ، وخلق الرية ، وهي كالمروحة للقلب ، وخلق الكبد وجعله في الجانب الأيمن ، وركب فيها المرارة ، وخلق الطحال في الجانب الأيسر محاذي الكبد ، وخلق الكليتين إحداهما فوق الكبد والاخرى فوق الطحال ، وخلق ما بين ذلك حجبا وأمعاء ، وركب سن[1213] الصدر ودخله في الأضلاع ، وخلق العظام ، ففي الكتف عظم ، وفي الساعدين عظمين ، وفي الكف خمسة أعظم وفي كل إصبع ثلاثة أعظم ، إلا الإبهام ففيه عظمان ، وجعل في الوركين عظمين. ثم ركب فيها العروق وجعل أصلها الوتين ، وهوبيت الدم الذي ينفجر منه إلى البدن ، وهي عروق مختلفة ، أربعة تسقي الدماغ ، وأربعة تسقي العينين ، وأربعة تسقي الأذنين ، وأربعة تسقي المنخرين ، وأربعة تسقي الشفتين ، واثنان يسقيان الصدغين ، وعرقان في اللسان ، وعرقان في الفم يسقيان الأسنان إلى الدماغ ، وسبعة تسقي العنق ، وسبعة تسقي الصدر ، وعشرة تسقي الظهر ، وعشرة تسقي البطن ، وسائر العروق تسقي سائر البدن متفرقة ، لا يعلم عددها إلا الله تعالى خالقها.

واللسان ترجمان ، والعينان سراجان ، والأذنان سماعان ، والمنخران نقيبان ، واليدان جناحان ، والرجلان سياران ، والكبد فيه الرحمة ، والطحال فيه الضحك ، والكليتان فيهما المكر ، والرئة فيها الخفة ، وهي مروحة القلب ، والمعدة خزانة ، والقلب عماد الجسد ، فإذا صلح صلح الجسد.

قال: فلما خلق الله تعالى آدم على هذه الصورة ، أمر الملائكة فحملوه ، ووضعوه على باب الجنة عدة من الملائكة ، وكان جسدا لا روح فيه ، وكانت الملائكة تتعجب منه ومن صفته وصورته ، لأنهم لم يكونوا رأوا مثله ، فذلك قوله تعالى: )هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)[1214] يعني لم يكن إنسانا موصوفا. وكان إبليس ممن يطيل النظر اليه ، ويقول: ما خلق الله تعالى هذا إلا لأمر ، فربما أدخل في فيه وأخرج ، فإنه خلق ضعيف خلق من طين ، وهوأجوف ، والأجوف لا بد له من مطعم. وقيل: إنه قال يوما للملائكة: أما تعلمون أنتم لم فضل هذا الخلق عليكم؟ قالوا: نطيع ربنا ولا نعصيه ، وهويقول في ذلك: لئن فضل هذا الخلق علي لأعصينه ، وإن فضلت عليه لاهلكنه.

قال: فلما أراد الله أن ينفخ فيه الروح ، خلق روح آدم (عليه السلام) ليست كالأرواح ، وهي روح فضلها الله تعالى على جميع أرواح الخلق من الملائكة وغيرها ، فذلك قوله تعالى: )فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) ، وقال الله تعالى: )ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)[1215]. قال: فلما خلق الله تعالى روح آدم (عليه السلام) أمر بغمسها في جميع الأنوار ، ثم أمرها أن تدخل في جسد آدم (عليه السلام) بالتأني دون الاستعجال ، فرأت الروح مدخلا ضيقا ومنافذ ضيقة ، فقالت: يا رب ، كيف أدخل من الفضاء إلى الضيق؟ فنوديت: أن ادخلي كرها. فدخلت الروح من يافوخه إلى عينيه ففتحهما آدم (عليه السلام) ، فجعل ينظر إلى بدنه ولا يقدر على الكلام ، ونظر إلى سرادق العرش مكتوبا عليه: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فصارت الروح إلى أذنيه ، فجعل يسمع تسبيح الملائكة. ثم جعلت الروح تدور في رأسه ودماغه ، والملائكة قبل خلقه بذلك ، قوله تعالى:)إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ([1216]. ثم صارت الروح إلى الخياشيم ، ففتحت العطسة المجاري المسدودة وسارت إلى اللسان ، فقال آدم (عليه السلام): «الحمد لله الذي لم يزل». فهي أول كلمة قالها ، فناداه الرب: يرحمك ربك- يا آدم- لهذا خلقتك ، وهذا لك ولذريتك ، ولمن قال مثل مقالتك.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): «ليس على إبليس أشد من تشميت العاطس».

قال:فصارت الروح في جسد آدم (عليه السلام) حتى بلغت الساقين والقدمين ، فاستوى آدم قائما على قدميه في يوم الجمعة ، عند زوال الشمس.

قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «كانت الروح في رأس آدم (عليه السلام) مائة عام ، وفي صدره مائة عام ، وفي ظهرة مائة عام ، وفي بطنه مائة عام ، وفي عجزه وفي وركيه مائة عام ، وفي ساقيه وقدميه مائة عام».

فلما استوى آدم قائما، نظرت اليه الملائكة كأنه الفضة البيضاء ، فأمرهم الله بالسجود له ، فأول من بارد إلى السجود جبرئيل ، ثم ميكائيل ، ثم عزرائيل ، ثم إسرافيل ، ثم الملائكة المقربون. وكان السجود لآدم يوم الجمعة عند الزوال ، فبقيت الملائكة في سجودها إلى العصر ، فجعل الله تعالى هذا اليوم عيدا لآدم (عليه السلام) ولأولاده ، وأعطاه الله تعالى فيه الإجابة في الدعاء ، وفي يوم الجمعة وليلتها أربع وعشرون ساعة ، في كل ساعة يعتق سبعون ألف عتيق من النار.[1217]

4- وعنه: قال جعفر الصادق (عليه السلام): «وأبى إبليس (لعنه الله) من أن يسجد لآدم (عليه السلام) استكبارا وحسدا ، فقال الله تعالى: (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالين قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)[1218] والنار تأكل الطين ، وأنا الذي عبدتك دهرا طويلا قبل أن تخلقه ، وأنا الذي كسوتني الريش والنور ، وأنا الذي عبدتك في أكناف السماوات مع الكروبيين والصافين والمسبحين[1219] والروحانيين والمقربين. قال الله تعالى: لقد علمت في سابق علمي من ملائكتي الطاعة ومنك المعصية ، فلم ينفعك طول العبادة لسابق العلم فيك ، وقد أبلستك[1220] من الخير كله إلى آخر الأبد ، وجعلتك مذموما مدحورا شيطانا رجيما لعينا. فعند ذلك تغيرت خلقته الحسنة إلى خلقة كريهة مشوهة ، فوثب عليه الملائكة بحرابها وهم يلعنونه ، ويقولون له: رجيم ملعون ، رجيم ملعون. فأول من طعنه جبرئيل ، ثم ميكائيل ، ثم إسرافيل ، ثم عزرائيل ، ثم جميع الملائكة ، من كل ناحية وهوهارب من بين أيديهم ، حتى ألقوه في البحر المسجور ، فبادرت اليه الملائكة بحراب من نار ، فلم يزالوا يطعنونه حتى بلغوه القرار ، وغاب عن عيون الملائكة ، والملائكة في اضطراب والسماوات في رجفان من جرأة إبليس اللعين وعصيانه أمر الله. قال الله تعالى: (وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها)[1221] حتى عرف اللغات كلها ، حتى لغات الحيات والضفادع ، وجميع ما في البر والبحر».

قال ابن عباس: لقد تكلم آدم (عليه السلام) بسبعمائة[1222] ألف ألف لغة ، أفضلها العربية ثم أمر الله تعالى الملائكة أن يحملوا آدم (عليه السلام) على أكتافهم ليكون عاليا عليهم ، وهم يقولون: سبوح قدوس لا خروج عن طاعتك.

وسارت به في طرق السماوات وقد اصطفت حوله الملائكة ، فلا يمر آدم (عليه السلام) على صف إلا ويقول: «السلام عليكم ورحمة الله ، يا ملائكة ربي». فيجيبونه: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، يا صفوة الله وروحه وفطرته.

وضرب له في الصفيح الأعلى قبابا من الياقوت الأحمر ، ومن الزبرجد الأخضر ، فما مر آدم (عليه السلام) بموقف من الملائكة ومقام النبيين إلا وسماه باسمه واسم أصحابه ، وعلى آدم (عليه السلام) يومئذ ثياب السندس الأخضر في رقة الهواء ، وله ظفيرتان مرصعتان بالدر والجواهر ، محشوتان بالمسك الأذفر[1223] والعنبر على قامة آدم (عليه السلام) من رأسه إلى قدميه ، وعلى رأسه تاج من ذهب مرصع بالجوهر والعنبر والفيروزج الأخضر ، له أربعة أركان ، وفي كل ركن منها درة عظيمة يغلب ضوؤها على ضوء الشمس والقمر ، وفي أصابعه خواتيم الكرامة ، وفي وسطه منطقة الرضوان ، ولها نور يسطع في كل غرفة ، فوقف آدم على المنبر في هذه الزينة ، وقد علمه الأسماء كلها ، وأعطاه قضيبا من نور ، فتحير الملائكة فيه ، فقالوا: إلهنا ، خلقت خلقا أكرم من هذا؟ فقال الله تعالى: «ليس من خلقته بيدي كمن قلت له: كن فيكون».

فانتصب آدم على منبره قائما ، وسلم على الملائكة ، وقال: «السلام عليكم ، يا ملائكة ربي ورحمة الله وبركاته» فأجابه الملائكة: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. فإذا النداء: يا آدم ، لهذا خلقتك، وهذا السلام تحية لك ولذريتك إلى يوم القيامة».

قال النبي (صلى الله عليه وآله) «ما فشا السلام في قوم إلا أمنوا من العذاب ، فإن فعلتموه دخلتم الجنة».

وقال النبي (صلى الله عليه وآله) «ألا أدلكم على شي‏ء إن فعلتموه دخلتم الجنة» قالوا: بلى يا رسول الله ، قال: «أطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، وصلوا في الليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام».

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): «إذا سلم المؤمن على أخيه ، يبكي إبليس لعنه الله ، ويقول: يا ويلتاه. ولم يفترقا حتى يغفر الله لهما».

قال: فأخذ آدم في خطبته فبدأ يقول: «الحمد لله» فصار ذلك سنة لأولاده ، وأثنى على الله تعالى بما هوأهله ، ثم ذكر علم السماوات والأرضين وما فيها من خلق رب العالمين ، فعند ذلك قال الله تعالى للملائكة: (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)[1224] فشهدت الملائكة على أنفسها وأقرت ، وقالت: (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)[1225] قال الله تعالى: (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ)[1226] فجعل آدم يخبرهم بأسماء كل شي‏ء ، خفيها وظاهرها ، برها وبحرها ، حتى الذرة والبعوضة ، فتعجبت الملائكة من ذلك ، قال الله تعالى: (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ والْأَرْضِ وأَعْلَمُ ماتُبْدُونَ وما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)[1227] يعني ما كتم إبليس من إضمار المعصية.

قال: ونزل آدم (عليه السلام) من منبره ، وزاد الله في حسنه أضعافا زيادة على ما كان عليه من الحسن والجمال ، فلما نزل قرب اليه قطف[1228] من عنب أبيض فأكله ، وهو أول شي‏ء أكله من طعام الجنة ، فلما استوفاه ، قال: «الحمد لله رب العالمين» ، فقال الله تعالى: يا آدم ، لهذا خلقتك ، وهو سنتك وسنة ذريتك إلى آخر الدهر. ثم أخذته السنة ، أي النعاس ، مبادئ النوم ، لأنه لا راحة لبدن يأكل إلا النوم ، ففزعت الملائكة ، وقالت: النوم هو الموت. فلما سمع إبليس بأكل آدم (عليه السلام) فرح وتسلى ببعض ما فيه ، وقال: سوف أغويه.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): «من علامة الموت النوم ، ومن علامة القيامة اليقظة».

وقال: «سألت بنو إسرائيل موسى (عليه السلام): هل ينام ربنا؟ فأوحى الله إليه: لو نمت لسقطت السماوات على الأرض».

وسألت اليهود نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله): هل ينام ربك؟ فأنزل الله تعالى جبرئيل بهذه الآية: (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوالْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ)[1229]. فقالوا: أينام أهل الجنة؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «لا ينامون ، لأن النوم أخوالموت ، وأهل الجنة لا يموتون ، وكذلك أهل النار لا يموتون لأنهم معذبون دائما»[1230].

5- وعنه: قال جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): «فلما نام آدم (عليه السلام) ، خلق الله من ضلع جنبه الأيسر ما يلي الشراسيف[1231] وهوضلع أعوج ، فخلق منه حواء ، وإنما سميت بذلك لأنها خلقت من حي ، وذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها)[1232] فكانت حواء على خلق آدم (عليه السلام) ، وعلى حسنه وجماله ، ولها سبعمائة ظفيرة مرصعات بالياقوت واللؤلؤ والجواهر والدر ، محشوة بالمسك ، شكلاء[1233]، دعجاء[1234] ، غنجاء[1235] ، غضة[1236] ، بيضاء ، مخضوبة الكفين ، تسمع لذوائبها خشخشة ، وهي نفيسة[1237] متوجة ، وهي على صورة آدم (عليه السلام) غير أنها أرق منه جلدا ، وأصفى منه لونا ، وأحسن منه صوتا ، وأدعج منه عينا ، وأقنى منه أنفا ، وأصفى منه سنا ، وأصغر منه سنا ، وألطف منه نباتا[1238] ، والين منه كفا ، فلما خلقها الله تعالى ، أجلسها عند رأس آدم وقد رآها في نومه ، وقد تمكن حبها في قلبه- قال- فانتبه آدم (عليه السلام) من نومته فقال: يا رب ، من هذه؟ فقال الله تعالى: هذه أمتي حواء. قال: يا رب ، لمن خلقتها؟ قال: لمن أخذ بها الأمانة ، وأصدقها الشكر. قال: يا رب ، أقبلها على هذا. فتزوجها- قال- فزوجه إياها قبل دخول الجنة».

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): «رأى هذا في المنام وهي تكلمه ، وهي تقول له: أنا أمة الله وأنت عبد الله ، فاخطبني من ربك».

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «طيبوا النكاح ، فإن النساء عند الرجال لا يملكن لأنفسهن ضرا ولا نفعا ، وإنهن أمانة الله عندكم فلا تضاروهن ولا تعضلوهن».[1239]

6- وعنه: قال جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام): «إن آدم (عليه السلام) رأى حواء في المنام ، فلما انتبه ، قال: يا رب ، من هذه التي أنست بقربها؟ قال الله تعالى: هذه أمتي ، وأنت عبدي ، يا آدم ، ما خلقت خلقا هوأكرم علي منكما ، إذا أنتما عبدتماني وأطعتماني ، وقد خلقت لكما دارا ، وسميتها جنتي ، فمن دخلها كان وليي حقا ،  ومن لم يدخلها كان عدوي حقا. فقال آدم (عليه السلام): ولك يا رب ، عدو وأنت رب السماوات؟ قال الله تعالى: يا آدم ، لوشئت أجعل الخلق كلهم أوليائي لفعلت ولكني أفعل ما أشاء ، وأحكم ما أريد. قال آدم (عليه السلام): يا رب ، فهذه أمتك حواء قد رق لها قلبي ، فلمن خلقتها؟ قال الله تعالى: خلقتها لك لتسكن الدنيا فلا تكن وحيدا في جنتي قال: فأنكحنيها يا رب. قال: أنكحتكها بشرط أن تعلمها مصالح ديني ، وتشكرني عليها ، فرضي آدم بذلك ، فاجتمعت الملائكة ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن اخطب. فكان الولي رب العالمين ، والخطيب جبرئيل الأمين ، والشهود الملائكة المقربين ، والزوج آدم (عليه السلام) أبا النبيين ، فتزوج آدم (عليه السلام) بحواء على الطاعة والتقى والعمل الصالح ، فنثرت الملائكة عليهما من نثار الجنة».

قال ابن عباس: أعلموا بالنكاح فإنه سنة أبيكم آدم (عليه السلام) وقال: ليس شي‏ء مباح أحب إلى الله من النكاح ، فإذا اغتسل المؤمن من حلاله بكى إبليس ، وقال: يا ويلتاه ، هذا العبد أطاع ربه وغفر له ذنبه ، ولا شي‏ء مباح أبغض إلى الله تعالى من الطلاق.

قال الصادق (عليه السلام): «لعن الله الذواق والذواقة»[1240].

7- وعنه: قال أبو بصير: أخبرني كيف كان خروج آدم (عليه السلام) من الجنة؟ فقال الصادق (عليه السلام): «لما تزوج آدم (عليه السلام) بحواء أوحى الله تعالى اليه: يا آدم ، أن اذكر نعمتي عليك ، فإني جعلتك بديع فطرتي ، وسويتك بشرا على مشيئتي ، ونفخت فيك من روحي ، وأسجدت لك ملائكتي ، وحملتك على أكتافهم ، وجعلتك خطيبهم ، وأطلقت لسانك بجميع اللغات ، وجعلت ذلك كله شرفا لك وفخرا ، وهذا إبليس اللعين قد أبلسته ولعنته حين أبى أن يسجد لك وقد خلقتك كرامة لأمتي ، وخلقت أمتي نعمة لك ، وما نعمة أكرم من زوجة صالحة ، تسرك إذا نظرت اليها ، وقد بنيت لكما دار الحيوان من قبل أن أخلقكما بألف[1241] عام ، على أن تدخلاها بعهدي وأمانتي.

وكان الله تعالى عرض هذه الأمانة على السماوات والأرضين ، وعلى الملائكة جميعا ، وهي أن تكافئوا على الإحسان ، وتعدلوا عن الإساءة. فأبوا عن قبولها ، فعرضها على آدم (عليه السلام)، فتقبلها ، فتعجبت الملائكة من جرأة آدم (عليه السلام) في قبول الأمانة ، يقول الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والْأَرْضِ والْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ مِنْها وحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا)[1242] وما كان بين أن قبل الأمانة آدم وبين أن عصى ربه إلا كما بين الظهر والعصر ، ثم مثل الله تعالى لآدم (عليه السلام) ولحواء ، اللعين إبليس ، حتى نظر إلى سماجته[1243]، فقيل له: (هذا عَدُولَكَ ولِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى)[1244] ثم ناداه الرب: إن من عهدي اليكما أن تدخلا الجنة ، وتأكلا منها رغدا حيث شئتما ، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ، فقبلا هذا العهد كله ، فقال: يا آدم ، أنت عندي أكرم من ملائكتي إذا أطعتني ورعيت عهدي ، ولم تكن جبارا كفورا. وفي كل ذلك يقبل الأمانة والعهد ، ولا يسأل ربه التوفيق والعصمة ، وشهد الملائكة عليه.

ثم مكث آدم (عليه السلام) وحواء مكللين متوجين مكرمين لما دخلا الجنة حتى كانا في وسط جنات عدن ، نظر آدم وإذا هو بسرير من جوهر ، له سبعمائة قائمة من أنواع الجواهر ، وله سرادقات[1245] كثيرة ، وعلى ذلك السرير فرش من السندس والإستبرق ، وبين الفراشين كثبان من المسك والكافور والعنبر ، وعلى السرير أربع قباب: فيه الرضوان والغفران والخلد والكرم ، فناداه السرير: الى يا آدم ، فلك خلقت ، ولك زينت. فنزل آدم عن فرسه ، وحواء عن ناقتها ، وجلسا على السرير بعد أن طافا على جميع نواحي الجنة ، ثم قدم لهما من عنب الجنة وفواكهها فأكلا منها ، ثم تحولا إلى قبة الكرم ، وهي أزين القباب ، وعن يمين السرير يومئذ جبل من مسك ، وعن يساره جبل من عنبر ، وشجرة طوبى قد أظلت على السرير ، فأحب أدم (عليه السلام) أن يدنو من حواء ، فأسبلت القباب ستورها ، وانظمت الأبواب، وتغشاها وكان معها كأهل الجنة في الجنة خمسمائة عام من أعوام الدنيا في أتم السرور وأنعم الأحوال. وكان آدم (عليه السلام) ينزل عن السرير ، ويمشي في منابر الجنة ، وحواء خلفه تسحب سندسها ، وكلما تقدما من قصر نثرت عليهما من ثمار الجنة حتى يرجعا إلى السرير ، وإبليس (لعنه الله) خائف لما جرى عليه من طعنهم له بالحراب ورجمهم إياه ، وصار مختفيا عن آدم (عليه السلام) وحواء ، فبينما هوكذلك وإذا هوبصوت عال: يا أهل السماوات ، قد سكن آدم وحواء الجنة بالعهد والميثاق ، وأبحت لهما جميع ما في الجنة إلا شجرة الخلد ، فإن قرباها وأكلا منها كانا من الظالمين».

قال: «فلما سمع إبليس اللعين ذلك فرح فرحا شديدا ، وقال: لأخرجنهما من الجنة. ثم أتى مستخفيا في طرق السماوات. حتى وقع على باب الجنة ، وإذا بالطاوس وقد خرج من الجنة ، وله جناحان ، إذا نشر أحدهما غطى به سدرة المنتهى ، وله ذنب من زمردة صفراء ، وهو من الجواهر ، وعلى كل جوهر منه ريشة بيضاء ، وهوأطيب طيور الجنة صوتا وتغريدا ، وأحسنها ألحانا بالتسبيح والثناء لله رب العالمين ، وكان يخرج في وقت ويمر صفح[1246] السماوات السبع ، يخطر في مشيه ، ويرجع في تسبيحه ، فيعجب جميع الملائكة من حسن صورته وتسبيحه ، فيرجع إلى الجنة. فلما رآه إبليس دعا به بكلام لين ، وقال: أيها الطائر العجيب الخلقة ، حسن الألوان ، طيب الصوت ، أي طائر أنت من طيور الجنة؟ قال: أنا طاوس الجنة ، ولكن مالك- أيها الشخص- مذعور، كأنك تخاف طالبا يطلبك؟ فقال إبليس: أنا ملك من ملائكة الصفيح[1247] الأعلى ، مع الملائكة الكروبين الذين لا يفترون عن التسبيح ساعة ولا طرفة عين ، جئت أنظر إلى الجنة وإلى ما أعد الله لأهلها فيها ، فهل لك أن تدخلني الجنة وأعلمك ثلاث كلمات ، من قالهن لا يهرم ولا يسقم ولا يموت؟ فقال الطاوس: ويحك- أيها الشخص- أهل الجنة يموتون؟ قال إبليس: نعم ، يموتون ويهرمون ويسقمون إلا من كانت عنده هذه الكلمات. وحلف على ذلك ، فوثق‏ به الطاوس ولم يظن أن أحدا يحلف بالله كاذبا ، فقال: أيها الشخص ، ما أحوجني إلى هذه الكلمات ، غير أني أخاف أن رضوان خازن الجنان يستخبرني عنك، لكن أبعث اليك بالحية ، فإنها سيدة دواب الجنة».

قال: «ودخل الطاوس الجنة ، وذكر للحية جميع ذلك فقالت: وما أحوجني وإياك إلى هذه الكلمات. قال الطاوس: قد ضمنت له أن أبعث بك اليه ، فانطلقي اليه سريعا قبل أن يسبقك سواك ، فكانت الحية يومئذ على صورة الجمل ، ولها قوائم ، ولها زغب مثل العبقري[1248] ما بين أسود وأبيض وأحمر وأخضر وأصفر ، ولها رائحة كرائحة المسك المشاب بالعنبر ، وكان مسكنها في جنة المأوى ، ومبركها على ساحل نهر الكوثر ، وكلامها التسبيح والثناء لله رب العالمين ، وقد خلقها الله تعالى قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بمائة عام ، وكانت تأنس بحواء وآدم (عليه السلام) وتخبرهما بكل شجرة في الجنة.

فخرجت الحية مسرعة من باب الجنة فرأت إبليس لعنه الله على ما وصفه الطاوس ، فتقدم اليها إبليس بالكلام الطيب ، وقال لها مثل ما قال للطاوس ، فقالت الحية: وكيف أدخلك ولا يحل لك ركوبي؟ فقال لها إبليس: إني أرى بين نابيك فرجة واسعة ، واعلمي أنها تسعني ، واجعليني فيها وأدخليني الجنة حتى أعلمك هذه الكلمات الثلاث. فقالت الحية: إذا حملتك في فمي ، فكيف أتكلم إذا كلمني رضوان؟ فقال لها اللعين: لا عليك ، فإن معي أسماء ربي ، إذا قلتها لا ينطق بي ولا بك أحد من الملائكة. فدخلت والملائكة ساهون عن محاورتهما ، غير أن حواء كانت قد افتقدت الحية فلم تجدها ، وكانت مؤتلفة بها لحسن حديثها ، والحية مع إبليس يحلف لها ويخادعها- قال- ولم يزل إبليس يحلف لها ويخدعها ، حتى وثقت به وفتحت فاها ، فوثب إبليس وقعد بين أنيابها ، وخرج منه ريح فصار نابها سما إلى آخر الأبد- قال- فضمته الحية ودخلت الجنة، ولم يكلمها رضوان للقدر والقضاء السابق بعلم الرحمن ، حتى إذا توسطت الحية الجنة ، قالت له: اخرج من فمي وعجل قبل أن يفطن بك رضوان. قال إبليس: لا تعجلي ، فإنما حاجتي في الجنة آدم وحواء ، فإني أريد أن أكلمهما من فيك ، فإن فعلت ذلك علمتك الكلمات الثلاث. فقالت الحية: هاتيك قبة حواء فاخرج اليها وكلمها. قال: لا أكلمها إلا من فيك ، فحملته الحية إلى قبة حواء ، فقال إبليس من فم الحية: يا حواء ، يا زينة الجنة ، أ لست تعلمين أني معك في الجنة ، وأني أحدثك وأخبرك بكل ما في الجنة ، وأني صادقة في كل ما أحدثك به؟ فقالت حواء: نعم ، وما عرفتك إلا بصدق الحديث. قال إبليس: يا حواء ، أخبريني ما الذي أحل لكما في الجنة ، وحرم عليكما؟ فأخبرته بما نهاهما عنه.

فقال إبليس: ولماذا نهاكما ربكما عن شجرة الخلد؟ قالت: لا علم لي بذلك. قال إبليس: أنا أعلم ، إنما نهاكما ربكما لأنه أراد أن يفعل بكما مثل ما فعل بذلك العبد الذي مأواه تحت الشجرة ، الذي أدخله قبل دخولكما بألف[1249] عام».

قال: «فوثبت حواء من سريرها لتنظر ذلك العبد ، فخرج إبليس من فم الحية كالبرق الخاطف ، حتى قعد تحت الشجرة ، فأقبلت حواء فرأته ، فلما قربت منه ، نادته: أيها الشخص ، من أنت؟ قال: أنا خلق من خلق الله تعالى ، وأنا في هذه الجنة منذ ألف عام ، خلقني كما خلقكما بيده ، ونفخ في روحه ، وأسجد لي ملائكته وأسكنني جنته ، ونهاني عن أكل هذه الشجرة ، فكنت لا آكل منها حتى نصحني بعض الملائكة ، وقال لي: كل منها ، فإن من أكل منها كان مخلدا في الجنة أبدا وحلف لي أنه لمن الناصحين ، فوثقت بيمينه وأكلت منها ، فأنا في الجنة إلى يومي هذا كما ترين، وقد أمنت من الهرم والسقم والموت والخروج من الجنة. فقال لها إبليس بعد ما حكى لها: والله ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أوتكونا من الخالدين. فناداها: يا حواء ، كلي منها ، فإنها أطيب ما أكلت من ثمار الجنة ، فأسرعي اليها واسبقي زوجك ، فإن من سبق كان له الفضل على صاحبه ، أما تنظرين الى كيف آكل منها؟ هذا والحية واقفة تسمع ما يقول إبليس (لعنه الله) لحواء ، فالتفتت حواء للحية، وقالت: أنت معي منذ أدخلني الله الجنة ، ولم تخبريني بهذا الكلام؟! وسكتت الحية ، ولم تدر ما يقول إبليس اللعين في جواب حواء[1250]، ورغبت عن الكلام ، وما كان من أمرها الذي قد ضمن لها إبليس أن يعلمها الثلاث كلمات. فأقبلت حواء إلى آدم (عليه السلام)، وكانت مسرورة بقول الحية لها، ومقالة إبليس تحت الشجرة ، وأخبرته بخبر الحية والشخص وقد حلف لهما نصحا ، وذلك قوله تعالى: (وقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)[1251] وقرب القدر المقدور والقضاء المبرم ، وخروجهم من الجنة ، وهو الأمر المحتوم ، فركنا جميعا إلى قول إبليس اللعين وقسمه فتقدمت حواء إلى تلك الشجرة ، ولها أغصان لا تحصى ، وعلى الأغصان سنابل ، كل حبة منها مثل القلة ، ولها رائحة كالمسك الأذفر ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فأخذت سبع سنابل من سبعة أغصان ، فقال اللعين: كلي منها يا حواء ، يا زينة الجنة. فأكلت واحدة، وادخرت لها واحدة ، وجاءت بخمس منها إلى آدم (عليه السلام)، ولم يكن لآدم (عليه السلام) في ذلك أمر ولا نهي ، بل كان ذلك في سابق علم الله تعالى حين افتخرت السماء على الأرض ، وشكت الأرض إلى ربها ، وقال: يا أرض اسكني. وقال للملائكة: (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)[1252]. فتناول آدم (عليه السلام) من السنابل سنبلة واحدة من يدها ، وقد نسي العهد المأخوذ عليه ، فذلك قوله تعالى: (فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)[1253]، أي جزما- قال- فذاق آدم (عليه السلام) من الشجرة كما ذاقت حواء ، فذلك قوله تعالى: (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما)[1254] .[1255]

8- وعنه: قال ابن عباس (رضي الله عنه) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «والذي نفسي بيده ، ما ساغ آدم (عليه السلام) من تلك السنابل إلا سنبلة واحدة حتى طار التاج عن رأسه ، وتعارى من لباسه ، وانتزعت‏ خواتيمه ، وسقط كل ما كان على حواء من لباسها ، وحليها ، وزينتها ، وكل شي‏ء طار عنها ، وناداه لباسه وتاجه: يا آدم ، طال حزنك ، وكثرت حسرتك ، وعظمت مصيبتك ، فعليك السلام ، وهذه الساعة الفراق إلى يوم التلاق ، فإن رب العزة عهد إلينا أن لا نكون إلا على عبد مطيع خاشع. وانتفض السرير من فراشه وطار في الهواء ، وهو ينادي: آدم المصطفى قد عصى الرحمن وأطاع الشيطان ، وحواء قد انتفضت ذوائبها عنها ، وما كان فيها من الدهر والجواهر واللؤلؤ ، وانحلت المنطقة من وسطها ، وهي تقول: لقد عظمت مصيبتكما وطال حزنكما ، ولم يبق عليهما من لباسهما شي‏ء (وطَفِقا) أي أقبلا: (يَخْصِفانِ عَلَيْهِما) أي يرقعان عليهما (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) أي ورق التين (وناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُومُبِينٌ)[1256].

قال ابن عباس: إن الله تعالى حذر أولاد آدم كما حذر آدم (عليه السلام) في قوله تعالى: )يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أبويْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما)[1257]. قال: وجعل كل واحد منهما ينظر إلى عورة صاحبه ، وهرب إبليس مبادرا ، وصار مختفيا في بعض طرق السماوات ، ولم يبق شي‏ء إلا نادى آدم: يا عاصي. وغض أهل الجنة أبصارهم عنهما ، وقالوا: أخرجتما من جنتكما! وناداه فرسه الميمون- وقد خلقه الله من مسك الجنة وجميع طيبها من الكافور والزعفران والعنبر وغير ذلك ، وعجن بماء الحيوان ، وعرفه من المرجان ، وناصيته من الياقوت ، وحافره من الزبرجد الأخضر ، وسرجه من الزمرد ، ولجامه من الياقوت ، وله أجنحة من أنواع الجواهر ، وليس في الجنة دابة أحسن من فرس آدم (عليه السلام) إلا البراق ، قال النبي (صلى الله عليه وآله): «فضل البراق على سائر دواب الجنة ، كفضلي على سائر النبيين» ، وقال ابن عباس: قد خلق الله الميمون فرس آدم (عليه السلام) قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بخمسمائة عام-: يا آدم ، هكذا العهد بينك وبين الله تعالى؟! وانقبضت أشجار الجنة عنهما حتى لم يتمكنا أن يستترا بشي‏ء منها ، فكلما قرب من شجرة ، نادته: اليك عنى يا عاصي. فلما كثرت عليه الملامة والتوبيخ ، مر هاربا ، وإذا هوبشجرة الطلح قد التفت على ساقيه فمسكته بأغصانها ، ونادته إلى أين تهرب ، يا عاصي؟ فوقف آدم فزعا مرعوبا مبهوتا ، وظن أن العذاب قد أتاه ، وجعل ينادي: الأمان ، الأمان ، وحواء مجتهدة أن تستر نفسها بشعرها ، وهوينكشف عنها ، فلما أكثرت عليه ، ناداها: يا بادية السوء ، هل تقدرين على أن تستري بي ، وقد عصيت ربك؟ فقعدت حواء عند ذلك ، ووضعت ذقنها على ركبتها كيلا يراها أحد ، وهي تحت الشجرة وآدم واقف قد قبضت عليه شجرة الطلح.

قال ابن عباس: فنودي جبرئيل: «ألا ترى إلى بديع فطرتي آدم، كيف عصاني؟ يا جبرئيل ، ألا ترى إلى حواء أمتي ، كيف عصتني ، وطاوعت عدوي إبليس؟» فاضطرب جبرئيل الأمين لما سمع نداء رب العالمين ، وداخله الخوف وخر ساجدا ، وحملة العرش قد سكنت حركاتهم ، وهم يقولون: سبحانك ، قدوس قدوس ، سبوح سبوح ، الأمان الأمان. فأخذ جبرئيل (عليه السلام) يعد على آدم (عليه السلام) ما أنعم الله تعالى به عليه ، ويعاتبه على المعصية ،  فاضطرب آدم (عليه السلام) فزعا ، وارتعد خوفا ، حتى ذهب كلامه ، وجعل يشير إلى جبرئيل (عليه السلام): «دعني أهرب من الجنة خوفا من ربي ، وحياء منه». قال جبرئيل (عليه السلام): إلى أين تهرب- يا آدم- وربك أقرب الأقربين ، ومدرك الهاربين؟ فقال آدم (عليه السلام) «يا جبرئيل ، ردني أنظر إلى الجنة نظرة الوداع». فجعل آدم (عليه السلام) ينظر عن يمينه وعن شماله ، وجبرئيل لا يفارقه ، حتى صار قريبا من باب الجنة ، وقد أخرج رجله اليمنى وبقيت رجله اليسرى ، فنودي: «يا جبرئيل ، قف به على باب الجنة حتى يخرج معه أعداؤه الذين حملوه على أكل الشجرة ، يراهم ويرى ما يفعل بهم». فأوقفه جبرئيل ، وناداه الرب: «يا آدم ، وخلقتك لتكون عبدا شكورا ، لا لتكون عبدا كفورا». فقال آدم (عليه السلام): «يا رب ، أسألك أن تعيدني إلى تربتي التي خلقت منها ترابا كما كنت أولا». فأجابه الرب: «يا آدم ، قد سبق في علمي ، وكتبت في اللوح أن أملأ من ظهرك الجنة والنار». فسكت آدم.

قال ابن عباس: لما أمرت حواء بالخروج ، وثبت إلى ورقة من ورق تين الجنة ، طولها وعرضها لا يعلمه إلا الله تعالى لتستتر بها ، فلما أخذتها ، سقطت من يدها ، ونطقت: يا حواء ، إنك لفي غرور ، إنه لا يسترك شي‏ء في الجنة بعد أن عصيت الله تعالى. فعندها بكت حواء بكاء شديدا ، وأمر الله الورقة أن تجيبها ، فاستترت بها ، فقبض جبرئيل (عليه السلام) بناصيتها حتى أتى بها إلى آدم (عليه السلام) وهوعلى باب الجنة ، فلما رأت آدم (عليه السلام) ، صاحت صيحة عظيمة ، وقالت: يا لها من حسرة ، يا جبرئيل ، ردني أنظر إلى الجنة نظر الوداع. فجعلت تومئ بنظرها إلى الجنة يمينا وشمالا ، وتنظر اليها بحسرة ، فاخرجا من الجنة ، والملائكة صفوف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى ، ينظرون اليهما. ثم أتي بالطاوس ، وقد طعنته الملائكة حتى سقطت أرياشه ، وجبرئيل يجره ، ويقول له: اخرج من الجنة خروج آيس ، فإنك مشؤوم أبدا ما بقيت ، وسلبه تاجه ، واجتث أجنحته.

قال ابن عباس: أحب الطيور إلى إبليس الطاوس ، وأبغضها اليه الديك.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): «أكثروا في بيوتكم الديوك ، فإن إبليس لا يدخل بيتا فيه ديك أفرق»[1258].

وقال (صلى الله عليه وآله): «ما أحب من الدنيا إلا أربعة: فرسا أجاهد بها في سبيل الله ، وشاة أفطر على لبنها ، وسيفا أدفع به عن عيالى ، وديكا يوقظني عند الصلاة».

وقال (صلى الله عليه وآله): «إذا صاح الديك في السحر ، نادى مناد من الجنان: أين الخاشعون ، الذاكرون ، الراكعون ، الساجدون ، السائحون ، المستغفرون؟ فأول من يسمع ذلك ملك من الملائكة في السماوات ، وهوعلى صورة الديك ، له زغب وريش أبيض ، ورأسه تحت العرش ، ورجلاه تحت الأرض السفلى ، وجناحاه منشوران ، فإذا سمع ذلك النداء من الجنة ، ضرب جناحيه ضربة ، وقال: يا غافلين ، اذكروا الله تعالى الذي وسعت رحمته كل شي‏ء».

وروي أن النبي سليمان بن داود (عليه السلام) لما حشر الطير ، وأحب أن يستنطق الطير ، وكان حاشرها جبرئيل وميكائيل ، فأما جبرئيل فكان يحشر طيور المشرق والمغرب من البراري ، وأما ميكائيل فكان يحشر طيور الهواء والجبال ، فنظر سليمان (عليه السلام) إلى عجائب خلقتها ، واختلاف صورها ، وجعل يسأل كل صنف منهم ، وهم‏ يجيبونه بمساكنهم ، ومعايشهم ، وأوكارهم ، وأعشاشهم ، وكيف تبيض ، وكيف تحيض ، وكان آخر من تقدم بين يديه الديك ، فوقف بين يديه في حسنه وجماله وبهائه ، ومد عنقه ، وضرب بجناحه ، وصاح صيحة أسمع الملائكة والطيور وجميع من حضر: يا غافلين ، اذكروا الله. ثم قال: يا نبي الله ، إني كنت مع أبيك آدم (عليه السلام) أوقظه لوقت الصلاة ، وكنت مع نوح (عليه السلام) في الفلك ، وكنت مع إبراهيم الخليل (عليه السلام) ، حين أظفره الله بعدوه نمرود ، ونصره عليه بالبعوض[1259]، وكنت أكثر ما أسمع أباك إبراهيم (عليه السلام)[1260] يقرأ آية الملك: )قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ)[1261] إلى آخر الآية، وأعلم يا نبي الله ، أني لا أصيح صيحة في ليل أونهار إلا أفزعت بها الجن والشياطين ، وأما إبليس فإنه يذوب كما يذوب الرصاص في النار.

قال: ثم أتي بالحية ، وقد جذبتها الملائكة جذبة هائلة ، وقد قطعوا يديها ورجليها ، وإذا هي مسحوبة على وجهها ، مبطوحة على بطنها ، لا قوائم لها ، وصارت ممدودة ، ومنعت النطق فصارت خرساء مشقوقة اللسان ، فقالت لها الملائكة: لا رحمك الله تعالى ولا رحم الله من يرحمك ، ونظر اليها آدم وحواء ، والملائكة يرجمونها من كل ناحية.

وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه قال: «من قتل الحية فله سبع حسنات ، ومن تركها ولم يقتلها مخافة شرها لم يكن في ذلك له أجر ، ومن قتل وزغا[1262] فله حسنة ، ومن قتل حية فله حسنات مضاعفة».

وقال ابن عباس (رضي الله عنه): قتل حية أحب الى من قتل كافر.

قال: ثم اخرج آدم (عليه السلام) من الجنة ، وأبرزه جبرئيل إلى السماوات ، وحجبت عنه حواء فلم يرها ونظرت الملائكة إلى آدم (عليه السلام) وهوعريان ، ففزعت منه ، وجعلت تقول: إلهنا ، وهذا آدم بديع فطرتك ، أقله ولا تخذله.

وآدم (عليه السلام) قد وضع يده اليمنى على باب الجنة[1263] ، واليسرى على سوأته ، ودموعه تجري على خديه ، فوقف آدم (عليه السلام) ، وناداه الرب جل وعلا: «يا آدم». قال: «لبيك يا ربي وسيدي ومولاي وخالقي ، تراني ولا أراك ، وأنت علام الغيوب». قال الله تعالى: «يا آدم ، قد سبق في علمي ، إذا تاب العاصي تبت عليه ، وأتفضل عليه برحمتي. يا آدم ، ما أهون الخلق علي إذا عصوني ، وما أكرمهم علي إذا أطاعوني».

فقال آدم (عليه السلام): «بحق من هوالشرف الأكبر ، إلا ما أقلت عثرتي ، وعفوت عني» فأتاه الندا ء، «يا آدم ، من الذي سألتني بحقه؟».

فقال آدم (عليه السلام): «إلهي وسيدي ومولاي وربي ، هذا صفيك وحبيبك وخاصتك وخالصتك ورسولك محمد بن عبد الله ، فلقد رأيت اسمه مكتوبا على العرش ، وفي اللوح المحفوظ ، وعلى صفح السماوات ، وعلى‏ أبو اب الجنان ، وقد علمت- يا رب- أنك لا تفعل به ذلك إلا وهوأكرم الخليقة عندك».

قال ابن عباس: فنوديت حواء: «يا حواء» ، قالت: «لبيك لبيك ، يا سيدي ومولاي وربي ، لا إله إلا أنت ، قد ذهبت زينتي ، وعظمت مصيبتي ، وحلت شقوتي ، وبقيت عريانة لا يسترني شي‏ء من جنتك ، يا رب». فنوديت: «يا حواء ، من الذي صرف عنك هذه الخيرات التي كنت فيها ، والزينة التي كنت عليها؟». قالت: إلهي وسيدي ، ذلك خطيئتي ، وقد خدعني إبليس بغروره وأغواني ، وأقسم لي بحقك وعزتك إنه لمن الناصحين لي ، وما ظننت أن عبدا يحلف بك كاذبا. قال: «الآن اخرجي أبدا ، فقد جعلتك ناقصة العقل والدين والميراث والشهادة والذكر ، معوجة الخلقة[1264] ، شاخصة البصر ، وجعلتك أسيرة أيام حياتك ، وأحرمتك أفضل الأشياء: الجمعة ، والجماعة ، والسلام ، والتحية ، وقضيت عليك بالطمث- وهوالدم- وجهد الحبل ، والطلق ، والولادة ، فلا تلدين حتى تذوقي طعم الموت ، فأنت أكثر حزنا ، وأكسر قلبا ، وأكثر دمعة ، وجعلتك دائمة الأحزان ، ولم أجعل منكن حاكما ، ولا أبعث منكن نبيا».

فقال آدم: «يا رب ، إنك أخرجتني من الجنة ، وتريد أن تجمع بيني وبين عدوي إبليس اللعين ، فقوني عليه ، يا رب».

فقال له: «يا آدم ، تقوا عليه بتقواي وتوحيدي وذكري ، وهو أن تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله وأكثر من ذلك ، فإنها لعدوي وعدوك مثل الشهاب القاتل. يا آدم ، قد جعلت مسكنك المساجد ، وطعامك الحلال الذي ذكر عليه اسمي ، وشرابك ما أجريته من ماء معين ، وليكن شعارك ذكري، ودثارك ما أنسجته بيدك».

فقال آدم: «زدني ، يا رب». قال: «أحفظك بملائكتي» فقال: «يا رب ، زدني». فقال: «لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملائكة يحرسونه». قال: «يا رب ، زدني» قال: «لا أنزع التوبة منك ولا من ذريتك ما تابوا الى». قال: «زدني ، يا رب».

قال: «أغفر لك ولولدك ولا أبالى، وأنا الرب العلي المتعالى».                      

قال: فعندها تكلمت حواء ، وقالت: إلهي ، خلقتني من ضلع أعوج ، وجعلتني ناقصة العقل والدين والشهادة والميراث والذكر ، وحرمتني أفضل الأشياء ، وألزمتني الحبل والطلق ، وصيرتني بالنجاسة ، وكيف أخرج من الجنة وقد حرمتني جميع الخيرات؟ فنوديت: «أن اخرجي ، فإني ارفق قلوب عبادي عليكن».

قال ابن عباس: لقد جعل بين الرجال والنساء الالفة والانس ، فاحبسوهن في البيوت ، وأحسنوا اليهن ما استطعتم.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): «المرأة ضلع مكسور فاجبروه».

وقال (عليه السلام): «المرأة ريحانة ، وليست بقهرمانة».

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): «كل امرأة صالحة عبدت ربها ، وأدت فرضها ، وأطاعت زوجها ، دخلت الجنة».

فنوديت: «اخرجي ، فإني مخرج منكما ما يملأ الجنة والنار ، فأما الذين يملؤون الجنة فمن نبي وصديق‏ وشهيد ومستغفر ، ومن يصلي عليكما ، ويستغفر لكما». قال (عليه السلام): «مامن مؤمن ولا مؤمنة يستغفر لآدم وحواء إلا عرض الاستغفار عليهما ، فيفرحان ، ويقولان: يا رب ، هذا ولدنا فلان قد استغفر لنا ، وصلى علينا ، فتفضل عليه ، وزد من كرمك وإحسانك اليه». وروي: أن من لم يصل عليهما عند ذكرهما ، فقد عقهما.

فقالت حواء: أسألك- يا رب- أن تعطيني كما أعطيت آدم. فقال الرب عز وجل: «إني قد وهبتك الحياء والرحمة والأنس ، وكتبت لك من ثواب الاغتسال والولادة ما لورأيته من الثواب الدائم ، والنعيم المقيم ، والملك الكبير ، لقرت به عينك. يا حواء ، أيما امرأة ماتت في ولادتها حشرتها مع الشهداء ، يا حواء ، أيما امرأة أخذها الطلق إلا كتبت لها أجر شهيد ، فإن تحملت[1265] وولدت ، غفرت لها ذنوبها ولوكانت مثل زبد البحر ورمل البر وورق الشجر ، وإن ماتت فهي شهيدة ، وحضرتها الملائكة عند قبض روحها ، وبشروها بالجنة ، وتزف إلى بعلها في الآخرة ، وتفضل على سائر الحور العين بسبعين درجة» فقالت حواء: حسبي ما أعطيت.

قال: وتكلم إبليس اللعين ، وقال: يا رب إنك أغويتني وأبلستني ، وكان ذلك في سابق علمك ، فأنظرني إلى يوم يبعثون. قال: )فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)[1266] وهي النفخة الاولى. قال: )فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ومِنْ خَلْفِهِمْ وعَنْ أَيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ ولا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ)[1267] قال: )اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ)[1268].

قال: إنك أنظرتني ، فأين مسكني إذا هبطت إلى الأرض؟ قال: «المزابل». قال: فما قراءتي؟ قال: «الشعر» قال: فما مؤذني؟ قال: «المزمار». قال: فما طعامي؟ قال: «ما لم يذكر عليه اسمي». قال: فما شرابي؟ قال: «الخمور جميعها». قال: فما بيتي؟ قال: «الحمام». قال: فما مجلسي؟ قال: «الأسواق ، ومحافل النساء النائحات». قال: فما شعاري؟ قال: «الغناء» قال: فما دثاري؟ قال: «سخطي» قال: فما مصائدي؟ قال: «النساء».

قال إبليس: لا خرجت محبة النساء من قلبي ، ولا من قلوب بني آدم ، فنودي. «يا ملعون ، إني لا أنزع التوبة من بني آدم حتى ينزعوا بالموت ، فاخرج منها فإنك رجيم ، وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين».

فقال آدم: يا رب ، هذا عدوي وعدوك أعطيته النظرة ، وقد أقسم بعزتك أنه يغوي أولادي ، فبم أحترز عن مصائده ومكائده؟» فنودي: «يا آدم ، قد مننت عليك بثلاث خصال: واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة بيني وبينك أما التي لي ، فهي أن تعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك ، فهو ماعملت من صغيرة وكبيرة من الحسنات ، فلك الحسنة بعشر أمثالها ، والعشر بمائة ، والمائة بألف ، وأضعفها لك كالجبال الرواسي ، وإن عملت سيئة ، فواحدة بواحدة ، وإن أنت استغفرتني ، غفرتها لك ، وأنا الغفور الرحيم وأما التي بيني وبينك فلك الدعاء والمسألة ، ومني الإجابة ، فابسط يديك فادعني ، فإني قريب مجيب».

قال: فلما سمع بذلك اللعين ، صاح بأعلى صوته ، حسدا لآدم (عليه السلام) ، قال: كيف أكيد بولد آدم الآن؟

فنودي: «يا ملعون )أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ وشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ والْأَوْلادِ وعِدْهُمْ وما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً)[1269]» قال إبليس: يا رب ، زدني. قال: «لا يولد لآدم ولد إلا ويولد لك سبعة». قال: يا رب ، زدني. قال: «زدتك أن تجري بهم مجرى الدم في عروقهم وتوسوس وتسكن في صدورهم ، وتخنس[1270] في قلوبهم» قال إبليس: يا رب ، فبم أهبط إلى الأرض؟ قال: «على اليأس من رحمتي».

قال النبي (صلى الله عليه وآله): «أخلفوا ظن إبليس اللعين فيما سأل ربه ، فإن شركه في الأموال المكتسبة من غير حلها ، وشركه في الأولاد الحرام ، فطيبوا النكاح ، وازدجروا عن الزنا».

وقال (عليه السلام): «إذا جامعتم أزواجكم فاذكروا الله تعالى على كل حال ، وإلا يدخل إبليس اللعين ذكره كما يدخل الرجل ذكره في فرج امرأته ، ويفعل بها كما يفعل زوجها».

وقال (عليه السلام): «إذا سمع إبليس ذكر الله أوتسبيحه ، ذاب كما يذوب الملح في الماء».

وقال (عليه السلام): «لقد أعطى الله هذه الامة سورتين ، من قرأهما قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ولى عنه إبليس ، وانصرف وله نبيح كنبيح الكلاب ، وهما المعوذتان».

وقال ابن عباس: لما نزلت: )قُلْ هُواللَّهُ أَحَدٌ)[1271] قال جبرئيل: يا محمد ، لا تخف على أمتك منذ نزلت هذه السورة الشريفة. يا محمد ، ما من أحد من أمتك يقرأها موقنا بثوابها ، إلا دخل الجنة. يا محمد ، من قرأها كان بينه وبين الشياطين حجاب. يا محمد ، من قرأها أمن من الخسف والمسخ والغرق والرجف.

قال: فلما اعطي كل واحد منهم ما سأل ، نظر آدم (عليه السلام) إلى الحية ، فقال: «يا رب ، هذه اللعينة التي أعانت عدوي ، فبماذا أتقوى عليها إذا أهبطتها إلى الأرض؟». فنودي: «يا آدم ، إني جعلت مسكنها الظلمات ، وطعامها التراب ، فلا أمانة لها ، فإذا رأيتها فاشدخ رأسها».

قال ابن عباس: لولا قعود إبليس ما بين نابيها ما كان لها سم ، فاقتلوها حيث وجدتموها ، وقال: رحم الله من قتل حية ، وقيل للطاوس: «مسكنك أطراف الدنيا ، ورزقك ما أنبتت الأرض ، والقي عليك المحبة في قلوب بني آدم».[1272]

9- وعنه: قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «فلما اعطي هؤلاء ما اعطوا ، أمروا أن يهبطوا إلى الأرض ، فقال تعالى: (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوولَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ ومَتاعٌ إِلى‏ حِينٍ)[1273] فالمستقر: القبر ، والحين: القيامة ، فهبط آدم (عليه السلام) من الجنة من باب التوبة ، وحواء من باب الرحمة ، وإبليس من باب اللعنة ، والطاوس من باب الغضب ، والحية من باب السخط ، وكان نزولهم وقت العصر فمن هذه الأبو اب ، تنزل التوبة والرحمة واللعنة والغضب والسخط».

وقال (عليه السلام): «خلق الله تعالى آدم (عليه السلام) يوم الجمعة، وفيها جمع بين روحه وجسده ، وفيها زوجه حواء ، وفيها دخل الجنة وأقام فيها نصف يوم مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا ، وهبط ما بين الظهر والعصر من باب يقال له: المبرم ، وهوحذاء البيت المعمور ، وقيل من باب المعارج[1274] ، فهبط آدم (عليه السلام) إلى بلاد الهند على جبل من جبالها ، يقال له: بود ، وهوجبل معلوم محيط بأرض الهند ، وهبطت حواء بجدة برستمسام[1275] ، والحية بأصفهان ، والطاوس بأطراف البحر ، فلم ير بعضهم بعضا حين اهبطوا ، ولم يكن على آدم (عليه السلام) حين اهبط إلا ورقة من أوراق الجنة ملتصقة إلى جلده ، فرمتها الريح في بلاد الهند فصارت معدن الطيب جميعه.

وأخذ آدم في البكاء مائة عام شوقا إلى الجنة ، وهوواقف منكس رأسه خوفا من الله تعالى ، وخرج من عينه اليمنى ماء يملأ دجلة ، ومن عينه اليسرى ماء يملأ الفرات ، وصار لدموعه مجار في الأرض، ورسخت عروق رجليه في الأرض ، وعاش تسعمائة سنة وثلاثين سنة ، وما فرغ من حزنه على الجنة ، ومات حزينا عليها. وقد أنبت الله من دموعه العود الرطب والصندل[1276] والكافور ، وجميع أنواع الطيب ، وامتلأت الأودية بالأشجار الطيبة ، وبكت حواء كذلك حتى أنبت من دموعها الزنجبيل والقرنفل والهيل ، وجميع أنواع ذلك. وكانت الريح تحمل كلام آدم إلى حواء وحواء إلى آدم (عليهما السلام) ، فيصير كل واحد منهما قريبا من صاحبه وبينهما البلاد البعيدة. وكانا يبكيان حتى رحمهما الملائكة ، وبقيت حواء شاخصة بصرها إلى الله تعالى أعواما ، وقد وضعت يدها على رأسها ، فأورثت ذلك بناتها».[1277]

10- وعنه: قال ابن عباس: أول من علم هبوط آدم (عليه السلام) النسر ، فأتاه وبكى معه ، وكان النسر وحشيا ، فسقط على ساحل البحر ، فنظر إلى حوت يضطرب في الماء ، فأنس اليه لأنه لم يكن له انس ، فلما علم النسر بنزول آدم (عليه السلام) أخبر الحوت به ، وقال له: إني رأيت اليوم خلقا عظيما ، يقبض ويبسط ، ويقوم ويقعد ، ويأكل ويشرب ، وينام ويستيقظ ، ويبول ويتغوط ، ويجي‏ء ويذهب ، معتدل القامة ، بادي البشرة ، حسن الصورة! فقال الحوت: إن كان كما تقول فقد كاد أن لا يكون لي معه مستقر في البحر ، ولا لك معه مستقر في البر ، وهذا الوداع بيني وبينك. وفي بعضها: أن الحوت قال: إنك لتخبرني عن خلق عظيم يأكل ويشرب ، فإن كنت صادقا فإنه سيجرني من بحري ، ويأخذك من برك.

وفي بعضها: إن آدم (عليه السلام) لما هبط من الجنة نادى ملك: أيتها الأرض ومن عليها وفيها من الخلق ، قد هبط اليكم إنسان نسي عهد ربه ، فسماه إنسانا ، فأول ما سمع النسر بذلك انفض إلى الحوت وأخبره بذلك ففزع ، وقال كل واحد منهما لصاحبه: هذا وقت الوداع بيني وبينك ، فويل لأهل البحر والبر من هذا الإنسان.

قال: وبقي آدم (عليه السلام) باكيا ساجدا لله تعالى حتى شربت الطير من دموعه ، ونبتت الأشجار ورسخت عروق رجليه في الأرض كما ترسخ الأشجار ، وبكت معه السباع ، فلما لقيته ولت عنه هاربة ، وقالت: نحن سكان الأرض قبلك يا آدم ، وقد أفزعتنا وأبكيتنا لبكائك ، وأورثتنا حزنا طويلا. فمن ذلك[1278] صارت لا تأنس ببني آدم، ويقال: تفرقت عنه جميع الطيور أيضا إلا النسر ، فإنه كان يساعده.

ثم أنبت الله له الشعر واللحية ، فكان آدم (عليه السلام) قبل ذلك اليوم أمرد كأنه الفضة البيضاء ، فلما نظر آدم (عليه السلام) إلى اللحية ، قال: «يا رب ، ما هذا الذي لم أعهده منك في الجنة؟». قال: «هذه لحيتك ، غير أنها زينتك ، ليعرف الذكر من الأنثى».

وروي أنه أقام على البكاء ثلاثمائة عام لا يرفع رأسه نحوالسماء ، وهويقول: «بأي وجه أنظر إلى السماء ، وهبطت منها عريانا عاصيا؟» فبكت الأنعام والطيور والسباع ، ولقد أبكى الكروبيين والروحانيين ، وقالوا: إلهنا ، أقل عثرته فإنه في حرقة من الذنب.

وقال (عليه السلام): «لو وضع بكاء يعقوب على يوسف ، وبكاء جميع الخلق إلى آخر الأبد لرجح بكاء آدم على بكائهم ، وذلك لأنه بقي من دموعه في الأرض بعد أن كف عن البكاء مائة عام ، تشرب منه الوحوش والسباع والطيور ، ولدموعه رائحة كرائحة المسك الأذفر ، ولذلك كثر الطيب في بلاد الهند».

فعند ذلك أمر الله تعالى جبرئيل: «أن آدم بديع فطرتي ، قد أبكى السماوات السبع والأرضين السبع ، ولم يذكر أحدا غيري ولا يخاف سواي ، ولقد أحرقت قلبه خطيئته ، وهوأول من عبدني ، وأول من دعاني بأسمائي الحسنى ، وأنا الرحمن[1279] الذي سبقت رحمتي غضبي ، ولقد قضيت في سابق علمي أن من دعاني نادما على ذنبه متضرعا ، أن تدركه رحمتي ، وها أنا قد خصصته بكلمات تكون له توبة ، تخرجه من الظلمات إلى النور». فنزل بها جبرئيل وله نور ، وهوضاحك مستبشر على آدم (عليه السلام)، فقال: السلام عليك يا طويل الحزن والبكاء ، فلم يسمع آدم (عليه السلام) ذلك لغليان صدره ، حتى ناداه بصوت رفيع: السلام عليك يا آدم ، قد قبل الله توبتك وغفر لك خطيئتك ، ثم أمر بجناحه على صدره ووجهه حتى هذأ من بكائه ، وسكن غليان صدره ، وسمع الصوت. فقال آدم (عليه السلام): «وعليك السلام يا خليلي ، ابتداء سخط أم ابتداء إحسان وغفران؟» قال جبرئيل: بل ابتداء رحمة وغفران- يا آدم- لقد أبكيت أهل السماوات والأرضين ، فدونك هذه الكلمات ، فإنها كلمات التوبة والرحمة والغفران.

قيل: هذه الكلمات التي قالها يونس (عليه السلام) في ظلمات ثلاث:

)لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[1280]. وقال عبد الله بن عمروبن العاص[1281]: كان قوله: )رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)[1282] وقيل: كان قوله: سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي ، فتب علي يا خير التوابين ، قال: فهذه الكلمات التي قالها الله تعالى: )فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ)[1283]

قال: فلما قالها آدم (عليه السلام) في سجوده نشر صوته[1284] في الآفاق، فجعلت الأرض والجبال والبحار والأشجار والأطيار ، يقولون له: يا آدم ، قرت عيناك ، وهناك في توبتك.

ثم أمر الله تعالى أن يبعث هذه الكلمات إلى حواء ، فذكرها آدم (عليه السلام) فحملتها الريح إلى حواء فلما سمعتها استبشرت ، وقالت: هذه كلمات ولغات لم أسمعهن قط وقد جعلهن توبة ورحمة ، وهوأرحم الراحمين. قال: فتكلمت بها وسجدت ، وكانت توبتها ، فلما فرغت من الكلمات ، قال لها جبرئيل: ارفعي رأسك ، فرفعته ، فإذا لها حجاب من نور ، وفتحت لها أبواب السماوات ، ونودي لها بالتوبة والغفران.

وقيل له: يا آدم ، إن الله قبل توبتك. ثم ذهب ليقوم يمشي فلم يقدر ، لأن رجليه رسخت في الأرض كعروق الشجر ، حتى اقتلعه جبرئيل (عليه السلام) كاقتلاع العرق ، فصاح آدم (عليه السلام) من الألم الذي داخله ، وقال: «ما ذا تفعل الخطيئة!». فنظرت اليه الملائكة ، وقد تغير لونه ، ونحل جسمه ، وذهب نوره وبهاؤه ، وقد حفرت الدموع في وجنتيه نهرين ، فقالت الملائكة: يا آدم ، ما الذي نزل بك من تغير الحال بعد الزينة والحسن والجمال ، أين نور الجنان؟ أين لباس الرضوان؟ قال آدم: «هذا الذي وعدني فيه ربي ، حين قال: )إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى‏ وأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ولا تَضْحى)[1285]». فقال جبرئيل (عليه السلام) للملائكة ، كفوا عن آدم ، ولا تعيروه بخطيئته ، ولا توبخوه بذنبه ، فقد محيت خطيئته ، وغفر ذنبه. فعند ذلك استغفرت له الملائكة ، فضرب جبرئيل بجناح الرحمة ، فانفجرت عين ماء أشد رائحة من المسك ، فاغتسل آدم (عليه السلام) بذلك الماء ، وهويقول: «اللهم طهرتني من خطيئتي ، وأخرجتني من كربي». فكساه حلتين من سندس الجنة.

وبعث الله ميكائيل إلى حواء ، فبشرها وكساها ، فلما عرفت قبول توبتها ، انطلقت إلى الساحل واغتسلت ، وهي تبكي شوقا إلى آدم (عليه السلام) ، فكل قطرة سقطت من دموعها في البحر انقلبت لؤلؤة ومرجانة ودررا ويواقيت ، فانصرفت إلى موضعها تنتظر قدوم آدم (عليه السلام) ، فجعل آدم (عليه السلام) يسأل جبرئيل (عليه السلام) عن‏ حواء ، فأخبره أن الله تعالى قد قبل توبتها ، وبشره بأن الله تعالى يجمع بينهما في أشرف[1286] البقاع وأكرم الأعياد ، وأعلمه أن الله تعالى أمره أن يبني له بيتا فيطوف به ويسعى ، ويؤدي صلاته فيه ، كما رأى الملائكة يفعلون حول البيت المعمور ، وأنه سيعرض عليه إبليس هناك فيرجمه كما رجمته الملائكة حين امتنع من السجود ، فعند ذلك ضحك آدم (عليه السلام)، ووثب قائما ، وكان رأسه في الهواء ، فأمر الله تعالى الملائكة والحيوانات حتى النمل والجراد والبعوض أن يهنئوه بالتوبة ، ففعلوا ذلك ، وأمر الله تعالى جبرئيل (عليه السلام) أن يضع قدمه على رأس آدم من طوله ، فاغتم آدم (عليه السلام) من ذلك ، لما فاته من تسبيح الملائكة. فقال له الأمين جبرئيل: لا يغمك ذلك ، فإن الله تعالى يفعل ما يريد. فأمره ببناء بيت يشبه البيت المعمور بحذائه ، ليطوف به هووأولاده كما تطوف الملائكة حول البيت المعمور ، وهوفي السماء الرابعة بحذاء الكعبة وبقدرها. ثم سار جبرئيل مع آدم (عليه السلام) إلى موضع البيت ، وكان كلما وضع قدمه في موضع ، صار ذلك المكان عمارة ، وبين الخطوتين مفازة ، إلى أن وصل مكة فبناها ، وهي أول قرية بنيت ، وأول بيت بني ، فأوحى الله اليه: «يا آدم ، ابن لي الآن بيتا الذي وضعته في الأرض قبل أن تخلق بألف عام ، وقد أمرت الملائكة أن تعينك على بنائه ، فإذا بنيته فطف حوله وسبحني ، واذكرني ، وقدسني ، ولا تجزع على زوجتك حواء ، فإني سأجمع بينكما في مشاعر بيتي ، وأجعل هذا البيت القبلة الكبرى ، قبلة للنبي محمد ، فحسبك- يا آدم- بمحمد شرفا ، وقد علمت- يا آدم- ما بقلبك من حواء ، وما بقلبها منك من المحبة والوداد ، فإذا رأيتها فكن بها لطيفا ، فإني جعلتها أم النبيين».

قال: فخر آدم ساجدا لربه ، وهويقول: حسبي ربي ما أوحيت الى من فضائل هذا البيت ومناسكه. فبناه آدم وساعدته الملائكة ، فلما تم بناؤه ، علمه جبرئيل (عليه السلام) جميع المناسك ، وجمع الله تعالى بين آدم (عليه السلام) وحواء على جبل عرفات ، فتعارفا فيه ، وذلك يوم الجمعة ، والحمد لله رب العالمين.[1287]

11- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن القاسم- المفسر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)- قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علي ابن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام) ، وذكر الحديث ، قالا: فقلنا له: فعلى هذا لم يكن إبليس لعنه الله أيضا ملكا؟ فقال: لا ، بل كان من الجن ، أما تسمعان الله تعالى يقول: (وإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ)[1288] فأخبر عز وجل أنه كان من الجن ، وهوالذي قال الله تعالى: (والْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.[1289]

12- وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (والْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ). قال: هوأبو إبليس ، وقال: الجن من ولد الجان ، منهم مؤمنون ومنهم كافرون ويهود ونصارى ، وتختلف أديانهم ، والشياطين من ولد إبليس ، وليس فيهم مؤمن إلا واحد اسمه هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس ، جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآه جسيما عظيما وامرءا مهولا ، فقال له: «من أنت؟» قال: أنا هام بن هيم بن لا قيس بن إبليس ، قد كنت يوم قتل قابيل هابيل غلاما ابن أعوام أنهى عن الاعتصام ، وآمر بإفساد الطعام. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بئس- لعمري- الشاب المؤمل ، والكهل المؤمر»[1290]. فقال: دع عنك هذا- يا محمد- فقد جرت توبتي على يد نوح ، ولقد كنت معه في السفينة ، فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد كنت مع إبراهيم حيث ألقي في النار ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ولقد كنت مع موسى حين أغرق الله فرعون ، ونجى بني إسرائيل، ولقد كنت مع هود حين دعا على قومه فعاتبته ، ولقد كنت مع صالح فعاتبته على دعائه على قومه ، ولقد قرأت الكتب كلها ، فكلها تبشرني بك ، والأنبياء يقرءونك السلام ، ويقولون: أنت أفضل الأنبياء وأكرمهم ، فعلمني مما أنزل الله عليك شيئا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): «علمه». فقال هام: يا محمد ، إنا لا نطيع إلا نبيا أو وصي نبي ، فمن هذا؟ قال: «هذا أخي ووصيي ووزيري ووارثي علي بن أبي طالب». قال نعم ، نجد اسمه في الكتب: اليا ، فعلمه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فلما كانت ليلة الهرير بصفين ، جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).[1291]

قلت: حديث الهام بن الهيم بن لا قيس بن إبليس متكرر في الكتب رواه الصفار في (البصائر)[1292]: عن الصادق (عليه السلام) ، ورواه غيره أيضا ، ليس هذا موضع ذكره.

13- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن الأحول ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام) في قوله: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي). قال: «هذه روح مخلوقة ، والروح التي في عيسى (عليه السلام) مخلوقة».[1293]

14- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن حمران ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ورُوحٌ مِنْهُ)[1294]. قال: «هي روح الله مخلوقة ، خلقها الله في آدم وعيسى (عليهما السلام)».[1295]

15- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي‏) كيف هذا النفخ؟ فقال: «إن الروح متحرك كالريح ، وإنما سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح ، وإنما أخرجه على لفظ[1296] الريح لأن الأرواح مجانسة للريح ، وإنما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح ، كما قال لبيت من البيوت: بيتي ولرسول من الرسل: رسولي[1297] وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر».[1298]

16- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بحر ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عما يروون: أن الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) على صورته! فقال: «هي صورة محدثة مخلوقة ، اصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة ، وفأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه ، والروح إلى نفسه ، فقال: بيتي ، ونفخت فيه من روحي».[1299]

17- ابن بابويه ، قال: حدثنا حمزة بن محمد العلوي (رحمه الله) ، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي). قال: «روح اختاره الله واصطفاه وخلقه ، وأضافه إلى نفسه ، وفضله على جميع الأرواح ، فأمر فنفخ منه في آدم (عليه السلام)».[1300]

18- وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله تبارك وتعالى أحد صمد ، ليس له جوف ، وإنما الروح خلق من خلقه ، نصر وتأييد وقوة ، يجعله الله في قلوب الرسل والمؤمنين»[1301].

19- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي جعفر الأصم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الروح التي في آدم (عليه السلام) والتي في عيسى (عليه السلام) ، ما هما؟ قال: «روحان مخلوقان ، اختارهما الله واصطفاهما ، روح آدم وروح عيسى (صلوات الله عليهما)».[1302]

20- وعنه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله)، قال: حدثنا محمد بن‏ أبي عبد الله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال: حدثنا علي بن العباس ، قال: حدثنا علي بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي). قال: «من قدرتي».[1303]

21- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران (رضي الله عنه)، قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال: حدثنا علي بن العباس ، قال: حدثنا عبيس بن هشام ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي).  قال: «إن الله عز وجل خلق خلقا وخلق روحا ، ثم أمر ملكا فنفخ فيه ، وليست بالتي نقصت[1304] من قدرة الله شيئا ، هي من قدرته».[1305]

22- العياشي: عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله: (ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)، قال: «روح خلقها الله فنفخ في آدم منها».[1306]

23- عن محمد بن اورمة ، عن أبي جعفر الأحول ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الروح التي في آدم (عليه السلام) في قوله: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي). قال: «هذه روح مخلوقة لله ، والروح التي في عيسى بن مريم (عليهما السلام) مخلوقة لله».[1307]

24- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ ونَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي). قال: «خلق خلقا وخلق روحا ، ثم أمر الملك فنفخ فيه ، وليست بالتي نقصت من الله شيئا ، هي من قدرته تبارك وتعالى».[1308]

25- وفي رواية سماعة ، عنه (عليه السلام): «خلق آدم فنفخ فيه». وسألته عن     الروح ، قال: « هي من قدرته من الملكوت ».[1309]


 



[1]  قال المجلسي (رحمه اللّه): أي ابن فضّال. البحار 12: 19، وفي المصدر: الحسن العسكري أبومحمّد.

[2]  قال المجلسي (رحمه اللّه): أي أظنّ غرض إبراهيم (عليه السّلام) كان استبقاء والشفاعة لهم ، لا محض إنجاء لوط من بينهم. البحار 12: 169.

[3]  كذا، والظاهر فقال اللّه لجبرئيل.

[4]  في المصدر: وصعقت.

[5]  كاثره: غلبه بالكثرة. «الصحاح- كثر- 2: 803».

[6]  القمر 54: 37.

[7]  الكافي 8: 327/ 505.

[8]  أي يعتاد المجي‏ء إليهم كلّ يوم.

[9]  في المصدر: أنّه.

[10]  قال المجلسي: لعلّ المعنى أنّه كان- إبليس- أوّلا معلّم هذا الفعل حيث علّمه ذلك الرجل، ثمّ صار ذلك الرجل معلّم الناس. واستظهر كونها تصحيف (عمله). مرآة العقول 20: 391.

[11]  تنكّب: عدل. «الصحاح- نكب- 1: 228».

[12]  في المصدر: القرعة.

[13] شاهت الوجوه: قبحت. «الصحاح- شوه- 6: 2238».

[14] الكافي 5: 544/ 5.

[15] الكافي 5: 548/ 7.

[16]  الكافي 5: 548/ 9.

[17]  التهذيب 7: 414/ 1659.

[18]  معاني الآخبار: 224/ 1.

[19]  تفسير القمي 1: 335.

[20]  تفسير القمي 1: 335.

[21]  تفسير القمي 1: 336.

[22]   الحجر 15: 52- 53.

[23]  في المصدر: بن.

[24]  الحجر 15: 54- 55.

[25]  الحجر 15: 57- 58.

[26]  العنكبوت 29: 32.

[27]  الحجر 15: 60.

[28]  هذا اللفظ في سورة الذاريات 51: 25.

[29]  قوله: (فضحكت) في الآية مقدّم على قوله (فبشّرناها) وأخّر هنا للتفسير.

[30]  تفسير العياشي 2: 152/ 44 و 45.

[31] العنكبوت 29: 32.

[32] تفسير العيّاشي 2: 153/ 46.

[33] تفسير العيّاشي 2: 153/ 47.

[34] تفسير العيّاشي 2: 154/ 48.

[35] تفسير العيّاشي 2: 154/ 49.

[36] تفسير العيّاشي 2: 154/ 50.

[37] الكافي 2: 472/ 13.

[38] تفسير العيّاشي 2: 154/ 51.

[39] الكافي 2: 338/ 1.

[40]  العنكبوت 29: 32.

[41]  تفسير العيّاشي 2: 154/ 52.

[42]  كذا، والظاهر فقال اللّه لجبرئيل.

[43]  في المصدر: فصعقت.

[44]  القمر 54: 37.

[45]  تفسير العيّاشي 2: 155/ 53.

[46]   الحجر 15 70.

[47]  أي ارتفعت.

[48]  تفسير العيّاشي 2: 156/ 54.

[49]  أي إنّه تمنّى قوّة مثل قوّة القائم (عليه السّلام) وأصحابا مثل أصحابه ، يدلّ عليه الحديث الآتي برقم (27) عن كمال الدين: 673/ 26.

[50]  تفسير العيّاشي 2: 156/ 55.

[51]  تفسير العيّاشي 2: 157/ 56.

[52]  في «س»: وجدنا.

[53]  الحجر 15: 65.

[54] الخوافي: الريش الصغار التي في جناح الطير عند القوادم. «مجمع البحرين- خفا- 1: 129».

[55]  زقا الصّدى يزقو و يزقى زقاء: أي صاح. «الصحاح- زقا- 6: 2368».

[56]  في «ط» والمصدر زيادة: الحيرة و.

[57]  بحيرة طبريّة: بركة تحيط بها الجبال ، تصب إليها فضلات أنهار كثيرة ، ومدينة طبريّة مشرفة عليها ، وهي من أعمال الأردن. «معجم البلدان 1: 351 و 4: 17».

[58]  تفسير العيّاشي 2: 157/ 57.

[59]  تفسير العيّاشي 2: 158/ 58.

[60]  تفسير العيّاشي 2: 158/ 59.

[61]  تفسير العيّاشي 2: 159/ 60.

[62]  في المصدر: ولا ذكر.

[63]  كمال الدين و تمام النعمة: 673/ 26.

[64]  في المصدر: منقوطة.

[65]  تفسير القمّي 1: 335 و 336.

[66] تفسير القمّي 1: 337.

[67] تفسير العيّاشي 2: 159/ 61.

[68] تفسير العيّاشي 2: 159/ 62.

[69] الأعراف 7: 71، يونس 10: 102.

[70]  كمال الدين و تمام النعمة: 645/ 5.

[71]  آل عمران 3: 160.

[72]  في «س»، «ط»: يتركها.

[73] التوحيد: 241/ 1.

[74]  تفسير القمّي 1: 337.

[75]  تفسير العيّاشي 2: 159/ 63.

[76]  تفسير العيّاشي 2: 159/ 64. وفي نور الثقلين 2: 394/ 205 هذه الرواية بالنصب أيضا.

[77]  تفسير القمّي 1: 338.

[78]  معاني الأخبار: 298/ 1.

[79] البروج 85: 3.

[80] معاني الأخبار: 1: 299/ 5.

[81] تفسير العيّاشي 2: 159/ 65.

[82]  كتاب الزهد: 98/ 265.

[83]  كتاب الزهد: 95/ 256.

[84]  الرحمن 55: 62.

[85]  في المصدر نسخة بدل: منزلتين.

[86]  كتاب الزهد: 95/ 257.

[87]  في المصدر نسخة بدل: حميما.

[88]  كتاب الزهد: 96/ 258.

[89] كتاب الزهد: 96/ 259.

[90] في المصدر نسخة بدل: حميما.

[91] قشف قشفا: إذا لوّحته الشمس فتغيّر. «الصحاح- قشف- 4: 1616».

[92] كتاب الزهد: 96/ 260.

[93] وفي المصدر نسخة بدل: هام.

[94] في المصدر: ينادي فيها عمرا.

[95] كتاب الزهد: 96/ 261.

[96] في «ط»: يعبّرون.

[97] في المصدر زيادة: قال ثمّ قال أبو جعفر (عليه السّلام)، ثمّ مدّت العمد وأعمدت (وأصمدت) عليهم وكان واللّه الخلود.

[98]  كتاب الزهد: 97/ 264.

[99]  تفسير العيّاشي 1: 160/ 67.

[100]  تفسير العيّاشي 2: 160/ 68.

[101] قال المجلسي: ظاهر خبر أبي بصير أنّ في مصحف أهل البيت (عليهم السّلام) لم يكن الاستثناء في حال أهل الجنّة بل كان فيه (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض عطاء غير مجذوذ) وإنّما زيد في الخبر من النسّاخ «بحار الأنوار 8: 349/ 10. وسيأتي عن الصادق (عليه السّلام) تفسير للاستثناء في الحديث (12).

[102] تفسير العيّاشي 2: 160/ 69.

[103] في المصدر: من.

[104] الكهف 18: 3.

[105] تفسير العيّاشي 2: 159/ 66.

[106]  في المصدر زيادة: و لم نخلق شيئا.

[107]  في المصدر زيادة: و لم نمت شيئا.

[108]  التوحيد: 390/ 1.

[109]  تفسير القمّي 1: 338.

[110] تفسير القمّي 1: 338.

[111] الكافي 5: 108/ 12.

[112] تفسير القمّي 1: 338.

[113] تفسير العيّاشي 2: 161/ 71.

[114] تفسير العيّاشي 2: 161/ 72.

[115] الإسراء 17: 78.

[116] الإسراء 17: 78.

[117] البقرة 2: 238.

[118] التهذيب 2: 241/ 954.

[119] الكافي 2: 313/ 4.

[120] في المصدر: صلاة.

[121] في المصدر: تذهب.

[122] في المصدر: بالنهار.

[123] الكافي 3: 266/ 10.

[124] علل الشرائع: 363/ 7.

[125] ثواب الأعمال: 134 ، الاختصاص: 231.

[126] الأمالي: 67/ 3.

[127] ثواب الأعمال: 42.

[128] في المصدر: الأجر.

[129] كتاب الزهد: 16/ 31.

[130] المدثر 74: 38.

[131] آل عمران 3: 28.

[132] الحجر 15: 92- 93.

[133] النحل 16: 30.

[134] من الغارات.

[135] العنكبوت 29: 27.

[136] الزمر 39: 10.

[137] يونس 10: 26.

[138] من الغارات.

[139] النبأ 78: 36.

  [140]سبأ 34: 37.

[141] الأعراف 7: 32.

[142] النحل 16: 32.

[143] النحل 16: 28- 29.

[144] الطرائد: جمع طريدة ، ما طردت من صيد و غيره. «لسان العرب- طرد- 3: 267».

[145] في المصدر: ضيهته.

[146] في المصدر: من أبغض من يمشي.

[147] في «س» و المصدر: و ترغب.

[148] في المصدر: سرابا.

[149] في الغارات زيادة: و اعلموا- عباد اللّه- أن ما بعد ذلك اليوم أشدّ و أدهى على من لم يغفر اللّه له.

[150] الأمالي 1: 24 ، الغارات: 147.

[151] الأمالي: 260/ 3.

[152] الأمالي 1: 300.

[153] تفسير العيّاشي 2: 161/ 73.

[154] النساء 4: 48 و 116.

[155] الزمر 39: 53.

[156] آل عمران 3: 135.

[157] تفسير العيّاشي 2: 161/ 74.

[158] تفسير العيّاشي 2: 162/ 75.

[159] تفسير العيّاشي 2: 162/ 76.

[160] تفسير العيّاشي 2: 162/ 77.

[161] أي ليت أنّ أخاك ما اشتغل في كتابة الديوان ، و لم تكن خليفته. و في نسخة من رجال الكشّي: 374/ 701 (لو لم يكن كيت) و هو ينصرف إلى نفس المعنى. أي ليت الأمر لم يكن كما ذكرت.

[162] تفسير العيّاشي 2: 163/ 78.

[163] تفسير العيّاشي 2: 163/ 79.

[164] تفسير العيّاشي 2: 163/ 80.

[165] تفسير العياشي 2: 164 ذيل الحديث 80.

[166] تفسير القمي 1: 338.

[167] الأعراف 7: 156.

[168] الأعراف 7: 156.

[169] الأعراف 7: 157.

[170] الأعراف 7: 157.

[171] الأعراف 7: 157.

[172] الأعراف 7: 157.

[173] (و هو) ليس في المصدر.

[174] الأعراف 7: 157.

  [175]الأعراف 7: 157.

[176] الأعراف 7: 157.

[177] الأعراف 7: 157.

[178] الأعراف 7: 157.

[179] الزمر 39: 54.

[180] يونس 10: 64.

[181] الكافي 1: 355/ 83.

[182] الكافي 8: 379/ 573.

[183] علل الشرائع: 120/ 2.

[184] الذاريات 51: 56.

[185] علل الشرائع: 13/ 10.

[186] تفسير القمّي 1: 338.

[187] تفسير العيّاشي 2: 164/ 81.

[188] البقرة 2: 126.

[189] البقرة 2: 126.

[190] تفسير العيّاشي 2: 164/ 82.

[191] الذاريات 51: 56.

[192] تفسير العيّاشي 2: 164/ 83.

[193] البقرة 2: 126.

[194] البقرة 2: 126.

[195] تفسير العيّاشي 2: 164/ 84.

[196] تفسير القمّي 1: 338.

[197] المدرجة: الطريق ، وممرّ الأشياء على الطريق.

[198] في المصدر: قال الراضي.

[199] في المصدر: تغشاه.

[200] معاني الأخبار: 260/ 1.

[201] تفسير فرات: 63.

[202] تفسير فرات: 63.

[203] مكارم الأخلاق: 457.

[204] ثواب الأعمال: 106.

[205] تفسير العيّاشي 2: 166/ 1.

[206] (و لا تعلموهنّ سورة يوسف) ليس في المصدر.

[207] الكافي 5: 516/ 1.

[208] الكافي 5: 516/ 2.

[209] مجمع البيان 5: 315.

[210] (و دفنها) ليس في المصدر.

[211] خواص القرآن: 3 «مخطوط».

[212] تفسير القمي 1: 339.

[213] في «س» ، «ط»: و خربان.

[214] في المصدر نسخة بدل: الدبال.

[215] في المصدر نسخة بدل: ذو الكنفين.

[216] في المصدر نسخة بدل: فيلق.

[217] في المصدر نسخة بدل: القروع. و يأتي ذكرها في الحديث (13) مع بعض الاختلاف

[218] تفسير القمي 1: 339.

[219] تفسير القمّي 1: 339.

[220] السبحة: النافلة. «مجمع البحرين- سبح- 2: 370» و في «ط»: و تسبيحه.

[221] اعتّر: تعرّض للسؤال. «مفردات ألفاظ القرآن- عرّ-: 328».

[222] في «س»: طاهر.

[223] في «ط»: عبر.

[224] في «ط» و المصدر: فيهم.

[225] أمعن: أبعد. «لسان العرب- معن- 13: 409».

[226] الغيضة: مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر. «لسان العرب- غيض- 7: 202».

[227] في المصدر: أمسوا.

[228] علل الشرائع: 45/ 1.

[229] وهو عمر بن إبراهيم الأنصاري الأوسي المالكي المتوفّى نحو سنة (751 هـ) ، له كتاب (زهر الكمال) في قصّة يوسف (عليه الصلاة السّلام) ، مرتّب على سبعة عشر مجلسا وكلّ مجلس يبدأ بخطبة وأشار وحكايات وأخبار ، ونقل عنه السيد البحراني (رحمه اللّه). كشف الظنون 2: 961 ، هدية العارفين 5: 796 ، رياض العلماء 4: 299 ، الذريعة 12: 71 و فيه: «زهر الكلام».

[230] يوسف 12: 64.

[231] ......

[232] المتقدمة في الحديث (3) من تفسير هذه الآيات.

[233] علل الشرائع: 48/ 1.

[234] أمالي الصدوق: 208 ذيل الحديث (7).

[235] في المصدر: محافظة.

[236] تفسير العيّاشي 2: 166/ 2.

[237] وقر في أذنه: سكن فيها و ثبت و بقي أقره.

[238] تفسير العيّاشي 2: 166/ 3.

[239] في نسخة من «ط»: بيوم. و تقدّم في الحديث (3). و يأتي في الحديث (10) أنّ اسمه (ذميال).

[240] تفسير العيّاشي 2: 167/ 4.

[241] في «س»: يا ولد رسول اللّه.

[242] تفسير العيّاشي 2: 167/ 5.

[243] تفسير العيّاشي 2: 170/ 6.

[244] تفسير العيّاشي 2: 170/ 7.

[245] في المصدر: و حوبان و الريان و ذو الكنفان و وابس (قابس) و وثاب و عمران.

[246] في المصدر: و البدوع. و قد تقدّم ذكرها في الحديث (1) مع بعض الاختلاف.

[247] تفسير العيّاشي 2: 179/ 8.

[248] تفسير العيّاشي 2: 171/ 9.

[249] تقدّم في الحديث (10) من تفسير هذه الآيات ، رواية أبي حمزة.

[250] تفسير العيّاشي 2: 171/ 10.

[251] تفسير العيّاشي 2: 172/ 11.

[252] تفسير العيّاشي 2: 172/ 12.

[253] تفسير العيّاشي 2: 172/ 13.

[254] تفسير العيّاشي 2: 172/ 14.

[255] تفسير العيّاشي 2: 172/ 15.

[256] تفسير العيّاشي 2: 172/ 16.

[257] تفسير العيّاشي 2: 173/ 17.

[258] تفسير العيّاشي 2: 173/ 18. [.....]

[259] تفسير العيّاشي 2: 174/ 19.

[260] النساء 4: 76.

[261] ....

[262] المتقدّم في الحديث (15) من تفسير هذه الآيات.

[263] تفسير العيّاشي 2: 174.

[264] تفسير القمّي 1: 339.

[265] تفسير القمّي 1: 340.

[266] تفسير القمّي 1: 340.

[267] تفسير القمّي 1: 341.

[268] تفسير القمّي 1: 341.

[269] تفسير القمّي 1: 341.

[270] الأمالي 1: 300.

[271] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 191/ 1.

[272] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1.

[273] معاني الأخبار: 172/ 1.

[274] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 45/ 162.

[275] صحيفة الرضا (عليه السّلام): 257/ 186.

[276] طب الأئمة (عليهم السلام): 55.

[277] معاني الأخبار: 226/ 1.

[278] الملاءة: كل ثوب ليّن رقيق «مجمع البحرين 1: 398».

[279] في المصدر: ز يعيّرنها.

[280] تفسير القمّي 1: 342.

[281] تفسير القمّي 1: 357.

[282] في المصدر ، و «ط» نسخة بدل: البيت.

[283] تفسير القمّي 1: 343.

[284] في «ط»: مولعة.

[285] تفسير القمّي 1: 344.

[286] حديث (42) المتقدّم آنفا.

[287] في «س ، ط»: نسخة بدل: ترفع.

[288] في المصدر: من دماغك ، فجحد.

[289] تفسير القمّي 1: 344.

[290] تفسير القمّي 1: 344.

[291] في «س ، ط»: قال.

[292] انظر مجمع البيان 5: 361.

[293] انظر مجمع البيان 5: 361.

[294] قرأ الصادق (عليه السلام) ، و الأعرج ، و عيسى بن عمر (يعصرون) بياء مضمومة و صاد مفتوحة ، و قرأ حمزة و الكسائي و خلف (تعصرون) بتاء-

[295] النبأ 78: 14.

[296] الكندوج: شبه المخزن ، معرّب كندو. «القاموس المحيط 1: 212».

[297] الأنابير: جمع أنبار: أكداس الطعام. «تاج العروس- نبر- 3: 553».

[298] تفسير القمي 1: 345.

[299] في المصدر: و أهلها.

[300] في «ط»: عليك الملك و خاتمك.

[301] مجمع البيان 5: 372. - مفتوحة و صاد مكسورة ، و الباقون بالياء ، مجمع البيان 5: 361 ، النشر في القراءات العشر 2: 295 ، كتاب التيسير في القراءات السبع: 129.

[302] الإمر: الأمر العظيم الشنيع. «لسان العرب- أمر 4: 33».

[303] في «ط» أبو الحسن حمدويه ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه ، انظر أنساب السمعاني 5: 160 ، النجم الزاهرة 3: 49.

[304] كما الدين و تمام النعمة: 563.

[305] تفسير العيّاشي 2: 175/ 20.

[306] تفسير العيّاشي 2: 175/ 21.

[307] تفسير العيّاشي 2: 176/ 22.

[308] تفسير العيّاشي 2: 176/ 23.

[309] تفسير العيّاشي 2: 176 ذيل الحديث 23.

[310] تفسير العيّاشي 2: 177/ 24.

[311] تفسير العيّاشي 2: 177/ 25.

[312] تفسير العيّاشي 2: 177/ 26.

[313] تفسير العيّاشي 177: 27.

[314] تفسير العيّاشي 2: 177/ 28.

[315] تفسير العيّاشي 2: 178/ 29.

[316] في «ط»: تسع.

[317] تفسير العيّاشي 2: 178/ 30.

[318] تفسير العيّاشي 2: 178/ 31.

[319] في المصدر: عنهما.

[320] تفسير العيّاشي 2: 179/ 32.

[321] في «ط»: سنبلات.

[322] تفسير العيّاشي 2: 179/ 33.

[323] في المصدر نسخة بدل: كان سبق.

[324] في «ط»: يمرّ.

[325] تفسير العيّاشي 2: 179/ 34.

[326] النبأ 78: 14.

[327] تفسير العيّاشي 2: 180/ 35 ..

[328] النبأ 78: 14.

[329] تفسير العيّاشي 2: 180/ 36 ..

[330] تفسير العيّاشي 2: 180/ 37.

[331] تفسير العيّاشي 2: 180/ 38 و 39.

[332] الأعراف 7: 68.

[333] تفسير العيّاشي 2: 181/ 40.

[334] علل الشرائع: 125/ 4.

[335] في المصدر: حين.

[336] في المصدر: و أنا أجبرت على ذلك.

[337] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 138/ 1.

[338] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 139/ 2.

[339] المتقدمة في الحديث (4) من تفسير الآيات (35- 56) من هذه السورة.

[340] المقل: ثمر الدوم ، والدوم: شجر عظام من الفصيلة النخلية ، يكثر في صعيد مصر وبلاد العرب. «الصحاح- مقل- 5: 1820 ، المعجم الوسيط- دوم- 1: 305».

[341] تفسير القمي 1: 346.

[342] إبراهيم 14: 12.

[343] من لا يحضره الفقيه 3: 160/ 703.

[344] تفسير العيّاشي 2: 181/ 41.

[345] كذا و في الرواية الآتية في ذيل هذه الرواية (بنيامين) وهو الموافق لأغلب المصادر ، انظر تاريخ اليعقوبي 1: 33 ، الكامل في التاريخ 1: 126.

[346] تفسير العيّاشي 2: 81/ 42.

[347] تفسير العيّاشي 2: 183/ 43.

[348] الصاع: الذي يكال به ، وهو أربعة أمداد ، والصوع: لغة في الصاع ، ويقال: هو إناء يشرب فيه. «الصحاح- صوع- 2: 1247».

[349] المنطقة: ما يشدّ به الوسط ، و سيأتي بيانها في الأحاديث (13) و (14) و (28) و (29) و (30).

[350] تفسير العيّاشي 2: 183/ 44.

[351] تفسير العيّاشي 2: 183/ 45.

[352] تفسير العيّاشي 2: 184/ 46.

[353] تفسير العيّاشي 2: 184/ 47.

[354] في المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

[355] الصافات 37: 89.

[356] الأنبياء 21: 63.

[357] تفسير العيّاشي 2: 184/ 49.

[358] تفسير العيّاشي 2: 185/ 50.

[359] تفسير العيّاشي 2: 185/ 51.

[360] في المصدر: إذ.

[361] تفسير العيّاشي 2: 185/ 52.

[362] الحقو: الخصر و مشدّ الإزار. «الصحاح- حقا- 6: 2317».

[363] تفسير العيّاشي 2: 185/ 53.

[364] تفسير العيّاشي 2: 186/ 54.

[365] تفسير العيّاشي 2: 186/ ذيل الحديث 54.

[366] تفسير العيّاشي 2: 186/ 55.

[367] يوسف 12: 89.

[368] تفسير العيّاشي 2: 176/ 56.

[369] تفسير العيّاشي 2: 187/ ذيل الحديث (56).

[370] المتقدّمة في الحديث (1) من تفسير هذه الآيات.

[371] تفسير القمّي 1: 348.

 [372] الأنبياء 21: 63.

[373] الخطر: التبختر في المشي «الصحاح- خطر: 2: 648».

[374] الكافي 2: 255/ 17.

[375] في المصدر: الحجّاج.

[376] في المصدر: معمر بن عمرو ، و يحتمل كونه معمر بن عمر بن عطاء. انظر رجال البرقي: 11 ، معجم رجال الحديث 3: 404 و 18: 267.

[377] الأنبياء 21: 63.

[378] الكافي 2: 256/ 22.

[379] الصافات 37: 89.

[380] الكافي 2: 172/ 3.

[381] علل الشرائع: 51/ 1.

[382] علل الشرائع: 51/ 2.

[383] علل الشرائع: 52/ 3. [.....]

[384] علل الشرائع: 52/ 4.

[385] معاني الأخبار: 209/ 1.

[386] المتقدّمة في الحديث (18) من تفسير هذه الآيات.

[387] تفسير القمّي 1: 348.

[388] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 76/ 5.

[389] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 76/ 6.

[390] تفسير القمّي 1: 355.

[391] المتقدّمة في الحديث (27) من تفسير هذه الآيات.

[392] تفسير القمّي 1: 349.

[393] الكافي 2: 465/ 3.

[394] المتقدّمة في الحديث (31) من تفسير الآيات (58- 82) من هذه السورة.

[395] تفسير القمّي 1: 350.

[396] قال المجلسي: بعث إبراهيم يعقوب (عليهما السلام) بعد كبر يعقوب ، غريب ، و لعلّه كان بعد فوت إبراهيم ، و كان البعث على سبيل الوصيّه ، و في بعض النسخ: «إن اللّه بعث» و هو الصواب. بحار الأنوار 12: 311.

[397] التمحيص: 63/ 143.

[398] في المصدر زيادة: جسيم.

[399] كمال الدين و تمام النعمة: 141/ 9.

[400] في «س» في الموضعين: قربال ، والمصدر في الموضعين: بريال.

[401] في «ط»: قال: فمرّ بك روح يوسف.

[402] الكافي 8: 199/ 238.

[403] علل الشرائع: 52/ 1.

[404] في المصدر: بنيامين ، و قد وجدت متاعي عنده.

[405] الذي عليه أغلب الروايات أنّ الذبيح هو إسماعيل (عليه السّلام) ، راجع مجمع البيان 8: 707 ، تفسير الميزان 17: 155.

[406] في المصدر: إلى ملكك.

[407] تفسير القمّي 1: 350.

[408] تفسير العيّاشي 2: 188/ 57.

[409] تفسير العيّاشي 2: 188/ 58.

[410] تفسير العيّاشي 2: 188/ 59.

[411] تفسير العيّاشي 2: 188/ 60.

[412] أي بابه الصّغير ، بإضافة الصفة إلى الموصوف.

[413] تفسير العيّاشي 2: 189/ 61.

[414] تفسير العيّاشي 2: 189/ 62.

[415] تفسير العيّاشي 2: 189/ 63.

[416] في «س» في موضعين: قربال.

[417] تفسير العيّاشي 2: 189/ 64.

[418] الحديث (4) من تفسير الآيات (58- 82) من هذه السورة.

[419] هذا الخبر يدلّ على أنّ بنيامين لم يكن من أمّ يوسف بل من خالته ، و يأتي في الحديث (51) ما يؤيّد أنّه من خالته أيضا. و في بعض كتب التاريخ أنّهما من أمّ واحدة و هي راحيل.

[420] تفسير العيّاشي 2: 190/ 65.

[421] تفسير العيّاشي 2: 192/ 66.

[422] تفسير العيّاشي 2: 192/ 67.

[423] قال المجلسي (رحمه اللّه): و في رواية اخرى لعله (عليه السّلام) قرأ (مزجّاة» بتشديد الجيم ، أو «مزجيّة» بكسر الجيم و تشديد الياء ، و لم ينقل في القراءة الشاذّة غير القراءة المشهورة. البحار 12: 315.

[424] تفسير العيّاشي 2: 192/ 68.

[425] تفسير العيّاشي 2: 193/ 69.

[426] تفسير العيّاشي 2: 193/ 70.

[427] تفسير العيّاشي 2: 193/ 71.

[428] تفسير العيّاشي 2: 194/ 73.

[429] تفسير العيّاشي 2: 194/ 74.

[430] تفسير العيّاشي 2: 194/ 75.

[431] قال المجلسي (رحمه اللّه): استفهام على الإنكار ، البحار 12: 316.

[432] تفسير العيّاشي 2: 194/ 76.

[433] تفسير العيّاشي 2: 195/ 77.

[434] في البحار 12: 316/ 138 نسخة بدل: يا كثير.

[435] في المصدر: يا خيرا كلّه.

[436] تفسير العيّاشي 2: 195/ 78.

[437] الحديث (13) من تفسير هذه الآيات.

[438] تفسير العيّاشي 2: 196/ 79.

[439] الأمالي 2: 71.

[440] و هي بلدة كبيرة على ساحل بحر الشام. أنساب السمعاني 5: 315 ، تهذيب التهذيب 10: 72.

[441] لعلّه تصحيف موسى بن عقبة ، انظر تهذيب التهذيب 10: 72.

[442] في المصدر: الراكب.

[443] الأمالي 2: 72.

[444] علل الشرائع: 54/ 1.

[445] الحديث (5) من تفسير هذه الآيات.

[446] في المصدر: يا خيرا كله.

[447] في المصدر: شيّد.

[448] يوسف 12: 42.

[449] في المصدر: و سلطانك.

[450] تفسير القمّي 1: 352.

[451] يوسف 12: 33.

[452] تفسير القمّي 1: 354.

[453] تفسير القمّي 1: 354.

[454] التّميمة: عوذة تعلّق على صغار الإنسان مخافة العين. ومراده هنا الخرقة التي توضع فيها التميمة.

[455] في المصدر: آل محمّد (صلى اللّه عليه وآله).

[456] الكافي 1: 181/ 5.

[457] بصائر الدرجات: 209/ 58.

[458] علل الشرائع: 53/ 2.

[459] علل الشرائع: 53/ 1.

[460] علل الشرائع: 53/ 3.

[461] علل الشرائع: 53/ 3.

[462] الكافي 1: 271/ 4.

[463] الكافي 2: 346/ 6.

[464] من لا يحضره الفقيه 1: 272/ 1240.

[465] تقدم في الحديث (29) من تفسير هذه الآيات.

[466] مجمع البيان 5: 402.

[467] المتقدمة في الحديث (36) من تفسير هذه الآيات.

[468] تفسير القمي 1: 355.

[469] يوسف 12: 10.

[470] يوسف 12: 80.

[471] تفسير القمّي 1: 356.

[472] في المصدر: آية.

[473] في المصدر: عقبك.

[474] علل الشرائع: 55/ 1.

[475] زاد في المصدر: إلّا.

[476] في المصدر: آية.

[477] علل الشرائع: 55/ 2.

[478] المتقدّمة في الحديث (42) من تفسير هذه الآيات.

[479] في المصدر: قالت: دعني بعد ما كبرت ، أ تهزأ بي؟ قال: لا ، قالت: نعم.

[480] في المصدر زيادة: بحسني.

[481] تفسير القمّي 1: 357.

[482] علل الشرائع: 55/ 1.

[483] (ليلة الجمعة) ليس في المصدر.

[484] تفسير العيّاشي 2: 196/ 80.

[485] تفسير العيّاشي 2: 196/ 81.

[486] تفسير العيّاشي 2: 197/ 82.

[487] المتقدّم في الحديث (26) من تفسير هذه الآيات.

[488] في «س ، ط»: نسخة بدل: خرج.

[489] تفسير العيّاشي 2: 197/ 83.

[490] تفسير العيّاشي 2: 197/ 84.

[491] تفسير العيّاشي 2: 197/ 85.

[492] تفسير العيّاشي 2: 198/ 86.

[493] تفسير العيّاشي 2: 198/ 87.

[494] الظاهر أنّ الصحيح: فاعترف بجرمك فاخرج.

[495] في الحديث غرابة ، و هو يخالف عصمة يوسف (عليه السّلام) المؤكّدة في الكتاب الكريم ، كقوله تعالى: (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) يوسف: 32 ، و كذلك في سائر روايات هذا الباب.

[496] أي مهلك يسرف في إهلاك الناس. «أقرب الموارد- بور- 1: 67».

[497] في المصدر: دعاه.

[498] تفسير العيّاشي 2: 198/ 88.

[499] في المصدر: نظيفين.

[500] تفسير العيّاشي 2: 199/ 89.

[501] المراد ملك مصر، و هو غير فرعون موسى كما يستفاد من السير.

[502] الأعراف 7: 32.

[503] الكافي 6: 453/ 5.

[504] تقدّم في الحديث (14) من تفسير الآية (7) من سورة الأعراف.

[505] الغرقى: القشرة الملتزقة ببياض البيض «لسان العرب- غرق- 10: 286».

[506] يوسف 12: 44.

[507] الكافي 5: 65 و 69/ 1.

[508] في «س»: سجر.

[509] في «س»: خيبر.

[510] ... قصص الأنبياء للثعلبي: 124 «نحوه».

[511] تفسير القمّي 1: 357.

[512] الكافي 2: 292/ 3.

[513] الكافي 2: 292/ 4.

[514] تفسير القمّي 1: 358.

[515] تفسير العيّاشي 2: 199/ 90.

[516] النوء: سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كلّ ليلة إلى ثلاثة عشر يوما، وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحرّ والبرد إلى الساقط منها، وقال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مطرنا بنوء كذا، والجمع، أنواء ونوءان. «الصحاح- نوأ- 1: 79».

[517] في المصدر: لأعطى.

[518] تفسير العيّاشي 2: 199/ 91.

[519] تفسير العيّاشي 2: 199/ 92.

[520] في «ط» والمصدر: لولا اللّه لوكلت فلانا.

[521] تفسير العيّاشي 2: 199/ 93.

[522] تفسير العيّاشي 2: 199/ 94.

[523] تفسير العيّاشي 2: 199/ 95.

[524] تفسير العيّاشي 2: 200/ 96.

[525] تفسير العيّاشي 2: 200/ 98.

[526] الأعراف 7: 180.

[527] التوحيد: 321/ 1.

[528] يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (26) من سورة النمل.

[529] الكافي 1: 342/ 66.

[530] في المصدر زيادة: قوله اللّه عزّ وجلّ.

[531] الكافي 1: 315/ 8.

[532] الكافي 5: 14/ 1.

[533] تفسير القمّي 1: 358.

[534] في المصدر زيادة: وآل محمّد (عليهم السلام).

[535] تفسير القمّي 1: 358.

[536] تفسير العيّاشي 2: 200/ 99.

[537] في البحار 25: 101/ 2، أي شي‏ء يقولون.

[538] النساء 4: 65.

[539] تفسير العيّاشي 2: 200/ 100.

[540] تفسير العيّاشي 2: 201/ 101.

[541] المناقب 3: 72.

[542] المناقب 3: 72.

[543] روضة الواعظين: 105، شواهد التنزيل 1: 286/ 391 و392.

[544] الانفة: علزّة والحميّة.

[545] الكافي 1: 92/ 10.

[546] الكافي 1: 92/ 11.

[547] التوحيد 312/ 2.

[548] معاني الأخبار: 9/ 2.

[549] أذنة: بلد من الثّغور قرب المصّيصة- من ثغور الشام- خرج منه جماعة من أهل العلم وسكنه آخرون. «معجم البلدان 1: 133». [.....]

[550] الظاهر أنّه محمّد بن جحادة. انظر تاريخ بغداد 14: 112.

[551] في «ط»: أنبأ.

[552] التوحيد: 311/ 1.

[553] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 270/ 1.

[554] تفسير القمّي 1: 358.

[555] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 201/ 1.

[556] تفسير العيّاشي 2: 201/ 102.

[557] تفسير العيّاشي 2: 201/ 103

[558] تفسير العيّاشي 2: 201/ 104.

[559] تفسير العيّاشي 2: 201/ 105.

[560] تفسير العيّاشي 2: 201/ 106.

[561] دلائل الإمامة: 251.

[562] تفسير القمّي 1: 358.

[563] ثواب الأعمال: 106.

[564] تفسير العيّاشي 2: 202/ 1.

[565] خواص القرآن: 3، مجمع البيان 6: 419.

[566] خواص القرآن: 42 «مخطوط».

[567] معاني الأخبار: 22/ 1.

[568] البقرة 2: 1- 2.

[569] في المصدر: ستّون.

[570] في المصدر: وثلاثون.

[571] آل عمران 3: 1- 2.

[572] في المصدر: مدّته.

[573] الأعراف 7: 1.

[574] تفسير العيّاشي 2: 202/ 2.

[575] تفسير القمّي 1: 359.

[576] الذاريات 51: 7.

[577] الطلاق 65: 12.

[578] في المصدر: فوقها.

[579] تفسير القمّي 2: 328.

[580] الذاريات 51: 7.

[581] تفسير العيّاشي 2: 203/ 3.

[582] يأتي في تفسير الآية (5) من سورة طه.

[583] ...، المناقب لا بن المغازلي: 400/ 454، شواهد التنزيل 1: 288/ 395، ترجمة الإمام علي (عليه السّلام) من تاريخ ابن عساكر 1: 142/ 178، تفسير القرطبي 9: 283، فرائد السمطين 1: 52/ 17، الدرّ المنثور 4: 605، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 136، الصواعق المحرقة: 123.

[584] مجمع البيان 6: 424، كشف الغمة 1: 295.

[585] تفسير العيّاشي 2: 203/ 4.

[586] التال: صغار النّخل. «المعجم الوسيط- تال- 1: 90».

[587] تفسير القمّي 1: 359.

[588] التوحيد: 406/ 4.

[589] في المصدر: معتلين. العتل: أن تأخذ بتلبيب الرجل فتجرّه جرّا عنيفا وتذهب به إلى حبس أوبليّة. «لسان العرب- عتل- 11: 424».

[590] كفاية الأثر: 260.

[591] في «س»: الجعفي.

[592] يونس 10: 48، الأنبياء 21: 38، النمل 27: 71، سبأ 34: 29، يس 36: 48، الملك 67: 25.

[593] في المصدر: يبق.

[594] كفاية الأثر: 162.

[595] الكافي 1: 147/ 1، بصائر الدرجات: 50/ 6.

[596] الكافي 1: 148/ 2، بصائر الدرجات: 49/ 1.

[597] في المصدر: هاد بعد هاد حتّى دفعت.

[598] الكافي 1: 148/ 3، بصائر الدرجات: 51/ 9.

[599] الكافي 1: 148/ 4، ينابيع المودّة: 100.

[600] بصائر الدرجات: 49- 51/ 1، 6، 7، 9.

[601] في المصدر: ومائتين.

[602] الأمالي: 227/ 13، شواهد التنزيل 1: 300/ 413.

[603] كمال الدين وتمام النعمة: 667/ 9، ينابيع المودة: 100.

[604] كمال الدين وتمام النعمة: 667/ 10.

[605] بصائر الدرجات: 50/ 8.

[606] في المصدر: هاد.

[607] السجدة 32: 26.

[608] فصلت 41: 17.

[609] العنكبوت 29: 69.

[610] الشعراء 26: 62.

[611] النازعات 79: 19.

[612] تفسير القمّي 1: 359.

[613] النجم 43: 56.

[614] الأمالي 2: 282.

[615] ...، ينابيع المودة: 104. عن كتاب سليم بن قيس.

[616] تفسير العيّاشي 2: 203/ 5.

[617] تفسير العيّاشي 2: 203/ 6.

[618] تفسير العيّاشي 2: 204/ 7.

[619] تفسير العيّاشي 2: 204/ 8.

[620] تفسير العيّاشي 2: 204/ 9

[621] مائة منقبة: 22/ 4، مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي 1: 145.

[622] شواهد التنزيل 1: 301/ 414.

[623] روضة الواعظين: 104، 116.

[624] المناقب 3: 83.

[625] المناقب 23: 84.

[626] المناقب 3: 84 «نحوه».

[627] لمن نجده في المناقب.

[628] المناقب 3: 84.

[629] المناقب 3: 84، مسند أحمد بن حنبل 1: 126، شواهد التنزيل 1: 299/ 410 و: 300/ 412، ينابيع المودّة: 99.

[630] المناقب 3: 83، تفسير الحبري: 281/ 38.

[631] المناقب 3: 83.

[632] الكافي 6: 12/ 2.

[633] تفسير العيّاشي 2: 204/ 10.

[634] تفسير العياشي 2: 204/ 11.

[635] تفسير العياشي 2: 204/ 12.

[636] تفسير العياشي 2: 205/ 13.

[637] تفسير العياشي 2: 205/ 14.

[638] معاني الآخبار: 146/ 1.

[639] تفسير القمي 1: 360.

[640] تفسير القمّي 1: 360.

[641] تفسير القمّي 1: 360.

[642] الرّكيّ: جنس للرّكيّة ، وهي البئر ، وجمعها، ركايا «النهاية- ركا- 2: 261».

[643] تفسير القمّي 1: 360.

[644] تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (120) من سورة النساء.

[645] تفسير العيّاشي 2: 205/ 15.

[646] تفسير العيّاشي 2: 205/ 16.

[647] تفسير العيّاشي 2: 205/ 17.

[648] تفسير القمّي 1: 360.

[649] هود 11: 34.

[650] قرب الإسناد: 158.

[651] معاني الأخبار: 270/ 2.

[652] تفسير العيّاشي 2: 205/ 18.

[653] تفسير العيّاشي 2: 206/ 19.

[654] تفسير العيّاشي 2: 206/ 20.

[655] الطلاق 65: 2، 4، 5.

[656] الأنفال 8: 49.

[657] طه 20: 123.

[658] طه 20: 124.

[659] تفسير العيّاشي 2: 206/ 21.

[660] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 294/ 51.

[661] الكنّ: ما يرد الحرّ والبرد من الأبنية والمساكن. «النهاية- كنن- 4: 206».

[662] الكافي 8: 239/ 326.

[663] الكافي 8: 240 ذيل الحديث (326).

[664] قرب الإسناد: 35.

[665] الكافي 2: 363/ 1.

[666] الكافي 2: 363/ 3.

[667] الكافي 2: 363/ 2.

[668] تفسير العياشي 2: 207/ 22.

[669] المخراق: منديل أونحوه يلوى فيضرب به، أويلف فيفزع به، وأراد هنا أنها آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه، انظر «لسان العرب- خرق- 10: 76».

[670] تفسير العياشي 2: 207/ 23.

[671] الغيبة: 278/ 62.

[672] تفسير القمي 1: 361.

[673] في المصدر: عمروبن أبي هشام.

[674] الأمالي 2: 99.

[675] تفسير القمّي 1: 361.

[676] تفسير القمّي 1: 361.

[677] في «س»: بين الأحقاف.

[678] برهوت: بفتح الأول والثاني وضمّ الهاء وسكون الواو، باليمن يوضع فيه أرواح الكفار، وقيل: بئر بحضرموت، وقيل: هواسم للبلد الذي فيه هذا البئر. «معجم البلدان 1: 405».

[679] تفسير القمّي 1: 361.

[680] تفسير القمّي 1: 361.

[681] في «س» و«ط»: الأرض ممن.

[682] تفسير القمّي 1: 362.

[683] الكافي 2: 379/ 1.

[684] في المصدر: لا ينصرنا.

[685] تفسير العيّاشي 2: 207/ 24.

[686] تفسير القمّي 1: 362.

[687] في المصدر: الحلية.

[688] في المصدر: الحلية.

[689] تفسير القمّي 1: 362.

[690] في «س»: ورجا ربه.

[691] في «ط»: يقع.

[692] تفسير العيّاشي 1: 363.

[693] في «س»: يذكر من.

[694] الاحتجاج: 249.

[695] في «س»: هؤلاء.

[696] مجمع البيان 6: 442.

[697] في «س»: يتمهّدون ، وفي المصدر: يمهدون. والمهاد: الفراض ، ومهد لنفسه: كسب وعمل ، ومهد لنفسه خيرا وامتهده: هيّأه وتوطأه «لسان العرب- مهد- 3: 410» والتمهّد: التمكّن «الصحاح- مهد- 3: 541».

[698] تفسير القمّي 1: 363.

[699] المناقب 3: 61.

[700] المناقب 3: 60.

[701] في المصدر: الحلية.

[702] الكافي 1: 12.

[703] في «ط»: خصّ.

[704] الكافي 1: 15/ 12.

[705] تفسير العيّاشي 2: 207/ 25.

[706] تفسير العيّاشي 2: 208/ 26.

[707] الكافي 2: 121/ 7.

[708] الكافي 2: 124/ 23.

[709] الكافي 2: 125/ 27.

[710] قال الفيض الكاشاني (رحمه اللّه): يعني إذا نزلت آية في شي‏ء خاصّ، فلا تخصّص حكمها بذلك الأمر بل عمّمه في نظائره، الوافي 5:

505/ 442.

[711] الكافي 2: 125/ 28.

[712] الكافي 3: 498/ 8.

[713] في تفسير القمّي: بالصاد المهملة في المواضع كافة، ومعنى استقضيت منه: طلبت منه حقّي أن يقضيه. واستقصى المسألة: بلغ النهاية في طلبها.

[714] الكافي 5: 100/ 1، تفسير القمّي 1: 363.

[715] الرعد 13: 25.

[716] الرعد 13: 25.

[717] تفسير القمّي 1: 363.

[718] في «ط» زيادة: عليه.

[719] داقّه في الحساب: أي حاسبه بالدقّة. «المعجم الوسيط 1: 291».

[720] معاني الأخبار: 246/ 1.

[721] الزهد: 37/ 99.

[722] تفسير العيّاشي 2: 208/ 27.

[723] تفسير العيّاشي 2: 208/ 28.

[724] تفسير العيّاشي 2: 208/ 29.

[725] تفسير العيّاشي 2: 208/ 30.

[726] تفسير العيّاشي 2: 208/ 31.

[727] الشّفرة- بالفتح: السكّين العظيم. «الصحاح- شفر- 2: 701».

[728] تفسير العيّاشي 2: 209/ 32 و33.

[729] تفسير العيّاشي 2: 209/ 34.

[730] تفسير العيّاشي 2: 209/ 35.

[731] تفسير العيّاشي 2: 210/ 36، الكافي 3: 498/ 8.

[732] تفسير العيّاشي 2: 210/ 37.

[733] (لا) ليس في «س».

[734] تفسير العيّاشي 2: 210/ 38.

[735] تفسير العيّاشي 2: 210/ 39.

[736] تفسير العيّاشي 2: 210/ 40.

[737] تفسير العيّاشي 2: 210/ 41.

[738] في المصدر: الأعمار.

[739] تفسير العيّاشي 2: 210/ 41.

[740] في المصدر: محمّد بن المفضّل. وكلاهما روى عن الامام موسى بن جعفر (عليه السّلام).

[741] المناقب 2: 168.

[742] مجمع البيان 6: 444.

[743] تفسير القمّي 1: 364.

[744] تفسير القمّي 1: 364.

[745] في «ص»: خفيا.

[746] تفسير القمّي 1: 364.

[747] تفسير القمّي 1: 365.

[748] تفسير القمّي 1: 365.

[749] الكافي 2: 76/ 25.

[750] الكافي 2: 74/ 11.

[751] الكافي 2: 75/ 15.

[752] في المصدر: له مثل أجر.

[753] الكافي 2: 75/ 17.

[754] الكافي 2: 73/ 8.

[755] في المصدر: فلمّا أحسوا ذلك من.

[756] في المصدر: أجبرتنا.

[757] مرج الأمر ومروجا، مرجا: التبس واختلط فهومارج، ومريج. «المعجم الوسيط- مرج- 2: 860».

[758] تفسير العيّاشي 2: 211/ 42.

[759] تفسير العيّاشي 2: 211/ 43.

[760] مريم 19: 85.

[761] تقدم في الحديث (7) من تفسير الآيات (20- 21) من سورة الرعد.

[762] تفسير القمّي 1: 365.

[763] تفسير العيّاشي 2: 211/ 44.

[764] ... خصائص الوحي المبين: 185/ 138، تأويل الآيات 1: 233/ 11 وفيه: عن ابن عباس، ولا يصحّ، لأنّ أمّ سليم الوارد ذكرها في الخبر هي أمّ أنس وليست أمّ ابن عباس.

[765] تفسير القمّي 1: 365.

[766] في المصدر: تسعمائة.

[767] في «ط»: غصن، وفي المصدر: فيها فرع، وجميعها بمعنى.

[768] تفسير القمّي 2: 11.

[769] معاني الأخبار: 112/ 1، ونحوه في تفسير الحبري: 284/ 40، وخصائص الوحي المبين: 231/ 177، والعمدة: 351/ 675.

[770] في المصدر: 2: 187/ 30.

[771] الأمالي: 183/ 7.

[772] الملحفة: اللباس الذي فوق سائر اللباس، من دثار البرد ونحوه «لسان العرب- لحف- 9: 314».

[773] تفسير العيّاشي 2: 211/ 45.

[774] تفسير العيّاشي 2: 212/ 46 ، ونحوه في ذخائر العقبى: 36 ، وينابيع المودة: 197.

[775] تفسير العيّاشي 2: 212/ 47.

[776] تفسير العيّاشي 2: 212/ 48 ، مناقب ابن المغازلي: 268/ 315 ، الدر المنثور 4: 644.

[777] تفسير العيّاشي 2: 212/ 49.

[778] تفسير العيّاشي 2: 213/ 50.

[779] مجمع البيان 6: 448 ، شواهد التنزيل 1: 304/ 417 ، ينابيع المودة: 96 ، تفسير القرطبي 9: 317.

[780] من كتاب (الاختصاص).

[781] الاختصاص: 358.

[782] هوبلال بن رباح الحبشي ، أبوعبد اللّه ، مؤذّن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) وخازنه على بيت المال. وحمامة امّه ، وهوأحد السابقين للإسلام ، شهد المشاهد كلّها مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله). توفّي في دمشق سنة 20 هـ. تقريب التهذيب 1: 110 ، الأعلام للزّركلي 2: 73.

[783] في المصدر: فلا يبقى محبّ.

[784] في المصدر: فكاكه من الرجال والنساء بعوض حبّ علي بن أبي طالب وفاطمة ابنتي وأولادهما.

[785] مائة منقبة: 166/ 92.

[786] يأتي في الحديث (28) من تفسير هذه الآيات.

[787] الخرائج والجرائح 2: 536/ 11.

[788] ثواب الأعمال: 136.

[789] معاني الأخبار: 46، ينابيع المودة: 96 و132.

[790] امالي الصدوق: 236/ 3.

[791] المناقب 3: 346، نزهة المجالس 2: 223.

[792] المناقب 3: 346.

[793] في المصدر: فلم أجب.

[794] كشف الغمة 1: 367.

[795] كشف الغمة 1: 323، مناقب ابن المغازلي: 268/ 315.

[796] في المصدر: المسك أكثر ممّا تحت.

[797] روضة الواعظين: 105.

[798] الامالي: 224/ 8.

[799] المناقب: 246.

[800] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 27/ 12.

[801] المناقب: 246.

[802] المناقب: 251.

[803] في «س، ط» نسخة بدل: وسرّي وسرّ.

[804] جامع الآخبار: 174.

[805] ... العمدة: 351/ 676، ينابيع المودة: 96.

[806] تفسير القمّي 1: 365.

[807] النمل 27: 20.

[808] النمل 27: 21.

[809] النمل 27: 75.

[810] فاطر 35: 32.

[811] الكافي 1: 176/ 7.

[812] في المصدر: محمد بن الحسن، أنظر معجم رجال الحديث 6: 190.

[813] بصائر الدرجات: 134/ 3.

[814] تفسير القمي 1: 365.

[815] تفسير القمي 1: 365.

[816] تفسير القمي 1: 366.

[817] تفسير القمي 1: 366.

[818] تفسير القمي 1: 366.

[819] تفسير القمي 1: 366.

[820] تفسير القمي 1: 366.

[821] الكافي 8: 81/ 38.

[822] الأمالي 2: 291.

[823] في «ط»: والمصدر: الحمد للّه الذي قدح عند آل عمر.

[824] تفسير العيّاشي 2: 213/ 51.

[825] تفسير العيّاشي 2: 214/ 52.

[826] تفسير العيّاشي 2: 214/ 53.

[827] تفسير العيّاشي 2: 214/ 54.

[828] تفسير العيّاشي 2: 214/ 55.

[829] الكافي 1: 113/ 2.

[830] الكافي 1: 114/ 6.

[831] الحيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. «معجم البلدان 2: 328».

[832] في المصدر: وهوبالحيرة، خرج يوما يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة.

[833] الكافي 7: 378/ 1.

[834] علل الشرائع: 553/ 1.

[835] تفسير القمّي 1: 366.

[836] في المصدر: منه.

[837] الأمالي 1: 59.

[838] الأمالي 2: 94.

[839] تفسير العيّاشي 2: 215/ 56.

[840] تفسير العيّاشي 2: 215/ 57.

[841] تفسير العيّاشي 2: 215/ 58.

[842] تفسير العيّاشي 215/ 59.

[843] تفسير العيّاشي 215/ 60.

[844] تفسير العيّاشي 215/ 61.

[845] تفسير العيّاشي 216/ 62.

[846] تفسير العيّاشي 216/ 63.

[847] تفسير العيّاشي 216/ 64.

[848] تفسير العيّاشي 217/ 65.

[849] تفسير العيّاشي 217/ 66.

[850] من الكافي 1: 114/ 6، وقد تقدّمت الرواية في الحديث (2) من تفسير هذه الآيات.

[851] تفسير العيّاشي 217/ 67.

[852] تفسير العيّاشي 217/ 68.

[853] تفسير العيّاشي 218/ 69.

[854] تفسير العيّاشي 218/ 70.

[855] تفسير العيّاشي 218/ 71.

[856] تفسير العيّاشي 218/ 73.

[857] تفسير العيّاشي 220/ 74.

[858] تفسير العيّاشي 220/ 75.

[859] الثاقب في المناقب: 566/ 507.

[860] في المصدر وهو: ذهاب.

[861] الكافي 1: 30/ 6.

[862] مجمع البيان 6: 461.

[863] المناقب 3: 308.

[864] في المصدر: هذا نقص الفقه و.

[865] المناقب 3: 308.

[866] من لا يحضره الفقيه 1: 118/ 560.

[867] في المصدر: لا مانع.

[868] تفسير القمي 1: 367.

[869] الكافي 1: 179/ 6.

[870] النمل 27: 40.

[871] الكافي 1: 200/ 3.

[872] بصائر الدرجات: 233/ 3.

[873] تفسير القمّي 1: 367.

 [874]بصائر الدرجات: 232/ 1.

[875]  النمل 27: 40.

[876]  بصائر الدرجات: 232/ 2.

[877]  بصائر الدرجات: 236/ 19.

[878] بصائر الدرجات: 233/ 4.

[879] بصائر الدرجات: 234/ 12.

[880] بصائر الدرجات: 234/ 11.

[881] بصائر الدرجات: 236/ 18.

[882] في المصدر: امّة.

[883] المائدة 5: 35.

[884] بصائر الدرجات: 236/ 21.

[885] النمل 27: 40.

[886] أمالي الصدوق: 453/ 3.

[887] تفسير العيّاشي 2: 220/ 76.

[888] تفسير العيّاشي 2: 220/ 77.

[889] تفسير العيّاشي 2: 221/ 78.

[890] تفسير العيّاشي 2: 221/ 79.

[891] روضة الواعظين: 105.

[892] الأعراف 7: 145.

[893] الزخرف 43: 63.

[894] الأنعام 6: 59.

[895] الاحتجاج: 375.

[896] المناقب 2: 29.

[897] المناقب 2: 29 ، شواهد التنزيل 1: 308/ 425.

[898] المناقب 2: 29 ، شواهد التنزيل 1: 310/ 427 ، ينابيع المودّة: 104.

[899] المناقب 2: 29.

[900] المناقب 2: 29.

[901] المناقب 2: 29 ، ونحوه في النور المشتعل: 125 ، وخصائص الوحي المبين: 210/ 158 و159 ، والعمدة: 291/ 477.

[902] هود 11: 17.

[903] المائدة 5: 55.

[904] المناقب لابن المغازلي ص 314

[905] الروم 30: 7.

[906] الشعراء 26: 129- 131.

[907] الجاثية 45: 23.

[908] مكارم الآخلاق: 449.

[909] مجمع البيان 6: 450.

[910] ثواب الأعمال: 107.

[911] تفسير العياشي 2: 222/ 1.

[912] ...

[913] خواص القرآن: 43 (مخطوط).

[914] تفسير القمّي 1: 367.

[915] علل الشرائع: 126/ 8.

[916] الخصال: 108/ 75 ، ينابيع المودة: 424.

[917] معاني الأخبار: 365/ 1 ، ينابيع المودة: 424.

[918] مختصر بصائر الدرجات: 18 ، ينابيع المودة: 424.

[919] (وأبو عبيدة) ليس في المصدر.

[920] لقمان 31: 20.

[921] المثلات: جمع مثلة ، بفتح الميم وضم الفاء: العقوبة. «لسان العرب- مثل- 11: 615».

[922] أتخوّلكم بالموعظة: أي أتعهّدكم. «النهاية 2: 88».

[923] إبراهيم 14: 34 ، النحل 16: 18.

[924] الأمالي 2: 105.

[925] تفسير العيّاشي 2: 222/ 2.

[926] تفسير القمّي 1: 367.

[927] مجمع البيان 6: 467.

[928] الكافي 2: 78/ 8.

[929] الكافي 2: 78/ 10.

[930] (بالحمد) ليس في «س» والمصدر.

[931] الكافي 2: 78/ 9.

[932] الكافي 2: 78/ 11.

[933] الكافي 2: 78/ 13.

[934] الكافي 2: 79/ 14.

[935] الكافي 2: 79/ 18.

[936] الزخرف 43: 13.

[937] المؤمنون 23: 29.

[938] الإسراء 17: 80.

[939] الكافي 2: 78/ 12.

[940] تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

[941] النمل 27: 40.

[942] البقرة 2: 152.

[943] الكافي 2: 287/ 1.

[944] الأمالي 1: 309.

[945] في المصدر: ملابس.

[946] الأمالي 2: 67.

[947] في «س ، ط»: أبو سرحان بن بشير ، وفي المصدر: أبو بشر حنان بن بشر. انظر تاريخ بغداد 8: 284.

[948] المصّيصة: مدينة على شاطئ نهر جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم. «معجم البلدان 5: 144».

[949] الأمالي 2: 114.

[950] تفسير العيّاشي 2: 222/ 3.

[951] تفسير العيّاشي 2: 222/ 5.

[952] تفسير القمّي 1: 368.

[953] تفسير العيّاشي 2: 222/ 6.

[954] من لا يحضره الفقيه 3: 160/ 703.

[955] تفسير القمّي 1: 368.

[956] الزخرف 43: 57- 60.  

[957] الأنفال 8: 33.

[958] في المصدر: فرضخت.

[959] المعارج 70: 1- 3.

[960] الكافي 8: 57/ 18.

[961] تفسير القمّي 1: 368.

[962] تفسير القمّي 1: 368.

[963] تفسير القمّي 1: 368.

[964] مجمع البيان 6: 474.

[965] زاد في المصدر: إلى.

[966] محمد 47: 15.

[967] الغسّاق: ما يغسق من صديد أهل النار ، أي يسيل. «مجمع البحرين- غسق- 5: 223».

[968] الكهف 18: 29.

[969] تفسير العيّاشي 2: 223/ 7.

[970] تفسير القمّي 1: 368.

[971] في «س»: مربطها.

[972] في «س»: والمصدر: فهجمت.

[973] ندّ: نفر وذهب على وجهه شاردا. «الصحا- ندد- 2: 543».

[974] الكافي 1: 306/ 2.

[975] تفسير القمّي 1: 368.

[976] تفسير القمّي 1: 368.

[977] الكافي 2: 287 ضمن الحديث 1.

[978] تفسير العيّاشي 2: 223/ 8.

[979] الكبل: القيد الضخم. «الصحاح- كبل- 5: 1808».

[980] الحجر 15: 42.

[981] في «س» و«ط» نسخة بدل: حتى.

[982] الأعراف 7: 17.

[983] تفسير العيّاشي 2: 223/ 9.

[984] قال المجلسي قوله: «فضل» أي شي‏ء آخر غير ما ذكرنا ، فلا يدخل في هذه الشجرة ، ولا يلحق بالنبيّ (صلى اللّه عليه وآله) غير من ذكّر ، فالمخالفون وسائر الخلق داخلون في  الشجرة الخبيثة ، وملحقون بها. وقيل: أي هل في هذه الكلمة فضل عن الحقّ ، وفي بعض  النسخ: «شوب» مكان «فضل» أي هل فيها شوب خطأ وبطلان ، أوشوب حقّ بالباطل أوخلط  شي‏ء غير ما ذكر. مرآة القول 5: 104.

[985] الكافي 1: 355/ 80.

[986] بصائر الدرجات: 78/ 1.

[987] في «س»: ورقته.

[988] في «س»: ورقته.

[989] بصائر الدرجات: 79/ 2.

[990] بصائر الدرجات: 80/ 1.

[991] معاني الأخبار: 400/ 61.

[992] كمال الدين وتمام النعمة: 345/ 30.

[993] تفسير القمّي 1: 369.

[994] تفسير القمّي 1: 369.

[995] مجمع البيان 6: 481.

[996] تفسير العيّاشي 2: 224/ 10.

[997] تفسير العيّاشي 2: 224/ 11.

[998] تفسير العيّاشي 2: 225/ 15. [.....]

[999] الكافي 4: 142/ 5.

[1000] الكافي 4: 142/ 6.

[1001] تفسير العيّاشي 2: 224/ 12.

[1002] تفسير العيّاشي 2: 224/ 13.

[1003] تفسير العيّاشي 2: 224/ 14.

[1004] الكافي 3: 28/ 10.

[1005] الزهد: 86/ 231.

[1006] الحقو: الخصر ومشدّ الإزار. «الصحاح- حقا- 6: 2317».

[1007] المرزبّة: المطرقة الكبيرة تكسر بها الحجارة. «المعجم الوسيط- رزب- 1: 341».

[1008] الكافي 3: 239/ 12.

[1009] الرّياش: اللّباس الفاخر «المجم الوسيط- راش- 1: 385».

[1010] خدّ الأرض: حفرها «المعجم الوسيط- خدّ- 1: 220».

[1011] قصف الرّعد: اشتدّ صوته «المعجم الوسيط- قصف- 2: 740».

[1012] الفرقان 25: 24.

[1013] القنا: اسم الجنس الجمعي من (القناة) وهي الرمح الأجوف ، انظر «المعجم الوسيط- قنا- 2: 764».

[1014] الزّج: الحديدة في أسفل الرّمح «المعجم الوسيط- زج- 1: 389».

[1015] أي في مكان استقرارها وتمكّنها ، ولعلّها تصحيف (المكنة) بمعنى المكان.

[1016] الكافي 3: 231/ 1.

[1017] تفسير القمّي 1: 369.

[1018] الأمالي 1: 357.

[1019] الأمالي 1: 386.

[1020] تفسير العيّاشي 2: 225/ 16.

[1021] تفسير العيّاشي 2: 225/ 17.

[1022] تفسير العيّاشي 2: 225/ 18.

[1023] الفرقان 25: 24.

[1024] وقع جابر في السند المتقدّم في أول هذا الحديث وقد حذف من أسانيد العيّاشي ، انظر أسانيد الحديث (3) من تفسير هذه الآيات ، عن الكافي وتفسير القمّي وأمالى الشيخ.

[1025] تفسير العيّاشي 2: 227/ 10 و21.

[1026] في «ط»: سبعة ، وفي المصدر: خمسة.

[1027] تفسير العيّاشي 2: 227/ 19.

[1028] تفسير الحبري: 288/ 42 ، شواهد التنزيل 1: 314/ 434.

[1029] الكهف 18: 17.

[1030] يونس 20: 9.

[1031] التوحيد: 241/ 1.

[1032] الكافي 1: 169/ 1.

[1033] الكافي 1: 169/ 4.

[1034] الكافي 8: 103/ 77.

[1035] إبراهيم 14: 30.

[1036] تفسير القمّي 1: 371.

[1037] في المصدر: عن وصيته في حق علي والأئمة (عليهم السلام).

[1038] تفسير القمّي 1: 86.

[1039] تفسير العيّاشي 2: 229/ 22.

[1040] تفسير العيّاشي 2: 229/ 23.

[1041] تفسير العيّاشي 2: 229/ 24.

[1042] تفسير العيّاشي 2: 229/ 25.

[1043] البيّنة 98/ 1.

[1044] تفسير العيّاشي 2: 229/ 26.

[1045] تفسير العيّاشي 2: 230/ 27.

[1046] تفسير العيّاشي 2: 230/ 28.

[1047] المناقب 3: 99.

[1048] تفسير العيّاشي 2: 283/ 31 ، فرائد السمطين 1: 395/ 331 ضمن حديث طويل.

[1049] المعارج 70: 24.

[1050] في المصدر: ماله.

[1051] الحديد 57: 18.

[1052] الرعد 13: 21.

[1053] الكافي 3: 498/ 8.

[1054] تفسير العيّاشي 2: 230/ 29.

[1055] تفسير القمّي 1: 371.

[1056] تقدّم في الأحاديث (1 ، 2 ، 3 ، 5 ، 6) من تفسير الآية (7) من سورة هود.

[1057] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (22) من سورة البقرة.

[1058] تقدّم في الأحاديث (1- 3) من تفسير الآية (5) من سورة يونس.

[1059] تفسير القمّي 1: 371.

[1060] تفسير العيّاشي 2: 230/ 30.

[1061] القدّ: المقدار «المعجم الوسيط- قدّ- 2: 718».

[1062] الكافي 8: 394/ 592.

[1063] تقدم في الحديث (4) من تفسير الآية (5) من هذه السورة.

[1064] تفسير القمّي 1: 371.

[1065] تفسير العيّاشي 2: 230/ 31.

[1066] تفسير العيّاشي 2: 231/ 32.

[1067] في «س»: فأحبنا.

[1068] آل عمران 3: 68.

[1069] تفسير العيّاشي 2: 231/ 33.

[1070] في المصدر: تولّى.

[1071] المائدة: 5: 51.

[1072] تفسير العيّاشي 2: 231/ 34.

[1073] يأتي في تفسير الآية التالية (37) من هذه السورة الحديث 6) وهو تابع إلى تفسير الآية  (36) فموضعه الصحيح هنا.

[1074] مناقب ابن شهر آشوب 2: 176.

[1075] تقدّم في الحديثين (13 و14) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة.

[1076] تفسير القمّي 1: 60.

[1077] تقدم فى الحديث (4) من تفسير الآيات (126- 129) من سورة البقرة.

[1078] تفسير القمّي 1: 371.

[1079] الكافي 1: 322/ 1.

[1080] علل الشرائع: 442/ 2.

[1081] علل الشرائع: 442/ 1.

[1082] نشج الباكي ، نشجا ونشيجا: تردّد البكاء في صدره من غير انتحاب. «المعجم الوسيط- نش 2: 921».

[1083] إبراهيم 14: 36.

[1084] الاختصاص: 85 ، وهذا الحديث تابع إلى تفسير الآية (36) من هذه السورة ، وقد أشرنا اليه في محلّه.

[1085] تفسير العيّاشي 2: 231/ 35.

[1086] تفسير العيّاشي 2: 232/ 36.

 [1087]تفسير العيّاشي 2: 232/ 37.

 [1088]تفسير العيّاشي 2: 232/ 38.

 [1089]تفسير العيّاشي 2: 232/ 39.

 [1090]تفسير العيّاشي 1: 233/ 40.

 [1091]تفسير العيّاشي 2: 233/ 41.

[1092] تفسير العيّاشي 2: 233/ 42.

[1093] تفسير العيّاشي 2: 234/ 43.

[1094] تقدّم في الحديث (3) باب (6) في النهي عن تفسير القرآن بالرأي والنهي عن الجدال.

[1095] يأتي في الحديث (4) من تفسير الآيات (15- 19) من سورة سبأ.

[1096] تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآية (103) من سورة آل عمران.

 [1097]تفسير العيّاشي 2: 234/ 44.

 [1098]تفسير العيّاشي 2: 234/ 45.

 [1099]تفسير العيّاشي 2: 234/ 46.

 [1100]تفسير العيّاشي 2352/ 47.  

 [1101]تفسير القمّي 1: 372.

 [1102]في المصدر: واللّه لقد.

 [1103]النساء 4: 77.

 [1104]النساء 4: 77.

 [1105]النساء 4: 77.

 [1106]الكافي 8: 330/ 506.

 [1107]النساء 4: 77.

 [1108]النساء 4: 77.

 [1109]النساء 4: 77.

 [1110]تفسير العيّاشي 2: 235/ 48.

 [1111]تفسير العيّاشي 2: 235/ 49.

 [1112]تفسير العيّاشي 2: 235/ 50.

 [1113]في البحار 12: 44/ 36: لا يرى شيئا ، ثمّ وقع في ظلمة لم ير ما فوقه وما تحته ، ففزع فألقى اللحم ، فأتبعته النسور منقضّات.

 [1114]تفسير العيّاشي 2: 235/ 51.

 [1115]الأمالي 2: 280.

 [1116]الكافي 6: 286/ 1.

 [1117]في المصدر: أبا جعفر.

 [1118]الكهف 18: 29.

 [1119]الكافي 6: 286/ 4.

 [1120]الكافي 8: 120/ 93.

 [1121]علل الشرائع: 96/ 5.

 [1122]سورة ق 50: 15.

 [1123]الخصال: 358/ 45.

 [1124]تفسير القمّي 2: 252.

 [1125]في المصدر: يشغلوا إلى أن.

 [1126]الأعراف 7: 50.

 [1127]الإرشاد: 264.

 [1128]الإحتجاج 2: 323.

 [1129]تفسير العيّاشي 2: 236/ 52.

 [1130]في المصدر: أبا جعفر.

 [1131]الأنبياء 21: 8.

 [1132]تفسير العيّاشي 2: 327/ 53.

 [1133]الواقعة 56: 52- 55.

 [1134]تفسير العيّاشي 2: 237/ 54.

 [1135]تفسير العيّاشي 2: 237/ 55.

 [1136]الكهف 18: 29.

 [1137]تفسير العيّاشي 2: 238/ 56.

 [1138]سورة ق 50: 15.

 [1139]تفسير العيّاشي 2: 238/ 57.

 [1140]تفسير القمّي 1: 372.

 [1141]تفسير القمّي 1: 372.

 [1142]تفسير القمّي 1: 372.

 [1143]تفسير القمّي 1: 372.

 [1144]تحف العقول: 273.

 [1145]خواص القرآن: 3 «قطعة منه».

 [1146]خواص القرآن: 3.

 [1147]تقدّم في الحديث (1 و2) من تفسير الآيات (1- 2) من سورة يونس ، والحديث (1) من  تفسير الآيات (1- 6) من سورة هود.

 [1148]تفسير القمّي 1: 372.

 [1149]في المصدر: أبو جعفر.

 [1150]مختصر بصائر الدرجات: 18.

 [1151]مختصر بصائر الدرجات: 71.

 [1152]البقرة 2: 48.

 [1153]البقرة 2: 48.

 [1154]البقرة 2: 48.

 [1155]«فداء» ليس في المصدر.

 [1156]التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 241.

 [1157]تفسير العيّاشي 2: 239/ 1.

 [1158]تفسير العيّاشي 2: 239/ 2.

 [1159]تفسير القمّي 1: 373.

 [1160]تفسير القمّي 1: 373.

 [1161]مجمع البيان 6: 509. وفيه: بالكواكب النيّرة.

 [1162]آل عمران 3: 36. ولم يرد هناك حديث في معنى الرجيم ، والرجيم: هوالمرجوم باللعن ،  المشؤوم ، المطرود من مواضع الخير: إذ لا يذكره مؤمن إلّا لعنه. وقيل: المرمي بالشهب انظرالتفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(عليه السّلام): 16 ، مجمع البيان 2: 509 ،  مجمع البحرين- رجم- 6: 68. وستأتي أحاديث بهذا المعنى في تفسير الآيات (98- 100 من سورة النحل.

 [1163]تفسير القمّي 1: 373.

 [1164]الصّرّ: طائر كالعصفور أصفر. «أقرب الموارد- صرر-: 643» وفي الحديث الآتي: ثمّ صار مثل الصّرّ ، وهوالعصفور.

[1165] تفسير القمّي 1: 373.

 [1166]الزّجر: العيافة ، وهوضرب من التّكهّن. «لسان العرب- زجر- 4: 319».

 [1167]الرّجس: الصّوت الشديد ، وارتجس البناء: رجف. انظر «المعجم الوسيط- رجس- 1: 330».

 [1168]الموبذان للمجوس: كقاضي القضاة عند المسلمين ، والموبذ: القاضي. «لسان العرب- موبذ- 3: 511».

 [1169]في المصدر: وانسربت.

 [1170]دجلة العوراء: اسم لدجلة البصرة ، علم لها. «معجم البلدان 2: 442».

 [1171](وفاق ... الشأن) ليس في «س ، والمصدر».

 [1172]في المصدر: ولد.

 [1173]في المصدر: محفوظا.

 [1174]الأمالي: 235/ 1.

 [1175]تفسير العيّاشي 2: 239/ 3.

 [1176]تفسير القمّي 1: 374.

 [1177]تفسير القمّي 1: 374.

 [1178]تفسير القمّي 1: 375.

 [1179]في المصدر زيادة: ألف.

 [1180]الأعلى 87: 1.

 [1181]روضة الواعظين 47.

 [1182]العباب: المطر الكثير. «لسان العرب- عبب- 1: 573».

 [1183]الكافي 8: 239/ 326.

 [1184]الكافي 8: 240/ 326.

 [1185]قرب الاسناد: 35.

 [1186](عن عمه عبد اللّه بن عامر) ليس في «ط».

 [1187]التوحيد: 133/ 17.

 [1188]تفسير القمّي 1: 375.

 [1189]الكافي 8: 91/ 63.

 [1190]البشور ، من الرياح: التي تبشّر بالمطر. جمعها بشر. «المعجم الوسيط- بشر- 1: 58».

 [1191]تفسير العيّاشي 2: 239/ 4.

 [1192]تفسير العيّاشي 2: 239/ 5.

 [1193]تفسير القمّي 1: 375.

 [1194]تفسير العيّاشي 2: 240/ 6.

 [1195]نهج البيان 2: 161. «مخطوط».

 [1196]تفسير القمّي 1: 375.

 [1197]الكافي 2: 2/ 2.

 [1198]الحجر 15: 28 و29.

 [1199]قال المجلسي (رحمه اللّه): لمّا كانت اليد كناية عن القدرة ، فيحتمل أن يكون المراد باليمين القدرة على الرحمة والنعمة والفضل ، وبالشمال القدرة على العذاب والقهر والابتلاء ، فالمعنى: أنّ عذابه وقهره وإمراضه وإماتته وسائر المصائب والعقوبات لطف ورحمة لاشتماله على  الحكم الخفيّة والمصالح العامة ، وبه يمكن أن يفسّر ما ورد في الدعاء والخير في يديك. بحار الأنوار 5: 238.

 [1200]تفسير العيّاشي 2: 240/ 7.

 [1201]في المصدر: دوحا.

 [1202]في المصدر: سلبائيل.

 [1203]في المصدر: بلقيس.

 [1204]المفاوز: جمع مفازة ، البرّيّة القفر. «لسان العرب- فوز- 5: 393».

 [1205]الكنف: واحدها الكنيف ، وهوالحضيرة المتّخذة للإبل والغنم ، والمرحاض. «المعجم الوسيط -  كنف- 2: 801».

 [1206]النواويس: جمع ناووس أوناءوس ، مقبرة النصارى. ويطلق على حجر منقور تجعل فيه جثّة الميّت. «أقرب الموارد- نوس- 2: 1358».

 [1207]الذاريات 51: 56.

 [1208]في «س»: الحسن.

 [1209]تحفة الإخوان: 62 «مخطوط».

 [1210]في المصدر: وحسنها.

 [1211]تحفة الإخوان: 63 «مخطوط».

 [1212]الدّهناء: الفلاة والدّهناء: موضع كلّه رمل. «لسان العرب- دهن- 13: 163».

 [1213]السّنّ: حرف الفقار ، وفي «ط»: سيف.

 [1214]الإنسان 76: 1.

 [1215]الإسراء 17: 85.

 [1216]سورة ص 38: 71 و72.

 [1217]تحفة الإخوان: 63 «مخطوط».

 [1218]سورة ص 38: 75 و76.

 [1219]في المصدر: والحافّين.

 [1220]الإبلاس: الانكسار والحزن. وإبليس من رحمة اللّه: أي يئس. «الصحاح- بلس- 3: 909».

 [1221]البقرة 2: 31.

 [1222]في المصدر: بتسعمائة.

 [1223]الذّفر: كلّ ريح ذكيّة من طيب أونتن. يقال: مسك أذفر. «الصحاح- ذفر- 2: 663».

 [1224]البقرة 2: 31.

 [1225]البقرة 2: 32.

 [1226]البقرة 2: 33.

 [1227]البقرة 2: 33.

 [1228]القطف: العنقود ساعة يقطف. «أقرب الموارد- قطف- 2: 1016».

 [1229]البقرة 2: 255.

 [1230]تحفة الإخوان: 65 «مخطوط».

 [1231]الشّرسوف: الطرف اللّيّن من الضّلع ممّا يلي البطن ، جمعها شراسيف. «المعجم الوسيط- شرس- 1: 478».

 [1232]النساء 4: 1.

 [1233]الشكلاء: مؤنث الأشكل ، وهو ما فيه حمرة وبياض مختلطان. «أقرب الموارد- شكل- 1: 606 - 607».

 [1234]دعجت العين: اشتدّ سوادها وبياضها واتّسعت ، فهي دعجاء. «المعجم الوسيط»- دعج- 1: 284».

 [1235]غنجت المرأة: تدلّلت على زوجها بملاحة ، كأنها تخالفه وليس بها خلاف. «المعجم الوسيط- غنج- 2: 664».

 [1236]الغضّ: الطريّ الحديث من كلّ شي‏ء. «المعجم الوسيط- غضّ- 2: 654».

 [1237]في المصدر: نسقة.

 [1238]في المصدر: بيانا.

 [1239]تحفة الإخوان: 66 «مخطوط».

 [1240]تحفة الإخوان: 67 «مخطوط».

 [1241]في المصدر: بألفي.

 [1242]الأحزاب 33: 72.

 [1243]سمج الشي‏ء: قبح ، يسمج سماجة ، إذا لم يكن فيه ملاحة. «لسان العرب- سمج- 2: 300».

 [1244]طه 20: 117.

 [1245]السرادقات: جمع سرادق ، ما أحاط بالبناء. «لسان العرب- سردق- 10: 157».

 [1246]صفح كلّ شي‏ء: وجهه وناحيته. «لسان العرب- صفح- 2: 516».

 [1247]الصّفيح: من أسماء السّماء. «النهاية- صفح- 3: 35».

 [1248]العبقريّ: ضرب من البسط. «تاج العروس- عبقر- 3: 379».

 [1249]في المصدر: بألفي.

 [1250]في المصدر: ما تقول وخافت من رضوان.

 [1251]الأعراف 7: 21.

 [1252]البقرة 2: 30.

 [1253]طه 20: 115.

 [1254]الأعراف 7: 22.

 [1255]تحفة الإخوان: 67 «مخطوط».

 [1256]الأعراف 7: 22.

 [1257]الأعراف 7: 27.

 [1258]يقال: ديك أفرق ، للذي عرفه مفروق. «الصحاح- فرق- 4: 1542».

 [1259](بالبعوض): ليس في المصدر.

 [1260]في المصدر: آدم.

 [1261]آل عمران 3: 26.

 [1262]الوزغ: حيوان صغير يقال له: سام أبرص. «مجمع البحرين- وزغ- 5: 18».

 [1263]في المصدر: على رأسه.

 [1264]في «س»: الخلق.

 [1265]في المصدر: سلمت.

 [1266]الحجر 15: 37 و38.

 [1267]الأعراف 7: 16 و17.

 [1268]الأعراف 7: 18.

 [1269]الاسراء 17: 64.

 [1270]أي تتوارى ، وفي «ط»: تجلس.

 [1271]الإخلاص 112: 1.

 [1272]تحفة الإخوان: 70 «مخطوط».

 [1273]الأعراف 7: 24.

 [1274]في المصدر (المعراج).

 [1275]في المصدر: برستمام.

 [1276]الصّندل: شجر خشبه طيّب الرائحة ، وله ألوان مختلفة: حمر وبيض وصفر. «لسان العرب 11: 386».

 [1277]تحفة الإخوان: 74 «مخطوط».

 [1278]في المصدر: يومئذ.

 [1279]في المصدر: أنا الله الرحمن الرحيم.

 [1280]الأنبياء 21: 87.

 [1281]هوعبد اللّه بن عمروبن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم ، صحابي ، كان يكنّى أبا محمّد ، وقيل: أبو عبد الرحمن ، أسلم قبل أبيه ، وشهد صفين مع معاوية ، وولاه معاوية الكوفة لفترة قصيرة ، ومات سنة خمس وستّين عن اثنتين وسبعين سنة. «طبقات ابن سعد 4: 261 ، الإصابة 2: 351 ، حيلة الأولياء 1: 283».

 [1282]الأعراف 7: 23.

 [1283]البقرة 2: 37.

 [1284]في «ط» والمصدر: دعوته.

 [1285]طه 20: 118 و119.

 [1286]في المصدر: أبرك.

 [1287]تحفة الإخوان: 75 «مخطوط».

 [1288]الكهف 18: 50.

 [1289]عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 266/ 1.

 [1290]قال المجلسي (رحمه الله): المؤمل ، على بناء المفعول ، أي بئس حالك عند شبابك حيث كانوا يأملون منك الخير ، وفي حال كونك كهلا حيث أمروك عليهم. «بحار الأنوار 27: 14».

 [1291]تفسير القمّي 1: 375.

 [1292]بصائر الدرجات: 118/ 8.

 [1293]الكافي 1: 103/ 1.

 [1294]النساء 4: 171.

 [1295]الكافي 1: 103/ 2.

 [1296]في المصدر: عن لفظة.

 [1297]في المصدر: خليلي.

 [1298]الكافي 1: 103/ 3.

 [1299]الكافي 1: 104/ 4.

 [1300]التوحيد: 170/ 1.

 [1301]التوحيد: 171/ 2.

 [1302]التوحيد: 171/ 4.

 [1303]التوحيد 172/ 5.

 [1304]في «ط»: انقضت.

 [1305]التوحيد: 172/ 6.

 [1306]تفسير العيّاشي 2: 241/ 8.

 [1307]تفسير العيّاشي 2: 241/ 9.

 [1308]تفسير العيّاشي 2: 241/ 10.

 [1309]تفسير العيّاشي 2: 241/ 11.